الباحث القرآني
ثم قال الله تعالى: ﴿أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ﴾ أولئك هنا إشارة وخطاب، الإشارة مأخوذة من قوله: (أولاء)، والخطاب من قوله: (أولئك) الكاف، ويجب أن نعلم من حيث اللغة العربية أن اسم الإشارة يكون بحسب المشار إليه، وأما كاف الخطاب فبحسب من؟ المخاطَب، ثم إذا كانت بحسب المخاطب فهل تبقى مفردة مفتوحة مبنيّة على الفتح؟ أو تكون بحسب المخاطب تذكيرًا وتأنيثًا وتثنية وجمعًا وإفرادًا؟ أو تكون بالفتح للمذكر مطلقًا ولو جمعًا أو مثنى؟ وبالكسر للمؤنث مطلقًا ولو جمعًا أو مثنى؟
في هذا ثلاث لغات للعرب:
اللغة الأولى: أنها لازمة للفتح باعتبار أن المخاطب اسم جنس، فإذا قلت: (ذلكَ) تخاطب اثنين فالمعنى أنك تخاطبهما باعتبار جنس الذكور، أو باعتبار جنس الشخص.
والثاني: أنها بالفتح للمذكر مطلقًا وبالكسر للمؤنث مطلقًا، ويش معنى الإطلاق؟ حال التثنية والجمع والإفراد.
والثالث؛ وهو الأفصح: أنها بحسب المخاطب مطلقًا، فإن كان مفردًا مذكرًا فهي بالفتح مفردة، إذا كان مثنى فهي بالتثنية، إذا كان جماعة ذكور فهي بالميم تقترن بالميم؛ جماعة إناث تقترن بالنون.
﴿قَالَتْ فَذَلِكُنَّ﴾ [يوسف ٣٢] لأنها تخاطب جماعة نسوة. ﴿ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي﴾ [يوسف ٣٧] يخاطب اثنين. ﴿ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة ٥٤] يخاطب جماعة ذكور، هذا هو الأفصح، فهنا يقول: ﴿أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ﴾ أولئك الخطاب لمن؟ لواحد؛ يعني أولئك أيها المخاطب، فالخطاب لواحد والإشارة لجمع؛ يعني أولئك المتقون أيها المخاطب ﴿جَزَاؤُهُمْ﴾ أي: ثوابهم ومكافأتهم على عملهم ﴿مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ يكون بها النجاة من النار ﴿وَجَنَّاتٌ﴾ يكون بها حصول المطلوب في جنات النعيم. ﴿مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ أي: عفو وتجاوز عن الذنوب وستر عن الخلق ﴿وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ ﴿جَنَّاتٌ تَجْرِي﴾ جنات جمع؛ لأن الجنة درجات كثيرة، ومنازل متنوعة يختلف الناس فيها بحسب أعمالهم،« وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن أهل الجنة يتراءون الغرف كما نتراءى الكوكب الدري الغابر في الأفق، قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا ينالها غيرهم، » قال: «بَلَى، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٢٥٦) ومسلم (٢٨٣١ / ١١) من حديث أبي سعيد الخدري.]]. اللهم اجعلنا منهم، هذه المنازل يختلف الناس فيها، أهل الجنة يتراءونها مثل ما نرى الكوكب الدريّ المضيء الغابر في الأفق بعيد جدًّا ليس فوق مسامة الرؤوس بل هو بعيد، فهي درجات ولهذا تجمع، وأعلى ما فيها الفردوس؛ لأن فوقه عرش الله جل جلاله، وهو وسط الجنة وأعلى الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة.
﴿وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ ووصف الله بأنها جنات؛ لأن فيها من أنواع النعيم ما لا يخطر على البال، فهي دار لا يمكن أن يدرك الإنسان كنهها وحقيقتها؛ لأنها أعظم من أن تدركها مخيلتنا، قال الله تعالى: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ [السجدة ١٧]، وقال الله تعالى في الحديث القدسي: «أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٢٤٤) ومسلم (٢٨٢٤ / ٢) من حديث أبي هريرة.]].
وقوله: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ من تحتها قال العلماء: أي: من تحت قصورها وأشجارها لا من تحت أرضها؛ لأنه لو كان من تحت أرضها لكانت في الأسفل في قعر، ولكنها تمشي على سطح أرض الجنة إلا أنها تحت القصور والأشجار ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾. وقد ورد في الحديث أن هذه الأنهار تجري بلا أخدود وبلا حفر، وفي ذلك يقول ابن القيم في النونية:
؎أَنْهَارُهَا فِي غَيْرِ أُخْدُودٍ جَرَتْ ∗∗∗ سُبْحَانَ مُمْسِكِهَا عَنِ الْفَيَضَانِ
تجري على الأرض بدون أن يكون لها أخدود؛ يعني سواقي أو حفر، ومع هذا تجري حيث أراد الإنسان حيث أراد.
وقوله: ﴿الْأَنْهَارُ﴾ جمع (نهر)، وقد بيّن الله تعالى في سورة القتال سورة محمد أنها أربعة أنواع: ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى﴾ [محمد ١٥] أنهار من ماء غير آسن؛ يعني لا يقبل أن يكون آسنًا، بخلاف ماء الدنيا فإنه يكون آسنًا؛ أي: متغيرًا، فإنه إذا تأخّر وأبطأ تغير، أما ماء الجنة فلا يتغير.
﴿وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ﴾ [محمد ١٥] بخلاف ألبان الدنيا فإنها تتغير إذا زادت عن المدة تغيرت وفسدت، ﴿وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ﴾ [محمد ١٥] لذة، وليس فيها غول ولا هم عنها ينزفون، لا توجع الرأس ولا تغتال العقول، وأشد ما يكون من اللذة. الرابع: ﴿وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى﴾ [محمد ١٥] أنهار من العسل، ليس من عسل النحل الذي يكون نصفها أو أكثر شمعًا، ولكنه من عسل مُصفّى.
﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ أي: ماكثين فيها مكثًا طويلًا، وقد جاءت آيات أخرى تدل على أن هذا الخلود خلود تأبيد، وقد أجمع علماء أهل السنة على أنها -أي الجنة- مؤبدة بما فيها من النعيم.
﴿وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ الجملة هنا إنشائية للمدح والثناء، الثناء على أيش؟ على هذا الأجر العظيم، و﴿أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ أي ثوابهم، وجعله ذو الفضل والإحسان أجرًا ليكون الإنسان مطمئنًّا على الحصول عليه إذا قدم العوض، وإلا فالمنة لمن؟ المنة لله عز وجل أولًا وآخرًا، لكن يمن علينا -والحمد لله- بالعمل، ثم يمن علينا ثانيًا بالجزاء، ويقول: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ [الرحمن ٦٠]، كأننا نحن محسنون استقلالًا وابتداءً، فإذا أحسنّا فجزاؤنا أن يحسن إلينا مع أنه والله هو الذي أحسن إلينا أولًا وآخرًا.
كذلك يقول: ﴿وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا﴾ [الإنسان ٢٢]، ﴿إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا﴾ سبحان الله، يمنّ علينا بالسعي ويوفقنا له ويعيننا عليه، ثم يشكرنا عليه، هذا غاية الفضل والإحسان من الله عز وجل.
﴿وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ الذين يعملون لهذا الأجر العظيم. وقوله: ﴿وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ نقول في إعرابها: إن (أجر): فاعل، والمخصوص محذوف تقديره: نعم أجر العاملين هو أو الجنة، كما قال الشاعر:
؎نِعْمَتْ جَزَاءُ الْمُتَّقِينَ الْجَنَّهْ ∗∗∗ فِيهَا الْأَمَانِي وَالْمُنَىوَالْمِنَّهْ
* في هذه الآية الكريمة من الفوائد: بيان جزاء المتقين، وأنه جزاء لا يدركه الإنسان بتصوره؛ لأنه أعظم مما يتصور.
وفيها: أن جزاءهم متضمن لحصول المطلوب ودرء المكروه، من أين يؤخذ؟ من قوله: ﴿مَغْفِرَةٌ﴾ وجنة، فبالمغفرة درء المكروه، وبالجنة حصول المطلوب.
* ومن فوائد هذه الآية: أن مغفرة الله عز وجل للمرء من أعظم الثواب، فلا تستغرب أن تكثر من سؤال المغفرة، كان النبي ﷺ حينما نزلت عليه سورة النصر يُكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي»[[متفق عليه؛ البخاري (٨١٧) ومسلم (٨٤٨ / ٢١٧) من حديث عائشة.]].
* ومن فوائدها: بيان حال الجنات التي وعدها المتقون وما يصوره قوله: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ من النعيم العظيم.
* ومن فوائدها: أن أهل الجنة خالدون فيها؛ لقوله: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ وقد دلّت النصوص على أن هذا التخليد أبدي.
* ومن فوائدها: عِظم هذا الأجر؛ لأن العظيم إذا أثنى على شيء دل على عظمه، والله تعالى أعظم شيء، وقد أثنى على هذا النعيم.
* ومن فوائدها: بيان فضل الله عز وجل على عباده، حيث جعل هذا الجزاء أجرًا بمنزلة الأجر المحتّم الذي لا بد من أن يناله العبد، فإذا قال قائل: كيف تجمع بين هذه الآية وبين قوله ﷺ: «لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ أَحَدٌ بِعَمَلِهِ» قالوا: ولا أنتَ يا رسولَ الله؟ قال: «وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٦٧٣) ومسلم (٢٨١٦ / ٧٥) واللفظ له من حديث أبي هريرة.]]. قال: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ بِعَمَلِه». وظاهر الآية التي معنا أن هذه الجنة التي أُعدّت لهم أجر لهم، عوض عما قاموا به من العمل، والجواب عن هذا أن نقول: إن قول الرسول ﷺ: «لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ أَحَدٌ بِعَمَلِهِ» » أي: على سبيل المكافأة، أي أن الجزاء يكافئ العمل ويكون عوضًا عنه، وأما على أنه سبب من الأسباب ولكن الله بفضله جعله بمنزلة العوض فهذا ثابت، فأعمالنا سبب، ولو قُوبلت بنِعم الله لم تكن شيئًا، لو أنك جمعت نِعم الله عليك وقارنت بينها وبين عملك لكان العمل ما هو أقل ضئيلًا جدًّا، ولا ينسب لشيء، النفس لو أُصيب الإنسان بضيق في نفسه لكان يبذل كل ما يملك من أجل زوال هذه المحنة، كذلك البول، الغائط، السمع، البصر، إلى غير ذلك، نِعم كثيرة لا يقابلها العمل، وقد قال بعض الشعراء:
؎إِذَا كَانَ شُكْرِي نِعْمَةَ اللَّهِ نِعْمَةً ∗∗∗ عَلَيَّ لَهُ فِي مِثْلِهَا يَجِبُ الشُّكْرُ؎فَكَيْفَ بُلُوغُ الشُّكْرِ إِلَّا بِفَضْلِهِ ∗∗∗ وَإِنْ طَالَتِ الْأَيَّامُ وَاتَّصَلَالْعُمْرُ
صحيح هذا؟ لأنَّا نقول: إذا وفقت للشكر وشكرت الله فهي نعمة؛ لأن الله قال: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ ١٣]، وما أكثر الذين كفروا نعمة الله، ثم إذا شكرت الله قلنا: إنها نعمة تحتاج أيضًا إلى شكر آخر، فإذا وفقت لشكر الشكر فهو نعمة ثالثة تحتاج إلى شكر، وهلم جرًّا، ولهذا قال:
؎فَكَيْفَ بُلُوغُ الشُّكْرِ إِلَّا بِفَضْلِهِ ∗∗∗ وَإِنْ طَالَتِ الْأَيَّامُ وَاتَّصَلَالْعُمْرُ
* طالب: يا شيخ، بالنسبة لقوله: ﴿وَلَمْ يُصِرُّوا﴾ أحيانًا الإنسان يتوب ويعزم أن لا يعود، وبعد فترة تراوده نفسه أن يعود، فهل تنتقض التوبة في هذه الحال؟
* الشيخ: لا، ما تنتقض.
* طالب: أصرّ على المعاودة؟
* الشيخ: ما أصرّ، المصِرّ الذي يبقى على الذنب وكأنه ليس بذنب، أما الإنسان الذي يتوب، ثم تغلبه نفسه في المستقبل، ويفعل المعصية فهذا ليس بمُصرّ، ولهذا ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام: «أَنَّ رَجُلًا أَذْنَبَ فَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ، ثُمَّ أَذْنَبَ فَاسْتَغْفَرَ، ثُمَّ أَذْنَبَ فَاسْتَغْفَرَ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٧٥٠٧) ومسلم (٢٧٥٨ / ٢٩) من حديث أبي هريرة.]]، فكون الإنسان كلما أذنب استغفر، وكلما استغفر عاد فأذنب لا يبطل توبته الأولى.
* طالب: ذكرنا في ﴿وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ هذا شأن مدح، فكيف يكون خبرًا للجنة (...) ما المقصود؟
* الشيخ: كيف يكون خبرًا؟
* الطالب: يعني جملة إنشائية (...) وخبر.
* الشيخ: أحسنت، لما كانت صيغتها صيغة الخبر صحت أن تكون خبر المبتدأ، هي صيغتها صيغة الخبر، نقول: (نِعْمَ) فعل ماضٍ، و(أجرُ) فاعل، لكن هي المقصود بها إنشاء المدح مثل (بئس).
* طالب: شيخ، هذه الآية ما تؤيد الحديث: «لَا يَدْخُلُ أَحَدُكُمُ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ» أنه قال الله سبحانه وتعالى صدّر الآية بالمغفرة قال: ﴿جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ﴾، فيكون الأول يدخلهم يعني بمغفرته الجنة، ثم يجازيهم بهذه الأعمال برفعهم درجات.
* الشيخ: ظاهر الآية أن الجنة هي الأجر؛ لأنه ما ذكر إلا جنات تجري من تحتها الأنهار فقط.
* طالب: قلنا: إن الآية مثلًا ما فعلوه وهم يعلمون.
* الشيخ: ﴿وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.
* طالب: يعني الجاهل لا ذنب له.
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: الجاهل فعل ذنب وهو جاهل به؛ يعني ربنا ما يكتب له الذنب.
* الشيخ: إي نعم، صحيح.
* الطالب: وأخذنا القاعدة يا شيخ.
* الشيخ: أخذنا القاعدة أن الجاهل لا يؤاخَذ بذنبه، وهو صحيح.
* طالب: أحسن الله إليك، الله في القرآن امتدح الذين يستغفرون ولا يصرون على الذنوب، والذين يتركونها بالكلية.
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: يمتدحهم على الاستغفار وعدم الإصرار عليها لا تركها بالكلية، والنبي ﷺ يقول: «كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظُّهُ مِنَ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٦٦١٢) ومسلم (٢٦٥٧ / ٢١) واللفظ من حديث أبي هريرة.]]، فهل دليل على أن المقدمات الكبيرة لا بد أن الإنسان يفعلها؟
* الشيخ: ما هو على كل حال؛ يعني معناه أن الإنسان من حيث هو إنسان سيفعل هذا، وبقدرته أن يغض من بصره، لكن لا بد لبني آدم من الخطأ: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ»[[أخرجه الترمذي (٢٤٩٩) وابن ماجه (٤٢٥١) واللفظ له من حديث أنس بن مالك. ]]، «لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ»[[أخرجه مسلم (٢٧٤٩ / ١١) من حديث أبي هريرة.]].
* طالب: الْمُصرّ على الصغيرة، قلنا: إن الإصرار على الصغيرة من الكبائر، مع أن الْمُصرّين على الصغائر يختلفون جدًّا منهم من يستهين بحرمات الله، ومنهم من يعتقد أنه ما هو بالأمر المحرم، كيف يكون يعني سواء؟
* الشيخ: لا، ما هو بسواء، بارك الله فيك، حتى الكبائر ليست سواء، إذا قلنا: كبيرة معناها أنها في ضمن الكبائر لكن الكبائر تختلف، ليس شيء من الأعمال إلا يختلف، إن أتيت الأعمال الصالحة وجدتها تختلف، الكفر نفسه يختلف، أليس كذلك؟ الكبائر تختلف؛ أكبر الكبائر ووسط الكبائر، وأدون الصغائر، الصغائر أيضًا تختلف، النظر إلى المرأة بشهوة، مثلًا المرأة الأجنبية، من الصغائر، ومسّها من الصغائر، وأيهما أعظم؟ المس أعظم.
* طالب: يا شيخ، أحسن الله إليك، من كان يفعل المعاصي فتاب عن بعضها ولم يتُب عن البعض، فهل يقبل الله توبته علمًا بأنه قد تاب عن بعض المعاصي الصغيرة وترك الكبيرة؟
* الشيخ: أظن هذه مرت علينا.
مر علينا أن العلماء اختلفوا إذا تاب من ذنب وهو مُصرّ على آخر، فهل تقبل توبته من هذا الذنب أو لا؟ ذكرنا أن في هذا خلاف، منهم من قال: لا تقبل، ومنهم من قال: تقبل مطلقًا، ومنهم من قال: إن كان الذنب الذي هو مُصرّ عليه من جنس الذنب الذي تاب منه فإنها لا تقبل، وإن كان من غير جنسه قبلت؛ فمثلًا إذا تاب من غش الناس في البيع لكن غشهم في الإجارة، هذا الذنب جنس واحد، وإن اختلف محل الغش، المهم فيها ثلاثة أقوال للعلماء، والصحيح أنها تقبل، إذا تاب من ذنب ولو أصرّ على مثله أو على جنسه، ولكنه لا يستحق الوصف المطلق في مدح التوابين، يعني لا يدخل في مثل قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة ٢٢٢]، إنما يقال: هذه توبة مقيدة.
{"ayah":"أُو۟لَـٰۤىِٕكَ جَزَاۤؤُهُم مَّغۡفِرَةࣱ مِّن رَّبِّهِمۡ وَجَنَّـٰتࣱ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِینَ فِیهَاۚ وَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَـٰمِلِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق