الباحث القرآني

ثم قال تعالى: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ﴾ [النمل ٨٩]. * يستفاد من هذه الآية فوائد؛ أولًا: أن الحسنات يؤتى بها يوم القيامة؛ لقوله: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ﴾. فإذا قال قائل: كيف يؤتى بالحسنات، وهي أعمال مضت، والأعمال معانٍ ليست أجسامًا؟ فيقال: إن الله تبارك وتعالى على كل شيء قدير، يقلب هذه المعاني إلى أجسام، مثلما قلب الموت وهو معنى إلى جسم؛ وهو الكبش، فالله تعالى على كل شيء قدير. قال النبي عليه الصلاة والسلام لأصحابه: «مَنْ تَعُدُّونَ الْمُفْلِسَ فِيكُمْ؟». قالوا: من لا دِرْهَم عنده ولا مَتَاع، فقال: «الْمُفْلِسُ مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ»[[أخرجه مسلم (٢٥٨١ / ٥٩) من حديث أبي هريرة.]]، يأتي بحسنات أمثال الجبال، وأخبر ﷺ «أَنَّ الله تعالى يقبل الصدقة من الكَسْب الطَّيِّب بعدل التمرة» -أي: ما يعادلها- «فَيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي الْإِنسَانُ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٤١٠)، ومسلم (١٠١٤ / ٦٣) من حديث أبي هريرة.]]. وهذا أيضًا عمل؛ فالمهم أنا نقول: إن المجيء بالأعمال يوم القيامة ليس بالممتنع؛ لأن الله تعالى على كل شيء قدير. * الفائدة الثانية: أن العبرة بالمجيء بالحسنة لا بعملها؛ لقوله: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ﴾. وذلك لأن عامل الحسنة في الدنيا قد لا يأتي بها يوم القيامة، أيش هو يحصل له؟ يحصل ما يبطلها ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى﴾ [البقرة ٢٦٤]، فقد يعمل الإنسان الحسنة، لكن يأتي شيء يبطلها فلا يأتي بها يوم القيامة، والمدار على الإتيان بها يوم القيامة. * الفائدة الثالثة: أن الجزاء أفضل من العمل وأعظم؛ لقوله: ﴿فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا﴾، وكيفية المفاضلة فيه؟ * طالب: من قدم خيرًا ﴿فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا﴾. * الشيخ: ويش كيفية المفاضلة؟ * الطالب: (...). * الشيخ: لا، ما أريد الدليل، كيف يكون خيرًا منه؟ بماذا؟ * الطالب: (...). * الشيخ: بماذا يكون الخيرية؟ * الطالب: (...). * طالب آخر: تكون الخيرية بأن يُثاب ثوابًا من عند الله، أكبر مما عمل من العمل. * الشيخ: إي، لكن كيف؟ * الطالب: (...). * الشيخ: إي نعم، هذه الخيرية. * الفائدة الرابعة: إثبات الفزع في يوم القيامة؛ لقوله: ﴿وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ﴾. * ثانيًا: الفائدة التي بعدها، الخامسة: أمن مَن جاء بالحسنة من هذا الفزع. * والسادسة: أن من جاء بالسيئة فإنه لا يأمن منه، وهو مأخوذ من المفهوم، ﴿وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ﴾ يعني: وأما من جاء بالسيئة فإنه لا يأمن، ولهذا تكب وجوههم في النار. * ويستفاد من هذا أيضًا: أن يوم القيامة لا يُقاس بأمر الدنيا، هذه الأفزاع العظيمة لا تفزع المؤمنين الذين جاؤوا بالحسنات وإن كانت عظيمة في ذاتها؛ لأن الله سبحانه وتعالى في يوم القيامة يخلق أشياء يستبعدها العقل في الدنيا، فالشمس تدنو من الخلائق قدر ميل، ومن الناس من يكون في ظل منها، والعرق يصل من بعض الناس إلى كعبيه، وإلى ركبتيه، وإلى حقويه، ومنهم من يلجمه، وهم في مكان واحد، مما يتبين به قدرة الله سبحانه وتعالى، وأن في هذا المكان الواحد وفي الزمن الواحد يختلفون هذا الاختلاف المتباين، وفي إضافة الفزع إلى ذلك اليوم تلين على شدته: ﴿مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب