الباحث القرآني
ثم قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا﴾ أقرؤها على قراءة المصحف، أظن وقفنا على هذا الآية تكلمنا على أولها وهي قوله: ﴿وَلَقَدْ أَضَلَّ﴾.
قال عز وجل: ﴿وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا﴾ ﴿أَضَلَّ﴾ الإضلال بمعنى الإضاعة والصرف عن الصراط المستقيم، قبل أن نبدأ، ويش عندك تبغي تسأل؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، فيها فائدة ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾ فيها إثبات أن الله يقول، ويتكلم، وهذا حق، وقد اختلف أهل القبلة في كلام الله عز وجل؛ فمنهم من قال: إنه يتكلم بحرف وصوت على وجه يليق به، ولا يشبه صوته أصوات المخلوقين. ومنهم من قال: إنه لا يتكلم ولكن يخلق كلامًا ينسبه إليه تشريفًا وتكريمًا. ومنهم من قال: إنه يتكلم لكن كلامه ما يقدره في نفسه، وأما ما يُسْمَع فهو مخلوق، فالأول مذهب أهل السنة والجماعة، والثاني مذهب المعتزلة ومن وافقهم، والثالث مذهب الأشاعرة، وحقيقة الأمر أن مذهب الأشاعرة هو مذهب المعتزلة؛ لأن الكل منهم متفقون على أن ما بين أيدينا من المصحف مخلوق، لكن الجهمية والمعتزلة قالوا: هو كلام الله. وأولئك قالوا: عبارة عن كلام الله، فهم أسوأ منهم من هذه الناحية؛ لأن المعتزلة والجهمية يقولون: إن القرآن كلام الله كما قال الله عنه إنه كلام الله ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ﴾ [التوبة ٦]، لكن هم يقولون: ﴿حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ﴾ أي: الكلام الذي هو عبارة عن كلام الله فأيهما أقرب إلى الحقيقة؟ الجهمية والمعتزلة، ولكن كل منهما في ضلال مبين. الصواب أنه كلام الله تكلم به بنفسه، وسمع منه جبريل، وألقاه إلى محمد ﷺ، فائدة مهمة وطيبة.
لكن أنا أريد منكم إذا كنت أستنبط الفوائد ألا تتكلموا بشيء؛ لأنكم تعرفون الإنسان إذا ترتَّب تفكيره على شيء ومشى فيه ثم جعل أمامه حجر يتعثر ويزول عنه ما فيه فكره.
* طالب: (...).
* الشيخ: مهما كان حتى تنتهي الفوائد، مرة طيب.
ثم قال عز وجل: ﴿وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ﴾ ﴿أَضَلَّ﴾ بمعنى أضاع وأتاه؛ يعني: قادكم إلى ضلال ليس فيه هدى. ﴿أَضَلَّ مِنْكُمْ جُبْلًا﴾ قال المؤلف: (خَلْقًا جَمْع جَبِيل كَقَدِيمٍ، وفي قراءة بضم الباء) ﴿جبُلًا﴾ ، والقراءة هذه سبعية ولَّا شاذة؟ (وفي قراءة) سبعية نعم، إذا قال: (وفي قراءة) أو قال مثلًا: (بضم الباء وسكونها) فهي سبعية، لكن إذا قال: (وقُرِئَ) فهي شاذة، هذا اصطلاح المؤلف.
إذن فيها قراءتان سبعيتان ﴿جُبْلًا﴾ و﴿جُبُلًا﴾ ، فيها قراءة ثالثة ما ذكرها المؤلف ﴿جِِبِلًّا كثيرًا﴾ وفيها قراءة رابعة: ﴿جِبِلًا﴾ بدون تشديد اللام، ولكن المؤلف رحمه الله ليس تفسيره جمعًا للقراءات، إنما يذكر ما رأى أن المصلحة تقتضي ذكره، ولكن على كل حال لا شك أنه لو ذكرها لكان أحسن؛ لأنه أحيانًا يذكر قراءات متعددة في صفة الحرف كما يذكر قراءات متعددة التي تبلغ إلى ست قراءات في مثل ﴿أَأَنْذَرْتَهُمْ﴾ [يس ١٠] من التسهيل والتحقيق والحذف وما أشبه ذلك، ولكن الإنسان بشر أحيانًا يغفل ويُهْمِل ما ينبغي أن يُذْكَر أو يَذْكُر ما لا يحتاج أن يُذْكَر.
﴿وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا﴾ أي خلقًا ﴿كَثِيرًا﴾، ولا يعني ذلك أن الأكثر لم يُضلَل من قِبَل الشيطان بل هو أضل أكثر الخلق، أكثر الخلق أضلهم الشيطان؛ لأنه ثبت في الحديث الصحيح «أن الله يوم القيامة يقول: يا آدم. فيقول: لبيك وسعديك. فيقول: أخرج من ذريتك بعثًا إلى النار. يقول: يا رب، وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسع مئة وتسعة وتسعون.» هؤلاء كلهم في النار من بني آدم، وواحد في الجنة فشقَّ ذلك على الصحابة وعظم ذلك، وقالوا: أينا ذلك الواحد يا رسول الله؟ قال: «أَبْشِرُوا، فَإِنَّكُمْ فِي أُمَّتَيْنِ مَا كَانَتَا فِي شَيْءٍ إِلَّا كَثَرَتَاهُ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ»[[أخرجه الترمذي (٣١٦٩) من حديث عمران بن حصين.]]، وهو كذلك مَنْ شاهَد الخلق الآن -ونحن في جزء بسيط من العصور- وجد أن تسع مئة وتسعة وتسعين كلهم على ضلال حتى المنتسبون منهم للدين الإسلامي عندهم ضلال عظيم يبلغ بهم الكفر، وإن كانوا منتسبين إلى الإسلام.
طيب، إذن المراد بالكثير هنا الأكثر أو لا؟ نعم، المراد الأكثر ﴿جِبِلًّا كَثِيرًا﴾ قال: ﴿أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ﴾ الهمزة هنا للاستفهام، والمراد بالاستفهام التوبيخ يُوَبِّخهم على عدم العقل، والفاء هنا عاطفة، والمعطوف عليه إما ما سبق وإما جملة مقدرة مناسبة للمقام؛ رأيان لأهل العلم: فمنهم من يقول: إن حرف العطف يعطف ما بعده على ما قبله، ولكن في الكلمة تقديم وتأخير بين حرف العطف والهمزة، ولو جعل كل واحد مكانه لكان اللفظ فـ(ألم تكونوا تعقلون).
ومنهم من قال: إن الهمزة في محلها، وإن الفاء عاطفة على مُقَدَّرٍ يُفْهَم من المقام أو من السياق، هذا في الحقيقة قد يكون أقعد يعني أقرب إلى القواعد، لكنه أصعب؛ إذ إنك في بعض المواضع لا تستطيع أن تُقَدِّر شيئًا، ولا تعلم أي شيء يناسب وحينئذ فيكون الثاني الأيسر، والقاعدة عندي فيما إذا اختلف النحويون في مسألة أن الراجح هو الأيسر ما لم يلزم منه اختلاف معنى، ويكون المعنى التابع للأيسر غير صحيح، فحينئذ لا نتَّبِع الأيسر؛ لأنه يُخِلُّ بالمعنى ويؤدي إلى معنى غير صحيح، لكن ما دام المعنى مستقيمًا على الوجهين فالأيسر هو الراجح «يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا»[[متفق عليه؛ البخاري (٦٩)، ومسلم (١٧٣٤ / ٨) من حديث أنس بن مالك.]].
﴿أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ﴾ يعني أنه وَبَّخهم على عدم عقلهم، والعقل نوعان: عقل بمعنى الإدراك وهو الذي يترتب عليه التكليف، وعقل بمعنى التصرف وهو الذي يترتب عليه المدح أو الذم، العقل عقلان: عقل بمعنى الإدراك وهو الذي يترتب عليه التكليف، وإن شئت فقل: وهو مناط التكليف، والذي يقول فيه الفقهاء: من شروط العبادة العقل. عقل آخر بمعنى التصرف، وهو الذي يترتب عليه المدح والذم، أيهما المراد هنا؟ المراد الثاني قطعًا؛ لأنه لو انتفى عنهم عقل الإدراك لم يكونوا مُكَلَّفين ولا يتوجه إليهم اللوم، لكنهم انتفى عنهم عقل التصرف فلم يُحْسِنوا التصرف فصاروا عقلاء غير عقلاء، عقلاء باعتبار الإدراك المترتب عليه التكليف، غير عقلاء باعتبار التصرف المرتب عليه المدح أو الذم، فهو في الحقيقة وإن أُعْطَوا عقولًا أو بعبارة ثانية أعطوا ذكاءً لم يعطوا عقلًا، وما أحسن عبارة شيخ الإسلام رحمه الله في المتكلمين حيث قال في وصفهم: إنهم أوتوا ذكاءً وما أوتوا زكاءً، وأوتوا فهومًا ولم يؤتوا علومًا، وأوتوا سمعًا وأبصارًا وأفئدة ﴿فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [الأحقاف ٢٦]. شوف أوتوا ذكاءً وما أوتوا زكاءً، نسأل الله العافية، فكان ذكاؤهم حجة عليهم، وأوتوا فهومًا، عندهم فهم، لكن ما عندهم علم، والإنسان إذا تكلَّم بفهمه لا بعلمه ضلَّ وضاع، فلا بد من علم تبني عليه عقيدتك وعبادتك، المهم أن هؤلاء أوتوا عقولًا تقوم بهم عليهم الحجة ولكنهم حُرِموا من العقول التي يترتب عليها المدح والذم التي هي الرشد وحسن التصرف، فما استعملوا عقولهم التي أنعم الله بها عليهم، ما استعملوها فيما ينفعهم ﴿أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ﴾ يقول رحمه الله: (﴿أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ﴾ عداوته وإضلاله أو ما حل بهم من العذاب فتؤمنون) يعني: لو أنكم عقلتم عداوته وإضلاله أو عقلتم ما حل بالمتبعين له من العذاب والنكال لكنتم تخالفونه، ولا تعبدونه ولآمنتم بالله وحده، ولكن الهوى غطى الهدى كما قال عز وجل: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ﴾ [فصلت ١٧].
ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ﴾ [يس ٦٣] قال المؤلف في تقدير الكلام: (ويقال لهم في الآخرة ﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ﴾ ) ﴿هَذِهِ﴾ الإشارة هنا إلى قريب؛ لأن إشارة البعيد بـ(أولئك) كذا ﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ﴾، لكن إشارة البعيد بـ(أولاء) للجماعة، وإشارة البعيد للواحد (تلك) مثلًا أو (ذلك)، طيب هنا يقول: ﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ﴾ إشارة إلى قربها منهم؛ لأنه يؤتى بها يوم القيامة «تُقاد بسبعين ألف زِمام، كل زمام يقوده سبعون ألف ملك»[[أخرجه مسلم (٢٨٤٢ / ٢٩) من حديث ابن مسعود.]]، تُقاد ويؤتى بها ويشاهدها الناس، ويلحقهم من الرعب العظيم ما لا يَقْدِر الواصفون على وصفه، ويقال لهؤلاء المجرمين: ﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ بها، وفي آية أخرى قال الله فيها: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (١٤) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (١٥) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الطور ١٣- ١٦] كانوا في الأول قبل أن يُدَعُّون إليها كانوا يقال لهم: ﴿الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ فإذا دُعُّوا إليها، والدَّعُّ يدل على أنهم يتراجعون على أعقابهم خوفًا منها، ولكنهم يدفعون دفعًا بقوة -والعياذ بالله- إليها، ويقال: ﴿هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾ [الطور ١٤]، التكذيب عنف في رَدِّ الحق، والدَّعُّ عنف ولّا لا؟ عنف، فصار الجزاء من جنس العمل، أما حين عُرِضَت عليهم وقُرِّبت منهم فقيل لهم: ﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾، وهنا إشكال وهو أنه قيل: إن الوَعْدَ في الخير والإيعاد في الشر، وعليه قول الشاعر:
؎وَإِنِّي وَإِنْ أَوْعَدْتُهُ أَوْ وَعَدْتُهُ ∗∗∗ لَمُخْلِفُ إِيعَادِي وَمُنْجِزُ مَوْعِدِي
وهنا قال: ﴿تُوعَدُونَ﴾ نقول: نعم، الأمر كما قال المُفَسِّر على حذف معلوم، وهو قوله: (بها) توعدون بها لا توعدونها، لو قال: (توعدونها) لصار للإشكال محل، فإن الجنة قال الله فيها: ﴿جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾ [الفرقان ١٥]، وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات، لكن هؤلاء وُعِدُوا بها يعني أنه قيل لهم: إنكم سوف تلاقونها، وهذا هو الواقع.
* طالب: في قوله تعالى.
* الشيخ: أيش؟ قولِه ولَّا قولُه؟
* طالب: في قولِه..
* الشيخ: نعم.
* طالب: ﴿أَفَلَمْ تَكُونُوا﴾ (...).
* الشيخ: عطف الإنشاء على الخبر هذا جائز ما فيه مانع، فيه خلاف لكن يصح جوازه مطلقًا ما دام الأمر مستقيمًا؛ ﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا﴾ [هود ٩٢]، هذا عطف خبر على إنشاء، وكذلك العكس ولا مانع.
* طالب: (...).
* الشيخ: نعم، تقرير بمعنى أن هذا الشيء واقع، لكن وهو تقرير يتضمن توبيخًا، أحيانًا يتضمن توبيخًا، المهم أن هذا شيء مُقَرٌّ يعني: ثابت، معنى التقرير أنه شيء ثابت، ثم قد يكون منحة وقد يكون محنة، إذا كان محنة فهو توبيخ وتلويم، إذا كان منحة فهو ثناء؛ ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ [الشرح ١] ﴿أَلَمْ﴾ يقولون: إنها للتقرير. هل تفيد التوبيخ واللوم ولَّا الثناء والمدح؟ الثناء والمدح؛ لأن معنى التقرير أن هذا الشيء ثابت، ثم قد يكون المراد به هذا أو هذا حسب ما يقتضيه السياق.
* طالب: (...) الكافرين لئلا يقال..
* الشيخ: إن الله يحب أيش؟
* طالب: (...) لئلَّا يقال: إن الله سبحانه وتعالى؛ يعني: ما يحتاج (...).
* الشيخ: لا، هذا وهذا، كله، كما جاء في الحديث: «مَا مِنْ أَحَدٍ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٧٤١٦)، ومسلم (١٤٩٩ / ١٧) من حديث المغيرة بن شعبة.]] الله سبحانه وتعالى يحب أن يعذر من نفسه ويقيم الحجة على غيره، كلاهما أو كلتاهما صحيح.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، أبو هريرة ما أطاعه إلا حينما قال له الرسول: «صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ»[[أخرجه البخاري (٢٣١١) من حديث أبي هريرة.]] أقره الرسول عليه الصلاة والسلام.
* طالب: (...).
* الشيخ: ثم إنه أيضًا أمره -الشيطان- أمره بشيء يعلم أبو هريرة أنه خير وهو قراءة القرآن، لكن ما علم أنها تحميه من الشيطان إلا بعد إقرار الرسول له.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم.
* طالب: (...).
* الشيخ: نعم، ثلاثة أسئلة، (...) يأجوج ومأجوج (...) الذين يرون أنهم.. بعض العامة يقول: إن يأجوج ومأجوج هؤلاء ما هم من بني آدم، وأنهم مختلفون، جنس يختلف اختلافًا عظيمًا، منهم من يترادف العشرة أو العشرين على المُدِّ من الطعام لا يبلغون أعلاه، ومنهم مِنْ هو كبار الأجسام طوال الآذان، له أذنان يفترش إحداها ويلتحف الأخرى، يختلفون، لكن الصحيح أنهم من بني آدم، لا شك في ذلك.
* * *
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: ﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ أي: (توعدون بها) ولكنهم كانوا بها يكذبون، كما قال الله تعالى في سورة الطور: ﴿هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾ [الطور ١٤]، فهم وُعِدوا بها أي: تُوُعِّدوا بها، ولكنهم كذبوا، والعياذ بالله، ويوم القيامة يوبخون على هذا التكذيب ويقال: ﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ و﴿هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾.
قال الله تعالى: ﴿اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ [يس ٦٤] يعني: يقال لهم: ﴿اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾، وهذا الأمر أمر كوني أو شرعي؟ هذا أمر كوني إن كان من الله، وإن كان ممن أمرهم الله أن يقولوا ذلك من الملائكة فهو أيضًا أمر كوني، والمراد به الإهانة والإذلال، وإلا من المعلوم أنهم لن يستطيعوا أن يَصْلَوْهَا لكن يقال ذلك على سبيل الإهانة والإذلال.
﴿الْيَوْمَ﴾ (أل) هنا للعهد الذكري، وقد يكون بالنسبة لمخاطبة هؤلاء الكفار للعهد الحضوري؛ يعني: هذا اليوم الحاضر اصلوا النار فيها.
يتردد علينا كثيرًا العهد الذكري والحضوري والذهني، فما هو الفرق بين هذا؟
* طالب: العهد الحضوري يعني أن هذا الشيء حاضر أمامه.
* الشيخ: نعم.
* طالب: (...)، والعهد الذكري أي سبق ذكره يعني في الكلام، مثل قوله تعالى..
* الشيخ: طيب، لا (...) أمثلة.
* طالب: يعني..
* الشيخ: الذهني؟
* طالب: والعهد الذهني أي أنه معروف بالذهن..
* الشيخ: معروف بس خلاص، كذا؟
إذن العهد الحضوري ما كان معهودًا لحضوره، والذكري ما كان معهودًا لذكره، والذهني ما كان معهودًا في الأذهان؛ فمثلًا إذا قلنا: اذهب إلى القاضي وأنت مثلًا في بلد، إلى أي قاضٍ تذهب؟ إلى قاضي البلد نفسها؛ لأن هذا معلوم في الذهن. الحضوري إذا قلت مثلًا: اليوم نكرمك، هذا حضوري؛ كقوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [المائدة ٣]. العهد الذكري ما سبق ذكره مثل: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (١٥) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ﴾ [المزمل ١٥، ١٦] يعني: الرسول المذكور، ما هو رسول آخر، هنا ﴿اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ الذي يظهر أنه عهد حضوري.
وقوله: ﴿بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ (ما) مصدرية أي: بكونكم تكفرون، والباء للسببية أي بسبب، وقوله: ﴿بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ أي: تكفرون به في الدنيا؛ فقد كفروا بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وبكل ما أخبر الله به؛ ولهذا لم يقوموا بطاعته؛ لأنه ليس عندهم إيمان، وإنما يقال لهم: ﴿بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ لإقامة الحجة عليهم وبيان أنهم لم يظلموا؛ ولهذا ﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ﴾ [الملك ٨، ٩].
﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ﴾ ﴿الْيَوْمَ﴾ يعني يوم القيامة، (﴿نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ﴾ أي: الكفار؛ لقولهم: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام ٢٣] ﴿وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ﴾ وغيرها ﴿بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ فكل عضو ينطق بما صدر منه).
﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ﴾ الختم على الشيء بمعنى إغلاقه وعدم الوصول إليه، ومنه خَتَمْتُ الكيس إذا أحكمتُ شدَّه وختمت عليه بالشمع ونحوه، ومعنى ﴿نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ﴾ أي نسُدها فلا تتكلم؛ وذلك أن المشركين يوم القيامة إذا رأوا الموحدين قد نجوا تكلموا وتبرؤوا من الشرك، وقالوا: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾.
أقررنا لأننا غير مشركين لعلنا ننجو كما نجا أهل التوحيد، وحينئذ يُخْتَم على أفواههم؛ لأن أفواههم صارت تتكلم بماذا؟ بالكذب، فيختم على أفواههم وتنطق الجوارح والجلود، الجوارح بما عملت والجلود بما مسَّت؛ فإن الجلد يَمَسُّ المحرمات كمس المرأة لشهوة مثلًا فتشهد عليهم الجوارح؛ ولهذا قال عز وجل: ﴿وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ﴾ [يس ٦٥]، نفس اليد تتكلم تقول: عملت كذا، عملت كذا، عملت كذا.
﴿وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ﴾ [يس ٦٥] نفس الأرجل تشهد تقول: أشهد أنه عَمِل كذا وكذا، وتأمَّلِ الفرق بين اليد والرجل؛ فاليد قال: ﴿تُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ﴾، في الأرجل قال: ﴿تَشْهَدُ﴾؛ لأن اليد تُخْبِر عما فعلت، والرجل تخبر عما فعل غيرُها، قالوا: لأن الأصل في المباشرة اليد؛ ولهذا دائمًا يُعَلَّق الكسب باليد فيقال: بما كسبت أيديكم، أو ﴿بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾ [الروم ٤١]، أو بما كسبت أيديهم؛ فلهذا كانت الأيدي مباشرة، والأرجل شاهدة؛ لأن الشاهد هو الذي يُخْبِر عما فعل غيره، والفاعل هو الذي يُخْبِر عما فعل هو بنفسه، هكذا قال بعض أهل العلم، وهو فرق لا بأس به مع أن الإنسان قد يشهد على نفسه كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾ [النساء ١٣٥]، فإقرار الإنسان على نفسه شهادة عليها، لكن الفرق الذي أشار إليه بعض العلماء ونقلناه لكم فرق لا بأس به.
﴿وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ كذا عندكم؟
﴿بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ قال: (﴿وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ﴾ وغيرها)، المؤلف قال: (وغيرها)، ولا يعني ذلك أنه يستدرك على القرآن، لكنه يُنَبَّه على موضع آخر من القرآن، ففي آية أخرى بيَّن الله تعالى أنه تشهد عليهم الجلود ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ﴾ [فصلت ٢٢]، لا قبلها ﴿حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [فصلت ٢٠]. السمع والبصر ذُكِرَ هنا ولَّا ما ذُكِر؟ هنا ما ذُكِرَ، هنا ذُكِرَت الأيدي والأرجل، السمع والبصر والجلود ما ذكر، ولهذا قال المؤلف: (وغيرها) إشارة إلى أن هناك أعضاء تشهد غير الأيدي والأرجل؛ ﴿حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ﴾ السمع بما سمع، والبصر بما رأى، والجلد بما مس، ﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا﴾ ولم يقل: وقالوا لأبصارهم وسمعهم: لم شهدتم؛ لأن عذاب الجلد عام يشمل الجسد كله، لكن عذاب السمع والبصر خاص بالسمع والبصر؛ فلهذا ﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا﴾؛ لأن العذاب سيكون على الجلود كما قال تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾ [النساء ٥٦]، الحاصل أنه يشهد غير الأيدي والأرجل فتكون الشهداء كم؟ خمسة؛ الأيدي، والأرجل، والسمع، والبصر، والجلود.
يقول: ﴿بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ قوله: ﴿بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ تنازعه عاملان: الأول: (تُكَلِّم)، والثاني: (تَشْهَد)، والتنازع أن يتوارد عاملان على معمول واحد؛ مثل أن تقول: أكرمت ورأيت زيدًا، فإن (أكرمت) و(رأيت) عاملان على معمول واحد وهو زيد، أما أيهما يعمل هل هو الأول ولَّا الثاني؟ فالعلماء اختلفوا في ذلك يقول ابن مالك:
؎وَالْثَّانِ أَوْلَى عِنْدَ أَهْلِ الْبَصْرَهْ ∗∗∗ وَاخْتَار عَكْسًا غَيْرُهُمْ ذَا أُسْرَهْ
العامل الثاني هو الذي عند البصريين وعند الكوفيين، الذي يعمل هو الأول.
﴿وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ ولم يقل: بما كانوا يعملون؛ لأن العمل قد لا يكون من كسب الإنسان، قد يكون العمل خطأ فلا يؤاخذ به الإنسان فلا يكون من كسبه، بل الذي يكون من الكسب هو العمل الذي يترتب عليه الثواب أو العقاب؛ ولهذا قال الله تعالى في سورة البقرة: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ [البقرة ٢٨٦] ولم يقل: لها ما عملت وعليها ما عملت، فالكسب أخصُّ من العمل؛ لأنه لا يلزم من كل عمل أن يكون كسبًا، قد يكون وقع عن سهو أو عن جهل فلا يؤاخذ به الإنسان، وقد يكون عن غير قصد فلا يؤاخذ به الإنسان، لكن مع ذلك أحيانًا يُطْلَق العمل ويراد به العمل الذي هو الكسب؛ مثل قوله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا﴾ [فصلت ٤٦]، يقول: ﴿بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ فكل عضو ينطق بما صدر منه؛ اليد تنطق بما بطشت، والرجل بما مشت، والعين بما رأت، والأذن بما سمعت، والجلد بما مس. في سورة النور ذكر الله أن الألسن تشهد؛ ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النور ٢٤].
إذن نضيف هذا إلى الخمسة تكون ستة؛ اللسان أيضًا يشهد عليهم؛ لأن اللسان هو أعظم الجوارح خطرًا لقول النبي ﷺ لمعاذ: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مِلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَخَذَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ وَقَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ قَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّار عَلَى وُجُوهِهِمْ -أَوْ قَالَ: عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ»[[أخرجه الترمذي (٢٦١٦)، وابن ماجه (٣٩٧٣) من حديث معاذ بن جبل. ]] وكلَّ صباح تكفر الجوارح اللسان؛ يعني أنها تجعل الأمر منوطًا به؛ ولهذا قال في سورة النور: ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ﴾، ونص على الألسن في سورة النور؛ لأنه ذكر فيها ما يتعلق بذلك من الأمور العظيمة كالقذف مثلًا، وأعظمه قذف عائشة رضي الله عنها؛ فلهذا ذُكِرَت في سورة النور الألسن؛ لأن القذف قول فقال: ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾؛ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ وكل عضو ينطق بما صَدَر منه.
قال: (﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ﴾ لأعميناها طَمْسًا ﴿فَاسْتَبَقُوا﴾ ابتدروا ﴿الصِّرَاطَ﴾ الطريق ذاهبين كعادتهم ﴿فَأَنَّى يُبْصِرُونَ﴾ فكيف يبصرون حينئذ؟ أي: لا يبصرون، ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ﴾ قردة وخنازير أو حجارة ﴿عَلَى مَكَانَتِهِمْ﴾ وفي قراءة ﴿مَكَانَاتِهِمْ﴾ جمع مكانة بمعنى مكان أي: في منازلهم ﴿فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ﴾ أي: لم يقدروا على ذهاب ولا مجيء).
قوله: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ﴾ [يس ٦٦]، (لو) هذه حرف امتناع لوجود، ما الذي امتنع؟ الطمس، امتنع ليش؟ لامتناع المشيئة، فإذن هي حرف امتناع لامتناع، لو جاء زيد لأكرمتك. امتنع المجيء والإكرام، لكن (لولا) حرف امتناع لوجود، و(لما) حرف وجود لوجود، فهذه الثلاثة أدوات تنازعت الوجود والعدم.
لو جاء زيد لأكرمتك. امتناع لامتناع.
لولا زيد لأكرمتك. امتناع لوجود.
وإن شئت فقل: لولا مجيء زيد لأكرمتك، عشان ينطبق مع المثالين، هنا ﴿وَلَوْ نَشَاءُ﴾ إذن حرف امتناع لامتناع، امتنع المسخ لامتناع المشيئة، فقوله عز وجل: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ﴾، ﴿نَشَاءُ﴾ هذه جمع، ﴿نَشَاءُ﴾ الضمير ضمير جمع؛ يعني: لو نشاء نحن، وهذا من المشتبه؛ لأن النصراني ادعى تعدد الآلهة بمثل هذا الضمير، قال الله عز وجل يعبِّر عن نفسه بـ(نحن) و(نشاء) و(نريد) وما أشبه ذلك، إذن فهو متعدد، ولكننا نرد عليه بأن الجمع هنا للتعظيم وليس للتعدد؛ لأنك عميت عينك وعميت بصيرتك عن الآيات الصريحة المحكمة الدالة على أن الله إله واحد ﴿إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [النساء ١٧١]، ولكن كما قال الله عز وجل: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ﴾ [آل عمران ٧] إذن الضمير ﴿نَشَاءُ﴾ وهو ضمير جمع، (نحن) هذا للتعظيم وليس للجمع قطعًا؛ لأن الله واحد.
﴿لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ﴾ قال: (أعميناها طمسًا) والطمس أبلغ من الإعماء؛ لأن الطمس إزالة العين مرة واحدة ليس لها أثر، والعمى يكون مع بقاء العين، لكن قد تكون قائمة بصورتها وقد تختلف، المهم أن الطمس إزالة العين ومعالمها نهائيًّا، لو شاء الله تعالى لفعل ذلك حتى بعد وجود العين، وإلا لن يخلق فيهم أعينًا.
إحنا قلنا بعد وجود العين؛ لأن الله قال: ﴿لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ﴾، والله عز وجل على كل شيء قدير، فكما كان قادرًا عل شق العين فهو قادر على طمس ذلك الشق، وإذا كان البشر ربما يخيط الشق حتى يتلاءم فما بالك بالخالق عز وجل الذي يقول للشيء: ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس ٨٢]!.
﴿فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ﴾ [يس ٦٦] يعني: طُمِسَ على أعينهم فصاروا يتسابقون لعلهم يدركون الطريق الذي يُوَصِّلهم إلى مقصودهم، كأنك تتصورهم الآن يتنافرون تنافر الحمر لعلهم يهتدون إلى الطريق، وهل هذا ممكن؟ هل يمكن للأعمى أن يُدَلَّ الطريق؟ لا، من حيث الدلالة البصرية لا يمكن، ولهذا قال: ﴿فَأَنَّى يُبْصِرُونَ﴾ يعني: كيف يبصرون الطريق وقد طمس الله أعينهم! والمقصود بهذه الآية أن الله سبحانه وتعالى طمس قلوب هؤلاء، ولو شاء لطمس أعينهم فصار الطمس حسيًّا معلومًا، وكما أن المطموسة عينه لا يُبْصِر فكذلك المطموسة بَصيرته لا يبصر الحق، كيف يمكن لإنسان طَمَس الله بصيرته أن يبصر الحق ويهتدي هذا شيء متعذر، كما أن مَنْ طَمَس الله بصره لا يمكن أن يهتدي إلى الطريق.
قال: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ﴾ [يس ٦٧] الأول ﴿لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ﴾ انتفاء الدلالة، والثاني انتفاء السير ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ﴾ ﴿مَسَخْنَاهُمْ﴾ قيل: المراد بالمسخ ما قال المؤلف: (قردة وخنازير وحجارة) ، وقيل: المراد بالمسخ الإبقاء على ما هم عليه؛ يعني: يُمْسَخون على مكانتهم فلا يستطيعون التحرك، وهو آدمي لكن ممسوخ لا يستطيع الحراك، وأيًّا كان فالله على كل شيء قدير، وقد قلب الله تعالى بني آدم قردة وخنازير.
* طالب: (...).
* الشيخ: بني إسرائيل، إي نعم، ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ [البقرة ٦٥] ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ﴾ [المائدة ٦٠] فالله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ أَوْ يَجْعَلَ صُورَتَهُ صْورَةَ حِمَارٍ»[[متفق عليه؛ البخاري (٦٩١)، ومسلم (٤٢٧ / ١١٤) من حديث أبي هريرة.]]، والأمر هين على الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾.
فيقول: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ﴾ أي: حَوَّلْنا صورهم إلى صور أخرى من القردة والخنازير أو جعلناهم حجارة أو أننا أبقيناهم ماكثين كالجماد، المهم أن الله سبحانه وتعالى لو شاء لمسخهم وأبقاهم في مكانهم ما يتحركون؛ ولهذا قال: ﴿فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ﴾ يعني: فما استطاعوا أن ينظروا، لماذا؟ لأنهم مُسِخُوا على مكانتهم وبقوا ثابتين ولا يستطيعون أن يرجعوا، والذي لا يستطيع أن يمضي ولا يرجع معناه ثابت كالعمود لا يتقدم أمامًا ولا يتأخر خلفًا، لو شاء الله عز وجل لمسخهم على هذا حتى ظهر أمرهم محسوسًا، أما بالنسبة للخير والتقدم المعنوي فهم لم يتقدموا إلى الخير ولكن تأخروا عنه إلى الشر؛ ولهذا كان سَيْرُهم الذي يسيرون عليه في العمل عكسَ الاتجاه الصحيح، بل مضاد له تمامًا؛ ﴿فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ﴾.
قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ﴾ [يس ٦٨] (...).
ويش تقولون فيه؟ حرف استفهام بمعنى النفي؛ يعني: فلا يبصرون.
(...) انتهينا إلى قوله تعالى: ﴿وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾ [يس ٦١].
قال الله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ﴾ [يس ٦٢] هذا مبتدأ الفوائد.
* يستفاد من هذه الآية الكريمة فوائد:
* أولًا: بيان عداوة الشيطان لبني آدم؛ حيث أضل منهم جِبِلًّا كثيرًا أي: خلقًا كثيرًا عظيمًا.
* ومنها: الحذر بل التحذير من الشيطان وإغوائه؛ لأنه لا يمكن أن يسعى لهداية الخلق أو لهداية بني آدم، وإنما يسعى لإضلالهم.
* ومنها: أن من اتبع الشيطان في إغوائه وإضلاله فهو غير عاقل؛ لقوله: ﴿أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ﴾.
* ومنها: أن مَن ساء تصرفه صح أن ينفى عنه العقل وإن كان عاقلًا عقل إدراك؛ لقوله هنا: ﴿أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ﴾، وقد مر علينا أن العقل عقلينِ: عقل هو مناط التكليف وهو عقل الإدراك، وعقل هو مناط المدح والذم وهو عقل التصرف الذي يكون به الرشد.
* ومنها: توبيخُ ولومُ مَنْ تَبِعَ الشيطان في إضلاله لكونه غير عاقل؛ لقوله: ﴿أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ﴾.
ثم قال عز وجل: ﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ [يس ٦٣] في هذا إثبات نار جهنم وأنها تشاهد عيانًا يوم القيامة؛ لقوله: ﴿هَذِهِ﴾ والإشارة تكون إلى مشار إليه محسوس.
* ومنها: بيان صفة النار، وأنها -والعياذ بالله- كلها ظلمة وكلها سواد؛ لقوله: ﴿جَهَنَّمُ﴾؛ لأنها من الجهمة أي: الظلمة والسواد.
* ومنها أيضًا: تقرير هؤلاء وإظهار خطأهم في تكذيبهم؛ لقوله: ﴿الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾.
* ومنها؛ من فوائد الآية: صدق وعد الله سبحانه وتعالى؛ حيث صدق وعده بما وعد به هؤلاء المكذبين حتى شاهدوا ما وُعِدوا به عيانًا.
ثم قال عز وجل: ﴿اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ [يس ٦٤].
* من فوائد هذه الآية الكريمة: بيان أن هؤلاء المكذبين يؤمرون أمر إهانة وإذلال ليصلوا النار؛ لقوله: ﴿اصْلَوْهَا الْيَوْمَ﴾.
* ومن فوائدها: إثبات الأسباب لقوله: ﴿بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾، وإثبات الأسباب أمر معلوم بالشرع والعقل والحس، ولا ينكر إثبات الأسباب إلا جاهل بحقيقة الواقع فإنه لا أحد ينكر أنك إذا رميت الزجاجة بحجر انكسرت به، وإذا ألقيتَ الخِرَق في النار احترقت بها، لا ينكر هذا إلا شخص مكابر في الواقع، ومع هذا فهل الأسباب تفعل بذاتها أو تؤثر بذاتها؟ لا، بل بخلق الله سبحانه وتعالى التأثيرَ فيها، وحينئذ لا يكون لإثبات الأسباب أو لا يكون في إثبات الأسباب شيء من الشرك خلافًا لمن زعم أن إثبات تأثير الأسباب نوع من الشرك؛ لأن وقوع هذه الأسباب إنما تؤثر بأيش؟ بخلق الله عز وجل التأثير فيها؛ ولهذا إذا شاء الله ألا تؤثر لم تؤثر فإن النار طبيعتها الإحراق، ومع ذلك لم تحرق إبراهيم عليه الصلاة والسلام بل كانت بردًا وسلامًا عليه؛ لأن الله قال: ﴿كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ [الأنبياء ٦٩].
* ومنها: كمال عدل الله سبحانه وتعالى؛ لقوله: ﴿اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ أي: فلم تظلموا، بل أنتم الذين فعلتم ذلك بأنفسكم.
ثم قال عز وجل: ﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾.
* من فوائد الآية الكريمة: أن الله سبحانه وتعالى يختم على أفواه المكذبين يوم القيامة فلا يتكلمون، وقد سبق لنا الجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى عنهم: ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام ٢٣]، وما هو الجمع؟
* طالب: (...).
* الشيخ: أحسنت، إذن يكون للقيامة أحوال؛ حال يكذبون، وحالة يُقِرُّون، لكن بعد أن تشهد عليهم أيديهم وألسنتهم.
* ومن فوائد الآية الكريمة: بيان قدرة الله سبحانه وتعالى؛ لقوله: ﴿وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ﴾، فإنه خلاف العادة أن تكلم الأيدي والأرجل، ولكن الله على كل شيء قدير؛ ولهذا لما ذكر الله عنهم أنهم قالوا ﴿لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [فصلت ٢١].
* من فوائد الآية الكريمة: أن الإنسان يمكن أن يشهد بعضه على بعض؛ لأن هذا الرجل الواحد تشهد عليه أعضاؤه بما عمل، فهل يتفرع على هذا أن الإنسان في الدنيا يمكن أن يشهد على نفسه؟ نعم يمكن، وشهادته على نفسه هو إقراره على نفسه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن العبرة في العمل بما كان فيه من كَسْبٍ لا مجرد العمل؛ لقوله: ﴿بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾، وذكرنا في التفسير الفرق بين قوله: ﴿بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [فصلت ٢٠] و﴿بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ لأن مجرد العمل قد لا يكون كسبًا كما لو صدر من جاهل أو صدر من ساهٍ أو نائم أو ما أشبه ذلك.
ثم قال تعالى: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ﴾ الآيتين.
* في هذه الآية الكريمة: إثبات مشيئة الله عز وجل؛ لقوله: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ﴾، ولكن كل شيء معلق بمشيئة الله فإنه مقرون أيضًا بالحكمة؛ لأن الله عز وجل لا يشاء مشيئة مجردة بل مشيئته تابعة لحكمته، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [الإنسان ٣٠] فقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ يدل على أن مشيئته مقرونة بالعلم والحكمة.
* من فوائد الآية الكريمة أيضًا: بيان تمام قدرة الله؛ ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ﴾، هذه الأعين المبصرة لو شاء الله لطمسها وصارت كأن لم تكن.
* ومن فوائد الآية الكريمة أيضًا: ضَرْب المثل عن الأشياء المعقولة بالأشياء المحسوسة؛ فإن هؤلاء لو طُمِسَت أعينهم ما استطاعوا أن يهتدوا إلى السبيل، فكذلك إذا طمس الله بصيرة القلب -والعياذ بالله- لم يستطع الوصول إلى الحق ولم يعرف الحق.
* ومن فوائد الآية الكريمة: كمال بلاغة القرآن؛ لأن الله لو شاء لقال: ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فما استطاعوا أن يذهبوا ولا يرجعوا، لكن أتى به على هذا السياق المبسط يعني الذي به توسع؛ لأنه أبلغ في التأثير، ولأنه يكون له نغمة جيدة تهفو إليها الأسماع وتلتذ بسماعها.
ثم قال: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ﴾ أيضًا فيها إثبات المشيئة وكمال قدرة الله عز وجل.
* ومن فوائدها أيضًا: أن الله سبحانه وتعالى لو شاء لأثبتهم في مكانهم بحيث لا يستطيعون الذهاب ولا الرجوع؛ ﴿فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ﴾.
{"ayahs_start":62,"ayahs":["وَلَقَدۡ أَضَلَّ مِنكُمۡ جِبِلࣰّا كَثِیرًاۖ أَفَلَمۡ تَكُونُوا۟ تَعۡقِلُونَ","هَـٰذِهِۦ جَهَنَّمُ ٱلَّتِی كُنتُمۡ تُوعَدُونَ","ٱصۡلَوۡهَا ٱلۡیَوۡمَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ","ٱلۡیَوۡمَ نَخۡتِمُ عَلَىٰۤ أَفۡوَ ٰهِهِمۡ وَتُكَلِّمُنَاۤ أَیۡدِیهِمۡ وَتَشۡهَدُ أَرۡجُلُهُم بِمَا كَانُوا۟ یَكۡسِبُونَ","وَلَوۡ نَشَاۤءُ لَطَمَسۡنَا عَلَىٰۤ أَعۡیُنِهِمۡ فَٱسۡتَبَقُوا۟ ٱلصِّرَ ٰطَ فَأَنَّىٰ یُبۡصِرُونَ","وَلَوۡ نَشَاۤءُ لَمَسَخۡنَـٰهُمۡ عَلَىٰ مَكَانَتِهِمۡ فَمَا ٱسۡتَطَـٰعُوا۟ مُضِیࣰّا وَلَا یَرۡجِعُونَ"],"ayah":"وَلَقَدۡ أَضَلَّ مِنكُمۡ جِبِلࣰّا كَثِیرًاۖ أَفَلَمۡ تَكُونُوا۟ تَعۡقِلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق