الباحث القرآني
قال الله تبارك وتعالى: (﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا﴾ هَلَّا ﴿نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ [الفرقان ٣٢] كالتوراة والإنجيل والزَّبور).
﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، هذا من جملة الشبه التي أوردها المكذبون للرسول ﷺ، قالوا: الكتب السابقة تنزل على الأنبياء جملة واحدة، مثل: التوراة والإنجيل والزبور، وكذلك غيرهم، تنزل جملة واحدة لا مفرقة، فقال هؤلاء: لو كان محمد – ﷺ – صادقًا وأنه نبي من الأنبياء، لكان شأنه شأن الأنبياء السابقين ينزل عليه القرآن جملة واحدة، وأتوا بـ(لولا) الدالة على التحضيض، يعني معناه: أنه كان ينبغي أو يجب أن ينزل عليه القرآن جملة واحدة -على زعمهم- كما نزل على الأنبياء السابقين.
وهنا: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، لا شك أنهم قريش؛ لأنه يتحدث عن أمر وقع، ولا يمكن أن تكون عامة لجميع الكفار، يعني ما يمكن تكون عامة لكفار الأمم السابقين، لكن ربما يكون هذا القول موروثًا عن قريش ويقوله من يقوله بعدهم تمويهًا وتضليلًا للناس.
﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ [الفرقان ٣٢].
كلمة ﴿نُزِّلَ﴾ وكلمة ﴿جُمْلَةً﴾، قد يفهم منهما التعارض؛ لأن المعروف أنه إذا كانت بالتشديد ﴿نُزِّلَ﴾ فهي لما ينزل شيئًا فشيئًا، وإذا كانت (أنزل) فهي لما نزل جملة واحدة. وهنا قالوا: ﴿لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً﴾، وكان مقتضى ما أشرنا إليه أن يقولوا: لولا أنزل عليه القرآن؟
فقيل: إن (أنزل) و(نزل) يتناوبان، كما تقول: خبَّرني وأخبرني، خبرني وأخبرني معناهما واحد، وإن كون (نزل) لما ينزل شيئًا فشيئًا و(أنزل) لما ينزل جملة واحدة، هذا ليس من مدلول اللفظ بذاته، ولكنه مما يعينه السياق والقرائن والحال. وعلى هذا فلا فرق بينهما، ويكون المراد بـ﴿نُزِّلَ﴾ هنا ويش المراد بها؟ (أنزل) ولكن نابت عنها.
ويحتمل أن يكون: ﴿نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ أنهم قالوه على حكاية ما ينزل، ثم اقترحوا أن يكون ﴿جُمْلَةً﴾ ﴿نُزِّلَ﴾ حسب الواقع؛ لأن الواقع أن القرآن ينزل على الرسول ﷺ متفرقًا، ينزل متفرقًا، فكأنهم قالوا: هلا كان تنزيله الذي الآن ينزل شيئًا فشيئًا جملة واحدة، فيكون التنزيل هنا باقيًا على القاعدة، وهو لما ينزل شيئًا فشيئًا، ويريدون بذلك أن يقولوا، كأنهم يقولون: هذا التنزيل الذي كان صفة للوحي الذي ينزل على محمد ﷺ لولا كان هذا التنزيل جملة واحدة.
فأمامنا الآن جوابان:
الجواب الأول: أن (نزّل) و(أنزل) يتناوبان، ويعين المعنى السياقُ والقرائن.
ثانيًا: أنهما لا يتناوبان، ولكل واحدة منهما معنى، لكنهم قالوا: ﴿نُزِّلَ﴾ باعتبار واقع الأمر، فإن الوحي كان ينزل على النبي ﷺ شيئًا فشيئًا، فكأنهم قالوا: لولا كان هذا التنزيل جملة واحدة.
هذه الشبهة قد تكون شبهة في بادئ الأمر، يعني: لماذا لم يكن الوحي النازل عليه كالوحي النازل على من قبله؟ هذا قد يكون شبهة في بادئ الأمر، ولكنه في الواقع ليس بشبهة، بل هو حجة؛ ولهذا أجاب الله عنه بقوله: (قال تعالى: نزَّلناه ﴿كَذَلِكَ﴾ أي: متفرِّقًا ﴿لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ نُقَوِّي قلبك ﴿وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا﴾ [الفرقان ٣٢] أي: أتينا به شيئًا بعد شيء بتمهُّلٍ وَتُؤَدَة لِتيسير فهمه وحفظه).
﴿كَذَلِكَ﴾ يعني: ينبغي أن تقف عند التلاوة على قوله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ [الفرقان ٣٢]، تقف لأنه إلى هنا انتهى كلام الكفار، ثم تبتدئ فتقول: ﴿كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ﴾؛ لأن هذا الأخير من كلام الله، فيجب الفصل بينه وبين كلام الكفار؛ لأنه جواب عن الشبهة.
وقوله: ﴿كَذَلِكَ﴾ مفعول لفعل محذوف، مفعول مطلق، يعني: أنزلناه مثل ذلك التنزيل.
واللام في قوله: ﴿لِنُثَبِّتَ﴾ للتعليل، وهي متعلقة بالفعل المحذوف، يعني: أنزلناه لأجل التثبيت.
والتثبيت معناه: التقوية والإقرار، يعني ليست مجرد تقوية؛ لأنك تقول: ثبت الشيء بمعنى: أقررته، لا يتزعزع ولا يتحرك، ومنه قوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ﴾ تميل ﴿إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا﴾ [الإسراء ٧٤]، فالتثبيت بمعنى التقوية، ويش بعد؟ والإقرار، يعني أنه يقرره ويجعله مستقرًّا. فقلب الرسول عليه الصلاة والسلام بهذا التنزيل يتقوى ويثبت ويستقر ما يتزعزع.
وقوله: ﴿لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ كيفية التثبيت هنا من وجهين:
أولًا: أنه إذا نزل عليه فترة بعد فترة، استقر فؤاده وعرف استمرار رسالته. وانظروا إلى حال النبي عليه الصلاة والسلام عند فترة الوحي ماذا كان يصنع؟ كان يخرج إلى الجبال حتى يوشك أن يتردى من الجبال؛ لأنه فقد ما كان أحس به أولًا، فهذا تثبيت، يثبت قلب الرسول بأنه رسول وأن رسالته لم تنقطع. هذا وجه.
وجه آخر: أنه يثبت قلب الرسول عليه الصلاة والسلام، كلما أورد عليه شبهة نزل القرآن مجيبًا عليها، وهذا بلا شك تثبيت ولَّا لا؟
* طالب: بلى.
* الشيخ: إذن يكون التثبيت هنا من ناحيتين: تثبيته على أنه رسول، وتثبيت آخر لدفع الشبهات التي تورد عليه. وهذا الأمر الأول ضربنا له مثلًا، أيش هو؟ بفترة الوحي.
والأمر الثاني نضرب له مثلًا بهذه الآية: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾، جاء الجواب: ﴿كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ﴾، ﴿وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ﴾ إلى آخره [الإسراء: ٩٠، ٩١]، ﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾ [العنكبوت ٥٠، ٥١]. فهذا وغيره كثير يكون من جملة تثبيت قلب الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنه إذا كان الإنسان يُمَدُّ بما يدافع عنه خصمه، فإن ذلك من أقوى ما يكون من التثبيت.
وهنا بين الله الحكمة بأنه تثبيت فؤاد الرسول عليه الصلاة والسلام، وفي آية قال: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا﴾ [الإسراء ١٠٦]، فبين حكمة أخرى وهي أن يقرأه النبي ﷺ على الناس على مكث ليكون أسهل لحفظه وأوعى لفهمه. أفهمتم؟ فما هي الحكمة في أن الله سبحانه وتعالى اختار في هذا الموضع أن يقول: ﴿لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ [الفرقان ٣٢]، وهناك قال: ﴿لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ﴾؟
الحكمة في هذا ظاهرة؛ لأنه هنا جوابًا لشبهة أوردت عليه، فناسب أن يبين الحكمة فيما يختص بالنبي ﷺ؛ لأنكم تعرفون أن البشر بشر يمكن يتأثر بما يورَد عليه من الشبهات؛ كما قال تعالى: ﴿وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا﴾ [الإسراء ٧٤]، مفهوم؟
وقوله تعالى: ﴿وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا﴾ [الفرقان ٣٢]، يقول المؤلف: (أَتَيْنَا بِهِ شَيْئًا بَعْد شَيْء)، وعلى هذا يكون هو معنى التنزيل، الترتيل بمعنى التنزيل. وعندي أن الترتيل أخص، يعني أن المعنى: جعلناه مرتلًا، يعني معناه: بعضه يعقب بعضًا، وكل آية منه منفصلة عن الأخرى. فكأن هذه الآيات كأنها مراحل للمسافر، والمسافر إذا كان له مراحل في سفره يهون عليه سفره، وتنقض هذه المراحل تعب سفره، لكن إذا كان دائمًا في مسير واحد يشق عليه. وكون النفس ترتاح للقرآن بسبب هذه الآيات والترتيل أمر معلوم، وتجزئة القرآن أيضًا لهذا السبب، كونه أجزاء لهذا السبب؛ لأجل أن يقطع الإنسان القرآن مرحلة مرحلة، فيهون عليه ويقوى في قراءته. وكذلك أيضًا جعله سورًا، كل سورة مستقلة عن الأخرى، هذا أيضًا من أسباب تنشيط القارئ واستمراره في قراءته.
إذن ترتيل القرآن بالآيات والسور، هذا مما يفيد القارئ ويكسبه نشاطًا وقوة على القرآن حفظًا وفهمًا.
وكذلك أيضًا من فوائد الترتيل أيضًا عملًا، من فوائد الترتيل أن العمل يأتي للناس شيئًا فشيئًا، ما ظنكم لو أن القرآن الكريم نزل جملة واحدة هكذا على الناس بجميع أحكامه؟ هل يستوعب الناس هذه الأحكام ويقومون بها ولَّا لا؟ ما يمكن، هذا صعب جدًّا، وليس من طريق التربية أو التنشئة، ولكن بحكمة الله سبحانه وتعالى كما هو شأن الله في كل شيء من الأمور القدرية والأمور الشرعية أنه ينشئها تنشئة، حتى الأمور الكونية تنشأ تنشئة، الجنين في بطن أمه كم يبقى؟ يبقى مدة، في بني آدم تسعة شهور، وغيرها من الدواب بحسبه. المهم أنه لا بد من تنشئة.
الليل والنهار يأتي دفعة واحدة؟
* طالب: لا.
* الشيخ: شيئًا فشيئًا، وهكذا الشرائع أيضًا تأتي إلى الناس شيئًا فشيئًا، لا سيما هذه الأمة، وإن كانت الأمم السابقة نزلت جملة واحدة، وهذا من الآصار والأغلال التي كانت عليهم؛ أن شرعهم ينزل جملة واحدة ويُلزمون به دفعة واحدة، لكن هذه الأمة من رحمة الله بها أنه رتل القرآن ترتيلًا حتى ينشئهم على الإسلام وعلى شريعة الله تنشئة شيئًا فشيئًا.
* طالب: طيب، ما وجه يعني الاستدلال، ماذا يريدون أن (...) النبي ﷺ إذا قال محمد أن القرآن لم ينزل جملة، فما هو العيب؟
* الشيخ: لا، العيب أنه ليس برسول؛ لأنه لو كان رسولًا لكان مثل غيره، ينزل عليه القرآن جملة، مثلما نزل على من سبقه جملة.
* الطالب: هذا هو؟
* الشيخ: نعم إي، هذا هو، هي شبهة في الحقيقة، ما هي بحجة، هي شبهة يريدون التمويه بها، وإلا فليس هذا إطلاقًا بشيء يمنع من صدق رسول الله ﷺ أنه يأتي بالوحي شيئًا فشيئًا، لكن هم يقولون هذا، بالإضافة إلى ما سبق في سورة النحل، حيث قالوا: ﴿إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ﴾ [النحل ١٠٣]، فهو عندهم إذا أضفت هذا إلى ما سبق كأنهم يقولون: هو يلقن القرآن تلقينًا، وإلا لنزل عليه جملة واحدة كغيره من الأنبياء.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: أيش لون؟
* الطالب: اعتراف بأن القرآن يعني: منزل من الله سبحانه وتعالى؟
* الشيخ: لا، ما اعترفوا.
* الطالب: يقولون: ﴿لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ [الفرقان ٣٢]؟
* الشيخ: إي، على حسب دعواهم.
* الطالب: على حسب دعواهم.
* الشيخ: إي، حيث يقولون: إنه نازل من عند الله، طيب (...) نزل عليك من الله جملة واحدة إن كنت صادقًا.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: أيهم؟
* الطالب: كونه مثلًا مرة يدعون أنه يعلمه بشر، ومرة يدعون أنه ينزل عليه من السماء (...)؟
* الشيخ: لا أصل (...)، هذا سؤال عبد الله.
* الطالب: إي.
* الشيخ: ليس إقرارًا منهم بالإنزال، لكن يقولون: هذا الذي يقول: إنه نزل عليه القرآن من الله (...) نزل عليه جملة واحدة. إي نعم، ما يقرون بهذا.
* الطالب: يقرون مثلًا (...).
* الشيخ: لا، ما فيه تناقض، أن هذا كلام ساحر يسحر الناس.
قال الله تعالى: (﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ﴾ في إبطال أمرك ﴿إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ﴾ الدافع له ﴿وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ [الفرقان ٣٣] بيانًا).
هذا من تثبيت قلب الرسول عليه الصلاة والسلام.
﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ﴾ [الفرقان ٣٣]، المراد بالمثل هنا الصفة؛ كما قال تعالى: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ﴾ [محمد ١٥]. والمثل كما تعرفون يطلق على الشبه، ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾ [البقرة ١٧]، ويطلق على الصفة أو الوصف العظيم العجيب: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ﴾ [محمد ١٥]، ويطلق على المثل المعروف بين الأدباء: وهو القول السائر الذي يراد به تشبيه الحال الواقع بما سبق أو ما أشبه ذلك.
المراد بالمثل هنا الصفة، يعني: ولا يأتونك بصفة من القول، يريدون بها إبطال دعوتك إلا جئناك بالحق، إذن فهم يأتون بباطل ولَّا بحق؟ بباطل؛ لأنه قابل قولهم بالحق، فهذا دليل أيضًا على أن كل شبهة يحتج بها المكذبون للرسول ﷺ فهي باطل، ولكن هذا الباطل باطل في ذاته، قد يظهر لبعض الناس بطلانه، وقد يخفى على بعض الناس بطلانه، وهذا من الفتن؛ فتنة الشبهة، يعني ليس كل ما كان باطلًا معلومًا لكل أحد، أليس كذلك؟ ولهذا أنت أحيانًا وأنت شخص واحد ينجلي لك الأمر واضحًا في بعض الحالات ويلتبس عليك في بعض الحالات حسب ما يكون قلبك صافيًا مطمئنًّا أو غير ذلك، ومن ثم نهي عن القضاء في حال الغضب، وعن (...) في حال الغضب، وفي حال الحر المزعج والبرد المؤلم وما أشبه ذلك؛ لأن الإنسان تحول هذه الأمور بينه وبين العلم بالحق أو إرادة الحق؛ لأنه عند الغضب يشتبه عليك الحق، أو ربما لا تريد الحق، تريد أن تنفذ غضبك فيمن غضبت عليه مثلًا.
فالحاصل يا جماعة الآن نقول: كل شبهة يوردها الكفار في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وفيما بعده فهي باطل، وما جاء أحد بباطل في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام إلا جاء الله بالحق.
وقوله: ﴿وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾، يقول المؤلف في ﴿تَفْسِيرًا﴾: (بيانًا)، ﴿وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ أي: بيانًا.
كيف ﴿وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾؟! يعني كلامهم الآن ما دام باطلًا فهل فيه بيان؟
الجواب: نعم؛ لأنهم يأتون بكلام جيد في فصاحته، وقد قال النبي ﷺ: «إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا»[[أخرجه البخاري (٥٧٦٧)من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.]]. لكن بيانهم هذا وفصاحتهم وسحرهم اللفظي يأتي الله تعالى بما هو أحسن منه.
وهنا (أحسن) على بابها ولَّا من باب مقابلة الخصم؟
* طالب: من باب مقابلة الخصم.
* طالب: على بابها.
* الشيخ: على بابها؛ لأنهم عندهم بيان وإيضاح للأمور وإيراد للشبه، وهم في غاية ما يكون من الفصاحة، ولهذا ما تحدى الله أحدًا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام بمثل ما تحداهم بالقرآن.
إذن فـ(أحسن) هنا على بابها، يعني أنهم يأتون بكلام حسن جدًّا وبين وواضح، ولكننا نأتيك بما هو أحسن وأبين وأوضح، وفي هذا من مدافعة الله تعالى عن رسوله ﷺ ما فيه.
﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ﴾ [الفرقان ٣٤]، يقول الشارح أو المفسر: (هُمُ ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ﴾ [الفرقان ٣٤])، فجعل ﴿الَّذِينَ﴾ خبر مبتدأ محذوف.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: (﴿وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ [الفرقان ٣٣] بَيَانًا)؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: لا، (هُمُ ﴿الَّذِينَ﴾ [الفرقان ٣٤]).
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: نعم؟
* طالب: (...) (بيان هم ﴿الَّذِينَ﴾ ).
* الشيخ: إي، لا، عندي أنا: (هم ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ﴾ ).
* طالب: أمسح اللام؟
* الشيخ: إي، امسح اللام.
طيب، (هُمُ ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ﴾ [الفرقان ٣٤])، يعني هؤلاء الذين كذبوك وعارضوا ما جئت به (هُمُ ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ﴾ أَيْ يُسَاقُونَ ﴿إِلَى جَهَنَّمَ﴾ [الفرقان ٣٤]). ولو قال المؤلف: ﴿يُحْشَرُونَ﴾ بمعنى: يجمعون؛ لأن الحشر بمعنى الجمع، يعني يبعثون – والعياذ بالله – يوم القيامة ﴿عَلَى وُجُوهِهِمْ﴾ [الفرقان ٣٤].
لكن كأنه لما عدي بقوله: ﴿إِلَى جَهَنَّمَ﴾ [الفرقان ٣٤] صار مضمنًّا لمعنى السوق، بمعنى يساقون، ولكنه لا مانع أن نقول: يحشرون ويساقون؛ لأن الفعل إذا ضُمن معنى فعل آخر ليس معناه أنه يسلب دلالته التي يدل عليها لفظه، بل يضاف إليه معنى آخر، فمثلًا: ﴿يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ﴾ [الإنسان ٦]، قلنا: إن ﴿يَشْرَبُ﴾ مضمن معنى يروى، يروى بها، وليس معنى ذلك أنه سلب معنى الشرب؛ لأنه لا ري إلا بعد الشرب. واضح؟ كذلك أيضًا لا سوق إلى جهنم إلا بعد الحشر اللي هو الجمع.
وقوله: (هُمُ ﴿الَّذِينَ﴾ [الفرقان ٣٤]) على رأي المؤلف، تكون (الذين) خبرًا لمبتدأ محذوف، ويكون ﴿أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا﴾ حالًا، جملة حالية، أو أنها مبتدأ وخبر مستأنف. ويحتمل أن تكون ﴿الَّذِينَ﴾ مبتدأ و﴿أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا﴾ الجملة خبر المبتدأ، فتكون من باب المبتدأ المخبر عنه بجملة.
وقوله: ﴿يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ﴾ [الفرقان ٣٤] كيف يمشون على وجوههم؟
نقول كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «الَّذِي أَمْشَاهُ فِي الدُّنْيَا عَلَى رِجْلَيْهِ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ فِي الْآخِرَةِ عَلَى وَجْهِهِ»[[أخرجه البخاري (٤٧٦٠) ومسلم (٢٨٠٦/٥٤) وأحمد –واللفظ له- (١٣٣٩٢) من حديث أنس رضي الله عنه]]، أليس كذلك؟ ليس ببعيد. وإذا كان المتكبرون يحشَرون يوم القيامة أمثال الذر يطؤهم الناس بأقدامهم[[عن جابر رضي الله عنهما، عن النبي ﷺ قال: «يبعث الله يوم القيامة ناسا في صور الذر، يطؤهم الناس بأقدامهم، فيقال: ما هؤلاء في صور الذر؟ فيقال: هؤلاء المتكبرون في الدنيا». ذكره الهيثمي في المجمع ١٠/٣٣٤ وقال: رواه البزار.]]، فالله على كل شيء قدير، إنسان بشر يمكن هو من أكبر الناس جثة في الدنيا وهو متكبر، إذا كان يوم القيامة يحشر أمثال الذر، والله تعالى على كل شيء قدير. وهذا مثال مما سبقت الإشارة إليه، بأن أحوال الآخرة لا تقاس بأحوال الدنيا.
طيب، إذا قيل: ما وجه العقوبة بحشرهم على وجوههم؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا.
* طالب: (...).
* الشيخ: نعم، كيف؟
* الطالب: لأن شبههم عادة (...)، فناسب أن يحشروا على وجوههم.
* الشيخ: طيب، ثانيًا.
* طالب: إهانة لهم (...).
* الشيخ: إهانة لهم؛ لأن الوجه أشرف الأعضاء، فإذا جعل هو محل الوطء فهذا إهانة. طيب، لكن ما هي الحكمة من ذلك؟ هو لا شك أن فيه إهانة وعذابًا؟
* طالب: لأنهم تكبروا على الحق (...) الإنسان وجهه (...).
* الشيخ: إي، مثل كلام سليمان. طيب، وغير؟
* طالب: لأنهم قلبوا الحقائق.
* الشيخ: إي، فقلبوا.
* الطالب: فقلبوا.
* الشيخ: طيب، كل هذه يعني وجوه محتملة. عندي بعدُ زيادة احتمال.
* طالب: لأن (...).
* الشيخ: إي نعم، هذا ما قاله عبد الله، ولما كانوا ينطقون بألسنتهم وهي في وجوههم صار العذاب عليها.
طيب، فيه أيضًا الإنسان يقبل على الشيء بوجهه ويعرض عنه بوجهه، فلما كان الوجه محل الإعراض والإقبال وهم قد أعرضوا، صار العذاب عليهم، كل هذه المعاني مناسبة، والله أعلم عاد بما أراد، وقد تكون كل هذه المعاني مقصودة.
* طالب: مع أن الوجه هو (...).
* الشيخ: لا، ما هو بعلى كل حال، لا، فيه مواطن أشد إحساسًا من الوجه.
على كل حال، هذه المعاني التي ذكرتم، هذه يمكن أن تكون كلها من أسباب أنهم يحشرون على وجوههم.
(﴿أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا﴾ هو جهنم ﴿وَأَضَلُّ سَبِيلًا﴾ [الفرقان ٣٤] أخطأ طريقا من غيرهم، وهو كفرهم).
﴿شَرٌّ مَكَانًا﴾، يعني منزلة، وهي جهنم. منين ﴿شَرٌّ مَكَانًا﴾؟ من كل أحد؛ لأنه ما ذكر المفضل عليه، وعدم ذكر المفضل عليه يفيد العموم، يعني ﴿شَرٌّ مَكَانًا﴾ من جميع الأمكنة ومن كل أحد.
﴿وَأَضَلُّ سَبِيلًا﴾ يعني: طريقًا عن الصواب، منين؟
* طالب: من كل أحد.
* الشيخ: من كل أحد.
فهؤلاء ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ﴾ والعياذ بالله، هم شر الناس منزلة، وهم أضل الناس طريقًا.
وقوله: ﴿إِلَى جَهَنَّمَ﴾، جهنم هذه اسم من أسماء النار، وأصلها من الجهمة، والنون فيها زائدة، وعلى هذا فوزنها: فَعَنَّل؛ لأن النون زائدة.
وسميت بهذا الاسم لأنها بعيدة القعر سوداء اللون، سوداء اللون بعيدة القعر، وهذا هو الجهمة والظلمة، نعوذ بالله منها.
﴿أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا﴾ [الفرقان ٣٤].
طيب، يستفاد من هذه الآية الكريمة:
* أولًا: حرص الكفار على إبطال ما جاء به الرسول ﷺ وإيراد الشبه عليه، من قوله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ [الفرقان ٣٢]، فإن هذه ليست حجة وإنما هي شبهة.
* وفيه أيضًا دليل على عناية الله برسوله ﷺ.
* طالب: برده على هؤلاء.
* الشيخ: بماذا؟ برده على هؤلاء.
* وفيه دليل على إثبات الحكمة في أفعال الله؟
* الطالب: ﴿لِنُثَبِّتَ﴾ [الفرقان ٣٢].
* الشيخ: ﴿لِنُثَبِّتَ﴾؛ لأن اللام للتعليل، والتعليل هو الحكمة، ففيه رد على طائفة من طوائف البدع، فمن هي هذه الطائفة؟
* طالب: الأشعرية.
* الشيخ: لا، الأشعرية ما أدري عنهم، لكن اللي أدري عنهم.
* الطالب: نفوا (...).
* طالب: الجهمية.
* الشيخ: إي نعم، لكن أصل هذا القول عند الجهمية المجبرة، عند المجبرة، يرون أن أفعال الله سبحانه وتعالى غير معللة، وأنه سبحانه وتعالى يخلق ويشرع، يخلق الخلائق أو الخلق ويشرع الشرائع لمجرد المشيئة لا لحكمة، ويستدلون بقوله تعالى: ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الأنبياء ٢٣]، ولكن أنى لهم ذلك من هذه الآية؟!
إذن، هذه الآيات تفيد بيان الحكمة من إنزال القرآن مفرقة، وأن أفعال الله تعالى معللة ومقرونة بالحكمة.
طيب، هذه الحكمة التي تكون لأفعال الله سبحانه وتعالى سواء كانت شرعية أو غير شرعية، هي معلومة ولَّا غير معلومة؟
منها ما هو معلوم ومنها ما هو مجهول لنا، ولكنها معلومة عند الله.
وفي هذا دليل على أن من الحكمة في إنزال القرآن تثبيت قلب الرسول عليه الصلاة والسلام، سواء كان ذلك تثبيتًا في تقرير الرسالة. أيش بعد؟
* طالب: (...) في رد الشبه.
* الشيخ: إي، أو تثبيتًا في رد الشبه التي تعرض عليه.
* وفي الآية دليل على أن كل ذي باطل نجد جواب باطله من القرآن، أو إن شئتم فقولوا ما هو أعم: نجد بيان باطله من الوحي المنزل على محمد ﷺ. منين نأخذه؟
﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ [الفرقان ٣٣]، ما من شبهة إلى يومنا هذا ترد إلا وفي كتاب الله وسنة رسوله ﷺ ما يدحضها، ولكن كما تعرفون ليس كل أحد يدرك ذلك، ولَّا لا؟ نعم، ليس كل أحد يدرك ذلك، فالسيف سيف في يد إنسان لا يغني شيئًا ولا ينفعه كالعصا أو أقل، وفي يد إنسان هو سيف بتار يضرب به ويقتل به. هكذا أيضًا الوحي المنزل على الرسول عليه الصلاة والسلام، ما كل أحد يعلمه، ولا كل أحد يستطيع إقامة الحجة منه، ولكن فضل الله يؤتيه من يشاء.
ولهذا «سئل علي رضي الله عنه: هل عهد إليكم رسول الله ﷺ بشيء؟ فقال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إلا فهمًا يؤتيه الله تعالى أحدًا في القرآن وما في هذه الصحيفة؛ العقل وفكاك الأسير وألا يقتل مسلم بكافر»[[أخرج البخاري (٣٠٤٧) عن أبي جحيفة رضي الله عنه، قال: قلت لعلي رضي الله عنه: هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله؟ قال: «لا والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة ما أعلمه، إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن، وما في هذه الصحيفة»، قلت: وما في الصحيفة؟ قال: «العقل، وفكاك الأسير، وألا يقتل مسلم بكافر».]].
فالحاصل أن الله سبحانه وتعالى يؤتي فضله من يشاء بالنسبة لفهم القرآن، وكم من آية تمر بشخص يستنبط منها عدة مسائل، وآخر لا يستطيع أن (...)، نعم، أن الإمام الشافعي رحمه الله استضاف الإمام أحمد ذات ليلة، فقدم إليه العشاء، الإمام أحمد قدم له العشاء، فأكل العشاء كله، كل العشاء اللي جابه أكله، ثم نام، اضطجع على فراشه ولم يقم لصلاة الليل، ثم قام إلى الفجر ولم يطلب وَضوءًا! فقالت إحدى بنات الإمام أحمد لأبيها: هذا الشافعي الذي كنت تقول عنه كيت وكيت، ما رأيناه عمل، وما رأيناه أيضًا اقتصر على ثلث لطعامه! فقال: آتيكم بالخبر، فسأل الشافعيَّ رحمه الله أولًا: لماذا أكل كل الطعام؟ فأجاب قال: إني لا أرى أحدًا في هذا البلد أحل طعامًا من الإمام أحمد، فأحببت أن يمتلئ بطني من هذا الطعام الحلال. هذه واحدة؛ إذن له غرض، والشبع أحيانًا جائز ولَّا لا؟
* طالب: جائز.
* الشيخ: جائز، «أبو هريرة شرب اللبن، وقال له النبي عليه الصلاة والسلام: «اشْرَبْ»، فقال: والذي بعثك بالحق لا أجد له مساغًا»[[أخرجه البخاري (٦٤٥٢) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: لا أجد له مسلكا. ]]. ولكننا نحن نحدث أنفسنا بالحديث عند كل أكلة، كل أكلة نقول مثلما قال أبو هريرة! هذا عارض، والعوارض كثيرة.
وسأله: لماذا لم يقم الليل؟ فقال: إني كنت أتدبر قول النبي ﷺ: «يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟»[[متفق عليه؛ البخاري (٦١٢٩) ومسلم (٢١٥٠/٣٠) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.]]، وإني استنبطت من الحديث ألف فائدة.
وأما كوني أصلي بدون وضوء الفجر، فأنا ما نمت، أتدبر هذا الحديث.
فالحاصل أن الناس يختلفون في فهم الكتاب والسنة واستنباط الأحكام من الكتاب والسنة؛ ولهذا تجد بعض الناس يجيب لك الآية ويسوق فوائدها، يمكن يحصل خمسًا، عشر فوائد، حسب ما في الآية، وآخر بدل خمس خمسين، وفضل الله يؤتيه من يشاء. (...)
إي نعم، لكن عاد ما أظنه أخذه من لفظ الحديث فقط، الله أعلم أنه كلما رأى فائدة جر حديثًا آخر يدل عليها ثم استنبط منها. (...)
﴿لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ [الفرقان ٣٢].
* طالب: (...) يقول: لماذا أنزل عليه القرآن جملة واحدة؟
* الشيخ: كيف إتيان الشبهة؟
* الطالب: لأن الأمم السابقة كانت.
* الشيخ: الرسل.
* الطالب: الرسل السابقون كانت تنزل عليهم الكتب دون (...).
* الشيخ: أحسنت، ﴿لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾.
طيب، هذا التعبير ﴿نُزِّلَ﴾، مع أن المعروف أن ﴿نُزِّلَ﴾ لما ينزل شيئًا فشيئًا، وهنا قال: نُزِّل جملةً، فكيف يصح أو كيف يكون التوفيق بين ﴿نُزِّلَ﴾ و﴿جُمْلَةً﴾؟
* طالب: (...).
* الشيخ: تأتي بمعنى (أنزل).
* الطالب: (...).
* الشيخ: يعني (نزل) و(أنزل) معناهما واحد، مثل، نظيره من الأفعال أن المضعف يكون بمعنى المهموز، من عنده خبر؟
* الطالب: (احمرَّ) و(احتَمَر).
* الشيخ: لا، سبحان الله أنت جبت نصف الجواب، من عنده خبر؟
* طالب: (أخبره).
* الشيخ: (أخبر) و(خبَّر).
طيب، زين، هذا وجه، الوجه الثاني؟
* طالب: الوجه الثاني أن (...)، أي: هذا التنزيل لو نزل يكون جملة.
* الشيخ: يعني باعتبار؟
* الطالب: باعتبار (...).
* الشيخ: إي، الواقع يعني؟ باعتبار الواقع وجملة باعتبار المطلوب.
طيب، هل أجاب الله عن هذه الشبهة؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: نعم، بماذا؟
* الطالب: بقوله تعالى: ﴿لِنُثَبِّتَ﴾ [الفرقان ٣٢].
* الشيخ: أجاب الله تعالى بأنه أنزله كذلك ليثبت فؤاد النبي ﷺ، تمام.
تثبيت الفؤاد بماذا؟
* طالب: بما ينزل عليه من (...).
* الشيخ: إي نعم، لكن كيفيتها؟ أو وجهه؟
* طالب: بأحد أمرين.
* الشيخ: إي نعم.
* الطالب: إما (...) ترد عليه.
* الشيخ: إي.
* الطالب: والأمر الثاني (...).
* الشيخ: إي، تثبيت الفؤاد من وجهين؛ أولًا؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: نعم.
* الطالب: الثاني (...).
* الشيخ: تطمين الرسول عليه الصلاة والسلام باستمرار الرسالة، مثلما كان عليه الصلاة والسلام لما فتر الوحي كان حزن شديدًا وصار يخرج إلى الجبال يترقب هذا الوحي.
في هذه الآية بين الله أن الحكمة من إنزاله مفرقًا التثبيت، وقد ذكر في آية أخرى فائدة ثانية، نقول: ذكر الله أن الفائدة من النزول مفرقًا التثبيت، في آية أخرى ذكر فائدة أخرى؟
* طالب: (...)؟
* الشيخ: نعم (...).
* الطالب: لأن هذا في مقابل سؤالهم عن سبب نزوله.
* الشيخ: لا.
* الطالب: أو معارضة القرآن بأنه نزل مفرقًا.
* الشيخ: في مقابلة إيراد شبهة عن النبي عليه الصلاة والسلام قد تؤثر عليه، نعم، فجاء بيان الحكمة هذه وللتثبيت.
* طالب: أن يكون المعنى ﴿فَرَقْنَاهُ﴾ [الإسراء ١٠٦] (...)؛ هذه العلة.
* الشيخ: إي نعم.
في هذه الآيات الكريمة ذكرنا أن فيها ردًّا على طائفة من أهل البدع، ينكرون شيئًا من أعظم صفات الله، وهي، ما هي التي ينكرون من صفات الله؟
* طالب: الوجه.
* الشيخ: ينكرون أي شيء؟
* طالب: إثبات الحكمة من الله تعالى (...).
* الشيخ: ينكرون الحكمة، وفي الآية رد عليهم، بماذا؟
* الطالب: ﴿كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ [الفرقان ٣٢].
* الشيخ: لا، يعني أريد أن تبين لي الكلمة اللي فيها الرد، ما هو بكل الآية؟
* الطالب: ﴿كَذَلِكَ﴾.
* الشيخ: لا.
* الطالب: اللام من ﴿لِنُثَبِّتَ﴾.
* الشيخ: اللام للتعليل، ﴿لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ﴾، والتعليل معناه الحكمة.
طيب، بين الله سبحانه وتعالى أن المكذبين للرسول ﷺ، أن أي شبهة يوردونها ولو كانت بأعظم بيان فإن الله تعالى يقابلها بما هو أشد وأعظم.
* طالب: (...) ذلك من قوله تعالى: ﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ [الفرقان ٣٣].
* الشيخ: أيش بمعنى: ﴿بِمَثَلٍ﴾؟
* الطالب: ﴿بِمَثَلٍ﴾ أي: بالصورة يعني من الشبه التي (...).
* الشيخ: إي، بصفة من القول يريدون بها إبطال ما جئت به ﴿إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾، إي نعم.
فيما سبق ما يدل على إثبات البعث؟
* طالب: ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ﴾.
* الشيخ: إي، ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ﴾ [الفرقان ٣٤].
{"ayahs_start":32,"ayahs":["وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لَوۡلَا نُزِّلَ عَلَیۡهِ ٱلۡقُرۡءَانُ جُمۡلَةࣰ وَ ٰحِدَةࣰۚ كَذَ ٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِۦ فُؤَادَكَۖ وَرَتَّلۡنَـٰهُ تَرۡتِیلࣰا","وَلَا یَأۡتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئۡنَـٰكَ بِٱلۡحَقِّ وَأَحۡسَنَ تَفۡسِیرًا","ٱلَّذِینَ یُحۡشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ إِلَىٰ جَهَنَّمَ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ شَرࣱّ مَّكَانࣰا وَأَضَلُّ سَبِیلࣰا"],"ayah":"ٱلَّذِینَ یُحۡشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ إِلَىٰ جَهَنَّمَ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ شَرࣱّ مَّكَانࣰا وَأَضَلُّ سَبِیلࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق