الباحث القرآني

(﴿قَالَ﴾ موسى ﴿رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾ وهذا وإن كان داخلًا فيما قبله يغيظ فرعون). شوف موسى عليه الصلاة والسلام أسلوبه أسلوب حكيم أتى بالأول بالربوبية العامة للسماوات والأرض وما بينهما، ثم أتى للربوبية الخاصة بفرعون الذي يَدَّعِي أنه رب وقال: ﴿رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾ إشارة إلى أنكم أنتم أتيتم من آباء ولَّا لا؟ * طالب: بلى * الشيخ: ومن أتى مِنْ أَبٍ فكيف يمكن أن يكون ربًّا هو مخلوق من نطفة؛ يعني: فكأنه يقول: ارجعوا إلى أصلكم، فالله تعالى ربكم أنتم الذين تَدَّعُون أنكم أرباب. ﴿وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾ الذين أتيتم منهم فيُذَكِّرُهم بأصلهم ليذكروا أنهم كانوا مُحْدَثِين، وأنهم لا يصلحون أن يكونوا أربابًا، وهذا من حُسْنِ الجواب، وهو في الحقيقة كل جواب يقوله موسى فهو حجة قاطعة تَدْمَغُه، ولكن -والعياذ بالله- مَنْ لم يُوَفَّق للحق فإنه لا ينتفع به ويستكبر عنه. (﴿قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾ وهذا وإن كان داخلًا فيما قبله يغيظ فرعون) يعني كلام في الحقيقة لَيِّن من المؤلف، لو قال: وهذا أيضًا إقامة حُجَّةٍ أخرى ما هو عليه على فرعون أنهم مربوبون وأنهم مخلوقون من أصلاب آبائهم الأولين، ومن كان كذلك مولودًا فلا يستحق أن يكون ربًّا وإلهًا (...). يعني: أجاب عن الفعلة بأنه كان عن جهل. ثم إنه يقول: ﴿فَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ﴾ فكأنه يقول: أنتم لم تألوا جهدًا في معاقبتي عليها، ولكنني فررت منكم فلم تدركوني (...) ما قلناه لكن الآن نقوله؛ يعني قال: ﴿فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ﴾ [الشعراء ٢١] فكأنه يقول لهم: لم تألوا جهدًا ولكن نجوت فالعقوبة نجوت منها بالفرار، والجهل تَنَزَّهْتُ منه بالرسالة. الجواب عن الأمر الثالث: كأنه يقول: تَرْكٌ للظلم بالنسبة إليَّ، وترك الظلم لا يُعَدُّ نعمة؛ لأن الإنسان ليس مستحقًّا له حتى نقول: إنه عفا عنه وتركه، أو يقال:هذا ما مشى عليه المؤلف. لكن فيه احتمال آخر فالإساءة إلى قومي إساءة لي فكأنه يؤكد الآن نفي النعمة بما يشبه (...). يقول: يعني: أين النعمة وأنت قد عَبَّدْتَ بني إسرائيل وهم قومي؟ فإذا قُدِّر أني سَلِمْت منك من التعبيد والظلم فأنا فرد من قبيلة وقوم وقد عبدتهم، فأين النعمة؟! بعد ذلك جرت المناظرة بينه وبين موسى؛ فقال السؤال الأول من فرعون.. هذا السؤال الأول. * طالب: من فرعون إلى موسى؟ * الشيخ: إي وهذا السؤال يتضمن السؤال عن الحقيقة والماهية، أو عن أمر آخر يعني؟ * طالب: يريد أن يقرر.. * الشيخ: أولًا اذكر لي معناها على رأي المؤلف، السؤال عن الحقيقة كأنه يقول: ما هو مادته، ما مادته؟ ما كنهه؟ ما حقيقته؟ إي، لكن هو يسأل عما قال المؤلف؛ لأنه لا يمكن يسأل عما قال المؤلف إلا وقد أقر به، وهو ما أقر بالله عز وجل. فالاستفهام إنكار يقول: أي شيء يكون رب العالمين، وأنا الرب؟! بماذا أجاب موسى؟ * طالب: (...). * الشيخ: لا، ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ [الشعراء ٢٤]. ويش الفائدة من قوله: ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ﴾ هل هي تعود على ما سبق؛ يعني: أنه رب هذه الأشياء إن أيقنتم وإن لم توقنوا فليس ربها. * طالب: (...). * الشيخ: يعني: إن كنتم من ذوي الإيقان الذين يتصفون باليقين بما يشاهدونه فأيقنوا بذلك. بماذا أجاب فرعون؟ * طالب: يعني: كأن.. * الشيخ: الاستفهام هنا: ﴿أَلَا تَسْتَمِعُونَ﴾ أيش الغرض منه؟ * الطالب: الغرض منه التهكم. * الشيخ: إظهار التهكم والاستهزاء. المؤلف على أي شيء حمل هذا التهكم والاستهزاء؟ * طالب: المؤلف يقول: (ألا تستمعون لهذا الجواب الذي لا يطابق السؤال)؟ * الشيخ: إني أسأله عن الحقيقة وأجابني بالأوصاف. والصواب؟ * الطالب: والصواب على القول الصحيح أن الجواب ليس للسؤال، ولكن لأنه إنكار على ما أجابه أن ربه هو رب السماوات. * الشيخ: تمام، يعني: ألا تستمعون إلى هذا الرجل الذي أنكر ربوبيتي وزعم أن هناك ربًّا للسماوات والأرض وما بينهما؟! * طالب: لا، يقال: إنه (...). * الشيخ: بل هو؟ * الطالب: فرعون لم (...). * الشيخ: مطابق للجواب، إي. * الطالب: سؤال فرعون.. * الشيخ: مطابق لجواب موسى، وجواب موسى مطابق لسؤال فرعون. بعد ذلك انتقل إلى جواب آخر؟ * طالب: (...). * الشيخ: طيب، هذا ما دخل في رب السماوات والأرض؟ * الطالب: بلى، داخل. * الشيخ: لكن؟ * الطالب: لكن ذكر هذا، والتقدير ليذكرهم أنهم خُلِقوا من أصلاب آبائهم فلا يستحق أحد الربوبية (...). * الشيخ: يعني: كان هذا كإقامة الدليل على امتناع ربوبية فرعون وأن الله سبحانه وتعالى كان ربًّا له ولآبائه الأولين الذين وُجِدَ منهم، فلا يمكن أن يكون هو ربًّا وهو مربوب. * طالب: ما يقال هذا (...). * الشيخ: لا، يمكن، كل الجواب هذا كله موافق للحكمة، لكن ليس من أسلوب الحكيم المعروف عند البلاغيين. * الطالب: (...). * الشيخ: لا، أصل فرعون ما سأل في الثانية، تَهَكَّم فقط. * الطالب: قصدي في الأول. * الشيخ: وين؟ * الطالب: قال: ما رب العالمين؟ * الشيخ: لا، الأول جواب سليم، الأول جواب صحيح، والثاني جواب صحيح لكنه أخص من الأول؛ يعني: جواب مطابق للسؤال تمامًا، لكن تَنَقُّله من هذا إلى هذا هذا من الحكمة؛ فذكر في الأول رب السماوات والأرض ثم ذكر الربوبية المباشِرة لهؤلاء. * طالب: ما فيه أحقية لفرعون حين استفهم بقوله: ﴿أَلَا تَسْتَمِعُونَ﴾؟ * الشيخ: إلا فيه، فيه نعم. * الطالب: ﴿رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ﴾ تحقيرًا لهم أنهم من آباء.. * الشيخ: إي نعم، هو تحقير وبيان أنه ما يصح لهم ربوبية.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب