الباحث القرآني

ثم قال الله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾. الخطاب في قوله: ﴿قُلْ﴾ للرسول ﷺ. وقد مر بنا قاعدة: أن الله تعالى إذا صدّر الشيء بـ﴿قُلْ﴾ الموجه للرسول ﷺ فإنه يقتضي زيادة العناية به؛ لأنه أمرٌ بأن يبلغ هذا الشيء أيش؟ لخصوصه، وإلا فإن جميع فإن القرآن مأمور النبي عليه الصلاة والسلام أن يقوله. ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ﴾ أهل الكتاب يعني بهم اليهود والنصارى، وعلى هذا فالمراد بالكتاب الجنس؛ ليكون شاملًا لأيش؟ ذكرت أن المراد بأهل الكتاب اليهود والنصارى، وقلت: على هذا يكون الكتاب للجنس ليكون شاملا؟ * طالب: اليهود والنصارى. * الشيخ: لا. * طالب: التوراة والإنجيل. * الشيخ: التوراة والإنجيل، فـ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ﴾ يعني يا أهل التوراة والإنجيل، وإنما خاطب هؤلاء بأهل الكتاب، أو وصفهم بذلك لأنه لا يوجد كتب منزلة باقية آثارها إلا التوراة والإنجيل، ولهذا سموا أهل الكتاب، وإلا فإنه ما من رسول إلا ومعه كتاب يدعو به؛ كما قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ﴾ يعني مع الرسل ﴿الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ﴾ [الحديد ٢٥] لكن الكتب التي بقيت وأثرت وإن كان فيها شيء من التغيير هي التي عند اليهود وعند النصارى. ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ﴾ من المراد بهم؟ اليهود والنصارى. هنا لو قال لنا قائل: ﴿أَهْلَ الْكِتَابِ﴾ فسرها بمرادها وبلفظها؟ نقول: نفسرها بلفظها أي يا أصحاب الكتاب، يا من حُملتم الكتاب، هذا سماه: تفسير لفظي. التفسير المرادي يعني: مراد به من؟ اليهود والنصارى، فالتفسير اللفظي هو الذي تُفسر به الكلمة بقطع النظر عن المراد بها، والتفسير المرادي الذي هو مقصود الكلام هو من يُراد بالكلام. ﴿تَعَالَوْا﴾ يعني أقبلوا، و(تعال) فعل أمر، وليست اسم فعل، خلافًا لمن زعم من النحويين أنها اسم فعل. والدليل على أنها فعل: لحوق الفاعل بها، يعني: اتصال الضمير بها، واسم الفعل لا يتصل به ضمير، تقول: (تعالَوْا) للجماعة، (تعاليا) لمن؟ للمثنى، (تعالَيْن) لجماعة الإناث، (تعالَيْ) للواحدة، فإذن هي فعل، يعني أقبلوا، بخلاف (هلم)، (هلم) هذه اسم فعل. الدليل: لأنها لا تتغير ولا يلحقها الضمير ﴿وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا﴾ [الأحزاب ١٨] ولم يقل: هلموا إلينا. ﴿تَعَالَوْا﴾ أقبلوا إلينا، ﴿إِلَى كَلِمَةٍ﴾ وفسرها بقوله: ﴿أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ﴾، لكن وصف هذه الكلمة قبل أن يفسرها: ﴿سَوَاءٍ﴾ سواء يعني: عدل، لأن سواء هنا مصدر بمعنى اسم الفاعل، أي مستوية، ليس فيها حيف، مستوية بيننا وبينكم، والمستوية بين الضد وضده، يعني أنها عدل، ليس فيها جنف من هؤلاء ولا من هؤلاء، سواء. إذن سواء مصدر أيش؟ بمعنى اسم الفاعل، أي مستوية بيننا وبينكم، يعني: عدل، لا فيها ميل لنا ولا ميل لكم. ﴿بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾ الضمير في ﴿بَيْنَنَا﴾ يعود على المسلمين ﴿وَبَيْنَكُمْ﴾ الضمير على أهل الكتاب. ما هذه الكلمة ﴿أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ﴾؟ هذه الكلمة سواء، كل الرسل متفقون على هذه الكلمة؛ من نوح إلى محمد ﷺ ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء ٢٥]. فإذا كانت الرسل عليهم الصلاة والسلام متفقين على هذه الكلمة إذن فإذا دعوناكم إليها فهذا عدل ليس فيه حيف. سواء بيني وبينكم هي ألا نعبد إلا الله، وعلى هذا فيكون موضع قوله: ﴿أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ﴾ الجر، على أنها عطف بيان لأيش؟ لـ ﴿كَلِمَةٍ﴾، ويجوز أن تكون خبر مبتدأ محذوف، أي هي أيش؟ ألا نعبد. قوله: ﴿أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ﴾ نعبد أي نذل ونخضع لغير الله عز وجل، لا نخضع ولا نذل الذل المطلق إلا لله وحده عز وجل؛ لأن العبادة يراد بها الذل والخضوع الكامل المطلق، ويراد بها المتعبد به، يعني تطلق على معنيين: تطلق على فعل العبد، وتطلق على مفعول العبد، العبادة تطلق على فعل العبد ومفعول العبد، فإذا كانت على فعله فهي التذلل والخضوع، إذا كانت على مفعوله فهي العبادات التي يقوم بها والتي فسرها شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه. وهنا ﴿أَلَّا نَعْبُدَ﴾ إما أن يقال بشمول هذين المعنيين، وإما بأن المراد بها فعل العبد، يعني ذل العبد وخضوعه. ﴿إِلَّا اللَّهَ﴾ وحده، واستفدنا الوحدانية هنا من أيش؟ من الحصر؛ لأن (لا) نافية و(إلا) مثبتة، وإذا جاء الكلام بهذه الصيغة نفي وإثبات صار دالا على الحصر. من يخالف في هذا؟ يخالف النصارى، ما يعبدون الله وحده، يعبدون من؟ عيسى وأمه، وكذلك اليهود قالوا: عزير ابن الله. ﴿وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا﴾، ﴿وَلَا نُشْرِكَ﴾: الإشراك معناه التسوية، و(شيئا) نكرة في سياق النفي فتعم كل شيء، وهذا تحقيق للتوحيد، تحقيق، كيف كان تحقيقا؟ لأن المراد بهذا النفي إثبات كمال الضد، فهنا المنفي الإشراك؛ لإثبات كمال ضده، وهو التوحيد، أي أن نعبده عز وجل عبادة لا شرك فيها، وذلك أن العبادة قد يكون فيها شرك، قد يكون الإنسان عابدا لله لكن العبادة مخلوطة بالشرك، فإذا قلت: اعبد ربك ولا تشرك به، صارت عبادة خالية من أيش؟ من الشرك. ولهذا نعتبر الجملة الثانية ﴿وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا﴾ نعتبرها من حيث المعنى توكيدا للتوحيد في قوله: ﴿أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ﴾. وقوله: ﴿شَيْئًا﴾ يشمل أي شيء كان، من بشر أو ملك أو جن أو جماد، أي شيء، واستفدنا هذا العموم من أين؟ من أنها نكرة في سياق النفي، والنكرة في سياق النفي للعموم. أضرب لكم مثلا يبين لكم هذا: إذا قلت لك: افعل شيئا، ففعلت شيئا من الأشياء وتركت أشياء، هل هذا للعموم؟ لا، (افعل شيئا): (شيئا) الآن ما هي للعموم؛ لأنها نكرة لكنها في سياق الإثبات، وإذا قلت: لا تفعل شيئا، صارت للعموم، يعني أي شيء تفعله فأنت مخالف، ولهذا من قواعد الأصول عندهم أن النكرة في سياق الإثبات للإطلاق، والنكرة في سياق النفي للعموم. النكرة في سياق الإثبات للإطلاق، وفي سياق النفي للعموم، كذا؟ أنا ذكرت لك قبل قليل إذا قلت: افعل شيئا، ولندع (افعل شيئا) ونجيب مثال أوضح: (أعتق رقبة)، هذا لأيش؟ للإطلاق؟ يعني أي رقبة تكون أعتقها ويحصل الامتثال. (لا تعتق رقبة) هذا للعموم، لو أعتقت أي رقبة فأنت مخالف، وهذاك لو أعتقت أي رقبة أجزأ، فالفرق هو هذا. (اشتر لي ثوبا) فاشتريت ثوبا، أي ثوب من الثياب؛ نظيف، وسخ، جديد، أحمر، أسود، أي لون. (لا تشتر ثوبا) هذا للعموم، أي ثوب تجيبه أقول: خطأ، أنا قلت: لا تشتر، فالنكرة في سياق النفي للعموم، والنكرة في سياق الإثبات للإطلاق. قال: ﴿وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ والله هذا العدل، يعني لا تتخذونا نحن نحرم ونحلل ونفرض عليكم ما نحلل ونحرم، ولا تفرضوا علينا أنتم ما تحللون وتحرمون؛ لأن الذي يحلل ويحرم ويطاع قد اتُّخذ ربًّا؛ كما جاء في الحديث في قوله تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [التوبة ٣١] قال عدي بن حاتم: يا رسول الله، إنا لسنا نعبدهم، قال: «أَلَيْسَ يُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَتُحِلُّونَهُ، وَيُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللهُ فَتُحَرِّمُونَهُ؟». قال: نعم. قال: «فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ»[[أخرجه الترمذي (٣٠٩٥) من حديث عدي بن حاتم.]] والأمر ظاهر، طاعة الغير في التحليل والتحريم شرك في الطاعة وفي التشريع. فهو يقول: ﴿نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا﴾ هذه باعتبار العبادة، ﴿وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ هذا باعتبار التشريع، يعني لا نلزمكم بما نقول، ولا تلزمونا بما تقولون، إذن من المرجع؟ * الطلبة: الله. * الشيخ: ولهذا قال: ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾، أما إذا كان بالله فأنتم تلزموننا ونحن نلزمكم، نحن لم نقل: اجعلونا ربا نفرض عليكم ما نشاء، أو نجعلكم ربا تفرضون علينا ما تشاءون من دون الله، لكن إذا كان هذا بإذن الله ووحيه وشرعه وجب عليكم. إذن هذا تمام العدل في العبادة وأيش؟ وفي التشريع، نحن لا نلزمكم ولا تلزموننا بشيء دون الله، ﴿وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ إذن هذا هو تمام العدل والإنصاف في المحاجة والمناظرة؛ أن تكون الكلمة السواء، لا نجنف ولا يُجنف علينا. ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ أعرضوا ولم يأتوا لهذه الكلمة السواء، فأعلنوها أنتم من أجل أن يبوءوا بالإثم، ولهذا قال: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ يعني: منقادون لله تمام الانقياد، ولن نعبأ بكم، فصارت هذه الآية تدعو اليهود والنصارى إلى أيش؟ إلى التوحيد والإسلام وإلى العدل، تفضلوا ائتوا احضروا تعالوا ﴿كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾. هذا هو العدل، ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ فإنهم لا يريدون الخير، أعلِنوها أنتم ﴿فَقُولُوا اشْهَدُوا﴾ شوف التحدي ﴿اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾، وإذا أشهدناهم بأنا مسلمون فهو إعلان بأنهم غير مسلمين، بأنهم غير مسلمين؛ إذ لو كانوا مسلمين لانقادوا لهذه الكلمة السواء بيننا وبينهم، ومعلوم أنهم لو انقادوا إلى هذه الكلمة لزمهم أن يؤمنوا بالرسول عليه الصلاة والسلام محمد؛ لأن الذي جاء بالعبادة الصحيحة هو محمد، والذي جاء بالشرع الصالح هو محمد عليه الصلاة والسلام. في هذه الآية الكريمة: أمر الرسول عليه الصلاة والسلام أن يدعو أهل الكتاب إلى هذه الكلمة السواء؛ لقوله: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ﴾. وهنا سؤال: هل الرسول قال ذلك؟ نعم قالها، حتى كان يكتب بها إلى الملوك، لما كتب إلى كسرى ما كتب وغيره يكتب: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾، لكنه يقول: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ﴾ من كمال أدبه، إذا قال: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ﴾ فكأنه يقول: إنما كتبت لكم هذه الآية بأمر من؟ بأمر الله، لكن لو قال: يا أهل الكتاب بدون (قل) لكان فيه احتمال أنه كتبها من عند نفسه. المهم أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال ذلك، ودعاهم إلى هذه الكلمة، لكنهم أبوا، امتنعوا؛ لأنهم مصرون معاندون إلا من هدى الله، هدى الله من النصارى أقوامًا، ومن اليهود أقوامًا، ومن المشركين أقوامًا. * ومن فوائد هذه الآية الكريمة: التنزل مع الخصم لإلزامه بالحق، كيف ذلك؟ لأنه قال: ﴿سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾، مع أن الحق مع من؟ ما فيه شك مع الرسول ﷺ، لكن من أجل إلزام الخصم وإقامة الحجة عليه أتنزل معه، أقول: انزل كلمة عدل بيننا وبينكم. * ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب استعمال العدل في المناظرة، حتى مع العدو؛ لأن الرسول أُمر بأن يعلن هذا، وإذا كان هذا واجبًا في مناظرة المسلمين مع الكفار، فهو في مناظرة المسلمين بعضهم مع بعض أوجب وأوكد، ولهذا نقول: من الخطأ العظيم أن بعض الناس إذا رأى رأيًا قال: إنما سواه خطأ، وخطّأ غيره، هو قد يكون خطأ باعتبار اعتقاده، ما ننكر عليه، يعني إذا قال: هذا القول خطأ باعتبار اعتقاده ما ننكر عليه؛ لأنه من المعلوم أنه إذا اختار ضده فهو عنده أيش؟ خطأ ولا ينكر عليه، لكن الإنكار أن يخطِّئ من قال به، وهذا فرق دقيق، فرق بين أن أعتقد أن هذا القول خطأ ولا آخذ به، وبين أن أخطئ من قال به؛ لأني إذا خطأته ادعيت العصمة لي والزلل له، وهذا خطأ، هذا الخطأ، ولهذا يجب في المناظرة بين المسلمين كما يجب في المناظرة بين المسلمين والكفار أن تكون بالعدل، ومن المعلوم أن الميزان العدل في ذلك كتاب الله وسنة الرسول ﷺ، كتاب الله وسنة رسوله. ولكن المشكل أنه ليس كل أحد يفهم الكتاب والسنة كما ينبغي، يعني ومن الناس من يكون ظاهريا محضًا لا ينظر إلى مقاصد الشريعة ومعانيها العظيمة التي يُقصَد بها إصلاح الخلق، فتجده مثلا يريد أن ينفذ شيئا من المسائل التي لا تعتبر ذات شأن كبير في الإسلام وإن فات بذلك مصلحة عظيمة كبيرة، منها مسائل الخلاف التي يظهر فيها النزاع والمباينة بين المسلمين، ولها أمثلة كثيرة ممكن تفهمونها. تجد مثلا بعض الناس يقول: لا بد أن ننفذ هذا لشيء وإن كان سنة وإن كان يلزم على تنفيذه تفرق المسلمين وعداوتهم وحدوث البغضاء بينهم، لا ينظر إلى أن الشرع في الحقيقة مبني على الألفة وائتلاف القلوب، حرم البيع على بيع مسلم لأن ذلك يؤدي إلى العداوة والبغضاء، النجش، الخطبة على خطبة أخيه، أشياء كثيرة إذا تأملتها وجدت أن هذا الشرع يرمي إلى أن يأتلف الناس وتتفق القلوب واتحاد الأهداف، وأن المسائل الجزئية إذا خيف منها فتنة تترك، والحمد لله أنت هل عليك لوم إذا تركت الأدنى للأعلى؟ ليس عليك لوم، بل لك المدح، اللوم أن تفعل الأدنى لتفرط في الأعلى، هذا اللوم، ولهذا نعلم علم اليقين أن الصحابة أفقه منا بكثير، وأقوم منا في أعمالهم، وأنهم أشد منا حبا لشريعة الإسلام، ومع ذلك يتوافق بعضهم مع بعض في أمور لا يرونها، لكن من أجل المصلحة وائتلاف الناس واتفاق القلوب. ولا يخفى عليكم أن رسول الله ﷺ امتنع من هدم الكعبة وبنائها على قواعد إبراهيم مع أن هذا هو الذي يتمناه، وهو الذي همّ به خوفا من أيش؟ خوفا من الفتنه؛ لأن قريشًا كانوا حديثي عهد بكفر[[متفق عليه؛ البخاري (١٥٨٣)، ومسلم (١٣٣٣ / ٤٠١) من حديث عائشة.]]، وكان عليه الصلاة والسلام يترك ما يحب لمصلحة الناس، كان يصوم في السفر ولما قيل: إن الناس قد شق عليهم ماذا فعل؟ أفطر بعد العصر، ورفع الماء، وهو على بعيره، على فخذه وشرب والناس ينظرون[[أخرجه مسلم (١١١٤ / ٩٠) من حديث جابر بن عبد الله، ولم نقف على لفظة: فخذه.]]، ما قال: والله أنا صائم وما بقي إلا جزء بسيط أبغي أكمل. والصحابة رضي الله عنهم في خلافة عثمان بقي رضي الله عنه سبع أو ثمان سنوات في خلافته يقصر الصلاة في منى، كم بقي في الخلافة؟ اثنتي عشرة سنة، بعد مضي أكثر خلافته رأى رضي الله عنه لسبب من الأسباب أن يتم الصلاة فأتم، فبلغ ذلك من بلغ من الصحابة فأنكروا عليه، قالوا: كيف الرسول ﷺ وأبو بكر وعمر وأنت في أول خلافتك تقصر الصلاة والآن تتم؟ حتى إن ابن مسعود لما بلغه ذلك استرجع قال: «إِنَّا للهِ وإِنَّا إليهِ رَاجِعُونَ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٠٨٤)، ومسلم (٦٩٥ / ١٩) من حديث عبد الله بن مسعود.]]، كأنه أمر كبير، ومع ذلك يصلون خلفه، يصلون أربعا مع اعتقادهم أنها خلاف السنة، لأيش؟ من أجل اتحاد الكلمة وعدم التفرق. ولما سئل ابن مسعود قيل: كيف تنكر فعل عثمان وتصلي خلفه أربعا؟ قال: «الخِلافُ شَرٌّ »[[أخرجه أبو داود (١٩٦٠)، وأبو يعلى (٥٣٧٧) من حديث عبد الله بن مسعود.]]، هذا الفقه والله، هذا الفقه، هذه الشريعة.. يعني ومن الناس من يكون ظاهريًّا محضًا لا ينظر إلى مقاصد الشريعة ومعانيها العظيمة التي يُقصَد بها إصلاح الخلق، فتجده مثلًا يريد أن ينفذ شيئًا من المسائل التي لا تعتبر ذات شأن كبير في الإسلام وإن فات بذلك مصلحة عظيمة كبيرة، منها مسائل الخلاف التي يظهر فيها النزاع والمباينة بين المسلمين، ولها أمثلة كثيرة ممكن تفهمونها، تجد مثلًا بعض الناس يقول: لا بد أن ننفذ هذا لشيء وإن كان سنة وإن كان يلزم على تنفيذه تفرق المسلمين وعداوتهم وحدوث البغضاء بينهم، لا ينظر إلى أن الشرع في الحقيقة مبني على الألفة وائتلاف القلوب، حرم البيع على بيع مسلم لأن ذلك يؤدي إلى العداوة والبغضاء، النجش، الخطبة على خطبة أخيه، أشياء كثيرة إذا تأملتها وجدت أن هذا الشرع يرمي إلى أن يأتلف الناس وتتفق القلوب واتحاد الأهداف، وأن المسائل الجزئية إذا خيف منها فتنة تترك، والحمد لله أنت هل عليك لوم إذا تركت الأدنى للأعلى؟ ليس عليك لوم، بل لك المدح، اللوم أن تفعل الأدنى لتفرط في الأعلى، هذا اللوم، ولهذا نعلم علم اليقين أن الصحابة أفقه منا بكثير، وأقوم منا في أعمالهم، وأنهم أشد منا حبًّا لشريعة الإسلام، ومع ذلك يتوافق بعضهم مع بعض في أمور لا يرونها، لكن من أجل المصلحة وائتلاف الناس واتفاق القلوب. ولا يخفى عليكم أن رسول الله ﷺ امتنع من هدم الكعبة وبنائها على قواعد إبراهيم مع أن هذا هو الذي يتمناه، وهو الذي همّ به خوفًا من أيش؟ خوفًا من الفتنه؛ لأن قريشًا كانوا حديثي عهد بكفر[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (١٥٨٣) من حديث عائشة، وأخرجه مسلم (١٣٣ / ٣٩٩) من حديث عائشة.]]. وكان عليه الصلاة والسلام يترك ما يحب لمصلحة الناس، كان يصوم في السفر ولما قيل: إن الناس قد شقَّ عليهم ماذا فعل؟ أفطر بعد العصر، ورفع الماء، وهو على بعيره، على فخذه وشرب والناس ينظرون[[أخرجه مسلم (١١١٤ / ٩٠) من حديث جابر بن عبد الله، وأخرجه (٧١٠) من حديث جابر بن عبد الله.]]، ما قال: والله أنا صائم وما بقي إلا جزء بسيط أبغي أكمل. والصحابة رضي الله عنهم في خلافة عثمان بقي رضي الله عنه سبع أو ثمان سنوات في خلافته يقصر الصلاة في منى، كم بقي في الخلافة؟ اثنتي عشرة سنة، بعد مضي أكثر خلافته رأى رضي الله عنه لسبب من الأسباب أن يتم الصلاة فأتم، فبلغ ذلك من بلغ من الصحابة فأنكروا عليه، قالوا: كيف الرسول ﷺ وأبو بكر وعمر وأنت في أول خلافتك تقصر الصلاة والآن تتم؟ حتى إن ابن مسعود لما بلغه ذلك استرجع قال: «إِنَّا للهِ وإِنَّا إليهِ رَاجِعُونَ»[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (١٠٨٤) من حديث عبد الله بن مسعود، وأخرجه مسلم (٦٩٥ / ١٩) من حديث عبد الله بن مسعود، وأخرجه أبو داود (١٩٦٠) من حديث عبد الله بن مسعود.]]، كأنه أمر كبير، ومع ذلك يصلون خلفه، يصلون أربعًا مع اعتقادهم أنها خلاف السنة، لأيش؟ من أجل اتحاد الكلمة وعدم التفرق. ولما سئل ابن مسعود قيل: كيف تنكر فعل عثمان وتصلي خلفه أربعًا؟ قال: «الخِلافُ شَرٌّ »[[أخرجه أبو داود (١٩٦٠) من حديث عبد الله بن مسعود، وأخرجه أبي يعلى في مسنده (٥٣٧٧) من حديث عبد الله بن مسعود. ]]، هذا الفقه والله، هذا الفقه، هذه الشريعة، أما أن يتفرق الناس ويتخاصمون ولا يعاملون بالعدل، ويقال: قولي هو الحق، وقولك خطأ وأنت مخطئ، فهذا ليس من طريق الشرع، هذا خلاف الشرع، وإن زعم من تمسك به أنه على الشرع، وأنه هو الذي يصدع بالحق، وأنه هو المعصوم، فإن دعواه هذه هي التي جعلته مخطئًا. من ادعى العصمة فأول زلل زل به أيش؟ ادعاؤه العصمة، وأنه هو الصواب وغيره على خطأ. * من فوائد هذه الآية الكريمة: أن جميع الرسل متفقون على هذه الكلمة: لا نعبد إلا الله، ولا نشرك به شيئًا، لأن ما دام كلمة سواء بيننا وبينهم معناها أنها عندهم كما هي عندنا، وهذا هو الواقع أن جميع الرسل متفقون على أيش؟ هذه الكلمة: لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا. بل إن الله قال في كتابه العظيم: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات ٥٦] هذا الخلق اللي خلقوا من آدم إلى.. ومن قبل آدم في الجن، ما خلقوا إلا لهذا الأمر العظيم؛ لعبادة الله، ما خلقوا ليتمتعوا في الدنيا، لينالوا الشهوات، لا، ولكن لعبادة الله، ومع هذا إذا عبدوا الله صلحت دنياهم، لكن ابن آدم نظره قاصر، الغريب أنه إذا صلح الدين صلحت الدنيا، لكن لا يلزم من صلاح الدنيا صلاح الدين، بل إنها ربما إذا اعتني بها أكثر من الدين فسد الدين، كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «وَاللهِ مَا الْفَقْرُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَإِنَّمَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُفَتَّحَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا فتَنَافَسُوهَا كمَا تَنَافَسَهَا مَنْ قبْلَكُمْ فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ»[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٣١٥٨) من حديث عمرو بن عوف الأنصاري، وأخرجه مسلم (٢٩٦١ / ٦) من حديث عمرو بن عوف الأنصاري.]]. * من فوائد الآية الكريمة أيضًا: أن الحكم لله بين الناس، وأنه ليس لأحد أن يشرع من دون الله؛ لقوله: ﴿وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [آل عمران ٦٤]. * من فوائد الآية الكريمة: أن الحكم والعبادة مقترنان، الحكم بين الناس والعبادة مقترنان؛ لأن الله قرن بينهما: لَا ﴿نَعْبُدَ﴾ و﴿لَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ لأنك أنت لن تعبد الله إلا بشريعته، إذم يلزم أن يكون المشرع من؟ الله المعبود. ما دمت تعبد الله فلن تعبده إلا بشريعته، وإذن فالمشرع هو المعبود الذي يُعبد، لأنه سنَّ طريقًا أو وضع طريقًا قال: اسلكوا هذا لتصلوا إلي، إذن كل طريق يخالفه فلن يوصل إلى الله، وهذا وجه التلازم بين قوله: ﴿أَلَّا نَعْبُدَ﴾ ﴿وَلَا يَتَّخِذَ﴾؛ فإن من اتخذ ربا من دون الله يتبعه في التحليل والتحريم فإنه لم يعبد الله؛ لأن عبادة الله لا تكون إلا بموافقة الشرع. * ومن فوائد الآية الكريمة: أن من دعا الناس إلى حل أو حرم، لكن بإذن الله وشرعه، فهو على حق، تؤخذ منين؟ من قوله: ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾، انتبهوا، ما قال: ﴿لَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا﴾ وبس، قال: ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾، فأما إذا دعوتك إلى حل أو تحريم، لكن بإذن الله، أقول: هذا شرع الله، فإنني لم أدعك أن تتخذني ربًّا، وإنما بينت لك الطريق لتتخذ الرب، من؟ الله عز وجل. * طالب: شيخ، بعض الناس إذا قلت: غير مشروع، قال (...) علماء (...) قالوا كذا، هل أنت أعلم منهم؟ * الشيخ: هؤلاء فيهم شبه ممن قال الله فيهم: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾ [الزخرف ٢٣] هذه خطيرة في الواقع، لكن قد لا يلام عليه العامي لأنه لا يثق منك، وهذه النقطة أظن أننا بحثنا فيها مرة وقلنا: إن المستهزئ بالشرع لا يمكن أن نطلق عليه الكفر، أو المستهزئ ممن يعلم بالشرع ما يمكن نطلق عليه الكفر؛ لأننا نجد العامة الآن إذا قال فلان من الناس: هذا شرع الله قبلوه، وقالوا: هذا خلاص، إذا رأوا هذا الرجل يعمل بشيء على أنه عبادة اتبعوه، لكن لو يصدر القول من غيره ما يقبلونه، ما يثقون به، بل إن بعض الناس من شدة عناده وبغضه لآخرين يقول مثلًا لأولاده: إن عملتم بهذا فأنا أضربكم وأهجركم وأفعل وأفعل، لكن لو قاله غير هذا الرجل أخذ به. هؤلاء العامة ربما يعذرون من بعض الوجوه، إذا قال: والله علماؤنا ما قالوا هكذا، لكن مثل هؤلاء ينبغي أن الإنسان يسايرهم. * طالب: طلبة علم (...). * الشيخ: لا، طلبة العلم ما لهم حق، ولا هم طلبة علم دول، طالب العلم اللي يريد الوصول إلى العلم دول مقلدة دول، دول مقلدة، ما هم طلبة علم، طالب العلم هو الذي يريد الوصول إلى العلم، نقول: تعال تفضل، أنت الآن تحاج بهؤلاء العلماء، عندك دليل على ما قالوه؟ هاته، ونجيب الدليل اللي عندنا، كلمة سواء مثلما قال الله عز وجل هنا، هذا إذا كان طالب علم أما إذا كان عاميًّا، فالعامي جيبوا على شوي شوي مثل الإبل النافرة، الإبل النافرة إن طقطقت وراءها في التنكة زادت ما عاد تمسكها أبدًا، وإن هدأتها جاءت. * طالب: بعض الناس إذا زلَّ مثلًا بعض العلماء وصار عندهم أخطاء يكتبون بالمجلات والصحف دون المناظرات، بحجة أنهم يبينون الحق؟ * الشيخ: هذا غلط، هذا من الغلظ، والحقيقة أن هذا الفعل فيه مضرة من ثلاثة وجوه: الوجه الأول: أنها مضرة على الكاتب؛ لأن الذين يثقون بالشخص الآخر يرون أن هذا مخطئ، ويقل وزنه عندهم. وفيه أيضا إضعاف للثاني المردود عليه؛ إضعاف له، ومعلوم أنه إذا ضعفت منازل العلماء في الأمة ضاعت الأمة؛ لأن العلماء هم القادة، فإذا ضعفت منازلهم عند العامة ضاعوا، وصاروا كالإبل التي ليس لها راع، أو كالغنم التي ليس لها راع. فيها أيضا إضعاف للشرع؛ لأن العالم الذي رد أو المردود عليه إذا قال قولا غير هذه المسألة شكُّوا الناس قالوا: لعل هذه من خطأ فلان، نعم، أو لعل هذا من خطأ فلان، فصار فيه مضرة من ثلاثة وجوه. والواجب على العلماء فيما بينهم إذا أحد من الناس أخطأ أن يتصلوا به فيناقشوه، إن كان الصواب معه تبعوه، وإن كان الصواب معهم يتبعه. ثم لو فرض أنه أصر على ما هو عليه وله وجه؛ لأن المسألة مسألة اجتهاد فلا أرى أن يرد عليه أبدًا؛ لأن مسائل الاجتهاد الرد والأخذ والمناقشة فيها بين العامة لا شك أنه ضرر، خصوصا في هذا الوقت، الآن العلماء فيه أناس، حسب ما سمعت، فيه أناس الآن يدعون إلى التقليل من شأن العلماء، والكلام فيهم في المجالس وفي كل شيء، لأيش؟ لأنهم فقدوا الزعامة التي يريدونها، فصاروا مثل الزعماء الآخرين الذين عارضوا دعوة النبي عليه الصلاة والسلام، لما فقدوا الزعامة التي يريدونها ليس لهم سبيل إلى ما يريدون إلا أن يضعفوا الجانب الآخر، وهذا على خطر عظيم جدا، فأنا أرى أنه إذا وُجد خطأ من أي عالم يكون والإنسان غير معصوم، الإنسان يخطئ وربما لا يتبين له الخطأ إلا بالمناقشة، أنه يتصل به ويبحث معه، فإن تبين الحق وجب على من تبين له الحق أن يتبعه، وإن لم يتبين وصارت المسألة فيها مسار للاجتهاد فالواجب بحمد الله هذا.. كل العلماء مختلفون من عهد الصحابة إلى يومنا هذا، أما الأخذ والرد والاشتغال بالأخذ والرد هذا يضيع، يضيع أوقات كثيرة. * طالب: في برنامج نور على الدرب في إذاعة القرآن الكريم يأتي السؤال على شكل: ما رأي الشرع أو ما حكم الشرع في نظركم والمفتي قد يجيب خطأ أو صح لكن ينسب الخطأ للشرع على حسب السؤال يعني؟ * الشيخ: (...) هم إذا قالوا: ما رأي الشرع ننهاهم عن هذا، أنا أحد الذين يتكلمون في هذا البرنامج، أنهاهم عن هذا، أقول: لا تقول: ما رأي الشرع، أنا لست أعبر عن الشرع، ما أنا برسول معصوم من الخطأ، قل: ما رأيك، أو ما رأي الشرع في نظرك، أنا أرى في الشرع أنه يقول كذا وأخطئ وأصيب، وخطئي ليس على الشرع، خطئي مني أنا. * طالب: شيخ، أحسن الله إليكم، هل يؤخذ من الآية أن الأفضل المناظرة دون الردود الكتابية؟ * الشيخ: نعم؟ * الطالب: هل يؤخذ من الآية أن الأفضل المناظرة الشفهية دون الردود بالكتابات وعلى المنابر؟ * الشيخ: إي نشوف هذا، ما كملنا الآية. وعلى كل حال المناظرة قد تكون مثلما قلت يعني وجها لوجه، وقد تكون في المراسلة، تختلف الأساليب هذه ترجع.. * * * * طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٦٤) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٦٥) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٦٦) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران ٦٢-٦٨] * الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. أظن أننا أخذنا الفوائد المستنبطة من قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ﴾؟ أخذنا منها سبع فوائد؟ * طالب: إلى ﴿وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾. * طالب: الأولى: أمر الرسول عليه الصلاة والسلام أن يدعو أهل الكتاب إلى هذه الكلمة؛ لقوله: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ﴾. الثانية: التنزل مع الخصم لإلزامه بالحق؛ لقوله: ﴿كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾. الثالثة: وجوب استعمال العدل في المناظرة حتى مع العدو. الرابعة: أن جميع الرسل متفقون على هذه الكلمة. الخامسة: أن الحكم لله بين الناس وأنه ليس لأحد أن يتبع من دون الله. السادسة: الحكم بين الناس والعبادة مقترنان، لأن الله تعالى قال: لا ﴿نَعْبُدَ ولَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا﴾. السابعة: أن من دعا الناس إلى حل أو حرم، لكن بإذن الله وشرعه، فهو على حق، يؤخذ من قوله: ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾. * الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾. * من فوائد هذه الآية: أنه إذا تولى الخصم بعد إقامة الحجة عليه فإنه يعلن له بالبراءة منه والتزام الحق؛ لقوله: ﴿اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾. * ومن فوائدها: أنه ينبغي للمسلم أن يعتز بدينه، وأن يعلنه ويشهره، خلافا للضعفاء الذين عندهم ضعف في الشخصية وقلة الدين، الذين يتسترون بدينهم مخافة أن يعيَّروا به، حتى إن بعضهم كما قيل لي يخجل أن يصلي بين الناس، يقول: أخشى أن أنسب إلى الدين، والعياذ بالله، وهذا يدل على قلة الإيمان وعلى ضعف الشخصية، وأن الإنسان ليس عنده رصيد يفتخر به ويعتز به. * ومن فوائد الآية الكريمة أيضًا: إشهاد الخصم على الحال التي يكون عليها خصمه؛ لقوله: ﴿اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾؛ لما في ذلك من الغضاضة عليه وكسر جبروته وعدم انقياده للحق.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب