الباحث القرآني

﴿قَالَ﴾ موسى ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الشعراء ٢٨] يعني: هو رب المشرق والمغرب، المراد الجهة فقط أو الجهة وما يحدث فيها من شروق الشمس والقمر والنجوم وما إليها؟ لا شك أن المراد الأخير؛ الجهة وما فيها. رب المشرق والمغرب وما بينهما وهذا كقول إبراهيم للذي حاجه ﴿قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ﴾ [البقرة ٢٥٨] فكأنه موسى عليه الصلاة والسلام عدل إلى أمر ظاهر بَيِّن ما يمكن (...) أبدًا، رب المشرق والمغرب وما بينهما. والذي بينهما ما يحدث من السحاب والرياح وغير ذلك فهذا أمر لا أحد ينكره؛ ولهذا قال لهم: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾؛ لأن هذا الأمر ظاهر للعقلاء. ثم في قوله: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ تعريض لهم كرَدٍّ على قولهم: إنه ﴿لَمَجْنُونٌ﴾؛ إن رسولكم لمجنون، كأنه يقول: المجنون مَنْ ينكر هذه الأشياء؛ ولهذا قال: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾. وفي قوله: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ من ظهور القوة من موسى عليه الصلاة والسلام وأنه لم يكترث بهم؛ رجل وحده أمام جبار عنيد ويقول هذا الكلام هذا كلام مزعج في الواقع، يعني: يقوله الإنسان لمن كان ندًّا له، ولكن موسى عليه الصلاة والسلام لمَّا قال الله له في الأول: ﴿فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ﴾ [الشعراء ١٥] كان واثقًا بالله سبحانه وتعالى وموقنًا بأنه لن يضره فرعون، والأمر كذلك، الشاهد أن المشرق والمغرب وما بينهما لظهور الآيات فيهما، قال لهم: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الشعراء ٢٨] هذا من وجه. ثانيًا: أراد أن يقابل قول فرعون: ﴿إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ﴾ فكأنه يقول: المجنون من لم يستدل بهذه الآيات على الرب سبحانه وتعالى. ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ أنه كذلك فآمنوا به وحده، مثلما قال المؤلف فيما سبق: ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ﴾ [الشعراء ٢٤] أنه كذلك فآمنوا به وحده.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب