الباحث القرآني
ثم قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ [الفرقان ٥٦].
لما عاب على هؤلاء ما يتعلق بتحقيق التوحيد وهي عبادة غير الله انتقل بعد ذلك إلى تحقيق الرسالة؛ لأن الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فتحقيق العبادة أتى بِلَوْمِهِم على عبادة غير الله، ثم جاء تحقيق الرسالة بقوله: (﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا﴾ بِالْجَنَّةِ، ﴿وَنَذِيرًا﴾ [الفرقان ٥٦]: مُخَوِّفًا من النار).
في هذا ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا﴾ هذا الاستثناء لأعم الأحوال، يعني: ما حالك في الرسالة إلا هَذَيْنِ الأَمْرَيْنِ، هما: البشارة والإنذار، البشارة لِمَن؟ للمؤمنين بالجنة، ويش الدليل على هذا؟
* طالب: ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا﴾ [الأحزاب ٤٧].
* الشيخ: ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا﴾، وقال تعالى في سورة الكهف: ﴿لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (٢) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (٣) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (٤) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ﴾ [الكهف ٢ - ٥]، وقد سبق أن النذير بمعنى الْمُخْطِر بما يُخَوِّف.
هذا إذن وَصْفُ الرسول عليه الصلاة والسلام بالنسبة لما يتعلق بالرسالة هذان الأمران فقط.
إذا قال قائل: أليس الرسول عليه الصلاة والسلام مُعَلِّمًا؟ أليس يُعَلِّم الناس الأحكام؟
* طالب: بلى.
* الشيخ: نعم، كيف هذا الاستثناء مِن أعم الأحوال؟ قلنا: إن هذا مُسْتَثْنى من أعم الأحوال، يعني: ما حاله إلا هذا؟
* طالب: (...).
* الشيخ: أن نقول: إن التعليم هذا من وسائل الإنذار والبشارة، أو نقول: إن هذا الحصر إضافي؟
* طالب: (...).
* الشيخ: كلام الرسول عليه الصلاة والسلام أحيانًا يخبر الناس ويعلِّمهم بدون أن يحثَّهم أو يُرَغِّبهم أو يُخَوِّفهم كما هو معروف، وأحيانًا يُخَوِّف ويُنْذِر على سبيل العموم، وأحيانًا يُخَوِّف ويُنْذِر على المخالفة في هذا الأمر الْمُعَيَّن، فنقول في الجواب على هذا: إن تعليم الرسول عليه الصلاة والسلام هو من وسائل أو من طرق ما يحصل به الْمُبَشَّر به، أو ما يحصل به الْمُنْذَر به، عندما يأمرنا بشيء ويش معنى ذلك؟ أننا إذا فعلناه وصلنا إلى ما ذَكَّرَ به، وعندما ينهانا عن شيء معناه أننا إذا وقعنا فيه وقعنا فيما أنذر به عليه الصلاة والسلام.
وهذا أحسن من أن يقال: إن الحصر إضافي؛ لأنك إذا قلت: إن الحصر إضافي، أخذت الكلام عن حقيقته، وإذا قلت: إن هذا من اللوازم، بقي على حقيقته، ولكن يكون دالًّا على هذا الشيء (...).
(﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ﴾ أي: على تبليغ ما أُرْسِلْتُ به ﴿مِنْ أَجْرٍ إِلَّا﴾، لكن ﴿مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا﴾ [الفرقان ٥٧]: طريقًا بإنفاق ماله في مرضاته تعالى، فلا أمنعه من ذلك).
﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ﴾ [الفرقان ٥٧].
معروف لنا جميعًا أن ﴿مَا﴾ نافية، وأن ﴿مِنْ﴾ في قوله: ﴿مِنْ أَجْرٍ﴾ زائدة، إعرابًا ولّا معنى؟
* طالب: إعرابًا.
* الشيخ: زائدة إعرابًا، ولهذا يعبر عنها بعض العلماء بقوله: صلة، تَحَرُّجًا من أن يقول: إنها زائدة. وفي الحقيقة إذا فهم المعنى زال الإشكال، ما دمنا نقول: إنها زائدة إعرابًا، فلا حرج علينا في ذلك، أما معنًى فليست بزائدة، أيش فائدتها؟ فائدتها التنصيص على العموم؛ لأن ﴿أَجْرٍ﴾ نكرة في سياق النفي، وهذا من صيغ العموم، لكن عندما تدخل فيها (مِنْ) تكون أدل (...) على العموم.
(ما أسألكم عليه أجرًا)، صحيح ما فيه أجر أبدًا، لكن ﴿مِنْ أَجْرٍ﴾ كأنك تشعر أنه من أجر ولا أقل، لا قليل ولا كثير، ففائدتها إذن التنصيص على العموم.
وقوله: ﴿مِنْ أَجْرٍ﴾، إذا قلنا: إن ﴿مِنْ﴾ زائدة إعرابًا، كيف نعرب ﴿أَجْرٍ﴾؟
نقول: ﴿مِنْ﴾ حرف جر زائد إعرابًا، و﴿أَجْرٍ﴾ مفعول ثانٍ لـ(أسأل) منصوب بفتحة مُقَدَّرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، هذا إعرابها عندهم.
* طالب: بعضهم يقول: منصوب محلًّا مجرور لفظًا؟
* الشيخ: إي، هذا في الحقيقة فيها احتمال ما قلت: إنها محلًّا منصوبة، لكن هذا إنما يكون (...)، فيه احتمال أنك تقول: ﴿أَجْرٍ﴾ مفعول به منصوب، وحُرِّك بالكسر لمناسبة حرف الجر، والمسألة كلها اعتبارية.
المهم أن نعرف أن الفعل الآن مُسَلَّط على ﴿أَجْرٍ﴾ مباشرة، ما هو بواسطة حرف جر؛ لأن هذا الحرف من حيث الإعراب زائد، لكن من حيث المعنى له فائدة كبيرة، والله الموفق.
* * *
* طالب: هنا قال: ﴿وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا﴾ [الفرقان ٥٥]، يعني ما نقول: أيّ عاصٍ -مثلًا- حال معصيته فهو مُعِين على المعصية؟
* الشيخ: نعم؟
* الطالب: أي عاصٍ حال معصيته يكون معينًا على المعصية؟
* الشيخ: نعم صحيح.
* الطالب: (...).
* الشيخ: (...)، لكن هنا قال: ﴿وَكَانَ الْكَافِرُ﴾ لأنه يتحدث عن من يعبدون مع الله؛ ولهذا يمكن الإنسان ذَكَر يكون في كثير من الأمور، ﴿وَكَانَ الْكَافِرُ﴾ فيها إظهار في مقام الإضمار، ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ﴾ [الفرقان ٥٥]، السياق يقتضي أن نقول: وكانوا على ربهم، لكن قال: ﴿وَكَانَ الْكَافِرُ﴾، إشارة إلى أن هذه العبادة أوصلتهم إلى الكفر، وأيضًا لفائدة التعميم، يعني (...) ولو كان بغير العبادة بغير الشرك يعني، حتى -مثلًا- الإنسان اللي دَهْرِيّ ما يعبد شيئًا أبدًا هو ظهير على ربه. (...)
* * *
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (...)، قال الله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾ [الفرقان ٥٩].
سبق أن قلنا: إن فوائد الآيات التي قرأناها أمس وجوب التوكل على الله سبحانه وتعالى، وبَيَّنَّا أن مرتبته من الدين نصف الدين؛ لأن الله يأمر بالعبادة والتوكل.
وسبق أن الآية تدل على كمال الله سبحانه وتعالى وانتفاء النقص عنه؛ لقوله: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ﴾ [الفرقان ٥٨]؛ لأن التسبيح تنزيه، والحمد إثبات كمال.
وأن فيها إثبات العلم لله سبحانه وتعالى: ﴿وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا﴾ [الفرقان ٥٨]، وفيها فوائد تقدمت.
{"ayahs_start":56,"ayahs":["وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ إِلَّا مُبَشِّرࣰا وَنَذِیرࣰا","قُلۡ مَاۤ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَیۡهِ مِنۡ أَجۡرٍ إِلَّا مَن شَاۤءَ أَن یَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِیلࣰا","وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱلۡحَیِّ ٱلَّذِی لَا یَمُوتُ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِهِۦۚ وَكَفَىٰ بِهِۦ بِذُنُوبِ عِبَادِهِۦ خَبِیرًا"],"ayah":"وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱلۡحَیِّ ٱلَّذِی لَا یَمُوتُ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِهِۦۚ وَكَفَىٰ بِهِۦ بِذُنُوبِ عِبَادِهِۦ خَبِیرًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق