الباحث القرآني

(﴿فَإِنْ عَصَوْكَ﴾؛ أي: عشيرتك) والأصح أو غيرهم، (﴿فَقُلْ﴾ لهم ﴿إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [الشعراء ٢١٦] من عبادة غير الله)، التعبير ﴿إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾ لم يقل: (منكم)؛ لأنه لو قال: (منكم) لكان هذا أشد صدمة، ولاحتمل أن يكون هذه البراءة شخصية، وأيضًا لم يحصل منه النفور عن العمل؛ لأنه (...) فإذا قال: ﴿إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾ عرفوا أن السبب في البراءة العمل، فربما يكون ذلك سببا لأنْ يرتدعوا عنه؛ لأجل أن ينالوا الولاء دون البراء. (﴿وَتَوَكَّلْ﴾ بالواو والفاء)، وهذه من المسائل النادرة في القراءات؛ لأن الغالب في القراءة أن يكون الخلاف في صفة الكلمة أو الحرف ليس في ذاته أو عينه، لكن هذا قد يأتي أحيانًا بذات الحرف، وأحيانًا أيضًا بإسقاط الحرف من عدمه في قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (١١٥) وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ﴾ [البقرة ١١٥، ١١٦] فيه قراءة إسقاط الواو: ﴿﴿قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ﴾ ﴾، وهذا من المسائل النادرة في القراءات، فالقراءة قد تكون في نظم الحرف، وفي وجود الحرف، وفي شكل الحرف. أكثرها ما هو؟ في شكل الحرف وهيئته؛ يُمَد أو لا يُمَد، يُرْفَع أو يضم، لكن فيه نوع الحرف نادر مثل هنا بالواو والفاء، هذا في أي شيء؟ في نوع الحرف، في وجود الحرف، مثلما أشرت إليه في آية البقرة ﴿إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (١١٥) وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ﴾ [البقرة ١١٥، ١١٦]، وفي قراءة ﴿﴿قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ﴾ ﴾، وفي سورة المائدة أيضًا حرف (...)، فيه أيضًا زيادة الواو في قراءة، وحذفها في قراءة. وقوله: ﴿وَتَوَكَّلْ﴾ التوكل.. * طالب: (...) القراءة هذه. * الشيخ: ﴿﴿فَتَوَكَّلْ﴾ ﴾، والتوكل هو الاعتماد على الله مع الثقة به في جلب المنافع ودفع المضار، (﴿عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ [الشعراء ٢١٧] الله؛ أي: فوِّض إليه جميع أمورك)، ولم يقل: (على الله) بل قال: ﴿الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾؛ لأن المقام يقتضيه؛ يقتضي عزةً في مقابل المكذبين له، ورحمة في مقابل قيامه بواجب الإنذار، (﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ﴾ إلى الصلاة، ﴿وَتَقَلُّبَكَ﴾ في أركان الصلاة قائمًا وقاعدًا، وراكعًا وساجدًا، ﴿فِي السَّاجِدِينَ﴾ [الشعراء ٢١٩]؛ أي المصلين). قوله: ﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ﴾ إلى الصلاة، بعضهم يقول: حين تقوم من منامك، ولكن هذا المعنى الذي ذكر المؤلف أعم. وقيل: إن المعنى حين تقوم في شؤونك من الإنذار وغير الإنذار؛ يعني يراك حين تقوم منذرًا، ويراك حين تقوم مصليًّا، ويراك حين تقوم صائمًا، وحين تقوم حاجًّا، في جميع الأحوال؛ يعني حين تقوم إلى عبادة الله، ويراك أيضًا حين تقلبك في الساجدين؛ أي في المصلين؛ أي في جملتهم، وهذا المعنى الأخير أعم من الجميع. ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ خُصَّت الصلاة لأنها أصل العبادات البدنية، وقوله: ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الشعراء ٢٢٠] هذه الجملة استئنافية لبيان أنه مع رؤيته تبارك وتعالى فهو أيضًا سميع عليم، إذن ثلاث صفات: الرؤية والسمع والعلم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب