الباحث القرآني
قال الله تعالى: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [لقمان ٢٦]، الجملة هنا خبرية ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾، وفيها حَصْر، وطريقه تقديم الخبر؛ لأن تقديم ما حقُّه التأخير يفيد الحصر، فـ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ﴾ يعني: لا لغيره، وهو له وحده سبحانه وتعالى.
وقوله: ﴿مَا فِي السَّمَاوَاتِ﴾ أي: ما كان فيها، ﴿وَالْأَرْضِ﴾ كذلك، وأتى بـ(ما) التي لغير العاقل لأنه يُراد بها مُلك الذوات والصفات، وإذا وُجِد مُلك الذوات والصفات أُتِي بـ(ما) لأنها أكثر، فإن كلَّ ذاتٍ لها صفة، وأيضًا ليس كلُّ الذوات عاقلة، بل الدوابُّ والبهائم وشبهها من قِسم غير العاقل.
وقوله: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ﴾ قال المؤلف: (مُلكًا وخلْقًا وعبيدًا)، (مُلكًا وخلْقًا) والملك يشمل مُلكَ الذوات والتصرُّفَ في هذه الذوات، ولهذا قال (وعبيدًا)، والمراد بالعبودية هنا العبودية العامة دون الخاصة؛ لأن العبودية الخاصة تختصُّ بالطائعين الذين تذلَّلوا لله سبحانه وتعالى طاعةً بالمعنى الشرعي، وأمَّا العبادة العامة فهي تشمل كل الخلق؛ لأن جميع الخلق متذلِّل لله عز وجل باعتبار الكون والتقدير، ما أحد يستطيع أن يعارض قضاءَ الله وقدَرَه، لكن الكفار يستطيعون أن يعارضوا شرع الله، ولهذا عارضوه، وأنكروا الشرع واستكبروا عن الحق.
قال: (وعبيدًا فلا يستحقُّ العبادةَ فيهما غيره). في السماوات والأرض ما يستحقُّ العبادةَ إلا الله؛ لأنه بمقتضى العقل والفطرة أنَّ المالك الخالق المدبِّر يجب أن يكون هو المعبود، ولهذا يستدلُّ الله عز وجل على وجوب العبادة بماذا؟ بالربوبية؛ ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾ [البقرة ٢١]، ومرَّ علينا ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ [لقمان ٢٥]، وهذا ظاهر أنَّ مَن له الخلْق يجب أن تكون له العبادة وحده.
(﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ﴾ عن خَلْقه ﴿الْحَمِيدُ﴾ المحمود في صُنعه). الجملة هنا استئنافية لبيان ما لله عز وجل من هذين الاسمين وما تضمَّناه من الصفة.
﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ﴾ الضمير ضمير الفصل، ولضمير الفصل ثلاث فوائد:
الفائدة الأولى: التوكيد.
الثانية: الحصر.
والثالثة: التمييز بين الخبر والصفة.
فإذا قلت: (زيدٌ الفاضل) فـ(زيد) مبتدأ، و(الفاضل) يحسن أنْ تكون صفة لـ(زيد) وأنَّ الخبر لم يأتِ بعدُ وأنَّ التقدير: زيدٌ الفاضلُ محبوبٌ، مثلًا، فإذا قلت: (زيدٌ هو الفاضل) احتمل أن يكون صفةً ولَّا لا؟
* طلبة: لا.
* الشيخ: لا، يكون خبرًا، ولهذا سُمِّي ضمير الفصل.
﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ﴾ قال المؤلف: (عن خَلْقه)، وهو كذلك غنيٌّ في نفسه، غنيٌّ عن غيره؛ غنيٌّ في نفسه لكثرة ما عنده؛ لأن كلَّ شيءٍ فهو لله عز وجل، وهذا تمام الغِنَى، وغنيٌّ عن خَلْقه فلا يحتاج إلى أحد، والدليل قوله تعالى: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران ٩٧]، أمَّا مَن سواه فإنه مفتقِرٌ، مفتقِرٌ إلى مَن؟ إلى الله عز وجل قبل كلِّ شيء، ثم إنَّ الناس بعضهم مفتقِرٌ إلى بعض كما قال تعالى: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا﴾ [الزخرف ٣٢]، الناس بعضهم إلى بعض في حاجة، بل في ضرورة أحيانًا، والجميع إلى الله في حاجة وضرورة، أمَّا الربُّ عز وجل فإنه في غِنًى عن غيره كما أنه غَنِيٌّ بنفسه أيضًا.
إذن غِناه يتضمَّن شيئين:
الغِنَى الذاتي؛ بمعنى كثرة ما يملكه سبحانه وتعالى؛ إذْ كلُّ شيءٍ فهو ملكه.
الثاني: الغِنَى عن الغير بحيث لا يحتاج إلى أحدٍ وغيره محتاجٌ إليه.
وقوله: ﴿الْحَمِيدُ﴾ قال المؤلف رحمه الله: (﴿الْحَمِيدُ﴾ المحمود في صنعه) فقصَّر في التفسير من وجهين:
أولًا: قال: ﴿الْحَمِيدُ﴾ بمعنى المحمود. والصحيح أنها بمعنى المحمود والحامد؛ فهو سبحانه وتعالى حامدٌ مَن يستحقُّ الحمد، وما أكثر الثناء على مَن يستحقُّون الثناء في كتاب الله عز وجل، وهو كذلك محمودٌ على كمال صفاته وتمام إنعامه، يُحمد على أمرين: على كمال صفاته، وعلى تمام إنعامه.
الوجه الثاني مما قصَّر فيه المؤلف أنه قال: (المحمود في صنعه)، والصواب أنه محمودٌ في صُنعه وفي شرعه أيضًا، فإنَّ شرعه سبحانه وتعالى أكملُ الشرائع وأنفعُها للعباد، ومَن سَنَّ للخلق طريقًا تستقيم به أمورهم فهو أهلٌ للحمد، الآن لو أنَّ أحدًا دلَّك على طريق بلدٍ في سَفْرة واحدة من سفراتك، تحمده ولَّا لا؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: تحمده، فكيف بمن دلَّك على طريق الآخرة في كلِّ ما تحتاج إليه، فالصواب أنَّ (حميد) بمعنى حامد ومحمود، وحميدٌ في صُنعه وفي شرعه؛ فصُنعه الذي هو الخلْق يُحمد عليه سبحانه وتعالى على إيجاده، وعلى إعداده، وعلى إمداده، وهو أيضًا حميدٌ في شرعه يُحمد عليه لِمَا في شرعه من العدل والحكمة والرحمة التي لا نظير لها.
وما أعظم الفائدة في اقتران ﴿الْحَمِيد﴾ بـ﴿الْغَنِي﴾؛ لأنه كما مرَّ علينا أسماءُ الله تعالى كلها حُسنى وتدلُّ على معنى أحسن، لكن قد يدلُّ الاسمان على صفة ثالثة حصلت بماذا؟ باقترانهما، فالغِنَى مع الحمد يزداد كمالًا؛ لأنه قد يكون الغنيُّ غنيًّا ولكن غِنًى لا يُحمد عليه؛ مثل؟
* طالب: البخيل.
* الشيخ: مثل البخيل، البخيل الغني غنيٌّ، لكن لا يُحمد علي غِناه لأنه لا يُستفاد من ماله، وقد حرم نفسَه من مصلحة ماله، لكن الله عز وجل له الغِنَى المقترن بالحمد لكمال إحسانه على خلْقه من هذا الغنى ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾.
ثم قال عز وجل ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ﴾ [لقمان ٢٧] (...) نشوف الإعراب.
﴿وَلَوْ أَنَّمَا﴾ (لو) هذه شرطية، وفِعل الشرط محذوف؛ أي: ولو ثبت أنَّ ما في الأرض من شجرة ... إلى آخره. و(ما) اسم موصول بمعنى الذي.
و﴿فِي الْأَرْضِ﴾ جارٌّ ومجرورٌ متعلق بمحذوفٍ صلة الموصول؛ يعني: ولو أنَّ الذي استقر في الأرض.
﴿مِنْ شَجَرَةٍ﴾ جارٌ ومجرورٌ، بيانٌ لـ(ما) الاسم الموصول؛ لأن الاسم الموصول مبهمٌ يحتاج إلى بيان، فـ﴿مِنْ شَجَرَةٍ﴾ بيانٌ له؛ يعني: لو أنَّ الذي في الأرض من الشجر.
وقوله: ﴿أَقْلَامٌ﴾ خبر أنَّ، يعني: ولو أنَّ الذي في الأرض من الأشجار كان أقلامًا -هذا المعنى- كان أقلامًا يُكتب بها.
﴿وَالْبَحْرَ﴾ يقول: (عطف على أسم أن)، ﴿وَالْبَحْرَ﴾ ، وفي قراءة ﴿وَالْبَحْرُ﴾.
* طالب: (...).
* الشيخ: هنا ﴿وَالْبَحْرُ﴾ الموجودة في المصحف، لكن المؤلف (...) منصوبة، قال: (عطْف على اسم أنَّ).
﴿وَالْبَحْرُ﴾ إذا كانت بالرفع فهي مبتدأ، قال ابن مالك:
؎وَجَائِزٌ رَفْعُكَ مَعْــــــطُوفًا عَــــــــــلَى ∗∗∗ مَنْصُوبِ (إِنَّ) بَعْدَ أَنْ تَسْتَكْمِلَا؎وَأُلْحِقَتْ بـ(إنَّ) (لكنَّ) و(أنّْ) ∗∗∗ ................................
هذه (أنَّ) قال: (﴿وَالْبَحْرَ﴾ عطفٌ على اسم أنَّ) فتكون بالنصب. ﴿يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ﴾ [لقمان ٢٧] وين الخبر؟
* طلبة: ﴿مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾ [لقمان ٢٧].
* الشيخ: لا، هذه جواب الشرط، الخبر محذوف قدَّره المؤلف بقوله: (مِدَادٌ)؛ يعني: لو أنَّ ما في الأرض من الأشجار أقلامٌ وما فيها من البحار مدادٌ. (مداد) يعني حِبر يُكتَب به.
جواب الشرط (﴿مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾ (المعبَّر بها عن معلوماته ...) إلى آخره.
﴿مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾ (نفد) أيش معناه؟
* طالب: انتهى.
* الشيخ: انتهى وخلص.
﴿مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾، ﴿كَلِمَاتُ﴾ فاعل ﴿نَفِدَتْ﴾، الكونية والشرعية ما تنفد؛ السبب لأنه سبحانه وتعالى لم يَزَل ولا يزال متكلِّمًا، والخلْق له نهاية ولَّا ما له نهاية؟
* طلبة: لا.
* طلبة آخرون: نعم.
* الشيخ: لا، الخلْق ما له نهاية؛ لأنه إذا دخل الناسُ الجنة أو النار أيش يكون؟ خلود دائم سرمدي أبدي، فإذَنْ كلُّ شيءٍ يخلقه الله فإنما يخلقه بماذا؟ يخلقه بالكلمة (كُنْ) فيكون. إذا كانت المخلوقات لا تنتهي، وكذلك أيضًا أفعال الله عز وجل في الأزل ما لها نهاية، فإنها لا يمكن أن تنفد أبدًا، حتى لو فُرِض أنَّ البحر ومِن بعده سبعة أبحر تمده، والشجر كل الشجر الذي في الأرض أقلام، وصار يُكتب بها، فإنَّ كلمات الله عز وجل لا تنفد، ووجْه ذلك واضح؛ لأن المخلوقات لا تنفد، وكل مخلوق فإنه يكون بالكلمة؛ ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس ٨٢].
إذَنْ يتبيَّن لنا وجْه كَوْن هذه الجملة الخبرية صدقًا محضًا، وهي صِدق لا شك، خبرُ الله صِدقٌ، لكن قد يقول قائل: كيف؟! ويش وجه هذا؟! نقول: هذا وجهه؛ إذْ إنَّ الإنسان قد يستعظم أن تكون البحار؛ البحر المحيط ومن ورائه سبعة أبحر، يكون مدادًا وما في الأرض من الشجر أقلامًا يُكتَب به ثم لا تنفد الكلمات، قد يستعظم هذا الشيء، ولكنَّه إذا عرف كمال قدرة الله وعظمته ما استعظم هذا.
وقوله: ﴿مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾ قال: (المعبَّر بها عن معلوماته بكتْبها بتلك الأقلام بذلك المداد ولا بأكثر من ذلك؛ لأن معلوماته تعالى غير متناهية). عفا الله عن المؤلف، هذا تحريف؛ عبَّر يقول: إنَّ المراد بالكلمات المعلومات -معلومات الله- يعني: ما نفد ما يعلمه. لكن هذا تحريفٌ ظاهر للقرءان؛ الله يقول: ما نفدتْ كلماتُه، والكلمات هي اللي تُكتب، أمَّا المعلومات فقد تُكتب وقد لا تُكتب، فهل كل معلوماتك تكتبها؟! لكن كلماتك إذا أردتَ أن تعبِّر عنها للغير تنطق بها وتكتبها، فالمعنى: ﴿مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾ أي: كلماتُه بالحق، حقيقةً يعني، الكلمات الحقيقيَّة لو أُمليتْ على أحدٍ وصارت البحارُ مدادًا لها والأشجارُ أقلامًا لها ما نفدتْ، ووجه ذلك ظاهرٌ، وهذا يدلُّ على عظمة الله عز وجل وكمال قدرته.
(﴿إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ﴾ لا يُعجزه شيء ﴿حَكِيمٌ﴾ [لقمان ٢٧] لا يخرج شيءٌ عن علمه وحِكمته).
قوله: ﴿عَزِيزٌ﴾ يقول: (لا يُعجزه شيء)، وأحيانًا يعبِّر المؤلف نفسُه يقول: ﴿عَزِيزٌ﴾ (لا يغلبه شيء)؛ وذلك لأن العِزَّة -كما سبق- تنقسم إلى ثلاثة أقسام: عزَّة القَدْر، والثاني: عزَّة القهر؛ وهي الغَلَبة، والثالث: عزَّة الامتناع، وهي أنه سبحانه وتعالى لا يناله شيءٌ بسوء أبدًا، ممتنعٌ عن كلِّ سوءٍ لقوَّته سبحانه وتعالى.
وأمَّا قوله: ﴿حَكِيمٌ﴾ فهو هنا قال: (لا يخرج شيءٌ عن علمه وحِكمته)، ففسر الحكمة بالعلم، وقد سبق لنا أن (الحكيم) مشتق من الحُكم والحِكمة؛ فهو حكيمٌ لا يخرج عن مُلكِه شيءٌ وحُكمِه، وحكيمٌ لا يخرج عن حكمته شيءٌ، إذَنْ هو حاكمٌ مُحكِم، كلها تؤخذ من كلمة (حكيم).
وفي قرن (العزيز) بـ(الحكيم) بها إثباتُ صفة ثالثة غير العزَّة والحكمة، وهي أنَّ عِزَّته عز وجل مقرونةٌ بحكمة، فتكون عِزَّةً أكمَل، وتكون حكمةً أكمَل؛ وذلك أنَّ العزيز من الخلْق قد تأخذه العزَّة بالإثم فلا يكون حكيمًا في تصرُّفه، أليس كذلك؟
* طالب: بلى.
* الشيخ: لكنَّ الله عز وجل عِزَّته مقرونةٌ بالحكمة، لا يمكن أن تخرج أفعاله عن الحكمة التي هي موافَقة الصواب.
ثم قال عز وجل مبيِّنًا كمال قدرته بعد أن ذكر عمومَ مُلكه وكمالَ كلماته، قال: (﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [لقمان ٢٨] خلقًا وبعثًا؛ لأنه بكلمة (كُن) فيكون). لأنه يعني الخلق والبعث؛ ما خلقكم جميعًا إلا كنفسٍ واحدةٍ، وما بَعْثكم جميعًا إلا كنفسٍ واحدةٍ، إذَن الكثرة لا تُعجز الله عز وجل؛ لأن الكثرة عنده والقِلَّة على حدٍّ سواء، الكلُّ تتعلق به القدرة، وهو كلُّه سهلٌ عليه؛ لأنه يكون بأيِّ كلمة؟ بكلمة (كُن)، فالله عز وجل لَمَّا خلق السماوات والأرض هل احتاج إلى عُمَّال وعوامل.
* طلبة: لا.
* الشيخ: في هذه نقول: إذا كان البناءُ واسعًا كان أشقَّ، وإذا كان ضيقًا كان أهون؟ لا، إنما هو بكلمة (كُن)، وما كان بكلمة (كُن) فلا فرق بين أن يكون كثيرًا أو قليلًا، ولهذا قال الله عز وجل في آية أخرى: ﴿وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ﴾ [النحل ٧٧]، يعني: بل هو أقرب من لمح البصر، وقال تعالى: ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾ [القمر ٥٠] هذا غاية ما يكون من السرعة والإنجاز، وقال تعالى: ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات ١٣، ١٤] كل هذا يدلُّ على كمال قدرته عز وجل.
فإن قال قائل: إذا كان الأمر كذلك فلماذا خلق السماوات في ستة (...)؟
كيف مقرونة بالحكمة؟ لأن هذا الخلْق يحتاج إلى أشياء؛ مقدِّمات وأسباب يحصل بها كمالُ الخلْق. أليس الله قادرًا على أن يخلق الجنين في بطن أُمِّه بدون أن يتناولها رجُل؟
* طلبة: بلى.
* الشيخ: بلى، كما حصل في عيسى، ومع ذلك فإنَّ الله تعالى قد جعل لهذا أسبابًا، إيصالُ ماء الرجل للمرأة، ثم بعد ذلك الجنين يتطوَّر شيئًا فشيئًا حتى يصل إلى الغاية، ثم إذا كان قابلًا لأن يخرج إلى الدنيا خرج، ثم مع ذلك ينمو شيئًا فشيئًا، ما يأتيه العقل كاملًا دفعة واحدة، ولا يأتيه النموُّ دفعة واحدة، ولكنَّه على وَفْق الحكمة، فيكون هذا الجواب عمَّا يَرِد في الذهن أو يُورَد على المرء: لماذا خلق الله السموات والأرض في ستة أيام؟ ولماذا يخلق الجنين في بطن أُمِّه لمدة تسعة أشهر؟ وما أشبه ذلك. فالجواب أنَّ أفعاله مقرونةٌ بحكمة، وأنَّه سبحانه وتعالى جعل لك الأسباب مربوطة بمسبَّباتها، فلا بدَّ من أن يكون هناك سببٌ وينتج عنه مسبَّبٌ، ولا بدَّ من أن يكون هذا السبب مطابقًا موافقًا حتى يتمَّ الخلق على كماله.
﴿إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ (﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ﴾ يسمع كلَّ مسموع، ﴿بَصِيرٌ﴾ [لقمان ٢٨] يبصر كلَّ مبصَرٍ لا يشغله شيءٌ عن شيءٍ).
﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ﴾..
* طالب: (...).
* الشيخ: مبصَر.
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا، كل مبصَر، وكل مبصَر فهو مخلوق، ما ثَمَّ إلا خالقٌ أو مخلوقٌ، يعني كأنك تقول إن (...) ما يبصر نفسه.
* الطالب: (...) المبصَرات الحسية.
* الشيخ: لا، كل مبصَر يعني كل ما من شأنه أن يتعلَّق به البصر، (...) أنا ما أُبصِره لكنَّ الله عز وجل يُبصره، الآن نتفاوت في شيءٍ يُبصره زيد ولا يُبصره عمرو.
﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ﴾ تقدم أنَّ السميع ينقسم إلى قسمين: قِسم بمعنى مجيب، وقِسم بمعنى سامع؛ يعني مُدرك للأصوات.
فالسميع الذي بمعنى مجيب مثل قول إبراهيم: ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [إبراهيم ٣٩] أي: مجيبه، ومن المعلوم أيضًا أنه لا يجيبه إلا بعد أن يسمعه سمعَ إدراكٍ، ولكن الفائدة من الدعاء هي إجابة الداعي، أمَّا مجرَّد أن يُسمَع دعاؤه فلا فائدة له من ذلك حتى يُجاب.
وتقدَّم أنَّ سمع الإدراك ينقسم إلى ثلاثة أقسام، ما هي؟ ما يفيد التهديد، وما يفيد التأييد، وما يفيد سعة سمع الله سبحانه وتعالى وإدراكه لكل مسموع.
فممَّا يفيد التهديد قوله تعالى: ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ [الزخرف ٨٠] هذا الغرض منه أيش؟ التهديد.
ومما يفيد التأييد قوله تعالى لموسى وهارون: ﴿لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه ٤٦].
ومما يفيد الشمول، شمولَ سمع الله عز وجل لكلِّ ما يُسمع، مثل قوله تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ﴾ [المجادلة ١]، ولهذا قالت عائشة: «تبارك الذي وسِعَ سمعُه الأصوات، إنِّي في طرف الحجرة وإنَّه ليخفى عليَّ بعضُ حديثهم»[[أخرجه النسائي (٣٤٦٠)، وابن ماجه (١٨٨) من حديث عائشة.]]، والله عز وجل من فوق سبع سماوات يسمع هذا الحديث والتحاور كلَّه لم يَفُته سبحانه وتعالى شيء.
أما قوله: ﴿بَصِيرٌ﴾ فالبصير..
* طالب: المعنى الثاني للسميع.
* الشيخ: هذا بمعنى إدراك المسموع.
* الطالب: قلنا: بمعنى المجيب.
* الشيخ: بمعنى المجيب وبمعنى المدرِك للأصوات؛ سامع للأصوات، وسمع الأصوات قلنا: ينقسم إلى ثلاثة أقسام، واضح؟
أمَّا بالنسبة للبصير؛ فالبصير بمعنى المبصِر؛ أي: مدرِك ببصره سبحانه وتعالى، فللَّهِ تعالى بَصَرٌ يُبصِر به المبصَرات؛ كما جاء في الحديث الصحيح: «حِجَابُهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ»[[أخرجه مسلم (١٧٩ / ٢٩٣) من حديث أبي موسى.]].
وقد يكون البصير أيضًا دالًّا على العلم؛ مثل: ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [البقرة ٢٦٥] أي: عليمٌ به، وعند الناس الآن إذا قالوا: فلان بصيرٌ بالأشياء؛ يعني: عنده علمٌ بها وخبرة.
ثم قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ﴾ إلى آخره [لقمان: ٢٩]. الهمزة هنا للاستفهام التقريري؛ فمعنى ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ قد رأيتَ، فهو يقرِّر سبحانه وتعالى هذه القضية المشاهَدة المعلومة لكلِّ أحد، والخطاب في قوله: ﴿تَرَ﴾ إمَّا للرسول عليه الصلاة والسلام أو لكلِّ مَن يصلح للخطاب، والمعنى الثاني أشمل وأعمُّ، فتكون شاملةً لكلِّ مَن يصلح له الخطاب.
﴿أَلَمْ تَرَ﴾ أيُّها الرائي المخاطَب (﴿أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ﴾ يُدخل ﴿اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ﴾ يُدخله ﴿فِي اللَّيْلِ﴾ )، وهذا الإيلاج والإدخال لا يكون إلا بقدرةٍ عظيمة.
وكيف الإيلاج ﴿يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ﴾، هل المراد إقبالُ الليل وإقبالُ النهار؛ لأنك ترى الليلَ إذا أقبل يدخل سوادُه في النهار، يدخل على النهار ويطرده، وتري النهارَ إذا أقبل يَلِج في الليل فيطرده، فيكون هذا عبارة عن تقرير طلوع الفجر، وأيش بعد؟ وإقبال الليل.
وقد أقسم الله تعالى بذلك في القرآن الكريم؛ ﴿وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (٣٣) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ﴾ [المدثر ٣٣، ٣٤] ولا يُقسم بشيءٍ من المخلوقات إلا لعِظَمه، فيكون معنى الإيلاج الإدخال به؛ إدخال الليل بالنهار أو بالعكس، متى؟ عند كلِّ صباح وعند كلِّ مساء، هذا وجه.
أو أنَّ المعنى: ﴿يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ﴾ بمعنى أنَّه يزداد النهارُ مدَّةً حتى يدخل في الليل، ويزداد الليلُ مدَّةً حتى يدخل في النهار؛ يعني يطول النهار فإذا طال أخَذ من الليل، فمعنى ذلك أنَّه دخل عليه، ويطول الليلُ فإذا طال أخَذ من النهار فيكون قد دخل عليه واختلسَ منه. أي: هذا أيضًا معنى لكلمة الإيلاج.
وكلاهما معنى صحيح؛ ففي إقبال الليل وإدباره آيةٌ عظيمةٌ من آيات الله، وفي كون هذا يزيد وهذا ينقص أيضًا آيةٌ من آيات الله عز وجل؛ لأن الخلْق لو اجتمعوا كلهم على أن يأتوا بالليل في النهار أو بالنهار في الليل ما يستطيعون، لو اجتمعوا كلهم على أن يزيدوا في النهار دقيقة واحدة أو في الليل دقيقة واحدة يستطيعون ولَّا لا؟
* طلبة: لا.
* الشيخ: ما يستطيعون مهما أُوتوا من قوَّة، إذَنْ فهذا دليلٌ على كمال قدرة الله عز وجل.
ثم إنَّ في إيلاج الليل في النهار على المعنى الثاني، هو بالعكس، فيه دليل على رحمة الله؛ لأن تناوُب الليل والنهار في الزيادة والنقص فيه مصلحة عظيمة جدًّا؛ لأن الليل إذا طال حصل البردُ والشتاءُ، وظهرت أشجار الشتاء، وماتت الحشرات التي قد يكون بقاؤها ضارًّا للإنسان والنبات، وكذلك إذا ازداد النهار ازداد الحرُّ، ونضجت الثمار، وزال البخار من الأرض، وماتت بذلك حشراتٌ كثيرة من أجْل الحرِّ لو أنها بقيتْ وتنامتْ لأضرَّتْ بالناس، فيكون هذا فيه أيضًا دليل على كمال الحكمة والرحمة مع القدرة.
يقول المؤلف: (﴿يُولِجُ﴾ يُدخِل ﴿اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ﴾ يُدخِله ﴿فِي اللَّيْلِ﴾ فيزيد كلٌّ منهما بما نقص من الآخر ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾ ) أي: ذلَّلهما. لأي شيء؟ لمصالح العِباد، والدليل على ذلك قوله تعالى في الآية العامة الشاملة: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾ [الجاثية ١٣]، ﴿سَخَّرَ لَكُمْ﴾ شوف كلمة ﴿لَكُمْ﴾، إذَنْ كلُّ ما ذُكِر من تسخيرٍ في الكون فهو لبني آدم، ولهذا يقال في بعض الآثار: «يَا ابْنَ آدَمَ، خَلَقْتُكَ مِنْ أَجْلِي، وَخَلَقْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَجْلِكَ»[[لم نقف عليه، وقد ذكره الأبشيهي بنحوه في المستطرف (١ / ٧٨).]]، والله عز وجل يقول: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات ٥٦]، ويقول: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة ٢٩]، ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾.
* طالب: (...).
* الشيخ: (...). ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾ أي: ذلَّلهما لمصالح العِباد، وذكر الشمس والقمر بعد ذِكْر الليل والنهار لأن الشمسَ آيةُ النهار والقمرَ آيةُ الليل؛ لقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ﴾ وهو القمر ﴿وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً﴾ [الإسراء ١٢]، ولذلك فالقمر ما فيه نور، ممحو، إنما يستفيد نوره من الشمس، كلَّما قابلها ازداد نورُه فإذا تَمَّت المقابلة بينه وبين الشمس في ليالي الإبدار كمُل نوره، ثم كلَّما ضعفت المقابلة ضعف نوره.
* طالب: شيخ، الآية يتبادر منها أنه الإدخال؛ الإيلاج (...) الطول (...).
* الشيخ: كلٌّ صالح، كله إيلاج.
* الطالب: الطول إيلاج! كيف (...)؟!
* الشيخ: لأن النهار يدخل في الليل؛ (...) إذا قدَّرنا أننا الآن في تساوي الليل والنهار، كم الليل؟
* الطالب: اثنتا عشرة ساعة.
* الشيخ: والنهار؟
* الطالب: اثنتا عشرة ساعة.
* الشيخ: طيب، يطول النهار فيكون ثلاثة عشر ساعة، ويكون الليل؟
* الطالب: إحدى عشرة.
* الشيخ: إحدى عشرة، إذنْ دخل النهارُ في الليل؛ أي: في زمن الليل.
* الطالب: يعني في الزمن، زمن الليل.
* الشيخ: في زمن الليل، وكذلك بالعكس.
(﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ﴾ منهما ﴿يَجْرِي﴾ في فَلَكه ﴿إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ وهو يوم القيامة).
﴿كُلٌّ يَجْرِي﴾، ﴿كُلٌّ﴾ هذا التنوين يقول النحويون: إنه عوض عن محذوف، عن كلمة؛ يعني: كلُّ واحدٍ من الشمس والقمر يجري إلى أجلٍ مُسَمًّى.
العجيب أنه رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «إنَّ الشمس والقمر يجريان في فَلَكهما في النهار، ويجريان في فَلَكهما تحت الأرض في الليل»[[أخرجه ابن منده في التوحيد (٥٨) من حديث ابن عباس.]]، وهذا يدلُّ على أنَّ ابن عباس يرى أنَّ الأرض كروية؛ لأنه إذا صار يجري تحت الأرض فمعناه أنها كروية، وهو كذلك؛ لأن الشمس والقمر في الليل يجريان تحت الأرض كما قال رضي الله عنه.
* طالب: أي أرض؟
* الشيخ: أرضنا هذه، تكون تحتها.
* الطالب: والأراضي الباقية؟
* الشيخ: (...)..
* الطالب: أقول: الأرضين الباقية، الست الباقية، يعني تحت.
* الشيخ: إي نعم، الست الباقية تحتنا، يعني الأرض طبقات، (...)، طبقات بعضها فوق بعض، ألَمْ ترَ إلى البيضة فيها القشرة الأعلى، ثم القشرة الثانية: (...) الذي يليه البياض، ثم البياض، ثم قشرة رقيقة، ثم الأصفر، والأصفر أيضًا طبقات، الأرض مثل البيضة هكذا، كذلك أيضًا السماوات نفس الشيء؛ طبقات مكوَّرة.
* طالب: يعني ما هي منفصلة؟
* الشيخ: (...) منفصلة؟
* الطالب: يعني الأرضين ما هي منفصلة عن بعضها.
* الشيخ: إي، فيه خلاف؛ بعض العلماء يقول: إن بينها فصْل وهواء؛ يعني مثلما أن السماوات بينها هواء وفصْل، وبعضهم يقول: ما بينها فصْل.
* الطالب: قلنا: إنه تدور الشمس والقمر من تحت الأراضي كلها؛ الأرضين السبع.
* الشيخ: الآن الأرضون السبع هي الكتلة الآن، كتلة الأرض هذه اللي يسمُّونها الكرة الأرضية هذه متضمِّنة للسبع، السبع في جوفها، والدليل على هذا قوله عليه الصلاة والسلام: «مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ ظُلْمًا طُوِّقَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٤٥٢)، ومسلم (١٦١٠ / ١٣٧) من حديث سعيد بن زيد.]]؛ لأنه إذا ظلم الأرضَ العُليا اللي نحن عليها الآن هو معناه اعتدى على التي تحتها والتي تحتها والتي تحتها إلى السابعة، ولهذا عند العامة الآن يقولون: (...).
* * *
.. ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ﴾؛ يعني: وألَمْ ترَ أنَّ الله بما تعملون خبير. هنا الرؤية بمعنى العِلم في الموضعين كما قدَّرها المؤلف؛ يعني: أوَلَمْ تعلم أنَّ الله بما تعملون خبير.
فإن قال قائل: علمي بأنَّ الله يولج الليلَ في النهار وأنه سخَّر الشمسَ والقمرَ علمٌ طريقُه الحسُّ، أنا أشاهد ذلك، لكن ﴿وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [لقمان ٢٩] ما طريق هذا العلم، هل هو الحسُّ الشاهد أو الخبر الصادق؟
الخبر الصادق لا شك، نحن نعلم أنَّ الله بما نعمل خبير لأنه أعلمَنا بذلك سبحانه وتعالى وهو أصدق القائلين.
لكن هل نحن نعلم ذلك أيضًا عن طريق الحسِّ الشاهد أو لا؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: كيف ذلك؟ نقول: نعم، نعلم ذلك لما نشاهد من عقوبات المعاصي مثلًا، ومن ثواب الطائعين، ومما يحدث للإنسان نفسه من أثر الطاعة ومن أثر المعصية؛ الإنسان المؤمن يحصل له من المعصية أثرٌ سيِّئٌ في نفسه، حتى إنَّ بعض الناس يضيق صدره ولا يدري أيش السبب، لكن سببه معصية خفيت عليه؛ كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِئَةَ مَرَّةٍ» »[[أخرجه مسلم (٢٧٠٢ / ٤١) من حديث الأغر بن يسار.]]، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فالإنسان يحس بعلم الله عز وجل وخبرته بما يعمل من الآثار.
* طالب: (...).
* الشيخ: من الآثار، فالحاصل الآن أن ﴿وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ نقول: نحن نعلم ذلك عن طريقين هما: الخبر الصادق، والحسُّ الشاهد؛ نُحِسُّ بذلك بما نرى من آثار أعمالنا الصالحة أو آثار أعمالنا السيئة.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، هذا أيضًا من العلامات، فالحاصل من هذا يكون هذا التقرير -﴿أَلَمْ تَرَ﴾ تعلم- تقريرًا للأمر الواقع المشاهَد المحسوس والأمر المعلوم به عن طريق الخبر الصادق (...).
* * *
.. قال الله تعالى: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [لقمان ٢٦].
* يستفاد من هذه الآية: أنَّ مُلك السماوات والأرض لله وحده، وطريق الفائدة منها؟
* طالب: طريق الفائدة لأنَّ كل ما في الكون (...) لله سبحانه وتعالى.
* الشيخ: (...) لكن يختصُّ به الله، فما هو الطريق الدالُّ على اختصاص الله تعالى به من الجملة؟
* طالب: (...) الاختصاص.
* الشيخ: نعم، ما طريقه؟
* الطالب: تقديم الجار والمجرور.
* الشيخ: تقديم الخبر.
* الطالب: تقديم الخبر على المبتدأ (...).
* الشيخ: إذَنْ في الآية الكريمة .. من فوائدها: أن مُلك السماوات والأرض لله وأنه خاصٌّ به، من أين أخذْنا أنه خاصٌّ؟ من تقديم الخبر؛ لأن تقديم ما حقُّه التأخير يفيد الحصر والاختصاص.
* ويستفاد من هذه الآية الكريمة: أنَّ الناس لا يملكون أموالهم ملكًا مطلقًا، تقول مثلًا: أنا أملك بيتي، وسيارتي، وما أشبه ذلك، لكن ملكي لها ليس مطلقًا، أليس كذلك؟ لأن الملك المطلق لِمَن؟ لله عز وجل، ولهذا تَصَرُّفي فيها على حسب ما أذِنَ الله به، ما هو على حسب ما أريد أنا، وبهذا يزول الإشكال الذي يورَد فيقال: إذا قلت: إنَّ مُلك السماوات والأرض خاصٌّ بالله، أليس الله تعالى قد أضاف الملْك إلى الإنسان؛ ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء ٣]، إذَنْ كيف الجواب؟ نقول: هذا الملْك ليس ملْكًا مطلقًا.
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، (...) ما نراها في القرآن، لكن نقول: ليس ملكًا مطلقًا، بدليل أنَّه مقيَّدٌ بإذن الله؛ بما أذِنَ الله فيه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات اسمين من أسماء الله وهما: الغنِيُّ، والحميد، وما دلَّا عليه من الصفة وهى الغِنَى والحمد، وما دلَّ عليه اجتماعهما من الصفة أيضًا؛ وهو أنَّ غِنَى الله مقرونٌ بكونه محمودًا فيدلُّ على أنه غِنًى ذاتِيٌّ، وأنَّه سبحانه وتعالى -مع كونه غنيًّا- جوادٌ يجود بما عنده، أو لا؟ إذْ ليس كلُّ غنِيٍّ حميدًا.
* ومن فوائد الآية الكريمة: بيان أن مُلك الله للسماوات والأرض ملكٌ مشتملٌ على الفضْل والحمد، من أين نأخذه؟ لأنه ذكره بعد قوله: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ﴾، فكونه غنيًّا يتمدَّح سبحانه وتعالى بغِناه بعد ذِكْر مُلك السماوات والأرض يدلُّ على فضله بهذا الغِنَى، وعلى حمده على هذا الملك أنَّه ملكٌ مبنيٌّ على الحمد، وهذا كقوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة ٢]، حَمِد نفسه لكونه ربًّا للعالمين؛ لأن ربوبيَّته سبحانه وتعالى ربوبيَّة يُحمَد عليها لِمَا فيها من كمال الفضل والإحسان والعدل (...)، أفهمتم هذه؟ ويش قلنا فيها؛ الفائدة؟ إثبات أن مُلك السماوات والأرض لله مبني على الفضل والحمد؛ لأنه ذكره بعد قوله: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾.
* ويستفاد من الآية الكريمة: افتقار ما في السماوات والأرض إلى الله، من أين تؤخذ؟
* طالب: (...).
* الشيخ: نعم؛ لأن قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ﴾ دليلٌ على أنَّ ما في السماوات والأرض محتاجون إليه فقراء؛ كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [فاطر ١٥].
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات أن السماوات جمع وعددها سبع، تؤخذ من قوله: ﴿مَا فِي السَّمَاوَاتِ﴾، أما تعيين العدد بالسبع فمن آيات أخرى.
ثم قال الله عز وجل: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾ [لقمان ٢٧].
* يستفاد من هذه الآية الكريمة: أن الله سبحانه وتعالى يتكلم؛ من قوله: ﴿كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾.
* ويستفاد منها: أنَّ كلماته مسموعة؛ لأنها تُكتب، ولا يُكتب إلا ما كان مسموعًا. هكذا؟ هل فيها نظر هذه الفائدة؟
* طالب: فيها نظر.
* الشيخ: كيف ذلك؟
* الطالب: لأنه لا يمكن أن تكتب الصوت (...).
* الشيخ: طيب، يعني يمكن الإنسان يكتب كلماته هو بدون أن يُسمع غيره.
* الطالب: لكن لا يكتبها غيره.
* الشيخ: إي، لكن هو لازم يكتبها غيره؟ هل من اللازم كونها تُكتب أن يكتبها غيره؟
إذَنْ هذه الفائدة فيها نظر، لكن يؤخذ إثباتُ أنَّ الله يتكلم بصوت؛ أنَّ الكلام لا يُسَمَّى كلامًا إلا حيث يكون صوتًا أمَّا مجرَّد ما في النفس فليس بكلام.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنَّ كلمات الله تعالى لا نفاد لها، من أين تؤخذ؟ من قوله: ﴿مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾، ووجه ذلك تقدَّم في التفسير أنَّ الله تعالى لم يَزَل ولا يزال خلَّاقًا فعَّالًا لِمَا يريد، ومن لازم ذلك أن يكون متكلِّمًا؛ لقوله: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس ٨٢].
* ومن فوائد الآية الكريمة: تمام قدرة الله عز وجل؛ حيث كان قادرًا على كلامٍ لا ينفد.
* ومن فوائدها: إثبات العِزَّة والحكمة؛ لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾، وإثبات الحكم أيضًا من قوله: ﴿حَكِيمٌ﴾، وإثبات هذين الاسمين: ﴿عَزِيزٌ﴾ و﴿حَكِيمٌ﴾.
* ومن فوائدها أيضا: ما دلَّ عليه اجتماع العِزَّة والحكمة من صفات الكمال أو لا؟ يعني قلنا: إن الاسم قد يكون له معنًى في ذاته ومعنًى في اجتماعه إلى غيره؛ فاجتماع العِزَّة مع الحكمة يفيد كمالًا أكثر مما لو انفردت العِزَّة أو الحكمة، وهو أنَّ عِزَّة الله عز وجل مربوطة بالحكمة.
ثم قال الله عز وجل: ﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [لقمان ٢٨].
* يستفاد من هذه الآية الكريمة: إثبات الخلْق والبعث؛ لقوله: ﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ﴾.
* ويستفاد منها: كمال قدرة الله؛ حيث جعل -جلَّ جلالُه- الخلقَ والبعثَ لجميع الخلق كنفسٍ واحدةٍ، وهذا في غاية ما يكون من القدرة.
* ومن فوائدها: إثبات البعث؛ لقوله: ﴿وَلَا بَعْثُكُمْ﴾.
* ومن فوائدها: الاستدلال بالمشهود على الموعود، من أين؟ ويش الفائدة المطلوبة؟
* طالب: الاستدلال بالمشهود على الموعود.
* طالب آخر: الخلْق (...).
* الشيخ: المشهود الخلْق، والموعود البعث، وقد قَرَنهما الله جميعًا بإثبات كل واحدٍ منهما وأنه كما قدر على الخلق أولًا فهو قادرٌ على البعث ثانيًا.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات اسمين: (السميع) (البصير) لله، وإثبات ما دلَّا عليه من صفة، وإثبات الكمال باجتماعهما؛ السمع والبصر؛ إذْ ليس كلُّ سميعٍ بصيرًا، وليس كلُّ بصيرٍ سميعًا، وقد سبق لنا معنى السميع ومعنى البصير، لا حاجة للإعادة.
ثم قال الله عز وجل: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ﴾ إلى آخره [لقمان: ٢٩].
* في هذه الآية: إثبات قدرة الله عز وجل في إيلاج الليل في النهار وإيلاج النهار في الليل.
* ومن فوائدها أيضا: بيان رحمة الله عز وجل؛ لأن هذا الإيلاج فيه من المصالح الكثيرة ما هو مشاهَدٌ معلومٌ وما ليس بمعلوم.
* ومنها: بيان نعمة الله عز وجل على عباده بتسخير الشمس والقمر؛ لقوله: ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾.
* ومن فوائدها: أنَّ الشمس والقمر يجريان؛ لقوله: ﴿كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾.
* ومنها: بيان كمال النظام في أفعال الله؛ لقوله: ﴿إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ معيَّن لا يختلف لا تقدُّمًا ولا تأخُّرًا.
* ومن فوائد الآية الكريمة: الرد على من قال: إن الشمس والقمر ثابتان؛ لقوله: ﴿كُلٌّ يَجْرِي﴾، وهذا خبرٌ من خالقهما سبحانه وتعالى، وهو أعلم بما خَلَق؛ قال الله تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك ١٤]، فيكون فيه ردٌّ واضحٌ على الذين يقولون: إنهما ثابتان لا يجريان.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنَّ لكلِّ موجودٍ من الخلق غاية؛ لقوله: ﴿كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾، إلا الجنة والنار فإنهما باقيتان أبد الآبدين بإبقاء الله تعالى لهما، ليس بقاؤهما ذاتيًّا؛ لأن ما جاز إحداثُه جاز إعدامُه، أو بعبارة أخرى: ما جاز حدوثُه جاز عدمُه، ولكنَّ الله عز وجل قضى بأبديَّة الجنة والنار كما تدلُّ على ذلك الأدلة الصريحة الصحيحة.
* طالب: كل موجود (...).
* الشيخ: يعني قصدك أنَّ كل موجودٍ له غاية، نظن أن فيه قياسًا على هذا؛ جريان الشمس والقمر مع أنهما دائمًا وأبدًا كما قال تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ﴾ [إبراهيم ٣٣]، فمع كونهما دائبين لهما غاية، فما سواهما مثلهما.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات اسم (الخبير) من أسماء الله؛ ﴿وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾.
* ومنها: تحذير المرء من المخالفة؛ لقوله: ﴿بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾؛ يعني فاحذر أن تخالف (...) في عملك، فإنَّ الله تعالى عليم به.
طيب، قوله: ﴿بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ * هل يستفاد منه الحصر؟ لأنَّه قدَّم المعمول ﴿بِمَا تَعْمَلُونَ﴾، يعني أصله: وأنَّ الله خبيرٌ بما تعملون. نقول هذا الحصر (...) إضافي، الغرض منه التحذير؛ يعني كأنه قال: لو لم يكن خبيرًا بشيءٍ لَكان خبيرًا بأعمالكم. فإفادة الحصر هنا لتمام التحذير؛ يعني كأنه قال: لو لم يكن خبيرًا بشيءٍ لَكان خبيرًا بأعمالكم، فاحذروا المخالفة.
* طالب: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾.
* الشيخ: هذا معلوم تفسيره، مرَّت علينا قبل مدَّة قصيرة أن الخبرة هي العلم ببواطن الأمور، ما هي مرَّت علينا في وصايا لقمان: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾ [لقمان ١٦]؟!
{"ayahs_start":26,"ayahs":["لِلَّهِ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَنِیُّ ٱلۡحَمِیدُ","وَلَوۡ أَنَّمَا فِی ٱلۡأَرۡضِ مِن شَجَرَةٍ أَقۡلَـٰمࣱ وَٱلۡبَحۡرُ یَمُدُّهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦ سَبۡعَةُ أَبۡحُرࣲ مَّا نَفِدَتۡ كَلِمَـٰتُ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ","مَّا خَلۡقُكُمۡ وَلَا بَعۡثُكُمۡ إِلَّا كَنَفۡسࣲ وَ ٰحِدَةٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعُۢ بَصِیرٌ","أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ یُولِجُ ٱلَّیۡلَ فِی ٱلنَّهَارِ وَیُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِی ٱلَّیۡلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلࣱّ یَجۡرِیۤ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمࣰّى وَأَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ"],"ayah":"وَلَوۡ أَنَّمَا فِی ٱلۡأَرۡضِ مِن شَجَرَةٍ أَقۡلَـٰمࣱ وَٱلۡبَحۡرُ یَمُدُّهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦ سَبۡعَةُ أَبۡحُرࣲ مَّا نَفِدَتۡ كَلِمَـٰتُ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق