الباحث القرآني

قال الله تعالى: ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ﴾ [الشعراء ١١٩] الفاء للسببية، أي: فبسبب دعائهم أنجيناه، وهي مع إفادتها السببية تفيد أيضًا التعقيب. قال: ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾ [الشعراء ١١٩] هنا قال: ﴿وَمَنْ مَعَهُ﴾ مع أن دعاءه ﴿وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ وكلمة (من معه) أعم، فما هي الحكمة في ذلك؟ * طالب: أنه اصطحب معه بعض الحيوانات، وأنه أخذ من كلٍّ زوجين، فهذه لا توصف بالإيمان. * الشيخ: ولعله ما قصدها أيضًا، نوح عليه الصلاة والسلام في دعائه ما كان فيما يظهر يدور في ذهنه أن الله ينجي هذه المخلوقات الأخرى، بل قال: ﴿وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾. ويشكل على هذا قوله: ﴿وَمَنْ مَعَهُ﴾ من؟ ولم يقل: (وما معه)؟ * طالب: التغليب. * الشيخ: من باب التغليب، ولأنه هو أيضًا إنما دعا لمن معه فكأن الله سبحانه وتعالى غلَّب جانب العقلاء لأنه هو إنما دعا بإنجائهم، فصار هذا أنسب لمطابقة الإجابة للطلب. وقوله: ﴿وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾ الفلك الذي بناه أو صنعه نوح في علم الله عز وجل، وقال قال الله تعالى: ﴿وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ﴾ [القمر ١٣]، وهنا قال: ﴿فِي الْفُلْكِ﴾، وهناك قال: ﴿ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ﴾، وأيها أخصر؟ الفلك أخصر ما فيها شك، أقصر من ذات ألواح ودثر، لكن السورة ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ [القمر ١] كما هو معروف في فواصل آياتها ومقاطعها وجمل الآيات المناسب لها: (ذات ألواح ودثر)، كما أن فيه فائدة معنوية، وهي بيان مواد هذه السفينة، أنها من الألواح والمسامير؛ ليكون في ذلك دليل على أنها محكَمة ولأجل أن يتعلم صناعة السفن من لم يعرف. والصناعة في ذلك الوقت ما تطورت إلى هذا التطور، فالحاصل أن هذا السبب في أنها هناك ذكرت مبسوطة وهنا ذُكرت (...). وقوله: (﴿﴿الْمَشْحُونِ﴾ ﴾ المملوء من الناس والحيوان والطير) الطير ما هو من الحيوان؟ بلى، لكن عطفه عليه من باب عطف الخاص على العام. * طالب: الطير من الحيوان؟ * الشيخ: إي، حتى الإنسان من الحيوان، لكن الإنسان حيوان ناطق كما يقول المناطقة. كأنه يريد الحيوان ما يمشي على رجلين، والطير ما يطير بجناحين، وإلا لو قال: (والحيوان) لكفى. وقوله: ﴿فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾ مر علينا كثيرًا أن الفلك اسم جنس يشمل بلفظه الوحد والجمع، يعني هذا اللفظ صالح للجمع والمفرد ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا﴾ [يونس ٢٢] ﴿وَجَرَيْنَ﴾ هنا أراد بالفلك الجمع ولَّا المفرد؟ * طالب: الجمع. * الشيخ: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ﴾ [لقمان ٣١] هذا؟ * طالب: جمع. * الشيخ: لا، أراد المفرد. لو كان للجمع لقال: تجرين. * طالب: أراد جنس الفلك. * الشيخ: لا، هو أراد المفرد هنا، اللفظ مفرد الآن، لكن يُراد به الجنس، ما ينفع تقول: الإنسان هو المفرد لكن الجنس، وإلا معنى الكلام على أن الفلك تُطلَق على الجمع والمفرد إطلاقًا واحدًا، ما يتميز أن المراد بها الجمع والمفرد أو (...) المفرد من الجمع إلا بالسياق.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب