الباحث القرآني

﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ﴾ أي: على تبليغ الرسالة. ﴿مِنْ أَجْرٍ﴾ (من) مؤكِّدة، و(أجر) اسم منصوب على أنه مفعول ثان لـ(أسألكم)، لكنه بفتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. وأتت (من) هنا في سياق النفي داخلة على نكرة للتنصيص على العموم، يعني: من أجر قليل أو كثير. والمراد بالأجر هنا أي أجر؟ أجر الدنيا، وهو المعاوضة، يعني: ما قلت لكم: أعطوني أجرًا، لو أمرتكم بهذا لقيل: هذا رجل يريد أن يستجدي بما يدعيه من الرسالة. نعم فيه أناس الآن يتكلمون في المساجد ويعظون الناس ويوجهونهم، فإذا انتهَوا مدوا أيديَهم: أعطوني، هذه حالهم خلاف حال الرسل، ولهذا تجد الناس لو كانوا قد تأثروا بموعظتهم الأولى إذا مدوا أيديهم بعد أن وعظوا ذهب كل ما كان في نفوسهم من هذا التأثر؛ لأن الإنسان إذا طلب الدنيا بما يُراد به الآخرة فسد أمره: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (١٥) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ﴾ [هود ١٥، ١٦]. ويستفاد من هذا أن من طلب العلم الذي جاءت به الرسل لينال به أمرًا من الدنيا فليست طريقه طريق الرسل؛ لأن الرسل إنما يأمرون الناس وينهونهم لما يرجونه من ثواب الله، لا لما ينالونه من الأجر. ففي هذا دليل على وجوب تصحيح النية لمن قام مقام الرسل في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى. يقول: ﴿إِنْ أَجْرِيَ﴾ [الشعراء ١٠٩] (﴿إِنْ﴾ ما) ما وجه هذا؟ (ما) تفسير لـ(إن)، يعني يقول المؤلف: إنَّ (إنْ) بمعنى (ما)، فهي نافية. (﴿﴿أَجْرِيَ﴾ ﴾ أي: ثوابي ﴿﴿إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ﴾ [الشعراء: ١٠٩]) (أجري) ويش محلها من الإعراب؟ * طالب: ما أجري إلا على الله. * الشيخ: (...) ﴿إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ وهو الله سبحانه وتعالى، يعني ليس أجري عليكم ولا على غيركم من الخلق، وإنما هو على رب العالمين، وفي هذا إخلاص المرء لله عز وجل، وأنه لا يريد ثوابًا من أحد ولا منالًا إلا من الله. وفيه أيضًا دليل على أن عمل الإنسان لينال الثواب ليس أمرًا ممقوتًا، بل هو طريق الرسل عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم. وقوله: ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ أي: مالكهم المدبر لهم بما يشاء. وأصل الرب: المتصرِّف في الشيء، ومنه سُمي رب البيت، ورب البهيمة، ورب كذا، ويُطلَق بمعنى صاحب، كقوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ﴾ [الصافات ١٨٠] يعني: صاحب العزة. ولا يمكن أن تكون الرب هنا مثل الرب في قوله: ﴿رَبِّكَ﴾؛ لأن العزة من صفات الله ولا تكون مخلوقة. هنا ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ أي: خالقهم ومالكهم والمدبر فيهم بما يشاء، و(العالمين) سبق أن معناها: كل ما سوى الله.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب