الباحث القرآني
ثم قال تعالى: ﴿أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ﴾ [آل عمران ١٦٢] الهمزة هنا للاستفهام، وليها حرف عطف؛ وقد ذكرنا -فيما سبق- أنه إذا جاءت همزة الاستفهام وبعدها حرف عطف فإن لعلماء النحو في ذلك رأيين:
الرأي الأول: أن الهمزة داخلة على جملة مقدّرة تناسب المقام؛ والفاء عاطفة على تلك الجملة.
والرأي الثاني: أن الهمزة داخلة على الجملة الموجودة ولم يحذف شيء، ولكنها مقدَّمة عن موضعها؛ لأن لها الصدارة؛ وأن الفاء في مثل: ﴿أَفَمَنِ اتَّبَعَ﴾ محلها في الأصل قبل الهمزة، والتقدير: (فأمن اتبع)، ولكن لما كان الاستفهام له الصدارة قُدّمت على حرف العطف؛ وقلنا: إن هذا أسهل؛ ووجه سهولته أنه لا يحتاج إلى تكلف تقدير المحذوف؛ لأنه أحيانًا يصعب عليك أن تُقدّر المحذوف؛ وربما تقدر محذوفًا ويُقدّر غيرك غيره؛ إذن نعتمد أن الهمزة للاستفهام، وأن الفاء عاطفة على ما قبلها.
﴿أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ﴾ (من) هنا اسم استفهام أو اسم موصول؟
* طالب: اسم موصول.
* الشيخ: التقدير (أفالذي اتبع)؛ إذن هي اسم موصول؛ لأن لا نجعل أداة الاستفهام داخلة على اسم الاستفهام أو على الجملة الاستفهامية. ﴿أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ﴾ أي: تتبعه، أي: تتبع ما يرضي الله عز وجل؛ فكل ما يرضي الله يقوم به: ﴿كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ﴾ يعني كالذي باء أي: رجع ﴿بَاءَ﴾ بمعنى: رجع، أي: كالذي رجع بسخط من الله ضد الرضوان.
من هو الذي يتعرّض للرضوان والذي يتعرض للسخط؟ المطِيع يتعرض للرضوان، والعاصي للسخط.
﴿كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ﴾ الواو يحتمل أن تكون للاستئناف، ويكون المراد بها الإخبار عن مآل هذا الذي باء بسخط من الله؛ ويحتمل أن تكون عاطفة على جملة صلة الموصول وهي: ﴿بَاءَ﴾ أي: كمن باء وكمن مأواه جهنم.
﴿وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ﴾ مأواه: أي: مرجعه الذي يأوي إليه إيواءً لا مغادرة بعده؛ و﴿جَهَنَّمُ﴾ اسم من أسماء النار أعاذنا الله وإياكم منها، وسُمّيت بهذا الاسم المشتق من الْجُهْمة، الْجُهْمة تتضمن السواد واللَّبس؛ لأن جهنم سوداء عميقة بعيدة العمق؛ وقيل: إن جهنم لفظ معرّب، معرب من (كهنّام)، وكهنّام أصلها النار؛ اسم النار، يعني يقال: نار كهنّام؛ ما أدري هذه لغة باكستانية ولَّا..؟
* طالب: فارسية.
* الشيخ: فارسية إي نعم، ما عندنا فوارس؟
* طالب: هذه ليست فارسية.
* الشيخ: ليست فارسية؛ على كل حال إحنا بلغنا أنها معرّبة من هذا؛ يعني أن أصلها في غير اللغة العربية (كهنّام)، ثم بالتعريب صار جهنم.
وقوله: ﴿وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ (بئس) جملة إنشائية لإفادة الذم؛ و(نِعْمَ) جملة إنشائية لإنشاء المدح، و(بئس) و(نِعْمَ) يحتاجان إلى شيئين؛ إلى فاعل ومخصوص؛ كلما جاءتك (نِعْمَ) و(بئس) فإنها تحتاج إلى فاعل ومخصوص؛ فهنا ﴿الْمَصِيرُ﴾ ﴿وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ المصير فاعل، والمخصوص؟
* طلبة: محذوف.
* الشيخ: محذوف تقديره: وبئس المصير هي؛ أي: جهنم؛ أو: وبئس المصير مصيره؛ يعني يجوز هذا وهذا.
* في هذه الآية الكريمة من الفوائد: بيان أنه لا يستوي من يتّبع رضوان الله ممن يبوء بسخطه؛ لقوله: ﴿أَفَمَنِ اتَّبَعَ﴾ ﴿كَمَنْ بَاءَ﴾ والاستفهام هنا لأي شيء؟ للنفي، الاستفهام للنفي.
* ومن فوائدها: إثبات وصف الله بالرضا؛ يعني إثبات أن الرضا صفة من صفات الله؛ لقوله: ﴿رِضْوَانَ اللَّهِ﴾. ومن قاعدة أهل السنة والجماعة أن كل وصف وصف الله به نفسه فإنه يجب علينا أن نؤمن به، وأن نصف الله به، فنقول: إن لله رضوانًا وأنه يرضى. والرضا صفة فعل أو صفة لازمة ذاتية؟
* طلبة: صفة فعل.
* الشيخ: صفة فعل؛ لأن الرضا له سبب، وكل صفة من صفات الله لها سبب فإنها من الصفات الفعليّة؛ عرفتم؟
أنكر بعض الناس الصفات الفعلية لله، أنكروها متعلّلين بعلّتين:
العلّة الأولى: أن صفات الأفعال حادثة، والحوادث لا تقوم إلا بحادث؛ لأن حدوث الصفة يدل على حدوث الموصوف، فالحوادث لا تقوم إلا بحادث.
العلة الثانية: قالوا: إن كانت هذه الصفة كمالًا لزم أن يكون متصفًا بها دوامًا؛ وإن كانت نقصًا لزم أن يمتنع من الاتصاف بها دائمًا؛ واضح التعليل الثاني؟
* طلبة: ما هو واضح.
* الشيخ: غير واضح؛ يقولون: إن الصفات الفعلية التي تحدث بعد أن لم تكن موجودة إن كانت كمالًا لزم أن يتصف بها دوامًا ما تتعلق بالمشيئة؛ وإن كانت نقصًا لزم أن يمتنع منها دوامًا؛ ألا يتصف بها دوامًا، صح ولَّا لا؟
* الطلبة: صح.
* الشيخ: لأن النقص لا يمكن أن يتصف الله به.
أما الأول؛ العلة الأولى فنقول: إن قولكم: إن الحوادث لا تقوم إلا بحادث. غير صحيح؛ لأن الحوادث فعل الفاعل، والفعل عقلًا يتأخر عن.. عن أيش؟ عن الفاعل لا شك؛ لأن الفعل يكون بإرادة الفاعل وقدرته، وهو متأخر عن وجوده؛ فالفاعل سابق للمفعول وسابق للفعل أيضًا، فكيف نقول: إن الحادث لا يقوم إلا بحادث؟ يجوز أن يكون أزليًّا، ثم حدث منه الفعل، كما أننا نحن الآن نُولد وتحدث أفعالنا متى؟ بعد ولادتنا. هذه واحدة.
الثاني، التعليل الثاني ما هو؟
* طلبة: الصفة (...).
* الشيخ: أنها إن كانت هذه الصفة كمالًا.
* طلبة: وجب أن يتصف بها دوامًا.
* الشيخ: إن كانت كمالًا وجب أن يتصف بها دوامًا، وإن كانت نقصًا لزم أن لا يتصف بها دوامًا؛ فنقول في الجواب على هذا: هي كمالٌ حال فعلها، حال فعلها كمال لا شك، وحال عدمها ليست كمالًا، الكمال في عدمها، واضح يا جماعة؟
الرضا، خذ الرضا الآن، الرضا على من يستحق الرضا أيش؟ كمال، ولا يستحق الرضا إلا بعد فعل ما يوجبه؛ الرضا لمن لا يستحق؟
* الطلبة: نقص.
* الشيخ: نقص؛ لأنه يُنافي الحكمة؛ فإذن إذا اتصف الله بالرضا فإنه اتصف به في الحال التي يكون بها كمالًا.
الرضا يُفسّره الذين يقتصرون على إثبات سبع صفات بأنه الثواب أو إرادة الثواب؛ والصحيح أن الرضا صفة نفسيّة يتصف الله بها عز وجل وليست الثواب؛ لأن الإثابة خلق ما يثاب به، خلق ما يُثاب به غير الرضا؛ وهي -أي الإثابة- من مقتضيات الرضا وآثاره، وليست هي الرضا بلا شك؛ أنت الآن إذا رضيت عن شخص بعد أن ترضى عنه تُثيبه بما ترى أنه ثواب له؛ أليس كذلك؟
* الطلبة: بلى.
* الشيخ: إذا كان هكذا فإنه لا يصح أن نفسّر الملزوم باللازم؛ لأنهما شيئان متباينان؛ فحينئذٍ يتبين أن الصواب ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة جعلني الله وإياكم منهم. ما هو؟ أن نصف الله بما وصف به نفسه ولا نغيّر؛ رضوان الله نعم، الله يرضى وما المانع؟! وليس فيه أي محذور ولا نقص.
* طالب: التقدير في قوله: ﴿أَفَمَنِ﴾ على قول البصريين على المذهب الثاني.
* الشيخ: الثاني؟ ﴿أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ﴾ يعني التقدير: أتسوون بين طالب الرضا والمتعرّض للسخط، فمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط منه؛ ولهذا الواقع أن القول الثاني أسهل بكثير، أحيانًا يتحيّر الإنسان ما يعرف كيف يقدر.
* طالب: ﴿أَفَمَنِ﴾ على القول أنها تكون عاطفة على ما قبلها، الجملة التي قبلها أحيانًا أيضًا ما تجد رابطًا بين المعطوف والمعطوف عليه، ما تكون سهلة؟
* الشيخ: تكون للاستئناف؛ لأن الفاء تأتي للاستئناف.
* طالب: شيخ، أحسن الله إليك، ذكرنا أن نفي الصفات نفي صفات (...) للكمال الكلي.
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: نفي صفة، نفي بعض الصفات يقتضي ثبوت كمال ضده.
* الشيخ: أيش، يقتضي، كمال؟
* الطالب: ثبوت الضد.
* الشيخ: كمال أيش؟
* طالب: إثبات كمال الضد.
* الشيخ: إي نعم، نعم.
* الطالب: شيخ، هل يقال بالعكس: إن إثبات صفات النفي يكون نفي للـ..؟
* الشيخ: لا؛ لكن يكون متصفًا بهذا، مثلًا لو قلت: فلان شجاع؛ هل معناه أنه ينتفي عنه البخل، أو ينتفي عنه الجبن؟
* الطالب: الجبن.
* الشيخ: نعم، ينتفي عنه الجبن؛ فهذه ربما نقول، لكن ما أستطيع الآن أن أجزم بأنها قاعدة مطّردة؛ أن إثبات صفات الكمال نفي لضدها؛ لكنها بالنسبة لصفات الله لا شك أنها نفي لضدها.
* طالب: شيخ، قلنا: عموم قول الله سبحانه وتعالى: ﴿ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ﴾ خُصّص بالصدقة وبالصيام.
* الشيخ: عن الغير.
* الطالب: رجّحنا: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» على هذا العموم؛ وهنا لماذا لم نقل: إن هذا العموم مخصص بهذه الأشياء فلا نقيس عليها أشياء أخرى غير الصدقة مثل الصلاة؟
* الشيخ: لأنه لما خرج من عمومه ما خرج ضعف العموم، حتى إني قلت لكم: بعض العلماء يقول: إنه إذا خرج منهم شيء من عمومه سقط عمومه أصلًا.
* الطالب: قول النبي ﷺ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨ / ١٧) من حديث عائشة رضي الله عنها.]]، و«مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»[[أخرجه مسلم ( ١٧١٨ / ١٨) من حديث عائشة رضي الله عنها.]] هذه الأعمال يعني قد يقول قائل: ما كانت على عهد النبي ﷺ ولا على عهد السلف ولا على عهد..؟
* الشيخ: نعم؛ لأنهم ما تعرّضوا لها، لكن تعرضوا لمثلها وأجازه الرسول.
* طالب: الثواب لأبي بكر يجوز.
* الشيخ: الصواب أنه يجوز، لكنه خلاف الأولى.
* طالب: الصحابة رضي الله عنهم أبو بكر وعمر يجوز نهب لهم شيئًا؟
* الشيخ: يجوز، لكنه خلاف الأولى حتى لوالديك؛ الأولى أن لا تهب لهم شيئًا.
* * *
* طالب: ﴿هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (١٦٣) لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [آل عمران ١٦٣ - ١٦٤].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله عز وجل: ﴿أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ الاستفهام هنا؟
* طالب: للنفي.
* الشيخ: للنفي، يعني ليس هذا كهذا. و(مَنْ) في قوله: ﴿أَفَمَنِ اتَّبَعَ﴾؟
* طالب: موصولة.
* الشيخ: موصولة بمعنى (الذي). وبماذا يكون اتباع رضوان الله؟
* طالب: بطاعته.
* الشيخ: بطاعة الله واجتناب معاصيه. ﴿كَمَنْ بَاءَ﴾ من؟
* طالب: اسم موصول.
* الشيخ: اسم موصول يعني كالذي.
* الطالب: باء بسخط.
* الشيخ: باء بسخط. ما معنى: ﴿بَاءَ﴾؟
* طالب: رجع.
* الشيخ: رجع، كمن رجع بسخط من الله واكتسبه. قوله: ﴿وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ يقولون: إن هذه الجملة إنشائية فعلها جامد لإنشاء الذم، وتحتاج إلى فاعل، إلى أيش؟
* طالب: تحتاج إلى فاعل؟
* الشيخ: بئس تحتاج إلى فاعل وأيش؟
* الطالب: ومخصوص.
* الشيخ: ومخصوص؛ أين الفاعل؟
* الطالب: ﴿الْمَصِيرُ﴾.
* الشيخ: ﴿الْمَصِيرُ﴾.
* الطالب: بئس هو.
* الشيخ: الفاعل مستتر يعني؟ التقدير: بئس هو؟
* طالب: شيخ، ضمير بعد..
* الشيخ: ﴿بِئْسَ الْمَصِيرُ﴾.
* الطالب: مصيرك نعم هي، أو بئس المصير مصيرك، شيء واحد.
* الشيخ: لا؛ ما نريد المخصوص، إنا نريد الفاعل.
* طالب: موجود.
* الشيخ: إي موجود، الفاعل هو المصير، والمخصوص محذوف التقدير: بئس المصير مصيره، أو بئس المصير هي؛ أي: النار.
* في هذه الآية الكريمة: الحثّ على اتباع رضوان الله؛ لأن هذا الاستفهام لنفي المساواة بين من اتبع رضوان الله ومن اتبع سخطه.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات الرضا لله، وأن الله موصوف بالرضا؛ والرضا صفة من صفات الله الحقيقية، وهي من صفات الأفعال؛ أليس كذلك؟ وقد علمتم أن من أهل البدع من أنكر صفات الأفعال متعلّلًا بعلّتين معلولتين هما؟
* طالب: بأنها حادثة لا تقوم إلا بحادث..
* طالب آخر: قالوا: إنها لو كانت كمالًا لاتصف الله بها على الدوام، وإن كانت نقصًا فهذا مُحال، فلا يوصف الله سبحانه وتعالى بما كان فيه نقص.
* الشيخ: لا، وإن كانت نقصًا لم يتصف الله بها. قالوا: إن كان الرضا كمالًا وجب أن يكون موصوفًا به أزلًا وأبدًا، وإن كان نقصًا وجب أن لا يتصف به، امتنع أن يتصف به أزلًا وأبدًا؛ لأنه إذا كان نقص كيف يتصف الله به؟ إن كان كمالًا يلزم أن يكون الله متصفًا به دائمًا. ما هو الجواب عن الشبهة الأولى؟
* طالب: الشبهة الأولى أقول: يعني ردًّا عليهم أن الفعل لا يأتي إلا بعد الفاعل؛ يعني مثل الفعل يأتي بعد الفاعل، يعني الفعل يحدث من الفاعل.
* طالب آخر: نقول: إن هذا قاعدتهم خطأ.
* الشيخ: قاعدتهم خطأ.
* الطالب: يعني الفاعل..
* الشيخ: يعني لا يلزم من حدوث الصفة حدوث الموصوف؛ كذا؟ لأن الصفة ما تكون إلا بعد وجود الموصوف، الفعل لا يكون إلا بعد وجود الفاعل، وهذا نحن نفعل أفعالًا حادثة مع أنا سابقون عليها. جواب الشبهة الثانية؟
* طالب: أنها كمال، أن الرضا كمال في حين فعلها.
* الشيخ: نعم، يكون كمالًا حين يوجد سببه فيرضى؛ ويكون نقصًا إذا لم يوجد سببه، لو أن الله رضي عن الكافرين لكان هذا ينافي الحكمة، تمام.
* من فوائد الآية الكريمة: إثبات السخط لله؛ لقوله: ﴿كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ﴾ والسخط والغضب معناهما متقارب؛ وأهل السنة يقولون: إن السخط صفة حقيقية ثابتة لله، وأهل البدع يقولون: لا، لا يمكن أن يسخط الله عز وجل، بل المراد بالسخط: الانتقام أو إرادة الانتقام؛ معنى سخط الله يعني ليس وصفًا في نفسه، بل معناه انتقم وعاقَب المسخوط عليه؛ أو أيش؟ أراد أن ينتقم منه؛ وهذا بناء على أن صفات الأفعال لا تقوم بالله كما سبق، التعليل هو ما سبق.
ونحن نقول: إن الانتقام من آثار السخط، وإرادة الانتقام أيضًا من آثار السخط، والدليل على هذا قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾ [الزخرف ٥٥] آسفونا بمعنى (أغضبونا)، انتقمنا منهم؛ فجعل الانتقام بعد وجود الغضب. واضح؟ وهذا يدل على أن هذا ليس هو هذا.
* من فوائد الآية الكريمة: التحذير من التعرّض لسخط الله؛ لقوله: ﴿كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات النار؛ لقوله: ﴿وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ﴾ وهي ثابتة، الآن موجودة ولا تفنى أبدًا؛ لأن الله ذكر التأبيد في ثلاثة مواضع من كلامه؛ في سورة النساء، وفي سورة الأحزاب، وفي سورة الجن؛ فقال في سورة النساء: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [النساء ١٦٨، ١٦٩]، وقال في سورة الأحزاب: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (٦٤) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [الأحزاب ٦٤، ٦٥]، وقال في سورة الجن: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [الجن ٢٣].
ولا قول بعد قول الله عز وجل؛ لأن قوله أصدق الكلام وأبين الكلام وهو الخالق عز وجل.
* من فوائد الآية الكريمة: ذمّ النار والثناء عليها بالقدح؛ من أين تؤخذ؟
* طلبة: ﴿وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾.
* الشيخ: من قوله: ﴿وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾.
* ومن فوائدها: التنبّه لأمر يتكلم فيه الناس كثيرًا الآن؛ يقولون: إذا مات الرجل: إنه رجع إلى مثواه الأخير؛ وهذا لو أخذنا بظاهره لكان يتضمّن إنكار البعث، مع أن القبر ليس المثوى الأخير؛ ما هو المثوى الأخير؟
* الطلبة: الآخرة.
* الشيخ: الآخرة، الجنة أو النار؛ القبر مزار؛ سمع أعرابي رجلًا يقرأ قول الله تعالى: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ [التكاثر ١، ٢] فقال: والله إن الزائر ليس بمقيم[[ينظر تفسير ابن عطية (٥/ ٥١٨) بلفظ: فإن الزائر منصرف لا مقيم.]]؛ شوف إن الزائر ليس بمقيم، من أين فهم هذا؟
من: ﴿زُرْتُمُ﴾. وهذا فهم فطري ما يحتاج إلى دراسة، لكن الأعراب عندهم ذكاء، بعضهم عنده ذكاء، عندهم ذكاء عظيم؛ وهذا كالذي سمع قارئًا يقرأ: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالًا من الله والله غفور رحيم) قال الأعرابي: اقرأ الآية صوابًا. فقال: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالًا من الله والله غفور رحيم)؛ قال: اقرأها، اقرأها صوابًا ما هو هكذا؛ فقال: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [المائدة ٣٨] قال: الآن، عزّ وحكَم فقطَع، ولو غفر ورحم ما قطع[[ينظر خزانة الأدب وغاية الأرب لابن حجة الحموي (١/ ١٧٦)، الكشكول (٢/ ١١٢).]]؛ ولهذا قال في الذين يحاربون الله ورسوله قال فيهم: إنما جزاؤهم ﴿أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٣٣) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة ٣٣، ٣٤].
قال العلماء: في هذا دليل على أنهم إذا تابوا قبل القُدرة عليهم خُلّي سبيلهم؛ لأن الله قد غفر لهم ورحمهم؛ فمن أين أخذوا أن الله غفر لهم ورحمهم؟ من ختم الآية: ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ لأن مقتضى علمنا بهذا أن نفهم أن الله غفر لهم ورحمهم.
{"ayah":"أَفَمَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَ ٰنَ ٱللَّهِ كَمَنۢ بَاۤءَ بِسَخَطࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأۡوَىٰهُ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِیرُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق