﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا تَدَایَنتُم بِدَیۡنٍ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمࣰّى فَٱكۡتُبُوهُۚ وَلۡیَكۡتُب بَّیۡنَكُمۡ كَاتِبُۢ بِٱلۡعَدۡلِۚ وَلَا یَأۡبَ كَاتِبٌ أَن یَكۡتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ ٱللَّهُۚ فَلۡیَكۡتُبۡ وَلۡیُمۡلِلِ ٱلَّذِی عَلَیۡهِ ٱلۡحَقُّ وَلۡیَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُۥ وَلَا یَبۡخَسۡ مِنۡهُ شَیۡـࣰٔاۚ فَإِن كَانَ ٱلَّذِی عَلَیۡهِ ٱلۡحَقُّ سَفِیهًا أَوۡ ضَعِیفًا أَوۡ لَا یَسۡتَطِیعُ أَن یُمِلَّ هُوَ فَلۡیُمۡلِلۡ وَلِیُّهُۥ بِٱلۡعَدۡلِۚ وَٱسۡتَشۡهِدُوا۟ شَهِیدَیۡنِ مِن رِّجَالِكُمۡۖ فَإِن لَّمۡ یَكُونَا رَجُلَیۡنِ فَرَجُلࣱ وَٱمۡرَأَتَانِ مِمَّن تَرۡضَوۡنَ مِنَ ٱلشُّهَدَاۤءِ أَن تَضِلَّ إِحۡدَىٰهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحۡدَىٰهُمَا ٱلۡأُخۡرَىٰۚ وَلَا یَأۡبَ ٱلشُّهَدَاۤءُ إِذَا مَا دُعُوا۟ۚ وَلَا تَسۡـَٔمُوۤا۟ أَن تَكۡتُبُوهُ صَغِیرًا أَوۡ كَبِیرًا إِلَىٰۤ أَجَلِهِۦۚ ذَ ٰلِكُمۡ أَقۡسَطُ عِندَ ٱللَّهِ وَأَقۡوَمُ لِلشَّهَـٰدَةِ وَأَدۡنَىٰۤ أَلَّا تَرۡتَابُوۤا۟ إِلَّاۤ أَن تَكُونَ تِجَـٰرَةً حَاضِرَةࣰ تُدِیرُونَهَا بَیۡنَكُمۡ فَلَیۡسَ عَلَیۡكُمۡ جُنَاحٌ أَلَّا تَكۡتُبُوهَاۗ وَأَشۡهِدُوۤا۟ إِذَا تَبَایَعۡتُمۡۚ وَلَا یُضَاۤرَّ كَاتِبࣱ وَلَا شَهِیدࣱۚ وَإِن تَفۡعَلُوا۟ فَإِنَّهُۥ فُسُوقُۢ بِكُمۡۗ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۖ وَیُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمࣱ﴾ [البقرة ٢٨٢]
يقول الله عز وجل:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ﴾ سبق لنا أن تصدير الحكم بالنداء يدل على العناية به؛ لأن النداء للتنبيه ولا ينبه إلى على شيء هام، وتقدم لنا أيضا أنه إذا وجه الخطاب للمؤمنين فإن فيه فوائد:
أولا الإغراء والحث، كأنه يناديهم بصفة إيمانهم الذي يحملهم على امتثال الأمر واجتناب النهي.
ثانيا: أن الالتزام بهذا من مقتضيات الإيمان.
ثالثا: أن المخالفة فيه مما ينقص الإيمان، هذه ثلاث فوائد فيما إذا وجه الخطاب إلى من؟ إلى المؤمنين، ويذكر عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال:
«إِذَا قالَ الله تعالى: يَا أيُّها الّذِينَ آمَنُوا فأَرْعِهَا سَمْعَكَ -يعني: استمع لها- فإمَّا خيرٌ تُؤْمَرُ به، وإِمَّا شَرٌّ تُنْهَى عنْهُ »(١).
يقول الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ﴾، والإيمان في اللغة أخص من التصديق؛ لأنه إيمان (...) تقول: آمنت له، والمخبر به تقول: آمنت به،
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ إذن الإيمان شرعًا هو الإقرار المستلزم للقبول والإذعان، للقبول قبول أيش؟ قبول الخبر وقبول الحكم أيضا، أقبل أن هذا فرض أو أن هذا سنة أو ما أشبه ذلك، والإذعان يعني الاستسلام والانقياد، فمن صدق بدون قبول فليس بمؤمن، فأبو طالب مثلًا مصدق برسالة النبي عليه الصلاة والسلام، لكن لم يكن مؤمنا؛ لأنه لم يقبل ولم يذعن.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ ﴿تَدَايَنْتُمْ﴾ هذه تدل على فعل واقع من اثنين مثل تشارك وتقاتل وتساب وتخاصم وما أشبه ذلك، أي: إذا داين بعضكم بعضا، والمداينة تطلق على الدين المعروف، وعلى المكافآت
«مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ»(٢) و
«كَمَا تَدِينُ تُدَانُ»(٣)، فلهذا أكد بقوله:
﴿بِدَيْنٍ﴾ حتى يخرج المكافآت، يعني: إذا أعطيتك وأعطيتني هذا مداينة؛ لأني عملت وكوفئت وعليه يتنزل عليه قولهم: كما تدين تدان، لكن لما قال:
﴿بِدَيْنٍ﴾ رفع هذا الاحتمال وصار المراد ما يثبت في الذمة، يعني: إذا تعاملتم معاملة فيها دين، والدين كل ما يثبت في الذمة وضده العين، فإذا بعتك هذه الحقيبة بهذا المسجل هذا دين ولَّا غير دين؟ هذا عين ليس بدين، وإذا بعتك هذه الحقيبة بعشرة ريالات لم أعينها، فهذا عين ودين، المبيع عين والثمن دين، طيب يقول:
﴿تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ﴾ إذن الدين كلما ثبت في الذمة فهو دين، ثمن المبيع الذي لم يعين دين، الأجرة دين، القرض دين، الصداق دين، المهم كل ما ثبت في الذمة فإنه دين، خلافًا للمفهوم من الدين عند العامة، عند العامة أن الدين هو التورق، وليس كذلك، بل التورق فرد من أفراد الديون، فالدين إذن كل ما ثبت في الذمة من ثمن مبيع أو أجرة أو صداق أو قرض، قرض يعني سلف، أو غير ذلك.
وقوله:
﴿إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ أي إلى غاية محدودة، الأجل الغاية التي ينتهي إليها الشيء،
﴿مُسَمًّى﴾ يعني: معين محدود مثل: بعت عليك هذا الشيء بعشرة ريالات إلى شهر رجب، هذا أجل مسمى..؟
طالب:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ﴾ [البقرة ٢٨٢].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾.هذه الآية الكريمة أطول آية في كتاب الله، وهي كما تشاهدون في المعاملات بين الخلق، وأقصر آية في كتاب الله؟
﴿ثُمَّ نَظَرَ﴾ [المدثر ٢١]؛ لأنها ستة أحرف.
* طالب: طه.
* الشيخ: إي نعم، لا الحروف الهجائية هذه أظن فيها أقصر من طه، ن، ص، لكن نريد الحروف غير الهجائية، ﴿ثُمَّ نَظَرَ﴾، إذن أطول آية آية الدين، وأقصر آية: ﴿ثُمَّ نَظَرَ﴾، وأجمع آية للحروف الهجائية كلها آيتان في القرآن فقط، آيتان في القرآن جمعتا جميع الحروف الهجائية.
* طالب: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ﴾ [الفتح ٢٩].
* الشيخ: نعم، هذه واحدة ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾ إلى آخر الآية هذه جمعت جميع حروف الهجائية، الثانية؟
* طالب: ﴿ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ﴾ [آل عمران ١٥٤].
* الشيخ: نعم، ﴿ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ﴾ في آل عمران ﴿مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا﴾، هذه فيها جميع الحروف الهجائية، لكن الآية التي معنا مع طولها لا تشتمل على جميع حروف الهجائية.يقول الله عز وجل:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ﴾ سبق لنا أن تصدير الحكم بالنداء يدل على العناية به؛ لأن النداء للتنبيه، ولا ينبه إلا على شيء هام، وتقدم لنا -أيضًا- أنه إذا وجه الخطاب للمؤمنين فإن فيه فوائد:
أولًا: الإغراء والحث، كأنه يناديهم بصفة إيمانهم الذي يحملهم على امتثال الأمر واجتناب النهي.
ثانيًا: أن الالتزام بهذا من مقتضيات الإيمان.
ثالثًا: أن المخالفة فيه مما ينقص الإيمان، هذه ثلاث فوائد فيما إذا وجه الخطاب إلى من؟ إلى المؤمنين، ويذكر عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال:
«إذا قالَ الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فأرْعِهَا سمْعَك » -يعني: استمع لها-
«فإمَّا خيرٌ تُؤمَرُ به، وإمَّا شَرٌّ تُنهَى عنه »(٤).
يقول الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ﴾، والإيمان في اللغة أخص من التصديق؛ لأنه إيمان (...) تقول: آمنت له، والمخبر به تقول: آمنت به.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ إذن الإيمان شرعًا هو: الإقرار المستلزم للقبول والإذعان، للقبول قبول أيش؟ قبول الخبر وقبول الحكم أيضًا، أقبل أن هذا فرض أو أن هذا سنة أو ما أشبه ذلك، والإذعان يعني: الاستسلام والانقياد، فمن صدق بدون قبول فليس بمؤمن، فأبو طالب مثلًا مصدق برسالة النبي عليه الصلاة والسلام، لكن لم يكن مؤمنا؛ لأنه لم يقبل ولم يذعن.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ ﴿تَدَايَنْتُمْ﴾ هذه تدل على فعل واقع من اثنين، مثل تشارك وتقاتل وتساب وتخاصم وما أشبه ذلك، أي: إذا داين بعضكم بعضًا، والمداينة تطلق على الدين المعروف وعلى المكافآت
«مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ»(٥)، و
«كََمَا تَدِينُ تُدَانُ»(٦)؛ فلهذا أكد بقوله:
﴿بِدَيْنٍ﴾ حتى يخرج المكافآت، يعني: إذا أعطيتك وأعطيتني هذه مداينة؛ لأني عملت وكوفئت، وعليه يتنزل عليه قولهم: كما تدين تدان، لكن لما قال:
﴿بِدَيْنٍ﴾ رفع هذا الاحتمال، وصار المراد ما يثبت في الذمة، يعني: إذا تعاملتم معاملة فيها دين، والدين: كل ما يثبت في الذمة، وضده العين، فإذا بعتك هذه الحقيبة بهذا المسجل هذا دين ولَّا غير دين؟ هذا عين ليس بدين، وإذا بعتك هذه الحقيبة بعشرة ريالات لم أعينها، فهذا عين ودين، المبيع عين، والثمن دين.
يقول:
﴿إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ﴾ إذن الدين: كل ما ثبت في الذمة فهو دين، ثمن المبيع الذي لم يعين دين، الأجرة دين، القرض دين، الصداق دين، المهم كل ما ثبت في الذمة فإنه دين، خلافًا للمفهوم من الدين عند العامة، عند العامة أن الدين هو التورق، وليس كذلك، بل التورق فرد من أفراد الديون، فالدين إذن كل ما ثبت في الذمة من ثمن مبيع أو أجرة أو صداق أو قرض -قرض يعني سلف- أو غير ذلك.
وقوله:
﴿إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾، أي: إلى غاية محدودة، الأجل الغاية التي ينتهي إليها الشيء،
﴿مُسَمًّى﴾ يعني: معين محدود، مثل: بعت عليك هذا الشيء بعشرة ريالات إلى شهر رجب، هذا أجل مسمى ولَّا لا؟ مسمى، مسمًّى بالشهر.
وقوله:
﴿إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ هل يفيد؟ يفيد أمرين: أنه قد يكون الدين إلى غير أجل، وقد يكون الدين إلى أجل غير مسمى، قد يكون إلى غير أجل، مثل إذا قلت: بعتك هذا الشيء بعشرة ريالات، هذا دين ولكنه غير مؤجل، أجل غير مسمى: بعتك هذا الشيء بعشرة ريالات إلى قدوم زيد، هذا مؤجل ولا غير مؤجل؟
* الطلبة: مؤجل.
* الشيخ: بأجل مسمى ولا غير مسمى؟
* الطلبة: غير مسمى.
* الشيخ: غير مسمى، هذا غير معلوم؛ لأننا لا ندري متى يقدم زيد، قد يقدم بعد يوم، وقد يقدم بعد سنة، وقد يقدم بعد عشر سنوات، وقد لا يقدم.بعتك هذا الشيء إلى وقت الحصاد؟
* الطلبة: مسمى.
* الشيخ: معلوم؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: الحصاد معروف، حصاد الزرع، لكن هل هو معين ولا غير معين؟
* الطلبة: معين.
* الشيخ: اختلف العلماء في هذا منهم من يقول: إنه غير معين؛ لأن الحصاد فيه شيء من الجهالة، قد يكون بين أول الحصاد وآخرهم شهر أو أكثر، فيكون هذا فيه جهالة، فلا يصح، ولكن الصحيح أنه يصح، وأنه إذا اختلف الناس هذا الاختلاف فينظر الوسط؛ لأن هذا هو ظاهر حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «كَانَ النَّاسُ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ »(٧)، ومعلوم أن البايع بايع الثمر متى يعطي المبيع وقت الجذاذ، ووقت الجذاذ كوقت الحصاد، إي نعم.يقول:
﴿فَاكْتُبُوهُ﴾ الفاء هنا رابطة للجواب، أي جواب؟ جواب الشرط في
﴿إِذَا﴾،
﴿فَاكْتُبُوهُ﴾ وهذا كما تشاهدون أمر، وهذا الأمر هل هو للوجوب أو للاستحباب أو للإرشاد؟ سبق لنا في أصول الفقه: أن الأمر يأتي للوجوب والاستحباب والإرشاد، فعلى أيها يحمل؟ الأصل أنه على الأول، وقيل -وهو رأي الجمهور-: إنه على الثاني، وقيل: إنه للإرشاد؛ لأن هذا توجيه إلى معاملة، فيها حفظ حق الإنسان فقط وليس فيها ظلم، ولكن الذين قالوا: إنه للاستحباب، قالوا: هذا أدنى ما نقول في الأمر، وإذا كان لحفظ حق الإنسان وقد أمره الله به، فإنه يكون للاستحباب، والإنسان منهي عن إضاعة المال.
والذين قالوا: إنه للوجوب، قالوا: لأن في هذا درءًا لما قد يحصل بالنسيان؛ لأنه إذا لم يكتب صار عرضة للنسيان، وإذا حصل النسيان صار هناك نزاع وخصومة تؤدي إلى العداوة والبغضاء بين المسلمين، والعداوة والبغضاء بين المسلمين محرمة، فكل ما يكون سببًا لها أيش؟ يكون محرمًّا؛ ولهذا علل الله تحريم الخمر والميسر بماذا؟
* طالب: بأنه رجس من عمل الشيطان.
* الشيخ: ثم قال: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِر﴾ [المائدة ٩١].على كل حال الأصل الوجوب، لكن الجمهور قالوا: إنه للاستحباب، واستدلوا لذلك بقوله تعالى:
﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ﴾، وسيأتي -إن شاء الله تعالى- الكلام عليه في الفوائد، قال:
﴿فَاكْتُبُوهُ﴾ أي: اكتبوا الدين.
﴿وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ﴾ إلى آخره،
﴿وَلْيَكْتُبْ﴾ اللام هذه للأمر، ولكن المعروف أن لام الأمر تكون مكسورة، كقوله تعالى:
﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ﴾ وهنا ليست مكسورة فلماذا؟
* طالب: لأنها جاءت بعد الواو وبعد ثم.
* الشيخ: بعد الواو، إذا جاءت بعد الواو وثم وأيش بعد؟
* الطالب: والفاء.
* الشيخ: والفاء، إذا جاءت لام الأمر بعد هذه الحروف الثلاثة، فإنها تسكن.قال:
﴿وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ﴾ ﴿كَاتِبٌ﴾ نكرها؛ ليبين أنه يكفي أحد الكتاب، يعني: أحد من الكتبة، أي واحد يكتب، ولكن قال:
﴿بِالْعَدْلِ﴾ العدل هو الاستقامة، والاستقامة في الخبر هو الصدق، والاستقامة في الحكم ضد الجور، والكاتب إذن مخبر؛ لأنه سيكتب، وهو في الحقيقة أيضًا حاكم؛ ولهذا لا بد أن يكون هذا الكاتب موثوقًا وذا أمانة وذا علم بالكتابة الشرعية؛ لأن الكتابة الشرعية هي العدل، فلا يكفي أن نأتي بأي واحد من السوق نقول: تعال اكتب بيننا، بل لا بد أن يكون كاتبًا عدلًا ويكتب العدل، عدلًا ويكتب العدل، وعلى هذا فنقول:
﴿بِالْعَدْلِ﴾ وصف يعود على الكاتب وعلى الكتابة، أن يكون الكاتب عدلًا وأن تكون الكتابة كذلك بالعدل، وهو المطابقة لما جاء به الشرع.
وقوله:
﴿وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ﴾ هل البينية هذه بينية معاملة، أي: بينية معنوية، أو بينية مكانية؟
* طالب: الأول.
* الشيخ: الظاهر أنه الأول، يعني: بينكم في المعاملة؛ لأن المعاملة بين اثنين فيكون هذا يربط بينهما، وقال بعض الناس: إنها تشمل البينية المكانية أيضًا، وأنه ينبغي أن يكون الكاتب حين الكتابة متوسطًا بين أيش؟ المتكاتبين؛ لأجل أن يسمع من كل منهما على السواء؛ لأنه لو كان من جانب أحدهما لكان قد يخفى عليه كلام الآخر البعيد، وربما يكون الثاني اللي بينه وبين الآخر البعيد إذا تكلم البعيد هذا يهمهم وأيش معنى يهمهم؟ يعني: يشوش عليه، يهمهم لأجل ما يسمع هذا جيد، قالوا: فتكون البينية هنا بينية المعاملة التعامل وهو الارتباط بين الاثنين وبينية المكان، ﴿وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ﴾.﴿وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ﴾ ﴿لَا﴾ هذه نعربها؟ وأيش نعرب
﴿لَا﴾؟
* طالب: نافية.
* الشيخ: نافية بالفاء؟
* طالب: لا ناهية.
* الشيخ: نعم، ما الذي أعلمك أنها ناهية؟
* الطالب: لأنها أتت بعدها الفعل.
* الشيخ: لا.
* الطالب: لأنها جزمت الفعل.
* الشيخ: جزمت الفعل، وين الفعل المجزوم؟
* الطالب: ﴿وَلَا يَأْبَ﴾.
* الشيخ: ﴿يَأْبَ﴾ ما جزم، مفتوح؟
* الطالب: حذف حرف العلة.
* الشيخ: هذا مجزوم بحذف حرف العلة وهي الألف، كذا؟قال:
﴿وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ﴾ ﴿يَأْبَ﴾ أي: يمتنع،
﴿كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ﴾ ﴿أَنْ يَكْتُبَ﴾ هذه مصدرية مؤولة بالمصدر، ومحلها من الإعراب؟ ولا يأب كاتب كتابة، أو ولا يأب الكاتب من الكتابة، إن كان على الأول فالفعل متعديًا بنفسه، وإن كان على الثاني فهو منصوب بنزع الخافض.
قال:
﴿وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ﴾ الكاف هذه للتشبيه، وقيل: إنها للتعليل، فعلى الأول: ينهاه الله عز وجل أن يأبى عن الكتابة على الوجه الذي علمه الله إياها؛ لأن الله عز وجل علم الإنسان كيف يكتب بين المتعاملين، فلا يجوز له أن يمتنع عن الكتابة كما علمه الله، بل يجب عليه أن يكتب كما علمه الله، هذا إذا جعلناها لأيش؟ للتشبيه.
وإن جعلناها للتعليل صار المعنى: ولا يأبى كاتب أن يكتب؛ لأن الله علمه الكتابة، فليذكر فضل الله عليه وإحسانه عليه، وليكن محسنًا إلى عباد الله كما أحسن الله إليه، وهذا كقوله:
﴿وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ [القصص ٧٧].
ولكن لو قال قائل: هل الكاف تأتي للتعليل؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: يطلب منكم مثالًا.
* طالب: قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة ١٩٨].
* الشيخ: قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ﴾، أي: لهدايته إياكم.ويطلب منكم شاهدًا على ذلك من كلام ابن مالك؟
* طالب: قوله:
شَبِّهْ بِكَافٍ وَبِهَا التَّعْلِيلُ قَدْ ∗∗∗ يُـعْـنَـى وَزَائِـدًا لِـتَـوْكِـيـدٍوَرَدْ
* الشيخ: شبه بكاف وبها التعليل قد يعني، يعني: بها التعليل قد يقصد.
يقول:
﴿فَلْيَكْتُبْ﴾ ﴿كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ﴾ الفاء للتفريع، واللام للأمر، وسكنت؛ لأنها وقعت بعد الفاء. وقوله:
﴿فَلْيَكْتُبْ﴾ ما موضعها مما قبلها؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، قلنا: الفاء للتفريع، لكن ما موقعها مما قبلها في المعنى؟ يعني: لو قال قائل: إنه يغني عنها قوله: ﴿وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ﴾، فإذا نهي عن الامتناع من الكتابة، فلازم ذلك أن يكتب، فهل نقول: إنها من باب التوكيد؟ نعم، قال بعض العلماء: إنها من باب التوكيد، وقال آخرون: بل هي تأسيس وليست بتوكيد، ومر عليكم في مختصر التحرير في أصول الفقه أنه: إذا احتمل أن يكون الكلام تأكيدًا أو تأسيسًا حمل على التأسيس؛ لأن التوكيد زيادة، فبعض العلماء يقول: إنها للتأسيس، كيف ذلك؟ قال: لأن النهي عن الكتابة لا يقتضي المبادرة بها، والأمر بالكتابة يقتضي المبادرة بذلك؛ لأن الأمر للفور، كما مر في أصول الفقه، فكأنه قال: لا يأب كاتب، وليبادر بالكتابة، فمثلًا الكاتب لو كتب بعد شهر، هل يقال: إنه أبى أن يكتب؟ لا، امتثل، لكن إذا قيل: فليكتب معناها أنه يبادر بالكتابة لا يماطل، يقول لما ييجوا: والله ايتوا بكرة، جاؤوا بكرة قال: ايتوا بعد بكرة، بعد بكرة قال: ايتوا بعد يومين، بعد يومين قال: بعد أسبوع بسافر، بعد أسبوع قال: ايتوا بعد شهر، وبعد شهر كتب، نقول: هذا أبى ولا أبى، في النهاية كتب، لكن ﴿فَلْيَكْتُبْ﴾ هي التي تقيد هذا الأمر، إذن لها فائدة ولَّا مؤكدة؟ نقول: لها فائدة، مؤسسة وليست مؤكدة، قال: ﴿فَلْيَكْتُبْ﴾.ثم قال عز وجل:
﴿وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقّ﴾ ﴿يُمْلِلِ﴾ ويقال: يملي، وهما لغتان فصيحتان، فالإملال والإملاء بمعنى واحد، عرفتم؟ فتقول مثلًا: أمليت عليه، وتقول: أمللت عليه، لغة عربية فصحى وهي في القرآن.
قال:
﴿وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقّ﴾ ولَّا يملل الذي له الحق؟ الذي عليه؛ لأن الذي له الحق ربما يقول للكاتب: اكتب، اكتب بأن في ذمة فلان لي مليون ريال، واللي له مئة ريال، يمكن؟ إي يمكن، اللي ما يخاف الله يمكن، لكن الذي يملل الذي عليه الحق؛ لأنه هو المطالب، فيملي ويقول: اكتب بأنني استقرضت من فلان كذا وكذا، هذا دين، بأنني اشتريت من فلان سلعة بكذا وكذا، هذا دين، بأنني استأجرت من فلان بيته بكذا وكذا، هذا دين، المهم أن الذي يملي من؟ الذي عليه الحق.
قال:
﴿وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا﴾ سبحان الله، لما أمر الله عز وجل بأن الذي يملي هو الذي عليه الحق دون غيره وجه إليه أمرًا ونهيًا، الأمر
﴿وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ﴾ يعني: يتخذ وقاية من عذاب الله، فيقول الصدق،
﴿وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ﴾ أي: من الحق
﴿شَيْئًا﴾،
﴿يَبْخَسْ﴾ معناه: ينقص، ونقصان الحق إما بالكمية، وإما بالكيفية، وإما بهما جميعًا، وإما بالأجل، الكلام الآن في الدين المؤجل، بالكمية بأن يكون الدين أصله مئة، فيقول للكاتب: اكتب خمسين، اكتب تسعين، أو يكون الدين من جنس جيد، فيقول: اكتب متوسط، بأن في ذمتي له مئة صاع بر متوسط، هذه أيش؟ كيفية، أو يكون الدين يحل بعد سنة، ويقول: اكتب في ذمتي له كذا وكذا يحل بعد سنتين مثلًا، هذا كله بخس، فلا يجوز أن يبخس من عليه الحق، أن يبخس من الحق شيئًا، لا في الكمية ولا في الكيفية، ولا أيش؟ ولا في الأجل.
ممكن نقول: ولا في النوع؟ أو داخل في الكيفية؟ داخل في الكيفية، فالنوع مثلًا: يكون بر من الحنطة ويجعلها من المعي مثلًا.
* طالب: الشعير.
* الشيخ: لا، الشعير جنس.﴿فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ﴾ ﴿يُمِلَّ﴾ يعني: يملي،
﴿أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ﴾ الذي يملي أو الذي يملل الذي عليه الحق، لكن ذكر الله سبحانه وتعالى أن هناك ثلاث حالات، لا يملل الذي عليه الحق، وإنما يملل وليه، قال:
﴿سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ﴾ ﴿سَفِيهًا﴾ هذا يعود على التصرف، يعني: ما يحسن التصرف، سفيه، يمكن إذا قال الذي له الحق: اكتب كذا وكذا، قال: طيب (...)، مثلًا هذا السفيه اللي ما يحسن التصرف كان الدين الذي في ذمته مئة ريال، جاؤوا عند الكاتب قال: اكتب أن في ذمتي له مئة ريال، قال له صاحب الحق: أنت رجل كريم ورجل طيب ورجل حبيب، والرسول ﷺ قال:
«رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً: سَمْحًا إِذَا بَاعَ، سَمْحًا إِذَا اشْتَرَى، سَمْحًا إِذَا قَضَى، سَمْحًا إِذَا اقْتَضَى»(٨)، خلها مائتين يا رجال، ما دام متأخر إلى سنة خلها مائتين، قال: اكتب مائتين، وأيش يكون هذا؟ هذا سفيه. أو كان الدين من نوع ردي، فقال الذي له الدين: اكتب جيدًا، السفيه يمكن يكتب أليس كذلك؟ لأنه ما يحسن التصرف، فنقول: لا يملي هذا السفيه، الذي يملي من؟ وليه بالعدل، ولي السفيه بالعدل، والولي من يتولي شؤونه من أب أو أخ كبير أو جد أو أم أو ما أشبه ذلك.
﴿أَوْ ضَعِيفًا﴾ هنا ضعف الجسم أو ضعف العقل؟ كلاهما، ضعف الجسم لصغره، وضعف العقل لجنونه، الذي عليه الحق صغير ما بلغ، أو كان كبيرًا لكنه مجنون أو معتوه، فهذا لا يملل، من الذي يملل؟ وليه.
﴿أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ﴾ لا يستطيع أن يمل هو لكونه أخرس أو مصاب بعاهة، أو لا يستطيع أن يمل؛ لأن المقام مقام هيبة وعظمة، كأن يكون في مكان وزير أو رئيس أو ما أشبه ذلك، ولنفرض أنه رجل له دين على رئيس الدولة، يمكن هذا ولا ما يمكن؟
* الطلبة: يمكن.
* الشيخ: أو عليه دين لرئيس الدولة؟
* الطلبة: ما يمكن.
* الشيخ: عليه دين لرئيس الدولة والمقام مقام هيبة، ولا يستطيع أن يمل؛ لأن المقام مقام هيبة، من يمل؟ وليه، من وليه أمام رئيس الدولة؟ إي نعم، نجيب واحد مثله، مثل الرئيس.على كل حال عدم الاستطاعة، إما لعاهة كالخرس، أو لأمر طارئ كالحادث الذي صار لا يستطيع معه الكلام، أو لأن المقام مقام هيبة ما يستطيع أن يمل كما ينبغي.
﴿فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ﴾ فيه
﴿أَنْ يُمِلَّ﴾ محلها من الإعراب؟
* طالب: مصدر.
* طالب: مفعول به.
* الشيخ: مفعول به، مؤول بالمصدر على أنه مفعول به، ﴿هُوَ﴾؟
* طالب: توكيد.
* الشيخ: توكيد ولا فاعل؟ ما يصلح فاعل؟ إي نعم، لا يصلح أن يكون فاعلًا بل ﴿هُوَ﴾ توكيد.فإن قال قائل: قلتم: إنه إذا كان الضمير يقدر بهو أو هي فهو مستتر جوازًا؟ والجائز هو الذي إن شئت سترته، وإن شئت أبديته، أليس كذلك؟ إذن يصح أن يكون
﴿هُوَ﴾ فاعلًا، وبه قال بعض المعربين على أن
﴿هُوَ﴾ فاعل، ولكن المحققين من النحويين يقولون: إن معنى قولنا: مستتر جوازًا أنه يجوز أن يحل محله الظاهر، وليس معناه أنه يجوز أن يبرز هو، فإذا قلت: محمد قام، مثلًا، لا يصح أن تقول: قام هو، وتجعل هو الفاعل، بل هو توكيد للضمير المستتر، ومعنى قولنا: جوازًا، أنه يحل محله الظاهر، هذا قول المحققين من أهل النحو، والبعض الآخر قال: يجوز أن يجعل الضمير الظاهر هذا هو الفاعل، والمسألة في هذا ما هي بذات أهمية كبيرة، يعني: ما ينبني على هذا الخلاف شيء كبير.
قال:
﴿فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ﴾ اللام هنا لام الأمر، وسكنت لوقوعها بعد الفاء كما سبق، وقوله:
﴿وَلِيُّهُ﴾ قلنا: إنه هو الذي يتولى شؤونه من أب أو جد أو أخ أو أم أو غيرهم.
وقوله:
﴿بِالْعَدْلِ﴾ متعلق بـ
﴿يُمْلِلْ﴾، يعني: إملاءً بالعدل، بحيث لا يجور على من له الحق لمحاباة قريبه، ولا يجور على قريبه خوفًا من صاحب الحق، بل يجب أن يكون بالعدل، العدل هنا ما هو؟ الصدق المطابق للواقع، فلا يزيد ولا ينقص.
قال:
﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ ﴿اسْتَشْهِدُوا﴾ على أيش؟
* طالب: على الكتابة.
* الشيخ: على الكتابة ولا على الدين؟ يعني: مع الكتابة استشهِد.واستشهَد بمعنى طلب من يشهد، كاستغفَر: طلب المغفرة، استشهَد أي: طلب الشهادة من غيره.
﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ هنا قال:
﴿اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ﴾ ولم يقل: اثنين، لماذا؟ لأجل أن يكون طلبنا لهذين الرجلين طلبًا لمن يكون أهلًا للشهادة، وإلا لكان يقول: واستشهدوا رجلين، لكن
﴿شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ أي: من يكونان من أهل الشهادة، وأهل الشهادة -كما عرفنا سابقًا- لا بد أن يكون مسلمًا بالغًا عاقلًا عدلًا متكلمًا حافظًا، الشروط الستة اللي سبقت.
وقوله:
﴿مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ الخطاب للمؤمنين، وكلمة:
﴿مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ ولم يقل: من ذكوركم؛ لأنه لا بد من الشاهد أن يكون بالغًا.
﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ﴾ أي: فإن لم يكن الشاهدان رجلين
﴿فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ﴾.
* طالب: قوله ﴿أَوْ ضَعِيفًا﴾ (...) المرأة في (...) المرأة ضعيفة؟
* الشيخ: الكاتب ولا الذي عليه الحق (...)؟
* طالب: ﴿وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ﴾ هذا الأمر، إن كان الإنسان الذي له الحق يعني أمينًا؟
* الشيخ: لا ما يجوز، إي لا يملي إلا الذي عليه الحق.
* الطالب: كلمة ﴿رَبَّهُ﴾ أيش الفايدة؟
* الشيخ: هذه ستأتينا إن شاء الله تعالى في الفوائد، لكن لا مانع أن نذكرها الآن، ﴿وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ﴾؛ لأن الرب عز وجل له الخلق -كما مر- والملك والتدبير، وإذا كان له التدبير والملك، فإنه أهل لأن يتقى، مثل قوله تعالى في سورة الطلاق: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ﴾ [الطلاق ١] إي نعم.
* طالب: ﴿فَاكْتُبُوهُ﴾ هل هي للوجوب؟ كتابة الدين هل هي للوجوب؟
* الشيخ: وأيش قلنا؟ ذكرنا فيها ثلاثة أقوال
* الطالب: الراجح الصحيح؟
* الشيخ: بيجينا إن شاء الله في الفوائد.
* طالب: ما يمكن أن يدخل في عدم الاستطاعة جهله باللغة؟
* الشيخ: يمكن إذا كان لا يعرف اللغة.
* طالب: (...) أشهد لك أو ما أشهد لك.
* الشيخ: تعرف الذي له الحق ولّا عليه؟
* طالب: (...).
* الشيخ: أيهما اللي عليه أو الذي له؟
* الطالب: له، الحق له.
* الشيخ: أنت عارفه؟
* الطالب: (...) أشهد أو ما أشهد له؟
* الشيخ: ما فهمت هذا.
* الطالب: لو جاء زيد وعمرو من الناس وقال: أنا موكل زيد على مبلغ مئة ألف ريال فرضنا (...) أشهد له أو ما أشهد له؟
* الشيخ: أنت عارف اللي قال لك هذا؟
* الطالب: أنا عارفه.
* الشيخ: تشهد، لكن الموكَّل؟
* الطالب: ما أعرفه، الموكَّل ما أعرفه.
* الشيخ: تشهد على إنسان ما تعرفه!
* الطالب: هذا الموكَّل.
* الشيخ: ما يكفي.
* الطالب: الموكِّل عارفه.
* الشيخ: هي في الحقيقة هذه فيها حقّ للموكل وحق عليه، حقّ له؛ لأنه ربما يطالب ذاك يقول هذا: أنا عندي شهود إني موكلك، فهمت، وحقّ عليه لأجل لو أن الرجل ذاك تصرف ما يقول (...)؛ فلهذا لا بد أن تعرف المشهود له والمشهود عليه، لازم تعرفهم كلهم.
* طالب: المقصود ﴿وَامْرَأَتَانِ﴾، المرأتان تشهد للأجنبي يعني؟
* الشيخ: إيه، ستأتينا ما وصلناها.
* طالب: شيخ، قوله: ﴿وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ﴾ (...)؟
* الشيخ: إيه؛ لأن الذي عليه الحق لو أراد أن يكتم ما يطيعه ذاك.
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: إيه، لكن الأصل إن هذا هو اللي قوله مقبول، يعني: عند التناكر -مثلًا- من يقبل قوله؟
* الطالب: الذي عليه الحق.
* الشيخ: إي نعم؛ ولهذا صار هو اللي يملل.
* طالب: شيخ، الذي يملل الذي عليه الحق لو كان هو يكتب ولا يجد غيره يعرف الكتابة غيره ما يكتب هو بنفسه؟
* الشيخ: وأيش يكتب؟
* الطالب: يعني الكتاب.
* الشيخ: إقرار يعني؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: إيه، لا بأس، ما في مانع.
* الطالب: أو الذي له الحق ما يكتبه؟
* الشيخ: ما يمكن يكتب؛ لأنه فيما بعد لو حصل تناكر؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: بعد يومين ثلاثة جاء له قال: (...).
* الطالب: عنده شهود.
* الشيخ: خليه إذا كان عنده شهود، الشهود ما هو بلازم الكتابة إذا أشهدت ما هو بلازم الكتابة.
* * * * طالب:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ﴾
* الشيخ: ﴿فَلْيَكْتُبْ﴾ قف.
* الطالب: ﴿فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا﴾.
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. قال الله تبارك وتعالى في آية الدين التي هي أطول آية في كتاب الله عز وجل قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ﴾ وهذا مبتدأ المناقشة.ما المراد بالدين هنا؟
* طالب: (...).
* الشيخ: يعني: ما يثبت في الذمة.إذا بعت عليك كتابًا بعشرة دراهم، هل هذا دين؟ كتاب هذا الكتاب مثلًا بعشرة دراهم؟
* الطالب: لا ليس دين (...).
* الشيخ: لا، كتاب معين ما هو دين بعشرة دراهم؟
* الطالب: (...)
* الشيخ: أعطيتك الكتاب، أنت ما عطيتني دراهم.
* الطالب: (...).
* الشيخ: أقول: هل هذا دين؟ هل يدخل في الآية ولَّا لا؟
* الطالب: هذا يدخل.
* الشيخ: يعني: قصدي يدخل في اسم الدين أو لا يدخل؟
* الطالب: يدخل.
* الشيخ: يدخل؛ إذ إنه ثبت في ذمتك عشرة ريالات قيمة الكتاب الذي اشتريت مني واضح؟هل يدخل هذا في الآية الكريمة بمعنى أنه يكتب هذا الدين أو لا؟ الصورة التي ذكرنا؟ يدخل في الآية الكريمة؟ بعت عليه هذا الكتاب بعشرة دراهم وتفرقنا، أعطيته الكتاب وتفرقنا، ولا استلمت؟ هل يدخل في الآية؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: كيف؟ اقرأ الآية.
* الطالب: ﴿بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾.
* الشيخ: طيب، ﴿فَاكْتُبُوهُ﴾ المهم هل يدخل في الآية أو لا؟
* الطالب: لا يدخل في الآية.
* الشيخ: لا يدخل في الآية، إذن مثل هذا لا يكتب، لا يجب كتابته؛ لأنه ليس إلى أجل.ما تقول في السلم؟ هل يدخل في هذه الآية؟
* طالب: نعم، يدخل في الآية.
* الشيخ: نعم، توافقونه؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: نعم، السلم صورته؟
* طالب: صورة السلم؟
* الشيخ: إي نعم.
* الطالب: أنه يُدفع مالٌ لصاحب صنعة يطلب منه أن يصنع.
* الشيخ: لصاحب نخل، ما هو لصاحب الصنع؛ لأن الصنعة فيها خلاف.
* الطالب: لصاحب نخل بعد حول كذا.
* الشيخ: يعني: يشتري من صاحب النخل -مثلًا- تمرًا بعد سنة بهذه الدراهم يعطيه الدراهم، يدخل في الآية ولَّا لا؟
* الطالب: نعم يدخل في الآية.
* الشيخ: يدخل في هذه الآية؟ توافقونه؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: نعم، يدخل في هذه الآية؛ لأنه دين إلى أجل مسمى؛ ولهذا قال ابن عباس: «إِنَّ السَّلَمَ دَاخِلٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ »(٩).قوله:
﴿وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ﴾ اللام في قوله:
﴿وَلْيَكْتُبْ﴾؟
* طالب: للأمر.
* الشيخ: اللام للأمر، ما يصلح أن يكون للتعليل؟
* الطالب: لا، ما يصلح.
* الشيخ: لماذا؟ نريد مانعًا لفظيًّا يمنع أن تكون للتعليل.
* الطالب: لأن فعلها مجزوم.
* الشيخ: أحسنت صح؛ ولأنها هي أيضًا سكنت بعد الواو، ولو كانت للتعليل لم تسكن.قوله:
﴿وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ﴾ أخذ بعض العلماء من هذا: أن الكاتب ينبغي أن يكون بين المتعاملين، يعني: وسطهم في الجلوس.
* الطالب: ممكن بينية مكانية.
* الشيخ: مكانية صح، ويمكن أن يكون المراد بينية معنوية كذا؟ يعني: ﴿وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ﴾ إما معنوية؛ لأن الواقع أن البائع والمشتري بينهما ارتباط.قوله:
﴿بِالْعَدْلِ﴾ الجار والمجرور متعلق بأيش؟
* طالب: متعلق بـ﴿يَكْتُبْ﴾.
* الشيخ: متعلق بـ﴿يَكْتُبْ﴾؟ توافقونه على هذا؟
* طالب: لا.
* طالب: نعم يا شيخ، متعلق بـ﴿يَكْتُبْ﴾.
* الشيخ: يكتب إذن توافق؟
* الطالب: أيوه أوافقه.
* الشيخ: توافقه، ما فيه احتمال أن يكون متعلق بمحذوف صفة لكاتب؟ كاتب حال كونه أو موصوف بالعدل.
* طالب: الأصل يا شيخ (...) الأصل عدم (...).
* الشيخ: لا، يصلح، كاتب بالعدل يعني: كاتب ذو عدل، كذا؟ فيشمل أنه هو نفسه ذو عدل، ويشمل –أيضًا- أنه يكتب بينهم بالعدل، الكتابة بالعدل ما يميل مع أحدهما دون الآخر.قوله تعالى:
﴿وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُب﴾، قوله:
﴿وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ﴾ لماذا نكر مع أنه سبق ذكره؟
* طالب: ليشمل أي كاتب.
* الشيخ: ليشمل أي كاتب كان. وهنا إشكال في الفعل حيث كان مفتوحًا مع أنه مسبوق بلا الناهية وهي تجزم؟
* طالب: مجزوم بحذف الألف والفتحة دليل عليها.
* الشيخ: صح، وأصل يأب، وأصله يأبى.قوله:
﴿كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ﴾ الكاف هنا؟
* طالب: للتشبيه أو للتعليل.
* الشيخ: للتشبيه أو للتعليل؟ ما معناها على الوجهين؟
* الطالب: للتشبيه: فليكتب، كما علمه الله سبحانه وتعالى من صيغة الكتابة.
* الشيخ: نعم، فليكتب كما علمه من صيغة الكتابة الشرعية بحيث تكون كتابته على حسب قواعد الشرع.
* الطالب: أما الكاف للتعليل: فليكتب؛ لأن الله سبحانه وتعالى قد علمه الكتابة
* الشيخ: نعم، فليشكر الله على هذه النعمة، وليكتب للناس ويحسن إليهم.لو قال قائل: نريد مثالًا على أن الكاف تأتي للتعليل؟ هات شاهدًا على أن الكاف تأتي للتعليل؟
* طالب: بمثال من عندي أو..
* الشيخ: لا، من عندك نقدر نقول: ما هو بصحيح.
* طالب: قوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ﴾ [البقرة ٢٣٩].
* الشيخ: ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ﴾، ﴿وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة ١٩٨] أي: لهدايته.هل لنا أو هل لكم أن تأتونا بدليل من كلام ابن مالك على أن الكاف تأتي للتعليل؟
* طالب: قوله:
شَبِّهْ بِكَافٍ وَبِهَا التَّعْلِيلُ قَدْ ∗∗∗ يُعْنَى....................
* الشيخ:
شَبِّهْ بِكَافٍ وَبِهَا التَّعْلِيلُ قَدْ ∗∗∗ يُعْنَى....................
أي: قد يقصد، تمام.
ما الفائدة من قوله:
﴿فَلْيَكْتُبْ﴾ بعد قوله:
﴿وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّه﴾؟ لأن المعروف أن النهي ضده الأمر، أي: إذا نهيت عن شيء فأنت مأمور بفعل ضده؟
* طالب: للتوكيد.
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: للتوكيد.
* الشيخ: لا.
* طالب: للفورية.
* الشيخ: نعم، فائدتها أن الكتابة تكون للفورية؛ لأن قوله: ﴿وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ﴾ قد يماطل الكاتب ويقول: ائتوني غدًا، بعد غد، بعد شهر، بعد سنة، فإذا كتب بعد سنة صدق عليه أنه لم يأب، لكن ﴿فَلْيَكْتُبْ﴾ يعني: فورًا.من الذي يتولى الإملاء في كتابة الدين؟
* طالب: الذي عليه الحق.
* الشيخ: الذي عليه الحق، لماذا؟ ما الحكمة؟
* الطالب: أولًا الآية.
* الشيخ: أحسنت أولًا الآية تمام؛ لأن أمر الله ورسوله حكمة.
* الطالب: ثانيًا: أن هذا يعني قد لا يظلم مثل الذي له الحق.
* الشيخ: لأن قول المقر على نفسه مقبول، أو لا؟ وقول المدعي على غيره غير مقبول، فلو أملى الذي له الحق لكان يملي دعوة ولَّا لا؟ وهو غير مقبول، لكن إذا أملى الذي عليه الحق، فإنه يملي إقرارًا، وإقرار الإنسان على نفسه مقبول، كذا؟إذن الآية الكريمة يقول:
﴿وَلْيُمْلِلِ﴾ وأيش معنى
﴿يُمْلِلِ﴾؟
* طالب: (...).
* الشيخ: من الملل، يعني: من الملل؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: من الملل في الحديث: «فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا»(١٠).
* الطالب: هذا الحديث (...)، لكن هي من الإملاء؛ لأنها تأتي على لغتين: يملي ويملل.
* الشيخ: يعني إذن يملل بمعنى يملي، لغة ثانية فصيحة.قال الله تعالى:
﴿وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا﴾ ﴿لَا يَبْخَسْ مِنْهُ﴾ أيش معنى يبخس؟
* طالب: ينقص.
* الشيخ: ينقص.
* الشيخ: مِن؟
* الطالب: من الدين.
* الشيخ: من الدين، وكلمة ﴿شَيْئًا﴾ نكرة في سياق النهي، فتعم القليل والكثير، إلى هنا وقفنا أظن؟ بعد؟قوله تعالى:
﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ﴾ ما معنى
﴿اسْتَشْهِدُوا﴾؟
* طالب: اطلبوا شاهدين.
* الشيخ: اطلبوا شاهدين، يعني: الاستشهاد طلب الشهادة.هل لك أن تأتي بمثال يدل على أن استفعل بمعنى طلب؟
* طالب: تقاتل.
* الشيخ: لا يا أخي، استفعل ما هو تفاعل.
* الطالب: استفعل.
* الشيخ: إي نعم، بمعنى طلب.
* الطالب: استشار.
* الشيخ: لا.
* طالب: استغفر يعني طلب المغفرة.
* الشيخ: استغفر يعني طلب المغفرة، أحسنت، وقد تأتي السين والتاء للمبالغة ما هو للطلب مثل: استكبر
* طالب: استسقى.
* الشيخ: أيش؟ استسقى، طلب السقيا، إيه، استكبر يعني تكبر، ما هو طلب الكبر.قال الله عز وجل:
﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ﴾ هنا تشاهدون في الآية الكريمة
﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ﴾، ولعل من المتوقع أن تكون العبارة: فإن لم يكونا رجلان؛ لأنه
﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ﴾ بمعنى: فإن لم يوجد، هكذا يتوقع الإنسان أن تكون: فإن لم يكونا رجلان، أي: فإن لم يوجد رجلان، وليس الأمر كذلك؛ ولهذا عدل عن هذا التعبير إلى قوله:
﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ﴾، وعليه: فلا يشترط في شهادة المرأة أن لا يوجد الرجل، وإنما المعنى: فإن لم يكن الشاهدان رجلين فرجل، وهذا يدل على التخيير مع ترجيح الرجلين على الرجل والمرأتين، انتبهوا للفرق، لو كان لفظ الآية الكريمة: فإن لم يكن رجلان فرجل وامرأتان، لصارت شهادة الرجل والمرأتين مشروطة بعدم وجود الرجلين، فإن لم يكن رجلان أي: إن لم يوجد، لكن لما قال:
﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ﴾ أي: فإن لم يكن الشاهدان رجلين فرجل وامرأتان، يعني: إن لم يكن هذا فهذا، وهذا يدل على أنه ليس بشرط أن لا يوجد رجلان، فتجوز شهادة الرجل والمرأتين، كما سيأتي إن شاء الله في الفوائد.
﴿فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ﴾ الفاء هنا رابطة للجواب، و
﴿رَجُلٌ﴾ خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: فالشاهد رجل وامرأتان، وقوله:
﴿رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ﴾ الرجل يطلق على البالغ والمرأة تطلق كذلك على البالغة.
لكن قال:
﴿مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾ الجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة، أي: رجل وامرأتان كائنون ممن ترضون من الشهداء، والخطاب في قوله:
﴿تَرْضَوْنَ﴾ هو موجه للأمة، يعني: بحيث يكون الرجل والمرأتان مرضيين عند الناس؛ لأنه قد يرضى شخص عند شخص، ولا يرضى عند الناس أو عند آخر، فلا بد أن يكون هذان الشاهدان أو هؤلاء الشهود -الرجل والمرأتين- ممن عرف عند الناس أنهم مرضيون، قال ابن عباس رضي الله عنهما:
«شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ -وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ-: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ »(١١)، إذن العبرة بالرضا عند عموم الناس لا برضا المشهود له؛ لأن المشهود له قد يرضى من ليس بمرضي.
وقوله:
﴿مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾ مِن هذه بيان، بيان لأي شيء؟ بيان لمن الموصولة؛ لأن الاسم الموصول من باب المبهمات، فإذا قلت: يعجبني من كان ذكيًّا، هذا مبهم، فإذا قلت: يعجبني من كان ذكيًّا من الطلاب، صار مبينًا، فقوله:
﴿مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾ مِن بيانية، والمبهم الذي بينته هي كلمة: مَن، الاسم الموصول.
قال:
﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾ أولًا: القراءات في هذه، فيها قراءتان:
﴿إِنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرُ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾، وعلى هذه القراءة تكون إن شرطية، وجملة:
﴿فَتُذَكِّرُ﴾ جواب الشرط، القراءة الثانية:
﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾، والقراءة الثالثة:
﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذْكِرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾، فالقراءة إذن ثلاثة.
نأخذ القراءة التي في المصحف
﴿أَنْ تَضِلَّ﴾ ﴿أَنْ﴾ هذه مصدرية و
﴿تَضِلَّ﴾ منصوبة بأن المصدرية، واختلف المعربون في مثل هذا التركيب، وهو كثير في القرآن الكريم، كقوله تعالى:
﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾ [النساء ١٧٦] أي: كراهة أن تضلوا، وهنا قال:
﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا﴾، فقال بعض المعربين: إنها على تقدير مفعول من أجله، والتقدير: كراهة أن تضل، أو خشية أن تضل، وقال آخرون: بل هي على حذف لا النافية ولام التعليل، وأن التقدير: لئلا تضل إحداهما، فتذكر إحداهما الأخرى، وعلى كل من الوجهين فمعنى الآية الكريمة: أن الله أوجب أن يكون الشاهد امرأتين بدل رجل، من أجل إذا ضلت إحداهما ذكرت إحداهما الأخرى، من التي تذكر؟ الذاكرة، والأخرى الضالة الناسية مذكَّرة؛ وذلك لأن النساء أقل حفظًا من الرجال، وأقل ذكاء وفطنة؛ فلهذا كانت شهادة المرأتين تعادل شهادة رجل، وثبت في الصحيحين:
«أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَطَبَ النِّسَاءَ وَقَالَ: «مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ»، فَقُلْنَ: مَا نُقْصَانُ عَقْلِنَا؟ قَالَ:
«أَلَيْسَتْ شِهَادَةُ الرَّجُلِ بِشَهَادِةِ امْرَأَتَيْنِ»(١٢)، وهذا يدل على نقص عقلها.
وقوله:
﴿فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾ من التذكير، وهو تنبيه الإنسان الناسي على ما نسي، والغريب في التفسير -وهو حقيقة من غرائب التفسير- أن بعضهم قال:
﴿فَتُذَكِّرَ﴾ معناه: تجعلها بمنزلة الذَّكر، لا سيما على قراءة:
﴿فَتُذْكِر)﴾ أي: تجعلها بمنزلة الذَّكر،
﴿تُذْكِر إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾ أي: تكون المرأتان كالذَّكر، وهذا غريب؛ لأنه لا يستقيم مع قوله:
﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا﴾، فالذي يقابل الضلال -بمعنى النسيان- هو التذكير، أي: تنبيه الإنسان على نسيانه، هذا الذي يقابله.
وهنا قال:
﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا﴾ فيه من البلاغة إظهار في موضع الإضمار، كيف ذلك؟ لأنه لم يقل: فتذكرها الأخرى، قال:
﴿فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾؛ لأن النسيان قد يكون متفاوتًا، تنسى هذه جملة وتنسى الأخرى جملة، فهذه تذكر هذه بما نسيت، وهذه تذكر هذه بما نسيت؛ فلهذا قال:
﴿تُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾؛ لئلا يكون المعنى قاصرًا على واحدة هي الناسية، والأخرى مذكرة، فنقول: قد يكون النسيان من المرأتين جميعًا، والتذكير كذلك منهما جميعًا؛ ولهذا قال:
﴿فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾.
ثم قال الله عز وجل:
﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ هناك قال:
﴿وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ﴾ وهنا قال:
﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ﴾، شهداء فاعل
﴿يَأْبَ﴾، ونقول في إعراب
﴿لَا يَأْبَ﴾ كما قلنا في إعراب
﴿لَا يَأْبَ﴾ في الكاتب.
وقوله:
﴿إِذَا مَا دُعُوا﴾ ﴿مَا﴾ هذه زائدة، وفيها بيت مشهور يقول فيه:
يَا طَالِبًا خُذْ فَائِدَهْ ∗∗∗ مَا بَعْدَ إِذَا زَائِدَهْعد علينا البيت.
* طالب:
يَا طَالِبًا خُذْ فَائِدَهْ ∗∗∗ مَا بَعْدَ إِذَا زَائِدَهْ* الشيخ: تمام، معنى ما بعد إذا زائدة، ونريد أن نذكر مع أن نذكر بمعاني ما، فإن ما لها عشرة معانٍ مذكورة أيضًا في بيت.
* طالب:
مَحَامِلُ مَا عَشْرٌ إِذَا رُمْتَ عَدَّهَا ∗∗∗ فَحَافِظْ عَلَى بَيْتٍ سَلِيمٍ مِنَ الشِّعْرِ؎سَتَفْهَمُ شَرْطَ الْوَصْلِ فَاعْجَبْ لِنُكْرِهَا ∗∗∗ بِكَفٍّ وَنَفْيٍ زِيدَ تَعْظِيم مَصْدَرِ
* الشيخ: صح، أعيده؟
مَحَامِلُ مَا عَشْرٌ إِذَا رُمْتَ عَدَّهَا ∗∗∗ فَحَافِظْ عَلَى بَيْتٍ سَلِيمٍ مِنَ الشِّعْرِ؎سَتَفْهَمُ شَرْطَ الْوَصْلِ فَاعْجَبْ لِنُكْرِهَا ∗∗∗ بِكَفٍّ وَنَفْيٍ زِيدَ تَعْظِيم مَصْدَرِ
كم دولي؟ عشرة: ستفهم، شرط، الوصل، فاعجب: تعجبية، لنكرها: نكرة موصوفة أو واصفة أحيانًا، بكف: كافة، ونفي: نافية، زيد: زائدة، تعظيم: تعظيمية مثل:
﴿الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ﴾ [الحاقة ١، ٢]، مصدر: مصدرية، هذه معاني ما العشرة.
هذه من الزائدة، ولكن يجب أن نعلم أنه ليس في القرآن شيء زائد بمعنى أنه لا معنى له، بل زائد إعرابًا، زائد معنى، يعني: هو يزيد في المعنى وفي الإعراب لو حذف لاستقام الكلام بدونه. لو قيل: إذا دعوا، صح؟
وقوله:
﴿لَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ هل المراد: إذا ما دعوا للأداء، أو إذا ما دعوا للتحمل؟ يشمل، أما كونه للأداء، فلا إشكال فيه؛ لأن المتحمل شهيد، فيقال: يا شاهد تعال اشهد، لكن الإشكال كيف يوصف من لم يتحمل بأنه شهيد؟ لأنه إلى الآن لم يكن شاهدًا، إذا قلنا: إنها تشمل التحمل والأداء، ففيه إشكال بالنسبة للتحمل؛ لأنه حتى الآن لم يكن شهيدًا، فالجواب: أن هذا باعتبار ما سيكون.
وأيضًا
﴿لَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ﴾ واضح أنه: لا يأب الشهداء إذا طلب للشهادة، يعني: فلو دعوت رجلًا لغير الشهادة وهو صالح للشهادة، فله أن يأبى، وهذا هو النكتة في أنه لم يقل: ولا يأب الرجل أو الرجال إذا ما دعوا للشهادة، بل قال: والشهداء، يعني: الذين طلب منهم أن يكونوا شهداء لا يأبوا أن يشهدوا.
وقوله:
﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ من يدعوهم؟ الغالب أن الذي يدعوهم من له الحق، هذا الغالب، وقد يدعوهم من عليه الحق؛ لئلا يضيع الحق، وهذا كقوله ﷺ:
«مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ»(١٣)، قد يكون الذي عليه الحق هو الذي يدعو الشهداء ليشهدوا بالحق الذي عليه فتبرأ ذمته.
﴿وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ﴾ الله أكبر،
﴿لَا تَسْأَمُوا﴾ أي: لا تملوا،
﴿أَنْ تَكْتُبُوهُ﴾ الضمير يعود على الدين المستفاد؛ لقوله:
﴿إِلَى أَجَلِهِ﴾ ﴿صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ﴾، فكل دين مؤجل، فإنه يجب أن يكتب، وكل دين مؤجل نقول لصاحبه: لا تسأم أن تكتبه، لا تمل، حتى لو فرض أن الرجل يعامل في اليوم الواحد عشرين رجلًا دينًا مؤجلًا، فإنه يكتب، يكتب لا يسأم لا يقول: والله هذا كثير أنا (...) أكتب عشرين مكتب في اليوم واحد أو في ضحوة واحدة، نقول: إن ربك يقول:
﴿لَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ﴾.
كم الصغير يساوي؟ أقل ما يطلق عليه دين، يعني: ريال واحد مثلًا، نصف ريال، أقل.
﴿كَبِيرًا﴾؟ إيه، هذا -أيضًا- يرجع للعرف، في زمن مضى خمسون ريالًا تعتبر كبيرة، الآن صغيرة، يعني: خمس مئة ريال يمكن تكون كبيرة؟ أو صغيرة؟ متوسطة؟
على كل حال الله يقول:
﴿صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا﴾ يعني: أو متوسطًا؟ أليس كذلك؟
وقوله:
﴿إِلَى أَجَلِهِ﴾ يعني: يكتب إلى الأجل ما يقال: دين مؤجل فقط، يكتب إلى الأجل ويحدد بما سبق، أجل مسمى معين معلوم للطرفين.
قال الله تعالى:
﴿ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ شوف تعليل لهذه الأحكام لكتابة الدين المؤجل وللنهي عن السآمة، علل:
﴿ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ هذه واحدة،
﴿وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ﴾ اثنين،
﴿وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا﴾ ثلاثة، وإلى ساعتي هذه ما وجدت حكمًا يعلل بثلاث علل منصوص عليها، وابحثوا إن شئتم، صحيح يعلل الحكم بعلة أو علتين، لكن ثلاث علل مجموعة، هذا حتى الآن ما رأيته، ولا أستطيع أن أنفيه؛ لأن النفي صعب لكن ما رأيته، وهو يدل على عناية الله سبحانه وتعالى بالمعاملات المالية خلافًا لمن زعم بأن القرآن لم يستوف المعاملات المالية، وزعم أن القرآن إنما شرائعه في العبادة والأحوال الشخصية، كالأنكحة والمواريث وشبهها، أما المعاملات فإنها إلى الناس -والعياذ بالله- وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان حكم من يعتقد هذا الاعتقاد، وأنه محجوج بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين.
يقول:
﴿أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ ﴿أَقْسَطُ﴾ بمعنى أعدل، مأخوذ من ين؟ من الإقساط ليس من القسط؛ لأن القسط بمعنى الجور، والإقساط بمعنى العدل؛ ولهذا لو سئلت: هل أنت قاسط أو مقسط؟
* الطلبة: مقسط.
* الشيخ: مقسط، إي نعم، مقسط (...) بأي شيء ظلمت، وبأي شيء جرت، هل أنت خاطئ أو مخطئ؟
* الطلبة: مخطئ.
* الشيخ: مخطئ، لا خاطئ.إذن نقول:
﴿أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ مأخوذ من الإقساط، يعني: أعدل وأقوم عند الله سبحانه وتعالى، لماذا؟ لأن هذا من شريعته وكل شريعته عدل، وما كان أتبع للشريعة فهو أعدل.
ثاني:
﴿أَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ﴾ أي شهادة؟ شهادة الشهود، سواء كان الشاهدان رجلين أو كانوا رجلًا وامرأتين، إذا كتب فإن ذلك أقوم للشهادة؛ لأن الشاهد إذا لم يكتب شهادته، فربما ينسى فيزيد أو ينقص.
﴿وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا﴾ يعني: أن لا تشكوا؛ لأنه إذا لم يكتب الشيء ولم يشهد عليه، فإنه ينسى ويحصل ارتياب، والارتياب هذا يقلق النفس لا بالنسبة لصاحب الحق ولا لمن عليه الحق، أما صاحب الحق فإنه يقلق؛ لأنه يخشى أن ينسى شيئًا من الحق الذي له، فيزيد على من عليه الحق، وأما من عليه الحق فهو كذلك يخشى أن ينسى، فيجحد ما كان عليه.
* طالب: ﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ﴾ يعني: وجب عليهم، صار (...)
* الشيخ: يعني: في التحمل.
* الطالب: إي نعم، ما نقول: إنه صار واجب (...).
* الشيخ: إلا، لكن الكلام لو قال: ولا يأب أحد أن يشهد إذا دعوا، إذا دعي لا بأس، لكن قال: ﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ﴾ إلى الآن ما صاروا شهداء، أنا حين ما دعوتهم هل هم شهداء ولَّا غير شهداء؟
* الطالب: لكن وجب عليهم.
* الشيخ: نعم، وجب عليهم، لكن على من وجب؟
* الطالب: على اللي قلته.
* الشيخ: ما قال: ولا يأب أحد، يقول: ﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ﴾، إلى الآن ما صاروا شهداء، لكن سيأتينا إن شاء الله في الفوائد أن فائدة ذلك: أنه لو طلب شخص لا تقبل شهادته، مثل جاء واحد وقال (...): تشهد لابنك، هذا ما (....) وأيش الفائدة من هذا.
* طالب: قوله ﷺ: «نَحْنُ أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَقْرَأُ» (...)؟
* الشيخ: سمعتم سؤاله؟ سمعتم السؤال؟ يقول: كيف يأمر الله بالكتابة وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَقْرَأُ»(١٤)؟
* طالب: شيخ، نكمل الحديث قال: «الشَّهْرُ هَكَذَا»، يعني: نحن أميتنا ذلك لا نحسب الشهر، وإنما الشهر (...).
* الشيخ: إيه، بس هو ما قال: لا نحسب قال: «لَا نَقْرَأُ وَلَا نَكْتُبُ».
* طالب: هذا من باب الخبر ليس من باب الإنشاء (...) «أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ».
* الشيخ: إيه، يقول ﷺ: «لَا نَقْرَأُ وَلَا نَكْتُبُ» كيف نؤمر بالكتابة؟
* طالب: خبر.
* الشيخ: خبر، نحن ما نكتب، نحن الآن الجماعة دولا ما يكتبوا قيل: اكتبوا، أمرنا بما لا نطيق؟
* طالب: (...) أما في الحديث خبر فقط مجرد.
* الشيخ: إيه، خبر بأننا لا نكتب، ثم وجه الله الأمر إلينا أن نكتب؟
* طالب: تتعلموا الكتابة.
* الشيخ: إيه، يعني يلزم من الأمر التعلم؟
* طالب: تعلم الكتابة فرض كفاية على الأمة (...).
* الشيخ: يعني كما قال الأخ تقريبًا.
* طالب: قد ثبت عن النبي ﷺ أنه قال لأبي شاة: اكتب يا أبا شاة.
* الشيخ: لا لا، «اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ»(١٥)، أمر أصحابه أن يكتبوا له، هذا في غزوة الفتح.
* طالب: نقول: الخطاب في الآية لمن يكتب، أما الذي لا يكتب، فإنه (...).
* الشيخ: بس، هي الحقيقة أنا أتعجب كيف غاب عن بالكم جواب بسيط واضح من القرآن.
* طالب: قول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّه﴾ (...).
* الشيخ: الذي وجه الأمر إليه من كان؟
* طالب: الذي يعلم الكتابة، أما الذي لا يعرفها فليس عليه حرج.
* الشيخ: إلى الآن ما زال الإشكال تمامًا خلينا نأخذ الاختصار.
* طالب: شيخ، قال الله عز وجل: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [العلق ١]، هذا أمر للنبي عليه الصلاة والسلام.
* الشيخ: إيه، لكن قال: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ»(١٦).
* طالب: لكن أمره.
* الشيخ: لا، الآن أمره جبريل، وجبريل قد لا يعلم، على كل حال الجواب على هذا أن نقول: نعم نحن أمة أمية لا نقرأ ولا نكتب قبل أن يأتي الرسول عليه الصلاة والسلام، أما بعد أن بعث صرنا أمة نقرأ ونكتب وزال عنا وصف الأمية، ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [آل عمران ١٦٤]، وقال تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ﴾، من قبل شوف ﴿مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ﴾ [العنكبوت ٤٨]، أما بعد أن نزل القرآن وتعلمت الأمة زال وصف الأمية عنهم، إي نعم.
* طالب: شيخ، الفرق بين قاسط ومقسط؟
* الشيخ: قاسط بمعنى جائر، مقسط أي: عادل، فهما متقابلان، مثل خاطئ يعني: آثم، مخطئ: غير آثم.
* طالب: (...).
* الشيخ: (...) المثال أو المنظر به؟ قاسط قال الله تعالى: ﴿وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا﴾ [الجن ١٥]، وقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [المائدة ٤٢] واضح الفرق؟في المخطي:
﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة ٢٨٦]، في الخاطئ
﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨)﴾ [العلق ١٧، ١٨] أيش؟ في سورة اقرأ:
﴿نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَة﴾ [العلق ١٦].
* طالب: (إنهم كانوا خاطئين) سورة القصص.
* الشيخ: ﴿وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ﴾ [يوسف ٢٩].
* طالب: (...) هذا من أقسط الرباعي.
* الشيخ: الصيغة هي، لكنه قصد المعنى.
* طالب: (...).
* الشيخ: كيف (...) تشهد وإن كان غير محرم.
* طالب: (...) أربعة نساء.
* الشيخ: بيجينا إن شاء الله، هذا في الفوائد، هذه الآية فيها فوائد كثيرة (...).فإن لم يكن رجلان إي نعم لماذا لم يقل: فإن لم يكن رجلان؟
* طالب: لأنه يعني: ما يشترط أن يكون هناك عدم وجود رجلين، فإذا كان رجل وامرأتين فلا بأس.
* الشيخ: لو كان لفظ الآية: فإن لم يكن رجلان.
* طالب: لو كانت الآية: فإن لم يكن رجلان، فإنه يعني لا يلجأ إلى شهادة المرأة.
* طالب: لو كانت الآية فإن لم يكن رجلان، فيكون المعنى: عدم وجود الرجال إطلاقًا غير المعني.
* الشيخ: لا.
* طالب: لم يقل: فإن لم يكن رجلان؛ لأنه لو قال ذلك كان لا يعدل إلى شهادة الرجل والمرأتان إلا في حال عدم وجود الرجلين.
* الشيخ: كان أيش؟
* الطالب: عدم العدول إلى شهادة الرجل والمرأتان، لا يكون ذلك العدول إلا إذا لم يوجد رجلين إطلاقًا.
* الشيخ: لو قال: فإن لم يكن رجلان، لكان لا يعدل إلى شهادة الرجل والمرأتين إلا عند عدم الرجلين، كذا؟ صح.قوله:
﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا﴾ فيها قراءات؟
﴿إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾؟
* طالب: تضل وتضلل.
* الشيخ: لا، ﴿أَنْ تَضِلَّ﴾ فيها قراءة، و﴿تُذَكِّرَ﴾ فيها قراءة.
* طالب: أما تذكر فيها قراءة: ﴿تُذَكِّرَ﴾ وتُذْكِر وتُذْكِرَ ثلاثة، وأما تضل القراءة المشهورة ﴿تَضِلَّ﴾، وتَضْلِل.
* طالب: أن وإن.
* الشيخ: أن وإن،﴿أَنْ تَضِلَّ﴾ و﴿إِنْ تَضِلَّ﴾. ما الفرق بين القراءتين؟
* طالب: أن بالفتح تكون مصدرية، (...) تكون للتعليل.
* الشيخ: لا.
* طالب: تكون شرطية.
* الشيخ: تكون شرطية، ﴿أَنْ تَضِلَّ﴾ تكون مصدرية، و﴿إِنْ تَضِلَّ﴾ تكون شرطية، هل يتغير النطق بتضل؟
* طالب: لا يتغير.
* الشيخ: لماذا مع أن إن الشرطية تجزم، وأن المصدرية تنصب؟
* الطالب: لو كانت مصدرية تؤول.
* الشيخ: لا، دعنا من التأويل، ما هو من جهة الإعراب، لكن من جهة النطق لتضل، هل يختلف على كون إن شرطية أو مصدرية؟
* الطالب: ﴿إِنْ تَضِلَّ﴾ (...) شرطية تكون تضل مجزومة.
* طالب: واحد يا شيخ.
* طالب: إذا كانت شرطية فتسكن اللام إن تضل.
* الشيخ: يعني ما يختلف النطق؟
* الطالب: لا ما يختلف.
* الشيخ: نعم.
* الطالب: تكون مبنية على الفتح في محل اسم تقول: ﴿أَنْ تَضِلَّ﴾ ولَّا ﴿إِنْ تَضِلَّ﴾ (...).
* الشيخ: يعني لا يختلف في النطق؟ إنما يختلف الإعراب، فعلى أن تكون مصدرية تكون تضل منصوبة بالفتحة الظاهرة، وعلى ﴿إِنْ تَضِلَّ﴾ مجزوم، وحرك بالفتح لالتقاء الساكنين، إي نعم.لماذا قال:
﴿فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾ ولم يقل: فتذكرها الأخرى؟
* طالب: ربما تنسى أحد المرأتين، وربما تنسى المرأتان.
* طالب: ربما تنسي هذه جملة وهذه جملة.
* الشيخ: يعني يكون النسيان من المرأتين جميعًا، صح؟ يعني: أن تضل إحداهما فتذكرها الأخرى، معناه: أن النسيان وقع من واحدة، فإذا قال: ﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾، صار معناه: أنه قد يكون النسيان من المرأتين جميعًا، وهو كذلك؛ فإنها قد تنسى واحدة بعض الجمل، والأخرى بعض الجمل.قوله:
﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ ما هنا؟
﴿إِذَا مَا دُعُوا﴾ وأيش ما هذه؟
* طالب: ما زائدة.
* الشيخ: ما زائدة؟ ما دليلك على أنها زائدة؟
* الطالب: ليس لها يعني معنى في هذا الموضع.
* الشيخ: لكن ما هو الدليل الذي يبنى على قاعدة معروفة عند النحويين؟
* الطالب: لأن المعنى: إذا دعوا.
* الشيخ: هذا..طالب: ربما تنسى المرأتان جميعًا.
* الشيخ: نعم.
* طالب: ربما تنسى هذه جملة وهذه جملة.
* الشيخ: يعني يكون النسيان من المرأتين جميعًا؛ يعني: أن تضل إحداهما فتذكرها الأخرى معناه أن النسيان وقع من واحدة؛ فإذا قال: أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى صار معناه أنه قد يكون النسيان من المرأتين جميعًا، وهو كذلك فإنها قد تنسى واحدة بعض الجمل والأخرى بعض الجمل. قوله:
﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ ما هنا؟
* الطالب: ما؟
* الشيخ: ﴿إِذَا مَا دُعُوا﴾ وأيش ما هذه؟
* طالب: ما زائدة.
* الشيخ: ما زائدة؟
* طالب: لا، ليست بزائدة.
* الشيخ: ما دليلك على أنها زائدة؟
* طالب: ليس لها يعني معنى في هذا الموضوع.
* الشيخ: لكن ما هو الدليل الذي يبنى على قاعدة معروفة عند النحويين؟
* طالب: لأن المعنى إذا دعوا.
* الشيخ: هذا المعنى صح، لكن نريد دليلًا مبنيًّا على قاعدة نحوية؟
* الطالب: ابن مالك يقول: يا طالبًا..
* الشيخ: أعطنا القاعدة وبعدين استشهد لها بالبيت؟
* الطالب: القاعدة أنها وقعت بعد إذا؟
* الشيخ: لأنها وقعت بعد إذا كذا؟ وَيَا طَالِبًا خُذْ فَائِدَهْ ∗∗∗ مَا بَــــــــــــــعْدَ إِذَازَائِــــــــــــدَهْ
خذها أنت يا أخ.. هذه الحروف الزائدات في القرآن الكريم، هل هي زائدة لفظًا ومعنى أو لفظًا فقط؟
* طالب: لفظًا ومعنًى.
* الشيخ: لفظًا ومعنًى.
* طالب: يعني زيادة المبنى يفيد زيادة في المعنى وزيادة في الإعراب.
* الشيخ: إذن يختلف زائدة معنى عن زائدة لفظًا، زائدة لفظًا يعني في الإعراب؛ لكن زائدة معنى أنها تزيد المعنى كذا ولّا لا؟ إذن نقول: هي زائدة زائدة زائدة كذا؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: زائدة من حيث الإعراب، زائدة من حيث المعنى أي أنها تزيد في المعنى أما في الإعراب فلا تزيد؛ لأنها لو حُذفت استقام الكلام. قوله:
﴿إِذَا مَا دُعُوا﴾ لماذا بناها للمجهول؟
* طالب: لأنه قد يكون الداعي لهم هو صاحب الحق، وقد يكون (...) فجعل الفعل مبنيًّا للمجهول ليعود..
* الشيخ: وقد يكون الحاكم.
* الطالب: وقد يكون الحاكم.
* الشيخ: ﴿إِذَا مَا دُعُوا﴾ لأنه قد يدعوهم صاحب الحق ليشهدوا له؛ أو من عليه الحق إذا ادعي عليه زيادة؛ أو الحاكم إذا تحاكم الخصمان عنده دعا الشهود؛ فلهذا جاءت مبنية للمجهول. قوله:
﴿وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوه﴾ وأيش معنى
﴿تَسْأَمُوا﴾؟
* الطالب: ﴿وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا﴾.
* الشيخ: نعم وأيش معنى ﴿تَسْأَمُوا﴾؟
* الطالب: السأم هو افتقاد الشيء.
* الشيخ: السآمة السآمة؟
* طالب: افتقاد الشيء، الإنسان يعنى لا يعبأ بهذا الشيء يقال: يعني هذا الشيء يعني سئم منه.
* الشيخ: لا.
* الطالب: هو الملل؛ أي لا تملوا.
* الشيخ: الملل؛ أي لا تملوا من كتابة الدين، كذا؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: هل لها شاهد مر عليك في الحديث؟
* طالب: نعم، يقول النبي ﷺ: «عَلَيْكُمْ مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا»(١٧).
* الشيخ: نريد السآمة؟ بمعنى الملل.
* طالب: السآمة بمعنى الملل في الحديث؟
* الشيخ: إي نعم، نحن ذكرناه لكم.
* الطالب: قول ابن مسعود رضي الله عنه من الصحابة قال: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا»(١٨).
* الشيخ: نعم مخافة السآمة علينا.
* طالب: فيه بيت شعر.
* الشيخ: طيب ما هو؟
* الطالب: يقول الشاعر: سَئِمْتُ تَكَالِيفَ الْحَيَاةِ وَمَنْ يَعِشْ ∗∗∗ ثَمَانِينَ حَوْلًا -لا أَبَا لَكَ-يَسْأَمِْ
* الشيخ:
سَئِمْتُ تَكَالِيفَ الْحَيَاةِ وَمَنْ يَعِشْ ∗∗∗ ثَمَانِينَ حَوْلًا -لا أَبَا لَكَ-يَسْأَمِْ
قال:
﴿صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ﴾ لماذا بدأ بالصغير؟ وما نوع هذا الانتقال عند البيانيين؟
* طالب: بدأ بالصغير يعني؛ لأنه قد يكون قليل ما يهتم به فنبّه عليه.
* الشيخ: أحسنت، بدأ بالصغير؛ لأنه مظنة أن لا يهتم به؛ أحسنت أما عند البيانيين فيقال: هذا انتقال من الأدنى إلى الأعلى. نظير هذا أن يُبدأ بالشيء خوف التهاون به قوله تعالى:
﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء ١١] أيهما الذي يبدأ به؟ الدين، لكن بدأ قدم الوصية لئلا يُستهان بها.
ذكرنا أن هذا الحكم -أي الكتابة- علَّله الله تعالى بثلاث علل قلها يا أخي؟
* الطالب: ثلاث عِلل: ﴿أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾؛ ﴿وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ﴾؛ ﴿وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا﴾.
* الشيخ: أحسنت، ماذا يفيد تعليل هذا الحكم بهذه العلل الثلاث؟
* الطالب: بيان سمو الشريعة واطمئنان المكلَّف.
* الشيخ: وأهمية هذا العمل.
* الطالب: أحكام العلل هذا.
* الشيخ: طيب، أقول: يراد بهذا بيان العناية بهذا الحكم؛ ولهذا علَّله الله تعالى هذا بثلاث علل؛ أنا ذكرت لكم أنني لا أعلم شيئًا عن هذه الثلاث علل، وأنتم أوردتم عِدة أمثلة عُلِّلت بثلاث عِلل؛ إذن يكون النفي السابق لا عمل عليه؛ لأنه قد يوجد شيء عُلّل بثلاث علل.
* * *قال الله تعالى:
﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ﴾.
أولًا: في هذه الجملة
﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً﴾ قراءتان:
﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً﴾؛ وقراءة الثانية بالرفع
﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةٌ حَاضِرَةٌ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ﴾ على الأول
﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً﴾ أين اسم كان؟ اسم كان مستتر. التقدير: إلا أن تكون الصفقة تجارة حاضرة إلى آخره.
وتكون
﴿تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ﴾ الجملة صفة ثانية لـ
﴿تِجَارَةً﴾، والصفة الأولى:
﴿حَاضِرَةً﴾.
أما على قراءة الرفع
﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةٌ حَاضِرَةٌ تُدِيرُونَهَا﴾ فإن
﴿تِجَارَةٌ﴾ اسم
﴿تَكُونَ﴾، و
﴿حَاضِرَةٌ﴾ صفة، و
﴿تُدِيرُونَهَا﴾ الجملة خبر كان.
يقول الله تعالى:
﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةٌ حَاضِرَةٌ﴾ أو
﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا﴾ ﴿تِجَارَةً﴾ التجارة هي كل صفقة يراد بها الربح فهي تجارة، واضح؟
تشمل البيع والشراء، وتشمل كذلك عقود الإيجارات؛ ولهذا سمى الله تعالى الإيمان والجهاد في سبيله سماه الله تجارة
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الصف ١٠].
وأما قوله:
﴿حَاضِرَةً﴾ فهي ضد قوله:
﴿إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ﴾ الحاضر يعني غير المؤجَّل؛ فإن الصفقة إما أن تكون حاضرة وإما أن تكون مؤجلة؛ وقد سبق بيان حكم المؤجل وأنه يجب أيش؟
* الطلبة: كتابته.
* الشيخ: الكتابة، كتابته. وقوله:
﴿تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ﴾ أي تتعاطونها بينكم بحيث هذا يأخذ سلعته والآخر يأخذ الثمن وهكذا؛ فالمراد هنا بالإدارة المراد بها المعاطاة؛ أي يعطيها بعضكم بعضًا.
يقول:
﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ﴾ الفاء هذه عاطفة أو للتفريع؛ يعني ففي هذه الحال ليس عليكم جناح ألا تكتبوها؛أي ليس عليكم إثم في عدم كتابتها، وقلنا في عدم كتابتها؛ لأن الفعل منصوب بـ (أن) الواقع بعدها نفي، وإذا نُصب الفعل بـ (أن) الواقع بعدها نفي فإنه يُحوّل إلى مصدر مسبوق بعدم، وأيش معنى بعدم؟ أي بكلمة عدم.
الآن نقول: أن ناصبة للفعل ولهذا قال:
﴿أَلَّا تَكْتُبُوهَا﴾ فحذف النون، أعقبها لا النافية، فإذا حولنا الفعل إلى مصدر فلا بُدَّ أن نأتي بكلمة عدم لتحل محل النفي؛ لأن النفي عدم، ومن أين قدَّرنا في؟ قدرناها بحسب السياق، فيكون التقدير: فليس عليكم جناح في عدم كتابتها.
وقوله:
﴿أَلَّا تَكْتُبُوهَا﴾ الضمير يعود على التجارة؛ فهذه التجارة المتداولة بين الناس ليس على الإنسان جناح إذا لم يكتبها؛ لأن الخطأ فيها والنسيان بعيد؛ إذ إنها حاضرة تُدار ويتعاطاها الناس بخلاف المؤجَّل.
ثم قال:
﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ أشهدوا على أي شيء؟ على البيع.
وقوله:
﴿إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ أي إذا وقع البيع بينكم، والتبايع في الأصل بل البيع في الأصل إنما يكون للمعطِي، والشراء للآخذ، ولكن قد يحصل التغليب فيقال: تبايع الرجلان، بدلًا من أن يقال: تَشارى الرجلان.
البائع يسمى بائعًا، والمشترِي يُسمى مبتاعًا، البائع يسمى شاري والآخر يسمى؟
* الطلبة: مشتري.
* الشيخ: مشتري، قال الله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ﴾ [البقرة ٢٠٧] أي يبيع نفسه. ﴿أَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ يعني إذا باع بعضكم على بعض فأشهدوا، وهذا الأمر قيل: للندب، وقيل: للإرشاد، والفرق بينهما أنه إذا جُعل للندب فهو من باب العبادات، وإذا جُعل للإرشاد فهو من باب المصالح العائدة على أمور الدنيا، هكذا قيل، وعندي أن الإنسان إذا امتثل ما أرشد الله إليه فإنه يُثاب بهذه النية حتى وإن قلنا: إن الأمر ليس للندب؛ لأن الرجل ما دام فعله امتثالًا لأمر الله فلا شك أنه يثاب على هذا.
وقوله:
﴿وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ﴾، كلمة
﴿يُضَارَّ﴾ مأخوذة من الضرر، ولكنها يحتمل أن تكون مبنية للفاعل أو مبنية للمفعول، ويختلف إعراب
﴿كَاتِبٌ﴾ و
﴿شَهِيدٌ﴾ بحسب بناء الفعل، فإن كانت مبنية للفاعل فـ
﴿كَاتِبٌ﴾ فاعل، وإن كانت مبنية للمفعول فـ
﴿كَاتِبٌ﴾ نائب فاعل.
ما الذي يُبيِّن لنا ذلك؟ يبين لنا ذلك إذا فُكّ الإدغام تبيَّن؛ فعلى أنها مبنية للفاعل إذا فككنا الإدغام نقول: ولا يُضارِر كاتب ولا شهيد، وعلى أنها مبنية للمفعول إذا فك الإدغام يقال: ولا يُضارَر كاتب ولا شهيد، مثل يشارِك ويشارَك؛ يشارِك فاعل، يشارَك مفعول، ومثل أيضًا مختار هل هي مبنية للفاعل ولّا للمفعول؟
* الطلبة: تصلح.
* الشيخ: تصلح لهذا وهذا كذا؟ إن كانت للفاعل فهي مختارِر، وإن كانت للمفعول فهي مختارَر. ومثلها ما سبق لنا
﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ﴾ [البقرة ٢٣٣] أي لا تضارِر وتكون فاعل، ولا تضارَر فتكون نائب فاعل.
وهذا من بلاغة القرآن أن تأتي الكلمة صالحة لوجهين لا ينافي أحدهما الآخر.
فهنا
﴿وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ﴾ إذا جعلناها فاعلًا صار معنى الآية أن الله سبحانه وتعالى نهى أن يضارّ كاتب أو يضارّ الشهيد، يعني أن يعمل عملًا يَضُر المكتوب له أو عليه، هذا إذا كان فاعلًا كذا؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: وكذلك نقول في الشاهد أن يعمل الشاهد عملًا يكون فيه ضرر على المشهود له أو عليه، أما إذا جعلناها نائب فاعل فنقول: لا يجوز للمكتوب له أو عليه أن يُضار الكاتب، ولا يجوز للمشهود له أو عليه أن يُضار الشهيد. فإذا قلت: كيف مضارّة الكاتب؟ مَضارّة الكاتب إما مضارة حِسية أو مضارة معنوية، المضارة الحسية أن نُملِّل الطالب إذا طُلب منه أن يكتب، نُملِّله أو يتكره لما يجب عليه من الانقياد إلى الكتابة، فيقولون: تعالَ اكتب يقعد يحبرش بالقلم ويحك الريشة وينظفه ويبغي وعيله يمشي وما أشبه ذلك.
ربما يملّ الطالب وينصرف كذا، هذه مضارة حسية.
المضارة المعنوية أن يُخل بشيء يختل به الحكم، مثل أن يترك بعض الشروط، أو أن يأتي بأوصاف تُوجب فساد العقد، أو ما أشبه ذلك، هذه لا شك أنها مضارة، لكنها مضارة معنوية؛ لأن المكتوب له قد لا يعرف هذه الأمور، والكاتب هو الذي يعرف، كذا.
أما في الشهادة فيطلب من الشهيد أن يشهد ويتحمل يقول: طيب روح هاد آجي (...) يذهب يبقى عشر دقائق عشرين دقيقة ثلاثين دقيقة يأتي إليه، يلّا تعال اشهد، يقول: انتظر هذا تقدم وأنا وراءك، ويتقدم وهو وراءه كما يقول، ويبقى نصف ساعة، ساعة إلا ربع فيرجع إليه فيقول: تقدم هاجي وراءك وكلما جاء تقدم جاي وراءك، أذن الظهر قال: نبغي نصلي قبل، صلى الظهر قال: جاء الغداء، انتهى الغداء قال: جاء النوم. على كل حال هذه مضارة حسية ولا معنوية؟
* الطلبة: حسية.
* الشيخ: حسية، يمكن يكون من الشاهد مضارة معنوية؟ يمكن، يزيد في شهادته أو ينقص، أما مضارتنا نحن للكاتب فأن نأتيه في وقت لا يناسب أن نأتيه فيه مثل أن نأتيه الساعة الواحدة من الليل يعني بعد منتصف الليل بساعة قرعنا عليه الباب وأيش عندك؟ قال: امشِ اكتب لي بيني وبين فلان، فيه مضارة؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: إي نعم، أو بعد أن قُدم الغداء أو العشاء جئنا نقول أو في شدة حر أو شدة برد أو مطر أو غير ذلك، هذه هي المضارة. إذا قال قائل: كيف يكون فيه مضارة؟ أفلا يستطيع أن يقول:أنا لا أكتب؟ قلنا: نعم، يستطيع أن يقول: أنا لا أكتب وهو معذور، لكن قد يلحقه حرج في ذلك، هو بنفسه يفكر أنا أخطأت، أنا ما امتثلت أمر الله تعالى في قوله:
﴿وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ﴾ أنا أخطأت ربما إني خالفت قول الله تعالى:
﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ وحينئذٍ يقع في نفسه شيء من الحرج والقلق، هذا نوع مضارة، هذا إذا جعلنا أن الكاتب والشهيد على أنها نائب فاعل.
قال الله تعالى:
﴿وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ﴾،
﴿وَإِنْ تَفْعَلُوا﴾ أي يُضار الكاتب أو الشهيد على الوجهين.
﴿فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ﴾ فإنه أي الفعل، من أين عرفنا أنه الفعل؟ من قوله:
﴿وَإِنْ تَفْعَلُوا﴾ لأن الفعل مُتضمن للمعنى الذي هو المصدر وللزمن. إذن
﴿وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ﴾ أي فعلكم.
فإذا قال قائل: ما سبق كلمة فعل؟ نقول: لكنه مفهوم من كلمة:
﴿إِنْ تَفْعَلُوا﴾، ونظير ذلك قوله تعالى:
﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [المائدة ٨] هو أيش؟
* الطلبة: العدل.
* الشيخ: أي العدل المفهوم من كلمة: ﴿اعْدِلُوا﴾. فهنا نقول: ﴿فإنه﴾ أي الفعل المفهوم من كلمة ﴿تَفْعَلُوا﴾. وقوله:
﴿فُسُوقٌ بِكُمْ﴾ أي خروج بكم عن الصراط المستقيم وعن طاعة الله، وأصل الفسق في اللغة الخروج، ومنه قولهم: فسقت الثمرة إذا خرجت من قشرها، فيكون الفسق الخروج عن الطاعة، وإنما كان هذا فسوقًا بمن فعل؛ لأنه خروج عن طاعة الله عز وجل.
ثم قال:
﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ اتقوا الله سبق عِدة مرات أن التقوى اتخاذ وقاية من عذاب الله، ويكون ذلك.
* الطالب: اتخاذ وقاية من عذاب الله بالبُعد عن معاصي الله.
* الشيخ: نعم، لكن بماذا يكون؟ اتخاذ الوقاية بماذا يكون؟
* طالب: الأعمال الصالحة.
* الشيخ: وأيش بعد؟
* طالب: بفعل أوامره واجتناب نواهيه.
* الشيخ: نعم، اتخاذ الوقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه كذا. وقال بعض العلماء: التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك ما نهى الله على نور من الله تخشى عقاب الله.
وقال بعضهم في ذلك معنى ثالثًا؟
* طالب: شيخ، أن لا يراك حيث نهاك وأن لا يفتقدك حيث أمرك.
* الشيخ: نعم.
* طالب: خَلِّ الذُّنُـــــــــــوبَ صَغِيرَهَــــــــــــا ∗∗∗ وَكَـــــــبِيرَهَا ذَاكَ التُّقَـــــــى؎وَاعْمَلْ كَمَاشٍ فَوْقَ أَرْضِ ∗∗∗ الشَّوْكِ يَحْذَرُ مَا يَــــــرَى ؎لَا تَحْقِــــــــــــــــــــــــــرَنَّصَـــــــــــغِيـــــرَةً ∗∗∗ إِنَّ الْجِبَالَ مِنَ الْحَصَى
* الشيخ: إي نعم، هذه منظومة:
خَلِّ الذُّنُـــــــــــوبَ صَغِيرَهَــــــــــــا ∗∗∗ وَكَـــــــبِيرَهَا ذَاكَ التُّقَـــــــى؎وَاعْمَلْ كَمَاشٍ فَوْقَ أَرْضِ ∗∗∗ الشَّوْكِ يَحْذَرُ مَا يَــــــرَى ؎لَا تَحْقِـــــــــــــــــــــــــــرَنَّصَـــــــــــغِيـــــرَةً ∗∗∗ إِنَّ الْجِبَالَ مِنَ الْحَصَى
لكن المعنى الأول أجمع: اتخاذ الوقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه.
ثم قال:
﴿وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾ الواو هنا للاستئناف، ولا يصح أن تكون معطوفة على التقوى، بل مُستأنفة، يعني اتقوا الله بفِعل كل ما سبق، ثم بيَّن أن كل ما سبق من الإرشادات والتوجيهات كلها تعليم من الله عز وجل
﴿وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾، وإنما قلنا ذلك حذرًا من أُناس ادَّعوا العلم اللدني بسبب تقواهم كما زعموا، وهم الصوفية الذين قالوا: إن رؤساءَهم يأخذون العلم من الله مباشرة بدون وحي؛ لأنهم اتقوا الله، والله يقول:
﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾، وهذا لا شك أنه خطأ وخطل وكُفر بالرسالة، الذي يدَّعي أنه يتلقى من الله تعليمات غير تعليمات الرسول ﷺ كافر برسالة الرسول ﷺ، لكنهم يقولون:التقوى عندنا والله يقول:
﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾، وهو أيضًا من ناحية المعنوية ليس بصواب؛ يعني هو خطأ الناحية العقدية، وخطأ من الناحية النحوية والعربية؛ لأنه لا يُعطف الخبر على الإنشاء
﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ إنشاء
﴿وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾ خبر، وخطأ من ناحية ثالثة المعنوية، الخطأ المعنوي وهو أنه لا تقوى إلا بعلم، فالعلم سابق على التقوى؛ لأنك إذا لم يكن لديك علم، فماذا تتقي؟
إلا أن يدَّعي مدعٍ أن قوله:
﴿وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾ أي زيادة على ما عندكم، فإن ادعى هذه الدعوى منع ذلك الوجهان السابقان.
وهنا قال:
﴿وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾ فأظهر، وقال:
﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ فأظهر، وقال:
﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ فأظهر.
ولو كان في غير القرآن وقيل: واتقوا الله ويعلمكم وهو بكل شيء عليم، يستقيم الكلام؟
* الطلبة: يستقيم.
* الشيخ: لكن الله تعالى أظهر في موضع الإضمار في هذه الجمل ليتبين أن كل جملة مستقلة عما قبلها وهو كذلك، فكل جملة مستقلة، فالخطاب في: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ لنا والتقوى من عملنا، والتعليم في قوله: ﴿وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾ من الله عز وجل وهو لنا، من الله لنا، والتقوى منا لله. ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ هذا لله وحده. ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ فيما يتعلق بأفعالنا وأفعاله.
وقوله:
﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ يشمل كل ما في السماء والأرض كما قال الله تعالى:
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ [آل عمران ٥] فعِلم الله تعالى واسع شامل للصغير والكبير والدقيق والجليل، وشامل للمستقبَل والحاضر والماضي، وشامل لما يتعلق بفعله وفعل مخلوقاته، وشامل للواجب والجائز والمستحيل، كذا؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: لعموم قوله: ﴿بِكُلِّ شَيْءٍ﴾ فمن تعلقه بالواجب مثال لتعلقه بالواجب؟
* الطالب: إن الله موجود.
* الشيخ: كيف وأيش معنى إن الله موجود؟
* الطالب: الله موجود يعني الله يعلم أنه موجود.
* الشيخ: لا، نريد مثالًا ذكر الله فيه العلم وهو مما يتعلق بالواجب؟
* الطالب: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [الأنعام ١٢٤].
* الشيخ: هذا يمكن يصح لكن على وجه بعيد.
* طالب: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ﴾ [آل عمران ١٨].
* الشيخ: هذا.
* الطالب: واجب.
* الشيخ: هذا واجب الانفراد بالألوهية واجب. وبالمستحيل؟ تعلق علم الله بالمستحيل؟
* طالب: قول الله ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا﴾ [آل عمران ١٨١] والكتابة تتضمن.
* الشيخ: غير هذا؟ لأنه قال: ما قالوا وقد وقع هذا.
* طالب: قوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [الأنبياء ٢٢].
* الشيخ: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ فأخبر عن شيء ممتنع مترتب على شيء ممتنع. طيب بالممكن؟
* الطالب: وجود الإنسان، وجود المخلوقات.
* الشيخ: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ ﴿فِي كَبَدٍ﴾ [البلد ٤].
* الطالب: الوجه الآخر للرد على من يجادل يقول ﴿وَيُعَلِّمُكُمُ﴾، ﴿وَاتَّقُوا﴾. نقول ﴿وَاتَّقُوا﴾ هذه مجزومة و﴿وَيُعَلِّمُكُمُ﴾ مرفوعة؟
* الشيخ: لأ.
* الطالب: لأيش؟
* الشيخ: لأن هذه مبنية (اتقوا) فِعل أمْر هذا.
* طالب: شيخ، إذا قال ﴿لَا تُضَارَّ﴾ مبنية على المفعول أيش يكون إعراب ﴿وَلَا شَهِيدٌ﴾؟
* الشيخ: معطوفة على كاتب، هي معطوفة على كاتب على كل حال.
* الطالب: النائب، إذا بني على أنه مفعول به؟
* الشيخ: النائب، الفعل إذا بُني للمفعول يكون نائب الفاعل هو المفعول به في المعنى، نائب الفاعل هو المفعول به في المعنى، فإذا قلت مثلًا: ضُرب زيد، فزيد نائب فاعل وهو المفعول به في المعنى؛ لأن هو المضروب.
* طالب: شيخ، قلنا:إنه لا يصح عطف الخبر على الإنشاء، والعكس أيضًا صحيح أنه لا يصح عطف الإنشاء على الخبر؟
* الشيخ: هي المسألة كلها خلافية، لكن المشهور من رأي البصريين أنه لا يصح.
* طالب: المناقشة في المشهور أنه لا يصح الوجهان.
* الشيخ: نعم.
* طالب: الراجح في ﴿وَأَشْهِدُوا﴾ الأمر هنا.
* الشيخ: إيه بيجينا في الفوائد.
* طالب: شيخ، قول الله سبحانه وتعالى ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ﴾ هل يأخذ منها وجوب الكتابة، معناته (...) هل معناته إذا لم تكن في التجارة هذا يكون فيه (...).
* الشيخ: وأيش هذه؟ هذه فائدة.
* طالب: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ [البقرة ٢٨٢] الاستشهاد يكون في حال الكتابة أو في حال المداينة؟
* الشيخ: لا حال المداينة، وإذا لم يمكن فحال المكاتبة؛ لأن المكاتبة قد تتأخر.
* طالب: شيخ ﴿فُسُوقٌ بِكُمْ﴾ ما معنى بكم هنا؟
* الشيخ: الباء هنا بمعنى (في) أي فسوق فيكم.
* طالب: قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا﴾ [الأنفال ٢٩] يعني هل فيه علاقة في ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾؟
* الشيخ: لا، على القول الصحيح ما فيها، لكن الآية التي أشرت إليها تدل على أن الإنسان إذا اتقى الله سبحانه وتعالى جعلَ له فرقانًا بين الحق والباطل والصدق والكذب.
* الطالب: ذكر يا شيخ شيخ الإسلام أن منزلة التقوى قد تصل إلى..
* الشيخ: إلى أيش؟
* الطالب: منزلة التقوى قد تصل في العدل إلى أنه يعني في بعض الأمور التي لم يأتِ الشرع بأدلة عليها أنه يفتي بها بعلمه؟
* الشيخ: لا لا، يعني أن الله يفتح عليه؟
* الطالب: إي نعم.
* الشيخ: لكنه من أدلة الشرع.
* الطالب: ما (...).
* الشيخ: أيه من أدلة الشرع معلوم، يعني قد يلقي الله سبحانه وتعالى في ذهن الإنسان من الفهم ما لا يحصل لغيره، وقد يُوفق الإنسان يقول قولًا فيشهد له الحق مثل لو فُرض إني أنا مثلًا في تأملي قلت: هذا حرام وأنا ما عندي فيه نص، ثم إني اطلعت على نص يحرمه، هذا ربما يقع مثل ما حصل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث وافق الله في عدة مسائل.
* الطالب: قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر ٢٨] هذه الآية ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾ يعني يكون نتيجة العلم التقوى؟
* الشيخ: إي نعم، ونتيجة العلم الخشية والخوف.
* الطالب: يعني (...).
* الشيخ: إيه، لكن إحنا قلنا: إن هذه الجمل كل واحدة مستقلة عن الأخرى، ولهذا أظهر، قال: ﴿وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾ ثم قال: ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.
* طالب: شيخ، يشهد لهذا المعنى قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: قال: الْحَسَنُ مَا اسْتَحْسَنَهُ النَّاسُ،يقصد به الصحابة أنهم كانوا من تقواهم لله تعالى يعني الحسن الذي يعني..
* الشيخ: قال «مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا»(١٩).
* الطالب: ما رآه المسلمون حسنًا في حسن، معناه ما يدل هذا عليه أن الله سبحانه وتعالى يعني يُوفِّق العبد هذا (...)؟
* الشيخ: هذا يدل على الإجماع، أن المسلمين إذا أجمعوا على شيء بأن هذا حسن صار حسنًا، ما رآه المسلمون حسنًا فهو حسن.
* الطالب: التقوى الله سبحانه وتعالى يدخل في هذا الشيء فيجتنب ما يكره الله.
* الشيخ: إي نعم، ولا شك أنه إذا وهب الله الإنسان علمًا وتقوى فإنه يسدده ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ [الطلاق ٢]. (٢٠)
(١) أخرجه ابن المبارك في الزهد (٣٦) من حديث ابن مسعود.
(٢) أخرجه أبو داود (١٦٧٢) من حديث عبد الله بن عمر.
(٣) أخرجه معمر في الجامع (٢٠٢٦٢) من حديث أبي قلابة.
(٤) أخرجه سعيد بن منصور في التفسير (٥٠) من حديث ابن مسعود.
(٥) أخرجه أبو داود في سننه (١٦٧٢)، والنسائي في المجتبى (٢٥٦٧) من حديث ابن عمر.
(٦) أخرجه معمر في الجامع (٢٠٢٦٢)، والبيهقي في الأسماء والصفات (١٣٢) من حديث أبي قلابة
(٧) متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٢٢٥٣)، ومسلم (١٦٠٤ / ١٢٧) من حديث ابن عباس. واللفظ له.
(٨) أخرجه البخاري (٢٠٧٦) من حديث جابر بن عبد الله.
(٩) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (٥ / ٧٠) من حديث ابن عباس.
(١٠) متفق عليه؛ أخرجه البخاري (١٩٧٠)، ومسلم (٧٨٢ / ٢١٥) من حديث عائشة.
(١١) متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٥٨١)، ومسلم (٨٢٦ / ٢٨٦) من حديث عمر.
(١٢) أخرجه البخاري (٣٠٤) من حديث أبي سعيد الخدري، ومسلم (٧٩ / ١٣٢) من حديث ابن عمر.
(١٣) متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٢٧٣٨)، ومسلم (١٦٢٧ / ١) من حديث ابن عمر.
(١٤) متفق عليه؛ أخرجه البخاري (١٩١٣)، ومسلم (١٠٨٠ / ١٥) من حديث ابن عمر.
(١٥) متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٢٤٣٤)، ومسلم (١٣٥٥ / ٤٤٧) من حديث أبي هريرة.
(١٦) متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٣)، ومسلم (١٦٠ / ٢٥٢) من حديث عائشة.
(١٧) أخرجه مسلم (٧٨٥ / ٢٢١) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(١٨) متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٦٨)، ومسلم (٢٨٢١ / ٨٢) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، واللفظ لمسلم.
(١٩) أخرجه الطبراني في الأوسط (٣٦٠٢) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله.
(٢٠) اختُصِرَ كلام المؤلف لشدة طوله