الباحث القرآني
ثم قال الله عز وجل: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا﴾. فيها قراءتان: ﴿قُتِّلُوا﴾ و﴿قُتِلُوا﴾، وكذلك ﴿تَحْسَب﴾ و﴿تَحْسِب﴾ كلاهما سبعيتان.
﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ﴾ الخطاب هنا إما للرسول ﷺ، أو لكل من يصح توجيه الخطاب إليه، فإن كان لكل من يصح توجيه الخطاب إليه دخل فيه النبي ﷺ وغيره، وإن كان خطابًا للنبي ﷺ دخل فيه غيره بالتبع، فيكون المقصود قصدًا أوليًّا بهذا الخطاب النبي ﷺ، وغيره تبعًا له، أما إذا قلنا: إنه -أي الخطاب- موجه لكل من يصح توجيه الخطاب إليه فهو عام، يعني: ولا تحسبن أيها المخاطب، هذا على الثاني، أو ولا تحسبن أيها النبي، هذا على الأول، والحسبان هنا بمعنى الظن، يعني: لا تظن أن الذين قتلوا في سبيل الله أموات.
وقوله: ﴿قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ يشمل من قتله العدو ومن قُتل حِرْفَةً للعدو، كما لو ارتد السهم على حامله فقتله فإنه يكون مقتولًا في سبيل الله.
وقوله: ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ بينها الرسول عليه الصلاة والسلام بأن المراد بذلك من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، وذلك حين «سُئل عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياءً، وفي لفظ: يقاتل ليُرى مكانه، أي ذلك في سبيل الله؟ » فقال ﷺ كلمة جامعة مانعة، قال: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (١٢٣)، ومسلم (١٩٠٤ / ١٥٠) من حديث أبي موسى الأشعري.]]. ما الذي سئل عنه الرسول ﷺ؟
* طالب: عن القتال في سبيل الله.
* الشيخ: ما الذي سُئل، الأسئلة الموجهة له؟
* الطالب: الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل ليُرى مكانه، أي ذلك في سبيل الله؟ فقال كلمة جامعة: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ».
* الشيخ: نعم، إذن من المراد بالذين قتلوا في سبيل الله؟ هم الذين أيش؟ قاتلوا لتكون كلمة الله هي العليا، لا شجاعة ولا حمية ولا رياء، الشجاعة معناها أن الإنسان تحمله شجاعته على أن يقاتل؛ لأن الشجاع يحب القتال، كما أن الصياد يحب الصيد، صياد السمك في البحر يحب الصيد، وإن لم يجن إلا شيئًا قليلًا، وكذلك صياد الطير في الهواء يحب الصيد وإن كان لا يجني إلا قليلًا، الرجل الشجاع يحب أن يقاتل، فلو أن رجلًا قاتل من أجل الشجاعة، حملته شجاعته على القتال، فهذا ليس في سبيل الله. حمية وطنية أو قومية، فليس في سبيل الله. فمن قاتل من أجل الدفاع عن الديار فقط فقتاله مساوٍ لقتال الكافر، حتى الكفار يقاتلون دفاعًا عن بلادهم، لكن من قاتل دفاعًا عن بلده من أجل أنه بلد إسلامي ليحمي الإسلام بهذا القتال فهو في سبيل الله، ولذلك يجب إذا وجهنا الجند للقتال دفاعًا عن الوطن أن نقول: لاحظوا أنكم تدافعون عن وطنكم باعتباره وطنًا إسلاميًّا، لا مجرد وطنية.
والثالث رياءً، قاتل رياءً فقط ليُرى أنه رجل يقاتل في سبيل الله، هذا ليس في سبيل الله، حتى لو كان هناك نيات أخرى. قاتل لمجرد طاعة أميره فقط، فليس في سبيل الله. يعني الرسول عليه الصلاة والسلام سُئل عن ثلاثة ولا أجاب عن كل واحد بعينه، بل أجاب بكلمة جامعة مانعة، لأجل أن تشمل حتى النيات الأخرى سوى هذه الثلاث، ربما تأتي نيات أخرى غير هذه الثلاث، فتخرج بالحديث أو تدخل فيه، «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ».
هؤلاء الذين قتلوا في سبيل الله من هم؟ هل هم أهل بدر أو أهل أُحد أو هو عام؟
هو عام، ولكن أول من يدخل فيه الشهداء في بدر وفي أُحد لا شك.
وقوله: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا﴾ في سبيل الله: سبيل الله: طريقه، ويضاف أحيانًا إلى المؤمن، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى﴾ [النساء ١١٥] فهو يضاف إلى الله باعتبارين: باعتبار أنه واضعه، هو الذي شرع هذا الطريق، واعتبار أنه مُوصِل إليه، ويضاف إلى المؤمنين باعتبار واحد، وهو أنهم هم الذين سلكوه.
هنا المضاف إلى الله باعتبار أن الله تعالى هو الذي شرع هذا الدين، وأن هذا الدين مُوصِل إليه.
﴿أَمْوَاتًا﴾ هذه مفعول ثانٍ لـ(تحسب)؛ لأن (حسِب) ينصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، بخلاف (كسا وأعطى) فإنها تنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر.
يقول: ﴿أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ﴾، هنا قال: ﴿أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ﴾ والمعروف أنه إذا قُتل مات، فكيف ذلك؟!
المراد: لا تحسبن أنهم ماتوا وانتهوا، لا، هم ماتوا لكن انتقلوا إلى حياة أخرى أفضل ممن فارقوه، فيكون المعنى: لا تحسبنهم أمواتًا، يعني أنهم ماتوا وانتهوا، ليس الأمر كذلك، بل هم أحياء ماتوا ميتة الدنيا، ولكن هم أحياء حياة أخرى تتميز عن الحياة الدنيا، وهي خير وأفضل.
وقوله: ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ ﴿عِنْدَ﴾ هذه تفيد القرب من الله عز وجل، وهو كذلك، فإن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تعرج إلى قناديل معلقة تحت العرش، فهذه عندية خاصة يمتاز فيها بالقرب من الله سبحانه وتعالى.
فقوله: ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ﴾ أي: بل هم أحياء، والمراد بذلك حياة أرواحهم، أما أبدانهم فقد ماتوا لا شك، لكن أرواحهم حية حياةً برزخية، ولهذا قال: ﴿عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾، وليست الحياة المطلقة التي هي الحياة الدنيا؛ لأنها لو كانت الحياة الدنيا ما صاروا قُتلوا في سبيل الله، لكانوا باقين، ولَمَا صح أن يُدفنوا، وهم فارقوا الدنيا ودُفنوا لكنهم أحياء عند الله عز وجل حياةً لا تشبه حياة الدنيا.
وقوله: ﴿يُرْزَقُونَ﴾ أي يعطَون؛ لأن الرزق هو في اللغة العطاء، ومنه قوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ﴾ [النساء ٨] ارزقوهم: أعطوهم، يعني يعطَون، مم يعطَون؟
يعطَون من رزق الله في الجنة حيث شاؤوا، ولكن هذا العطاء عطاء ناقص بالنسبة للعطاء الأكمل الذي يكون بعد البعث؛ لأن العطاء هنا يعني قبل القيامة عطاء للبدن وعطاء للروح، وكلاهما ناقص بالنسبة لما بعده، فهو عطاء للبدن لأنه في القبر يُفسح له مد البصر، ويُفتح له باب إلى الجنة، ويأتيه من رَوْحها ونعيمها، لكنه لا يتمتع التمتع الكامل، كذلك الأرواح لا تتمتع التمتع الكامل في وجودها في الجنة، يكون التمتع الكامل بعد البعث حين تلتقي الأرواح بالأجساد اللقاء الذي لا مفارقة بعده؛ لأنه إذا التقت الأرواح في البعث فلا مفارقة، تبقى أبد الآبدين، وحينئذ يحصل كمال النعيم.
ثم قال: ﴿فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾. الفرح ضد الحزن، وهو قريب من معنى السرور، المعنى أنهم مسرورون بما آتاهم الله من فضله. وكما يشاهد أنها منصوبة الآن ﴿فَرِحِينَ﴾ على أي شيء؟ هي حال، منصوبة على الحال، ولكن هل هي حال من الضمير المستتر في ﴿أَحْيَاءٌ﴾: بل أحياء حال كونهم فرحين، أو حال من الظرف: ﴿عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ أي من متعلق الظرف، أو حال من نائب الفاعل في: ﴿يُرْزَقُونَ﴾؟
كل هذا جائز، والمعنى لا يختلف فيه اختلافًا كثيرًا.
وقوله: ﴿فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ﴾ أي بالذي أعطاهم ﴿مِنْ فَضْلِهِ﴾. ولم يبينه سبحانه وتعالى، بل أتى به مجملًا؛ لأنه ذُكر مفصلًا في آيات أخرى بعد دخول الجنة يوم القيامة، وأما هنا فهو إجمال.
﴿بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾، ﴿آتَاهُمُ﴾ بمعنى أعطاهم، وأما (أتاهم) فبمعنى (جاءهم).
يقول: ﴿آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ الفضل في اللغة الزيادة، والمراد بالفضل هنا: ما تفضل الله به عليهم من النعيم الذي لم يكن يخطر على بالهم.
قال: ﴿وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ الواو هنا حرف عطف، وهل هي معطوفة على: ﴿فَرِحِينَ﴾ من باب عطف الفعل على الاسم؟ أو معطوفة على: ﴿يُرْزَقُونَ﴾؟
نقول: يحتمل هذا وهذا، ولكن لا يختلف المعنى كثيرًا، المعنى لا يختلف كثيرًا.
قوله: ﴿يَسْتَبْشِرُونَ﴾ أي: يبشر بعضهم بعضًا بما سيذكر، فمعنى (استبشر) أي: بشَّر غيره، أو (استبشر): دخلت عليه البشرى بفعل غيره.
وقوله: ﴿بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ﴾ يعني بإخوانهم الذين لم يلحقوا بهم، ولم يُقتلوا حتى الآن في سبيل الله.
﴿أَلَّا خَوْفٌ﴾ قوله: ﴿أَلَّا خَوْفٌ﴾: هذه (أن) مصدرية لكنها أُدغمت بـ(لا) ﴿أَلَّا خَوْفٌ﴾، والقاعدة الأخيرة في الكتابة أن تكتب (أن)، لكن القاعدة القديمة ألا تكتب، وهنا لم تكتب: ﴿أَلَّا خَوْفٌ﴾، لكن أصل الكلمة (أن لا).
(أن) هنا يقولون: إنها بدل من قوله: ﴿الَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ وكأنه قال: يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم بألا خوف عليهم، ونوع البدل هنا أيش؟ بدل اشتمال؛ لأن الخوف ليس بعض الإنسان، بدل اشتمال، يعني: يستبشرون بألا خوف عليهم ولا هم يحزنون: ﴿أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ فيما يستقبل من أمرهم ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ على ما مضى من أمرهم؛ لأن الأصل أن الخوف للمستقبل، والحزن للماضي.
﴿أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٧٠) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ﴾ الجملة استئنافية تبين استبشارًا سببه غير السبب الأول، الأول: سببه أنهم ينتظرون إخوانًا لهم لم يلحقوا بهم، والسبب الثاني للاستبشار: ما أنعم الله عليهم من النعمة والفضل، وهنا قال: ﴿يَسْتَبْشِرُونَ﴾، وقبل بقليل يقول: ﴿فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ﴾. ولا منافاة بينهما، فهم: فرحين بما حصل، ويستبشرون بالذي سيحصل، فهم: فرحين بما آتاهم الله، مغتبطين به، مسرورين به، ومع ذلك يستبشرون بفضل زائد، ولهذا قال: ﴿بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ﴾، ومن ذلك أنهم يُؤمِّلون النظر إلى وجه الله، وأنهم بُشروا بأن حالهم خلود ولا موت، ويستبشرون أيضًا بما وعدهم الله سبحانه وتعالى في الدنيا وما زالوا يذكرونه؛ لأن في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
قال: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ فيها قراءتان: ﴿وَإِنَّ اللَّهَ﴾ ، ﴿وَأَنَّ اللَّهَ﴾ بالفتح، فعلى قراءة الفتح تكون معطوفة على؟ ﴿نِعْمَةٍ﴾، أي: (وبأن الله)، وعلى قراءة الكسر تكون استئنافية من الله عز وجل، لا من كلامهم، يعني يستبشرون بنعمة من الله وفضل والله تعالى قد جازاهم على عملهم ﴿وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أي لا يتركه هملًا وسدًى، بل لا بد أن يثيبهم عليه.
والجملة كما تشاهدون مؤكدة بـ(إن)، وغيرها؟ اللام؟ بـ(إن) واللام والقسم؟
* طالب: ما فيه لام، ما فيه قسم.
* الشيخ: ما فيه لام، والقسم؟ ما فيه قسم، إذن مؤكدة بأيش؟ بـ(إن) فقط.
﴿وَإِنّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ .
* هذه الآيات فيها فوائد:
* الفائدة الأولى: فضيلة من قُتل في سبيل الله، لكونهم أحياءً عند الله عز وجل.
* من فوائدها أيضًا: الترغيب في الجهاد ليحصل الإنسان على الشهادة.
ولكن هنا مسألة: هل يشرع للإنسان أن يجاهد ليُقتل في سبيل الله، أو الذي يجاهد لتكون كلمة الله هي العليا؟
الثاني، ولهذا ينبغي للإنسان إذا ذهب إلى الجهاد في سبيل الله أن ينوي أنه يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، لا لمجرد أن يُقتل في سبيل الله؛ لأن كونه في سبيل الله مُفرَّع على كونه يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، حتى إن بعض العلماء يقول: إذا قاتل من أجل أن يُقتل فقط فهذا قاتَل ليموت، ولكن القتال الحقيقي هو أن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، وإذا قتل فهو في سبيل الله.
وبعض العلماء يقول: لا بأس أن ينوي بالجهاد أن يُقتل في سبيل الله؛ لأنه لن يتم له أن يقتل في سبيل الله إلا إذا قاتل لتكون كلمة الله هي العليا.
ولكن حتى لو قيل بهذا فإن النية الأولى والرتبة الأولى هي أن يخرج ليقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، ثم يتمنى الشهادة بناءً على هذا.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه يصح نفي الشيء باعتبار، لا نفيًا مطلقًا؛ لقوله: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا﴾ فإن نفي كونهم أمواتًا هنا يراد به أيش؟ الموت الذي حصل فيه العدم بلا فائدة وبدون ثواب.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: فضيلة الشهداء بكونهم عند الله؛ لقوله تعالى: ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة أيضًا: إبطال حجة من قال: إن الرسول ﷺ حي في قبره يُرزق، وقال: إن مقام النبوة أعلى من مقام الشهادة. ولا شك في هذا؛ أن مقام النبوة أعلى من مقام الشهادة، لكن قولهم: إنه حي في قبره يُرزق، إن أرادوا أنها حياة برزخية فهذا حقيقة، وإن أرادوا أنها حياة دنيوية فهذا كذب لا شك؛ لأنه لو كانت حياة دنيوية ما غُسل ولا كُفن ولا صُلي عليه ولا دُفن، ولكان الصحابة رضي الله عنهم وَأَدُوا النبي ﷺ؛ دفنوه حيًّا.
ولا يَرِد على هذا أنها تُرد عليه رُوحه فيرد السلام على من سلَّم عليه؛ لأن رد الروح في البدن في القبر ليس كردها في الحياة الدنيا، بل هو رد خاص، ولذلك لا يحتاج الميت في قبره إلى طعام ولا شراب ولا هواء وإن ردت إليه روحه.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: أن الشهداء يرزقون وهم أموات؛ لقوله: ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾، ولكن هذا الرزق هل يحتاج إلى ما يحتاج الناس في الدنيا؟ بمعنى أنه يحتاج إلى براز في القبل أو الدبر؟ لا؛ لأن هذا رزق أخروي، والرزق الأخروي لا يحتاج إلى ذلك، حتى أهل الجنة باقون فيها أبد الآبدين ولا يحتاجون إلى هذا، وإنما يخرج الطعام والشراب بصفة عرق، ولكنه ليس كعرق الدنيا أيضًا؛ عرق منتن كريه الرائحة، بل هو أطيب من رائحة المسك -اللهم اجعلنا منهم- فهذا معنى قوله: ﴿عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾.
* طالب: الحديث الذي في المسند[[أخرجه أحمد في المسند (١٥٧٨٠) من حديث كعب بن مالك.]] عن أبي بن كعب أو كعب بن مالك أن النبي ﷺ قال: «نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَيْرٌ يَعْلُقُ فِي الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَهُ اللَّهُ إِليْهِ» » ما الفرق بين المؤمن الآن والشهيد؟
* الشيخ: يرى بعض العلماء أن المراد بالمؤمن هنا المؤمن المجاهد الذي قُتل في سبيل الله، ويرى آخرون أنه عام، وهو الصحيح، وأن الفرق هو أن نسمة المؤمن في الجنة طائر يعلق فيها، يعني يأكل منها، وأما أرواح الشهداء فإنها في حواصل أجواف طير خضر تأوي إلى قناديل معلقة، فهي كما أنها تمزق بدنها في الدنيا أبدلها الله تعالى بأبدان أخرى، وهي هذه الطيور الخضر، فتمتاز أرواح الشهداء عن بقية المؤمنين بهذا، وهذا هو الأقرب.
* طالب: يعني يا شيخ كل الأرواح في الجنة تصبح؟
* الشيخ: هذا هو الأقرب أن أرواح المؤمنين في الجنة، لكن يقول ابن القيم رحمه الله: قد تحبس بعض الأرواح بسبب، مثل الدَّين مثلًا قد يمنع من دخول النسمة الجنة، وقد سُئل النبي عليه الصلاة والسلام عن الشهادة هل تكفر الذنوب؟ فقال: «تُكَفِّرُ كُلَّ شَيْءٍ». ثم جاءه جبريل فقال: إِلَّا الدَّيْنَ. فقال: «إِلَّا الدَّيْنَ»[[أخرجه مسلم (١٨٨٥ / ١١٧) من حديث أبي قتادة.]]. وهذا يدل على أنه قد يُحبس ثواب المجاهد عنه إذا كان عليه دين، فقد يكون هناك عوائق، لكن الأصل أن أرواح المؤمنين في الجنة، هذا هو الأصل.
* طالب: قلنا: إنه يصح أن يكون قوله تعالى: ﴿فَرِحِينَ﴾ حالًا من ﴿أَحْيَاءٌ﴾.
* الشيخ: لا من الضمير.
* الطالب: ما ينافي يا شيخ يعني يتناقض المعنى: يكونوا أحياء حالة كونهم فرحين؟
* الشيخ: إي نعم، أحياء وفيهم فرح.
* الطالب: باستمرار يعني: فرح دائم؟
* الشيخ: إي، ما فيه شك، فرح دائم ما عندهم حزن.
* طالب: عندما عمرو بن الجموح أراد أن يخرج في الجهاد في سبيل الله أراد الجنة فمنعه أبناؤه فشكا إلى الرسول فأذن له الرسول ﷺ (...) ﷺ يعني جهادا فيه لتكون كلمة الله هي العليا؟
* الشيخ: معلوم هو ما خرج إلا لهذا.
* طالب: هو يريد الجنة.
* الشيخ: يريد الجنة بناء على أنه خرج لتكون كلمة الله هي العليا، ولهذا إذا خرج إنسان لتكون كلمة الله هي العليا حصل له هذا، حصل له الجنة.
* طالب: هل ورد أن جسد الشهيد لا يفنى أو لا يتحول إلى تراب في القبر؟
* الشيخ: لا، الشهداء ما ثبت، لكنهم قد وجدوا وقائع تدل على أن الأرض لا تأكلهم، ولكن الذي يقين لا تأكلهم هم الأنبياء: «حَرَّمَ اللهُ عَلَى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ»[[أخرجه النسائي في الصغرى (١٣٧٤) من حديث أوس بن أوس.]].
* طالب: نحن نتعبد بما عند الله عز وجل، تقول: الإنسان يقاتل لنيل الشهادة يعني هذا (...) أو يقرأ آية الكرسي (...) حفظه من الشيطان (...)؟
* الشيخ: أما قراءة آية الكرسي لتحفظه فقد أشار إليه الرسول عليه الصلاة والسلام، أشار إليه، لما جاء أبو هريرة وأخبر النبي ﷺ بما قاله الشيطان، قال: «صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ». وقال: «مَنْ قَرَأَهَا فِي لَيْلَةٍ لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبُهُ الشَّيْطَانُ حَتَّى يُصْبِحَ» »[[أخرجه البخاري (٢٣١١) من حديث أبي هريرة.]]. فإذا قرأها الإنسان لهذا الغرض حصل له هذا الغرض، لكنه يكون ناقصًا عمن قرأها للتعبد بها وحصول الغرض، الثاني أكمل.
* طالب: ﴿وَيَسْتَبْشِرُونَ﴾ الأولى تكون معطوفة على ﴿فَرِحِينَ﴾، طيب ﴿فَرِحِينَ﴾ منصوبة؟
* الشيخ: لأنها اسم، تقدير الكلام: فرحين ومستبشرين، يعني لو كانت (يستبشرون) اسمًا لكانت: (ومستبشرين).
* الطالب: طيب، ثبوت النون هنا يدل على الرفع ﴿وَيَسْتَبْشِرُونَ﴾؟
* الشيخ: إي، لأنه فعل، ما هو اسم، والفاعل هو الواو، الواو هذه ما هي بعلامة إعراب، الواو هنا اسم ضمير.
* طالب: بالنسبة للصحابي الذي بايع الرسول ﷺ على أن يدخل سهم من هنا ويخرج من هنا، هذا يدل على نيته أن يقتل يا شيخ؟
* الشيخ: إي، لكنهم يعرفون أنهم ما يقتلون هذه القِتلة إلا إذا كانوا قد نووا أن تكون كلمة الله هي العليا، يعرفون هذا من كلام الرسول ﷺ. * * طالب: تأويل المصدر ﴿أَنْ يَغُلَّ﴾ [آل عمران ١٦١].
* الشيخ: نعم، تأويل المصدر في ﴿أَنْ يَغُلَّ﴾.
هذا النفي هل معناه النهي، أو معناه الشيء المستحيل؟
* الطالب: فيه قولان: بعضهم قال: للمستحيل، وبعضهم قال: إنه للنهي، والصحيح أنه للمستحيل.
* الشيخ: يعني؟
* الطالب: مستحيل شرعًا.
* الشيخ: يعني لا يمكن لنبي؟
* الطالب: لا يمكن للنبي أن يغل من نفقات الجهاد.
* الشيخ: الغلول هنا -غلول النبي- هل هو الأخذ من الغنيمة كما هو غلول غيره، أم غلول النبي شيء آخر؟
* الطالب: غلول النبي..
* طالب: أن يغل من العلم.
* الشيخ: يعني يغلل غير الغلول من الغنيمة؟
* طالب: يشمل الاثنين.
* الشيخ: يشمل الاثنين، صح، يعني لا هذا ولا هذا؛ لا يمكن أن يغل من الغنيمة ولا يمكن أن يغل مما أوحى الله إليه فيكتم العلم الذي علمه الله.
يُشكل على بعض الناس: ﴿يَأْتِ بِمَا غَلَّ﴾ لماذا جاءت على هذه الصيغة: ﴿يَأْتِ﴾؟
* طالب: هذا مجزوم.
* الشيخ: مجزوم بأيش؟
* الطالب: مجزوم بحذف حرف العلة؟
* الشيخ: لماذا جُزم؟
* الطالب: لأنه جواب الشرط.
* الشيخ: أين الشرط؟
* الطالب: ﴿أَنْ﴾. هذا أداة الشرط وفعله.
* الشيخ: هذا أداة الشرط وفعله ﴿أَنْ يَغُلَّ﴾ !
* طالب: ﴿وَمَنْ يَغْلُلْ﴾.
* الشيخ: ﴿وَمَنْ يَغْلُلْ﴾ طيب، أحسنت.
﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ﴾ [آل عمران ١٦٤] لماذا كانت هذه منة؟
* طالب: لأن الله عز وجل أخرج به الناس من الظلمات إلى النور، من الجهل.
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: من الضلال إلى الهدى، أخرج به يعني أخرج الناس.
* الشيخ: لأن الله أخرج به الناس من الضلال إلى الهدى، ومن الشقاء إلى السعادة.
قال: ﴿رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ وفي سورة الجمعة: ﴿رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ [الجمعة ٢] ما الفرق؟
* طالب: ﴿مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ يعني من بينهم.
* الشيخ: ومن هم؟
* طالب: ﴿مِنْهُمْ﴾ يعني من (...) أن الرسول من الأميين ﴿مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ يعني ليس من الناس.
* الشيخ: هذا عام، على جميع المؤمنين، ﴿مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ يعني من جنسهم. ومنه قوله تعالى: ﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا﴾ [النور ١٢].
(ما) في قوله: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ﴾ [آل عمران ١٦٦]؟
* طالب: شرطية؟
* الشيخ: شرطية! كيف شرطية وهي.. ما يستقيم المعنى وهي شرطية.
* طالب: (ما) بمعنى الذي.
* الشيخ: موصولة.
* الطالب: (...).
* الشيخ: طيب، هو يقول: إنها موصولة، ماذا تقولون يا جماعة؟
* طلبة: صحيح.
* الشيخ: صحيح، طيب لماذا اقترنت الفاء في خبرها: ﴿فَبِإِذْنِ اللَّهِ﴾؟
* طالب: لأنها جملة اسمية.
* الشيخ: لا يا أخي.
* طالب: لأن (ما) مضمنة معنى الشرط.
* الشيخ: نعم، لمشابهتها للشرط في العموم.
ما المراد بإذن الله هنا: الإذن الكوني أو الشرعي؟
* طالب: الإذن الكوني.
* الشيخ: الكوني، هل تعرف أن الإذن ينقسم إلى قسمين: كوني وشرعي؟ هل تستطيع أن تأتي بأمثلة؟
* الطالب: الإذن الكوني هو الذي لا بد أن يتحقق.
* الشيخ: لا.
* الطالب: أمثلة؟
* الشيخ: الكوني: ما يتعلق؟
* الطالب: بالكون.
* الشيخ: بالكون، والشرعي ما يتعلق؟
* الطالب: بالأوامر والنواهي.
* الشيخ: الأوامر والنواهي. هنا تقول: إنه إذن كوني. ما الفرق بينهما -أي الإذن الكوني والشرعي- من حيث وقوع المأذون فيه وعدمه؟
* الطالب: الكوني لا بد أن يتحقق.
* الشيخ: نعم، لا بد أن يقع، إذا أذن الله بشيء كونًا فلا بد أن يقع. وشرعًا؟
* الطالب: شرعًا، ما يلزم الوقوع.
* الشيخ: لا يلزم الوقوع، تمام، قد يحكم الله بالشيء شرعًا ولكن لا يمتثله الناس.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا﴾.
* الشيخ: الجملة ﴿قَعَدُوا﴾ معطوفة على أيش؟
* طالب: إما تكون معطوفة على ﴿قَالُوا﴾ أو تكون في موقع حال، جملة حالية.
* الشيخ: في موضع نصب على الحال، يعني: وقد قعدوا.
في قوله: ﴿مَا قُتِلُوا﴾ قراءتان؟
* طالب: ﴿مَا قُتِلُوا﴾ و﴿مَا قُتِّلُوا﴾ .
* الشيخ: وما موقع ﴿مَا قُتِلُوا﴾ من الإعراب؟
* الطالب: جواب الشرط.
* الشيخ: أين الشرط؟
* الطالب: (لو) ﴿لَوْ أَطَاعُونَا﴾ شرطية، أطاعونا..
* الشيخ: هذه الشرطية (لو) جازمة أو غير جازمة؟
* الطالب: جازمة.
* طالب آخر: غير جازمة.
* الشيخ: غير جازمة، قال الله تعالى: ﴿لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ﴾ [الأنبياء ٣٩].
في قوله تعالى: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ﴾ قراءتان؟
* طالب: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ﴾، ﴿وَإِنَّ اللَّهَ﴾ .
* الشيخ: ما الفرق بينهما؟
* الطالب: أن (إن) تكون استئنافية، و(أن) تكون معطوفة على ما قبلها.
* الشيخ: متى تكون استئنافية؟
* طالب: ﴿وَإِنَّ﴾ .
* الشيخ: على قراءة الكسر؟
* الطالب: تكون استئنافية.
* الشيخ: وعلى قراءة الفتح؟
* الطالب: معطوفة على ما قبلها.
* الشيخ: وأيش اللي قبلها؟
* الطالب: معطوفة على: ﴿أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ ﴿وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
* الشيخ: لا.
* طالب: يستبشرون بنعمة وبأن الله.
* الشيخ: يعني على (نعمة)، طيب، أحسنت.
* طالب: ﴿إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى﴾ [آل عمران ١٥٣].
* * *
(...) تكون مصاحبة (...) معهم أو (...).
* الشيخ: وهل تحتمل البدلية؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: كيف؟
* الطالب: غمًّا بدل غم أعظم منه، غم (...) الغم الآخر أعظم منه (...).
* طالب: قد تأتي للسببية.
* الشيخ: وتأتي للسببية، لكن ما سألنا (...)، لكن إذا قلنا: إنها بدلية فهل المعنى: غمًّا كثيرًا بدل غم قليل، أو أن المعنى: غمًّا عوضًا عن غم؟
* الطالب: آتاكم الله غمًّا عوضًا عن الغم الذي جعلتموه لرسول الله.
* الشيخ: نعم، إذن (غمًّا) إما أن تكون الباء للمصاحبة، أي: غمًّا مصحوبًا بغم، يعني غمومًا متعددة، أو غمًّا بدل غم عوضًا عنه، حيث غممتم الرسول ﷺ.
قوله: ﴿أَمَنَةً نُعَاسًا﴾ إعرابها؟
* طالب: ﴿نُعَاسًا﴾ بدل اشتمال من ﴿أَمَنَةً﴾.
* الشيخ: هذا وجه، وجه آخر؟
* طالب: يحتمل أن تكون بدل كل من كل.
* الشيخ: لا، غير (...) وغير (...) عطف البيان.
* طالب: مفعول ثان أو صفة لـ﴿أَمَنَةً﴾.
* الشيخ: ألا يمكن أن تكون ﴿أَمَنَةً﴾ مفعولًا لأجله، و﴿نُعَاسًا﴾ مفعولًا به؟ إي نعم، يجوز هذا وهذا، ويجوز أن تكون بدل اشتمال كما قلتم.
قوله: ﴿وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ﴾ كيف رُفعت والتي قبلها منصوبة: ﴿يَغْشَى طَائِفَةً﴾؟
* طالب: استئنافية.
* الشيخ: استئنافية، خبرها؟
* الطالب: جملة ﴿قَدْ أَهَمَّتْهُمْ﴾.
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم..* الشيخ: (...) لا.
* طالب: نفاق.
* طالب آخر: قال: ﴿لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا﴾ معناها؟
* الشيخ: ﴿يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ﴾ يعني النفاق، يعني يخفون الكفر ولا يظهرونه، هذا قول، والقول الثاني أنهم يخفون قولهم: ﴿هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ﴾.
﴿فِي بُيُوتِكُمْ﴾ فيها قراءتان، بيوت؟
* طالب: ثلاثة.
* طالب آخر: بالضم ﴿بُيُوتِكُمْ﴾.
* الشيخ: بالضم ﴿بُيُوتِكُمْ﴾، والثانية؟
* الطالب: بالكسر.
* الشيخ: ﴿فِي بِيُوتِكُمْ﴾ ، والثالثة؟
* طالب: بضم: بُيُوتُكُمْ.
* الشيخ: هذه من كيسك؟!
* طالب: بضم الباء والتاء.
* الشيخ: لا، التاء ما يمكن.
* طالب: فيه يا شيخ بكسر الباء وكسر التاء؟
* الشيخ: التاء مكسورة على كل حال، لعلك تنازَل عن القراءة الثالثة؟
* طالب: يمكن أن تكون شاذة؟
* الشيخ: لا، ما هي شاذة ولا شيء، إنها قراءتان.
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم..
* * *
* الشيخ: قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا﴾ ما معنى استزلهم؟
* طالب: يعني يكون من استذلالهم وخذلانهم.
* الشيخ: لا.
* الطالب: أطاعوا الشيطان.
* الشيخ: لكن ما معنى (استزلهم) لفظيًّا؟
* طالب: (...) استذلال.
* الشيخ: أوقعهم في الزلل.
والباء في قوله: ﴿بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا﴾ معناها؟
* طالب: بسبب.
* الشيخ: سببية.
هل تفهم من هذا أن الذنوب تكون سببًا للذنوب؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: ما هو الذنب الأول والذنب الثاني؟
* طالب: لما أطاعوا الشيطان.
* الشيخ: ما هو الذنب الثاني؟
* الطالب: هنا؟
* الشيخ: إي.
* الطالب: الذنب الثاني مخالفته لله ورسوله.
* الشيخ: الذنب الثاني؟
* طالب: التولي يوم التقى الجمعان.
* الشيخ: نعم، صح، التولي يوم التقى الجمعان، والأول؟
* الطالب: المخالفة.
* الشيخ: المخالفة، أو ذنوب ما ذُكرت، ذنوب لم تُذكر، ذنوب أذنبوها فاستزلهم الشيطان ببعض هذه الذنوب.
* * *
* طالب: ﴿يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (١٧١) الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٢) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (١٧٤) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران ١٧١- ١٧٥].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾. وأخذناها.
قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ﴾.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: أن الذين قتلوا في سبيل الله ليسوا أمواتًا بل أحياء، ووجه الدلالة قوله: ﴿لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا﴾، ولكن هل هذه الحياة كحياة الدنيا؟ لا، بل هي حياة برزخية ليست كحياة الدنيا.
* من فوائدها: أنه إذا ثبت هذا للشهداء فإنه يثبت للأنبياء من باب أولى، فالأنبياء أحياء، ويمتاز الأنبياء عن الشهداء بأن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسادهم، بخلاف الشهداء، فإن الأرض تأكلهم ولكن قد لا تأكل بعضهم إكرامًا لهم، وإلا فالأصل أنهم كغيرهم تأكلهم الأرض.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات العندية لله عز وجل، أي أن يكون أحد من الخلق عند الله؛ لقوله: ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِم﴾، وهذه عندية خاصة؛ كقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ﴾ [الأعراف ٢٠٦].
ثم قال تعالى: ﴿فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾.
* من فوائدها: أن هؤلاء الشهداء لهم شعور، يفرحون؛ لأن الفرح من الشعور النفسي.
وهل يحزنون؟
ذكر في بعض الآثار أن الميت تُعرض عليه أعمال أقاربه، فإذا كانت سيئة حزن، وإن كانت حسنة فرح، لكنها آثار يشك الإنسان في صحتها.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: قوله: ﴿فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ أن هذا الثواب الذي يناله هؤلاء الشهداء ثواب عظيم. وجه الدلالة: أنه من عند إله عظيم ذي إفضال، والثواب يعظُم بعظم المثيب، لا سيما وقد قال: ﴿مِنْ فَضْلِهِ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الفضل لله على عباده في الدنيا وفي الآخرة؛ لقوله: ﴿بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾، فكما أن لله فضلًا في الدنيا له فضل في الآخرة، فمن أمثلة فضله في الدنيا قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ﴾ [التوبة ٥٩] فهذا فضل دنيوي.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن هؤلاء الشهداء ﴿يَسْتَبْشِرُونَ﴾ أي يبشر بعضهم بعضًا ﴿بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ﴾، أي من بعدهم، يعني يستبشرون بأنه سيلحقهم أناس شهداء يكونون في منازلهم.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن هؤلاء الشهداء ليس عليهم خوف ولا حزن، لا خوف يتعلق بالمستقبل، ولا حزن يتعلق بالماضي، أما كونه لا خوف عليهم في المستقبل فلأنهم قد أحلهم الله جنات، والجنة من يدخلها ينعم ولا يبأس، ويصح فلا يسقم، ويحيا فلا يموت، وفيها من النعيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
وأهل الجنة في الآخرة هم أهل الجنة في الدنيا، ولهذا لا تجد أحدًا أنعم بالًا وأسر حالًا من المؤمن؛ إن أُعطي شكر، وإن ابتُلي صبر، وإن أذنب استغفر، ودائمًا مع الله عز وجل في حكمه الكوني وفي حكمه الشرعي، راضٍ بقضاء الله، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، َإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ»[[أخرجه مسلم (٢٩٩٩ / ٦٤) من حديث صهيب بن سنان.]].
وقد ذكر بعض العلماء أن قوله تعالى: ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ﴾ [الدخان ٥٦] ذكروا أنه قال: ﴿إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى﴾، مع أن الموتة الأولى قد خلصت؛ لأن نعيم أهل الجنة مستمر من الحياة الدنيا إلى دخول الجنة. وأما كونهم لا يحزنون على ما مضى -أعني الشهداء- فلأنهم استكملوا عملًا من أفضل الأعمال، وهو الجهاد في سبيل الله الذي أدى إلى الشهادة، فلا يحزن، من خرج من الدنيا شهيدًا فقد خرج أكمل خروج، في الطبقة الثانية من طبقات الذين أنعم الله عليهم.
ثم قال عز وجل: ﴿يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ﴾.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: استبشار الشهداء مرة ثانية بما أنعم الله عليهم من الفضل؛ لأن الاستبشار الأول فيما يكون لإخوانهم، والثاني فيما أنعم الله به عليهم، فهم لهم استبشارات متعددة حسب ما يجدون من نعيم.
* ومن فوائدها: إسناد النعمة إلى مسديها، وهو الله. لا يرون لأنفسهم فضلًا، بل يرون الفضل والمنة لله عليهم، ولهذا قال: ﴿بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ﴾.
* ومن فوائدها: عظم النعمة التي يعطَونها. وجهه أن الله أضافها إليه، وإضافة العطاء إلى الله يدل على عظمته.
* ومن فوائدها؛ من فوائد الآية: أن كل مؤمن فلن يضيع الله أجره؛ لقوله: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾، أو على القراءة الثانية، ما هي؟ ﴿وَإِنَّ اللَّهَ﴾، فالله عز وجل لا يضيع أجر المؤمنين، كل إنسان يعمل وهو مؤمن فإن أجره لن يضيع.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات عدل الله عز وجل، وذلك بعدم إضاعته أجر المؤمنين. والآيات في هذا المعنى كثيرة.
* ومن فوائدها: فضيلة الإيمان، وأنه سبب للحصول على الثواب والأجر.
{"ayahs_start":169,"ayahs":["وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ قُتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أَمۡوَ ٰتَۢاۚ بَلۡ أَحۡیَاۤءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ یُرۡزَقُونَ","فَرِحِینَ بِمَاۤ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَیَسۡتَبۡشِرُونَ بِٱلَّذِینَ لَمۡ یَلۡحَقُوا۟ بِهِم مِّنۡ خَلۡفِهِمۡ أَلَّا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ","۞ یَسۡتَبۡشِرُونَ بِنِعۡمَةࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلࣲ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا یُضِیعُ أَجۡرَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ"],"ayah":"۞ یَسۡتَبۡشِرُونَ بِنِعۡمَةࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلࣲ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا یُضِیعُ أَجۡرَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق