الباحث القرآني
ثم قال تعالى: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾، وقبلها بآيات ذكّرهم الله بهذا، قال: ﴿اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾، فهل أنعم الله على بني إسرائيل نعمًا؟ نعم، نعمًا كثيرة جدًّا، لكنهم كفروها، ومن أراد مزيد علم في هذا الأمر فليقرأ كتاب إغاثة اللهفان لابن القيم رحمه الله فإنه بيّن ما أعطى الله هؤلاء من النعم، وكشف أسرارهم وهتك أستارهم رحمه الله.
وقوله: ﴿اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾، ﴿نِعْمَتِيَ﴾ اسم مفرد لكنه مضاف فيفيد العموم، والمراد بتذكّرها ليس أن يذكر الإنسان أن الله أنعم عليه بكذا أو أنعم عليه بكذا، بل المراد أن يقوم بشكر هذه النعمة، وشكر النعمة هو العمل الصالح، والدليل على أن شكر النعمة هو العمل الصالح قول النبي ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾، وقال في الرسل ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾ »[[أخرجه مسلم (١٠١٥ / ٦٥) من حديث أبي هريرة.]]، فقال: ﴿اعْمَلُوا صَالِحًا﴾ بإزاء قول الله للمؤمنين اشكروا نعمة الله.
وقوله: ﴿الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾، فيها إظهار المنة لله عليهم؛ حيث إن هذه النعمة من نعم الله عز وجل أنعم بها عليهم، وأيضًا ﴿وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾، وهذا رفعة الجاه وعلو المنزلة، وخصه بالذكر؛ لأنه أعظم النعم؛ فإن المراتب أفضل من العطاء، انظر إلى سورة البينة ذكر الله في الكفار من المشركين وأهل الكتاب، ذكر الله جزاءهم قبل أن يثني عليهم بالسوء فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾ [البينة ٦]. أما المؤمنون فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [البينة ٧، ٨]؛ لأن علو المرتبة والمنزلة أعظم من كل نعيم، وهنا قال: ﴿وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾، فعطف هذا الخاص على العام؛ لأن تفضيله إياهم على العالمين من نعمه، لكنه خصه بالذكر بعد التعميم إشارة إلى أهميته، إن الله تعالى فضلهم على العالمين، والعالمون تطلق ويراد بها جميع الخلق، ومن ذلك قول الله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة ٢]، المراد بالآية؟ هنا ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ من المراد بهم؟
* طالب: جميع العالمين.
* الشيخ: جميع العالمين، تمام، طيب، وهنا ﴿الْعَالَمِينَ﴾ لا يراد بها كل العالم قطعًا؛ لأن الله قال لهذه الأمة: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران ١١٠]، إذن المراد بالعالمين مَن سبقهم، أو عالمي زمانهم، ففيها احتمالات؛ أما عالم زمانهم فقطعًا أن الله فضلهم على العالمين، وأما هذه الأمة فنقطع بأنها لم تفضل عليهم، وأن هذه الأمة أفضل منهم، وأما مَن سبقهم فمحل تردد، محل تردد، فلدينا الآن ثلاثة احتمالات، الأول: هل فُضِّلوا على هذه الأمة؟ قطعًا لا، ثانيًا: هل فُضلوا على عالم زمانهم من آل فرعون وغيرهم؟ قطعًا نعم، ثالثًا: هل فضلوا على من سبقهم من العالمين؟ هذا عندي محل تردد، يحتمل أن يكون فُضلوا عليهم، ويحتمل أن لا، على كل حال حتى إذا قلنا: فضلوا على عالم زمانهم فهو نعمة كبيرة عليهم أن يشكروا الله عليها.
* في هذه الآية الكريمة في خطاب بني إسرائيل بالذات إشارة إلى بلاهتهم، وأنهم لن يصحوا إلا بالخطاب المباشر: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾.
* ومن فوائدها أيضًا- من فوائد الآية الكريمة -: أنه يجب على بني إسرائيل أن يذكروا نعمة الله عليهم فيقوموا بشكرها، ومن شكرها أن يتبعوا من؟ محمدًا ﷺ.
* ومن فوائدها، فوائد الآية الكريمة: إظهار أن هذه النعمة لم تأت بكسبهم ولا بكدهم، ولا إرثًا عن آبائهم، إنما هي بأيش؟ بنعمة الله عليهم، ﴿أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾ ففيها إظهار المنة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن بني إسرائيل أفضل العالم في زمانهم؛ لقوله: ﴿وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾.
* ومن فوائدها: أن الله تعالى إذا فضل أحدًا بعلم أو مال أو جاه فإن ذلك من النعم العظيمة؛ لقوله: ﴿وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾، خصّها بالذكر لأهميتها.
* ومن فوائد الآية الكريمة: تفاضل الناس، وأن الناس درجات، وهذا أمر معلوم، حتى الرسل يفضَّل بعضهم على بعض، كما قال تعالى: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [البقرة ٢٥٣]، وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ﴾ [الإسراء ٥٥]، فبماذا يكون الفضل؟ يكون الفضل أولًا هو منة من الله عز وجل، وقد لا تدرك العقول لماذا فضل الله هؤلاء على هؤلاء، لكن المعنى الشامل أن كل من آتاه الله علمًا وإيمانًا وعملًا صالحًا فإن هذا سبب لتفضيله، قال الله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة ١١].
{"ayah":"یَـٰبَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ ٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَتِیَ ٱلَّتِیۤ أَنۡعَمۡتُ عَلَیۡكُمۡ وَأَنِّی فَضَّلۡتُكُمۡ عَلَى ٱلۡعَـٰلَمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق