الباحث القرآني
ثم قال: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [البقرة ٤٠]، إسرائيل هو من؟
* الطلبة: يعقوب.
* الشيخ: يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، فجده إبراهيم، وإسماعيل أبوه إبراهيم، وأولاده أولاد عم لبني إسرائيل، ولهذا كان العرب وبنو إسرائيل كانوا بني عم يحصل بينهم الفتن والعداوة والبغضاء، ومن ثم حسدوا -أعني بني إسرائيل- العرب لما كان محمدًا ﷺ منهم.
﴿اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة ٤٠]، اذكروها بقلوبكم، واذكروها بألسنتكم، واذكروها بأعمالكم، وذلك لأن الشكر يكون بالأمور الثلاثة: بالقلب واللسان والجوارح.
وقوله: ﴿نِعْمَتِيَ﴾ مفرد مضاف فيعم جميع النعم، وقد أنعم الله تعالى على بني إسرائيل بنعم كثيرة، فضّلهم على العالمين، قال لهم موسى عليه الصلاة والسلام: ﴿يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ [المائدة ٢٠].
وقوله: ﴿الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾، قد يقول قائل: يُغني عنها قوله: ﴿نِعْمَتِيَ﴾، فنقول: نعم، هو من حيث الإغناء يغني، لكن ذِكرها فيه بيان كمال امتنان الله عز وجل، حيث قال: ﴿أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾ وبلفظ الفعل الدال على إحداث هذه النعم، وأنه لولا أن الله عز وجل هو الذي منّ بها ما حصلت لهم.
﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ [البقرة ٤٠]، ﴿أَوْفُوا﴾ أي: ائتوا به وافيًا، وعهده سبحانه وتعالى أنه عهد إليهم أن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويؤمنوا برسله، كما قال تعالى: ﴿لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ [المائدة ١٢] هذا عهد الله ﴿لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾.
﴿أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾، ما هو عهد الله لهم؟ الذي عاهدهم إذا وفوا بعهده أن يوفي به، ﴿لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [المائدة ١٢]، فلو وفوا بعهد الله لوفى الله لهم بعهده.
﴿وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ فيها إشكال من حيث الإعراب، أولًا (ارهبون) أصلها (ارهبوني) بالياء، وهي محذوفة من أجل مراعاة الفواصل، فإذا كانت (ارهبون) قد أخذت معمولها فأين العامل في ﴿إِيَّايَ﴾؟ من أجاز أن يتسلط العامل على معمولين فلا إشكال عنده، لكن من لم يُجز فهذا إشكال، يقال: إنه يقدَّر العامل في ﴿إِيَّايَ﴾ بحسب السياق، ويمكن أن نقول: خافوا إياي، ارهبوا إياي، ﴿فَارْهَبُونِ﴾، وأما الفاء في قوله: ﴿فَارْهَبُونِ﴾ فقيل: إنها لتحسين اللفظ، والرهبة هي الخوف المشعِر بازدياد التأثر مما خافه؛ لأنك تشعر بأنها تدل على رقة، وعلى أن هذا الخوف خوف مؤثر.
﴿وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ﴾ [البقرة ٤١]، قوله: ﴿وَآمِنُوا﴾ معطوف على قوله: ﴿اذْكُرُوا﴾.
﴿بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ﴾، وهو القرآن، أنزله الله على محمد ﷺ، وقوله: ﴿مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ﴾، ما الذي معهم؟ التوراة بالنسبة لليهود، والإنجيل بالنسبة للنصارى، فإن الله تعالى قد بيّن في التوراة والإنجيل وصف محمد ﷺ بيانًا كاملًا حتى صاروا يعرفونه كما يعرفون أبناءهم.
وقوله: ﴿مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ﴾، أي: لما ذُكر من أوصافه ﷺ وأوصاف القرآن الذي يأتي به، وكذلك أيضًا و﴿مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ﴾ [البقرة ٩١] شاهد لها بالصدق، فصار تصديق القرآن لها من وجهين: الوجه الأول أنه وقع مطابقًا لما أخبرت به، والوجه الثاني أنه قد شهد لها بالصدق، فالقرآن يدل دلالة واضحة على أن الله أنزل التوراة وأنزل الإنجيل، وهذا شهادة لها بأنها صدق، وكذلك التوراة والإنجيل قد ذكرت القرآن، وذكرت محمدًا ﷺ، فإذا وقع الأمر كما أخبرت صار ذلك تصديقًا لها، طيب، ولهذا لو حدّثتك بحديث فقلت أنت: صدقت، ثم وقع ما حدثتك به مشهودًا تشاهده بعينك، صار الوقوع هذا تصديقًا أيضًا.
﴿وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾ [البقرة ٤١]، يعني: لا يليق بكم وأنتم تعلمون أنه حق أن تكونوا أول كافر به، ولا يعني ذلك كونوا ثاني كافر، لا، المعنى أنه لا يليق بكم أن تكونوا أول كافر وأنتم تعلمون أنه حق.
وفي قوله: ﴿تَكُونُوا﴾ الضمير ضمير جمع، و﴿أَوَّلَ كَافِرٍ﴾ (كافر) مفرد، فكيف يصح أن نخبر بالمفرد عن الجماعة؟ قال المفسرون: إن تقدير الكلام: أول فريق كافر به؛ لأن الخطاب لبني إسرائيل عمومًا وهم جماعة، يعني لا تكونوا أول فريق كافر به؛ لأنه لا يليق بكم وأنتم تعلمون أنه حق أن تكونوا أول المكذِّبين، فكان عليكم أن تكونوا أول مؤمن به.
﴿وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ [البقرة ٤١]، ﴿تَشْتَرُوا﴾ غير (تشروا)؛ لأن (تشروا) بمعنى تبيعوا، (تشتروا) بمعنى تأخذوا بالشراء.
وقوله: ﴿بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ يعني: بذلك الجاه والرئاسة، وما أشبه ذلك؛ لأن بني إسرائيل إنما كفروا يريدون الدنيا، ولو أنهم اتبعوا محمدًا ﷺ لكانوا في القمة ولأوتوا أجرهم مرتين، لكن حسدًا وابتغاء لبقاء الجاه والشرف وأنهم هم أهل الكتاب حسدوا النبي ﷺ فلم يؤمنوا به.
وقوله: ﴿ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ يدل على أن ما كان من أمر الدنيا فهو قليل، مهما تعاظمه الإنسان فإنه ليس بشيء بالنسبة للآخرة.
﴿وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ﴾ [البقرة ٤١] نقول في إعراب (فاتقون) كما قلنا في: ﴿إِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾، أما التقوى فهي اتخاذ وقاية من عذاب الله عز وجل بفعل أوامره واجتناب نواهيه، ففي الآية الأولى ﴿إِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ أمر بالتزام الشريعة وأن لا يخالفوها عصيانًا، وفي قوله: ﴿اتَّقُونِ﴾ أمر بالتزام الشريعة وأن لا يخالفوها لا في الأمر ولا في النهي.
قال: ﴿وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة ٤٢]، ﴿تَلْبِسُوا﴾ أي: تخلطوا، فهم كانوا يأتون بشبهات تشبه على الناس، فيقولون مثلًا: محمد حق لكنه يُبعث في الأميين لا لجميع الناس، فيلبسون الحق بالباطل؛ لأن الذي يسمع مثل هذا الكلام لا يقول: إن بني إسرائيل كفروا بمحمد، بل آمنوا به، وكفروا، لكن إذا لبّسوا على الناس وقالوا: إن محمدًا عربي مرسل إلى العرب وأتوا بمثل قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا﴾ [الجمعة ٢] شبّهوا ولبّسوا على الناس.
قال: ﴿وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة ٤٢] هنا الواو هل هي عاطفة أو واو المعية؟ تحتمل معنيين، يعني يحتمل المعنى: لا تلبسوا الحق بالباطل ولا تكتموا الحق وأنتم تعلمون، ويحتمل لا تلبسوا الحق بالباطل مع كتمان الحق، لكن على هذا التقدير يبقى إشكال، وهو أن قوله: ﴿لَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ﴾ يقتضي أنهم يذكرون الحق والباطل، فيقال: نعم، هم وإن ذكروا الحق والباطل فقد كتموا الحق في الحقيقة؛ لأنهم لبّسوه بالباطل فبقي خفيًّا، فيبقى الآن يبقى جواز أن تكون الواو عاطفة وأن تكون واو المعية.
﴿وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ أي: تعلمون أن الحق فيما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام، وأنكم مبطلون في كتمانكم إياه.
﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة ٤٣]. ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ هذا عام لكل الصلوات؛ الفريضة والنافلة، وإيتاء الزكاة يعني إعطاءها مستحقها، وهي المال الذي أوجبه الله تعالى، بل الجزء أو القسط الذي أوجبه الله تعالى في الأموال الزكوية.
﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ مَن الراكعون؟ الراكعون هم هذه الأمة، يعني صلوا معهم مع صلاتهم والتزموا بأحكامهم وشرائعهم.
* ففي هذه الآيات فوائد، منها: أن الله تعالى يوجه الخطاب للمخاطب، إما لكونه أوعى من غيره، وإما لكونه أولى أن يمتثل، وهنا وجّهه لهم؛ لأنهم أولى أن يمتثلوا؛ لأن عندهم من العلم برسالة النبي ﷺ وأنها حق ما ليس عند العرب، العرب جهّال ليس عندهم علم.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن التذكير أو تذكير العبد بنعم الله عليه؛ لقوله: ﴿اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾.
فهل هذا من وسائل الدعوة إلى الله؛ بمعنى أننا إذا أردنا أن ندعو شخصًا نذكّره بالنعم؟ الجواب: نعم، نذكره بالنعم؛ لأن هذا أدعى لقبول الحق، وأدعى لكونه يحب الله عز وجل، ومحبة الله تحمل العبد على أن يقوم بطاعته.
* من فوائد الآية الكريمة: أن لله المنة في إنعامه على هؤلاء؛ لقوله: ﴿الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾، وقد ذكرت لكم قبل قليل أنه ذكرها بالفعل؛ لأنها متجددة حادثة ليست من كسب هؤلاء.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن من وفى لله بعهده وفى الله له؛ لقوله: ﴿أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾، و﴿أُوفِ﴾ كما تعلمون جواب الطلب في قوله: ﴿أَوْفُوا بِعَهْدِي﴾، ولهذا جاءت مجزومة بحذف حرف العلة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن من نكث بعهد الله فإنه يعاقَب بحرمانه ما رتّب الله تعالى على الوفاء بالعهد، وذلك لأن المنطوق في الآية: أن من وفى لله وفى الله له، فيكون مفهوم: من لم يَفِ فإنه يعاقب ولا يعطى ما وُعد به.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: وجوب الوفاء بالنذر؛ لأن الناذر معاهد لله، كما قال الله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [التوبة ٧٥]، فالناذر معاهد لله تعالى.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: وجوب إخلاص الرهبة لله؛ لقوله: ﴿إِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾.
* ومن فوائدها أن الرهبة عبادة؛ لأن الله تعالى أمر بها وأمر بإخلاصها.
فإن قال قائل: هل يجوز أو هل ينافي التوحيد أن يخاف الإنسان من سبُع أو من عدو؟ لا، هذا لا ينافي التوحيد، ولهذا وقع من الرسل؛ إبراهيم لما جاءه الضيوف ولم يأكلوا، أيش؟ أوجس منهم خيفة، وموسى عليه الصلاة والسلام لما ألقى السحرة حبالهم وعصيهم، أيش؟ أوجس منهم خيفة، وكذلك أيضًا الخوف الطبيعي مما تقتضيه الطبيعة، ولو قلنا للإنسان: إنك إذا خفت من أحد سوى الله خوفًا طبيعيًّا لكنت مشركًا، لو قلنا بذلك لكان هذا من تكليف ما لا يطاق؛ لأن خوف الإنسان خوف طبيعي غريزي، كل إنسان يخاف مما يخشى منه الضرر.
فإن قال قائل: لو منعه هذا الخوف من واجب عليه، هل يُنهى عنه أو لا؟ قلنا: نعم يُنهى عنه؛ لأن الواجب عليه يستطيع أن يقوم به، إلا إذا جاء الشرع بالعفو عنه في هذه الحال، فإذا جاء الشرع بالعفو عنه في هذه الحال فلا حرج عليه في هذا الخوف، قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران ١٧٥]. ولكن إذا كان في الشرع رخصة لك أن تخالف ما أمر الله به في هذه الحال فلا بأس، ولهذا لو كان الإنسان يريد أن يصلي صلاة الفريضة وحوله جدار قصير، ويخشى إن قام أن يتبين للعدو، فهل يصلي قاعدًا؟ نعم يصلي قاعدًا، وهذا لأن الله تعالى عفا عنه، قال الله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن ١٦]، ولو كان العدو أكثر من مثلَي المسلمين هل يلزمهم أن يصابروهم، أو يجوز أن يفروا؟ يجوز أن يفروا، فالمهم أن الخوف الطبيعي لا يلام الإنسان عليه إلا إذا تضمن ترك ما أوجب الله، فإذا لم يتضمن ذلك فهو لا يُلام عليه.
* ومن فوائد الآية التي بعدها: أنه يجب على بني إسرائيل أن يؤمنوا بالقرآن الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام؛ لقوله: ﴿وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ﴾.
* ومن فوائدها: أن الكافر مخاطَب بالإسلام، وهذا مجمَع عليه، لكن هل يخاطب بفروع الإسلام؟ فيه تفصيل: إن أردت بالمخاطبة أنه مأمور أن يفعلها فلا؛ لأنه لا بد أن يُسلم أولًا ثم يفعلها ثانيًا، ولهذا قال النبي ﷺ لمعاذ بن جبل: «فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ محمدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ أَجَابُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٣٩٥)، ومسلم (١٩/٣١) من حديث ابن عباس.]]. طيب، إذن هم لا يخاطَبون بالفعل، يعني لا يقال: افعلوا، فلا نقول لكافر: تعال صلّ، بل نأمره أولًا بأيش؟ بالإسلام. وإن أردت بالمخاطبة أنهم مخاطبون بالفروع أنهم يعاقَبون عليها إذا ماتوا على الكفر، فهذا صحيح، ولهذا يقال للمجرمين: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ﴾ [المدثر ٤٢ - ٤٧]. يعني هذا دأبهم حتى ماتوا، ووجه الدلالة من الآية أنه لولا أنهم كانوا مخاطبين بالفروع لكان قولهم ﴿لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ﴾ عبثًا لا فائدة منه.
* طالب: شيخ بارك الله فيكم، ما مدى صحة قول بعض أهل العلم أن موسى عليه السلام في الآية التي ذكرت خوفه خاف أن يفتتن الناس ولم يخف هو لأنه على الحق؟
* الشيخ: لا، غلط.
* الطالب: باطل أو لا؟
* الشيخ: باطل، هذا القول باطل، والآية تبطله، ﴿قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى﴾ [طه ٦٨]، وهذا يدل على أنه خاف منه.
* طالب: شيخ ﴿وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ إذا قدرنا محذوفًا صار في الآية إشكال.
* الشيخ: وهو؟
* الطالب: التقدير: وخافوا إياي.
* الشيخ: وإياي خافوا.
* الطالب: إياي خافوا فارهبون.
* الشيخ: فارهبون.
* الطالب: الفاء هنا موقعها؟
* الشيخ: الفاء قالوا: إنها لتحسين اللفظ.
* الطالب: و﴿ارْهَبُونِ﴾ تكون معطوفة على خافوا؟
* الشيخ: إذا قدرنا (خافوا) فهنا قد نقول: إنها لا يصح أن تكون لتحسين اللفظ.
* الطالب: تكون عاطفة؟
* الشيخ: تكون عاطفة، لكن إذا قلنا: إنه يجوز أن يتوجه العامل على معمولين صارت لتحسين اللفظ.
* الطالب: حتى وإن قلنا أنها عاطفة.
* الشيخ: نعم.
* الطالب: إياي خافوا فارهبوا.
* الشيخ: نعم.
* الطالب: فتكون الفاء هنا..
* الشيخ: عاطفة، يعني فإذا خفتم مني فارهبون، نعم.
* طالب: إذا دخل الكافر المسجد..
* الشيخ: أيش؟ المسجد، نعم.
* الطالب: (...) الصلاة؟
* الشيخ: إي نعم، نقول: صل، لكن لا نقول: صل، على أنا نلزمه، فإذا قلنا: صل، وقال: إنه غير مسلم، نتركه، لكننا نقول: لا تبق عند المسجد؛ لأن في هذا إحراج للمسلمين وتحديًا لهم، أما أن نلزمه نقول: ادخل صلّ، وهو يقول: أنا كافر، ما نلزمه.
* الطالب: (...).
* الشيخ: نعم، أيش؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: هذا شيء يرجع للمسؤول عن هذا.
* طالب: شيخ، قوله تعالى: ﴿وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾، ما يحسن أن تكون الواو حالية؟
* الشيخ: قوله: ﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ حال، الواو حالية، الجملة كلها حالية.
* الطالب: واو المعية؟
* الشيخ: لا، في قوله: ﴿تَكْتُمُوا﴾، واو المعية في قوله: ﴿وَتَكْتُمُوا﴾، نعم.
* طالب: (...) من يخاف من العين أو الجن (...)؟
* الشيخ: من يخاف من العين أو من الجن يقال له: استعمل الأوراد النافعة مثل آية الكرسي والآيتين الأخيرتين في سورة البقرة، ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾، ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾، ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾. وأنا أقول لك: إن خفت من الجن فإنهم سوف يعتدون عليك، ولهذا أكثر ما يصاب الإنسان من الجن إذا كان يخاف منهم، فإياك إياك، لا إذا كنت في مكان مظلم تخاف أبدًا، استعن بالله ولا يهمنك.
* طالب: الوضوء مشروع لمن يريد الصلاة، إذا جاء واحد مثلًا إلى المسجد لغرض آخر غير الصلاة مثل المراجعة وهكذا، هل نقول يعني بالوضوء؟
* الشيخ: أردت أن تصلي فتوضأ، أما إذا أردت أن تأتي للمراجعة فليس عليك واجب.
* الطالب: كيف الجلوس في المسجد؟
* الشيخ: نعم، يجلس لأنه على غير وضوء، فقول الرسول: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ»[[متفق عليه؛ البخاري (١١٦٣)، ومسلم (٧١٤/٦٩) من حديث أبي قتادة.]] معلوم أنه مخاطب من هو على وضوء.
* * *
* طالب: ﴿وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (٤١) وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤٢) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة ٤١ - ٤٣].
* الشيخ: قول الله تبارك تعالى: ﴿أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ ما هو عهد الله وما هو عهدهم؟
* طالب: عهد الله إليهم أن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويعزروا الرسل.
* الشيخ: طيب، وعهدهم؟
* الطالب: وعهد الله إذا فعلوا ذلك أن يدخلهم الجنة ويكفر سيئاتهم.
* الشيخ: أحسنت، أين وجدت ذلك؟
* الطالب: في سورة المائدة.
* الشيخ: ما هي الآية؟
* الطالب: في قوله تعالى: ﴿وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ﴾ [المائدة ١٢].
* الشيخ: ﴿وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا﴾ [المائدة ١٢].
* الطالب: ﴿وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ [المائدة ١٢].
* الشيخ: أحسنت، طيب، قوله: ﴿وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ ذكرنا لها إعرابًا فيما سبق، فمن يعرف الإعراب؟
* طالب: مفعول لفعل (...).
* الشيخ: نعم على رأي من يرى جواز معمولين لعامل واحد، طيب رأي آخر؟
* طالب: أن يكون ﴿إِيَّايَ﴾ معمولًا لفعل محذوف.
* الشيخ: نعم.
* الطالب: يقدم على حسب السياق فنقول: خافوا إياي، أو: ارهبوا إياي.
* الشيخ: هذا إعراب آخر يقول إن ﴿إِيَّايَ﴾ مفعول لفعل محذوف يقدر، أي إياي ارهبوا، أو إياي احذروا، أو ما أشبه ذلك، طيب هل هناك فرق بين الرهبة والخوف؟
* طالب: إي نعم، الرهبة تكون من شيء عظيم (...).
* الشيخ: والخوف؟
* الطالب: الخوف (...).
* الشيخ: الخوف معلوم، نعم.
* الطالب: الرهبة هي الخوف لكنه يزيد عن الخوف العادي الطبيعي بأن التأثير ممن خافه.
* الشيخ: ممن خافه.
* الطالب: أما الخوف فهو الخوف العادي المعروف.
* الشيخ: طيب، أولًا يجب أن نعرف أن الانفعالات النفسية لا يمكن تعريفها أبدًا، أي إنسان يحاول أن يعرف الانفعالات النفسية ما يستطيع، لو قيل لك مثلًا: ما هي المحبة؟ تقدر تعرفها؟ لو قيل: ما هي الكراهة؟ أيش؟ ما هو الخوف؟ هذه يقول ابن القيم رحمه الله في كتاب روضة المحبين، يقول: لا يمكن للانفعالات النفسية أن تعرَّف أبدًا بأكثر من لفظها. وهذا صحيح. طيب قوله: ﴿أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾، إذا قال قائل: الركوع من إقامة الصلاة، فهل في الآية تكرار؟
* طالب: ليس فيها تكرار وإنما ما دام أمرهم بأداء الصلاة أمرهم أن يؤدوها جماعة مع المؤمنين من أمة محمد ﷺ.
* الشيخ: تمام بارك الله فيك، إذن الأمر الثاني ليس هو الأمر الأول، وإن كان في الحقيقة أن إقامة الجماعة من إقامة الصلاة لكنها نص عليها لأهميتها، طيب، قوله تعالى: ﴿لَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ﴾، إعراب ﴿وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ﴾ ما إعرابها؟
* طالب: معطوف.
* الشيخ: معطوف على أيش؟
* الطالب: اللي قبلها.
* الشيخ: ويش اللي قبلها، معطوف على اللي قبلها، ما الذي قبلها؟
* الطالب: ﴿لَا تَلْبِسُوا﴾.
* الشيخ:﴿لَا تَلْبِسُوا﴾، طيب إذن كتمان الحق يكون منهيا عنه كما نُهي عن تلبيس الحق، فكم يكون المنهي عنه الآن؟ اثنان هما؟
* طالب: لبس الحق بالباطل وكتم الحق.
* الشيخ: لبس الحق بالباطل وكتم الحق، طيب فيه وجه آخر؟
* طالب: فيه جملة حالية.
* الشيخ: لا.
* طالب: أن الواو هنا للمعية.
* الشيخ: أن الواو للمعية، على هذا يكون المنهي عنه كل واحد منهي على انفراد أو ماذا؟
* طالب: تلبسوا الحق وتكتموا الحق..
* الشيخ: يعني المنهي عنه الجمع بينهما؟ لا يُنهى عن إفراد كل واحد، طيب، أيهما أولى من حيث المعنى؟
* طالب: أن يكون النهي عن كل واحد بانفراده.
* الشيخ: أن يكون النهي عن كل واحد بانفراده؛ لأنه إذا نُهي عن كل واحد بانفراده؟
* الطالب: لأنه إذا نهى عنهما يكون جمع بينهما.
* الشيخ: فيكون الجمع بينهما يكون أبلغ، نعم طيب بارك الله فيك.
نأخذ الفوائد الآن، آخر ما كتبنا؟ على قوله: ﴿وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾؟ نعم.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: أن من اشترى بآيات الله ثمنًا قليلًا ففيه شبه من اليهود، فالذين يقرؤون العلم الشرعي من أجل الدنيا يكون فيهم شبه من اليهود؛ لأن اليهود هم الذين يشترون بآيات الله ثمنًا قليلًا، وفي الحديث عن النبي ﷺ: «مَنْ طَلَبَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ لَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يَنَالَ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ»[[أبو داود (٣٦٦٤)، وابن ماجه (٢٥٢)، وأحمد (٨٤٥٧) من حديث أبي هريرة.]].
وحينئذ يُشكِل على كثير من الطلبة أولئك القوم الذين يُقبِلون يزفون إلى الجامعات وإلى المدارس يريدون بهذا الشهادة، فهل يكونون ممن اشتروا بآيات الله ثمنًا قليلًا؟ الجواب: حسب النية، إذا كان الإنسان لا يريد من ذلك إلا أن يتوظف ويعيش، فهذا اشترى بآيات الله ثمنًا قليلًا، وعلامة ذلك أنه لا يهمه إلا أن يصل إلى هذه المرتبة ولو على حساب العلم والشرع، وأما إذا كان لا يريد ذلك، إنما يريد أن يصل إلى المرتبة التي ينالها بالشهادة من أجل أن يتبوأ مكانًا ينفع به المسلمين، فهذا لم يشترِ بآيات الله ثمنًا قليلًا؛ لأن المفاهيم الآن تغيرت، وصار الإنسان يوزَن بما معه من بطاقة الشهادة، واضح؟ إذن نقول لهؤلاء الذين يزفون إلى الجامعات: لا عليكم إذا كنتم لا تريدون بذلك الدنيا المحضة، وإنما تريدون أن تتبوؤوا مكانًا تنفعون به عباد الله.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن جميع ما في الدنيا قليل، ويشهد لهذا قوله تعالى: ﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ [النساء ٧٧].
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن شرائع الله من آياته؛ لقوله: ﴿بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا﴾، وهم -أعني اليهود- يبيعون الدين بالدنيا، ووجه كون الشرائع من آياته أنها تدل على حكمته عز وجل، وتأتي على أكمل الوجوه، بخلاف ما يسنه البشر؛ فإنه ناقص، أولًا: لنقص علم البشر وعدم إحاطتهم.ثانيًا: لخفاء المصالح عليهم، فقد يظن ما هو مصلحة وليس مصلحة، فقد يظن ما ليس بمصلحة مصلحة.ثالثًا: أننا لو قدرنا أن هذا الرجل الذي سن النظام أو القانون من أعقل الناس وأعلم الناس بأحوال الناس فإن علمه هذا محدود، محدود في زمانه، ومحدود في مكانه، أما في زمانه فظاهر؛ لأن الأمور تتغير، قد يكون المصلحة للبشر في هذا الزمن كذا وكذا، وفي زمن آخر خلافه، في المكان أيضًا، قد يكون هذا التشريع الذي سنّه البشر مناسبًا لأحوال هؤلاء الأمة في مكانه، ولكن في أمة أخرى لا يصح.ولهذا ضل كثير من المسلمين مع الأسف الشديد في أخذ القوانين الغربية وتطبيقها على مجتمع إسلامي؛ لأن هناك فرقًا بين المجتمعات الأوروبية الكافرة وبين المجتمعات الإسلامية، ولا يمكن أن نطبق ما يصلح لحال أولئك على ما لا يصلح لحال المسلمين، هذا إذا قلنا إنه صالح في مكانه، فكيف إذا لم يكن صالحًا في مكانه؟ والعجب أن بعض الناس -نسأل الله العافية- تجدهم قد مشوا على قوانين شُرعت من عشرات السنين، وأهلها الذين شرّعوها قد عدَلوا عنها، فصار هؤلاء كالذين يمشمشون العظام بعد أن تُرمى في الزبالة، وهذا شيء واضح، هناك قوانين شُرعت لقوم كفار ثم تغيرت الحال فغيروها، ثم جاء بعض المسلمين إلى هذه القوانين القشور الملفوظة وصاروا يتنشنشونها، هل يدخل في قوله: ﴿لَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا﴾؟ نعم يدخل في هذا، نعم.
* ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب تقوى الله عز وجل، وإفراده بالتقوى، نعم؛ لقوله: ﴿وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ﴾، فإن قال قائل: أليس الله يأمرنا أن نتقي الوقت الذي فيه العذاب أحيانًا، وأن نتقي العذاب أحيانًا؟ فقال عز وجل: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ﴾ [البقرة ٢٨١]، وقال: ﴿وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران ١٣١]، وقال: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾ [الأنفال ٢٥] فكيف الجمع؟
نقول: كل هذه الأشياء التي أُمرنا باتقائها اتقاؤها من تقوى الله؛ لأنها مخلوقة لله عز وجل، فاتقاؤها من تقوى الله عز وجل.
* ومن فوائد الآية التي بعدها ﴿وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ﴾: وجوب بيان الحق وتمييزه عن الباطل، فيقال: هذا حق وهذا باطل، ولا يلبِّسه على الناس؛ لقوله: ﴿وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ﴾.
ومِن لبْس الحق بالباطل أولئك القوم الذين يورِدون الشبهات إما على القرآن أو على أحكام القرآن ثم لا يَحُلونها، لو أنهم يوردون الشبهة ويحلونها لكان أهون، مع أن إيراد الشُّبَه وإن حُلّت إذا لم تكن مشتهرة بين الناس ليس من المصلحة، انتبه لهذه النقطة، إيراد الشبه ولو حللتها إذا لم تكن مشتهرة بين الناس غلط، وذلك لأنك إذا فتحت الشبهة لم يكن عندك يقين أن تزيلها بما ذكرت من حلول، أحيانًا ترد الشبهة على القلب وتورَد الحلول لها لكن لا يطمئن الإنسان إلى هذه الحلول فتبقى الشبهة، ولو سلم الإنسان منها لكان خيرًا.
* من فوائد الآية الكريمة: أنه ليس هناك إلا حق وباطل، حق وباطل، وإذا تأملت القرآن والسنة وجدت أن الأمر كذلك، قال الله: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ﴾ [الحج ٦٢].
وقال الله تعالى: ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [سبأ ٢٤]. وقال تعالى: ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ﴾ [يونس ٣٢]، وقال تعالى: ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف ٢٩]، وقال النبي ﷺ: «الْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ»[[أخرجه مسلم (٢٢٣/١) من حديث أبي مالك الأشعري.]]، ما في شيء لا حق ولا باطل، إما حق وإما باطل.
فإن قال قائل: أليس هناك مرتبة بين الواجب والمحرّم وبين المكروه والمندوب وهو المباح؟ قلنا: بلى، لا شك في هذا، لكن المباح نفسه لا بد أن يكون وسيلة إلى شيء، فإن لم يكن وسيلة إلى شيء صار من قسم الباطل، كما جاء في الحديث: «كُلُّ لَهْوٍ يَلْهُو بِهِ ابْنُ آدَمَ فَهُوَ بَاطِلٌ إِلَّا لَعِبُهُ فِي رُمْحِهِ، وَمَعَ أَهْلِهِ، وَفِي فَرَسِهِ»[[أخرجه الترمذي (١٦٣٧)، وابن ماجه (٢٨١١) من حديث عقبة بن عامر بلفظ: «وَكُلُّ مَا يَلْهُو بِهِ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ بَاطِلٌ إِلَّا رَمْيَهُ بِقَوْسِهِ، وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ، وَمُلَاعَبَتَهُ امْرَأَتَهُ ...».]].
وهذه الأشياء الثلاثة إنما استُثنيت لأنها مصلحة، كلها تعود إلى مصلحة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: تحريم كتمان الحق؛ لقوله: ﴿وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ﴾، ولكن هل يقال: إن الكتمان لا يكون إلا بعد طلب؟ الجواب: نعم، الكتمان لا يكون إلا بعد طلب، لكن الطلب نوعان: طلب بلسان المقال، وطلب بلسان الحال، فإذا جاءك شخص يقول: ما تقول في كذا وكذا؟ فهذا طلب أيش؟ بلسان المقال، وإذا رأيت الناس قد انغمسوا في محرّم فطلب بيانه بلسان الحال، وعلى هذا فيجب على الإنسان أن يبين المنكر ولا ينتظر حتى يُسأل، وإذا سئل وكتم لأنه لا يعلم فلا إثم عليه؛ لقوله تعالى: ﴿وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾، أما إذا كان لا يعلم وقال: والله لا أدري، فلا بأس، هذه واحدة، إذا كان لا يعلم فالواجب أن يسكت، يقول: لا أعلم.
ثانيًا: إذا رأى من المصلحة أن لا يبين فلا بأس، لا بأس أن يكتم، مثل كما جاء في حديث علي بن أبي طالب: «حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُرِيدُونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ»[[أخرج البخاري (١٢٧) بلفظ: أتحبون أن يكذب الله ورسوله.]]، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «إِنَّكَ لَنْ تُحَدِّثَ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً»[[أخرجه مسلم في المقدمة (٥) بمعناه.]]، فإذا رأيت من المصلحة أن لا تبين فلا تبين، ولا لوم عليك. ثالثًا: إذا كان قصد السائل الامتحان، أو قصده تتبع الرخص وأنت تعلم هذا، فلك أن تمتنع، وأن تقول: لا أخبرك، الامتحان أن يأتي إليك وتعرف أن الرجل يعرف المسألة، لكن سألك لأجل أن يمتحنك: هل أنت تعرفها أو لا؟ أو يريد أن يأخذ منك كلامًا ليَشِي به إلى أحد وينقله إلى أحد، فلك أن تمتنع، كذلك إذا علمت أن الرجل يتتبع الرخص، فيجي يسألك يقول: سألت فلان وقال: هذا حرام، وأنت تعرف أن المسؤول رجل عالم ليس جاهل، فحينئذ لك أن تمتنع وتقول: لا أجيبك، أما إذا كان المسؤول رجلًا تعرف أنه ليس عنده علم، إما من عامة الناس أو من طلبة العلم الذين لم ينضجوا، فحينئذ لو قال: إني مستفتٍ فلانًا، أفته؛ لأنه لا حرمة لفتواه، لكن إذا أفتاه رجل عالم تعرف أنه مثلك في العلم أو أكبر منك، فلك أن تقول: لا أفتيك؛ لأن هذا السائل يتتبع الرخص في الغالب، أما لو قال لك: والله أنا سألت فلانًا، لكني كنت أطلبك ولم أجدك، وللضرورة سألت فلانًا، لكن لما جاء الله بك الآن أفتني، فحينئذ تفتيه أو لا؟ أفتيه؛ لأن حال هذا الرجل كأنه يقول: أنا لا أطمئن إلا لفتواك، وحينئذ يلزمك أن تفتيه حتى لو استفتى إنسانًا أعلم منك وأنت تعرف أن الرجل لا يثق إلا بكلامك لا بد أن تفتيه، إذن كتمان الحق متى يتحقق؟
* الطلبة: بعد الطلب.
* الشيخ: بعد الطلب، بلسان الحال أو بلسان المقال، وذكرنا صورًا يجوز فيها عدم البيان، لكن إما لمصلحة أو دفع مضرة.
* طالب: شيخ، بارك الله فيكم، بعض الناس يسأل وليس قصده العلم ولا شيء من هذا الذي ذكرنا في الدرس، لكن يا شيخ قصده تحاج ويّا بعض أصحابه، حتى ليس من باب حصول الحق إنما من باب المجادلة، وهذا يدخل في مجالس الناس اليوم، يقول: والله اتحجينا أنا وفلان اليوم ويش رأيك؟
* الشيخ: هذا أيضًا يقول أحيانًا يكون جدال بين الناس، ويجي إنسان يستفتيك ليس قصده أن يصل إلى العلم الشرعي حتى يعمل به أو لا، لكن قصده المغالبة، أن يغلب صاحبه، فالظاهر لي أن هذا للوجوب أقرب، أن هذا للوجوب أقرب؛ لأجل أن ينتشر الحق؛ لأنه إذا بقي في معترك بين الناس ما تبين الحق.
* طالب: شيخ أحسن الله إليكم، أحيانًا الإنسان يُسأل وهو في منطقة ليست فيها علماء، وإذا أراد العامة أن يسألوا عن كل سؤال يطرأ عليهم العلماء يعسر عليهم اتصالهم، فهل لهؤلاء الطلبة الذين ما بلغوا في العلم يعني المبلغ المطلوب أن يفتوهم بما يعرفونه؟
* الشيخ: نعم، لهم أن يفتوهم بما يعرفونه، يجب عليه، «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً»[[أخرجه البخاري (٣٤٦١) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.]]، فمثلًا هذا الطالب الذي لم يصل إلى حد ما في العلم يعرف مثلًا من كلام العالم الفلاني الذي هو عالم فيفتي به.
* الطالب: أن يقيس أو أن يعني يجتهد بعض الاجتهاد، فهذا (...) جدًّا لأن المسائل تتجدد.
* الشيخ: على كل حال يقول: اسأل غيري، هو في عافية، ما دام ما تأكد ما يجب عليه، يجب عليه أن يفتي بما لا يعلم؟!
* طالب: إذا خشي أن يكون السائل للامتحان، فهل يجيب بخلاف الحق؟
* الشيخ: بخلاف الحق؟ لا، سبحان الله! يعني يكون شيء حلال هو يقول: هذا حرام؟
* الطالب: لا، أي مسألة يعني..
* الشيخ: خلاف الحق هذا هو، الحق أن هذا حلال يقول: هذا حرام، الحق أن هذا غير واجب ويقول: هذا واجب.
* * *
* طالب: ﴿﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٤٤) وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (٤٥) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (٤٦) يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (٤٧) وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨)﴾ ﴾ [البقرة: ٤٤ - ٤٨]
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾، الخطاب هنا لبني إسرائيل من أول قوله: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾، وبنو إسرائيل هم اليهود والنصارى؛ لأن إسرائيل هو ابن إسحاق بن إبراهيم، فبنوه هم اليهود والنصارى.
يقول عز وجل: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾، أقيموها أي: ائتوا بها مستقيمة، وهذا كما أمر الله به بني إسرائيل أمر الله به هذه الأمة، والصلاة هنا يشمل الفريضة والنافلة.
﴿وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ أعطوا الزكاة، وكما يعلم النحاة منكم أن (آت) تنصب مفعولين، التي بمعنى أعطي تنصب مفعولين، المفعول الأول هنا (الزكاة) والمفعول الثاني: محذوف، والتقدير: أهلها أو من يستحقها، ﴿آتُوا الزَّكَاةَ﴾، والزكاة هي التعبد، أو هي المال المدفوع امتثالًا لأمر الله إلى أهله من أموال مخصوصة معروفة وهي: الذهب، والفضة، وبهيمة الأنعام، والخارج من الأرض، عروض التجارة فيها خلاف طويل عريض بين علماء المسلمين، ولكن الصحيح أن الزكاة فيها واجبة.
﴿آتُوا الزَّكَاةَ﴾ وسُمي بذل المال زكاة؛ لأنه يزكي النفس ويطهرها، قال الله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة ١٠٣].
﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ أي: صلوا مع المصلين، وإنما قلنا ذلك؛ لأنه لا يُتعبد لله بركوع مجرد، يعني لو أن إنسان أراد أن يتعبد لله بركوع مجرد قلنا: هذا بدعة، فالمراد إذن: صلوا مع المصلين، واعلم أن التعبير عن العبادة بجزء منها يدل على أن هذا الجزء من أركانها ومن بنيتها ولا يمكن أن تصح بدونه، والتعبير بالجزء عن الكل معروف في اللغة العربية، في القرآن الكريم ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ [النساء ٩٢]، والمراد عبد، المراد العبد التام، لكن كما رأيتم الرقبة لا يمكن أن يبقى البدن بدونها، فهل يصح أن نقول: تحرير أصبع؟ لا؛ لأن الأصبع قد يُفقد ويبقى البدن، هنا نقول: ﴿ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ أي: صلوا مع المصلين، ولا يمكن أن يعبَّر بالركوع عن الصلاة إلا والركوع جزء لا يتجزأ منها ولا بد منه.
* في هذه الآية الكريمة: دليل على أن الصلاة واجبة على الأمم السابقة، وأن فيها ركوعًا، كما أن في الصلاة التي في شريعتنا ركوع، وقد دل على ذلك أيضًا قول الله تعالى لمريم: ﴿يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [آل عمران ٤٣]، فعلى الأمم السابقة صلاة فيها ركوع وسجود.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الأمم السابقة أيضًا عليهم زكاة؛ لأنه لا بد من الامتحان بالزكاة، فإن من الناس من يكون بخيلًا، بذْل الدرهم عليه أشد من شيء كثير، فيُمتحن العباد بإيتاء الزكاة وبذل شيء من أموالهم حتى يُعلم بذلك حقيقة إيمانهم، ولهذا سميت الزكاة صدقة، لماذا؟ لأنها تدل على صدق إيمان صاحبها.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: وجوب صلاة الجماعة؛ لقوله: ﴿ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾، هكذا استدل بها بعض العلماء، لكن هذا الاستدلال قد يكون فيه مناقشة، وأنه لا يلزم من المعية المصاحبة في الفعل، ولهذا قيل لمريم: ﴿اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾، والنساء ليس عليهن جماعة، وعلى هذا فنقول: الاستدلال بهذه الآية على وجوب صلاة الجماعة فيه شيء من النظر، ثم نُردف هذا القول بأنه لا ينبغي عند المناظرة أن تأتي بدليل يمكن أن يمنع الاستدلال به خصمُك؛ لأن هذا يدل على ضعفك، وربما تضعف عن دليل قوي لا يستطيع دفعه لأنك ضعفت في هذا الدليل فتنكسر قوتك، وانظر إلى محاجة إبراهيم حين قال له الرجل: ﴿أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ﴾ [البقرة ٢٥٨]، ما جادله، لم يقل: أنت تحيي وتميت لكن ما تستطيع أن تحيي الميت أو تميت الحي، إنما تفعل الأسباب، عدل عن ذلك وقال أيش؟ ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ﴾ [البقرة ٢٥٨].
فالمهم أنا أقول لكم: في باب المناظرة لا تأتوا بدليل هَشّ فيستنصر به خصمكم، ربما تجادلون أحدًا في باب الصفات، باب صفات الله في العقيدة فتأتون بدليل هش فيستطيل به عليكم خصمكم، لا تأتوا إلا بدليل لا يمكن الخصم أن يفك عقدته، إذن لا نسلّم أن الآية هذه تدل على وجوب صلاة الجماعة لكن الحمد لله وجوب صلاة الجماعة بأدلة أخرى ظاهر.
{"ayahs_start":40,"ayahs":["یَـٰبَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ ٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَتِیَ ٱلَّتِیۤ أَنۡعَمۡتُ عَلَیۡكُمۡ وَأَوۡفُوا۟ بِعَهۡدِیۤ أُوفِ بِعَهۡدِكُمۡ وَإِیَّـٰیَ فَٱرۡهَبُونِ","وَءَامِنُوا۟ بِمَاۤ أَنزَلۡتُ مُصَدِّقࣰا لِّمَا مَعَكُمۡ وَلَا تَكُونُوۤا۟ أَوَّلَ كَافِرِۭ بِهِۦۖ وَلَا تَشۡتَرُوا۟ بِـَٔایَـٰتِی ثَمَنࣰا قَلِیلࣰا وَإِیَّـٰیَ فَٱتَّقُونِ","وَلَا تَلۡبِسُوا۟ ٱلۡحَقَّ بِٱلۡبَـٰطِلِ وَتَكۡتُمُوا۟ ٱلۡحَقَّ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ","وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱرۡكَعُوا۟ مَعَ ٱلرَّ ٰكِعِینَ"],"ayah":"وَءَامِنُوا۟ بِمَاۤ أَنزَلۡتُ مُصَدِّقࣰا لِّمَا مَعَكُمۡ وَلَا تَكُونُوۤا۟ أَوَّلَ كَافِرِۭ بِهِۦۖ وَلَا تَشۡتَرُوا۟ بِـَٔایَـٰتِی ثَمَنࣰا قَلِیلࣰا وَإِیَّـٰیَ فَٱتَّقُونِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق