الباحث القرآني

﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٢١) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الشعراء: ١٢٠، ١٢١] وإغراقهم آية عظيمة، يعني الله تبارك وتعالى فتَّح أبواب السماء بماء منهمر ﴿فَفَتَحْنَا﴾ [القمر ١١] و﴿﴿فَتَّحْنَا﴾ ﴾ قراءتان سبعيتان، و﴿﴿فَتَّحْنَا﴾ ﴾ أبلغ من (فتَحنا). فتَّح الله أبواب السماء بماء منهمر، يعني نازلًا بقوة وشدة وكثرة. ﴿وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا﴾ [القمر ١٢] المعربون يقولون: إن الأصل: (فجرنا عيون الأرض) (...) محولة عن مفعول، وفي الحقيقة أن (فجرنا الأرض عيونًا) أبلغ وأعظم، يعني كأن الأرض كلها صارت عيونًا، فهو أبلغ من (فجرنا عيون الأرض)، عيون الأرض (...) عشر عيون، ما تزيد لو كانت (فجرنا عيون الأرض)، لكن: فجرنا الأرض عيونًا كلها، حتى إن التنور بدأ يفور من الماء. والتنور كما تعرفون أبعد ما يكون عن الماء؛ لأنه محل تفجير النار، ومحل تفجير النار يكون يابسًا يبوسًا بالغًا، ولكن مع ذلك صار بإذن الله يفور. التقى الماء على أمر قد قُدر حتى بلغ قمم الجبال، وغرق الناس كلهم إلا من في هذه السفينة، وحينئذ صدق قول نوح لقومه: ﴿إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (٣٨) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾ [هود ٣٨، ٣٩] (...) السفينة الآن السفينة الحقيقية من هؤلاء الذين على السفينة وكأني بهم يطلعون إليهم من نوافذها وهم يعومون في هذا الماء ويغرقون، وهؤلاء في منجاة منه. يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ أكثر من؟ على رأي المؤلف: أكثر قوم نوح مؤمنون، لكن الأصح أكثرهم أي الذين بُعث فيهم الرسول عليه الصلاة والسلام. قوله: ﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ هذه هي (ما) الحجازية و(كان) زائدة، ولَّا معناها (...) أصلية والعمل لـ(كان)؟ * طالب: العمل لـ(كان) كما ذكرنا. * الشيخ: العمل لـ(كان) كما ذكرنا؛ لأن الأصل عدم الزيادة، إذا جعلت العمل لـ(ما) لزم أن تجعل (كان) زائدة، وإذا جعلت العمل لـ(كان) بقيت (ما) نافية على ما هي عليه. ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ الجامع بين العزة الغالبة القاهرة، الرحيم الرحمة البالغة، لكنه سبحانه وتعالى لجمعه بين العز والرحمة صارت الرحمة تكون في مواضعها والعز يكون في مواضعه. وكم أقسام العزة التي يتصف الله بها؟ * طالب: عزة قدر، عزة قهر، عزة امتناع * الشيخ: عزة القدر والقهر والامتناع. ويش معنى عزة القدر؟ * الطالب: أن الله سبحانه وتعالى له القدر العالي الذي لا يشبهه أحد من مخلوقاته. * الشيخ: ذكر عزيز القدر يعني أن قدره لا نظير له، مثلما تقول: هذا عزيز، يعني ما يوجد. عزة القهر؟ * طالب: أي أن الله سبحانه وتعالى قاهر من سواه من مخلوقاته أو (...). * الشيخ: قاهر غالب لهم. طيب وعزة الامتناع؟ * طالب: أي أنه لا يمكن لأحد من مخلوقاته أن يتوصل إليه.. * الشيخ: بسوء. * الطالب: بسوء، أو أي.. * الشيخ: يعني يمتنع عليه كل سوء أو نقص. وقالوا في المعنى الأخير: من هذا قولهم: أرض عزاز، نحن نسميها عزا، يعني صلبة قوية ممتنعة، ليست رخوة لينة. وأما الرحيم فمعناه ذو الرحمة الواصلة إلى خلقه، يعني الرحيم غير الرحمن. أهل السنة جميعًا يثبتون الرحمة لله حقيقة، وغيرهم يؤولها بأن المراد بها الإحسان أو إرادة الإحسان، يعني أنهم يصرفونها إلى لازمها، كيف؟ لأن الرحمة هي الرقة، والله سبحانه وتعالى منزه عن الرحمة، فيقال: من قال لكم: إن الله منزه عن رقة الرحمة؟ الله سبحانه وتعالى يرحم عبده بمعنى أنه يعطف عليه، وأي مانع يمنع؟ هل القاسي هو المحمود أو اللين هو المحمود؟ لا شك أن هذا هو المحمود. ثم إننا نقول: إن لين الإنسان غير لين الله سبحانه وتعالى؛ لأن لين الإنسان سببه الضعف أحيانًا وعدم القدرة، ولهذا يرحم الإنسان أحيانًا من لا يستحق الرحمة؛ لأنه ما عنده إلا مجرد عاطفة اللين التي سببها الضعف، أما الله عز وجل فإن رحمته رحمة قوةٍ ورحمة حكمة، ولهذا يعذب أهل النار ذلك العذاب العظيم وهو أرحم الراحمين؛ مما يدل على أن رحمة الخالق ليست كرحمة المخلوق.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب