الباحث القرآني

قال تعالى: (﴿﴿ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ﴾ ﴾ أي بعد إنجائهم ﴿﴿الْبَاقِينَ﴾ ﴾ [الشعراء: ١٢٠] من قومه) والذين نجَوا كما قال الله تعالى في سورة هود قليل: ﴿وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ [هود ٤٠] شوف وابنه -أحد أبنائه- ما نجا؛ لأنه كان كافرًا، وهو قد قال: ﴿وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء ١١٨] كذا؟ وفي الآية الأخرى أن الله قال له: ﴿قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ﴾ [هود ٤٠] لكن الله استثنى ﴿إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ﴾ [المؤمنون ٢٧] ولكنه عليه الصلاة والسلام دعا الله تعالى مشفقًا وراجيًا رحمته ﴿فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ﴾ [هود ٤٥]، فقال الله تعالى له: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾ [هود ٤٦]. والجواب هنا فيه إشكال، إنما قال: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾؛ لأنه كان مقتضى ما سبق أن يقول: إنه ليس من أهلك لأنا استثنينا مثلًا ﴿إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ﴾ لكن لو قيل كذلك لأنه سبق عليه القول لقال: ولماذا سبق عليه القول؟ فذكر النتيجة الأخيرة، وهو أنه عمِل غيرَ صالحٍ، أو ﴿عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ [هود ٤٦] إلى آخره. * طالب: ويش (...) عمل غير صالح؟ * الشيخ: نعم. * الطالب: توجيه قراءة (...). * الشيخ: لها توجيهان: ﴿إِنَّهُ﴾ أي: سؤالَك ﴿عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾؛ لأنك سألت ما لا يجوز. أو ﴿إِنَّهُ﴾ أي: الولد ﴿عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾ من باب المبالغة. يعني: عامل غير صالح، فأطلق عليه المصدر؛ كما يقال: فلان عدل، وفلان رضا، بمعنى هو عدل ورضا، فالمعنى أنه ذو عمل غير صالح. ويؤيد هذا الاحتمال القراءة لكنها ليست سبعية ﴿﴿إِنَّهُ عَمِلَ غَيْرَ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ ﴾. هؤلاء الذين نجوا هل هم الذين بقوا من أهل الأرض؟ لا، ليسوا هم، بل ذرية نوح هم الذين بقوا، وأما من كان معه من المؤمنين فإنه فني ما بقي له نسل؛ لقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ﴾ [الصافات ٧٧]، ولهذا يقال: إن نوحًا عليه الصلاة والسلام هو الأب الثاني للإنسان، الأب الأول آدم، وهذا هو الأب الثاني؛ لأن جميع بني الإنسان ماتوا، وما بقي إلا ذريته ﴿وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ﴾ وهذه (هم) ضمير فصل يفيد الحصر والاختصاص، فهم الذين بقوا، ويقولون، يعني يقول المؤرخون: إنهم ثلاثة: سام وحام ويافث. والله أعلم هل هذه أسماؤهم أم لا، وهل هم ثلاثة أو أكثر أو أقل، إنما هذا كلام المؤرخين، المهم إنما الذي نتيقن أنه ما بقي أحد في الأرض إلا ذرية نوح عليه الصلاة والسلام فيكون هو الأب الثاني.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب