الباحث القرآني

﴿إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ﴾ [الشعرا: ١٠٦] (الله)، ﴿أَلَا تَتَّقُونَ﴾، (ألا) هذه في الأصل تكون للعرْض، وهو الطلب برفق، كما في قوله تعالى: ﴿فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ﴾ [الذاريات ٢٧] ولكن المراد به هنا التحضيض، وهو الطلب بحث وإزعاج يعني أنه يحضهم على أن يتقوا الله عز وجل؛ يتخذوا وقاية من عذابه بفعل أوامره واجتناب نواهيه. ثم بيَّن لهم أنه إنما قام بهذه الموعظة لأنه رسول أمين: ﴿إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ﴾ [الشعراء ١٠٧]: ﴿إِنِّي لَكُمْ﴾ يعني: لا لغيركم، الخطاب لقومه. وفي قوله: ﴿لَكُمْ﴾ ولم يقل: إني رسول حض لهم على قبوله؛ لأنه إذا كان رسولًا مطلقًا قد يقولون: إنك لم ترسل إلينا، فإذا قال: (لكم) تعيَّن. ثم إنه إذا قال: (لكم) يشعرهم بأن الله تعالى قد اعتنى بهم، حيث بعث إليهم هذا الرسول، فيكون فيه هنا حمل على أن يقبلوا رسالته. وقوله: ﴿رَسُولٌ﴾ أي: من الله، وهذا معروف من سياق الآيات التي معنا ومن غيرها من الآيات الأخرى. وقوله: ﴿أَمِينٌ﴾ الأمين هو من كان محل أمانة، والرسل عليهم الصلاة والسلام كلهم محل أمانة لرسالتهم؛ كما قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [الأنعام ١٢٤]. وقوله: (على تبليغ ما أرسلت به) واضح، يعني: من الذي ائتمنه على ذلك؟ الله سبحانه وتعالى. وفي هذا ﴿رَسُولٌ أَمِينٌ﴾ إظهار لوصف خاص المناسب للمقام -وهو الرسالة- بأمانة لا خيانة فيها، لا بزيادة ولا بنقص. وقد يقول قائل: أي فائدة لوصفه نفسه بأنه رسول أمين، وهو يخاطب قومًا قد أنكروه، فإذا كانوا قد أنكروا رسالته فبالأولى ينكرون أمانته؟ فالجواب: أنه لم يتركهم هملًا، لم يدَّعِ أنه رسول أمين فقط، ولكنه جاءهم بآيات، ما من رسول بعثه الله إلا أعطاه ما على مثله يؤمن البشر[[متفق عليه؛ البخاري (٤٩٨١)، ومسلم (١٥٢/ ٢٣٩) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله ﷺ قال: «ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر..».]]؛ لأن الله سبحانه وتعالى عليم حكيم، لا يمكن أن يرسل أحدًا إلى أقوام فيسفه أحلامهم ويفسد أديانهم إلا ومعه من الآيات ما يؤمنون على مثله لو لم يستكبروا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب