الباحث القرآني
ثم قال عز وجل: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ ﴿يَحْسَبَنَّ﴾ فيها ثلاث قراءات، الأولى: ﴿وَلَا يَحْسِبَنَّ﴾ ، والثانية: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ﴾، والثالثة: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ﴾ بالخطاب، وكلها قراءات سبعية يُسن للإنسان أن يقرأ بهذه أحيانًا وبهذه أحيانًا، إلا أنه لا ينبغي أن يقرأ بالقراءة الخارجة عن المصحف أمام العامة؛ لأن ذلك قد يوجب فتنة.
يقول الله عز وجل: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ﴾ أي: لا يظن الذين يبخلون بما آتاهم الله، والبخل هو المنع، البخل هو المنع مع شُحّ، ولهذا عُدِّي بالباء، ولم يقل: يبخلون ما آتاهم، بل قال: يبخلون به، أي: يمنعوه مع شُحّ، يشحون به.
وقوله: ﴿بِمَا آتَاهُمُ﴾ أي: أعطاهم الله من فضله، وفيه إشارة إلى أن هذا البخل في غير موضعه؛ لأنهم بخلوا بشيء ليس من كسبهم ولا من كدّهم، بل هو من الله، وبخلوا به أن يصرفوه فيما أمرهم الله به، وهذا غاية ما يكون من الحمق أن الذي أعطاك وقال: اصرفه في كذا، تبخل، فإن هذا من الحمق البالغ؛ إذ إن الأمر يقتضي أن الذي أعطاك إذا أمرك أن تصرفه في كذا أن أيش؟ أن تصرفه كما أمر؛ لأنه فضله.
وقوله: ﴿بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ أي: من خيره؛ لأن الفضل في الأصل هو الزيادة، فالإنسان قد يعمل أحيانًا عملًا يؤمّل أنه يكسب فيه ألفًا فيكسب ألفين أو أكثر من فضل الله عز وجل، وقد يخسر.
وقوله: ﴿هُوَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ ﴿خَيْرًا﴾ مفعول ثانٍ لـ(يحسب)، والمفعول الأول محذوف تقديره: بخلهم هو خيرًا لهم، ولا يحسبن الذين يبخلون بخلهم خيرًا لهم، بل هو شرّ لهم، كما ذكر الله عز وجل.
وقوله: ﴿خَيْرًا لَهُمْ﴾ (خير) هنا اسم تفضيل، فلا بد من مفضل ومفضل عليه، فما هو المفضل والمفضل عليه؟ المفضل عليه هو البخل، يعني: هو خيرًا لهم من العطاء؛ يعني: لا يظنوا أن البخل خير من العطاء، فهم يظنون أن البخل أفضل من العطاء، وهذا الظن خطأ، هذا ظن خطأ؛ لأن النبي ﷺ قال: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ»[[أخرجه مسلم (٢٥٨٨ / ٦٩) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]]. وكم من إنسان يزداد ماله بالصدقة، ولا تنقص الصدقة مالًا مع الاحتساب؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ [سبأ ٣٩] ومعنى ﴿يُخْلِفُهُ﴾ أي: يأتي بخلفه.
يقول عز وجل: ﴿بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ﴾ شر لهم من أي شيء؟ من العطاء، هو شر من العطاء، والعطاء ليس فيه شر، لكن الله خاطب هؤلاء بحسب اعتقادهم؛ حيث يظنون أنهم إذا أنفقوا ضاق عليهم الرزق، فيقول القائل منهم: أنا عندي ألف إذا أنفقت منه مئة نقص وصار تسع مئة، فيظنون أن هذا شرّ، فيقول عز وجل: إن المانع هو الشر، ولهذا قال: ﴿بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ﴾ شر لهم من أي شيء؟ من العطاء؛ فالعطاء خير والمنع شر. ﴿بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ﴾.
ثم قال: ﴿سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ السين يقول علماء النحو: إنها للتنفيس وتفيد التحقيق؛ التنفيس معناه حصول الشيء عن قرب، والتحقيق واضح؛ يعني أن كلمة: ﴿سَيُطَوَّقُونَ﴾ أبلغ في التحقيق من كلمة يُطوّقون؛ لأن السين تفيد التحقيق، وتفيد أيضًا التنفيس وهو الشيء عن قرب، فتفيد ﴿سَيُطَوَّقُونَ﴾ أن هؤلاء سوف يعاقبون هذه العقوبة حتمًا وعن قُرب، من أين أخذنا الحتمية؟
* الطلبة: من السين.
* الشيخ: من السين الدالة على تحقق الوقوع، وأخذنا القرب؛ لأن التنفيس الذي تدل عليه السين معناه القرب، فإذا قال قائل: إن تحققه معلوم، لكن كيف يكون قريبًا؟ قلنا: إن يوم القيامة قريب، قال الله تعالى: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا﴾ [الأحزاب ٦٣]، وقال تعالى: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ﴾ [الشورى ١٧]، فيوم القيامة وإن كان بعيدًا في نظر الناس، لكنه في الحقيقة قريب، وانظر إلى الأيام كيف تنطوي بسرعة حتى تنتهي لتعرف أن يوم القيامة وإن بعد أمده فهو في الحقيقة قريب.
وقوله: ﴿سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ أي: سيُجعل ما بخلوا به طوقًا في أعناقهم، والطوق معروف مثل طوق القميص يحيط بالعنق، وقد بيّن النبي عليه الصلاة والسلام كيف يكون هذا التطويق فقال: «مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ فَيَقُولُ: أَنَا كَنْزُكَ، أَنَا مَالُكَ»[[أخرجه البخاري (١٤٠٣) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]].
قال العلماء: الشجاع الأقرع: هو الذكر من الحيات، والأقرع كثير السّمّ؛ لأن رأسه من كثرة سمه قد تمزّق شعره فهو أقرع، و«لَهُ زَبِيبَتَانِ» » أي: غدتان تشبهان الزبيب قد امتلأتا من السم، «فَيَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ» » يعني شدقيه كما جاء مفصلًا بالحديث، ويقول: «أَنَا كَنْزُكَ، أَنَا مَالُكَ». يقول ذلك توبيخًا له، فيزداد بذلك حسرة، هذا هو تفسير الآية الكريمة كما فسرها النبي عليه الصلاة والسلام.
وقوله: ﴿مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾، ﴿سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ﴾ يعبر الله تعالى عن الجزاء بالعمل نفسه، وهو كثير في القرآن.
يعبر الله سبحانه وتعالى عن الجزاء بالعمل نفسه، مثل: ﴿سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف ١٨٠]، وهنا: ﴿سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ﴾ وذلك لأن الجزاء من جنس العمل، فكأنه هو العمل نفسه، فلهذا يعبّر الله عنه كثيرًا ﴿سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ ويوم القيامة هو يوم يبعث الناس، وسمي يوم القيامة لوجوه أربعة، أو ثلاثة؟
* طالب: ثلاثة.
* الشيخ: ثلاثة، يقوم الناس فيه لرب العالمين، ويقوم فيه الأشهاد، ويقوم فيه العدل، يقوم الناس لرب العالمين كما قال تعالى: ﴿أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين ٤ - ٦]، وكذلك يقام فيه القسط لقوله: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [الأنبياء ٤٧]. والثالث: يقام فيه الأشهاد كما قال تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ [غافر ٥١]، فلهذا سُمي يوم القيامة.
يقول: ﴿وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (لله) اللام هذه للاختصاص، والجار والمجرور خبر مقدم، وتقديمه يفيد الحصر؛ أي: أنه له وحده، لله وحده، والميراث انتقال المال من سابق إلى لاحق كانتقاله من الميت إلى الحي، فمن الذي يرث السماوات والأرض ويبقى بعدها؟ هو الله، ولهذا قال: ﴿وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ لا يتحول ميراثها إلا إليه وحده عز وجل، ومناسبة هذه الجملة لما بعدها واضح، وذلك أن الذي يبخل بماله إنما يبخل به ليبقى له، فبيّن الله أنه لن يبقى لماله، لا بد أن يموت ويرثه ورثته، ثم ورثته يموتون، ويرثهم ورثتهم، ثم هكذا إلى أن ينتهي الإرث إلى من؟ إلى الله عز وجل، فالمناسبة إذن بين هذه الجملة وما قبلها ظاهرة جدًّا؛ يعني: امنع أو لا تمنع، سوف تخلِّف مالك من بعدك ويرثه ورثتك ومن ورائهم ورثتهم إلى أن ينتهي الإرث إلى الله عز وجل، فتفارق أنت جميع مالك ويكون لمن بعدك.
وقال: ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ فيها قراءتان: ﴿تَعْمَلُونَ﴾ و﴿يَعْمَلُونَ﴾ وختم الآية بهذا الاسم وهو الخبير واضح المناسبة؛ لأن هؤلاء الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله قد لا يطلع عليهم الخلق، فالإنسان قد يكون عنده ملايين ولا يعلم الناس عنه ويبخل بزكاتها ولا يُعلم عنها، فبين الله سبحانه وتعالى أن الله خبير بعملهم، والغالب أن من منع الحق في ماله سُلِّط على هلكته في الباطل؛ يعني فتحت له أبواب من الباطل يصرف فيها ماله، فيكون مانعًا لما يجب واقعًا فيما يَحرُم، ولهذا هدّدهم الله بقوله: والله خبير بما يعملون.
* في هذه الآية من الفوائد الكثيرة: تهديد مَن بخل بما آتاه الله من فضله، وسبق لنا أن البخل هو منع الواجب في المال؛ منع الواجب في المال هذا هو البخل الذي يُتوعّد عليه.
* ومن فوائد هذه الآية: أن الشيطان قد يغر الإنسان، قد يغره فيقول: لا تنفق فيهلك مالك؛ لقوله: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ ولا شك أن هذا هو الواقع، ودليل ذلك أن الله يحذرنا دائمًا من هذا الشيطان فيقول: ﴿لَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ [لقمان ٣٣]، وأول من يغرنا بالله هو الشيطان.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إقامة اللوم والتوبيخ على هؤلاء الذين بخلوا، من أين يؤخذ؟ من قوله: ﴿بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾، أي: كيف يبخلون بشيء ليس من كسبهم ولا من كدهم بل هو من فضل الله فيبخلون به في طاعة الله.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن ما أوتيه الإنسان من علم أو مال أو ولد فإنه من الله عز وجل، فالولد لا يقول الإنسان: أوتيته بسبب أني تزوجت وأتيت أهلي، والعلم لا يقول: أوتيته بأني سعيت فيه، والمال كذلك لا يقول: أوتيته بأني سعيت فيه؛ لأن الكل من فضل الله، فتوفيقك للسعي في هذا الأمر من فضل الله، ثم حصول النتيجة التي كنت ترجوها، أيش؟ من فضل الله، فكم من إنسان خُذل فلم يسعَ، وكم من إنسان سعى ولم يحصل على ثمرة، فأصل السعي والثمرة كلها من الله، ولهذا قال: ﴿بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: تحذير الباخلين من البخل؛ لقوله: ﴿لَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ﴾.
* ومن فوائدها: أن الإنسان قد يُزيّن له سوء عمله فيظنه حسنًا، فالبخل خلق سيء وعمل سيء، قد يزين للإنسان فيبخل مع أنه من الأعمال السيئة والأخلاق السيئة.
* ومن فوائد هذه الآية: إثبات الجزاء، بل إثبات العقوبة العظيمة على هؤلاء الباخلين، ما هي العقوبة؟ أنهم يطوّقون به يوم القيامة حين لا ينفعهم الندم ولا يمكنهم الخلاص.
* ومن فوائدها: تحقُّق وقوع الجزاء؛ لقوله: ﴿سَيُطَوَّقُونَ﴾ وذلك بواسطة أيش؟ بواسطة السين.
* ومن فوائد هذه الآية أيضًا: إقامة الحجة على أن هذا البخل ليس بنافع أصحابه، مأخوذ من قوله: ﴿وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ فبخلهم لن يُخلّدهم في الدنيا، ولن يخلد المال لهم، بل هم سوف يجازون عليه، وسوف ينتقل المال منهم إلى ورثتهم، ومن ورثتهم إلى الآخرين حتى ينتهي الأمر إلى الله عز وجل.
* ومن فوائد هذه الآية: إثبات يوم القيامة؛ لقوله: ﴿مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ والإيمان بيوم القيامة أحد أركان الإيمان الستة كما هو معروف، ولا يتم إيمان عبد حتى يؤمن به، فإن وقع منه شك فيه فإنه لم يتم إيمانه.
* ومن فوائدها: إثبات علم الله عز وجل؛ لقوله: ﴿بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ ، ﴿بما يَعْمَلُونَ﴾ و﴿تَعْمَلُونَ﴾ قراءتان؛ لأن الخبرة كما قال العلماء: هي العلم بأيش؟ ببواطن الأمور، ومن المعلوم أن العليم ببواطن الأمور عليم بظواهرها من باب أولى.
* ومن فوائد هذه الآية: الإشارة إلى اسم الله الآخر؛ فإن الله هو الأول والآخر، من أين تؤخذ؟ من قوله: ﴿وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ فإذا ثبت إرثه لهما لزم من ذلك أن يكون هو الآخر عز وجل.
* طالب: يا شيخ، قلنا في قوله تعالى: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ﴾ ثلاث قراءات، ثلاث قراءات يا شيخ، كيف المعاني؟
* الشيخ: بس للخطاب والغيبة، ما فيه إلا الخطاب والغيبة، بس هل هي للخطاب أو للغيبة؟ أما مسألة المعنى هو هو.
* طالب: أحسن الله إليكم، في الميراث وانتقال المال من الميت بعد موته إلى الحي، قد يشكل يا شيخ أو قد يظن أن ﴿لِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ أنها يعني لم تكن قبل يعني نفي أو موت، نفي العالمين أنها لم تكن..
* الشيخ: لله، لا، هي لله، لكنها قبل ذلك بيد ملاكها يتصرفون فيها، والميراث الأخير هذا معناه أن أهلها لا يتصرفون فيها إطلاقًا، فمثلًا ما دام الأموال بأيديهم فهم يتصرفون فيها حسب ما أُذن لهم فيه شرعًا، لكن إذا ماتوا لم يكن هناك تصرف إطلاقًا.
* طالب: يا شيخ، أحسن الله إليك، بالنسبة للبخل للذي آتاه الله فضل في العلم وفي المال، هل هذا..؟
* الشيخ: أيش لون؟
* الطالب: اللي يبخل بالعلم..
* الشيخ: إي نعم، يدخل في هذا، البخل في العلم أشد من البخل في المال «مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ يَعْلَمُهُ فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ»[[أخرجه أبو داود (٣٦٥٨) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]].
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (١٨١) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (١٨٢) الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٨٣) فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (١٨٤)﴾ [آل عمران ١٨١ - ١٨٤].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾.
في قوله: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ﴾ قراءتان؟
* طالب: (ولا يَحْسِبنَّ)، (ولا تحسبَنَّ)، (ولا يُحْسِبَنَّ).
* الشيخ: ﴿يَحْسَبَنَّ﴾.
* الطالب: ﴿ولا يَحْسِبَنَّ﴾ .
* الشيخ: ﴿ولا تَحْسَبَنَّ﴾ ، ﴿ولا يَحْسِبَنَّ﴾ ؟
* طالب: ﴿ولا يَحْسِبَنَّ﴾ .
* الشيخ: تَحْسبَنَّ، نعم. ﴿يَحْسِبَنَّ﴾ ، ﴿تَحْسَبَنَّ﴾ .
* الطلبة: ﴿يَحْسِبَنَّ﴾ .
* طالب: (...).
* الشيخ: لا لا، عندنا ثلاثة: ﴿ولا يَحْسِبَنّ﴾ ﴿ولا يَحْسَبَنَّ﴾، ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ﴾ .
* طالب: (تَحْسبَنَّ) بكسر السين.
* الشيخ: لا.
* الطالب: بالفوقية.
* الشيخ: لا، ما هي عند كسر السين بالفوقية، عندك..
* الطلبة: شيخ، تَحْسِبَنَّ.
* الشيخ: الله!! هي بالياء مفتوحة السين ومكسورتها، وبالتاء مفتوحة فقط.
* طلبة: يُحْسِبن.
* الشيخ: يُحْسِبن، من قاله؟!
* الطلبة: بضم الياء.
* الشيخ: المهم بالياء بفتح السين وكسرها، بالتاء بالفتح.
* طالب: فيه بالتاء يا شيخ؟
* الشيخ: طيب، على قراءة التاء.
* طالب: ﴿ولا تَحْسَبَنَّ﴾ .
* الشيخ: الخطاب لمن؟
* طالب: للنبي ﷺ وللمؤمنين عامة.
* الشيخ: كيف للنبي وللمؤمنين؟ لو كان للمؤمنين كان قال: ولا تَحْسَبُنَّ.
* طالب: لا تَحْسَبُنّ (...).
* طالب آخر: هذا للنبي أو لمن يصلح له الخطاب.
* الشيخ: أو؟ إي نعم، للنبي واضح ﴿تَحْسَبَنَّ﴾ ، لمن يصلحون للخطاب؛ لأن القرآن خطاب لجميع الناس، أين مفعول تحسب الأول؟
* طالب: محذوف.
* الشيخ: ويش التقدير؟
* طالب: ولا يحسبن البخل.
* الشيخ: بخلهم خيرًا لهم. ما معنى البخل؟
* طالب: هو المنْع مع الشحّ.
* الشيخ: إي، منع ما يجب بذله مع الشح. إذا ذكر البخل والشح جميعًا؟
* طالب: (...) إذا اجتمعا.
* الشيخ: طيب، إذا ذكرا جميعًا ما المراد بالبخل؟
* طالب: قلنا: البخل المنع.
* الشيخ: منع ما يجب، والشح: الطمع فيما ليس للإنسان. من جملة ما يبخلون به؟
* طالب: قول النبي..
* الشيخ: يعني من الأشياء التي يبخلون بها أيش مثل؟
* طالب: مثل المال الذي آتاهم الله عز وجل، مثل الزكاة.
* الشيخ: مثل منع الزكاة، هل تحفظ في هذا حديثًا عن النبي ﷺ؟
* الطالب: قول الرسول ﷺ: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ»[[أخرجه مسلم (٢٥٨٨ / ٦٩) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]].
* الشيخ: لا.
* الطالب: الذي بمعنى الزكاة؟
* الشيخ: إي.
* الطالب: قول الرسول ﷺ: «مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ.. يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِشُجَاعٍ أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يَأْخُذُ بِهِ..»[[أخرجه البخاري (١٤٠٣) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]].
* الشيخ: بأيش؟ «بِلِهْزِمَتَيْهِ».
* الطالب: «بِلِهْزِمَتَيْهِ».
* الشيخ: يعني؟
* الطالب: يعني شدقيه، يأخذ بِلهزمتيه.
* الشيخ: يعني شدقيه، ويقول..
* الطالب: «وَيَقُولُ: أَنَا كَنْزُكَ، أَنَا مَالُكَ».
* الشيخ: تمام، طيب ما الفائدة من قوله: ﴿وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾؟
* طالب: المراد البخل.
* الشيخ: نعم.
* الطالب: الذين يبخلون بالمال (...).
* الشيخ: يعني معناه البخل، يبخلون عشان يجمعوه، فبيّن الله أنه..
* الطالب: الله هو ما امتن به عليهم.
* الشيخ: هو ما امتن به عليهم وسيرثه بعدهم، لو أبقوه سيرحلون عنه. ﴿بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ فيها قراءتان؟
* طالب: قراءة ﴿بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ ، وقراءة: ﴿بِمَا تَعْمَلُونَ﴾.
* الشيخ: قراءة ﴿بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ ، وقراءة: ﴿بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ عرفت؟
ما معنى خبير؟
* طالب: خبير تقتضي العلم.
* الشيخ: عليم بأيش؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا؛ لأن الخبرة أخص من العلم.
* طالب: خبير ببواطن الأمور.
* الشيخ: الخبير هو العليم ببواطن الأمور. هنا إشكال في قوله: ﴿بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ أنا لم أذكره إلا في زمن مضى بعيدًا، وهو أن المعروف أن تقديم المعمول يفيد الحصر، وهنا قدّم ﴿بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ على ﴿خَبِيرٌ﴾ مع أنها متعلقة بها، فهل يعني ذلك أنه لا يكون خبيرًا إلا بما يعملون بناءً على هذه القاعدة؟
* الطلبة: لا، يا شيخ.
* الشيخ: إي، لكن ما الفائدة من أنه يقدّم ما حقه التأخير؟
* طالب: قدم العامل على المفعول.
* الشيخ: إي.
* الطالب: يفيد الحصر يا شيخ.
* الشيخ: طيب حصر أيش؟
* طالب: التهديد يا شيخ.
* الشيخ: ما وجه التهديد؟ ما وجه التهديد؟
* الطالب: أن الله سبحانه وتعالى قص عليهم بما يعملون.
* الشيخ: بما يعملون، تهديدًا لهم، ومبالغ في التهديد، لئلا يقولوا: إنه خبير بما يعمل الناس إلا ما نعمل نحن، واضح، ولهذا في القرآن يأتي: ﴿وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [آل عمران ١٥٣] في آية أخرى، عرفتم يا جماعة؟
إذن فائدة تقديم المعمول هنا غير الحصر، فائدته أيش؟ تهديد هؤلاء، وأنه عليم بما يعملون بالأخص وبغيره من باب أولى. بل في قوله: ﴿بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ﴾؟
* طالب: يعني هذا إضراب إبطالي.
* الشيخ: إضراب إبطالي، هل هناك إضراب غير إبطالي؟
* الطالب: عندي ما هو بصحيح.
* الشيخ: مثل..
* الطالب: (...).
* الشيخ: هذه أيضًا ما ذكرناها لكم، لكن الظاهر أنها واضحة.
* طالب: (...).
* الشيخ: نعم؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: والله إذا صح، أي مثال؟
* الطالب: ﴿بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾ (...).
* الشيخ: نعم، ﴿بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾ يعني بَعُدَ، ﴿بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا﴾ نعوذ بالله ﴿بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ﴾ [النمل ٦٦]، هذه ما هو الثاني يبطل الأول، الثاني يؤكّده، ويسمى هذا عند النحويين إضرابًا انتقاليًّا، وأما الآية التي معنا فهو إضراب إبطالي.
{"ayah":"وَلَا یَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ یَبۡخَلُونَ بِمَاۤ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ هُوَ خَیۡرࣰا لَّهُمۖ بَلۡ هُوَ شَرࣱّ لَّهُمۡۖ سَیُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا۟ بِهِۦ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِۗ وَلِلَّهِ مِیرَ ٰثُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق