الباحث القرآني
ثم قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾. تصدير الخطاب بالنداء يدل على الاهتمام به؛ لأن النداء يوجب يقظة المخاطَب وانتباه المخاطَب، والخطاب الذي يُعتنى به يُسبق بما يفيد الانتباه والاستيقاظ، وتوجيهه إلى المؤمنين يدل على فوائد؛ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾.
أولًا: الإغراء والحثّ على ما تضمنه الخطاب؛ لأن مناداة هؤلاء باسم الإيمان يدل على أن ذلك من أجل أن يُثير هِممهم، كما تقول للرجل تخاطبه: يا كريم، أكرم ضيفك، فإنك إذا قلت: يا كريم، فإن هذا من باب الإغراء والحث؛ يعني من أجل كرمك أكْرِم، وتقول: يا رجل، اترك السفلة، أو: يا حليم، اترك السفه، وما أشبه ذلك، فالمقصود بمثل هذا الإغراء والحث.
* ويفيد أيضًا: أن الالتزام بما دل عليه الخطاب من مقتضيات الإيمان، فمثلًا: ترك أكل الربا من مقتضيات الإيمان؛ لأن الخطاب وُجّه للمؤمنين.
* ويستفاد أمر ثالث: وهو أن المخالفة في هذا مَنقصة للإيمان وسبب لنقصانه، إذن نستفيد في تصدير الخطاب بالنداء أيش؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا.
* طلبة: (...) توجيه المخاطب (...).
* الشيخ: الاهتمام به والعناية به، أما توجيه الخطاب إلى المؤمنين فنستفيد منه ثلاثة أشياء: الإغراء والحث، وأن الامتثال والعمل بمقتضى الخطاب من تمام الإيمان، وأن مخالفته نقص في الإيمان.
وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ تأتي هكذا مُطلقة في القرآن الكريم، لكن معناها مقيد بما يجب الإيمان به، هي مطلقة تشمل الإيمان بأي شيء، لكنها مقيدة بما يجب الإيمان به ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ﴾ [البقرة ١٧٧] وبيّن الرسول عليه الصلاة والسلام أن الإيمان يتضمن الإيمان بستة أشياء: «بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ»[[أخرجه مسلم (٨ / ١) من حديث عمر بن الخطاب.]]. ثم الإيمان المراد به ليس مجرد التصديق فقط، بل الإقرار المتضمِّن أو المستلزم للقبول والإذعان، أما مجرد أن يُصدّق الإنسان بالشيء فإنه ليس بمؤمن، فأبو طالب مثلًا مُصدّق بأن محمدًا رسول الله ﷺ ومع ذلك لم ينفعه؛ لأنه لم يقبل ولم يُذعن، فلا بد من قبول ويش بعد؟ وإذعان، يعني انقيادًا.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ آمنوا بأيش؟
* طالب: بالله.
* الشيخ: بما يجب الإيمان به، وهي الأمور الستة التي بيّنها الرسول عليه الصلاة والسلام: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» »[[أخرجه مسلم (٨ / ١) من حديث عمر بن الخطاب.]].
﴿لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ ﴿لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا﴾ الأكل معروف، وخلافه الشرب واللبس والسكنى والانتفاعات الأخرى، لكنه عبّر بالأكل؛ لأنه أخص ما يكون في مُلابسة الإنسان، فالذي يدخل إلى جوفك ليس كالذي تلبسه ظاهر جسدك، وليس كالبيت الذي تسكنه، فإن أبلغ ما يكون في مُلامسة الإنسان هو الأكل، ولهذا نهى عنه، والإنسان عندما يكون عنده شيء وهو جائع عارٍ ليس عنده سكن، ما الذي يُقدِّم؟ الأكل، فهو أشد ما يكون ضرورة للإنسان هو الأكل، ولهذا قال: ﴿لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا﴾.
وقوله: ﴿لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا﴾ الرِّبا في اللغة: الزيادة، ومنه قوله تعالى: ﴿فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ﴾ [فصلت ٣٩] يعني: علَتْ، ومنه الرُّبى جمع (رابِية) للمكان المرتفع من الأرض.
والمراد بالرِّبا هنا الربا الشرعي، وهو زيادة ونَساء، زيادة ويُسمى (ربا الفضل)، ونساء ويُسمى (ربا النسيئة)، ويكون الربا في أموال خاصة بيّنها النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ»[[أخرجه مسلم (١٥٨٧ / ٨٠) من حديث عبادة بن الصامت.]]. هذه الأشياء الستة متفق على جريان الربا فيها، فإذا أُبدل جنس بمثله لزم فيه شيئان: التساوي والتقابض في مجلس العقد، وإذا بيع بغير جنسه لزم فيه أمر واحد وهو التقابض في مجلس العقد، إلا بين الذهب والفضة وسواهما فإنه لا يشترط التقابض في مجلس العقد، إذن الأموال الربوية ستة: الذهب، والفضة، والبُرّ، والشعير، والتمر، والملح، إذا بيع واحد منها بمثله لزم فيها أمران، وهما؟
* طالب: التقابض في مجلس العقد.
* الشيخ: هذا التقابض في مجلس العقد، والثاني: التماثل؛ يعني أن يكونا سواء، وإذا بِيع بغير جنسه ما عدا الذهب والفضة فإنه يشترط التقابض في مجلس العقد فقط دون التساوي.
أما الذهب والفضة فإذا بيع أحدهما بالآخر فلا بد فيه من التقابض، وإذا بيع أحدهما بالأجناس الأخرى الأربعة فإنه لا يشترط التقابض.
فإذا بِعت ذهبًا بذهب لزم التساوي وزنًا والتقابض، فلا يجوز أن تبيع غرامًا بغرامين ولو كان يدًا بيد، وهذا يُسمى (ربا الفضل) لأجل الزيادة، ولا يجوز أن تبيع غرامًا بغرام ولكن مع عدم القبض، ويسمى هذا (ربا النسيئة)، وإذا بِعت ذهبًا بفضة غرامًا بعشرة يجوز لكن يدًا بيد، وإذا بعت فضة ببُرّ؟
* طلبة: لا يشترط التقابض ولا التساوي.
* الشيخ: لا يشترط لا تقابض ولا تساوٍ، لماذا؟ لأن الذهب والفضة مع غيرهما لا يجري فيهما الربا؛ يعني فيجوز أن أشتري منك صاع بُرّ بدرهمين وإن لم أُقبضك، وكذلك لو قبضتك ولم تقبضني، كل هذا جائز، وذلك لأن الربا بين الذهب والفضة وما سواهما ليس بجارٍ.
الدليل على اشتراط القبض والتساوي في الجنس الواحد قول النبي عليه الصلاة والسلام: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» »[[أخرجه مسلم (١٥٨٧ / ٨٠) من حديث عبادة بن الصامت.]] فقال: «إِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ»، وقال: «الذَّهَبُ بِالْفِضَّةِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ» »[[أخرجه مسلم (١٥٨٦ / ٧٩) من حديث عمر بن الخطاب.]] يعني إلا خُذ وأعطني؛ يعني يدًا بيد.
لكن قد يقول قائل: إن قوله: «إِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» » يشمل ما إذا باع بُرًّا بفضة، فإن الجنس مختلف، وإذا طبقنا هذا على الحديث قلنا: لا بد أن يكون يدًا بيد؛ لأنه قال عليه الصلاة والسلام: «إِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ». » نقول: نعم، هذا هو مقتضى هذا الحديث، لكن يُخصّصه ما ثبت في الصحيحين[[متفق عليه؛ البخاري (٢٢٤٠)، ومسلم (١٦٠٤ / ١٢٧) من حديث ابن عباس.]] من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قَدِمَ النبي ﷺ المدينة وهم يَسْلِفون في الثمار السّنة والسنتين فقال: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ».
ومعنى (يُسلفون) يعني يُقدّمون الدراهم؛ الثمن، ويؤخرون المُثمن؛ يعني يأتي الرجل ويشتري من صاحب البستان تمرًا لمدة سنة أو سنتين بدراهم يعطيها إياه نقدًا، فهنا اشتُري تمر بدراهم مع تأخُّر القبض، والسَّلم جائز بالإجماع، وهذا هو الدليل لتخصيص قوله ﷺ: «إِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ».
إذا باع صاعًا من البُرّ بصاعين من الشعير يدًا بيد، ما تقولون؟
* الطلبة: جائز.
* الشيخ: جائز لقوله: «إِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ».
إذن الربا يكون في أموال خاصة؛ وهي ستة بنصّ الحديث، أما ما عداها فإن من أهل العلم من قال: ليس فيها ربا، كل شيء سِوى هذه الستة لا ربا فيها، ومن أهل العلم من قال: إن ما كان بمعناها فله حكمها، فالأوراق النقدية المستعملة الآن بدلًا عن النقد يكون لها حكم ذلك النقد، فإذا كانت أوراقًا عن فضة؛ يعني جُعلت عوضًا عن فضة فلها حكم الفضة، لكن إذا اختلف جنسها دخلت في عموم قوله: «إِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجناسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ». كذلك أيضًا الذرة والرزّ ليسا من الأصناف الستة لكنهما بمعنى الأصناف الستة، فإنك لا تجد فرقًا بين البُرّ والرزّ أو بين الشعير والذرة، كل منهما طعام يُقتات.
طيب الفواكه كالبرتقال والعنب هل فيها ربا؟
* الطلبة: لا.
* الشيخ: ليس فيها ربا، فيجوز أن تعطيني كيلوين بكيلوين ونصف أو بثلاثة من العنب؛ يعني كيلوين عنب بكيلوين ونصف عنب لا بأس؛ لأن هذا لا يجري فيه الربا. طيب سيارة بسيارتين؟
* طلبة: لا يجوز.
* طلبة آخرون: يجوز.
* الشيخ: يجوز؛ لأنها ما هي من الأصناف الستة. بعير ببعيرين؟
* الطلبة: يجوز.
* الشيخ: يجوز؛ لأنها ليست من الأصناف الستة.
طنّ من الحديد بطنّ ونصف؟
* طلبة: يجوز.
* الشيخ: يجوز؛ لأنه ليس من الأصناف الستة، وعلى هذا فقِسْ، فأنت إذا عرفت الأصناف الستة وما كان بمعناها تمامًا، فما عدا ذلك فقد قال الله فيه: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة ٢٧٥].
طيب لو باع ثوبًا بثوبين؟
* الطلبة: جائز.
* الشيخ: يجوز، ولو مع عدم التقابض؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: ولو مع عدم التقابض؛ لأن هذا لا يجري فيه الربا.
وقوله تعالى: ﴿أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ ضعف الشيء مثله، بمعنى أنك تُكرّره مرتين فيكون ضعفًا كدرهم بدرهمين.
﴿مُضَاعَفَةً﴾ يعني مزيدة على الضعف الأول، فمثلًا درهم بدرهمين، وبعد سنة نجعله بثلاثة دراهم، وبعد سنة نجعله بأربعة دراهم، هذا هو فعل الجاهلية، رِبا الجاهلية، يستدين الرجل من الشخص، فإذا حلّ الأجل قال: إما أن تُوفي وإما أن تُربي، إذا أوفى برئت ذمته، إذا لم يوفِ يُربي بمعنى أنه يزيد، فيقول مثلًا: إذا حلّ وقدره ألف، يقول: إما أن توفيني الألف وإلا فهو عليك إلى السنة القادمة بألفين، فإذا جاءت السنة القادمة ولم يُوفِ قال: إما أن توفي وإما أن تُربي، فإن أوفى برئت ذمته وإن لم يوفِ قال: نجعله للثالثة، لكن يكون بثلاثة آلاف، هذه أضعاف مضاعفة، ولا شك أنها ظُلم عظيم؛ لأنه إذا حل الدَّيْن على الإنسان وليس عنده شيء فالواجب إنظاره كما قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ [البقرة ٢٨٠]، وقال الله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ [الطلاق ٧]، فالممتنع عن الوفاء ليس بآثم مع العجز، والمطالِب بالوفاء مع العجز آثم؛ لأن الله أوجب الإنظار..
ضعف الشيء مثله، بمعنى أنك تكرر مرتين فيكون ضعفًا كدرهم بدرهمين ﴿مُضَاعَفَةً﴾ يعني مزيدة على الضعف الأول، فمثلًا درهم بدرهمين وبعد سنة نجعله بثلاثة دراهم، وبعد سنة نجعله بأربعة دراهم، هذا هو فعل الجاهلية، رِبا الجاهلية، يستدين الرجل من الشخص، فإذا حلّ الأجل قال: إما أن تُوفي، وإما أن تُرْبِي، إذا أوفى برئت ذمته، إذا لم يُوفِ يُربِي بمعنى أنه يزيد، فيقول مثلًا: إذا حلّ وقدره ألف، يقول: إما أن توفيني الألف وإلا فهو عليك إلى السنة القادمة بألفين، فإذا جاءت السنة القادمة ولم يوفِ قال: إما أن توفي وإما أن تُربِي، فإن أوفى برئت ذمته وإن لم يوفِ قال: نجعله للثالثة لكن يكون بثلاثة آلاف، هذه أضعاف مضاعفة، هذه أضعاف مضاعفة، ولا شك أنها ظلم عظيم؛ لأنه إذا حلّ الديْن على الإنسان وليس عنده شيء فالواجب؟ الواجب إنظاره، كما قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ [البقرة ٢٨٠] وقال الله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ [الطلاق ٧] فالممتنع عن الوفاء ليس بآثم مع العجز، والمطالِب بالوفاء مع العجز آثم؛ لأن الله أوجب الإنظار.
إذن صورة المسألة ﴿أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ أنه إذا حلّ الأجل قال الدائن: إما أن توفي وإما أن تُربِي، فلعجزه يُربِي، إذا حلّ الأجل الثاني قيل له كما قيل في الأول، فيكون عاجزًا فيُربِي ثانية وثالثة ورابعة حتى يكون الألف إلى مئة ألف، هذا أضعاف مضاعفة، ولا شك أن هذا ظلم عظيم؛ لأنه لا يمكن لأحد أن يُربِي إلا لأحد أمرين: إما أنه عاجز، وإما أنه كاسب أكثر مما جُعِلَ عليه من الربا؛ بمعنى أنه يقول: أنا لا أوفي لكن مئة ألف أكسب بها في السنة ثلاث مئة ألف. ولا يهمني أن يزيد عليَّ مثلًا مئة ألف ربًا لأني سأكسب، أما أن يكون الإنسان قادرًا وليس له فائدة من بقاء الدين في ذمته فإنه لا يمكن أن يفعل.
قوله: ﴿أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ فيها قراءة: ﴿مُضَعَّفَةً﴾ ﴿أَضْعَافًا مُضَعَّفَةً﴾
والمعنى واحد.
وقوله: ﴿أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ ليس له مفهوم، ليس له مفهوم؛ لأنه جاء على وفق العادة الغالبة، وما جاء على وفق العادة الغالبة فإنه لا مفهوم له، هذه قاعدة من قواعد أصول الفقه: أن القيد إذا كان من أجل أنه الأمر الغالب فإنه لا مفهوم له. وله أمثلة منها قوله تعالى: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾ [النساء ٢٣] فإن قوله: ﴿اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ﴾ قيد على وفق العادة والغالب، ولهذا تحرم الربيبة وإن لم تكن في حَجره.
ومنه قوله تعالى: ﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا﴾ [النور ٣٣] فإن هذا لا يدل على أن الأمة إذا امتنعت من الزنا لأن الرجل الذي طُلِب منها أن تزاني به لا يعجبها، هل نقول في هذه الحال: لنا أن نكرهها على ذلك؟! يعني رجل عنده فتاتان، فتاة أجبرها على الزنا وأبت تحصنًا، تريد تحصين فرجها، هذه بنص الآية أنه لا يجوز إكراهها؛ لأنها تريد التحصّن، الفتاة الثانية طُلِب منها أن تزني بالرجل قالت: والله الرجل هذا خِلْقته قبيحة، وطلبت أن يكون الرجل الذي يُطْلَب منها أن تزني به جميلًا، فهل يكرهها على القبيح؟! هي امتنعت لا تريد التحصن، لكن تريد رجلًا جميلًا، فهل له أن يكرهها في هذه الحال؟
* طالب: ليس له هذا.
* الشيخ: لماذا؟ الآية يقول الله عز وجل: ﴿إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا﴾ وهذه لم تُرد التحصن، ولهذا طلبت أن يُطلَب لها رجل جميل فتزني به، فماذا نقول؟ نقول: لأن هذا هو الغالب فلا مفهوم له، لا مفهوم له، واضح؟
إذن قوله: ﴿أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ هذا بناء على الغالب وهو الربا المعروف في الجاهلية الذي قاعدته وأساسه أن يقول الدائن: إما أن تُوفي وإما أن تُربِي.
﴿أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ نهى عن أكل الربا أضعافًا مضاعفة، ثم أمر بالتقوى، وهذا من باب التوكيد، يعني أن أَكْلَكم مجانب للتقوى، وتقوى الله سبحانه وتعالى هي اتخاذ وقايةٍ من عذابه بفعل أوامره واجتناب نواهيه، وقد قيل في تعريفها:
؎خَلِّ الذُّنُـــــــوبَ صَغِيرَهَـــــــــــــــــــا ∗∗∗ وَكَبِيرَهَــــــــــــــــــا ذَاكَالتُّقَـــــــــــــــــــــــــى؎وَاعْمَلْ كَمَاشٍ فَــــــــوْقَ أَرْضِ ∗∗∗ الشَّوْكِ يَحْـــــذَرُ مَايَـــــــــــــــــــــــــــرَى؎لَا تَحْقِـــــــــــــــــــرَنَّصَغِيــــــــــــــــــــــــــــرَةً ∗∗∗ إِنَّ الْجِبَــــــــــــــالَ مِــــنَالْحَصَـــــــــــــا
ولكن ما ذكرناه أعم، وهي أن التقوى أن يتخذ الإنسان وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه.
﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ لعل هنا للتعليل؛ لأن الكلام صادر من الله، والترجّي في حق الله مستحيل؛ لأن الترجّي طلب ما فيه مشقة، والله سبحانه وتعالى لا يشق عليه شيء، كل شيء عليه هيِّن، فتكون لعل للتعليل، يعني من أجل أن تفلحوا، وما هو الفلاح؟ الفلاح قال أهل العلم: إنه كلمة جامعة لحصول المطلوب وزوال المكروه، فهي من أجمع الكلمات، فالفلاح حصول المطلوب وزوال المكروه، فمن حصل له المكروه فهو ناقص الفلاح، ومن زال عنه المكروه ولكن لم يحصل مطلوبه فهو ناقص الفلاح، ومن لم يحصل مطلوبه ولم ينجُ من مرهوبه فلا فلاح عنده، ومن حصل له المطلوب ونجا من المكروب فهو المفلح، إذن تقوى الله عز وجل من أسباب الفلاح، وكل واحد من الناس ينشد الفلاح، كل واحد يحب أن ينال مطلوبَه وأن ينجو من مرهوبه، فأين نجد هذا؟ نجده في تقوى الله عز وجل؛ في القيام بطاعته واجتناب نهيه، وهو أمر يسير على مَن يسرّه الله عليه، افعل ما أُمِرْتَ به واترك ما نُهِيتَ عنه وبذلك يحصل لك الفلاح.
* في هذه الآية من الفوائد؛ أولًا: تعظيم شأن الربا وخطره، وجهه: أنه صُدِّر الخطاب في شأنه بالنداء.
* ومن فوائدها: أن اجتناب الربا من مقتضيات الإيمان، وأن كل مؤمن صادق الإيمان فلا بد أن يتجنب أيش؟ أكل الربا.
* ومن فوائدها: أن أكل الربا مُنَقِّص للإيمان، أن أكل الربا يُنَقِّص الإيمان، وهذا أمر لا شك فيه عند أهل السنة والجماعة؛ أن أكل الربا ينقص الإيمان؛ لأنه كبيرة من كبائر الذنوب، وفعل الكبائر عند أهل السنة يُنَقِّص الإيمان، وعند الخوارج أيش؟ يُخرِج من الإيمان ويُدخِل الكفر، وعند المعتزلة يُخرِج من الإيمان ولا يُدخِل في الكفر؛ لأنهم يقولون: إن فاعل الكبيرة لا مؤمن ولا كافر، فهو خارج من الإيمان غير داخل في الكفر، وعند المرجئة مؤمن كامل الإيمان، لو أكل الربا ليلًا ونهارًا فهو مؤمن كامل الإيمان، لكن نحن نقول: هو مؤمن ناقص الإيمان.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: تحريم أكل الربا؛ لقوله: ﴿لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا﴾ والأصل في النهي التحريم لا سيما وأنه أُكِّد بقوله: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾.
وهل يقاس على الأكل بقية الإتلافات بالشرب واللباس وبناء المساكن وما أشبهها؟
* طلبة: نعم.
* الشيخ: الجواب: نعم، لكن عبّر بالأكل؛ لأنه أخص وجوه الانتفاع، أخص وجوه الانتفاع هو الأكل، وغيره مثله.
* من فوائد هذه الآية: أن الربا لا يحرم إلا إذا كان أضعافًا مضاعفة.
* الطالب: شيخ، لا (...).
* الشيخ: لا، موجود: ﴿لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ أما ضعف واحد فيجوز؟
* الطالب: لا يجوز.
* طالب: إذا كان (...).
* الشيخ: لماذا؟ لأن هذا بناء على الواقع الغالب، وما كان كذلك فإنه لا مفهوم له، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث اللي أشرنا إليه أولًا قال: «مَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى»[[أخرجه مسلم (١٥٨٤ / ٨٢) من حديث أبي سعيد الخدري.]] أي وقع في الربا مع أنه ما أكل أضعافًا مضاعفة، وقال في أخذ صاع بصاعين من التمر قال: «عَيْنُ الرِّبَا، لَا تَفْعَلْ، رُدَّهُ»[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٢٣١٢)، ومسلم (١٥٩٤ / ٩٦) من حديث أبي سعيد الخدري.]] واضح يا جماعة؟ إذن هذا القيد لا مفهوم له، خلافًا لمن قال: إنه قيد شرطي، وأن الربا لا يحرم إلا إذا كان في هذه الصورة، وأجازوا الربا إذا كان ليس فيه ظلم، وإنما هو استثماري تزداد به أموال الدولة، وينشط به الاقتصاد، فإن من العلماء ولا سيما المتأخرون من زعم ذلك، ولكنه زعم باطل، الربا محرّم بأي نوع من أنواعه، وسواء كان أضعافًا مضاعفة أو ضعفًا واحدًا أو دون الضعف: «مَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى» » والصاع بالصاعين وصفه النبي عليه الصلاة والسلام بأنه عين الربا، وليس فيه ظلم، وليس فيه أضعاف مضاعفة، ومع ذلك سماه ربًا، بل عين الربا، سماه عين الربا.
* من فوائد هذه الآية: أنه يجوز أن أبيع عليك سلعة تُوفيني بها بأكثر من ثمنها ويبقى ثمنها في ذمتك، يعني لما حل الأجل وهو عشرة آلاف ريال قلت: أنا أبيع عليك سلعة تساوي عشرة آلاف ريال باثني عشر ألفًا ثم توفيني بقيمتها، هل يجوز؟
* طالب: لا يجوز.
* الشيخ: أنتم فاهمين الصورة زين ولَّا لا؟
* طلبة: ما هي واضحة.
* الشيخ: حلّ لزيد على عمرو عشرة آلاف ريال، فقال عمرو: ليس عندي شيء، قال له زيد: أنا أبيع عليك سيارة بعشرة آلاف ريال وتوفيني، سيارة تساوي عشرة آلاف ريال أبيعها عليك باثني عشر ألفًا وتوفيني؟
* طلبة: ما يجوز.
* الشيخ: هو ما قال العشرة بأخليها اثني عشر، قال: أبيع عليك السيارة تساوي عشرة باثني عشر ألفًا إلى سنة، ثم بِعها وأعطني قيمتها عشرة آلاف ريال.
* طلبة: لا يجوز؟
* الشيخ: لا يجوز، لا يجوز لأيش؟
* الطلبة: تحايل.
* الشيخ: لو قلت: سنجعل العشرة اثني عشر هذا حرام واضح، لكن أنا ما قلت هكذا، قلت: أبيع عليك سيارة باثني عشر ألفًا إلى سنة وهي تساوي عشرة لتوفيني بها.
* طالب: على طريقة الحيلة.
* الشيخ: هذا لا يجوز لأنه حيلة، ومع الأسف أن بعض المسلمين اليوم يفعلون هذا، فيكونون سواء مع اليهود في التحيُّل على محارم الله، ويكونون سواء مع اليهود في أكل الربا؛ لأن هؤلاء أكلوا الربا وتحيّلوا على أكله، فيزداد الربا قبحًا إلى قبحه؛ لأنه بعد أن كان صريحًا ربما تؤنّبك نفسك عليه في يوم من الدهر صار خداعًا زيّنه لك الشيطان، والذي يفعل هذا يعتقد أنه لا شيء فيه، ولا شك أن هذا أخبث مما لو قال: سنجعل العشرة اثني عشر إلى سنة، هذا لا شك أنه حرام لكن الحيلة الأولى أخبث؛ لأنها تضمنت مع مفسدة الربا الخداع لله عز وجل، والله سبحانه وتعالى لا يخفى عليه شيء: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (١)، ومسلم (١٩٠٧ / ١٥٥) من حديث عمر بن الخطاب.]] ليش تعطيه السيارة؟ ويش الفائدة منها؟ هو أخذ السيارة وعلى طول للمعرض باعها هو لا يريدها، وأنت لم تبعها عليه إلا لأنه ليوفيك بقيمتها وتبقى الزيادة التي في قيمة السيارة ربا أضعافًا مضاعفة.
* طالب: هذه المسألة غير مسألة العينة يا شيخ؟
* الشيخ: إي نعم، هذا غير مسألة العينة، مسألة العينة يبيع عليه السلعة بثمن مؤجّل، ثم يشتريها بأقل منها نقدًا، أما هذا دَيْن ثابت في ذمته تحيَّل عليه، قال: أبيع عليك هذه السيارة بعشرة من أجل تبيع وتاخد دراهمها وتوفيني، وبعد سنة أطالبك بقيمة السيارة: اثنا عشر.
* طالب: والسيارة بسيارتين كذلك قد يجيء حيلة مثلًا واحد يبيع على الآخر سيارة في المعرض بخمس وثمانين من المعرض، يقول لك: في السنة الجاي تشتري في هذا المعرض ٨٥ اثنين سيارات اثنين؟
* الشيخ: لا، سيارة بسيارة، أنا عندي سيارة جيدة من النوع الجيد، وأنت عندك سيارتان ليس نوعهما جيدًا فآخذ منك السيارتين بالسيارة.
* الطالب: صورة أخرى، يعني واحد يبغى سيارة حتى يبيع ويستفيد من مبلغه، وقال: هاتني سيارة من معرض خمس وثمانين واحد، وفي السنة الجاي أعطيك من المعرض سيارتين؟
* الشيخ: إي نعم، نعم، هذا لا بأس به؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال لعبد الله بن عمرو بن العاص:« «اسْتَسْلِفْ عَلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ» فكان يأخذ البعير بالبعيرين والبعيرين بالثلاثة، تدري لماذا؟ لأنه ربما في العام القادم تكون قيمة السيارتين أقل من قيمة السيارة في العام الماضي، فالربا ما هو متحقق، ما هو متحقق، واضح؟
* طالب: شيخ، نحن قلنا: إن الأوراق النقدية تأخذ عِلّة الذهب والفضة، كثير من الشباب يتساءلون عن الصرف في الأوراق النقدية بالقطع الحديدية سواء زادت أو قلّت، نريد تحقيق هذه المسألة؟
* الشيخ: التحقيق عندنا هو أنه لا بأس بالزيادة، لكن لا بد أن تكون يدًا بيد.
* طالب: الدليل يا شيخ.
* الشيخ: الدليل: «إِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ»[[أخرجه مسلم (١٥٨٧ / ٨١) من حديث عبادة بن الصامت.]]، فمثلًا البر والشعير المقصود بهما الطعم فالمقصود واحد، لكن لما اختلف الجنس جاز التفاضل، هذه الأوراق النقدية والنقود المقصود بها واحد، لكن لما اختلف الجنس يجوز التفاضل.
* الطالب: لكن الجنس واحد.
* الشيخ: لا ما هو جنس واحد، هذا حديد وهذا ورق، والمنفعة مختلفة أيضًا.
* * *
* طالب: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٣٠) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (١٣١) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٣٢) وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٣٥)﴾ [آل عمران ١٣٠ - ١٣٥].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٣٠) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (١٣١) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ الآية الأولى تقدم الكلام عليها.
وقبل أن نبدأ بهذا الدرس نود أن نتحدث بنعمة الله سبحانه وتعالى على ما مَنَّ به علينا من إتمام الصيام والقيام، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيد أمثاله علينا وعلى المسلمين بخير وأمن وعمل صالح، إن الإنسان ينبغي له إذا عمل عملًا صالحًا أن يتذكر هذا العمل لا لِيمُنَّ به على ربه، ولكن ليشكر الله على توفيقه وعلى إحسانه حيث أعانه على هذا العمل الذي خَذَلَ عنه كثيرًا من الناس، كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الأنعام ١١٦] فيحمد الله على هذه النعمة ويجدّد الشكر والعزيمة على فعل الخير، ويذكر أن الزمن الفائت والزمن المستقبَل كلاهما يحتاج إلى ملئه بالعمل الصالح؛ لأن هذه الأيام خزائن يودِع فيها الإنسان ما يودعه فيها من أجل أن ينتفع به في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وعلينا أيضًا أن نتحدث بنعمة الله سبحانه وتعالى أن جاء هذا الشهر بعد أن زالت تلك الفتن والظلمات التي أعشت الأبصار وأتعبت القلوب وأقلقت الراحة حتى صام الناس -ولله الحمد- شهرهم وقاموه وهم في حال طمأنينة وفرح بما أنعم الله به من زوال تلك الحروب.
وعلينا أيضًا أن نشكر الله سبحانه وتعالى، وأن نتحدث بنعمته حيث كان هذا الشهر المبارك شهر رمضان في أيام هي أحسن أيام السنة من حيث الطقس؛ لأنها أول فصل الربيع، فكان -ولله الحمد- مُيسرًا، ليس فيه حرٌّ مزعج ولا برد مؤلم، بل أداه الناس -ولله الحمد- براحة وطمأنينة، فأُذَكِّر نفسي وإياكم بنعم الله الكثيرة التي لا تحصى؛ لأن الإنسان كلما ذكر النعم ازداد محبة لله وطاعة له وتحدثًا بنعمه، ولنذكر أيضًا أن من بلاد المسلمين من يعيش في قلق في خوف في جوع في عُري، وهذه البلاد -ولله الحمد- تمر بها الأحداث العظيمة ومع ذلك لم تتأثر، فنحن -كما شاهدتم، ولله الحمد، في الأزمات- أسواقنا هي على ما هي عليه، وكل شيء على ما هو عليه، وهذه من نعمة الله سبحانه وتعالى، ونسأل الله تعالى أن يزيدنا وإياكم من فضله ويرزقنا شكر نعمته.
أما درسنا اليوم فهو تفسير كلام الله سبحانه وتعالى الذي ينبغي لنا أن نعتني به؛ لأن أفضل موضوع هو موضوع التفسير؛ لأنه شرح لكلام الله، وإذا كنا نحرص على أن نشرح كلام الحجّاوي في زاد المستقنع أو نشرح كلام فلان وفلان في كتبهم فالواجب علينا أن نعتني بكتاب الله أكثر وأكثر؛ لأنه كلام الله عز وجل، فإذا اعتنى به الإنسان حصّل بذلك خيرًا كثيرًا في العلم وفي الدين وفي الأخلاق وفي كل شيء.
ولا تظنوا أن درس التفسير سهل؛ لأنه مثلًا تأتي فيه آيات متكررة؛ لأن كل آية تجد فيها معنى غير المعنى الذي في الآيات الأخرى، ثم هو خير للإنسان، كل حرف منه بعشر حسنات.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَأۡكُلُوا۟ ٱلرِّبَوٰۤا۟ أَضۡعَـٰفࣰا مُّضَـٰعَفَةࣰۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق