الباحث القرآني

(﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا﴾ جمع ساجد ﴿وَقِيَامًا﴾ [الفرقان ٦٤] بمعنى قائمين) أي (يصلون بالليل). (يصلون بالليل) أخذه من قوله: ﴿يَبِيتُونَ﴾. ﴿يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾ هذه معطوفة على ما سبق. وقوله: ﴿يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا﴾ تقديم المعمول أو المتعلق يدل على الحصر، يعني لا يسجدون رياء ولا سمعة، وإنما يسجدون لله وحده ﴿لِرَبِّهِمْ﴾. وفي قولهم: ﴿لِرَبِّهِمْ﴾ دون قوله: لله، إشارة إلى أن هذا السجود يريدون به ثواب الله ورضوانه؛ لأن الرب هو المالك المتصرف، ومن ملكه وتصرفه مجازاة هؤلاء على أعمالهم. وقوله: ﴿سُجَّدًا﴾ معروف الساجد، ﴿وَقِيَامًا﴾ القائم أيضًا معروف، يعني قائمين. ولم يذكر الله الركوع ولم يذكر القعود؛ لأن القيام أشرف ما في الصلاة من حيث ذكره، من حيث الذكر اللي هو القرآن، والسجود أشرف ما في الصلاة من حيث الحال والهيئة: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ»[[أخرجه مسلم (٤٨٢/٢١٥) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ]]، فذكر القيام لشرفه بذكره بما يقال فيه، وذكر السجود لشرفه بهيئته، فدل ذلك على أن هذا أفضل حالات الصلاة، وهو كذلك. وقوله: ﴿يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ﴾ [الفرقان ٦٤]، قد يقول قائل: إن ظاهر الآية الكريمة أنهم يسهرون الليل؛ لأنه ذكر أن وصفهم في حال البيات القيام والسجود، فهل معنى ذلك مشروعية قيام الليل كله؟ نقول: إذا أخذنا بظاهر الآية فهو كذلك، ولكن. * طالب: عامة (...). * الشيخ: ولكن ما جاءت به السنة يدل على خلاف هذا، وأن أفضل ما يكون أن ينام الإنسان نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، كما كانت ذلك صلاة داود عليه الصلاة والسلام وصلاة النبي ﷺ فإنه كان ينام سحرًا ويقوم في جوف الليل ﷺ[[أخرج البخاري (١١٣١) ومسلم (١١٥٩/١٨٩) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله ﷺ: «إن أحب الصيام إلى الله، صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يصوم يوما، ويفطر يوما».]]. * طالب: كالقرآن يا شيخ، كالقرآن في سورة المزمل. * الشيخ: إي نعم، فيكون على هذا معناه أنهم يبيتون غالب ليلهم، أو أن الله يكتب لهم أجر الصلاة والقيام وإن كانوا بائتين، ما داموا على هذه النية وعلى هذا الفعل، ما داموا يفعلون وينوون أنهم إذا ناموا إنما ينامون ليتقووا على القيام فيكتب لهم أجره وإن كانوا نائمين. * طالب: يا شيخ. * الشيخ: نعم. * الطالب: فيه عندي نظر في كونهم يصلون بالليل. * الشيخ: نعم. * الطالب: أنه ما يلزم أنه يكون لازم بالليل، ربما يكون يطلق القيام على... * الشيخ: بس، ﴿يَبِيتُونَ﴾ [الفرقان ٦٤]، البيات ما يكون إلا بالليل. * الطالب: ما يكون بيات بالنهار. * الشيخ: لا، ما يكون البيات بالنهار.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب