الباحث القرآني
طالب: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160) وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ﴾.﴾
* الشيخ: أعد لأن يأت جواب الشرط لازم تكون متصلة باللي قبلها.
* الطالب: ﴿وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161) أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [آل عمران ١٦٠ - ١٦٢].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ﴾.
هذه الجملة جملة شرطية، فعل الشرط فيها مضارع مجزوم: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ﴾، وجواب الشرط فيها جملة اسمية مصدرة، مصدرة بلا، لماذا اقترنت الفاء فيها؟
* طالب: (لا النافية).
* الشيخ: النفي طيب مصدرة بـ(لا) ولّا بالنفي؟
* طالب: بـ(لا النافية).
* طالب آخر: (...).
﴿فَلَا غَالِبَ لَكُمْ﴾ يا أخي، وين لن؟ ﴿فَلَا غَالِبَ لَكُمْ﴾ مصدرة بإيش؟
* طالب: بـ(لا النافية).
* الشيخ: بـ(لا النافية)، و(لا النافية) هل إذا كانت صدرًا لجواب الشرط يقترن الجواب بالفاء جوازًا أو وجوبًا؟
* طالب: وجوبًا.
* الشيخ: وجوبًا، هل عندك من دليل من كلام العلماء؟
* الطالب: فيه بيت لكن..
* الشيخ: فما هو البيت؟
* الطالب:
؎اسْمِيَّةٌ طَلَبِيَّةٌ وَبِجَامِدٍ ∗∗∗ وَبِمَا وَقَدْ وَبِلَنْ وَبِالتَّنْفِيسِ
* الشيخ: وبما وقد، وين (لا)؟
* طالب: (...).
* الشيخ: جواب (ما) وهذا لم (...)، الواقع أن: ﴿لَا غَالِبَ لَكُمْ﴾ جملة اسمية، فهمت؟ ﴿فَلَا غَالِبَ لَكُمْ﴾، ﴿وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ﴾ أيضًا الجملة هذه جملة الشرطية فعل الشرط فيها فعل مضارع، وجواب الشرط فيها جملة استفهامية مرتبطة بالفاء وجوبًا أو جوازًا؟
* طالب: وجوبًا.
* الشيخ: وجوبًا لماذا؟
* الطالب: لأن (...).
* الشيخ: تكملة (...) آية: ﴿وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي﴾؟ لأن الجملة اسمية، صح؟
وقوله: ﴿فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ﴾ فيها: (من) و(ذا) و(الذي)، فهل (ذا) التي بعد (من) اسم موصول أو ملغاة؟
* طالب: ملغاة.
* الشيخ: لماذا؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: لأنه أتى بعدها اسم موصول، و(ذا) التي بعد (من) تكون اسمًا موصولًا بشرط أن لا يأتي بعدها اسم موصول، فإن أتى بعدها اسم موصول تعين أن تكون ملغاة، وقال بعض النحويين: لا يتعين أن تكون ملغاة ويكون اسم الموصول الثاني توكيدًا لاسم الموصول الأول، كأن يقال: فمن الذي الذي ينصركم من بعده؟ هذا ما يتعلق بالآية من حيث الإعراب.
أما قوله تعالى: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ فقد سبق الكلام على مثلها.
يقول الله عز وجل في هذه الآية: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ﴾ يعني: إذا قدَّر الله نصركم فإنه لن يغلبكم أحد، وإنما قلت: إن يقدر الله نصركم؛ لأنه لو كان المراد النصر بالفعل لم يكن لقوله: ﴿فَلَا غَالِبَ لَكُمْ﴾ فائدة، لأن النصر قد حصل، وعلى هذا فيكون المعنى: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ﴾ أي: إن يُقَدِّر نصركم، وهذا نظير قول النبي ﷺ: «وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ»[[أخرجه أبو داود (٤٦٩٩) من حديث أبي بن كعب، والحاكم (٦٤٣٧) من حديث ابن عباس واللفظ له.]] فهذا قال بعض العلماء: أن ما أصابك أي ما قُدِّر أن يصيبك، لأن ما أصابك بالفعل قد حصل، فلا يستقيم قوله: «لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ» » ولكن الصحيح أن الحديث على ظاهره، أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، يعني: أن الأمر لا يمكن أن يقع على خلاف الواقع، فما أصابك لم يكن ليخطئك أبدًا فلا حاجة إلى الندم.
هنا يقول: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ﴾ و(لا) هذه نافية للجنس، والنافية للجنس نص في العموم؛ لأن النفي قد يكون عام للعموم نصًّا، وقد يكون للعموم ظاهرًا.
والفرق بين النص والظاهر أن النص لا يحتمل التخصيص، والظاهر يحتمل أن يكون عامًّا أريد به الخصوص؛ قال أهل العلم في النحو: و(لا النافية) نص في العموم. كما أن (من) الزائدة إذا جاءت بعد النفي صار النفي نصا في العموم، كما لو قلت: ما في الدار من رجل. هذه نص في العموم كقولك: لا رجل في الدار.
الحاصل قوله: ﴿فَلَا غَالِبَ لَكُمْ﴾ هذه عامة يعني: لا أحد يغلبكم مهما كانت قوته ومهما كان عدده، وإنما قال الله ذلك من أجل أن نعلق النصر بالله عز وجل لا بغيره.
قال: ﴿وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ﴾ يخذلكم:ما معنى (يخذلكم)؟ مقابل: ﴿يَنْصُرُكُمْ﴾ مقابل النصر، فالخذلان ضد النصر، وهذه من القواعد التي تفيدك في تفسير القرآن، أن الكلمة قد يظهر معناها بما قرن معها من الضد، الكلمة قد يتبين معناها بأيش؟ بما قرن معها من الضد.
لو قال لك قائل: ما معنى قوله تعالى: ﴿فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا﴾ [النساء ٧١] ما معنى ثبات؟
* طلبة: فرادى.
* الشيخ: فرادى؟ هل راجعت القاموس؟ لا، من أين عرفت أنها فرادى؟ قابلها بقوله: ﴿أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا﴾.
﴿إِنْ يَخْذُلْكُمْ﴾ أي: إن يقدر لكم الخذلان وهو عدم النصر: ﴿فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ﴾ ويمكن أيضًا أن نستدل على معنى الخذلان بقوله: ﴿فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ﴾ من: استفهام بمعنى النفي، ولكنه جاء - أعني النفي- جاء بصيغة الاستفهام لأنه مشرب أيش؟ بمعنى التحدي، يعني كأن الله يقول: نتحداكم إذا أراد الله خذلانكم أن ينصركم أحد من بعده حتى لو اجتمعت قوى الأرض كلها، على أن تنصركم والله تعالى لم ينصركم فإنه لا يمكن أن تنتصروا: ﴿وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ﴾ الجواب؟
* طلبة: لا أحد.
* الشيخ: لا أحد.
﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ ﴿عَلَى اللَّهِ﴾ جار ومجرور مقدم على عامله وهو: ﴿يَتَوَكَّلِ﴾، وتقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر، أي: على الله لا غيره فليتوكل.
والفاء هنا قال النحويون: إنها زائدة لتحسين اللفظ، ولا يمكن أن تكون عاطفة، لأن الواو في قوله: ﴿وَعَلَى اللَّهِ﴾ تغني عنها؛ ولهذا لو قيل: وعلى الله ليتوكل. صح.
فهي زائدة لتحسين اللفظ، ووجه كونها لتحسين اللفظ ظاهر؛ لأن اللفظ لو قلت: وعلى الله ليتوكل المؤمنون لم يكن في ذاك البلاغة، فإذا قلت: فليتوكل صار هذا أبلغ.
وقوله: ﴿فَلْيَتَوَكَّلِ﴾ أي: فليعتمد، ولكن التوكل على الله عز وجل ليس كالتوكل على الآدمي؛ التوكل على الله فيه إنابة وخضوع وذل وتفويض واعتماد تام على الله، بخلاف ما إذا توكل الإنسان على شخص وكيل له، فإنه لا شك يعتمد عليه فيما وكله فيه، لكن لا يجد من قلبه أنه أيش؟ مفوض تفويضًا تامًا، ومنيبًا إلى الله وخاضع له عز وجل؛ فالتوكل على الله عبادة، ولهذا قال: ﴿وَعَلَى اللَّهِ﴾ يعني وحده: ﴿فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ المؤمنون بمن؟ المؤمنون به، والإيمان بالله إذا أطلق شمل جميع ما يجب الإيمان به من الأركان الستة التي بينها الرسول ﷺ في قوله لجبريل: «الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ باِللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ»[[أخرجه مسلم (٨ / ١) من حديث عمر.]].
* في هذه الآية من الفوائد: بيان كمال قدرة الله عز وجل؛ لقوله: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ﴾.
* ومن فوائدها: وجوب تعلق القلب بالله وحده في طلب الانتصار؛ لقوله: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ﴾ إذن ممن نطلب النصر بناء على هذه القاعدة؟ من الله عز وجل.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الله إذا قدَّر خذلان أحد فلا ناصر له؛ لقوله: ﴿وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ﴾.
* ومن فوائدها: أنه إذا آمن الإنسان بهذا فإنه لا بد أن يفعل أسباب النصر، الأسباب التي يكون بها النصر. صح؟
إذا آمنت أن النصر بيد الله، وأن الله إذا خذلك لا ينصرك أحد، فهل تأتي بأسباب النصر التي رَتَّب الله عليها النصر أو لا؟ نعم لا شك، فما هي أسباب النصر؟ أسباب النصر متعددة وهي خمسة:
الأول: الإخلاص لله عز وجل؛ لقوله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ [النور ٥٥] الإخلاص لله في العبادة.
ثانيًا: إقام الصلاة، إيتاء الزكاة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال الله تعالى: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ [الحج ٤٠، ٤١] هذه ما (...) لكن الأربعة هذه أسباب أضفها إلى الأول تكن خمسة.
وتأمل قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ يتبين لك أن هذا النصر محقق؛ لأنه إذا كان الله قويًّا عزيزًا فكل من أمامه ضعيف ذليل، ثم تأمل مرة أخرى قوله: ﴿وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ يتبين لك أن القوى الظاهرة المادية مهما عظمت فإن عاقبتها بيد من؟ بيد الله عز وجل، هو الذي يجعل العاقبة لمن شاء: ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الأعراف ١٢٨]؛ ولهذا قال بعض السفهاء قال: سبحان الله إذا أقمنا الصلاة وآتينا الزكاة وأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر نغلب أمريكا وروسيا؟ نقول: نعم يا سفيه، العاقبة لمن؟ للمتقين: ﴿وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ ما هي لا لروسيا ولا لأمريكا ولا لانجلترا ولا فرنسا، لله وحده عاقبة الأمور، وإذا أردت أن تعرف هذا من الناحية التاريخية فانظر ماذا جرى للأمة الإسلامية في أول عهدها، أسقطت الدول الكبرى العظمى في عهدها، دولة الروم ودولة الفرس، ودولة القبط في مصر، وظهروا، ملكوا مشارق الأرض ومغاربها، هذا من الناحية التاريخية، من الناحية الواقعية زلزلة واحدة بلحظات من رب العرش تدمر كل شيء، ولا يستطيع أحد أن يمنع هذه الزلزلة، أظن قبل سنتين صار هناك زلزال وبراكين تفجرت ذابت الجبال الصم البكم، ذابت على الناس وأحرقتهم بأمر من؟ بأمر الله عز وجل.
فلهذا نقول: إن من ضعف الإيمان أن ينظر الإنسان إلى الأمر الذي أمامه الأمر المادي ولا ينظر إلى قدرة الله عز وجل وقوته.
إذنْ: إن ينصركم وإن يخذلكم لا بد أن نسلك أيش؟ أسباب النصر، ونحن إذا سلكنا أسباب النصر بإيمان ويقين تحقق لنا.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: التحذير، التحذير من فعل أسباب الخذلان؛ لقوله: ﴿إِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ﴾؛ ومن أسباب الخذلان تولي الكفار ومناصرتهم ومعاضدتهم فإن هذا من أسباب الخذلان؛ اعتمد على من؟ على الله عز وجل لأن الله قال: ﴿إِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ﴾.
* من فوائد الآية: وجوب التوكل على الله وحده؛ من أين يؤخذ؟ من قوله: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ طيب؛ إفراده بالتوكل يؤخذ من تقديم المعمول على عامله لأن تقديم ما حقه التأخير -انتبهوا للقاعدة هذه- تقديم ما حقه التأخير أيش؟
* طلبة: يفيد الحصر.
* الشيخ: يفيد الحصر؛ هذه قاعدة حتى بين المبتدأ والخبر لو قلت: ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [الشورى ٤٩] يعني لا لغيره.
* من فوائد الآية الكريمة: أن التوكل من مقتضيات الإيمان؛ لأنه علق الحكم على وصف وهو الإيمان، فدل ذلك على أنه كلما قوي الإيمان قوي التوكل على الله، وكلما ضعف الإيمان ضعف التوكل على الله.
فإن قال قائل: هل التوكل على الله أو إفراد الله بالتوكل ينافي فعل الأسباب؟
الجواب: لا، بل فعل الأسباب من التوكل على الله؛ لأنك أنت إذا توكلت على الله فمن مقتضيات التوكل عليه مقتضيات التوكل عليه أن تفعل ما أمرك به.
فلو قال قائل: أنا سوف أنام في الشتاء تحت النجوم وعلى الثلج وليس تحتي فراش ولا فوقي غطاء، ليش؟ البرد؟ أنا متوكل على الله. هل هذا صحيح؟ أبدًا، هذا ليس بصحيح.
لو قال قائل: أنا سأدخل النار متوكلا على الله؟ نقول: هذا غير صحيح، اللهم إلا أن يقع ذلك على سبيل التحدي فيمكن هذا أن يكون آية من آيات الله، ينصر الله هذا الفاعل لنصرة دينه ويكون هذا الذي حصل منه دخوله في النار يكون كرامة.
ولهذا ذكر أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لما ناظر رئيس البطائحية الذي جاء يناظره في مسائل من أصول الدين، قال له رئيس البطائحية: أنا أصوب منك؛ لأني أنا أستطيع أن أدخل في النار ولا يصيبني منها شيء، فهل تستطيع أن تدخل في النار ولا يصيبك منها شيء؟
يقول شيخ الإسلام قال: نعم، أنا أستطيع بشرط أن أنزل أنا وإياك في هذا النهر ونتغسل تمامًا ثم ندخل النار. لماذا (...)؟ لأن الرجل قد طلى جسمه بشيء يضاد النار، فيريد أن يموه على الناس يدخل النار يقول: شوفوا ابن تيمية، أنا دخلت النار ونجوت منها وهذا الرجل عجز؛ لكن ابن تيمية -ولله الحمد- قد أعطاه الله ذكاء وفطنة وفراسة، قال: ما فيه مانع ندخل النار جميعًا، لكن بشرط بعد أن نغتسل بهذا النهر. ماذا حدث؟ انهزم الرجل، قال: لا، ما فيه.
على كل حال أقول: إن فعل الأسباب لا ينافي التوكل. ولهذا شواهد:
أولًا: نعلم علم اليقين أن نبينا محمد ﷺ سيد المتوكلين، أليس كذلك؟ ومع ذلك يتوقى الحر، ويتوقى البرد، ويأكل لدفع الجوع، ويشرب لدفع الظمأ، أليس كذلك؟ في الغزوات كان يلبس الدرع يتوقَّى به السهام، وفي غزوة أحد لبس كم؟ درعين.
في غزوة الخندق لما أحاط الأحزاب بالمدينة ماذا فعل؟ حفر الخندق بمشورة سلمان الفارسي رضي الله عنه، ولم يقل: من يتوكل على الله، إذا كان يمكن يجيئون يجيئون، ما يمكن يجيئون ما يجيئون، لا، فعل السبب.
والوقائع على هذا كثيرة تدل على أن فعل الأسباب لا ينافي التوكل، ولكن يجب أن نلاحظ شرطًا مهما، وهي أن تكون الأسباب أسبابًا شرعية أو كونية لا أسبابًا وهمية؛ أسبابًا شرعية يعني ثبت بالشرع أنها سبب، أو أسبابًا كونية أي ثبت بالتجارب أنها سبب؛ لأن ما ثبت بالتجارب لم يدل عليه الشرع، لكن دلت عليه التجربة وهذا سبب كوني، أما السبب الوهمي كتعليق التمائم غير الشرعية وما أشبه ذلك، التطير أيضًا سبب وهمي فهذا لا يجوز الاعتماد عليه، فالأسباب؟
* طالب: ثلاثة.
* طالب: كونية شرعية الثالث ما أدريه.
* الشيخ: أيش؟
* طالب: الأسباب الوهمية.
* الشيخ: الأسباب الوهمية. أسباب شرعية وأسباب كونية وأسباب وهمية؛ إذنْ فعل الأسباب لا ينافي التوكل بل هو من تمام التوكل، واضح يا جماعة؟
فإذا قال قائل: الأسباب الشرعية لا تنافي التوكل لا شك فيه، ولهذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يتعوذ بالمعوذات وكان يقول: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي لَيْلَةٍ لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبُهُ شَيْطَانٌ حَتَّى يُصْبِحَ»[[أخرجه البخاري (٢٣١١) من حديث أبي هريرة.]] وهذه من الأسباب الشرعية، وقال عن الفاتحة: إنها أيش؟
* الطالب: عن الفاتحة أنها شافية.
* الشيخ: وغير؟ إنها رقية: «وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقية؟»[[أخرجه البخاري (٢٢٧٦) من حديث أبي سعيد الخدري.]]
{"ayah":"إِن یَنصُرۡكُمُ ٱللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمۡۖ وَإِن یَخۡذُلۡكُمۡ فَمَن ذَا ٱلَّذِی یَنصُرُكُم مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡیَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق