الباحث القرآني
ثم قال تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾، ﴿قُلْ﴾ الخطاب للنبي ﷺ، واعلم أن الخطاب الموجه للنبي ﷺ تارة يكون شاملًا له وللأمة بالنص المقترن بذلك الخطاب، وتارة يكون خاصًّا به، وتارة يكون عامًّا له وللأمة بمقتضى كونه إمامًا للأمة، يعني ليس بالخطاب ما يدل على العموم لكن باعتبار أنه إمام الأمة يكون الخطاب له، وحكمه يشمله ويشمل الأمة، مثال الأول الخطاب الموجه للنبي ﷺ واقترن به ما يدل على أنه عام له وللأمة قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [الطلاق ١]، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ﴾، ثم قال: ﴿إِذَا طَلَّقْتُمُ﴾ ولم يقل: إذا طَلَّقْتَ، فدل هذا على أن هذا الخطاب موجه له ولأمته، ومثال العام الذي ليس فيه نص مقترن به على أنه عام أكثر الخطابات الموجهة للرسول عليه الصلاة والسلام من هذا القسم، مثل هذه الآية: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ هذا شامل له وللأمة، حتى نحن نقول للذين كفروا: سَتُغْلبون وتُحشَرون إلى جهنم. والمثال الثالث قوله تعالى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ [الشرح ١]، ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى﴾ [الضحى ٦]، هذا خاص بالرسول عليه الصلاة والسلام.
قال الله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ﴾، يعني قل يا محمد، وأمته تقول ذلك أيضًا للكفار على وجه الاقتداء به والتأسي به، قل لهم: ﴿سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ﴾، وفي قراءة: ﴿سَيُغْلَبُونَ وَيُحْشَرُونَ﴾ قراءة سبعية، ﴿سَتُغْلَبُونَ﴾ من الذي يغلبهم؟ الذي يغلبهم المؤمنون، كما قال الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون ٨]، وقال الله تعالى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [المجادلة ٢١]، ولكن من المؤمن الغالب؟ المؤمن الغالب هو الذي آمن حقًّا وقام بالعمل الصالح، ليس مجرد الإيمان هو القول باللسان، ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة ٨]، لا بد من إيمان صادق يشهد له العمل فيكون صالحًا، والله عز وجل يقول: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ [غافر ٥١]، فالذين آمنوا إيمانًا حقيقيًّا مصدَّقًا بالعمل سوف يغلبون بلا شك، سوف يغلبون الكفار.
ولكن إذا قال قائل: ما تقول في الأمة الإسلامية اليوم؛ فإنها مغلوبة على أمرها، والكفار يستذلّونها غاية الذل ويحاربونها من كل وجه بكل أنواع السلاح؟ فجوابنا أن نقول: أقول في الأمة الإسلامية إنها يصدق على عامتها ما هو على كل فرد منها أنه ليس لهم من الإسلام إلا اسمه فقط، ولا من القرآن إلا رسمه، ولذلك تجد واحدًا منهم يعظّم القرآن تعظيمًا متعديًا لحدود الشرع، لكن تعظيم رسمي فقط، يقبّل القرآن ويحبه ويضم على جبهته لكن ما يعمل بما فيه إلا نادرًا، حتى إنه ربما يفعل ذلك وهو يشرك بالله، يدعو غير الله، أين العمل بالقرآن؟ ما فيه عمل بالقرآن، وإذا نظرت نظرة فاحصة في العالم الإسلامي اليوم وجدت أنه لا يمثل الإسلام حقيقة، وجدت في العبادة أنواعًا كثيرة من الشرك بالأموات وبالأحياء، وجدت أنواعًا كثيرة من البدع العقدية والعملية، وجدت أنواعًا كثيرة من نقض العهد والغدر والخيانة والكذب والغش، فأين الإسلام؟ ليس هو إلا اسمه، ومن ثم لم نغلب الذين كفروا، بل الذين كفروا هم الذين غلبونا في الواقع، وهم الذين لهم السيطرة الآن، السيطرة على العالم اقتصاديًّا وسياسيًّا وعسكريًّا، نعم.
إذن هذه الآية إذا قال قائل: كيف تصدق هذه الآية أو يصدق مقتضاها مع ما نشاهد اليوم؟ الجواب: أننا لم نصدُق الله حتى يكون لنا النصر، ﴿فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ [محمد ٢١]، نعم.
﴿سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ﴾، في الدنيا تُغلبون، في الآخرة تُحشرون إلى جهنم - والعياذ بالله - يُجمعون إليها ويدخلونها ويُخلدون فيها، فيكون هؤلاء الكفار قد خسروا الدنيا والآخرة، خسروا الدنيا بالغلبة غُلِبوا، والذل، وخسروا الآخرة بأنهم يُحشرون إلى جهنم، وهذا كقوله عز وجل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ﴾ [الأنفال ٣٦]، هذه الآية نظير هذه الآية.
وقوله: ﴿وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ هذا قدح، قدح للنار - والعياذ بالله - وأنها بئس المهاد، يعني بئس ما يتمهد به الإنسان كالذي يتمهد في فراشه ويلتحف بلحافه، ﴿لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ﴾ [الزمر ١٦] - والعياذ بالله - ﴿يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [العنكبوت ٥٥]، ﴿لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾ [الأعراف ٤١] أي: شيء يغشيهم ويغطيهم من العذاب، فهم - والعياذ بالله - حالهم حال لا يمكن أن يتصورها الإنسان لعظمها وشدتها وهم خالدون فيها أبدًا.
﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا﴾، ﴿قَدْ كَانَ﴾ يحتمل أن تكون هذه من جملة مقول القول السابق في قوله: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ قَدْ كَانَ لَكُمْ﴾، فتكون من جملة مقول القول، يعني: قل لهم اعتبروا بمثل أضربه لكم ﴿كَانَ لَكُمْ آيَةٌ﴾ أي: علامة على أنكم ستُغلبون؛ لأن الآية في اللغة العلامة، آية على أنكم ستغلبون، ﴿فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا﴾ يعني للقتال بينهما، والفئة بمعنى الطائفة.
وهل المراد بالفئتين فئتان حقيقيتان واقعتان، أو هو على سبيل المثال؟ أكثر المفسرين على أنهما فئتان حقيقيتان في أمر واقع، وقال بعض المفسرين: إن ذلك على ضرب المثل، يعني ولنفرض أن هناك فئتين على هذا الوجه؛ فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة.
وإذا قلنا إنهما فئتان في قضية واقعة فقد قال هؤلاء القائلون بهذا القول: إن المراد بهما فئة الكفار والمؤمنين في بدر، فهما فئتان، فئة تقاتل في سبيل الله وهم النبي ﷺ ومن معه، وفئة كافرة تقاتل في سبيل الطاغوت كما قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ﴾ [النساء ٧٦]، الله أكبر، ﴿فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ﴾ الخطاب لمن؟ للمؤمنين، ﴿فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ [النساء ٧٦]، سبحان الله لو أخذنا بهذه الآية ونحن مؤمنون حقيقة نقاتل في سبيل الله لكان هؤلاء بين أيدينا كالفَراش، ولكن الأمر كما تعرفون.
قوله: ﴿آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ﴾ أي: طائفتين من الناس ﴿الْتَقَتَا﴾، يعني لقي بعضهما بعضًا، ﴿فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾، ﴿فِئَةٌ﴾ مبتدأ، و﴿تُقَاتِلُ﴾ خبره، وجاز كون المبتدأ نكرة؛ لأنه للتقسيم، وقد مر علينا أنه إذا كان هناك تقسيم جاز الابتداء بالنكرة، ومنه قول الشاعر:
؎فَيَــــــــوْمٌ عَلَيْنَــــــــا وَيَـــــــــــوْمٌلَنَــــــــــــــا ∗∗∗ وَيَــــــــوْمٌ نُسَــــــــاءُ وَيَــــــــوْمٌنُسَــــــــــــــــرْ
فبدأ بالنكرة من أجل التقسيم، فهنا قال: ﴿فِئَةٌ تُقَاتِلُ﴾، فبدأ بالنكرة؛ لأن المقام مقام تقسيم، ﴿تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾، ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾، أي: في طريقه، والقتال في سبيل الله يتضمن أمورًا، الأول: إخلاص النية لله، الثاني: أن يكون موافقًا فيه أمر الله، الثالث: أن تُتَجَنَّب فيه محارم الله، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ» »[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (١٢٣)، ومسلم (١٩٠٤ / ١٤٩) من حديث أبي موسى الأشعري.]].
الأول أن يكون مرادًا بها وجه الله، وأن تكون كلمته العليا، وهذا الإخلاص، لا يقصد الإنسان بقتاله السيطرة على العالم وأن يملك الأرض ويغنم الأموال ويسبي الذرية، إنْ قصد هذا فليس قتاله في سبيل الله.
الثاني: أن يكون القتال في حدود شريعته، بحيث لا يكون فيه عدوانٌ على أحد، فإن كان فيه عدوانٌ على أحد فإنه ليس في سبيل الله.
ومثاله: أن يكون بيننا وبين المشركين عهد ثم ننقضه ونقاتل، وهذا حرام، وليس هذا القتال في سبيل الله، بل هو معصية لله عز وجل؛ لأن الله تعالى قال: ﴿فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ﴾ [التوبة ٧]، ونهى أن نقاتل في حال العهد وقال: ﴿إِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ﴾ [الأنفال ٥٨]، يعني حتى إذا عاهدت قومًا من الكفار وخفت أن يخونوا لا يجوز أن تنقض العهد، ولكن ﴿انْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ﴾، يعني قل لهم: لا عهد بيننا وبينكم، ﴿عَلَى سَوَاءٍ﴾، حتى تكون (...) على سواء، يعني على علم بأن العهد قد نُقِض، أما أن تقاتل مع العهد فهذا ليس في سبيل الله.
الأمر الثالث: أن تجتنب فيه أيش؟ محارم الله، فإن لم تجنب فيه محارم الله فإنه وإن كان أصله في سبيل الله لكن لا تتحقق فيه الغلبة والنصر، بدليل ما وقع للمسلمين في غزوة أحد، فإن المسلمين في غزوة أحد كان الأمر في أول النهار في أيديهم والغلبة لهم، ولكنهم عصوا الرسول عليه الصلاة والسلام فخُذِلوا، فكانت الدائرة للمشركين، يقول الله عز وجل: ﴿حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران ١٥٢]، يعني حصلت الهزيمة، ﴿مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ﴾ [آل عمران ١٥٢]، الله أكبر، الله عز وجل صرف المسلمين عنهم فلم يقاتلوهم، ﴿لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ﴾ [آل عمران ١٥٢]، شوف بعد هذا التقريع والتوبيخ الذي يتعظ به من يأتي بعدهم قال بعده: ﴿وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ﴾، ونحن لو فعلنا كما فعلوا هل نحن ضامنون أن يعفو الله عنا؟ لا، لكن الصحابة عفا الله عنهم وصار ما فعلوه كأن لم يكن، المهم أن نقول: في سبيل الله لا بد فيه من شروط، لا بد فيه من شروط، ماذا تقولون في قوم يقاتلون للقومية، هذا في سبيل الله؟ ليس في سبيل الله، ولهذا سئل النبي عليه الصلاة والسلام عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل ليُرَى مكانه، أي ذلك في سبيل الله؟ قال: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ» »[[متفق عليه؛ أخرجه البخاري (١٢٣)، ومسلم (١٩٠٤ / ١٤٩) من حديث أبي موسى الأشعري.]]، يعني هذه كلها ليست في سبيل الله، الرجل يقاتل شجاعة لأنه شجاع والشجاع يحب أن يقاتل؛ لأن الشجاعة من سجيته والإقدام من سجيته فيحب هذا، والثاني يقاتل حمية وحدبًا على قومه، والثالث يقاتل رياء وسمعة ليُرى مكانه، أي ذلك في سبيل الله؟ قال: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ».
الأخرى كافرة، ولم يقل الله عز وجل: تقاتل في سبيل كذا، وهذا من باب الاكتفاء بأحد الوصفين عن الآخر، الأولى قال: ﴿فِئَةٌ تُقَاتِلُ﴾ ولم يقل: فئة مؤمنة، تقاتل في سبيل الله، والثانية قال: ﴿وَأُخْرَى كَافِرَةٌ﴾ ولم يقل: تقاتل في سبيل الطاغوت، فحذف من الأول مقابل ما ذُكِر في الثاني، وأيش حذف من الأول؟ مؤمنة التي تقابلها كافرة، وحذف من الثاني ضد ما ذُكِر في الأول، فحذف في سبيل الطاغوت، وقد ذكر في الأولى: في سبيل الله، وهذا من الاكتفاء بذكر أحد الوصفين على الآخر، وهو من البلاغة الإيجازية، قال: ﴿وَأُخْرَى كَافِرَةٌ﴾ يعني: تقاتل في سبيل الطاغوت.
﴿يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ﴾، وفي قراءة سبعية: ﴿تَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ﴾ ، وهنا نشوف مَن الرائي هل هم المقاتلون في سبيل الله، أو الكفار؟ الواقع أن الضمير يصلح لهذا وهذا، لكن ﴿تَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ﴾ واضح أنها تعود إلى الكفار، ترون المقاتلين الفئة التي تقاتل في سبيل الله مثلي الكفار لكن رؤيا فقط ما هي حقيقية ﴿إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور﴾ [الأنفال ٤٣]، ﴿وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا﴾ [الأنفال ٤٤].
﴿يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ﴾ يعني يشاهدونهم بأعينهم أنهم مثليهم، سواء كانوا مؤمنين ولا كفارًا، فإن كانوا مؤمنين يرون الكفار مثليهم، فواضح أن الفئة القليلة هي المؤمنة، وإن كان الكفار يرونهم مثليهم رأي العين ففيها إشكال؛ لأنهم إذا كان الكفار يرون المؤمنين رأي العين مثليهم صارت الغلبة لمن؟
* طالب: المؤمنين.
* الشيخ: إي لكن (...)، صارت الغلبة للأكثر، لكنهم قالوا: إن رؤيتهم إياهم مثليهم من باب إراءة الله إياهم كذلك وإن كانوا في الواقع دون ذلك، إن كانوا في الواقع دون ذلك.
على كل حال الأقرب أن الرائي هم الطائفة المؤمنة، وأن المثلين مَن؟ الطائفة الكافرة، يعني ترى الطائفةُ المؤمنة الطائفةَ الكافرة مثليهم، وتتحقق أن هؤلاء الكفار يبلغون ضعفيهم، المِثْلان كم، إذا كان المؤمنون مئة ك الكفار؟ يكونون مئتين.
فإذا قلنا: إن هذه الآية في قضية واقعة وهي في يوم بدر صار عندنا إشكال كبير في قوله: ﴿مِثْلَيْهِمْ﴾، لماذا؟ لأن عدد المؤمنين في بدر ثلاث مئة وبضعة عشر رجلًا، وعدد الكفار ما بين تسع مئة إلى ألف، وهل تسع مئة وألف تكون مثلي ثلاث مئة وبضعة عشر رجلًا؟ نعم تقريبًا ثلاثة أمثال، ثلاثة أمثال أو أكثر، فذهب بعض العلماء إلى أنهم يرونهم مثليهم وإن كانوا في الحقيقة أكثر.
وذهب بعض العلماء إلى أن المراد بالمثل هنا الزائد، وجعل معنى قوله: ﴿يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ﴾ أي: يرونهم أكثر منهم، وهذا إذا قلنا: إن الآية في قضية واقعة وهي قضية بدر.
أما إذا قلنا: إنها ضَرْبُ مَثَل ففيه إشكال ولّا لا؟ لا إشكال فيه، إذا قلنا: إنه من باب ضرب المثل، وأن المؤمنين إذا كانوا نصف الكفار فإنهم يغلبونهم، وهذا هو المطابق لقوله تعالى: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ﴾ [الأنفال ٦٦]، فهنا الفئة تغلب مثليها، أليس كذلك؟ الفئة تغلب مثليها، المئة تغلب مئتين، والألف يغلب ألفين.
قال الله تعالى: ﴿يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ﴾، ﴿رَأْيَ الْعَيْنِ﴾ هذه مصدر مؤكِّد لقوله: ﴿ترونهم﴾ أو ﴿يَرَوْنَهُمْ﴾ إذا جعلنا الرؤية أيش؟ بصرية، وأما إذا جعلناها علمية، أي يعلمونهم مثليهم رأي العين، فهي أيضًا من باب التوكيد المعنوي، يعني يعلمونهم علمًا يقينيًّا كما يرونهم بأعينهم.
﴿وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾، ﴿يُؤَيِّدُ﴾: يُقَوِّي، والباء هنا باء الوسيلة، أي: يؤيد بسبب نصره من يشاء، وقلت: إن باء الوسيلة كما يقال: ذبحت بالسكين، وضربت بالعصا، فالنصر إذن وسيلة التأييد، فهو يقوي عز وجل بنصره من يشاء. ﴿مَنْ يَشَاءُ﴾ ممن تقتضي الحكمةُ نَصْرَه، أو ممن تقتضي الحكمةُ تأييدَه، ويجب أن نقيد كل آية جاءت بلفظ المشيئة أو جاءت معلقة بالمشيئة يجب أن نقرنها بالحكمة؛ لقول الله تعالى: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [الإنسان ٣٠].
﴿وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ المشار إليه ما سبق من ذكر هذه القضية، أي إن في ذلك المذكور لعبرة يعني: لاعتبارًا، والاعتبار هو العبور من شيء إلى شيء، مأخوذ من العبور من شيء إلى شيء، يعني كأن الإنسان يعبر بعقله من المذكور إلى المعقول، فهنا ذُكِرت لنا قصة، نأخذ منها عبرة بماذا؟ بأن الفئة القليلة تغلب الفئة الكثيرة، فيكون في هذا تحقيق لقوله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ﴾، فإذا افتخر الكفار بكثرتهم نقول لهم: إن كثرتكم لا تغني عنكم شيئًا، فهذه فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة، ومع ذلك صارت الغلبة لمن؟ للتي تقاتل في سبيل الله.
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾، (الأبصار) جمع (بصر)، كـ(أسباب) جمع (سبب)، ولكن ما المراد بالأبصار هنا؟ هل هو بصر الرؤية الحسية أو بصر العقل أو يشمل؟ يشمل ما دام أنهم يرونهم رأي العين فيكون فيه عبرة لأولي الأبصار، للذين رأوا بأعينهم، وكذلك هو عبرة لأولي الأبصار بالعقول، بعقولهم ولو كانوا لم يروا ذلك رأي العين؛ لأنهم إذا سمعوا اعتبروا، إذا سمعوا اعتبروا فكان في ذلك عبرة لهم.
* طالب: ألا يصدق على المسلمين اليوم أنهم غثاء كغثاء السيل؟
* الشيخ: إي نعم، بلى، يصدق على المسلمين اليوم أنهم غثاء كغثاء السيل؛ لأن الأمم تداعوا عليهم كما تداعى الأكلة على قصعتهم.
* طالب: ﴿فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ هذه الفئة تمثل كل (...) وهذا من حيث (...) وكذلك البلاغة إذا حذفتم أحد الوصفين يخرج الوصف الآخر.
* الشيخ: نعم.
* الطالب: يمكن (...) فئة.
* الشيخ: هو يقول: إنه يجوز أن نجعل ﴿فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ خبرًا لمبتدأ محذوف، والتقدير: إحداهما فئة تقاتل، وهذا الصحيح، ما ذكره وجه من أوجه إعراب الآية، يعني أنه يجوز أن نجعل ﴿فِئَةٌ﴾ خبرًا لمبتدأ محذوف تقديره: إحداهما، ولكن قد قرر أهل العلم قاعدة وهو أنه إذا أمكن أن يكون الكلام غير مقدر فهو أولى، مر علينا هذا في أيش؟ في النحو وفي أصول الفقه أيضًا، أنه يُحمل الكلام إذا أمكن على غير حذف.
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا لا، إذا قلت: قوم يبيعون وقوم يؤجرون، صار تقسيم، يقسم هؤلاء إلى هذا، وهؤلاء إلى هذا.
* طالب: (...).
* الشيخ: نعم.
* الطالب: هل هذا قدح؟
* الشيخ: نعم نعم قدح في مهادهم.
* الطالب: في جهنم..
* الشيخ: في المهاد، نعم.
* طالب: (...)، ثلاثة أقسام، ثم قلنا: قد يكون خاصًّا بالنبي ﷺ، ومثلنا بقول الله سبحانه وتعالى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ [الشرح ١] (ألم نشرح لك صدرك) هذه عامة، إن كل واحد إذا اهتدى شرح صدره للإسلام؟
* الشيخ: لا؛ لأن الاستفهام هذا للتقرير ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ [الشرح ٤] ﴿وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ [الشرح ٢] هذا خاص بالرسول. نعم.
* طالب: ما موقف المجاهد الذي يجاهد مع ناس ويعصون الله سبحانه وتعالى، إما معصية لا تخرج عن الملة، أو بعض معاصي تخرجهم عن الملة كالشركيات.
* الشيخ: على كل حال هؤلاء لا يستحقون النصر، الذين يعصون الله عز وجل لا يستحقون النصر؛ لأن المعصية سبب للخذلان، لكن قد يُنْصَرون لظلم خصمهم، أحيانًا يُنصر الظالم على الظالم من أجل إهانة الثاني، كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [الأنعام ١٢٩]، فانتصار اليهود مثلًا على أهل فلسطين من هذا النوع، وإلا أهل فلسطين أحق بالنصر من اليهود إذا كانوا مسلمين، فالمسلم أحق بالنصر من الكافر، لكن قد يكون عند المسلم معاصي كثيرة توجب أن يُذَلّ من قبل الكافر.
نقول: إن هذا هو السر في السجود، كمال التعبد لله والتواضع له، ولهذا كان جزاء الساجد أن يكون أقرب ما يكون من ربه عز وجل؛ لأنه تواضع لله ونزل، فرفعه الله وصار أقرب ما يكون إلى ربه، وقد ورد في الحديث: «أَنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَعْضَاءَ السُّجُودِ» فيمن يدخل النار من العصاة؛ لأن عصاة المؤمنين إذا لم يتُب الله عليهم ولم تكن لهم حسنات تَرْجُح على سيئاتهم فإنهم يعذَّبون في النار بقدر ذنوبهم، لكن أعضاء السجود محترمة لا تأكلها النار ولا تؤثر فيها، ولهذا قال بعضهم:
؎يَا رَبِّ أَعْضَاءَ السُّجُودِ عَتَقْتَهَا ∗∗∗ مِنْ فَضْلِكَ الْوَافِي وَأَنْتَ الْبَاقِي؎وَالْعِتْقُ..................... ∗∗∗ فَامْنُنْ عَلَى الْفَانِي بِعِتْقِالْبَاقِــي
يعني فتوسل إلى الله بعتق هذه الأعضاء إلى أن يعتق جميع البدن بسريان العتق إليه، قال المؤلف رحمه الله: ولو مع حائل ليس من أعضاء سجوده، قال: ويجافي عضديه عن جنبيه، يجافي، الفاعل مَن؟ المصلي الساجد يجافي عضديه عن جنبيه يعني يبعدهما.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٢) قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (١٣) زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾ [آل عمران ١٢ - ١٤].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله عز وجل: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾، هذه الآية مصدَّرة بـ(قل)، تدل على أن الله أمر رسوله ﷺ بإبلاغها إلى الكفار، فما الذي يفيده تصدير بعض الأحكام أو الأخبار بـ(قل)؟ يعني كون الله يأمر نبيه ﷺ أمرًا خاصًّا بتبليغ هذا الشيء ما الذي يدل عليه؟
* طالب: يدل على أهميته.
* الشيخ: على أهميته، وأنه أُمِر أن يبلغه أمرًا خاصًّا مع أن الرسول ﷺ أُمِر أن يبلّغ القرآن كله، لكن هذا يدل على أنه معتنًى به، مثل: ﴿قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [إبراهيم ٣١]، ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ [النور ٣٠] والأمثلة على هذا كثيرة.
قوله: ﴿سَتُغْلَبُونَ﴾ فيها قراءتان.
* طالب: ﴿سَتُغْلَبُونَ﴾.
* الشيخ: نعم و﴿سَيُغْلَبُونَ﴾ . قوله: ﴿تُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ﴾.
* طالب: ﴿تُحْشَرُونَ﴾ و﴿يُحْشَرُونَ﴾ .
* الشيخ: و﴿يُحْشَرُونَ﴾ ، ومعنى الحشر؟
* الطالب: الجمع.
* الشيخ: الجمع. قوله: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ﴾ آية على أيش؟ نعم آية يعني علامة، لكن على أيش؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: على أنهم سيُغلبون، على أن الكافر مغلوب. ما المراد بالفئتين في قوله: ﴿فِئَتَيْنِ﴾ المراد؟
* طالب: على قول المؤلف أن..
* الشيخ: ما عندنا مؤلف، هذا قرآن.
* الطالب: قال بعض المفسرين: إنها غزوة بدر.
* الشيخ: إي، إنها إشارة إلى غزوة بدر، وهذا هو الذي عليه الجمهور. وقال بعض العلماء؟
* الطالب: غير ذلك.
* الشيخ: مثال مثال، يعني معنى ﴿آيَةٌ﴾ تشمل أهل بدر وغيرهم، إذا قلنا: إنهم أهل بدر، إنها إشارة إلى أهل بدر فكيف نجمع بين الواقع وبين قوله: ﴿تَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ﴾؟
* طالب: مثليهم يعني روعي الكثرة (...).
* الشيخ: مطلق الزيادة، ولا يدل ذلك على التثنية، مثل: ﴿ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ﴾ [الملك ٤]، نقول: المراد بمثلين يعني الزيادة، بقطع النظر عن كونه مثلًا ومثلًا؛ لأن المعروف أن المسلمين في بدر ثلاث مئة وبضعة عشر رجلًا، وأن المشركين ما بين تسع مئة إلى ألف، فيه رأي آخر؟
* طالب: مثليهم بمعنى أكثر منهم.
* الشيخ: هذا قيل.
* الطالب: يعني وإن كانوا أكثر منكم لكنهم يرون أنهم مثليكم.
* الشيخ: ﴿يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ﴾، يعني قُلِّلُوا في أعينهم، ويؤيد هذا، وأيش يؤيد؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، نبغي من القرآن.
* طالب: (...) الله إذا التقيتم في أعينهم لكنه يقللهم في أعينكم.
* الشيخ: نعم ﴿وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا﴾، ولماذا خص المثلين مع أنه في آية الأنفال قال ﴿قَلِيلًا﴾ فقط؟
* طالب: لقوله وتعالى: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ﴾ [الأنفال ٦٦].
* الشيخ: صح، أراهم الله (...) مثليهم؛ لأن المؤمن يجب أن يصابر الاثنين، يجب على المؤمنين أن يصابروا مثليهم، فأُرُوا مثليهم، هذان رأيان.
فيه رأي ثالث عثرت عليه اليوم أن المراد بمثلين أي: ضعفين، وعليه فيكون مطابقًا للواقع؛ لأن ضعف الشيء كثره مرتين، فإذا كان ضعفين صار كثره ثلاث مرات، والمشركون ما بين تسع مئة إلى ألف، والمسلمون ثلاث مئة وبضعة عشر رجلًا.
قوله: ﴿يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ﴾ الفاعل مَن؟ مَن الفاعل ﴿يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ﴾؟
* طالب: المؤمنون.
* الشيخ: المؤمنون، والمفعول به؟
* الطالب: تقصد أيش؟
* الشيخ: ﴿يَرَوْنَهُمْ﴾.
* الطالب: المشركين.
* الشيخ: إي يعود على الكافرين، يعني يرى المؤمنون الكافرين. الضمير في ﴿مِثْلَيْهِمْ﴾ يعود على مَن؟
* طالب: على المؤمنين.
* الشيخ: على المؤمنين، يعني يرى المؤمنون الكافرين مثليهم أي مثلي المؤمنين. فيها هنا قراءة.
* طالب: في (ترون)؟
* الشيخ: في ﴿يَرَوْنَهُمْ﴾.
* الطالب: في قراءة (ترون).
* الشيخ: ﴿تَرَوْنَهُمْ﴾ ، وعلى هذا يكون الخطاب في قوله: ﴿تَرَوْنَهُمْ﴾ عائدًا على المؤمنين، أو عائدًا على الكفار بناء على مرجع (لكم) في ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ﴾.
في قوله: ﴿فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ﴾ فيها ما يُعرف بحذف أحد المتقابلين لدلالة الآخر عليه في المقابل.
* طالب: حذف المؤمنين ﴿فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾.
* الشيخ: وأيش حذف منها؟
* الطالب: المقابل.
* الشيخ: وأيش المقابل؟
* الطالب: المؤمنين. حذف مقابل الذين يقاتلون في سبيل الطاغوت.
* الشيخ: لا.
* طالب: حذف الكافرين والمشركين، حذف المؤمنون.
* الشيخ: وأيش التقدير؟
* الطالب: فئة مؤمنون وأخرى كافرة.
* الشيخ: التقدير: فئة مؤمنة تقاتل في سبيل الله، وأخرى كافرة تقاتل في سبيل الطاغوت، في الكفار ذكر كافرة قال ﴿أُخْرَى كَافِرَةٌ﴾، لكن لم يذكر ما تقاتل فيه، وفي المؤمنين ذكر ما يقاتلون فيه ولم يذكر وصف الإيمان، فإذا قال قائل: ما هو الدليل على هذا التقسيم الذي ذكرتم؟
* طالب: (...).
* الشيخ: قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا..﴾.
* الطالب: ﴿يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ﴾. [النساء: ٧٦].
* الشيخ: نعم، تمام، قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾، كلمة: ﴿مَنْ يَشَاءُ﴾ هل المشيئة مطلقة؟
* طالب: مقيدة.
* الشيخ: مقيدة، بماذا؟ بالحكمة، كل نص عُلِّق على المشيئة فهو مقيد بالحكمة، ما دليلك؟
* الطالب: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [الإنسان ٣٠].
* الشيخ: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾، فهذا دليل على أن مشيئة الله تابعة لعلمه وحكمته، وقوله: ﴿لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾، ما هي العبرة؟
* طالب: العبرة العظة.
* الشيخ: العظة، وأصلها في اللغة ما يُعْبَر به من شيء إلى شيء، ومنه عند الناس عَبَّارة يعني تُعَبِّر الماء من جهة إلى جهة، فالإنسان يعبر من هذه الحال إلى هذه الحال. ومن الذي يعتبر؟
* طالب: أولو الأبصار.
* الشيخ: الأبصار بالعين ولّا الأبصار بالقلب؟
* طالب: أبصار القلب.
* الشيخ: القلب؟ ما دليلك؟
* الطالب: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾ [النازعات ٢٦]، الذي يخشى هو القلب.
* الشيخ: نعم.
* طالب: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج ٤٦].
* الشيخ: نعم ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾.
قال الله عز وجل: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾. في هذه الآية: أن رسول الله ﷺ عبدٌ تُوَجَّه إليه الأوامر؛ لقوله: ﴿قُلْ﴾ فهو عبد لا يُعبد ورسول لا يُكَذَّب.
وفيها: أهمية هذا الأمر أو هذا الخبر الذي أمر الله نبيه أن يبلغه للكافرين.
* ومن فوائدها أيضًا: تقوية المؤمنين، حيث يقال لأعدائهم الكفار: ستُغْلَبون في الدنيا وليس لكم عاقبة في الآخرة؛ فإنكم ستُحشرون إلى جهنم.
* ومن فوائدها أيضًا: إرعاب الكفار وتحذيرهم؛ لقوله: ﴿سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ﴾.
* ومن فوائد الآية أيضًا: أن الله عز وجل يجمع للكفار بين العقوبتين: عقوبة الدنيا وعقوبة الآخرة؛ أما عقوبة الدنيا ففي قوله: ﴿سَتُغْلَبُونَ﴾، حتى وإن بذلوا أموالًا كثيرة، ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ﴾، وأما العقوبة الثانية فهي قوله: ﴿وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ﴾، أما المؤمن فإن الله تعالى إذا عاقبه في الدنيا لم يعاقبه في الآخرة، لن يجمع الله له بين عقوبتين، ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: البشرى لنا نحن في هذا الزمن أن الكفار لو صدَقْنا الله تعالى بالإيمان لكانوا مغلوبين، ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ﴾، ومن الذي يغلب؟ ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي﴾، ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾، فلو أننا رجعنا إلى الإيمان حقًّا بالعقيدة، والقول، والعمل، والأخلاق، والآداب، وجميع ما يتعلق بالشريعة الإسلامية لكان الكفار أمامنا مغلوبين، ويشهد لهذا الواقع الذي حصل في سلف هذه الأمة حيث ملكوا مشارق الأرض ومغاربها.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات عذاب النار؛ لقوله: ﴿وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ﴾، وهذا أمر ثابت بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين، ومن أنكر فقد كفر.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إنشاء الذنب، بل غاية الذنب للنار؛ لقوله: ﴿وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾.
أما قوله: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ﴾ فمن فوائدها: ضرب الأمثال بالأمور الواقعة؛ لأن ذلك أبلغ في التصديق والطمأنينة، ويتفرع على ذلك: أنه ينبغي للواعظ والداعية إلى الله عز وجل أن يضرب الْمُثُل للمدعوين بالأمور الواقعة؛ لأن ذلك أبلغ، فمثلًا: إذا أراد أن يدعو إلى ترك المنكرات والقيام بالواجبات قال: انظر إلى البلد الفلاني حيث كان يسمَّى منذ عهد ليس ببعيد يسمى زهرة الشرق الأوسط، وكل من أراد المتعة من الشرق الأوسط ومن أوروبا ومن غيرها يذهب إلى هذا البلد؛ لأنه يجد غاية ما يكون من المتعة، أصبح الآن أنهارًا تجري من الدماء، جعل الله تعالى بأسهم بينهم حتى فروا من ديارهم، فبدل أن كانت مدينتهم تزيد على المليون أصبح الآن ليس فيها إلا مئتي ألف وكسر، يعني ذهب أكثر من ثلاثة أرباع أهل البلد من الفتن والمحن، فإذا ضربت هذا المثل الواقع لمن تحذرهم أن يقعوا في الترف فيهلكوا صار في هذا عبرة، ولهذا ضرب الله هذا المثل بقوله: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا﴾.
* من فوائد الآية الكريمة: أن الإنسان مهما بلغ من الصدق فإن عرضه الأشياء الواقعة تجعل كلامه حق اليقين، والمراتب قد سبق لنا أنها ثلاثة: علم اليقين، وعين اليقين، وحق اليقين؛ علم اليقين هو خبر الصادق، وعين اليقين ما تراه بعينك مشاهدة، وحق اليقين ما تدركه بحسك، فإذا قال لك قائل: هذه تفاحة، أو عندي تفاحة، في جيبي تفاحة، وهو رجل صادق فالذي أدركت أنه يوجد تفاحة؟ أدركت بعلم اليقين، فإذا أخرجها ونظرت إليها فهذا عين اليقين، فإذا أكلتها فهو حق اليقين؛ لأن هذا هو الواقع، إذن نقول: إنه ينبغي للإنسان مهما بلغ من ثقة الناس به أن يضرب الأمثال للناس حتى يقتنعوا بقوله؛ لأننا نحن لا نشك في أن أصدق الكلام كلام الله، وقد قال الله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ﴾، ثم ضرب مثلًا واقعيًّا بأن الكفار غُلِبوا مع أنهم أكثر من المؤمنين.
* من فوائد الآية الكريمة: أن النصر ليس بكثرة العَدد، ولا بقوة العُدد، ولكنه من الله؛ لأن الله لما ضرب هذا المثل قال: ﴿وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾، ولكن إذا قيل: ما هي الوسيلة الحقيقية لنصر الله الذي به التأييد؟ فالجواب: ما ذكره الله عز وجل بقوله: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا﴾ [النور ٥٥]، إلى الآن لم يأت سبب النصر، قال: ﴿يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ [النور ٥٥]، هذا واحد، إخلاص العبادة لله عز وجل هذا من أسباب النصر، وهناك أيضًا أسباب أخرى ذكرها الله في قوله: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [الحج ٤٠، ٤١].
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن القتال لا يكون سببًا للنصر إلا إذا كان في سبيل الله، في سبيل الله إخلاصًا وأيش بعد؟
* الطلبة: موافقة الشرع.
* الشيخ: واتباع الشرع، موافقة الشرع.
* الطلبة: واجتناب المحارم.
* الشيخ: واجتناب المحارم، فإذا تمت هذه الأمور الثلاثة: الإخلاص، وأن يكون موافقًا للشرع، وأن تتجنب فيه المحارم المعاصي، فهذا هو الذي في سبيل الله.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه لا إلفة بين المؤمنين والكافرين؛ لقوله: ﴿فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ﴾، فمن حاول أن يجمع بين المؤمنين والكافرين فقد حاول الجمع بين النار والماء، وهذا شيء غير ممكن، لا يمكن لأولياء الله أن يكونوا متآلفين مع أعداء الله، ومن حاول أن يؤلف بين أولياء الله وأعداء الله فمعنى ذلك أنه سوف يقضي على ولاية الله؛ لقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [المائدة ٥١]، وكيف يمكن لشخص يقول إنه من أولياء الله وأنه مؤمن بالله أن يوالي أعداء الله الكافرين بالله؟ هذا لا يمكن، ولهذا نجد أن الصراع بين أتباع الرسل وأعداء الرسل أن الصراع قائم دائم إما بالقول وإما بالفعل؛ إما بالقول: ﴿إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ﴾ [الممتحنة ٢]، وإما بالصراع المسلح كما هو معروف.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الله تعالى قد يُرِي المجاهدين الأمر على الواقع، أو على خلاف الواقع لحكمة، كما تشهد بذلك آية الأنفال: ﴿وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ﴾؛ لأن الإنسان إذا رأى عدوه قليلًا نشط، نشط على القتال، وإذا رآه كثيرًا انخذل، فالله سبحانه وتعالى أرى المؤمنين الكفار قليلًا، وأرى الكافرين المؤمنين قليلًا، لأجل كل واحد يُقْدِم على القتال.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات الفعل أو إثبات أفعال الله؛ لقوله: ﴿وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾.
* ومن فوائدها أيضًا: الرد على الجبرية في قوله: ﴿تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾، فأضاف الفعل إليها، والجبرية يقولون: إنه لا يضاف الفعل إلى الفاعل إلا على سبيل المجاز، كما تقول: أكلت النارُ الحطبَ، وإلا فإن الإنسان لا يفعل باختياره بل يُجْبَر على فعله.
* ومن فوائد الآية: إثبات المشيئة لله؛ لقوله: ﴿مَنْ يَشَاءُ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه لا يعتبر بالأمور إلا أولو البصائر؛ لقوله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾.
* ومن فوائدها: أنك إذا وجدت من نفسك عدم اعتبار واتعاظٍ بما يجري فاعلم أنك ضعيف البصيرة؛ لأن الله إذا أثبت العبرة لأولي الأبصار فإن انتفاء العبرة يدل على ضعف البصيرة أو عدمها بالكلية.
* ومن فوائد الآية: الثناء على أهل البصيرة؛ لأن السياق سياق مدح فيكون فيه ثناء على أهل البصيرة وقدح في عُمْيِ القلب.
{"ayahs_start":12,"ayahs":["قُل لِّلَّذِینَ كَفَرُوا۟ سَتُغۡلَبُونَ وَتُحۡشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ","قَدۡ كَانَ لَكُمۡ ءَایَةࣱ فِی فِئَتَیۡنِ ٱلۡتَقَتَاۖ فِئَةࣱ تُقَـٰتِلُ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَأُخۡرَىٰ كَافِرَةࣱ یَرَوۡنَهُم مِّثۡلَیۡهِمۡ رَأۡیَ ٱلۡعَیۡنِۚ وَٱللَّهُ یُؤَیِّدُ بِنَصۡرِهِۦ مَن یَشَاۤءُۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَعِبۡرَةࣰ لِّأُو۟لِی ٱلۡأَبۡصَـٰرِ"],"ayah":"قَدۡ كَانَ لَكُمۡ ءَایَةࣱ فِی فِئَتَیۡنِ ٱلۡتَقَتَاۖ فِئَةࣱ تُقَـٰتِلُ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَأُخۡرَىٰ كَافِرَةࣱ یَرَوۡنَهُم مِّثۡلَیۡهِمۡ رَأۡیَ ٱلۡعَیۡنِۚ وَٱللَّهُ یُؤَیِّدُ بِنَصۡرِهِۦ مَن یَشَاۤءُۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَعِبۡرَةࣰ لِّأُو۟لِی ٱلۡأَبۡصَـٰرِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق