الباحث القرآني
ثم إن الله يقول عز وجل: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ﴾ [الأحزاب ٥٥] الضمير في قوله: ﴿عَلَيْهِنَّ﴾ يعود على زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام اللاتي قال الله في حقهن: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ [الأحزاب ٥٣]، فكأن هذه الآية استثناء لما سبق، أو استثناء مما سبق ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾؛ حيث إن الآية ﴿سَأَلْتُمُوهُنَّ﴾ تشمل المحارم وغيرهم فاستثنى المحارم فقال: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ﴾ (الجناح) بمعنى الإثم؛ أي: لا جناح عليهن أن يبرزن لآبائهن وأن يسألهن آباؤهن بدون حجاب، وهذا كقوله تعالى في سورة النور: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ﴾ [النور ٣١] إلى آخره.
قال: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ﴾ و(آباء) يشمل الآباء من جهة الأم والآباء من جهة الأب، فالجد من جهة الأم في باب النكاح كالجد من جهة الأب، ولقد كان الناس يسألون كثيرًا عن أب الأم هل هو محرم لزوجة ابن ابنته أم لَا؟ والجواب (...) الناس يسألون كثيرًا عن أب الأم هل يكون محرمًا لزوج ابن ابنته؟
الجواب يكون محرمًا؛ لأن باب النكاح لا يُفَرَّق فيه بين الأبوة من جهة الأم والأبوة من جهة الأب فليس كالإرث، أبو الأم لا يرث بخلاف أب الأب، لكنَّ أبا الأم في باب النكاح كأب الأب، فقوله إذن: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ﴾ يشمل الأجداد من جهة الأب ومن جهة الأم.
﴿وَلَا أَبْنَائِهِنَّ﴾ يعني: أبناؤهن للصلب وأبناؤهن للبطن؛ أي: أبناء الأبناء وأبناء البنات وإن نزلوا، وفي هذا الحال يكنَّ جدات لهؤلاء الأبناء، قال: ﴿وَلَا إِخْوَانِهِنَّ﴾ يعني: ولا جناح عليهن في إخوانهن سواء كانوا أشقاء أَمْ لِأَبٍ أَمْ لِأُمٍّ.
﴿وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ﴾ يعني: وإن نزلوا ﴿وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ﴾ يعني: وإن نزلوا سواء كانوا أشقاء أَمْ لَأَبٍ أَمْ لِأُمٍّ، ولم يذكر ولا أبناء أعمامهن ليش؟ لأنهم ليسوا محارم أبناء الأعمام وأبناء العمات وأبناء الأخوال وأبناء الخالات ليسوا محارم، لكن لم يذكر العم والخال مع أن العم والخال مَحْرَم ولم يذكرا في هذه الآية ولا في آية النور أيضًا: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ﴾ [النور ٣١]، ولم يُذْكَر العمُّ ولا الخال، وهنا كذلك ما ذكر العم ولا الخال، مع أن العم والخال محارم، أبدى بعض العلماء مناسبة في هذا وقالوا: إنه لم يُذْكَر لا لأنه يحرم إبداء الزينة لهما، ولكن لبيان التحرُّز منهما لئلا يصف المرأة لأبنائهن؛ لأن العم والخال أبناؤهما يجوز أن يتزوجوا بهن فلما كان يُخْشَى أن العم والخال يصف المرأة لابنه لم يذكر؛ للتحرز لا للمخالفة في الحكم، وهذا التعليل له بعض الوجه، والله أعلم بما أراد.
* طالب: الأخ كذلك؟
* الشيخ: لا، الأخ ما يمكن؛ لأن ابن الأخ ما يحل لعمته، ابن الأخ ما يتزوج عمته. ما فيها إلا الخال والعم فقط، وعلى كل حال إن كان هذا هو الحكمة من عدم الذكر فله وجه، وإن لم يكن الحكمة فالله أعلم، ما وصلنا إلى الحكمة في ذلك.
* طالب: (...).
* الشيخ: من؟
* الطالب: العم والخال.
* الشيخ: إي نعم، إذا قام مقام الأبوين فهذا يقتضي ذكرهما، ولا شك أن قوة المحرمية في العم والخال أضعف من قوتها في من عداهم، وإن كان ابن الأخ وابن الأخت بالنسبة لعمته وخالته الصلة بينهما متقاربة مع العم والخال، لكن ابن الأخ والأخت فروعهما محارم ولَّا لا؟ فروعهما محارم، فالعلة التي قيلت في العم والخال منتفية فيهما.
الآن يقول: لا جناح عليهم في هؤلاء، وفيما عدا هؤلاء عليهن جناح فيه؟ نعم، يعني: ما عدا هؤلاء من الأقارب فإن عليهن جناح في عدم التحجب منهم.
* طالب: ﴿وَلَا أَبْنَائِهِنَّ﴾ مع أن أزواج الرسول ليس لهن أبناء.
* الشيخ: ما لهم أبناء، كيف، لهن أبناء من غير الرسول ﷺ؟
* طالب: الأخ من الرضاعة؟
* الشيخ: هنا سؤال الأخ يقول: الأخ من الرضاع وابن الأخ من الرضاع وما أشبه ذلك ما ذُكِرَ في هذه الآية. نقول: صحيح ما ذكر، لكنه ذُكِرَ في قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٦٤٥)، ومسلم (١٤٤٧ / ١٢) من حديث عبد الله بن عباس.]]
﴿وَلَا نِسَائِهِنَّ﴾ قال المؤلف: (أي المؤمنات) يعني: ولا جناح عليهن في نسائهن أي المؤمنات؛ لأن النساء أُضِيفَت إلى ضمير المؤمنات فيكون المضاف من جنس المضاف إليه؛ أي ولا النساء المؤمنات، فللمرأة أن تكشف وجهها للمرأة المؤمنة، ومفهومه أن الكافرة لا يحل لها أن تكشف وجهها لها، وأن المرأة الكافرة بالنسبة للمرأة المؤمنة كالرجل مع المرأة، وهذا أحد القولين في هذه المسألة على أن الإضافة هنا من باب إضافة الموصوف إلى صفته بمعنى أنها إضافة صفة؛ أي: ولا النساء اللاتي شاركهن في الإيمان، وعلَّلوا ذلك أيضًا بأن المرأة الكافرة لا يؤمن مِنْ أَنْ تُفشي ما تراه من المرأة المؤمنة؛ لأنها ليس عندها إيمان يردعها؛ وبناء على هذا القول فإنه يجب على أولئك الجماعة الذين عندهم من الخدم الكافرات يجب على نسائهم أن يحتجبوا عن هؤلاء الخادمات؛ لأنهن كافرات. ونحن نقول هذا مع بالغ الأسف أن يكون لدى المؤمنين خدم من غير المسلمين؛ لأن معنى ذلك أن الرجل أو المرأة يتصبح ويتمسى وفي كل وقت ينظر بملئ عينيه إلى من هو عدو لله ورسوله وعدو له أيضًا كما قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ [الممتحنة ١] ﴿عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ﴾ ما هو عدو لله فقط، عدو لله ولرسوله وللمؤمنين؛ ولهذا الذي هو في بيته، ومع ذلك نسأل الله السلامة والعافية، تجد هؤلاء يحتضنون مثل هؤلاء الكفار، ومع ذلك يحتضنونهم غير مبالين بهم، وغير مبالين بكونهم مخالفين لهم في الدين والعقيدة والعمل، بل إن بعضهم يحتضنهم فرحًا بهم؛ لأن الشيطان زَيَّن له أنهم أنصح في العمل وأتقن وأجلد وأصبر، وهذا من البلية والمحنة التي امتحن بها الناس في هذا الزمن ولا سيما في هذه الجزيرة العربية مع قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» »[[متفق عليه؛ البخاري (٣٠٥٣)، ومسلم (١٦٣٧ / ٢٠) من حديث عبد الله بن عباس.]] و«أَخْرِجُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ»[[أخرجه مسلم (١٧٦٧ / ٦٣) من حديث عمر بن الخطاب.]]، وهؤلاء بدل أن يخرجوهم يحتضنونهم، ثم إنه لو لم يكن من مضرة هؤلاء الخدم الكافرات إلا أن هؤلاء الذين يقولون: إنهم مسلمون -وهم كما قالوا- تذهب عنهم الغيرة من نفوسهم وكراهة الكفار حتى يكون هؤلاء كغيرهم كأنهم مسلمون؛ لأنهم يألفونهم ويرونهم ويشاهدونهم، وكما قيل: (إذا كثُر الإِمْساس قَلَّ الإحساس)، وهذه المسألة خطيرة جدًّا نسأل الله تعالى أن يسلط ولاة الأمور على منعها من هذه البلاد؛ لأنه أولًا: قد يكون لا داعيَ إلى وجود الخادم في البيت.
ثانيًا: إذا دعت الحاجة فلتكن مسلمة، لتكن من إندونيسيا من باكستان، من هذه الدول المسلمة الفقيرة التي ينتفع المسلمون بما يدفع لهذا الخادم من الأجرة، أما أن يجعل الكفار يؤخذ من أجورهم ما تُعَمَّر به الكنائس وما يَقْوَى به دعوة التنصير فإن هذا -لا شك- عند التأمل فيه يجد هؤلاء القوم الذين استخدموا هؤلاء الكافرات والكافرين يجدون أنهم مخطؤون خطأ عظيمًا فادحًا إن كان لهم قلوب، فأما إن كان قلوبهم قد عَمِيَت ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج ٤٦] يمكن أن قلوبهم قد مرضت وصدأت من المعاصي وعدم المبالاة وعدم الغيرة فلا يَحُسُّون بهذا الأمر الخطير، ولكن بلغني أن رجلًا كان من أهل الخير واغتر ببعض هؤلاء الخدم كان يجلس مع أولاده ويعلمهم مبادئ الإسلام فقال لواحد من الصغار: من ربك؟ قال: ربي عيسى ابن مريم، من أين جاء هذا الطفل وهو يعايش المسلمين أن ربه عيسى بن مريم إلا من هذه الخادمة؟ هذه الخادمة قد تكون مغرورة ومخدوعة في بني قومها ولا تعرف إلا هذا، لكن هذا الطفل الذي عاش وهو من المسلمين كيف ما يعرف إلا هذا، فهذا من الخطر العظيم بالنسبة لهؤلاء الخدم من الكفار والكافرات، نسأل الله السلامة.
المهم إن كثيرًا من أهل العلم يقولون: إن معنى قوله: ﴿وَلَا نِسَائِهِنَّ﴾ يعني أيش؟ المؤمنات، أي: ولا النساء المشاركات لهن في الإيمان؛ لأن المضاف من جنس المضاف إليه، وقال بعض العلماء: المراد بنسائهن ما كان من جنسهن؛ أي: النساء اللاتي يُشارِكْنَهُنَّ في النسوة أو في الأنوثة، فهو من باب إضافة الجنس إلى جنسه، وهذا القول هو مذهب الإمام أحمد رحمه الله، المشهور من مذهبه، وهو أقرب إلى الصواب؟ لأن تعلق المرأة بالمرأة لا يختلف باختلاف الدين وليس كتعلق الرجل بالمرأة، فالصواب أن المراد بـ(نسائهن) أي: النساء اللاتي من جنسهن في الأنوثة.
* طالب: قول المؤلف (...)؟
* الشيخ: علقنا عليها في الشرح.
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا، علقنا عليها، كيف؟
* طالب: (...).
* الشيخ: علقنا عليها.
* طالب: لماذا (...) في المستثنى منه (...).
* الشيخ: لأن قوله: ﴿فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ يتعلق بشيئين: سائل ومسؤول؛ ففي الأول علَّق الخطاب بالسائل، وفي الثاني علقه بالمسؤول من باب التفنن؛ ولأجل أن يشمل هذا ما إذا كانت المسألة في سؤال المتاع وفي غيره.
يقول: ﴿وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾ يعني: ولا جناح عليهن فيما ملكت أيمانهن من الإماء والعبيد، قوله: ﴿مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾ ﴿مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾ أي: ملكته ملكًا تامًّا، لا ملكًا مشتركًا، فلو كان عبد بين امرأتين فإنه لا يحلُّ لواحدة منهما أن تكشف وجهها له وذلك لأنه ليس ملكًا لإحداهما، بل هو ملك لهما جميعًا، والآية: ﴿مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾.
وقوله: ﴿مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾ أضاف الملك إلى اليمين؛ لأن الأخذ والإعطاء يكون باليمين غالبًا.
وقوله: (من الإماء والعبيد) أما قوله: (من العبيد) فظاهر، وأما قوله: (من الإماء) فبناء على أن قوله: ﴿نِسَائِهِنَّ﴾ أي: المؤمنات، فإذا كان للمرأة أمة كافرة فلا يلزمها أن تحتجب عنها؛ لأنها مما ملكت يمينها، وكل هؤلاء المستَثْنَوْنَ كلُّهم محارم إلا ما ملكت أيمانهن فليسوا بمحارم؛ لماذا؟ لأن التحريم فيهم إلى أمد، والمحرمية إنما تثبت فيما إذا كان التحريم مؤبَّدًا؛ ولهذا أخت الزوجة حرام وليست بِمَحْرَم، المملوك حرام على مملوكته ولا يلزمها أن تحتجب عنه لكنه ليس بمحرم لها، بدليل أنه إذا خرج عن ملكها لزمها أن تحتجب.
﴿وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾ يعني: (من الإِماءِ والْعبِيدِ أن يَرَوْهُنَّ ويكلموهن من غير حجاب).
ثم قال الله تعالى: ﴿وَاتَّقِينَ اللَّهَ﴾ (فيما أُمِرْتُنَّ به)، ﴿وَاتَّقِينَ اللَّهَ﴾ (الواو) حرف عطف، و﴿اتَّقِينَ﴾ فعل أمر، لكن حَدُّ الفعل الياءُ، والنونُ فاعلٌ، وهنا في الجملة التفات من الغيبة إلى الحضور أو إلى الخِطاب أخص، نقول: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ﴾ هذا ضمير غائب، ﴿وَاتَّقِينَ اللَّهَ﴾ ضمير مخاطب، وقد ذكرنا أن من فوائد الالتفات أيش؟ تنبيه المخاطب؛ لأن الكلام إذا كان على نسق واحد فقد لا يكون من الإنسان انتباه، فإذا اختلف النسق حصل التنبه، ثم إن في الالتفات هنا فائدة أخرى وهي مواجهتهن بالأمر بتقوى الله عز وجل، وهذا الخطاب موجه لأطهر النساء على الإطلاق وهن زوجات النبي ﷺ.
﴿اتَّقِينَ اللَّهَ﴾ أن تَرَيْنَ أحدًا سوى هؤلاء أو أن يراكُنَّ أحد سوى هؤلاء، فإذا كان هذا الخطاب موجهًا إلى زوجات الرسول ﷺ وهن أطهر النساء وأكرمهن عفة فما بالك بمن دونهن فإنه يُوَجَّه إليهن من الأمر بالتقوى أكثر مما يوجه إلى نساء النبي ﷺ.
(﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا﴾ لا يخفى عليه شيء)، وهنا قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا﴾؛ لأن الحجابَ وعَدَمَه مما يُرَى، فناسب أن يختم الآية بذكر شهادة الله عز وجل على كل شيء تحذيرًا من أيش؟ مخالفته بعدم الاحتجاب ممن يجب الاحتجاب عنه.
(...)* الفائدة الأولى: أنه لا يجب الاحتجاب عمَّن ذُكِر في هذه الآية؛ لقوله: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ﴾ إلى آخره.
* الفائدة الثانية: أن نساء النبي عليه الصلاة والسلام مُكَلَّفات؛ يعني: يلحقهن التكليف كغيرهن من النساء؛ لقوله: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ﴾.
* الثالثة من فوائد الآية: أن المحرمات في النكاح محارم؛ لأن هؤلاء المذكورات أو هؤلاء المذكورين محرمون في النكاح فهم محارم، وهذه قاعدة كُلُّ مَنْ يُحَرَّم في النكاح تحريمًا مؤبَّدًا فهن محارم، أما مَنْ يُحَرَّم تحريمًا إلى أمد فليسوا بمحارم، وعلى هذا فقوله: ﴿مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾ ليسوا بمحارم؛ لأن التحريم إلى أمد.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه لا يجب على المرأة أن تحتجب عن المرأة؛ لقوله: ﴿وَلَا نِسَائِهِنَّ﴾، وهل يشترط أن تكون مؤمنة؟ فيه قولان لأهل العلم، والراجح أنه لا يُشْتَرط، وأنه ليس العلة الكفر، وإنما العلة الجنس، فما دامت من جنسها فإنها لا تتعلق بها كما يتعلق الرجال بالنساء.
* ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب تقوى الله عز وجل؛ لقوله: ﴿وَاتَّقِينَ اللَّهَ﴾، والعناية بها حيث انتقل فيها من أسلوب إلى آخر للتنبه لها.
* ومن فوائدها: أن الأمر المُوَجَّه للإنسان بالتقوى لا يعني أنه غير متَّقٍ أو لا؟ قد يراد به الأمر بالاستمرار على التقوى، ويدل لذلك أيضًا قوله في أول السورة: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ﴾ [الأحزاب ١] مع أن بعض الناس لو تقول له: يا أخي، اتق الله، لاشتاط غضبًا وقال: أنا ما أنا متقٍّ، فيقال له: إن الله أمر نبيه وهو أتقى منك بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ﴾، وهذه ﴿اتَّقِينَ اللَّهَ﴾ أَمْرٌ لمن؟ لنساء النبي ﷺ.
* ومن فوائد الآية الكريمة: تحذير الإنسان من المخالفة؛ من مخالفة تقوى الله؛ لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا﴾ فإن خالفتن ولم تتقين الله، فالله تعالى شهيد عليكن.
* ومن فوائدها: إثبات اسم الشهيد لله ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا﴾، والشهيد معناه هو الحاضر الذي لا يغيب، المُطَّلِع الذي لا يخفى عليه شيء، فهو سبحانه وتعالى حاضر لا يغيب، لكن ليس حاضرًا معناه أنه في الأرض بل هو في السماء، على عرشه، وهو مطلع لا يخفى عليه شيء.
* ومن فوائد الآية الكريمة: عناية الله سبحانه وتعالى برسوله محمد ﷺ وذلك بتوجيه هذه الإرشادات إلى نسائه.
* طالب: (...) مؤبدًا (...).
* الشيخ: من محارمه.
* طالب: (...) غير نساء النبي ﷺ؟
* الشيخ: إي نعم، غير نساء النبي ﷺ؛ لأنه تحريمهنَّ ليس لنسب ولا لرضاع ولا لمصاهرة.
* طالب: المقتول في المعركة (...) يطلق عليه شهيد (...) أيش الوجه؟
* الشيخ: الشهيد شهيد المعركة؛ لأنَّ عرضَه نفسَه للقتل دليل على شهادته الفعلية بصحة ما هو عليه، إي نعم، أو أن الشهيد الذي تشهده ملائكة الله عز وجل المقربون أو ما أشبه ذلك، والمعنى الأول أوضح.
* طالب: الآية هذه في نساء النبي، والحجاب الخاص (...).
* الشيخ: لا، الحجاب الخاص ما يعم، إنما الحجاب العام اللي هو تغطية الوجه سيأتي في آية أخرى.
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا، الحجاب العامُّ الذي هو تغطية الوجه لا يُسْتَدَلُّ به من هذه الآية؟
* طالب: نأخذ منها وجوب الحجاب، لكن حجاب آخر.
* الشيخ: إي نعم، بالنسبة لزوجات الرسول ﷺ.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: ما نستدل بها، يستدل بوجوب ستر الوجه بالآية التي ستأتي إن شاء الله قريبًا.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: إي لأنه كل من وجب الاحتجاب عنه احتجابًا خاصًّا بالنسبة لزوجات الرسول فهو يجب الاحتجاب عنه بالمعنى العام كما سيأتي.
* طالب: بالقياس؟
* الشيخ: إي بالقياس؛ لأن المحارم أصلًا ما يجب الاحتجاب عنهم لا الحجاب الخاص ولا العام.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: محارم، نعم، إلا زوجات الرسول ﷺ.
* طالب: (...).
الشيخ: وإلَّا أيضًا المحرمة باللعان؛ لأن السبب غير مباح.
* طالب: (...).
* الشيخ: يخرج عن القاعدة، إي نعم.
{"ayah":"لَّا جُنَاحَ عَلَیۡهِنَّ فِیۤ ءَابَاۤىِٕهِنَّ وَلَاۤ أَبۡنَاۤىِٕهِنَّ وَلَاۤ إِخۡوَ ٰنِهِنَّ وَلَاۤ أَبۡنَاۤءِ إِخۡوَ ٰنِهِنَّ وَلَاۤ أَبۡنَاۤءِ أَخَوَ ٰتِهِنَّ وَلَا نِسَاۤىِٕهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُهُنَّۗ وَٱتَّقِینَ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ شَهِیدًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق