الباحث القرآني
قال: ﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ﴾ [لقمان ١١] المشار إليه ما سبق؛ وهي خلق السماوات بغير عمد، وإلقاء الرواسي في الأرض، وبث الدابة. ﴿وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ﴾ [البقرة ١٦٤]، واستنزال الماء من السماء، والإنبات فيها من كل زوج كريم، هذه خمسة أشياء مُشاهَدة محسوسة؛ ولهذا أشار إليها بالإشارة الحسية فقال: (﴿﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ﴾ ﴾ أي مخلوقه) فهو من باب إطلاق المصدر، وإرادة اسم المفعول، وليس المراد به خلق الله الذي هو فعله؛ فإن فعله لا يُشاهَد، وأن المشاهد مفعوله.
(﴿﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ﴾ ﴾ أي مخلوقه. ﴿﴿فَأَرُونِي﴾ ﴾ قال: أخبروني يا أهل مكة ﴿﴿مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ ﴾)
قوله: ﴿فَأَرُونِي﴾ فسر الرؤية هنا بالإخبار، الإراءة بالإخبار، ولكن الأولى إبقاؤها على ظاهرها أن المراد بالإراءة يعني: أبصروني، أروني شيئًا خلقه أحد سوى الله عز وجل.
وقوله: ﴿أَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ [لقمان ١١] أبلغ من تفسير المؤلف بقوله: (أخبروني)؛ لأن التحدي فيها ظاهر؛ إذ من الممكن أن يخبروه بأمر وهم كاذبون، فيقولون: نعم، إن في كذا وكذا، خلقه كذا وكذا. لكن إذا قال: أروني. بالتحدي بما يُرى فحينئذٍ يُبهتون.
وقوله: (أروني) قال: (يا أهل مكة) بناءً على أن كل خطاب في سورة مكية يتعلق بالكفار فالمراد به أهل مكة، والصواب أنه عام حتى يمكن الآن أن نقول بهذا التحدي في عصرنا الحاضر، والأمر هنا في قوله: (أروني) الأمر لماذا؟ لأي شيء؟ للتعجيز والتهديد.
(﴿﴿مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ ﴾ [لقمان: ١١] غيره، أي: آلهتكم حتى أشركتموها به تعالى) يعني أروني ماذا خلقوا، فإذا أريتموني أنها خلقت شيئًا فإنه قد يكون عذرًا لكم في تشريكها مع الله تعالى في العبادة، أما والأمر ليس كذلك، ولا يمكن أن يوجد خالق سوى الرب عز وجل فإنه لا يجوز أن يُعبد معه غيره؛ لأنه إذا أقررتم بأنه لا خالق إلا الله يجب أن تقروا بأنه لا معبود إلا الله، وأنه كما أقررتم بالربوبية يجب أن تقروا بالألوهية.
وقوله: ﴿مَاذَا خَلَقَ﴾ يقول: ((ما) استفهام إنكار مبتدأ، و(ذا) بمعنى (الذي) بصلته خبره، و(أروني) مُعلَّق عن العمل، وما بعده سد مسد المفعولين).
قوله: ﴿مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ أعربها المؤلف إعرابًا صحيحًا (ماذا خلق) يقول: (ما) اسم استفهام، و(ذا) اسم موصول مبني على السكون في محل رفع، و(خلق) فعل ماضٍ، والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب، والعائد محذوف، والتقدير: ماذا خَلَقَهُ الذين من دونه، والجملة ﴿مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ جملة الاستفهام مُعلَّقة عن العمل، عن عمل أيش؟ (أروني).
وقوله: (وما بعده سد مسد المفعولين) هذا إذا قلنا: إن الرؤية بمعنى العلم، أما إذا قلنا: إن الرؤية بمعنى رؤية البصر فإن ما بعده سد مسد مفعول واحد فقط، هذا الإعراب الذي ذكره المؤلف هل في كلام ابن مالك ما يدل عليه في الألفية؟ ما هو؟
* طالب: (...).
* الشيخ: أعربها على أنها غير ملغاة، وهل يجوز إلغاؤها؟ الجواب: نعم، يجوز، بل قد يقال: إن إلغاءها أولى؛ لأنك إذا ألغيتها جعلت ﴿مَاذَا﴾ مفعولًا مقدمًا لـ﴿خَلَقَ﴾، وحينئذٍ يكون ما نحتاج إلى هذا، والأصل عدم الحذف، وقد سبق لكم أن إلغاءها له وجهان: إما أن تقول (ما) اسم استفهام، و(ذا) زائدة، أو تقول: ﴿مَاذَا﴾ جميعًا اسم استفهام.
وقوله تعالى: ﴿فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ [لقمان ١١] أي من سوى الله عز وجل، وهذا التحدي، وكل تحدٍّ في القرآن لا يمكن أن يكون موجودًا؛ لأنه لو كان الشيء ممكنًا لكان التحدي لغوًا لا فائدة فيه. قال الله عز وجل: ﴿بَلِ﴾ قال المؤلف: (للانتقال ﴿﴿الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ ﴾ [لقمان: ١١] بَيِّن بإشراكهم وأنتم منهم) يعني معناه الأمر واضح، وأنه لا خالق إلا الله، وأنه لا يمكن أن يوجد أحد يخلق، ولكن استمرار المشركين في شركهم يعتبر ظلمًا وضلالًا مبينًا؛ ولهذا قال: ﴿بَلِ الظَّالِمُونَ﴾ أي المشركون الذين أشركوا مع الله في العبادة مع أنهم مؤمنون بأنه لا شريك له في الخلق ﴿فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [لقمان ١١] قال المؤلف: (بَيِّن).
وكلمة ﴿مُبِينٍ﴾ تأتي بمعنى (بَيِّن) أي ظاهر، وبمعنى مُظْهِر؛ لأنها مشتقة من (أبان) الرباعي، و(أبان) الرباعي يأتي متعديًا، ويأتي لازمًا، فيأتي (أبان) بمعنى (بان)، أي ظهر، وحينئذٍ يكون لازمًا، ويأتي بمعنى (أظهر)، أبان الشيء أظهره، وحينئذٍ يكون متعديًا، في هذه الآية: ﴿بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [لقمان ١١] من اللازم ولَّا من المتعدي؟ من اللازم. ولهذا فسَّرها بقوله: (بَيِّن) نريد مثالًا لها من المتعدي؟
* طالب: (...).
* الشيخ: (...) المتعدي.
* الطالب: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ﴾ [الواقعة ٧٧]: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ [يوسف ١] يجوز الأمران البَيِّن في نفسه، المبين للحق.
* الشيخ: إي نعم، ومثله: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء ١٩٥] أي مُظْهر، فالحاصل أن ﴿مُبِينٍ﴾ لا تظنوا أنها دائمًا متعدية، قد تكون لازمة بمعنى (بين)، وقد تكون متعدية بمعنى مُظهِر.
ثم قال تعالى: (﴿﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ﴾ ﴾ [لقمان: ١٢] منها العلم والدِّيانة والإصابة في القول، وحِكَمُه كثيرة مأثورة). ﴿﴿وَلَقَدْ﴾ ﴾ الجملة هذه مؤكدة بثلاثة مؤكدات، هي؟
* طالب: اللام، وقد، والقسم.
* الشيخ: نعم، اللام، وقد، والقسم. وقوله: ﴿آتَيْنَا﴾ أي أعطينا، وهذا الإعطاء إعطاء كوني آتاه الله تعالى الشيء إيتاءً كونيًّا.
وقوله: ﴿لُقْمَانَ﴾ هو اسم رجل، وأكثر أهل العلم على أنه رجل أعطاه الله تعالى حِكمة ودراية في الأمور، وليس نبيًّا، قال ابن كثير: إنه أكثر الناس على أنه ليس بنبي، ويُرْوى عن عكرمة -إن صح عنه- هكذا قال: إنه نبي[[ذكره ابن كثير (٦ / ٣٣٤).]]، ولكن الصحيح أنه ليس بنبي، وإنما هو رجل حكيم ذو أمر رشيد، أعطاه الله تعالى هذه الحكمة كما قال تعالى: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة ٢٦٩].
* طالب: شيخ، (...) بعضهم يقول: لقمان الحكيم هو هذا ولَّا غيره؟
* الشيخ: لا، هذا هو.
* الطالب: كيف يكون يعني إخبار عن الرسول ولَّا إسرائيليات؟
* الشيخ: ويش هو؟
* الطالب: (...) لقمان الحكيم، قال لقمان الحكيم (...)؟
* الشيخ: هذا مما يؤثر عن حكمته (...) صحيح ولَّا لا؟
قال: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ﴾ [لقمان ١٢] ما هي الحكمة؟ الحكمة في الأصل هي موافقة الصواب، وبمعنى هذا قولهم: إنها وضْع الأشياء في مواضعها، فصاحب الرأي الرشيد والتصرف السديد هذا يعتبر حكيمًا؛ لأنه يضع الأشياء في مواضعها كذا؟! ويش اللي ذكرنا في الحكمة؟ تفسيرها؟
* طالب: (...) الأشياء في مواضعها.
* الشيخ: هذه واحد، والثاني؟
* الطالب: (...) الحكيم (...).
* الشيخ: لا، نريد الحكمة فقط، ما نريد الحكيم، الحكمة ما هي؟ قيل: إنها وضع الأشياء في مواضعها، هذا واحد، وقيل؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: ما ذهبت يمينًا أو شمالًا؟ قيل: إنها موافقة الصواب، وهما بمعنى واحد؛ لأن موافقة الصواب هو وضع الشيء في مواضعه، طيب يقول: منها العلم.
* الطالب: تعتبر مضمونها ولا تفسير يا شيخ؟
* الشيخ: لا، هذا معناها، منها العلم والديانة، العلم حكمة ولَّا لا؟ أو تنال به الحكمة؟ تُنال به الحكمة.
والثاني: الديانة نعم حكمة.
والثالث: الإصابة في القول، وهذا أيضًا حكمة. وكذلك الإصابة في الفعل حكمة.
قال: (وحكمه كثيرة مأثورة كان يُفتي قبل بعثة داود، وأدرك بعثته، وأخذ عنه العلم، وترك الفتيا وقال في ذلك: ألا أكتفي إذا كُفيت. وقيل له: أي الناس شر؟ قال: الذي لا يُبالي إن رآه الناس مسيئًا) (...) قال: كفيت. هذه من الحكمة أن الإنسان إذا كُفي يكتفي؛ لأنه إذا كفي، ثم عمل بما كفي فيه لم يكن منه إلا إضاعة الوقت والتعب.
وأما (أي الناس شر؟ فقال: الذي لا يبالي إن رآه الناس مسيئًا) هذا قد يُنازع فيه؛ لأن هذا الذي لا يُبالي إن رآه الناس مسيئًا يُعتبر فاقد الحياء فقط، ولا يعتبر شر الناس، شر الناس -في الواقع- هو الذي يُشرك بالله عز وجل، هذا شر الناس؛ لأن هذا أظلم الناس؛ فيكون شر الناس.
ثم إن هذه المقولة اللي ذكرها المؤلف أو هاتين الجملتين قد تكون صحيحة إلى لقمان، وقد تكون غير صحيحة، يعني ما يجزم؛ لأنه ما هناك سند صحيح إلى لقمان متصل، ولم يخبر النبي عليه الصلاة والسلام بذلك عنه، ومثل جميع الأخبار السابقة إذا لم تكن عن طريق الرسول عليه الصلاة والسلام فإنه يُنظر فيها؛ لأنها تأتينا بغير إسناد، تُؤخذ عن أهل الكتاب، وأهل الكتاب غير مأمونين.
* الطالب: ما يؤخذ منها حكمة يا شيخ؟
* طالب: ثم ترك الفتيا (...) داود على قول المؤلف (...).
* الشيخ: وقال: (...) نعم، في كل شيء يُفتى به المرء ما له داعي يتعلق منه.
* طالب: (...).
* الشيخ: والله ما أعرف هذا ابن كثير ما ذكر هذا الأثر.
* الطالب: يا شيخ، قوله: حدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج (...).
* الشيخ: يمكن أن (...) عنه، ويمكن أن (...)؛ لأن بني إسرائيل عندهم كتاب وأثارة من علم، وإلا غيرهم قد لا يكون لهم شيء، ولكن كل الأحاديث عمن سبق لا تخلو من ثلاث أحوال كما هو معروف، إما أن توافق الشرع أو تخالفه، أو لا يكون فيها موافقة ولا مخالفة فما وافق الشرع فهو مقبول، وما خالفه فهو مردود، وما لم يكن فيه مخالفة ولا موافقة فإنه لا يُصدَّق ولا يُكذَّب.
يقول: (﴿﴿أَنِ﴾ ﴾ أي: وقلنا له: ﴿﴿أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ﴾ ﴾ [لقمان: ١٢] على ما أعطاك من الحكمة).
قوله: (﴿﴿آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ﴾ ﴾ [لقمان: ١٢]). ثم قال: (﴿﴿أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ﴾ ﴾). لو أن أحدًا قال: إن قوله: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ﴾ تفسير للحكمة؛ يعني ﴿أَنِ﴾ هنا تفسير للحكمة، لم يكن بعيدًا، أما المؤلف فيرى أنها مفعول لقول محذوف تقديره: وقلنا له: أن اشكر لله، يعني على ما آتاك من الحكمة، أما على الاحتمال الأول الذي هو ظاهر القرآن ولا يحتاج إلى تقدير فالأمر ظاهر أن شكر نعمة الله من الحكمة بل هو رأس الحكمة.
وقوله: ﴿﴿اشْكُرْ لِلَّهِ﴾ ﴾ اللام هنا للاختصاص والاستحقاق؛ لأنه لا يختص بالشكر المطلق، ولا يستحق الشكر المطلق إلا الله سبحانه وتعالى، والشكر هو القيام بطاعة المنعِم اعترافًا بالقلب، وثناءً باللسان، وطاعة بالأركان، فمتعلق الشكر ثلاثة: اللسان، والقلب، والجوارح، وسببه واحد وهو النعمة؛ ولهذا كان بينه وبين الحمد عموم وخصوص، فمن جهة السبب الحمد أعم، ومن جهة المتعلَّق الشكر أعم، كيف ذلك؟ الحمد سببه أمران: كمال المحمود، وإنعام المحمود؛ ولهذا تحمد الله عز وجل على كماله، وتحمده على إنعامه، ولكن الحمد يختص بماذا؟ من حيث المتعلق؟ يختص باللسان فقط، أما الشكر فإنه من حيث السبب أخص؛ لأنه لا يكون إلا في مقابلة نعمة لكن من حيث المتعلَّق أعم، يكون بالقلب، واللسان، والجوارح، وعليه قول الشاعر: ؎أَفَادَتْكُمُ النَّعْـمَاءُ مِنِّي ثَلَاثَةً ∗∗∗ يَدِي وَلِسَانِي وَالضَّمِيرَالْمُحَجَّبَا
وقوله: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ﴾ [لقمان ١٢]. قلنا: إن اللام هنا للاختصاص، ويش بعد؟ والاستحقاق فيجب على العبد أن يُخلص الشكر له، وأن يعتقد بقلبه أنه لا يستحق الشكر المطلق إلا الله.
قال: (﴿﴿وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾ ﴾ [لقمان: ١٢]؛ لأن ثواب شكره له. ﴿﴿وَمَنْ كَفَرَ﴾ ﴾ النعمة ﴿﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ﴾ ﴾ عن خلقه، ﴿﴿حَمِيدٌ﴾ ﴾ محمود في صنعه).
﴿وَمَنْ يَشْكُرْ﴾ الجملة هذه شرطية فعل الشرط فيها مجزوم بـ(من)، و(﴿﴿وَمَنْ يَشْكُرْ﴾ ﴾. وجواب الشرط جملة قوله: ﴿فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾، و(إنما) أداة حصر، و﴿يَشْكُرُ﴾ فعل مضارع، ولكن هل يُقال: إن ﴿يَشْكُرُ﴾ هو الجواب أو الجملة؟ الجملة.
وقوله: ﴿فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾ كيف قال: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ﴾ ثم قال: ﴿فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾؟ قد (...) أن المتوقع أن يقول: (ومن يشكر فإنما يشكر لله)، ولكن نقول مثلما قال المؤلف: إن معنى قوله: ﴿فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾ أي: أنه يعود ثواب الشكر إليه فهو لمصلحته، وليس الشكر يعود إلى الله عز وجل فينتفع به؛ لأنه سبحانه وتعالى لا ينتفع بالطاعة، ولا يتضرر بالمعصية، وإنما يعود إليك أنت نفسك.
﴿وَمَنْ كَفَرَ﴾ وهو ضد الشكر ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ غني عنه، إذا كفر نعمة الله.
﴿حَمِيدٌ﴾ فعيل بمعنى مفعول، ويجوز أن يكون ﴿حَمِيدٌ﴾ بمعنى فاعل (حامد)، فهو سبحانه وتعالى محمود وحامد؛ لأنه سبحانه وتعالى يصف من يستحق الصفات الكاملة بما يستحقون؛ ولهذا أثنى على أنبيائه وعلى أوليائه، وهذا حمْد لهم، وهو أيضًا محمود من عباده فهو (فعيل) بمعنى (فاعل)، وبمعنى (مفعول)، وجه ارتباط الجملة جملة الجواب الشرط: ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [لقمان ١٢]، وجه ارتباطها بالشرط ظاهر؛ يعني من كفر فإنه لن يضر الله، ولن ينقص من ملكه؛ لأنه غني، وكذلك لم يكن في ذلك قصور من حكمته؛ لأنه جل وعلا حميد، فإيجاد الشاكرين مما يُحمد الله عليه، وإيجاد الكافرين مما يُحمد الله عليه، ولولا هذا ما عُرف قدر الشكر، ولا عُرف أيضًا مضرة الكفر، لولا هذا لكان الناس على حد سواء لا يتميز فيهم الطيب من الخبيث.
﴿وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ الغني من أسماء الله، والحميد من أسمائه أيضًا.
قال: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ﴾ [لقمان ١٤] واذكر إذ قال.
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، من كفر عام، لكن لما كان في سياق الحكمة التي أوتيها لقمان على تفسير المؤلف جعلها خاصة بالمال يقول: واذكر ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ﴾ [لقمان ١٣].
* الطالب: يقول: محمود في صنعه بس.
* الشيخ: إي نعم، هذا قصور ﴿حَمِيدٌ﴾ يقول المؤلف: إنها (محمود في صنعه) والصواب أنه محمود في صنعه وشرعه، وفي جميع صفاته، فهو محمود على صفاته الكاملة، وعلى أفعاله وعلى شرعه.
قال: (واذكر ﴿﴿إِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ﴾ ﴾ [لقمان: ١٣] تصغير إشفاق ﴿﴿لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ﴾ ﴾ بالله ﴿﴿لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ ﴾ فرجع إليه وأسلم).
قوله: (واذكر إذ قال) أفادنا المؤلف أن (إذ) مفعول لفعل محذوف، أو ظرف متعلق بفعل محذوف، يعني اذكر هذا الوقت الذي قال فيه لقمان لابنه إلى آخره.
وقوله: ﴿إِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ﴾ جملة ﴿وَهُوَ يَعِظُهُ﴾ حالية، حال من فاعل ﴿قَالَ﴾، وهو لقمان، يعني والحال أنه يعظ فيه ابنه، والموعظة هي التذكير المقرون بالتخويف أو الترغيب، قال له: ﴿يَا بُنَيَّ﴾ قال المؤلف: إنه هو (تصغير إشفاق) وهو كذلك، وليس تصغير احتقار؛ لأن المقام لا يقتضيه، ولكنه تصغير إشفاق عليه.
﴿يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ﴾ هذا مقول القول في قوله: ﴿وَإِذْ قَالَ﴾، ﴿لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ﴾ أي لا تجعل معه شريكًا في ماذا؟ في العبادة، وفي الخلق والتقدير، وفي أسمائه وصفاته؛ لأن التوحيد -كما هو معروف عند أهل العلم- ينقسم إلى ثلاثة أقسام: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات، فالشرك بالله أن يُشرك بالله تعالى في أحد هذه الأقسام، فمن اعتقد أن مع الله خالقًا فهو مشرك في الربوبية، ومن اعتقد أن مع الله من يستحق أن يُعبد فهو شرك ألوهية، ومن اعتقد أن لله مماثلًا في أسمائه وصفاته فهو من باب الشرك في الأسماء والصفات. قال: (﴿﴿لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ﴾ ﴾ [لقمان: ١٣] بالله ﴿﴿لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ ﴾) أكد لقمان كون الشرك ظلمًا بمؤكدين وهما ﴿إِنَّ﴾ واللام.
وقوله: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ الجملة تعليل لما قبلها؛ وهو قوله: ﴿لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ﴾ فجمع له لقمان بين الحكم والحِكمة، نهاه عن الشرك وبَيَّن أنه ظلم عظيم، والظلم في الأصل النقص ومنه قوله تعالى: ﴿كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا﴾ [الكهف ٣٣] أي لم تنقص، وأما في الشرع فإن الظلم هو نقْص كل ذي حق حقه، وعلى هذا فالشرك نقص في حق الله عز وجل.
وقوله: ﴿لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ هذا من باب تعظيم الشرك والحذَر منه، ولا يوجد أعظم ظلمًا من الشرك؛ لأنه مهما كان فإن ظلم الشرك أعظم من كل شيء؛ فالذي خلقك أوجدك من العدم، والذي أمدَّك بما تقوم به حياتك هو الله عز وجل، والذي أعدَّك وجعلك مستعدًّا لما تنتفع به هو الله فهو الْموجِد الْمُعِد الْمُمِد، إذا كان كذلك فهل يوجد أحد أعظم حقًّا عليك من الله؟ لا يوجد، فإذا نقصت الله حقه كان ذلك أعظم الظلم؛ ولهذا من كان إليك أكثر إحسانًا فإن إساءتك إليه تكون أعظم من غيره، الذي يحسن إليك ويعطيك ويربيك، ثم تسيء إليه أعظم مما لو أسأت إلى أحد لم يكن منه ذلك.
(﴿﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ ﴾ فرجع إليه وأسلم) من اللي رجع؟ الابن، وعلى كل حال ما نعرف عاد هل إن هذه المسألة كما قال المؤلف أن الابن كان مشركًا، فلما وعظه أبوه رجع فأسلم، أو أنه -أي الابن- خاف عليه أبوه من الشرك فنهاه عنه، وبيَّن له أن الشرك لظلم عظيم، ولا يلزم من النهي عن الشرك أن يكون الإنسان قد أشرك؛ لأنه قد يُنهى عن الشيء خوفًا من وقوعه، لا رفعًا لما وقع منه، وهذا أمر موجود مطرد في القرآن، وفي السنة، وفي كلام الناس، تقول للرجل مثلًا: لا تصاحِب الأشرار، هل يلزم من هذا النهي أن يكون مصاحبًا لهم؟ ما يلزم، قد يكون نهيًا لما يُخاف أن يحصل منه، فكلمة ﴿لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ﴾ ليست صريحة في أن الابن قد وقع في الشرك حتى يقال: إنه رجع وأسلم، بل قد يكون أبوه نهاه عن الشرك خوفًا من أن يقع فيه، والعِلم عند الله.
ثم قال تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ﴾ [لقمان ١٤] هذه الجملة ليست من كلام لقمان، بل هي من كلام الله عز وجل، فهي معترضة بين كلام لقمان الأول، (...) عز وجل دائمًا يقرن حق الوالدين بحقه ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء ٢٣]، ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الأنعام ١٥١].
(﴿﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ﴾ ﴾ [لقمان: ١٤] أمرناه أن يبرهما) أمرناه، ففسر المؤلف الوصية بالأمر، ولكنها أخص من الأمر المطلق، الوصية عهد بما ينبغي الاعتناء به ليست مجرد أمر بل هي عهد بما ينبغي الاعتناء به، (...) في الغذاء؛ ولهذا تحتاج المرأة الحامل إلى غذاء أكثر، ومن ثم أباح الشرع لها أن تفطر في رمضان؛ من أجل ألا ينقص الغذاء عليها فتتعب هي ويتضرر الجنين، وهذه من حكمة الله عز وجل، كذلك أيضًا يلحقها وهن عند الطلق، أو لا؟ الطلق يُؤلِم ويُوجِع، ليس بالأمر الهيِّن؛ لأن الطلق -بإذن الله- يأتي من أجل أن ينقلب الجنين حتى يستعد للخروج، الجنين الآن في بطن أمه؛ وضعه أن رأسه إلى جهة رأس الأم ووجهه إلى جهة ظهر الأم، وظهره إلى جهة بطنها، فهو معاكس لأمه في الاستقبال، وهذه من الحكمة؛ لأنه إذا كان وجهه إلى الظهر صار الظهر حاميًا له؛ لأنه عظام يحمي وجه الجنين، لو كان وجه الجنين إلى وجه أمه كان ما هناك شيء يحميه، وكان أدنى -مثلًا- ضربة أو شيء تصيب وجهه، لكن من حكمة الله عز وجل أنه جعله هكذا، ولذلك قال العلماء: لو ماتت امرأة كافرة كتابية حامل بولد من مسلم، كيف تُدفن؟
* طالب: يجعل ظهرها إلى القبلة.
* الشيخ: تدفن على جنبها الأيمن وظهرها إلى القبلة.
* الطالب: الأيمن ولَّا الأيسر؟ ما يصير على الأيسر؟
* الشيخ: لا، الأيمن، مو بالأيمن؟
* الطالب: يصير الأيسر؟
* طالب آخر: (...).
* الشيخ: إي نعم، على جنبها الأيسر، إن أمكن أن تُدْفن وحدها، لا في مقابر المسلمين ولا في مقابر الكفار فهو أولى، فإن تعذر فإنها تُدفن في مقابر المسلمين على جنبها الأيسر ليكون الولد على الجنب الأيمن مستقبل القبلة.
طيب الطلق يحصل عند انقلاب هذا الولد، هذا الولد سينقلب عند الوضع لأجل أن يكون رأسه هو الأسبق حتى يخرج، أول ما يخرج من الجنين هو الرأس، تتألم من هذا الطلق بلا شك، ثم عند الولادة أيضًا تتألم ولَّا لا؟ نعم، تتألم ويلحقها ضعف، وربما يلحقها إغماء وتعب، وربما تموت، فالله تعالى يُذكِّر الإنسان حال الأم في هذه الأحوال التي كلها أحوال ضعْف على ضعْف.
* طالب: بعضهم يقول: ينقلب في الشهر السابع..
* الشيخ: لا، المعروف أنه ينقلب عند الولادة وأن هذا الطلق منه.
قال: (﴿﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ﴾ ﴾ [لقمان: ١٤] أي ضعفت للحمل، وضعفت للطلق، وضعفت للولادة. ﴿﴿وَفِصَالُهُ﴾ ﴾ [لقمان: ١٤] أي فطامه ﴿﴿فِي عَامَيْنِ﴾ ﴾)
﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْن﴾ يقول المؤلف: (فطامه) لكن مضافًا إليها مدة الحمل أو لا؟ مضافًا إليها مدة الحمل ولا مخرج منها مدة الحمل؟
* الطالب: مخرج.
* الشيخ: مخرج منها مدة الحمل؛ لأن الله قال في آية أخرى: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ [الأحقاف ١٥]، فإذا أسقطنا أقل مدة الحمل ستة أشهر بقي أربعة وعشرون شهرًا وهي عامان.
* طالب: ﴿وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ﴾ المراد بـ على (...).
* الشيخ: الاستعلاء يعني: وهنًا مضافًا على وهن، مثلما تقول مثلًا: وضعت كيسًا على كيس ولبنةً على لبنة وما أشبه ذلك.
* الطالب: والوهن (...) وهن قديم، ولا وهن حديث (...) بسبب الحمل ضعف..
* الشيخ: كله بسبب الحمل، قال: بس ها ذاك عند نشئه، والثاني عند الطلق، والثالث عند الولادة.
﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْن﴾ [لقمان ١٤] (وقلنا له: ﴿﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾ ﴾ [لقمان: ١٤]) (فصاله في عامين) يعني أنه لا ينفصل من أمه إلا بعد عامين فيضاف إلى الحمل مدة الفصال، مدة الفصال فيها تعب ولَّا لا ؟ فيها تعب لا شك، تُرضِعه، وتسهر لسهره، ويتألم قلبها لألمه، وتُصلح شأنه من تنظيفه، وتنظيف ثيابه، وحمله عند البكاء وغير ذلك، إذن فهي في تعب من حين يُحمل إلى أن يُفصل بعد ولادته في عامين، ولم يذكر الله سبحانه وتعالى في حق الأب شيئًا فما تقولون؟ ليبين.
لأن الأب في الغالب يُتَّقى ويخشى، فلا حاجة إلى أن يُبيَّن ما يناله من ابنه حتى يكون حافزًا للابن على القيام بحقه، لكن الأم لما كانت ضعيفة وربما يتهاون الإنسان بحقها ذكر الله سبحانه وتعالى من أحوالها ما يكون سببًا لقيام الابن بواجبه، وهذا ترونه كثيرًا في القرآن، الشيء الذي يُخشى فيه التهاون يؤكد، مثال ذلك الوصية والدين في التركة أيهما يُقدَّم؟ يُقدَّم الدَّيْن على الوصية بالإجماع، ومع ذلك ذكر الله تعالى الوصية في آيات المواريث قبل الدَّيْن، قدَّمها في الذكر على الدَّيْن، لماذا؟ لأن الوصية حق قد يتهاون به الورثة، والدين لو تهاون به الورثة فوراءه.
* طالب: من يُطالب به.
* الشيخ: من يطالب به، صاحبه، فالله عز وجل قد يدعم الأشياء التي يخشى فيها التهاون بأوصاف تحمل على القيام بما ينبغي أن يقوم به، فهنا لما كانت الأم ضعيفة، وكان الإنسان قد يَعتدي عليها وعلى حقها أكثر ذكر الله تعالى من أسباب بِرِّها الموجِبة ما لم يذكره في حق الأب، وأظننا كلنا نعلم أن الابن دائمًا يعتدي على أمه بالسب والشتم، وربما بالضرب، لكن على أبيه ما يستطيع، ولا يعتدي عليه كمثل اعتدائه على أمه، وإذا لم يقم بحقه فإن أباه يفرض ذلك عليه، فلهذا ذكر الله تعالى هذه الصفات في الأم؛ ليكون حثًّا لنا على القيام بحقها (...).
* * *
﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ [لقمان ١٠].
* يستفاد منها: إثبات خلق الله للسماوات، ويتفرع على هذه الفائدة إبطال قول الفلاسفة بقِدم الأفلاك، الفلاسفة يقولون: إن الأفلاك قديمة، وأنها لا تتغير؛ لأن القديم عندهم الذي لا ابتداء له، وما لا ابتداء له لا انتهاء له، فيكون في هذا إبطال لقول الفلاسفة: إن الأفلاك قديمة، وأنها لا تتغير، ومن ثم أنكروا إنكارًا شديدًا انشقاق القمر، وقالوا: القمر ما يمكن ينشق؛ لأنه من الأفلاك، وإنما معنى قوله: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ [القمر ١] أي بان صدق الرسالة، وأنكروا الأحاديث الواردة في ذلك والتي تلقتها الأمة بالقبول.
* ويستفاد من هذه الآية الكريمة: بيان قدرة الله عز وجل في خلق هذه السماوات العظيمة ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾ [الذاريات ٤٧].
* ويستفاد منها: بيان القدرة من وجه آخر، وهي أن هذه السماوات العظيمة والسقف الواسع بغير عمد؛ لقوله: ﴿بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ [لقمان ١٠]، وأظننا لو رأينا بناءً واسعًا ما فيه أعمدة لكنا نتعجب من هذا البناء كيف هذا البناء الواسع ما فيه عمد مع أن بناء السماء أوسع وأعظم ومع ذلك بغير عمد؟
* ومن فوائد الآية الكريمة: ﴿وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِي﴾ بيان حكمة الله ورحمته في إلقاء الرواسي، كذا؟ و(رحمته) لئلا تميد بالخلق.
* ويستفاد من الآية الكريمة: أن الأرض تدور.
* طالب: لا.
* الشيخ: طيب، نشوف الآن نحط المعدن على النار ونصهره ونشوف الزيف من الحقيقي.
* يستفاد من الآية: أن الأرض تدور، كيف ذلك؟ يقولون: لأن قوله: ﴿أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ﴾ [لقمان ١٠] يدل على وجود أصل الحركة؛ لأن نفي الأخص يدل على وجود الأعم، ألم تروا إلى قوله تعالى: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ [الأنعام ١٠٣] حيث كان دليلًا على وجود أصل الرؤية أو لا؟ قوله تعالى: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ [الأنعام ١٠٣] مو هو دليل على أن الرؤية موجودة؟
ولهذا الآية استدل بها أهل السنة على إثبات رؤية الله، وأهل البدعة على نفي رؤية الله، ولكن الصواب مع أهل السنة؛ لأن نفي الأخص يقتضي وجود الأعم؛ إذ ليس من المعقول أن يُنفى الأخص مع انتفاء الأعم، ثم لا يتطرق له، لو كان الأعم منتفيًا لوجب أن يُنفى الأعم لأجل يدخل فيه الأخص، لو كان الله لا يُرى لقال عز وجل: لا تراه الأبصار. حتى تنتفي الرؤية، وينتفي الإدراك من باب أولى، أليس كذلك؟ فلما قال: ﴿لَا تُدْرِكُهُ﴾ عُلِم أن أصل الرؤية موجود لكنه لا يُدرك سبحانه وتعالى.
هنا لما قال: ﴿أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ﴾ -والْمَيدان الاضطراب- عُلِم أن أصل الحركة موجودة، لكن هذه الرواسي لأجل اتزان الحركة حتى لا تضطرب، هذا هو تقدير من يرى أن في الآية دليلًا على أن الأرض تدور، أما الذين يقولون: فيه دليل على أن الأرض لا تدور فيقولون: إننا لا نُسلِّم أن الْمَيَدَان بمعنى الاضطراب بل نقول: إن الميَدَان هو الحركة ﴿أَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ﴾ [لقمان ١٠] أن ترسو ولا تتحرك، فيفسرون الميدان بأصل أو بمطلق الحركة، وإذا كان الأمر كذلك فإن الواجب أن نرجع إلى اللغة العربية، فإذا كانت اللغة العربية تدل على أن الميدان هو الاضطراب، فنحن نقول: إن فيها دليلًا على وجود أصل الحركة، وإذا كانت اللغة العربية تقول: إن الميدان هي الحركة فإننا نقول: فيه دليل على أنها لا تدور.
ونحن إذا قلنا: إنها تدور، لا ينقص الله شيئًا، بل هو في الواقع زيادة في قدرته سبحانه وتعالى حيث تدور هذه الأرض بجميع ما فيها من بحار وأنهار وأشجار ومدر وحجر، وكل شيء، تدور ومع ذلك بهذا الاتزان البديع الذي لا يتغير، هذا دليل على قدرة الله عز وجل، كما أن سكونها وهي على الماء دليل على قدرة الله سبحانه وتعالى، لكن الشيء الذي يجب أن يُنكر حتى يتبين لنا كالشمس هو القول بأن اختلاف الليل والنهار بسبب دوران الأرض، هذا لا نُسلِّم به، بل نقول: إن الليل والنهار بسبب دوران الشمس على الأرض؛ لأن هذا هو ظاهر القرآن، ولا يمكن أن نتزحزح عنه إلا بدليل نشوفه مثل الشمس، فإن الله عز وجل أثبت الفعل للشمس: ﴿وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ﴾ [الكهف ١٧] ولم يقل: إذا طلع الكهف عليها يتزاور، وأثبت ﴿تَزَاوَرُ﴾، ولو كانت الحركة للأرض لكانت الأرض هي التي تزاور.
﴿وَإِذَا غَرَبَتْ﴾ [الكهف ١٧] هذا الفعل الثالث، ولو كان الأرض هي اللي تدور التي يكون بدورانها اختلاف الليل والنهار لقال: وإذا غربت الأرض، أو خفي جزء الأرض، أو ما أشبه ذلك. و(تقرضهم) نفس الشيء فعل، والنبي عليه الصلاة والسلام أخبر لما قال لأبي ذر: «أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ؟»[[متفق عليه؛ البخاري (٣١٩٩)، ومسلم (١٥٩ / ٢٥٠) من حديث أبي ذر.]]. لما غربت الشمس. فأخبر أنها تذهب هي بنفسها، فالصواب -بلا شك- هو هذا إلا إذا ظهر لنا دليل مثل الشمس فإنه يمكن أن تؤول هذه الآيات إلى أن المعنى غربت وطلعت باعتبار رؤية الرائي، وإن كان الرائي هو اللي طالع، أنت تسير في سيارة، وفي سيرك طلع عليك مثلًا ناقة تقول: طلعت عليَّ ولَّا لا؟ بينما أسير إذ طلع عليَّ ناقة ما هي (...)، تقول: طلعت عليَّ مع أنك أنت اللي طلع عليها، هذا ممكن لغةً، لكن ما دمنا لم نتيقن هذا الأمر، وإنما هي نظريات من قوم لا يؤمنون بالقرآن ولا بالشرائع، فإننا لا نقبل ذلك منهم بل نأخذ بظاهر كلام الله عز وجل.
فإن قال قائل: إن قولكم هذا يناقض قولكم بإمكان دوران الأرض؟ لأنه إذا أمكن دوران الأرض لزم أن يكون تعاقب الليل والنهار بسبب دورانها.
فنقول: إن هذا لا يلزمنا؛ لأنه من الممكن أن يدور هذا وهذا، وتكون حركة الشمس ودورانها أسرع، وإذا كان أسرع لزم من ذلك أن تطوف بالأرض ولو مع دوران الأرض؛ يعني ممكن تكون الأرض تدور قليلًا، وهذه تكون أكثر فيمكنها أن تلف على الأرض.
فالحاصل أن هذه المسائل لا شك أن الواجب على المؤمن أن يأخذ بظاهر القرآن والسنة، هذا الواجب، في الأمور الغيبية، وفي الأمور التي لا يمكنه إدراكها حسًّا، ثم إذا تبين له بعد ذلك بالحس أن ظاهر القرآن غير مراد فإننا يجوز لنا، بل يجب علينا أن نؤول ظاهر القرآن، لماذا؟ لأنه لا يمكن أن يتعارض القرآن مع الواقع، مستحيل هذا، ولو أننا جوَّزنا ذلك عقلًا للزم أن يكون في القرآن ما هو كذب؛ لأن الكذب هو خلاف الواقع، وهذا أمر مستحيل.
ولذلك يجب علينا -يا إخواننا- أمام هذه النظريات أن نجعلها كأحاديث بني إسرائيل ما وافق القرآن فهو حق وأخذنا به، ولكننا لا نأخذ به على أنه هو الذي أثبته بل على أن القرآن هو الذي أثبته، وإنما نقول ذلك لئلا يكون لهم الفضل علينا.
ثانيًا: ما خالف القرآن وجب علينا رده.
الثالث: ما لا نعلم موافقته للقرآن ولا مخالفته، فهذا العقل والشرع يقتضي أن نتوقف ونقول: إننا لا نصدق ولا نكذب، وحينئذٍ يحتاج الإنسان طالب العلم إلى أن يتعمق ويتأمل وينظر نظرًا عميقًا جدًّا في نصوص الكتاب والسنة حتى لا يحكم بأن الواقع يخالفها فيكون في ذلك رد فعل لمن لا يؤمنون بالإسلام؛ يعني مثلًا لو أن أحدًا أنكر مثل هذه النظريات بدون تأمل في دلالة الكتاب والسنة، أنكرها على طول كما يفعل من بعض العامة فهذا -في الحقيقة- ليس من خدمة الإسلام، هذا أخذ الإنسان خنجرًا بيده، وطعن به صدره وهو لا يشعر، فالواجب تجاه هذه الأمور -مثلما قلت لكم- أن نعرضها على الكتاب والسنة، فما وافق الكتاب والسنة فهو حق؛ لكونه وافق الكتاب والسنة، وما خالفهما فهو باطل، وما لا تُعْلم موافقته ولا مخالفته فالواجب فيه التوقُّف، وأن يقول الإنسان: إن تبين لي بحسب إدراكي أنا، وإن كان علمي قاصرًا في هذه العلوم فأنا أصدق به، إذا لم يظهر لي فأنا لست ملزمًا بأن أصدق أو أكذب، أقف من هذا موقف المحايد، وهذا هو العقل وهو الشرع.
* طالب: يا شيخ، هذه النظرية هذه تخالف القرآن.
* الشيخ: ويش هي؟
* الطالب: لأن يقولون: الشمس ثابتة، والأرض هي اللي تدور عليها.
* الشيخ: إحنا ما قلنا: مسألة الشمس ثابتة أبطلناها قلنا: هذا ما يجوز.
* الطالب: طيب هذه نظرية؟
* الشيخ: هذه نبطلها، مع أنهم يقولون: إن الشمس ما هي بثابتة.
* الطالب: كيف؟
* الشيخ: إنها تدور في الأوج العالي تسير سيرًا عظيمًا، قرأت كتيبًا صغيرًا اسمه علم الفلك القديم يقول: تنطلق في الثانية ما أدري والله آلاف الملايين الأميال في الثانية، إي بس هذا..
* الطالب: (...).
* الشيخ: ما ندري..
* الطالب: أحيانًا يقولون: ثابتة، وأحيانًا يقولون..
* الشيخ: والله أنا ما رأيت أن أحدًا يقول: ثابتة.
* الطالب: الميدان الفرق (...).
* الشيخ: اللي يظهر لي من لفظه، وأنا ما راجعت في الحقيقة كتب اللغة، لكن اللي يظهر من لفظه إن (ماد، يميد) بمعنى اضطرب، تحرك باضطراب، وعلى كل حال الآن هذه نضعها بين أيديكم لمراجعة ما يمكن من كتب اللغة، وإن شاء الله تأتونا بالنتيجة بعد.
* ومن فوائد الآية الكريمة: بيان قدرة الله عز وجل في نشر هذه الدواب في الأرض؛ لقوله: ﴿وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ﴾ [البقرة ١٦٤] أي: نشر، وجه دلالتها على القدرة اختلاف هذه الدواب في أجناسها وأنواعها وأشكالها وأحوالها ولَّا لا؟ وقد سبق لنا بيان بعض الحكم في خلق ما هو ضار منها، وذكرنا أظن كم حكمة؟
* طالب: ثلاثة.
* الشيخ: لا، إما ستة أو سبعة، ذكرنا عدة حكم في خلق هذا الضار.
* ومن فوائد الآية الكريمة: بيان قدرة الله أيضًا وحكمته ورحمته في إنزال الماء من السماء، القدرة أننا نجد هذا الماء ينزل من فوق، فمعنى ذلك أن بحارًا عظيمة تطوف بالأرض بين السماء والأرض، وقد قال الله تعالى في آية أخرى: ﴿وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ﴾ [النور ٤٣] سبحان الله، جبال بين السماء والأرض من البرد، ينطلق منها هذه الأجزاء حتى ينزل على الأرض، ولو شاء الله تعالى لأنزل الجبل جميعًا على الأرض.
* قلنا فيها أيضًا: دليل على الرحمة حيث كان نزوله من العلو لأجل يشمل المرتفع والمنخفض.
* وفيه أيضًا: دليل على الرحمة أن هذا الماء لنا فيه فائدتان عظيمتان: إنبات ما ينبت منه، والثاني: خزنه في الأرض. و﴿فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِين﴾ [الحجر ٢٢]، وقال تعالى في آية أخرى: ﴿فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ﴾ [الزمر ٢١]، وقال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ﴾ [الواقعة ٦٨، ٦٩] ففيه إذن مادة حياة الإنسان في طعامه وفي شرابه.
* طالب: ﴿فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ﴾ [المؤمنون ١٨].
* الشيخ: نعم.
* ومن فوائد الآية أيضًا: إثبات الأسباب؛ لقوله: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا﴾ [لقمان ١٠] من أين نأخذ إثبات الأسباب؟ من فاء السببية ﴿فَأَنْبَتْنَا﴾، وإثبات الأسباب من حكمة الله عز وجل فالمنكِر للأسباب طاعن في حكمة الله لا شك؛ لأن الله حكيم جل وعلا.
القدرة أن من يجد هذا ما ينزل من فوق، فمعنى ذلك أن بحارًا عظيمة تطوف بالأرض بين السماء والأرض، وقد قال الله تعالى في آية أخرى: ﴿وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ﴾ [النور ٤٣]، سبحان الله! جبال بين السماء والأرض من البرد، ينطلق منها هذه الأجزاء حتى ينزل على الأرض، ولو شاء الله تعالى لأنزل الجبل جميعًا على الأرض.
قلنا: فيه أيضًا دليل على الرحمة، حيث كان نزوله من العلو، لأجل يشمل المرتفع والمنخفض، وفي هذا دليل على الرحمة، أما هذا الماء لنا فيه فائدتان عظيمتان: إنبات ما ينبت منه. والثاني: خزنه في الأرض ﴿فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ﴾ [الحجر ٢٢]، وقال تعالى في آية أخرى: ﴿فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ﴾ [الزمر ٢١]، وقال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ﴾ [الواقعة ٦٨، ٦٩]. ففيه إذن مادة حياة الإنسان، وفيه طعامه، وفيه شرابه.
* ومن فوائد الآية أيضًا: إثبات الأسباب؛ لقوله: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا﴾ [لقمان ١٠] منين نأخذ إثبات الأسباب؟ من فاء السببية ﴿فَأَنْبَتْنَا﴾، وإثبات الأسباب من حكمة الله عز وجل، فالمنكر للأسباب طاعن في حكمة الله لا شك؛ لأن الله حكيم جل وعلا، كل شيء عنده بسبب لتقوم الأشياء وتمشي على نظام.
* ومن فوائد الآية الكريمة: بيان قدرة الله عز وجل على تصنيف هذا النبات مع أن أرضه واحدة وماءه واحد، من قوله: ﴿مِنْ كُلِّ زَوْجٍ﴾ أي من كل صنف، ترى هذه الشجرة كبيرة، وهذه صغيرة، هذه خضراء، وهذه بنية، هذه زهرتها بيضاء، وهذه صفراء بلون آخر؛ ألوان مختلفة مع أن الماء واحد والأرض واحدة، وهذا دليل على كمال قدرة الله عز وجل.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن هذا النابت فيه منفعتان لنا، وهما: النظر إليه والبهجة والسرور به، ولهذا إذا وقف الإنسان على روضة معشبة تتكفأ الرياح أزهارها يجد سرورًا وأنسًا.
ثانيًا: ما يحصل من هذا النبات من المنافع لنا ولبهائمنا، قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (٢٨) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (٢٩) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (٣٠) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ﴾ [عبس ٢٦ - ٣٢] (...).
في قوله: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ﴾ أن السماوات أجرام مفتوحة، ومن أنكرها، أنكر أن السماء (...) مكذب للقرآن، والمكذب للقرآن يكون كافرًا، وهذه مسألة خطيرة؛ لأن من لا يؤمنون بالله واليوم الآخر لا يقرون بأن هناك أجرامًا سماوية، يقولون: أفلاك، ومجرات، ونجوم، وما أشبه ذلك، ولا يقرون بالسماء، والذي يصدقهم في ذلك مكذب للقرآن فيكون كافرًا به والعياذ بالله (...).
* * *
قال الله تعالى: ﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ [لقمان ١١].
* يستفاد من هذه الآية الكريمة: الاستدلال بتوحيد الربوبية على توحيد الألوهية؛ لقوله: ﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ﴾ يعني مخلوقًا، وهم يقرون بأنه خلْق الله، فإذا أقروا به لزمهم الإقرار بتوحيد الألوهية؛ وعلى هذا فنقول: يؤخذ من هذه الآية الاستدلال بتوحيد الربوبية على توحيد الألوهية، ولهذا نظائر في القرآن، منها قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة ٢١] فقال: ﴿اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾ يستدل بكونه ربًّا خالقًا على أنه يجب أن تكون العبادة له وحده، وهذا دليل عقلي ملزم.
* ومن فوائد الآية الكريمة: الاستدلال بالأظهر على ما يقره الخصم، فإن هذا استدلال بأمر ظاهر واضح على أمر ينكره الخصم وهو إنكار انفراد الله تعالى بالألوهية.
* ومن فوائد الآية الكريمة: استعمال التحدي في المناظرة؛ لقوله: ﴿فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن أولئك المنكرين لتوحيد الألوهية ظالمون، وفي ضلال مبين؛ لقوله تعالى: ﴿بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [لقمان ١١].
* ومن فوائد الآية الكريمة: عجز جميع الأصنام المعبودة أن يخلقوا مثل خلق الله؛ لقوله: ﴿فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾. وإذا كانت عجزت عن الخلق، كانت غير مستحقة للعبادة. قال الله عز وجل: ﴿ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ﴾ [الحج ٧٣] زد على ذلك: ﴿وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ﴾ [لقمان ١٢] الآية إلى آخره. في هذه الآية الكريمة بيان منة الله سبحانه وتعالى على لقمان في إعطائه الحكمة ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ﴾.
* ومن فوائدها: أن الحكمة قد ينالها من ليس بنبي؛ لأن لقمان على قول الجمهور ليس نبيًّا.
* ومن فوائدها: وجوب الشكر لله؛ لقوله: ﴿أَنِ اشْكُرْ﴾.
* ومنها؛ أي من الفوائد: أن شكر الله من الحكمة؛ لأن قوله: ﴿أَنِ اشْكُرْ﴾ هذا من تفسير الحكمة، فالشكر لله لا شك أنه من الحكمة؛ لأن الحكمة هي موافقة الصواب، أو وضع الشيء في موضعه، ولا شك في أن شكر الله موافق للصواب، وأنه وضْع للشيء في موضعه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الشاكر ثوابه لنفسه ﴿وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾.
* ومنها: أن الله تعالى لا ينتفع بطاعة الطائعين، فطاعة الطائعين لأنفسهم، يتفرع على هذه الفائدة أن أمر الله عز وجل عباده بعبادته أنه مجرد إحسان إليهم؛ لأن هذا النفع لهم، كما لو كنت تربي الصغير وتقول: كل من هذا الطعام، والبس هذا الثوب، واشرب هذا الماء، فأنت تأمره، لكن الأمر لمصلحته هو.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الكافر لا يضر الله شيئًا؛ لقوله: ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾. وفي الحديث القدسي: «يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا»[[أخرجه مسلم (٢٥٧٧ / ٥٥) من حديث أبي ذر.]].
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات هذين الاسمين لله عز وجل؛ وهما الغني والحميد، وإثبات ما تضمنه من صفات، وهي الغنى والحمد سواء كان حامدًا أو محمودًا.
* ومن فوائدها: اتصاف الله تعالى بالصفة المركبة من الوصفين، وهما الغنى والحمد، فليس كل غني يحمد، وليس كل محمود غنيًّا. أما الله عز وجل فقد اجتمع في حقه الغنى مع الحمد، وذلك لكمال جوده وكرمه سبحانه وتعالى.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: منة الله على لقمان بالحكمة.
* الطالب: يعني كل حكيم على أن (...) لم يقل..
* الشيخ: ممكن يؤخذ من قوله: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ﴾ [لقمان ١٢]. كما أمره بالشكر بإتيان الحكمة يمكن يقال: يؤخذ منها أن كل من من الله عليه بالحكمة فعليه أن يشكر الله أكثر من غيره.
* طالب: (...).
* الشيخ: مدح الحكمة، نحن ذكرنا منة الله على لقمان بالحكمة هذه نعمة، أما مدحها فظاهر فيها أن الحكمة من أفضل ما يعطى الإنسان.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ﴾ [لقمان ١٣].
* من فوائد هذه الآية الكريمة: ملاطفة المخاطب باستدعاء قبوله لما يوجه إليه؛ لقوله: ﴿يَا بُنَيَّ﴾ فإن هذا من باب الملاطفة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أهمية هذه النصيحة؛ لأنها صدرت من أب مشفق إلى ابنه، فإذن هي من أهم ما يكون من الوصايا.
* ومن فوائد الآية الكريمة: تحريم الشرك بالله؛ لقوله تعالى: ﴿يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ﴾، هل يكفي هذا التعبير أن أقول: تحريم الشرك؟
* طالب: الغالب..
* الشيخ: لا، وأنا أظن بعدين. نقول: نعم، يكفي؛ لأن الله يقول: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا﴾ [الأعراف ٣٣].
قد يقول قائل: إذا سمع أني أقول: إن الشرك حرام، قال: ما يكفي أن تقول: بس حرام! يكفي؛ لأن الله قال هذا، لكنه أشد المحرمات إثمًا وظلمًا.
* ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب توحيد الله عز وجل؛ لأن النهي عن الشرك ويش يقتضي؟ وجوب التوحيد.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الشرك ظلم عظيم؛ لقوله: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾.
* ومن فوائدها: أنه ينبغي قرن الأحكام بعللها، للفوائد التي سبقت، من أين يؤخذ؟ قوله: ﴿لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن من أهم ما ينبغي العناية به التركيز على التوحيد وعدم الشرك؛ لأنه ذكر: ﴿لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ﴾ فبدأ به قبل كل شيء، وكان الرسول ﷺ إذا بعث أحدًا يدعو إلى الإسلام يأمره أول ما يبدأ به الدعوة إلى التوحيد؛ لأنها هي الأصل إذا لم يكن عند الإنسان توحيد فمن يعبد؟ لا بد أن يركز على التوحيد، ولكن لكل مقام مقال. إذا كنا في بلد يكثر فيها الشرك فإنه ينبغي أن يكون كلامنا في التوحيد أكثر، إذا كان في بلد بالعكس، لكن عندهم مخالفات في أمور أخرى، ينبغي أن يركز عليها أكثر، وذلك مأخوذ من طريقة القرآن.
ففي مكة كان التركيز على التوحيد في آيات القرآن أكثر، وفي المدينة كان التركيز على المعاملات وصور العبادات أكثر، فلكل مقام مقال؛ ولذلك قد يعترض بعض الناس ويقول: لماذا لا تكثرون كلامكم في التوحيد؟ (...) ولا سيما في نفس (...)؟
نقول: إن الكلام في التوحيد لا شك أنه مهم، وأنه أهم الأشياء لكن إذا كنا في قوم قد وحدوا -ولله الحمد- وعرفوا الأمر وهم بعيدون عن الشرك، وإنما يخالفون في أمور أخرى دون الشرك، فنحن نركز على ما فيها من المخالفة على أنه لو طرأ ما (...) التوحيد يجب أن يركز عليه، كما يوجد في الآونة الأخيرة من ظهور بعض الأشياء الشركية والبدعية، من هذه (...) اللي فيها أذكار وأوراد كلها كذب، أو غالبها كذب، فيجب أن يركز عليها.
كذلك أيضًا وجد تمائم تعلق، تمائم من النحاس يقال: إنها تنفع من الروماتيزم، هذا أيضًا نوع من الشرك، وكذلك أيضًا ما وجد من قضية الدبلة وما يتعلق بها؛ الرجل يكتب اسمه على خاتم امرأته، وهي تكتب اسمها على خاتم زوجها، ويعتقدون هذا موجب المحبة والاقتران كأنه رباط. هذا أيضًا من الشرك، وهو من التِّوَلة.
إذا طرأت مثل هذه الأمور يجب أن تحارب، وأن يركز عليها، وأن يكثر القول فيها حتى لا تنتشر، فالمهم أنه لكل مقام مقال، كما قيل.
* ويستفاد من هذه الآية الكريمة: توجيه المواعظ من الآباء إلى أبنائهم، وأن هذا من الحكمة، أو لا؟
لقوله: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ﴾ [لقمان ١٣].
* ومن فوائدها: أنه ينبغي للإنسان الموجه أن يقرن توجيهه بالموعظة؛ لقوله: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ﴾، فهل يكفي مثلًا أن تقول للإنسان: هذا حرام، وهذا واجب، أو ينظر في حال الشخص؟ نعم، ينظر في حال الشخص، من الناس من يكفي أن تقول له: إنه حرام أو واجب، ويمتثل، ومن الناس من لا يكفي أن تقول: هذا حرام أو واجب حتى تقرن ذلك له بموعظة فتقول: اتقِ الله، كيف تصر على هذا وهو معصية لله ورسوله؟ وما أشبه ذلك.
فالمهم أنه لكل مقام مقال، وكذلك أيضًا تذكر ما ورد به من الوعيد بالقرآن والسنة، كما لو فرض أنك توجه نصيحة إلى رجل مغمور بالمعاملة في الربا، فهذا ما يكفي أنك تقول له: حرام؛ لأنه عارف، ما أحد يشك أن الربا حرام، لكن يحتاج إلى موعظة تُلَيِّن قلبه للحق، وتقربه من الله.
* * *
ثم قال الله عز وجل: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ﴾ [لقمان ١٤].
* من فوائد الآية الكريمة: عناية الله عز وجل بمعاملة الوالدين؛ ولهذا أوصى بها سبحانه وتعالى وصية.
* ومن فوائدها: أنه سبحانه أرحم بالوالدين من أولادهما، أو لا؟ لأن الله أوصى الأولاد بالوالدين، إذن فهو أرحم بالوالدين من الأولاد، كما قلنا في قوله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ [النساء ١١] أن في الآية دليلًا على أن الله أرحم بالولد من والديه.
* فمن فوائد الآية الكريمة: بيان عِظَم حقوق الوالدين؛ ولهذا جعلها الله تعالى وصية، والوصية -كما سبق في التفسير- هي أن يعهد إلى شخص بأمر هام فضلًا عن عظم حقوق الوالدين.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن يذكر المخاطب ما يحمله على امتثال ما وكل إليه؛ لقوله تعالى: ﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه ينبغي تقوية الجانب الضعيف، بما يقويه من أين تؤخذ؟ من قوله: ﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾ فإن الله تعالى ذكر ما يحصل للأم إغراءً بالقيام بحقها، ولم يذكر ما يحصل للأب؛ لأنه كما قلنا في التفسير الأم ضعيفة تحتاج إلى من يقوي جانبها.
وهل يُستفاد منه أن حق الأم أوجب من حق الأب؟
* طلبة: لا.
* الشيخ: كيف؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، الحديث واضح، لكن من الآية.
* طالب: ذكر العلماء (...).
* الشيخ: لأنه ذكر ما تعانيه الأم من مشاق إشارة إلى أنها أحق؛ لأنه بالنسبة للأب ما يجد في ابنه من هذه المشاق، ولكن الأم هي التي تجد، صحيح أن الأب قد يتحمل مشاق أخرى وحصول النفقة وما أشبه ذلك. لكن الأم، الألم البدني ما يكون بالأب.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه ينبغي للأم أن تصبر على ما ينالها من مشقة الحمل؛ لأنه أمر طبيعي؛ لقوله: ﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ﴾.
* يتفرع من هذه الفائدة: بيان خطأ بعض النساء اليوم اللاتي لا يقدرن على وهن الحمل، فتجد المرأة تستعمل حبوبًا لمنع الحمل، تقول: لأن الحمل تعب ومشقة، وما أشبه ذلك.
وبعض النساء يحاولن أن يلدن عن طريق العملية، تقول: لأنه أخف، كل هذا فرارًا مما جبلت عليه المرأة من الضعف عند الحمل وعند الطلق، وعند الولادة. نعم، إذا احتاج الأمر إلى عملية فهذا لا بأس به للضرورة، وإلا فإنه لا ينبغي ذلك؛ لأن هذا خلاف ما فطر الله عليه المرأة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن أقل الحمل ستة أشهر من قوله: ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾. وقد قال تعالى في سورة الأحقاف: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ [الأحقاف ١٥]، فإذا خصمت عامين من ثلاثين شهرًا كم بقي؟
* طالب: ستة.
* الشيخ: بقي ستة أشهر. وذكر ابن قتيبة في المعارف أن عبد الملك بن مروان ولد من ستة أشهر وهو الخليفة المحنك كما هو معروف، ولد لستة أشهر، ويقول الخبراء في هذه الأمور: إنه إذا ولد لستة أشهر يمكن يعيش، لكن لسبعة أشهر قد لا يعيش. وهذا حكمة (...).
* طالب: احتمال أنه ما يعيش.
* الشيخ: (...).
للوالدين كما يجب الشكر لله؛ لقوله: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾.
* ومنها: أنَّ شكر الله تعالى مُقدَّم على غيره؛ لأنه قدَّمه في قوله: ﴿أنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾ فقدَّم الشكر له على شكر الوالدين مع عِظم حقهما.
* ومِن فوائد الآية الكريمة: أن مرجع الأمور إلى الله؛ في قوله: ﴿إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾، وتقديم الخبر يدل على الحصر أنه إلى الله وحده.
* ومِن فوائد الآية الكريمة: التحذير والتخويف من المخالفة؛ لأن قوله: ﴿إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ يعني وسأحاسبك أيها الإنسان، فصلة هذه الجملة بما قبلها أنها تُفيد التهديد والتحذير للمخالف.
{"ayahs_start":11,"ayahs":["هَـٰذَا خَلۡقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِی مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِینَ مِن دُونِهِۦۚ بَلِ ٱلظَّـٰلِمُونَ فِی ضَلَـٰلࣲ مُّبِینࣲ","وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا لُقۡمَـٰنَ ٱلۡحِكۡمَةَ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِلَّهِۚ وَمَن یَشۡكُرۡ فَإِنَّمَا یَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِیٌّ حَمِیدࣱ","وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَـٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ یَعِظُهُۥ یَـٰبُنَیَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِیمࣱ","وَوَصَّیۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ بِوَ ٰلِدَیۡهِ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنࣲ وَفِصَـٰلُهُۥ فِی عَامَیۡنِ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِی وَلِوَ ٰلِدَیۡكَ إِلَیَّ ٱلۡمَصِیرُ"],"ayah":"وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا لُقۡمَـٰنَ ٱلۡحِكۡمَةَ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِلَّهِۚ وَمَن یَشۡكُرۡ فَإِنَّمَا یَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِیٌّ حَمِیدࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق