الباحث القرآني
ثم قال الله تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ﴾.
قال: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ﴾ اللام في قوله: ﴿وَلْتَكُنْ﴾ لام الأمر، ودليل ذلك جزم الفعل بها ﴿وَلْتَكُنْ﴾، ولام الأمر تجزم الفعل المضارع، ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ﴾ ﴿أُمَّةٌ﴾ طائفة يدعون إلى الخير، والأمة في القرآن الكريم وردت على معان متعددة منها الطائفة، ومنها الزمن، ومنها الإمامة، ومنها الملة، فمثالها في الطائفة هذه الآية.
ثم قال الله تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ﴾ [آل عمران ١٠٤] اللام في قوله: ﴿وَلْتَكُنْ﴾ لام الأمر، ودليل ذلك؟
* طلبة: الجزم.
* الشيخ: جزم الفعل بها ﴿وَلْتَكُنْ﴾ ولام الأمر تجزم الفعل المضارع. ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ﴾ ﴿أُمَّةٌ﴾ طائفة، يدعون إلى الخير. والأمة في القرآن الكريم وردت على معانٍ متعددة؛ منها: الطائفة، ومنها الزمن، ومنها الإمامة، ومنها الملّة، فمثالها في الطائفة هذه الآية ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ﴾ [آل عمران ١٠٤]، ومثالها في الملة قوله أيش؟
* طلبة: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ﴾ [الزخرف ٢٢].
* الشيخ: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ﴾ أي: على ملة، ومثالها في الإمامة؟
* طلبة: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً﴾ [النحل ١٢٠].
* الشيخ: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً﴾، ومثالها في الزمن: ﴿وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ [يوسف ٤٥]. أي: بعد زمن.
وقوله: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ﴾ ﴿مِنْكُمْ﴾ (من) يحتمل أن تكون للتبعيض، ويحتمل أن تكون لبيان الجنس، فعلى الأول يكون المعنى: وليكن بعضكم يدعو إلى الخير، وعلى الثاني: ولتكونوا جميعًا دعاة إلى الخير؛ لأن إذا جعلناها لبيان الجنس صار المعنى أن كل الأمة يجب أن تكون من هذا الطراز؛ يعني وتكون أمة تدعون إلى الخير، وإذا جعلناها للتبعيض صار المعنى: وليكن بعضكم يدعو إلى الخير، وسيأتي إن شاء الله في الفوائد ما يترتب على ذلك.
قال: ﴿يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ﴾ يدعون من؟ المفعول محذوف، فهل المراد يدعون أنفسهم أو يدعون غيرهم من الأقارب أو غيرهم من المسلمين، أو غيرهم من جميع الناس؟
* طلبة: يشمل.
* الشيخ: يشمل، يدعون إلى الخير كل من تتوجه الدعوة إليه أي إنسان تتوجه الدعوة إليه فليدعوه، وهل يدعون الجن؟
* طلبة: نعم.
* الشيخ: نعم، يدعون الجن، ولهذا كان المفعول محذوفًا من أجل العموم.
﴿يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ﴾ والخير كل ما جاء به الشرع فهو خير، ويشمل ما كان خيرًا في الدين وما كان خيرًا في الدنيا، أما ما كان خيرًا في الدين فأمره ظاهر ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [الزلزلة ٧] وأما ما كان من أمر الدنيا فلأن ما كان من مصالح الدنيا التي لا تعارض الدين فهو من الأمور الخيرية المطلوبة، فيكون الخير هنا يشمل خير الدين وخير الدنيا، فمثلًا يدعون إلى فعل الطاعات: صلِّ، زكِّ، صُم، حُجّ، برَّ والديك، صِلْ أرحامك، انصحْ في البيع والشراء، بَيِّن، وما أشبه ذلك كل هذا دعوة إلى الخير، لا تزنِ، لا تسرق، لا تشرب الخمر، لا تقتل النفس بغير حق، لا تعُقَّ والديك، لا تقطع أرحامك، لا تغشَّ الناس، هذا أيضًا دعوة إلى الخير؛ لأن هذا طلب كفّ، النهي طلب كفّ، فهو بالحقيقة دعوة إلى الخير؛ لأن ترك الشر خير.
ثانيًا: ﴿وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ جعل الأمر بالمعروف بعد الدعوة؛ لأن الدعوة سابقة على الأمر، فأنت تدعو أولًا، ثم تأمر ثانيًا، ثم تغيّر ثالثًا، وهذا يلتبس على كثير من الطلبة، يظنون أن الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتغيير المنكر شيء واحد، وليس كذلك، فالدعوة إلى الخير عامة، الخطيب إذا خطب الناس في الجمعة وأمر ونهى يقال؟
* طلبة: داعٍ.
* الشيخ: داعٍ إلى الخير، الرجل إذا أمسك بك وقال: يا أخي صلِّ، اتقِ الله، يا أخي، لا تغشّ الناس اتقِ الله، فهذا؟
* طلبة: نهي عن منكر.
* الشيخ: لا.
* طلبة: أمر.
* الشيخ: أمر بمعروف ونهي عن منكر. ولي الأمر إذا رأى آلة عزف وكسّرها، هذا تغيير منكر، ولكل درجات، لكن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ﴿وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ وكلمة ﴿وَيَأْمُرُونَ﴾ تدل على أنهم يتكلمون مع الناس على وجه الاستعلاء لا على وجه العلو؛ يعني على وجه أنني آمِر، والآمِر بالخير أعلى مرتبة من المأمور.
وقوله: ﴿يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ ما هو المعروف؟ المعروف: كل ما عرفه الشرع وأقره من العبادات فعلًا كانت أم تركًا، أو فعلًا فقط؟ فعلًا لأنه قال: ﴿وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ إذن فعلًا لما جُمع بينهما صار المراد بالمعروف كل ما عرفه الشرع وأقرّه من العبادات المأمور بها، معناه: المعروف.
* طالب: ما عرفه الشرع وأقرَّه فعلًا أو تركًا.
* الشيخ: إي، حذفنا أو ترك في النهاية من فعل الطاعات؛ لأن ينهون عن منكر تكون مقابل للفعل. إذن ما عرفه الشرع وأقره من أمر الطاعات هو المعروف، فالأمر بالتوحيد أمر بمعروف، الأمر باتباع السلف في العقيدة أمر بمعروف، الأمر بالصلاة أمر بمعروف، الأمر ببر الوالدين أمر بمعروف، وهلم جرًّا، هذا الأمر بالمعروف.
قال: ﴿وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ ﴿يَنْهَوْنَ﴾ النهي: طلب الكفّ على وجه الاستعلاء؛ يعني يطلبون من الناس أن يكفوا عن المنكر، وما هو المنكر؟ المنكر ما أنكره الشرع، ما أنكره الشرع من الأعمال والأخلاق فهو أيش؟
* طلبة: منكر.
* الشيخ: فهو منكر، طيب الزنا؟
* طلبة: منكر.
* الشيخ: السرقة؟
* طلبة: منكر.
* الشيخ: شرب الخمر؟
* طلبة: منكر.
* الشيخ: قتل النفس؟
* طلبة: منكر.
* الشيخ: العدوان على الناس بأخذ أموالهم؟
* طلبة: منكر.
* الشيخ: انتهاك أعراضهم، كل هذه منكرات، فهم ينهون عن المنكر.
﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (أولئك) المشار إليه الأمة الداعية إلى الخير الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر، وهي مبتدأ (أُولاءِ)، و﴿هُمُ﴾ ضمير فصل لا محل له من الإعراب، و﴿الْمُفْلِحُونَ﴾ خبر المبتدأ.
فلو قال قائل: لماذا لا تجعلون (هم) مبتدأ ثانيًا، والمفلحون خبر المبتدأ الثاني، والجملة خبر المبتدأ الأول؟ قلنا: لا نقول ذلك؛ لأننا لو قلنا ذلك لفاتتنا فوائد ضمير الفصل، ويدل لهذا يعني أننا لا نجعل ضمير الفصل مبتدأ قوله تعالى: ﴿لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ﴾ [الشعراء ٤٠] ﴿هُمُ الْغَالِبِينَ﴾ وجه الدلالة أنه لم يجعل ضمير الفصل مبتدأ، لو جعل مبتدأ لقال: إن كانوا هم الغالبون، حتى تكون الغالبون خبرًا لـ(هم)، على كل حال ضمير الفصل حرف لا محل له من الإعراب، لكن جاء على صفة الضمير الاسمي الضمير الاسمي.
﴿الْمُفْلِحُونَ﴾ هم الناجون من الكربات الحاصلون على المطلوبات، فالفلاح هو النجاة من المكروبات، أو من المكروهات، والحصول على المطلوبات، إذن ففيه أمران: سلامة وكسب، السلامة من أين؟
* طلبة: من المكروبات.
* الشيخ: من المرهوبات، والكسب؟
* طلبة: للمطلوبات.
* الشيخ: للمطلوبات، ولهذا تُعتبر كلمة الفلاح من أجمع الكلمات، فالمفلح إذن الفائز بمطلوبه الناجي من مرهوبه، هذا هو المفلح.
في هذه الآية الكريمة، نقرأ اللي بعدها أحسن عشان نصل.
قال: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ نهى الله أن نكون كهؤلاء الذين جمعوا بين وصفين ذميمين: التفرق، والاختلاف، ورتّب على هذا الجزاء المشين وهو قوله: ﴿وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.
قوله: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا﴾ أي: لا تصيروا مثل الذين، وعلى هذا فنعرب الكاف هنا اسمًا لتكون خبر (تكون)، تكونوا مثل الذين تفرقوا، قال ابن مالك:
؎شَبِّهْ بِكَافٍ وَبِهَا التَّعْلِيلُ قَدْ ∗∗∗ يُعْنَى وَزَائِدًا لِتَوْكِيدٍ وَرَدْ؎وَاسْتُعْمِلَ اسْمًا............ ∗∗∗ ....................
فالكاف هنا اسم بمعنى مِثل، وهي خبر (تكون).
قوله: ﴿كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا﴾ أتى بها بعد قوله: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾؛ لأن الأمة إذا تركت هذا فلا بد أن تتفرق، إذا تركت الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلا بد أن تتفرق؛ لأنه لا يكون لهم في هذه الحال كلمة جامعة، كل واحد يعمل على كيفه؛ لأنه ما يُدعى إلى الخير، والنفوس لها نزعات، لها نزعات متباينة مختلفة، وكذلك أيضًا إذا لم يكن أمر بمعروف ولا نهي عن منكر تفرق الناس ولا بد؛ لأن هذا يريد الزنا، وهذا يريد يشرب الخمر، وهذا يريد السرقة، وهذا يريد أشياء غير الأولى، فيحصل التفرق، فإذا أُمروا بالمعروف صاروا كلهم على المعروف، وإذا نُهوا عن المنكر صاروا كلهم على ترك المنكر.
قال: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا﴾ مثل مَن؟
* طلبة: مثل اليهود والنصارى.
* الشيخ: ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ [البينة ٤] إذن أول ما نمثل بهم أهل الكتاب؛ اليهود والنصارى اختلفوا اختلافًا عظيمًا من بعد ما جاءتهم البينات فنهانا الله تعالى أن نكون مثلهم، ولا تكونوا مثلهم، في أي شيء؟ ننظر للوصف الذي نهينا أن نكون مثلهم فيه وهو التفرق والاختلاف، إذن من بعد ما جاءتهم البينات، إذن إذا نُهينا عن ذلك فهو أمر بضده، إذا نُهينا عن التفرق والاختلاف فهو أمر بالاجتماع والائتلاف؛ بالاجتماع ضد التفرق والائتلاف ضد الاختلاف، كأن الله يقول: اجتمعوا وائتلفوا ولا يكون فيكم افتراق ولا اختلاف فتكونوا مثل من؟
* طلبة: اليهود والنصارى.
* الشيخ: مثل اليهود والنصارى.
قال تعالى: ﴿وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ وأولئك. اختلفوا من بعد ما جاءهم البينات، تفرقوا واختلفوا، تفرقوا في أبدانهم ولم يجتمعوا وصاروا أحزابًا واختلفوا في قلوبهم وفي مناهجهم، فصار لكل حزب منهج معين يفرح به ولا يتزحزح عنه ويرى أن من سواه على ضلالة.
قال: ﴿وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ ﴿أُولَئِكَ﴾ أشار إليهم بصيغة البعد؛ لأن (أولاءِ) اسم إشارة لأيش؟
* طلبة: للبُعد.
* الشيخ: للبعيد أولئك، وذلك لانحطاط مرتبتهم، لانحطاط مرتبتهم؛ يعني كأنهم لانحطاط مرتبتهم نزّلهم المتكلم منزلة مَنْ؟
* طلبة: البعيد.
* الشيخ: البعيد منه؛ لأنه يتبرأ منهم ومن أعمالهم.
﴿لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ العذاب: هو العقوبة والعياذ بالله؛ لأنه يُؤلم صاحبه ويعذّبه، والعظيم هو الشيء المستعظَم في كيفيته وفي كميته؛ لأن عذابهم -نسأل الله العافية- شديد، متنوّع ولَّا غير متنوع؟
* طلبة: متنوع.
* الشيخ: متنوع، يسقون من ماء حميم -والعياذ بالله- إلى برودة، المهم إنها متنوعة، كذلك أيضًا عظيم في دوامه مستمر أبدي، نسأل الله العافية.
* في هاتين الآيتين فوائد؛ في الأولى: وجوب الدعوة إلى الخير، تؤخذ من أي شيء؟
* طلبة: الأمر.
* الشيخ: من لام الأمر ﴿وَلْتَكُنْ﴾، والأصل في الأمر الوجوب.
* ومن فوائدها: أن ذلك على الكفاية لقوله: ﴿مِنْكُمْ﴾ وهذا على القول بأن (مِنْ) للتبعيض، أما إذا قيل: إن (مِن) لبيان الجنس فإنه يدل على أنه يجب على الأمة كلها أن تكون أمة داعية إلى الخير؛ بمعنى أنه لا ينتظر بعضهم بعضًا هل يأمر أو لا يأمر، بل كلهم يكونون مستعدين لذلك، كلهم دعاة، فمثلًا: إذا قيل لشخص قمْ فادعُ إلى الخير، قال: والله فيه فلان يدعو إلى الخير فيه الكفاية، هذا لا ينبغي، كلّ ينبغي أن يدعو إلى الخير ما استطاع؛ لأن الله قال: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ﴾ تكون أمة بمجموعها تدعو إلى الخير.
* ومن فوائد الآية الكريمة: ملاحظة الإخلاص لقوله: ﴿يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ﴾ لا إلى أنفسهم؛ لأن بعض الناس يدعو إلى نفسه، وبعض الناس يدعو إلى الخير، وعلامة الداعي إلى نفسه أنه لا يريد من الناس أن يخالفوه ولو كان على خطأ، وهذا لا شك أنه داعٍ إلى من؟
* طلبة: إلى نفسه.
* الشيخ: إلى نفسه، ثانيًا: من علامة ذلك أنه يكره أن يقوم غيره بذلك؛ أي بالدعوة إلى الخير، يريد أن يستبد به من بين سائر الناس، هذا أيضًا داعٍ إلى نفسه ليصرف وجوه الناس إليه نسأل الله الحماية والعافية، أما إذا كان يود أن يقوم هو بالأمر لينال الأجر لا ليحرم غيره أو ليصرف الناس إلى نفسه فهذا ليس عليه شيء؛ لأن كل واحد يحب أن يكون داعية للخير.
* ومن فوائد هذه الآية: أن اتباع الخير في كل شيء مطلوب للشرع.
والخير قسمان: خير بنفسه وخير لغيره؛ يعني خير يكون وسيلة لغيره، فمثلًا لو أنك سألت شخصًا عن المجريات اليومية من أجل إدخال السرور عليه وإلا أنت ما تستفيد من هذا، فهل هذا من الخير؟
* طلبة: لا، لغيره.
* الشيخ: أسألكم هل من الخير أو لا؟
* طلبة: نعم، من الخير.
* الشيخ: طيب لنفسه أو لغيره؟
* طلبة: لغيره.
* الشيخ: لغيره؛ لأني أنا لا أستفيد من هذا وهو ربما لا يستفيد، لكن أريد أن أُدخل السرور عليه، ومن ثم صار الناس يتساءلون: هل يُسنّ للإنسان أن يتحدث على الأكل أو لا يُسنّ؟ نقول: يُنظر، إن كان الإنسان يتحدث ليشغلهم عن الأكل فهذا حسن ولا غير حسن؟
* طلبة: غير حسن.
* الشيخ: هذا غير حسن، خلوهم يأكلون، وإن كان يتحدث من أجل أن يشحذ نفوسهم على الأكل حتى ينبسطوا ويستأنسوا ويأكلوا فهذا خير ولَّا ما هو بخير؟
* طلبة: خير.
* طالب: خير لغيره.
* الشيخ: خير لغيره بشرط أن يكون الأكل بالقدر الشرعي، القدر الشرعي بيّنه الرسول ﷺ بقوله: «حَسْبُ ابْنِ آدَمَ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ، وثُلُثٌ لِنَفَسِهِ»[[أخرجه الترمذي (٢٣٨٠)، وابن ماجه (٣٣٧٩) من حديث المقدام بن معدي كرب.]] لكن ويش تقول؟
* الطالب: على حسب النفس.
* الشيخ: على كل حال أنا قصدي أن الخير لغيره يختلف.
لو أراد الإنسان أن يتوصل إلى خير بشر؛ يعني معناه أنه يصانع إنسانًا بمعصية يقول: ليهتدي، لعله يهتدي، مثل أن يبدأ يغتاب زيدًا أو عمرًا ليتقرب إلى هذا الرجل، فهل هذا جائز؟
* طلبة: لا، غير جائز.
* الشيخ: لا، ليس بجائز، لا يمكن أن تكون الدعوة إلى الخير بوسيلة محرمة إطلاقًا؛ لأن الوسيلة المحرَّمة خبث في ذاتها كيف يكون وسيلة إلى خير؟ لكن إذا كان من المباح صار خيرًا لغيره، وإن كان هو بنفسه أيضًا خيرًا صار خيرًا على خير.
* من فوائد هذه الآية: وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لقوله: ﴿وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾، ولكن هل هو فرض كفاية أو فرض عين؟ ينبني على الخلاف في (مِنْ) هل هي تبعيضية أو لا، ولكن لا شك أننا إذا رأينا منكرًا وجب علينا أن ننكِر أن ننهى عنه، لكن لا يجب على كل واحد أن ينهى عن منكر معين مثل: لو أن شخصًا اغتاب عندنا ونحن عشرة هل نقول: كلنا نأمر بالمعروف وننهى عنه؟ أو إذا نهى واحد وحصلت به الكفاية كفى؟ إذا نهى واحد وحصلت به الكفاية كفى، لكن لو أنه نهاه ولم ينتهِ وجب على الآخرين أن يكونوا معه، وهذا عكس ما يفعله الآن بعض الناس -نسأل الله العافية- إذا نهى الناهي عن المنكر قاموا ضده، هؤلاء يُخشى عليهم أن يطبع الله على قلوبهم؛ لأنهم خذلوا من يجب نصره، وهذا خطر عظيم جدًّا.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه لا بد من العلم؛ يعني الحث على العلم، كيف ذلك؟ لأنه لا يمكن أن يدعو إلى الخير من لا يعلم الخير، ولا يمكن أن يأمر بالمعروف من لا يعرف المعروف، ولا يمكن أن ينهى عن المنكر من لا يعرف المنكر، فلا بد من العلم، فيستفاد من هذه الآية الكريمة: الحث على العلم؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يُشترط فيه:
أولًا: العلم بالشرع والعلم بالحال؛ يعني العلم بالشرع وبالحال.
العلم بالشرع بأن أعرف أن هذا مما أمر الله به حتى آمر به، أما إذا كنت لا أدري هل هو مأمور به أو لا، فلا يحل لي أن آمر به؛ لأن الله يقول: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا﴾ أتموا الآية؟
* طلبة: ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾.
* الشيخ: ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف ٣٣]، ويقول عز وجل: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ [الإسراء ٣٦].
العلم بالحال: بأن أعلم أن هذا الرجل ترك المعروف أو فعل المنكر، أما أن آمره بمعروف وأنا لا أدري هل فعله أو لا، فهذا لا يجوز؛ لأن هذا من (قفو) ما ليس لي به علم، وكذلك لو نهيته عن منكر وأنا لا أدري هل ارتكب المنكر أو لا، فإن ذلك لا يجوز؛ لأنه من (قفو) ما ليس لي به علم، مثال ذلك: دخل رجل المسجد فجلس وأنا ما رأيته من حين دخل فهل أقول له: قُم فصلِّ ركعتين أو أسأله هل صلى أو لم يُصلِّ؟ الثاني؛ «لأن الرسول ﷺ كان يخطب الناس يوم الجمعة فدخل رجل فجلس فقال: «أَصَلَّيْتَ؟». قال: لا، قال:«قُمْ فَصَلِّ»[[متفق عليه؛ البخاري (٩٣٠)، ومسلم (٨٧٥ / ٥٤) من حديث جابر بن عبد الله.]]، ولم يأمره يقول: قم صلِّ لأيش تجلس؟ حتى استفهم، هذا أمر بمعروف، النهي عن المنكر وجدت شخصًا يمشي وإلى جانبه امرأة، قلت: يا أخي اتقِ الله كيف تمشي مع المرأة، ويش تقولون في هذا؟
* طلبة: ما يصح.
* الشيخ: هذا لا يجوز؛ لأنه من الممكن أن هذه المرأة من محارمه، فكيف تنهى عن شيء على أنه منكر وأنت لا تعلم أنه منكر؟! إذن لا بد من العلم بأيش؟ بالحال، حال المأمور وحال المنهي، كما أنه لا بد من العلم بأيش؟ بالشرع، أن أعلم بأن هذا من المعروف الذي أمر به الشرع أو من المنكر الذي نهى عنه الشرع، هذان شرطان، وإن شاء الله نأتي ببقية الشروط.
* طالب: شيخ، بارك الله فيك، قول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ﴾ قلنا (من) إما تكون للتبعيض وإما تكون للجنس، ما هو ضابط أن تكون للجنس؟
* الشيخ: ضابطها أن تكون مبيّنة لجنس هذا الشيء.
* الطالب: لكن يقولون: (...) بدل خبر (...).
* الشيخ: لا لا، ما هو لازم، ما هو بلازم.
* طالب: شيخ، كيف نفهم؟
* الشيخ: إذا قلت مثلًا: الإنسان من تراب، هذه لبيان الجنس، ويحتمل من تراب يعني بعض التراب ما هو كل التراب هذه مثله، منكم يعني يحتمل أن يكون، وليكن بعضكم أو المعنى ولتكوّن أمتكم هذه الأمة.
* الطالب: شيخ، أحسن الله إليك، قال الله عز وجل: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ ولم يقل: جاءتهم البينات؟ أقول: ما هي النكتة في هذا؟
* الشيخ: اللغة العربية في مثل هذا التركيب تجيز هذا وهذا، ولهذا جاءت الآية في موضع آخر: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ [البقرة ٢١٣] فهذا جائز في اللغة العربية.
* طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، بالنسبة لو مجلس من المجالس يعني يكون الناس جالسين كلهم حالقين لحيتهم.
* الشيخ: حالقين أيش؟
* الطالب: حالقين اللحية، وواحد طبعًا يعني اللي عنده لحية ما يدخل في هذا المجلس وهو يريد أن حالق لحيته ويمشي يعني يكون أن ينصحهم في الأمور التي يفعلونها؟
* الشيخ: يعني بيحلق لحيته عشان يحبونه؟!
* الطالب: لا عشان ينكر الأمور التي يفعلونها؟
* الشيخ: ما ينكر عليهم حلق اللحية حتى يحلق لحيته؟! لا ما يصير هذا، ما يجوز.
* الطالب: لأن فيه بعض الناس ما يدخل يكون باللحية في مكان يكون يصير هو؟
* الشيخ: (...) ما يقول هكذا.
* طالب: لا لا يا شيخ، ما يقصد.
* الشيخ: يقدر يقول هكذا ولَّا له لحية.
* الطالب: يقصد يا شيخ إن الجلوس مع حالقين اللحية ما يجوز؟
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: يقول: حالقين اللحية، يقول كيف يجلس معاهم؟
* الشيخ: لا لا، يقول: يريد أن ينهاهم عن حلق اللحية، لكن يقول: ما أنا ناهيهم حتى أحلق لحيتي، عشان أقول: افعلوا ما تركته أنا؟
* طالب: لا، يفعلون، يفعلون أمورًا مثلًا يكون يسمعون أغاني ويسمعون أشياء.
* الشيخ: لا لا، ما يصح أبدًا، أنا لا أرى الدعوة بالمحرّم إطلاقًا أبدًا.
* الطالب: شيخ، تنتشر عند بعض الناس كلمة يقول: يعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه ويعين بعضنا بعضًا فيما اتفقنا فيه، هل لهذه الكلمة أصل شرعي؟
* الشيخ: هذا غلط في الجملتين جميعًا، أما الجملة الأولى: يعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه فهي كقول بعض الفقهاء: لا إنكار في مسائل الاجتهاد؛ لأن هذه العبارة معروفة عند الفقهاء، لا إنكار في مسائل الاجتهاد، وهذا على إطلاقه ليس بصحيح، فما اختلفنا فيه إن كان الحق لم يتبين فيه تبينًا لا يعذر فيه المخالف فهنا نعم نعذره؛ لأنه له رأيه ولنا رأينا، أما إذا كان الحق واضحًا فإن من خالفنا لا نعذرهم في ذلك، فهي على إطلاقها غير صحيحة.
وأما الثانية وهي قوله: يعين بعضنا بعضًا فيما اتفقنا، فهذا غير صحيح أيضًا؛ لأننا لو اتفقنا على باطل ما حلّ أن يعين بعضنا بعضًا، بل وجب أن ينهى بعضنا بعضًا عن هذا الباطل، فهو أيضًا على إطلاقه لا يصح، لكن لعل الذي قاله يقصد ما ليس بباطل، ولا يخالف الشريعة، لكن الجملة الأولى دخل فيها أُناس عندهم انحراف في العقيدة وفي المنهج، لكن الإسلام يسعهم وقالوا: نحن يجب أن نستظل بظل الإسلام وإن اختلفنا، ولذلك تجدهم يُدخِلون في حزبهم، يُدخلون الفاسق، حالق اللحية، شارب الدخان، المتهاون بالصلاة، وما أشبه ذلك، وهذه مشكلة؛ يعني هذا خطأ والطريق الشديد خطأ الذي يريد من الناس أن يكونوا صلحاء في كل دقيق وجليل وإلا فليسوا إخوانًا لنا، هذا أيضًا خطأ.
* الطالب: أحسن الله إليك يا شيخ، قلنا: إن الدعوة ما تكون إلا بِمُحرَّم.
* الشيخ: ما تكون بِمُحرَّم.
* الطالب: يعني ما تكون بمحرم نعم، إذا كان إنسان قد يضطر أن يجلس مع جماعة مثلًا يشربون الدخان أو يسمعون المعازف حتى يتكلم معهم؛ لأنه ما يمكن يجدهم إلا في على هذا؟
* الشيخ: لا لا، هذا ما شرب الدخان، هذا لو قال: والله يا جماعة، السلام عليكم ورحمة الله وجلس وقال: يا فلان، أعطني سيجارة وقام يشرب، وقال: ما تشربوا من الدخان، هذا ما يصلح، لكن جلس لدعوتهم هو جلس لدعوتهم، الرسول كان يأتي المشركين في أماكنهم ويدعوهم ولا يمكن الدعوة إلا بهذا، أنا جاي لأدعوهم كالطبيب يشق الجلد لأجل إزالة ما تحته من الأذى.
* الطالب: ما فيه حرج يا شيخ؟
* الشيخ: ما فيه حرج أبدًا إذا صار جاء يريد دعوتهم كيف؟ يعني، بحيث أنه ما هو بلازم ما يجدهم إلا في هذا المكان.
* طالب: بعض الناس عند دعوتهم مثلًا يكون تارك الصلاة، بتدعوه قد يعني يتضايق، تاني مرة وتالت مرة، هل نستمر في الدعوة؟
* الشيخ: أيش لون؟
* الطالب: بعض الناس يكون تارك للصلاة مثلًا قائم على معصية، دعوته لثاني مرة أو ثالث مرة يعني قد يتشابك معنا؟
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: قد يختلف معانا؛ يعني وهل نستمر في الدعوة إليه؟ دعوته إلى المعروف؟
* الشيخ: يعني مع تكرار الدعوة قد يكون يمل مثلًا ويشرد؟ إي، على كل حال ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ﴾ [النحل ١٢٥] أن تنزل الحكمة أحيانًا بعض الأحيان يكون الإنسان غضبان عنده مؤثرات خارجية ما تتحمل نفسه أن يقبل منك ولا كلام عادي، وأحيانًا يكون راضيًا ومنبسطًا تقدر تضرب له الأمثلة حتى يهديه الله، ولهذا يخطئ بعض الناس مثلًا إذا وافق شخص ولا عامله المعاملة اللائقة به، نَفَر منه، ما يدري لعل هذا الرجل عنده مؤثرات خارجية ما تدري عنها، مضيقة صدره، ولا يحب ولا يكلم الناس، فمثل هذه الأمور ما ينبغي للإنسان أنه يحكم على الشخص بمجرد أن دعاه مرة ونفر، قد يكون هناك أسباب، اصبر انظر الوقت الذي تراه مستأنسًا فيه وادعه إلى الحق.
* طالب: شيخ، أيهما أوْلى يا شيخ دعوة العاصين في هذه البلاد أو دعوة الكفار في الخارج؟
* الشيخ: قال الله عز وجل: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء ٢١٤، ٢١٥] الواجب أنك تدعو وتصلح الأحوال اللي عندك، ثم بعد ذلك تحاول إصلاح الخارج، لكن إذا كان في الداخل من يقوم بالدعوة وأردت أن تخرج إلى برّه هذا طيِّب ما فيه مانع.
قال الله عز وجل: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ إلى آخره. اللام في قوله: ﴿وَلْتَكُنْ﴾؟
* طالب: لام الأمر.
* الشيخ: الأمر، ما الذي يدلك على أنها للأمر؟
* الطالب: لأنها جزمت الفعل المضارع.
* الشيخ: أحسنت. قوله: ﴿أُمَّةٌ﴾؟
* الطالب: طائفة.
* الشيخ: طائفة، ذكرنا أن أمة ترد في القرآن على عدة أوجه؟ هذا وجه.
* الطالب: تأتي بمعنى زمن.
* الشيخ: تأتي بمعنى الزمن، مثل؟
* الطالب: ﴿وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ﴾.
* الشيخ: مثل قوله تعالى: ﴿وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ﴾.
* الطالب: تأتي بمعنى إمام.
* الشيخ: تأتي بمعنى إمام مثل؟
* الطالب: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً﴾.
* الشيخ: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً﴾.
* الطالب: تأتي بمعنى ديانة.
* الشيخ: بمعنى الدين.
* الطالب: بمعنى الدين يعني.
* الشيخ: نعم.
* الطالب: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ﴾.
* الشيخ: كقوله: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ﴾ يعني على ملة ودين، الرابع؟
* الطالب: كده أربعة، الطائفة في هذه الآية.
* الشيخ: إي، طائفة، وإمام، وزمن، ومِلّة.
قوله: ﴿يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ﴾ المراد بالخير؟
* الطالب: المراد بالخير هو الدين، يعني يدعون إلى الدين.
* الشيخ: إلى الدين فقط؟
* الطالب: لا، كل الخير سواء خير الدين أو خير الدنيا.
* الشيخ: إي، قوله: ﴿وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ ما هو المعروف؟
* طالب: المعروف هو كل ما وافق الشرع والأخلاق.
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: كل ما وافق الشرع.
* الشيخ: أنت ذكرت قيل، أنت قلت: قيل ما وافق؟
* الطالب: كل ما جاء به الشرع.
* الشيخ: (...).
* طالب: ما عرفه الشرع وأقرّه.
* الشيخ: ما عرفه الشرع وأقره، المنكر؟
* طالب: المنكر كل ما أنكره الشارع.
* الشيخ: نعم، كل ما أنكره الشرع وزجر عنه ونهى عنه فهو منكر.
قوله: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (هم) هنا إعرابها؟
* طالب: ضمير فصل لا محل له من الإعراب.
* الشيخ: لا محل له من الإعراب، وما فائدته؟
* الطالب: فائدته أولًا: لتنبيه السامع.
* الشيخ: لا.
* الطالب: فائدته ليفصل بين الصفة والخبر.
* الشيخ: الفصل بين الصفة والخبر؛ يعني التمييز بين الخبر والصفة، هذا واحد؟
* الطالب: تنبيه السامع يا شيخ.
* الشيخ: لا.
* طالب: التوكيد والحصر.
* الشيخ: التوكيد والحصر.
* الطالب: والحصر والتمييز بين الصفة والخبر.
* الشيخ: بارك الله فيك، من المفلح؟
* طالب: المفلح هو الذي فاز بخيري الدنيا والآخرة، هو الذي فاز بالمطلوب ونجا من (...).
* الشيخ: الذي فاز بالمطلوب ونجا من المرهوب، أحسنت. قوله: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا﴾ ما علاقة هذه الآية بما قبلها؟
* طالب: أنهم إذا تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تفرَّقوا.
* الشيخ: تفرقوا؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: أحسنت، ما وجه ذلك؟
* الطالب: أنهم عندما أمرهم بأن يكون منهم أمة يأمرون بالمعروف.
* الشيخ: لا، ما وجه كونهم إذا تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تفرقوا؟
* الطالب: لم يُقم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فاختلفت الأمة تختلف.
* الشيخ: كيف تختلف؟ لأيش تختلف؟
* الطالب: يقلوا، كل يعمل بهواه.
* الشيخ: إي؛ لأن كل واحد يعمل بهواه حينئذٍ ولا بد أن يتفرقوا.
* الشيخ: قوله: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ ما هي البينات؟
* الطالب: البيّنات هي التوراة بالنسبة لليهود والإنجيل بالنسبة للنصارى؛ يعنى الآيات البينات، جاءهم الآيات البينات أن يأمروا وينهوا عن المنكر فتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتفرقوا.
* الشيخ: جاءهم البينات على الأمر بس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
* الطالب: والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.
* الشيخ: إي، أظن أخذنا الفوائد؟
* طلبة: ما كملناها.
* الشيخ: ما كملناها؟ ست فوائد نعم ما هي؟
* طالب: وجوب الدعوة إلى الخير، أن ذلك على الكفاية، ملاحظة الإخلاص لقوله ﴿يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ﴾، إن اتباع الخير في كل شيء مطلوب للشرع والخير قسمان، وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
* الشيخ: اصبر، والخير قسمان؛ لأنه ذُكرت.
* الطالب: خيرًا لنفسه وخيرًا لغيره.
* الشيخ: زين.
* الطالب: وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا بد من الحث على العلم.
* الشيخ: سادسًا؟
* الطالب: سادسًا: لا بد من الحث على العلم.
* الشيخ: ما هو!
طلبة: الحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (...).
* طالب: لأنه لا يمكن أن يدعو.
* الشيخ: ما هي بلا بد الحث على العلم.
الحث على العلم لأنه لا بد أن يكون الآمِر والناهي عالِمًا، وهذا أعني العلم نبدأ الآن الشروط:
وهذا أعني العلم بالمنكر أو بالمعروف أحد شروط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يعني لا بد أن يكون الإنسان عالِمًا حتى الدعوة إلى الخير قبل أن نتكلم، حتى الدعوة إلى الخير تدل على الحث على العلم؛ لأن من لا يعرف الخير كيف يدعو إليه؟
إذن ففي الآية حث على العلم في الأمور الثلاثة: في الدعوة إلى الخير، وفي الأمر بالمعروف، وفي النهي عن المنكر.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يُشترط فيه شروط:أولًا: العلم، وهذا مأخوذ من أنه لا يمكن أن يأمر بمعروف أو أن ينهى عن منكر إلا حيث علم أنه معروف وأنه منكر، العلم بماذا؟ العلم أولًا بأن هذا معروف وأن هذا منكر، هذه واحدة. الثاني: العلم بحال الفاعل؛ أي: أنه فعل منكرًا أو ترك معروفًا، ليس مجرد أن نرى إنسانًا على منكر ننكر عليه حتى نستفصل، ولا أن نراه تاركًا لمأمور حتى نستفصل، فلو رأينا شخصًا يأكل الميتة لا ننكر عليه حتى نسأل: لماذا تأكل الميتة؟ قد يقول إنه مضطر، وحينئذٍ يكون أكل الميتة في حقه حلالًا، كذلك لو رأينا أحدًا يصلي الفريضة جالسًا لا ننكر عليه لتركه القيام حتى نسأل ربما يكون عاجزًا، إذن لا بد من العلم بحال أيش؟ المأمور والمنهي؛ لأنه، قد يكون على حال لا يتوجه إليه الأمر ولا يكون آثمًا.
هل نحن ذكرنا دليلًا لذلك؟
* طالب: لا.
* الشيخ: ذكرنا، لا، ذكرنا قلنا: «دخل رجل والنبي ﷺ يخطب يوم الجمعة فجلس فلم ينكر عليه الجلوس، بل قال له: «أَصَلَّيْتَ؟». قال: لا. قال: «قُمْ فَصَلِّ ركْعَتَيْنِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٩٣٠)، ومسلم (٨٧٥ / ٥٤) من حديث جابر بن عبد الله.]] فدل هذا على أنه لا بد أن يعلم حال المأمور والمنهي. الشرط الثالث: أن لا يتغير المنكر إلى ما هو أنكر منه؛ لأن النهي عن المنكر يُراد به تقليل المنكر، فإذا كان يترتب عليه أن يقع المنهي عن المنكر في منكر أعظم فإنه لا يُنهى عنه، فلو فرضنا أن شخصًا يشرب الدخان، الدخان شربه منكر لكن لو نهيناه لذهب يشرب الخمر، فهل ننهاه عن هذا؟
* طلبة: لا.
* الشيخ: ليش؟ لأننا نعلم أنه سينتقل إلى أكبر نكارة مما هو عليه، ومن ذلك ما يذكر عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه مر ومعه صاحب له بطائفة من التتار يشربون الخمر فلم يقل لهم شيئًا، فسأله صاحبه: لماذا لا ننكر عليهم؟ قال: هؤلاء لو أنكرنا عليهم لذهبوا ينهبون أموال الناس ويستحلون حرماتهم فيتعدى ضررهم، أما شربهم الخمر فهو على أنفسهم.
فإن قال قائل: هل لهذا الشرط من دليل؟ قلنا: نعم، دليله قوله تعالى: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام ١٠٨]. فهنا نهى الله المسلمين أن يسبوا أصنام الكفار مع أن هذه الأصنام جديرة بأن تسب، وسبها قُربة، لكن لما كان يترتب على سبها مفسدة أكبر نهى الله عن سبها مع أن السكوت عن سبّ آلهة المشركين حكمه أنه منكر، لكن نسكت على هذا المنكر الأخف درءًا لمنكر أعظم، إذن لا بد من هذا الشرط.الشرط الرابع: أن يعلم أن هذا مفيد؛ بمعنى أنه يحتمل عنده أن هذا الفاعل للمنكر أو التارك للواجب كان على جهل، وأنه قريب الرجوع إلى الحق، فإن كان يعلم أن صاحبه عالم بالحكم، لكنه متمرد مستكبر فإنه لا يجب حينئذٍ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مثلًا: حلق اللحية اليوم معروف عند جميع الناس أنه حرام، أو عند عامة الناس ما هو الجميع، عند عامة الناس وأكثر الناس أنه حرام، لكنه يمر بك عشرة قد حلقوا لحاهم وعشرة قد أعفوا لحاهم؛ يعني نصف الناس تقريبًا قد حلقوا لحاهم فهل يلزمك كلما رأيت شخصًا حالقًا لحيته في الشارع أن توقفه وتقول له: اتقِ الله، لا تحلق لحيتك؟ ما تقولون؟
* طالب: فيه مشقّة.
* طالب آخر: ننظر إن كان به عجز.
* الشيخ: نقول: ننظر قد يكون هذا الرجل تتمارى في الخير، وأنك إذا نصحته امتثل، وقد يغلب على ظنك أنه الرجل عارف للحكم، لكنه مستكبر عنه أو متهاون به، المهم أن بعض أهل العلم يرى أن هذا من شرط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وربما يستدل لذلك بقوله تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى﴾ [الأعلى ٩] ذكر إن نفعت؛ يعني فإن لم تنفع فلا تُذكّر، قال: فإذا كان التذكير -وهو دعوة للخير- لا يجب إلا إذا نفع فالأمر بالمعروف والنهي عن منكر من باب أوْلى؛ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أشد من الدعوة إلى الخير، الدعوة كل إنسان يدعو وليس فيه شيء عليه، لكن الأمر هو الذي قد يجد أذية من المأمور أو المنهي، والمسألة هذه في النفس منها شيء.
قد نقول: إن عليه أن يأمر وينهى، وأن ذلك لا يخلو من فائدة لو لم يكن من فائدته إلا علم الناس بأنه معروف أو بأنه منكر؛ لأننا إذا سكتنا بحجة أن الأمر لا ينفع أو النهي لا ينفع بقيت المنكرات على ما هي عليه، وبقي التهاون بالواجبات على ما هو عليه، وصار الشباب الذين يخرجون من جديد يظنون أن هذا المنكر أيش؟
* طلبة: معروف.
* الشيخ: معروف، وأن المعروف ليس بمعروف، ولهذا في هذا الشرط نظر، بل نقول: يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سواء ظننت أنه مفيد أو لم يُفد لكن في حدود الاستطاعة؛ لأن جميع الواجبات إنما تجب بالاستطاعة ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن ١٦] فإذا كان يشق على الإنسان أن يُمسك كل واحد يمر به في السوق على منكر من حلْق لحية أو غيره فإنه لا يلزمه، لا يلزمه إلا ما يقدر عليه؛ لأن الله يقول: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج ٧٨]. الشرط الخامس: أن يكون الآمِر بالمعروف فاعلًا له، والناهي عن المنكر تاركًا له، يعني لا تأمر بالمعروف وأنت لا تفعله، ولا تنهَ عن منكر وأنت تفعله، كذا الصواب؟ لا تأمر بمعروف وأنت لا تفعله، ولا تنهَ عن منكر وأنت تفعله، فإذا كان هذا الرجل مثلًا يتعامل بالربا، ووجد إنسانًا يتعامل بالربا فإنه لا يلزمه أن يقول للثاني: يا فلان، اترك الربا، الربا حرام ملعون فاعله، لا يجب عليك هذا، لأيش؟
* طلبة: لأنه يفعل.
* الشيخ: قال: لأنه يفعل، هو يفعله، كيف ينهى عن شيء يفعله هو؟ واحد شاف شخصًا يمشي بعد الأذان عند المسجد وقد ترك المسجد قال له: يا فلان، حرام عليك ترك صلاة الجماعة، لا يجوز، هذا الآمِر فتح بابه وذهب إلى أهله يتقهوى، أمر ذاك أن يصلي أما هو فلم يصلِّ، قال: هذا لا يجب، إذا كان قد نويت أن تدخل بيتك وتقهوى عند أهلك ولو فاتتك الجماعة لا تأمر هذا أن يصلي بالجماعة خليه يمشي، واستدل لذلك بقوله تعالى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة ٤٤] فوبَّخ الله هؤلاء على أمرهم بالبر ونسيان أنفسهم، وبيّن أن هذا خلاف العقل، كيف تأمر الناس وتترك نفسك؟! هذا ليس بمعقول، فأنتم خالفتم الشرع وأنكرتم العقل، واستدل أيضًا بما ثبت في الصحيح عن رسول الله ﷺ: «أَنَّهُ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ حَتَّى تَنْدَلِقَ أَقْتَابُ بَطْنِهِ -يَعْنِي أَمْعَاءَهُ- فَيَدُورُ عَلَيْهَا كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ عَلَى رَحَاهُ فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أَهْلُ النَّارِ وَيَقُولُونَ: مَا لَكَ يَا فُلَانُ؟ أَلَسْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ؟ فَيَقُولُ: كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٢٦٧)، ومسلم (٢٩٨٩ / ٥١) من حديث أسامة بن زيد.]] قالوا: وهذا يدل على شدة عقابه إذا أمر بالمعروف ولم يأتِه أو نهى عن منكر وأتاه، فلا يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على من لا يفعل المعروف ولا يترك المنكر.
وأبى هذا أكثر أهل العلم، وقالوا: إن هذا خلاف الأدب، لكنه محرّم؛ يعني كونه يأمر بالمعروف ولا يفعله وينهى عن المنكر ويفعله، هذا خلاف الأدب لا شك وخلاف العقل، لكنه حرام عليه، فيجب أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويبدأ بنفسه، فإذا فرّط في حق نفسه فليس له الحق في أن يفرط في حق غيره ليس له الحق، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب عليه ولو كان هو لا يفعل المعروف ولا ينتهي عن المنكر؛ لأنه لو ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع كونه لا يفعل المعروف ولا ينتهي عن المنكر أتى محظورين: ترك الواجب على نفسه لنفسه، وترك الواجب على نفسه لغيره، فالواجب عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ولو كان هو لا يأتمر بالمعروف ولا ينتهي عن المنكر، وهذا القول هو الصحيح، لكن عليه أن يوبّخ نفسه، ويقول: كيف آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن منكر وآتيه؟!
هذا خلاف المعقول والمنقول، وخلاف الأدب، خلاف الأدب مع الله وخلاف الأدب عند عباد الله، ولهذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام من أوصافه الذي وصفه بها ملك غسان قال إنه: ما أمر بشيء إلا كان أول فاعل له، ولا نهى عن شيء إلا كان أول تارك له[[عزاه السيوطي في الخصائص الكبرى (١ / ٢٢) لوثيمة في كتاب الردة.]] عليه الصلاة والسلام، قالوا: ولهذا قال الله له: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام ١٦٢، ١٦٣] ليس معنى أول المسلمين زمنًا يعني فيه أمم مسلمة قبله، لكن أول المسلمين فعلًا يعني أنا أول المستسلمين لله والمنقادين لأمره؛ فهي أولية مرتبة وليس أولية زمن.
ويُذكر عن عبد الرحمن بن الجوزي رحمه الله الواعظ المشهور صاحب كتاب التبصرة ، وكان له مجلس كل يوم الجمعة يعظ الناس ويحضر آلاف، يحضر مجلسه آلاف حتى إنه لا ينفك يوم من الأيام إلا وقد مات في مجلسه عدد من الناس من شدة وقع الموعظة في نفوسهم، فأتاه يومًا من الأيام رجل عبد قال له: يا سيدي، إن لي سيدًا يؤذيني ويُتعبني ويحمّلني ما لا أطيق ويضربني عليه فأرجو منك أن تحث الناس على العتق لعل الله يهديه يعتقني. قال: طيب ما فيه مانع، جاءت الجمعة فانتظر هذا العبد كلام الشيخ ولم يتكلم على العتق جاءت الجمعة الثانية والثالثة ما تكلم، وبعد كم جمعة تكلم عن العتق، وإذا سيد العبد حاضر فأعتقه فورًا، فذهب العبد إلى عبد الرحمن بن الجوزي رحمه الله قال: لماذا تأخرت؟ قال: لأنه لم يكن عندي دراهم أشتري عبدًا فأعتقه قبل أن آمر الناس بالعتق، سبحان الله! يقول: ما أحث الناس على العتق وأنا ما أعتقت، إذا حصل عندي وعتقت حينئذٍ أمرت الناس أو حثثت الناس على العتق، وهذا أمر مشاهَد أن فاعل المعروف ينقاد الناس لأمره، وتارك المنكر ينقاد الناس لنهيه؛ لأن الناس يبصرون بأعينهم وبصائرهم ويقولون للذي يأمر بالمعروف وهو لا يفعله يقول: هذا يكذب علينا، هذا يلعب بعقولنا، لو كان الأمر معروفًا عنده لماذا لا يكون هو أول فاعل له؟ لو كان المنكر عنده منكرًا لماذا لا يكون أول تارك له؟ فلذلك لا شك أنه من الأدب أن يكون الآمِر فاعلًا لما أمر به، والناهي تاركًا لما نهى عنه، أما أن يُجعل ذلك شرطًا في الوجوب ونقول لهذا لذي لا يفعل المعروف ولا ينتهي عن المنكر نقول: لا يجب عليك الأمر بالمعروف ولا النهي عن المنكر، ولا تأثم بتركه، فهذا بعيد جدًّا؛ لأن الذين يقولون: من شرط الوجوب أن يكون فاعلًا لما أمر به تاركًا لما نهى عنه يقولون: إنه إذا لم يأمر بالمعروف ولم ينهَ عن المنكر في هذه الحال فإنه أيش؟ لا إثم عليه؛ لأن من شرط الوجوب أن يكون هو ممتثلًا، وبهذا يتبين لكم ضَعف هذا القول، وأن الواجب عليه أن يأمر بمعروف ولو كان لا يفعله وأن ينهى عن المنكر ولو كان يفعله، لكن يجب أن يوبِّخ نفسه أيضًا وتكون نفسه هي أول من يأمره بالمعروف وأول من ينهاه عن المنكر، فالشروط إذن خمسة.
من آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من الآداب لا الواجب: أن يكون لينًا في أمره، لينًا في نهيه؛ «لأن اللِّينَ خُلُقٌ كَرِيمٌ يُعْطِي اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ. كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ذلك »[[أخرجه مسلم (٢٥٩٣ / ٧٧) من حديث أسامة بن زيد.]]، وكما أرشد الله إليه موسى وهارون حين أرسلهما إلى فرعون فـ﴿قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى﴾ [طه ٤٥] نعم ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا﴾ [طه ٤٤] حين أرسلهما إلى فرعون فقال: ﴿قُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ يتذكر فيما تأمرانه به أو يخشى فيما تنهيانه عنه، ومع أنه من أعتى أهل الأرض إن لم يكن أعتى أهل الأرض، فعلى كل حال من الآداب أن يكون الإنسان لينًا في أمره ونهيه.
ومن الآداب أيضًا أن يكون مُقنعًا في حجته؛ لأنه إذا أَمر بمعروف قد يقول المأمور: ما دليلك على هذا؟ وإذا نهى عن منكر قد يقول: ما دليلك على هذا؟ فلا بد أن يكون عنده إقناع.
وليُعلم أن مسألة الإقناع غير مسألة العلم، بعض الناس يكون عنده علم لكن لا يستطيع أن يقنع غيره، ليس عنده قوة حُجّة وبيان، وبعض الناس يكون أقل علمًا منه لكن عنده قوة إقناع، فلا بد أن تتمرن على قوة الإقناع ولو بضرب الأمثال؛ لأن ضرب الأمثال يقرِّب، يوجد الآن مثلًا فيه طائفة معروفة تدعو إلى الله وتخرج، وعندهم من الإقناع للعامة ما لا يوجد عند أكابر العلماء، ولهذا تجدونهم يؤثرون تأثيرًا عظيمًا؛ لأن عندهم أسلوبًا في الإقناع، فالإنسان إذا كان عنده أسلوب وأمر غيره وقال له: ما دليلك هاتِ الدليل؟ ثم ضرب له أمثالًا معقولة فهذا لا شك أنه من آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ويُذكر عن رسول الله ﷺ في حديث رواه الإمام أحمد «أن رجلًا استأذن النبي ﷺ في الزنا، استأذنه أن يزني، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام:«أَتَرْضَى أَنْ يُفْعَلَ هَذَا بِأُمِّكَ وَأُخْتِكَ وَذَاتِ رَحِمِكَ؟» قال: لا، ما أرضى، قال: «إِذَا كُنْتَ لَا تَرْضَى أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ بِمَحَارِمِكَ»[[أخرجه أحمد (٢٢٢١١)، والطبراني في المعجم الكبير (٧٦٧٩) من حديث أبي أمامة.]] هذا معنى الحديث، إذا كنت لا ترضى كيف ترضى أن تفعله أنت بمن؟
* طلبة: بمحارم الناس.
* الشيخ: بمحارم الناس؟ هذا أسلوب مقنع؛ يعني مجرد ما يتصور الإنسان هذه المسألة يبتعد، أنت لو ترى شخصًا يغازل أختك أو زوجتك أو بنتك ماذا تفعل؟ ترضى؟
* طلبة: لا.
* الشيخ: ما ترضى، كيف أنت ترضى لنفسك أن تغازل بنات الناس؟ أو أشد من ذلك تزني والعياذ بالله، هذه من الأساليب التي ينبغي للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون على دراية بها وإجادة.
ومن الآداب أيضًا أن يصبر على الأذى والمحاجّة والمخاصمة لا سيما إذا كثر الجدل في الناس فليصبر؛ لأن الله تعالى حكى عن لقمان أنه قال لابنه وهو يعظه: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [لقمان ١٧] لا بد لكل آمِر من أن يصاب بأذى، وبعض الناس ربما يثقُل عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن لم يُصب بأذى لكن لم تُتقبّل دعوته أو لم يُتقبّل أمره أو نهيه (فيزعل) -كما يقول العامة- ولا يأمر ولا ينهى، هذا ليس بصحيح، مُرْ بالمعروف وانهَ عن المنكر واصبرْ على ما أصابك، وانظر إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ماذا أصابهم من الأذى؟ أصابهم أذى عظيم، طُعن في أجسادهم، وطُعن في عقولهم، وطُعن في أهدافهم، كل شيء طعن فيه، ومع ذلك هم صابرون، أُوذي موسى عليه الصلاة السلام بأذاي كثيرة، وأوذي خاتم الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام، وأوذي أول الأنبياء نوح كانوا يأمرون به ﴿كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (٣٨) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ﴾ [هود ٣٨، ٣٩]، والنبي عليه الصلاة والسلام كذلك أُوذي أذى عظيمًا من أقرب الناس إليه، هل قريش فعلت بأي واحد من الناس دخل المسجد الحرام وجعل يصلي تحت الكعبة وسجد لله عز وجل، هل آذوا أحدًا من الناس بأن أتوا بسلى الجزور ووضعوه عليه وهو ساجد؟ أبدًا، لكن الرسول فعلوا به هذا وصبر.
هل كانوا يأتون بالأذى والقذر والأنتان يضعونه على أبواب الناس في مكة؟ لا، لكن الرسول فعلوا به هذا وصبَر، فالواجب أن يصبر الإنسان، وأن يحتسب هذا الصبر على الله، وهذا الصبر على هذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أعظم أجرًا من الصبر على أعظم مصيبة تنال الإنسان في أقرب الناس إليه؛ لأن هذا صبر على أذى في الله ليس صبرًا على أقدار الله، هذا صبر على أذى في الله عز وجل، فاحتسب الأجر من الله واصبر على ما أصابك.
مما يصيب الإنسان الأذى بالقول؛ الأذى الجدلي مثل أن يقول: علِّم نفسك، تأمره بالمعروف يقول: علِّم نفسك، تأمره بالمعروف يقول: روح أدِّب عيالك، وما أشبه ذلك، هذا أيضًا بعض الناس يغار؛ يعني قصدي يفور دمه ويغضب غضبًا شديدًا فنقول: يا أخي، اصبر هذه مسألة بسيطة، إذا قال: علِّم عيالك قل: يا أخي لا بأس جزاك الله خيرًا، لكن أنا معلّم عيالي وأعلمك أنت الآن، خلّك تأخذ من مدى طويل، إذا احتدم هو هذا الرجل وأخذته العزة بالإثم فلِنْ أنت وسوف يبرُد؛ لأن المشكل أن يُقابل الحارّ بالحار، لكن إذا قُوبل حار ببارد برَد وصارت المسألة طبيعية، لكن تصادم حارًّا بحار خلاص تشتعل النار، ولذلك أقول: إنه يجب علينا أن نصبر، وإذا رأينا الناس قد شدوا الحبل أرخيناه، وإذا رأينا لينًا جذبناه.
هذه إذن ثلاثة آداب ينبغي للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يتأدّب بها، وإذا أضفنا الشرط الخامس أن من الآداب أن يكون هو أول فاعل لما يأمر به وأول تارك لما ينهى عنه صارت الآداب أربعة وشروط الوجوب أربعة.
* من فوائد هذه الآية: فضيلة الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه أرجو أن تكونوا على جانب كبير منها؛ الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الدليل على فضيلة هذه قوله: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ إذا خسر الناس فهؤلاء هم المفلحون الرابحون.
* ومن فوائد الآية التي بعدها: النهي عن التفرّق لقوله: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا﴾ وقد ذكرنا في التفسير أن المراد بذلك تفرق القلوب لا الآراء؛ لأن تفرق الآراء أمر لا بد منه؛ لأن الناس يختلفون في العلم والحفظ والفهم والإيمان والعمل، وكل هذه الأمور الخمسة كلها من أسباب اختلاف الناس، فلا يمكن أن يتفق الناس في الرأي، لكن الواجب اتفاق أيش؟
* طلبة: القلوب.
* الشيخ: القلوب.
* ومن فوائدها: أن ترك الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب للتفرق؛ لأنه أعقب الآية السابقة بهذه الآية مما يدل على أن ترك الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب للتفرق.
* ومن فوائدها: أن التفرق بعد أن تبيّن الحق أشد قبحًا من التفرق حين خفاء الحق، يؤخذ من قوله: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ وذلك لأنه إذا جاءت البينات واتضح الحق فلا وجه للتفرُّق، لكن إذا كان الحق خفيًّا فقد يحصل التفرق، والحق -ولله الحمد- في هذه الشريعة واضح بيِّن؛ لأنه في كتاب الله المحفوظ إلى يوم القيامة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: الوعيد الشديد على الذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات لقوله تعالى: ﴿وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.
* ومن فوائد هذه الآية: أن العقاب يختلف باختلاف الجرم؛ لأنه لما كان فعل هؤلاء عظيمًا كان عذابهم عظيمًا.
* الطالب: شيخ، أحسن الله إليك يا شيخ، الآن اللي تدعو أو تأمر أحدًا يعني تدعوه إلى معروف وتنهاه عن منكر يحتج عليك أحيانًا يعني بما تقرّه الدولة يقول: إن دولتي هي من أشد البلاد تطبيقًا للشريعة، ولو كان هذا منكرًا لما يعني وُجد في هذه البلاد، فماذا نجيبه؟
* الشيخ: نعم، الذي يحتج بفعل الدولة نقول: هذا ليس بحجة بإجماع المسلمين، الحجة في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ وإجماع المسلمين، والمسلمون أجمعوا على أن فعل الدول ليس بحجة، ثم إذا كان هناك شيء تفعله الدولة يعترف هو بتحريمه نقول: انظر إلى الدولة فعلت كذا وكذا، هل تقول هذا حرام؟ أو تقول حلال؟ فإذا كان يعترف بأنه حرام نقول: إذن ليس هناك حُجة في فعل الدولة.
* طالب: شيخ، في هذا الزمن كثر المفتين يا شيخ وركب الفتوى كل من تمطى على الجواد، فنجد كثيرًا من الناس إذا سألته عن حكم شيء أو أنكرت عليه حكم الدخان مثلًا قال: يقول الشيخ الفلاني إنه مكروه، هو ما يعرف المكروه من المحرّم، لكن يتبع مثل ما قال العامة: (حُطّ بينك وبين النار مطوّع!) يا شيخ، يعني ما عندك حُجّة إذا قال هذا الشيء؟
* الشيخ: هذا صحيح أن المفتين الآن كثروا لا شك، وأنه ركب المطية من لا يعرف أن يصرفها، ولكن موقفنا تجاه هذا الشيء أن نقول: هذا كتاب الله وسنة رسوله ﷺ ونأتي بما عندنا من الأدلة؛ لأن أي إنسان يفتي بغير علم فلا بد أن يكون العلم مخالفًا لما أفتى به فنأتي بالدليل من الكتاب والسنة ونحجّه بهذا.
* الطالب: شيخ، هو ما يحتج يقول لك: الشيخ الفلاني يقول: إنه مكروه؟
* الشيخ: نحن نقول: الشيخ ما هو دليل، نقول: إذا كنا نقول لك: قال الله ورسوله وتقول: قال الشيخ الفلاني، إذن معناه اتخذت هذا الشيخ نبيًّا وتركت نبوة محمد عليه الصلاة والسلام، نقول: يوم القيامة هل ستسأل عن هذا الشيخ ولَّا عن الرسول؟ عن الرسول ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ﴾ [القصص ٦٥].
* طالب: أحسن الله إليك، كيف نوجه قوله سبحانه وتعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى﴾ [الأعلى ٩]؟
* الشيخ: الآية هذه الذي استدل بها من يقول إنها لا يجب التذكير إلا إذا نفعت، قال الجمهور: المعنى ذكِّر إن كان هؤلاء أهلًا للتذكير مثل ما يقول: علِّمه إن كان يعرف العلم، فهي من باب الحث، ومن باب التهديد لهؤلاء المذكَّرين.
* الطالب: أقول: يا شيخ، الذي يأمر بالمعروف ولا يأتيه؛ يعني يخلي الناس يقعون في تناقض مثلًا الآن نرى إنسان يطلع تحريم الغناء ثم يأتي بعده موسيقى، يطلع تحريم شيء مثلًا تكشّف العورات يطلع بعده كذلك، فالناس وقعوا في تناقض، تجدهم يطبقون هذا في البيت، ويعرفون هذا الحكم ولكن يعني ما واقع في قلوبهم، فهذا يؤدي إلى منكر أكبر مما هو عليه.
* الشيخ: ثم ماذا نصنع يبقى المنكر منكرًا ولا ننكره؛ لأن الناس يفعلونه؟
* الطالب: لأنه يؤدي إلى أكبر.
* الشيخ: على كل حال أنت إذا أنكرت المنكر وفيه ناس يفعلونه، أو أنت مثلًا تفعله عرّف الناس أنه منكر، واجتنبه بعض الناس هل مثلًا الآن لما أنا أقول: إن الغناء حرام، أو حلق اللحية حرام، ثم يفعله الناس ممن يشار إليهم لمراتبهم الاجتماعية، هل الناس يقولون: والله هذا حلال؟ أبدًا، يحتجون، المبطل يحتج فيما إذا زاغ العالم أو زل، ولهذا كان عمر رضي الله عنه وغيره من السلف يحذرون من زلة العالم[[أخرجه الدارمي (٢٢٠) من حديث عمر بن الخطاب.]]، العامة ما يحتجون احتجاجًا حقيقيًّا؛ يعني يرون أن الحجة لهم إلا في مسألة العلماء، هذه المشكلة.
* الطالب: شيخ، بعض الناس كلما زيد شرًّا زاد خيرًا والبعض بالعكس، فهل نقول للثاني.
* الشيخ: أيش لون؟
* الطالب: أقول: بعض الناس كلما زيد شرًّا زاد خيرًا والبعض الآخر بالعكس، هل نقول للثاني: لا تأمر بالمعروف حتى لا تفسد أكثر مما تُصلح؟
* الشيخ: كلما؟
* الطالب: زيد شرًّا.
* الشيخ: زيد شرًّا زاد خيرًا ما تصورت هذا، اضرب المثل عشان نشوف؟
* الطالب: طيب يا شيخ يعني كلما، يعني كلما يجيء شيء مثل ما قلت عليه قبل يا شيخ يعني..
* الشيخ: إذا كنت أنت ما استطعت تصور اللي تقوله فكيف نتصوره إحنا؟!
* الطالب: يعني تجده يعني مثلًا يغضب عليه والثاني يعني مثل ما نقول: (...) الثاني؛ يعني الآمر بالمعروف يأخذ بسعة، والثاني محتشم، فإذا كان الآمِر بالمعروف نفس الشيء يحتشم فهل نقول: لا تدعُ أنت ولا تأمر حتى لا تفسد أكثر مما تصلح؟
* الشيخ: نحن نقول: من الآداب أن يكون واسع البال وأن يأمر برفق، من الآداب، لكن ليس من الشروط يعني مثلًا إذا عرف الإنسان من نفسه أنه رجل حارّ يغضب بسرعة نقول: لا تأمر ولا تنهى؟
* الطالب: إي نعم.
* الشيخ: لا، نقول: مُرْ وانهَ.
{"ayahs_start":104,"ayahs":["وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةࣱ یَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَیۡرِ وَیَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَیَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ","وَلَا تَكُونُوا۟ كَٱلَّذِینَ تَفَرَّقُوا۟ وَٱخۡتَلَفُوا۟ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَهُمُ ٱلۡبَیِّنَـٰتُۚ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِیمࣱ"],"ayah":"وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةࣱ یَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَیۡرِ وَیَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَیَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق