الباحث القرآني
يقول الله عز وجل: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾.
أولًا: الإعراب ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾، ﴿لَا﴾ نافية للجنس تعمل عمل (إنَّ)، و﴿إِكْرَاهَ﴾ اسمها، و﴿فِي الدِّينِ﴾ خبرها.
وقوله: ﴿قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾ ﴿تَبَيَّنَ﴾ أي: تميَّز، والجملة هنا ترتبط بما قبلها في المعنى في التعليل، أي أنها كالتعليل لما سبق.
وقوله: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ﴾ (مَنْ) شرطية، و﴿يَكْفُرْ﴾ فعل الشرط مجزومًا بها، جملة: ﴿فَقَدِ اسْتَمْسَكَ﴾ جواب الشرط، واقترنت الفاء بجواب الشرط؛ لأنه لا يصلح أن يكون شرطًا، وابن مالك رحمه الله يقول في الألفية:
؎وَاقْرِنْ بِفَا حَتْمًا جَوَابًا لَوْ جُعِـلْ ∗∗∗ شَرْطًا لِإِنْ أَوْ غَيْرِهَا لَمْيَنْجَـعِلْ
فهنا (قد) لو أنك قلت: إن قد، ما يصلح؛ لهذا وجب اقتران الجواب بالفاء، وقد مر علينا بيت ذكرت فيه الجمل التي تقترن بالفاء إذا كانت جوابًا للشرط يقرؤه علينا الأخ؟
* طالب:
؎اسْمِيَّــةٌ طَلَبِيَّــةٌ وَبِجَامِـدٍ ∗∗∗ وَبِمَـا وَقَـدْ وَبِلَـنْوَبِالتَّنْفِيـسِ
* الشيخ:
؎اسْمِيَّــةٌ طَلَبِيَّــةٌ وَبِجَامِـدٍ ∗∗∗ وَبِمَـا وَقَـدْ وَبِلَـنْوَبِالتَّنْفِيـسِ
هذه (قد).
وقوله: ﴿لَا انْفِصَامَ لَهَا﴾ إعرابها كما سبق، بأن ﴿لَا﴾ نافية للجنس، و﴿انْفِصَامَ﴾ اسمها، و﴿لَهَا﴾ الجار والمجرور خبرها.
ثم نبدأ بالمعاني: فيقول الله عز وجل: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾، وهذه الجملة -كما نشاهد- نفي، لكن هل هي بمعنى النهي أو أنها خبر محض؟
فقيل: إنها بمعنى النهي، أي: لا تكرهوا أحدًا على دين الله، وعلى هذا القول قيل: إنها منسوخة، وقيل: بل مخصوصة، قيل: إنها منسوخة بآيات الجهاد، وقيل: مخصوصة بآيات الجزية، والذين قالوا: بأنها مخصوصة، اختلفوا هل هي عامة أو في أهل الكتاب فقط، هذا على القول بأن النفي هنا بمعنى النهي.
أما إذا قلنا: بأن النفي خبر محض، أي: أن الله يخبر بأنه لن يكره أحد على الدين؛ لأنه سيدخل الدين مختارًا بدليل قوله: ﴿قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾، فالأمر واضح، والإنسان متى نظر في الدين نظرة فاحص بعلم وعدل، فإنه سيختار الدين؛ دين الإسلام دون غيره، وعلى هذا فيكون خبرًا محضًا مفاده: أن الناس لن يدخلوا في دين الله تعالى مكرهين، بل سيدخلون مختارين؛ لأن الرشد بيِّن والغي بيِّن، وكل إنسان عاقل فإنه سوف يكون في الرشد دون الغي؛ لأن هذا هو مقتضى العقل ومقتضى الفطرة، أيُّ الأمرين أولى؟
* طالب: الثاني.
* طالب: الأخير.
* الشيخ: الظاهر أن الثاني أولى؛ لأنه يدل دلالة ناصعة على أن الدين الإسلامي دين الفطرة الذي لا يمكن أن يختاره أحد على وجه الإكراه، بل لا يختاره إلا وهو منقاد له مقتنع به.
أما على الأول فقلت لكم: إن العلماء اختلفوا هل الآية منسوخة أو محكمة، أو هي مخصوصة، وعلى القول بالتخصيص هل هو خاص بأهل الكتاب أو عام، والذي يظهر من الأدلة -على القول بأنها للنهي- أنها مخصوصة؛ لأن غير المسلمين مجبرون على الإسلام أو بذل الجزية أو المقاتَلَة ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة ٢٩]، عرفتم؟ وما هو دين الحق؟
* الطلبة: الإسلام.
* الشيخ: الذي بعث به الرسول عليه الصلاة والسلام كما قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ﴾ [التوبة ٣٣]. وإنما نبهت على ذلك لئلا يقول أهل الكتاب: إنهم على حق، وليسوا على حق، بل هم على باطل بعد أن بعث الرسول عليه الصلاة والسلام.
إذن نقول: الآية عامة لكنها مخصوصة، أي أننا نقول: أَكْرِهُوا الكفار على الإسلام أو بذل الجزية ولا بد، فإن أبوا فإنهم يقاتَلون؛ وهكذا كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا أمَّر أميرًا على جيش أو سرية أمره بهذه الخصال الثلاث: الإسلام، فإن أبوا فالجزية، فإن أبوا فالقتال[[ينظر ما أخرجه مسلم (١٧٣١ / ٣) من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه.]]، ولا بد؛ لأن الكافر مهما كان إذا بقي على كفره فسيكون ضد الإسلام بقدر ما يستطيع.
ولا تظن أن كافرًا يكون سِلمًا للإسلام أبدًا إلا خوفًا من الإسلام، وإلا فإنه سيسعى بكل جهده على إخراج الناس من النور إلى الظلمات مهما كان؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: إنهم أعداء لنا، والعدو لا يمكن أن يسعى لصديقه بخير أبدًا ما عاش.
أما على القول الثاني وهو: أن هذا الدين لا يمكن أن يدخله أحد كارهًا، بل سيدخله مختارًا إذا نظر فيه بعدل وعلم، إذا نظر فيه بعدل وعلم فإنه لن يختار غيره، فهذا الدين الإسلامي ما أمر بشيء فقال العقل: ليته لم يأمر به، ولا نهى عن شيء فقال العقل: ليته لم ينهَ عنه.
وقوله: ﴿لَا إِكْرَاهَ﴾ الإكراه بمعنى: الإرغام على الشيء. فإن قلت: ألا يمكن أن تحتمل الآية معنًى ثالثًا وهو أن هذا الدين عفا عمَّا يفعله الإنسان مكرهًا، وأن معنى الآية: لا أثر للإكراه في الدين؟
فالجواب: هذا وإن كان يحتمله اللفظ من بُعد، لكن ما بعده يمنعه وهو قوله: ﴿قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾.
وقوله: ﴿فِي الدِّينِ﴾ الدين يطلق على العمل، ويطلق على الجزاء، أما إطلاقه على العمل ففي مثل قوله تعالى: ﴿وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة ٣]، ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ [آل عمران ١٩].
وأما إطلاقه على الجزاء فمثل قوله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ﴾ [الانفطار ١٧، ١٨] أي: يوم الجزاء. وقد قيل: كما تدين تدان، يعني: كما تعمل تجازى.
وهنا ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ المراد به أيش؟ الجزاء ولَّا العمل؟
* الطلبة: العمل.
* الشيخ: العمل، المراد به العمل، ثم هل المراد به كل دين، أو دين الإسلام؟ دين الإسلام بلا شك، فـ(أل) هنا للعهد الذهني، يعني: الدين المفهوم عندكم أيها المؤمنون وهو دين الإسلام.
وقوله عز وجل: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾ ﴿تَبَيَّنَ﴾ هنا ضُمِّنت معنى تميَّز، وكلما جاءت (مِنْ) بعد (تبيَّن)، فإنها مُضمَّنة معنى التميز؛ لأن (تبيَّن) من حيث المدلول المطلق أو من حيث مطلق المدلول إنما تدل على الوضوح: تبينَ الصبحُ، تبينَ الأمرُ، وما أشبه ذلك، أي: اتضح، لكن عندما تأتي (مِنْ)، فإنها تضمن معنى التميز، أي: تميز هذا من هذا. فقوله: ﴿قَدْ تَبَيَّنَ﴾ أي: ظهر، ﴿الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾.
قال الله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ﴾ [الحجرات ٧]، فالرشد هنا بمعنى حسن المسلك وحسن التصرف، أن الإنسان يتصرف تصرفًا يُحمد عليه، وذلك بأن يسلك الطريق الذي به النجاة.
وأما الغي فهو ضد الرُّشد، وهو سوء المسْلَك، بأن يسلك الإنسان ما لا يحمد عليه، لا في الدنيا ولا في الآخرة، هذا هو الغي، بماذا تبين؟ تبين الرشد من الغي بعدة طرق:
أولًا: بالكتاب، فإن الله سبحانه وتعالى فرَّق في هذا الكتاب العظيم بين الحق والباطل، والصلاح والفساد، والرشد والغي ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحل ٨٩]، كل شيء، فهذا من أقوى طرق البيان.
تبينَ أيضًا بسنة النبي ﷺ، فإن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام بيَّنت القرآن ووضحته، ففسرت ألفاظه التي تُشكِل ولا تعرف إلا بنصٍ، وكذلك وضَّحت مجملاته ومبهماته، وكذلك بيَّنت ما فيه من تكميلات يكون القرآن أشار إليها وتكملها السنة، قال الله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل ٤٤]، فهذا أيضًا من طُرق البيان؛ بيان الرشد من الغي.
الطريق الثالث: هدْي النبي عليه الصلاة والسلام وسُلوكه في عبادته ومعاملته ودعوته، فإنه بهذه الطريق العظيمة تبيَّن للكفار وغير الكفار حُسن الإسلام، وتبيَّن الرشد من الغي.
الطريق الرابع مما يتبين به الرشد من الغي: سلوك الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، الخلفاء الراشدون وفي مقدمتهم الخلفاء الأربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، فإن بطريقتهم بان الإسلام واتضح، وكذلك من كان في عصرهم من الصحابة على سبيل الجملة لا التفصيل، فإنه قد تبين بسلوكهم الرشدُّ من الغي، وإن كان في عهد علي بن طالب رضي الله عنه وكثير من خلافة عثمان دخل في الدين من دخل، فحصل ما حصل من الفتن، لكن لا شك أن عصورهم خير العصور.
هذه الطرق الأربع تبين فيها الرشد من الغي، فمن دخل في الدين في ذلك الوقت، فقد دخل من هذه النافذة، بل -على الأصح- من هذا الباب.
ولم يُصِبْ من قال: إن الدين انتشر بالسيف والرُّمْح، هذا إنما يقوله أعداء الإسلام، يريدون أن يجعلوا المسلمين أمة مستعمرة قهرت بالغلبة لا بما هي عليه من الدين والأخلاق؛ ولذلك من تأمل الذين دخلوا في دين الإسلام عرف أنهم إنما دخلوا عن رغبة في ذلك الإسلام الذي هو الرشد.
إذا كانت هذه الأربعة هي الطرق، فلننظر الآن هل لدينا في هذا العصر طريق يتبين به الرشد من الغي؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: ما هو؟
* طالب: القرآن.
* طالب آخر: الكتاب والسنة.
* الشيخ: الكتاب والسنة، لكن هل نحن حقيقةً ألقينا الكتاب والسنة بين يدي الناس على ما هم عليه؟ أبدًا، ليس هناك تفسير واضح للقرآن يجلب الناس إليه، أكثر ما يدعو بعض الدعاة الكفار من الناحية التي يسمونها الناحية العلمية البحتة، كعلم الفلك وعلم التشريح وما أشبه ذلك، والحقيقة -نعم أنا لا أنكر هذه الطريقة ولا أقول: إنها غير مجدية، هي مجدية ونافعة بلا شك- لكني أريد أن يدخل الناس أو يُدعى الناس من جهة أخرى، من جهة عبودية الله عز وجل، وتحرير القلب من عبودية كل مخلوق، حتى يكون الإنسان موحدًا لله عز وجل قبل أن يكون معظمًا لآياته التي أودعها هذا الكون؛ لذلك لو أننا عرضنا الإسلام معرضًا صحيحًا بإفراد العبودية لله عز وجل وتحرير القلب من عبودية أي مخلوق، من عبودية النفس، عبودية الشيطان، وعبودية الإنسان، لكان هذا هو الحقيقة المعرض الصحيح الذي يعلق القلب بمن؟
* طالب: بالله.
* الشيخ: بالله عز وجل، لكن عندما نعرض هذه الآيات الكونية التي يسمونها العلمية، والعلم الحقيقي الذي يجب أن يكون علمًا هو علم الشريعة ما هو علم الطبيعة، علم الطبيعة لا ننكر أن يكون علمًا، لكنه علم قاصر بالنسبة إلى علم الشريعة؛ ولهذا حُقَّ بأهل العلم -عِلم الشريعة- أن يُسموا هم: أهل العلم، وأن لا يطلق العلم إلا على علم الشريعة.
أقول: إننا إذا نظرنا إلى علم الطبيعة وما أودع الله فيه من الحكم البالغة والقُدَر الباهرة، فإننا نظرنا من زاوية ناقصة وهي: تحقيق الربوبية وتوحيد الرب بها، لكن هذا غير كافٍ، فلا بد من أن ننظر إلى الزاوية الأخرى التي جاءت بها الرسل وهي: العبودية والألوهية؛ لأنها هي الأصل، وماذا ينفع الإنسان إذا اعترف بأن هناك خالقًا حكيمًا لكنه لا يعبده ماذا يستفيد؟! ماذا يستفيد إذا عرف قدرة الله الباهرة وحكمته البالغة فيما ركب من طبائع البشر، وفيما خلق في أجسامهم من دقائق المخلوق، وكذلك في الكون العلوي والسفلي ماذا يُفيد؟ نعم، هذا صحيح ما خلق نفسه ولا جاء صدفة، لا بد له من خالق عظيم قادر حكيم، لكن ما يكفي هذا، إذا أقررت بذلك ولم تعبده، صار ضارًّا عليك، صار ضرر هذا العلم أكبر من نفعه، فأنا أقول: في الواقع أن طرق تبين الرشد الآن بالنسبة للمسلمين ضعيفة جدًّا، ما بينوا الرشد للناس، ائت إلى معاملة الناس الآن في الأسواق ويش تجدهم؟ بعيدة من الرشد ولا قريبة على الرشد؟
* الطلبة: بعيدة.
* الشيخ: بعيدة وغريبة عن الرشد، كذب، خيانة، حلف كاذب، كلمات نابية حتى في الأسواق، ائت مثلًا في شذوذ بعض الناس بتتبع النساء ومغازلتهن والافتتان بهن، هذا أيضًا شذوذ عظيم، يعني من يرضى كما جاء في مسند أحمد[[ينظر مسند أحمد (٢٢٢١١) حديث أنّ فتًى شابًّا أتى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، ائذنْ لي بالزنى. فأقبلَ القومُ عليه فزجروه وقالوا: مَهْ مَهْ. فقال: «ادنهْ»، فدنا منه قريبًا. قال: فجلس قال: «أتحبُّهُ لأمِّكَ؟» قال: لا والله جعلني الله فداءك.. الحديث، من حديث أبي أمامة رضي الله عنه.]] : من يرضى أن أحدًا يفعل بأهله هذا؟
* الطلبة: لا أحد.
* الشيخ: لا أحد يرضى، كيف إذا كنت لا ترضى أن يُفعل بأهلك لماذا تفعله بأهل الناس؟ أي فرق؟ أليس هذا انتكاس؟ أقول: أليس هذا انتكاسًا؟
* الطلبة: بلى.
* الشيخ: بلى، انتكاس عظيم، وهل هذا رُشد؟
* الطلبة: لا.
* الشيخ: أبدًا، فنحن إذا عرضنا للناس الدين الإسلامي بهذا العرض أعتقد أننا لم نبين للناس بأفعالنا الرشد من الغي، ما قيمة كلمة تقال في محفل أو في مسجد، ويثنى على الإسلام بها، ويبين أوامر الإسلام، ولكنك إذا طلعت من هذا المسجد أو هذا المحفل، وعند عتبة هذا المكان تجد ما يناقض هذا القول؟ ويش القيمة؟!
الآن أناس كفار قد يكونون متهيئين للدخول في الإسلام، لكن إذا نظروا إلى معاملة المسلمين اشمأزوا، وقالوا: إنهم يبقون على كفرهم مع إخلاصهم في عملهم الدنيوي خير من أن يكونوا كهؤلاء المسلمين، فالآن طرق بيان الرشد كم قلنا؟
* الطلبة: أربعة.
* الشيخ: أربعة، كلها كانت متوفرة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وخلفائه الراشدين، لكن مع الأسف مع طول الزمن وبعد العهد انطمس كثير منها، الكتاب والسنة -والحمد لله- باقية، وستبقى إلى يوم القيامة، لكن المشكِل كل المشكِل هو العمل، العمل التطبيقي الذي يتبين به رشد الإسلام من غَيِّه، هذا هو الذي ننشده الآن، ونناشد إخواننا طلبة العلم أن يحرصوا بقدر الإمكان على نشر هذا الرشد العظيم الذي يتبين به من الغي ويتميز به، أما أن نأتي هنا نحضر نقرأ، هذا طيب لا شك، لكن يجب أن نطبق هذا عمليًّا في أنفسنا، ودعوة في غيرنا، حتى يكون للعلم فائدة وأثر قائم.
وثقوا أن الناس إذا قاموا على علم صحيح، فإن العلم الصحيح محبب للنفوس، هم بأنفسهم يجيؤون يدورون العلم؛ لهذا يجب علينا نحن طلبة العلم أن نبين للناس بقدر المستطاع الرشد.
* طالب: من الغي.
* الشيخ: من الغي، الصدق والكذب: الأول رشد، والثاني غي. الوفاء والغدر: الأول رشد، والثاني غي. الأمانة والخيانة: الأول رشد، والثاني غي. أخذ الحق كاملًا من الناس والتفريط في حقوقهم: الأول رشد؟
* طالب: العكس.
* الشيخ: أو كله غي هذا؟
* طالب: كله غي.
* الشيخ: الأول عدل، لا بأس أنك تأخذ حقك من الناس كاملًا ما يقال لك: لا، لكن كونك تأخذ الحق كاملًا وتبخس حق الناس ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ﴾ [المطففين ١ - ٣].
﴿قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾ فسرنا الآن كلمة ﴿الرُّشْدُ﴾، وفسرنا كلمة ﴿الْغَيِّ﴾، وبينا طرق تمييز الرشد من الغي، وقد علمتم أن موقع الجملة مما قبلها تعليلية في المعنى.
قال تعالى: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾ هذا أيضًا رشد وغي، ﴿مَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ﴾ الكُفْر في اللغة مأخوذ من الستر، ومنه سُمي: الكُفُرَّى، وأظن ياسر يعرف الكُفُرَّى؟
* طالب: الزُّرَّاع.
* الشيخ: لا، الكُفُرَّى ما يسمى عند العامة بالكافور.
* طالب: (...).
* الشيخ: بعد ويش شو؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا يا شيخ، أنت من أهل نجد تعرف هذا، ما تعرفون النخل إذا أطلع أول ما يطلع؟ ما في (كِم)؟ ﴿وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ﴾ [الرحمن ١١]، (كِم) يستر الثمر يُسمى هذا كُفُرَّى، كذا؟
* طالب: (...) يا شيخ؟
* الشيخ: لأنه ساتر، فالكفر في الأصل مأخوذ من الستر؛ لأن الإنسان الكافر ستر نعمة الله عليه، فهنا يقول: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ﴾، والكفر بالطاغوت هو جحد الطاغوت وإنكاره، جحده وإنكاره بحيث لا يَقبل منه صرفًا ولا عدلًا.
فما هو الطاغوت؟ الطاغوت فسره ابن القيم رحمه الله بتفسير شامل، وأصله من الطغيان، وهو مجاوزة الحد، قال الله تعالى: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ﴾ [الحاقة ١١] أي: زاد، زاد عن الحد؛ لأن الماء الذي أغرق الله به الكفار بنوح تجاوز الحد حتى وصل إلى ما فوق قمم الجبال، فالطغيان هو الزيادة.
ابن القيم رحمه الله قال: إن الطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من معبود، أو متبوع، أو مطاع، كل ما تجاوز به العبد حده من معبود، فالأصنام إذن طواغيت؛ لأن الإنسان تجاوز بها حده في العبادة من معبود.
متبوع: الأحبار والرهبان؛ لأن الإنسان تجاوز بهم الحد في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله.
أو مطاع: الأمراء الذين يأمرون بسلطتهم التنفيذية، ما هي بسلطتهم التشريعية، العلماء بسلطة الشرع، والأمراء بسلطة النفوذ، إي نعم، أو التنفيذ. فهؤلاء ثلاثة، كل شخص تجاوز الحد فيهم فهو قد عبد الطاغوت.
إذن ﴿مَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ﴾ يعني: من كفر بالأصنام، صح؟
* طالب: جميعًا.
* الشيخ: دقيقة، من كفر بالأصنام، ﴿مَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ﴾: من كفر بأحبار ورهبان السوء، صح؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: ﴿مَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ﴾: من كفر بأمراء السوء الذين يأمرون بمعصية الله، كذا؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: إذن هذا الكفر بالطاغوت، الكفر بما عُبد من دون الله، الكفر بكل عالِم سوءٍ يأمر بخلاف شرع الله، الكفر بكل أمير سوء يُلزم أيش؟
* الطلبة: بخلاف شرع الله.
* الشيخ: بخلاف شرع الله عز وجل، هذا الطاغوت.
الذي يكفر بهذا ولا يكفي الكفر؛ لأن الكفر تخلٍّ وعدم ولا بد من إيجاد، الإيجاد قوله: ﴿وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ﴾ يؤمن بالله، (يؤمنْ) بالجزم عطفًا على قوله: ﴿يَكْفُرْ﴾.
الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور: الإيمان بوجوده، والإيمان بألوهيته، والإيمان بربوبيته، والإيمان بأسمائه وصفاته، لا بد من هذا.
الإيمان بوجوده وربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته إيمانًا يستلزم القبول والإذعان، القبول للخبر، والإذعان للطلب، سواء كان أمرًا أم نهيًا، فصار الإيمان مركبًا من أربعة أمور مستلزمة لأمرين، أربعة أمور ما هي؟ الإيمان بوجود الله، وربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته، ويكون هذا الإيمان مستلزمًا للقبول والإذعان، قبول الخبر وتصديقه، والإذعان للطلب فعلًا للمأمور وتركًا للمحظور.
ثم اعلم أن قولنا: الإيمان بوجود الله وربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، المراد الإيمان بانفراده بهذه الأشياء، بالربوبية والألوهية والأسماء والصفات، وبالوجود الواجب، فهو سبحانه وتعالى منفرد بهذا بأنه واجب الوجود، ورب، وإله، وذو أسماء وصفات عظيمة، هذا الإيمان بالله.
فالذي يؤمن بوجود الله وبربوبية الله ويشرك مع الله غيره، فليس بمؤمن بالله، حتى لو قال بملء فيه: إنه مؤمن بالله، قلنا له: لم تُؤمن بالله، لو آمنت به ما أشركت به؛ لأنك ما كفرت بالطاغوت، لا بد من الكفر بالطاغوت والإيمان بالله عز وجل.
لو آمن بالله بوجوده وربوبيته وألوهيته دون أسمائه وصفاته، فإنه لم يؤمن بالله، وهم على درجات: قد يصل جحده إلى الكفر، وقد يكون دون ذلك.
من آمن بالله بوجوده وربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، لكن كذَّب خبرًا واحدًا من أخباره؟
* الطلبة: كافر.
* الشيخ: فهو كافر، لو قال: مؤمن، قلنا: كذبت، كيف تؤمن بالله عز وجل ربًّا ومع ذلك تكذب أخباره؟!
لو لم يُكذِّب، لكنه لم يذعن، فهذا لم يؤمن بالله، إلا أنهم على درجات، قد يكون ترك الإذعان كفرًا، وقد يكون دون ذلك، على حسب ما تقتضيه الأدلة الشرعية.
لكن شوف الآن اشترط الله تعالى شرطين: ﴿مَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ﴾، بدأ بالسلب قبل الإيجاب، ويش هو السلب؟
* الطلبة: (...).
* الشيخ: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ﴾، الإيجاب: ﴿وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ﴾؛ لأن التنقية قبل التحلية، نقِّ المكان أولًا ثم افرشه، لو أراد الإنسان يضع الفرش على مكان شوك ومسامير وحصباء وما أشبه ذلك يصلح ولَّا ما يصلح؟
* الطلبة: ما يصلح.
* الشيخ: ويش نقول؟ نَقِّه أولًا ثم افرش، فهنا: اكفر أولًا بالطاغوت وبعد أن يخلو قلبك من الطاغوت ضع فيه؟
* طالب: الإيمان بالله.
* الشيخ: الإيمان بالله، فخلِّ أولًا ثم حلِّ ثانيًا، وفيه عبارة مشهورة عند العلماء: التخلية قبل التحلية، ترى ما هي تحلية الماء، التحلية يعني: وضع الحُلِي، لو أراد الإنسان يحلي امرأته، وقامت من النوم كلها غمص وكلها أشياء، يعني مُخيفة، وضع عليها الحلي، يصلح هذا؟
* الطلبة: ما يصلح.
* الشيخ: ويش نقول؟ خلها تغسل أولًا تنظف نفسها، وبعدين حط الحُلي.
﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ﴾ الجواب؟ الجواب -الذي هو النتيجة الحتمية-: ﴿فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾، شوف سبحان الله العظيم البلاغة العظيمة ﴿فَقَدِ اسْتَمْسَكَ﴾ ولم يقل: فقد تمسك، ﴿اسْتَمْسَكَ﴾ أبلغ؛ لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، غالبًا ما هو دائمًا.
﴿اسْتَمْسَكَ﴾ يعني معناه أنه اشتد تمسكه، ثم إنها تشعر بأن هناك هلكة، تناول الإنسان هذه العروة ثم استمسك بها، وهو كذلك، فإن الأصل هلك إلا من عصم الله، ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي﴾ [يوسف ٥٣].
فهنا ﴿اسْتَمْسَكَ﴾ تدل على شدة التمسك، وعلى أن هناك شيئًا يحاول الخلاص منه حتى وصل إلى هذه العروة، والعروة في الأصل مقبض الشيء، عروة الإبريق مثلًا، عروة السطَل، وأشياء كثيرة من هذا المثال، إنما هي المقبض الذي يقبض الإنسان عليه، هذه العروة.
﴿الْوُثْقَى﴾ مؤنث (أَوْثَق)، وهو مأخوذ منين؟ من الثقة التي هي: الطمأنينة على الشيء، أي: بالعروة، التي هي أشد ما يطمئن الإنسان به، بمعنى أنه إذا تمسك بها أيقن إيقانًا كاملًا بماذا؟
* طالب: بالنجاة.
* الشيخ: بالنجاة؛ لأن الإنسان ربما يتمسك بالرِّشا خوفًا من الغرق، ولكن هل هو واثق؟ ما هو واثق، يخشى أن ينفلت من يده، يخشى أن ينقطع، ما هو على ثقة، لكن هنا قال: ﴿الْوُثْقَى﴾ يعني تأنيث (أَوْثَق)، اللي هي أوثق ما يكون، ثم مع ذلك ﴿لَا انْفِصَامَ لَهَا﴾ شوف ثلاثة أوصاف: استمساك، عروة وثقى، ثالثًا: ﴿لَا انْفِصَامَ لَهَا﴾ يعني: لا يمكن أن تنفصم؛ ولهذا أتى بـ(لا) النافية للجنس الذي لا يمكن أن يقع، يعني: لا يمكن أن تنفصم.
العروة قد تكون وثقى لكن يمكن مع طول الزمن؟
* طالب: تنفصم.
* الشيخ: تنفصم، يمكن مع ثِقل الحمل تنفصم، لكن هذه العروة لا تنفصم ﴿بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا﴾ أبدًا.
إذن من استمسك بها فهو ناجٍ ولا محالة، فما أيسر الأمر، تخلٍّ ثم تحلٍّ بشيء تطمئن إليه النفس وترضى به وتقبله، ثم النتيجة أن تنجو بهذه العروة التي استمسكت بها، استمسك.
وقلت لكم: (استمسك) أبلغ من (تمسك)؛ لأن الإنسان قد يتمسك بالشيء ولكن لا يستمسك به، أي: لا يحصل له الإمساك بذلك بخلاف (استمسك).
وقوله: ﴿لَا انْفِصَامَ لَهَا﴾ هذا الوصف الثالث، أي: أنه آمِن مِن أيش؟
* طالب: من الانفصام.
* الشيخ: نعم، من الانفصام وهو الانقطاع.
ثم قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ ختم الآية بذلك تحذيرًا من وجه، وتبشيرًا من وجه، تحذيرًا منين؟ من المخالفة، وتبشيرًا في الموافقة، أي: إذا وافقت فلن يضيع عملك، فإن الله سميع عليم، وإن خالفت فلن يخفى عملك على الله؛ لأن الله سميع عليم.
ومر علينا كثيرًا أن العلماء رحمهم الله (...).
قال الله تعالى: ﴿وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ نعيد ما نكرره دائمًا من أن (سميع) اسم من أسماء الله، وكل اسم من أسماء الله متضمن لصفة واحدة أو أكثر، لا بد أن يتضمن صفة أو أكثر من صفة.
وقد مر علينا غير بعيد أن اسم (الحي) متضمن للحياة التي دلت عليها مادة (الحي) ولغيرها من الصفات الكاملة، وقلنا: الحي القيوم، تستوعبانِ جميع أسماء الله الحسنى؛ ولهذا كانت الاسم الأعظم[[ينظر ما أخرجه أبو داود (١٤٩٦) والترمذي (٣٤٧٨) من حديث أسماء بنت يزيد وفيه أن النبي ﷺ قال: «اسمُ اللهِ الأعظمُ في هاتيْن الآيتين: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾، وفاتِحَة سورةِ آلِ عمرانَ: ﴿الم (١) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ ».]]، فكل اسم..، قاعدة: كل اسم من أسماء الله فهو متضمِّن لصفة أو أكثر، وليس كل صفة تتضمن اسمًا، واضح؟
فمثلًا: ﴿جَاءَ رَبُّكَ﴾ [الفجر ٢٢]، هذه صفة، هل يلزم أن نقول: من أسماء الله الجائي؟
* الطلبة: لا.
* الشيخ: ﴿كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء ١٦٤] لا يلزم أن.. أو لا يجوز (...) بناء ثبوت صفة الكلام في حقه، لكن (سميع) نقول: تضمن الصفة وهي السمع، السمع يقول العلماء: إنه (...) قسمين رئيسيين، بمعنى الإجابة إدراك المسموع، يعني الصوت وإن خفي، وهذا أيضًا تارة يراد به التأييد، وتارة يُراد به التهديد، وتارة يراد به بيان إحاطة سمع الله بكل شيء، هذا السمع الذي بمعنى إدراك المسموع، تارة يراد به التأييد، وتارة يراد به التهديد، وتارة يراد به بيان إحاطة سمع الله سبحانه تعالى بكل شيء، ففي قوله تعالى: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه ٤٦] يُراد به؟
* الطلبة: التأييد.
* الشيخ: التأييد، يعني مع إثبات السمع يراد به التأييد. وفي قوله: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ﴾ [آل عمران ١٨١] يراد به؟
* الطلبة: التهديد.
* الشيخ: التهديد، وكذلك ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى﴾ [الزخرف ٨٠].
* الطلبة: (...).
* الشيخ: وتارة.. للتهديد، للتهديد هذه يعني ﴿أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ [الزخرف ٨٠].
وتارة يراد به بيان إحاطة علم الله بكل مسموع مثل: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ﴾ [المجادلة ١]، وربما يقال أيضًا: كل ما جاءت اسم (سميع) فهي دالة متضمنة لذلك.
أما النوع الثاني، أو القسم الثاني الرئيسي من أقسام السمع فهو بمعنى الاستجابة، ومنه قوله تعالى عن إبراهيم: ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [إبراهيم ٣٩] سميع الدعاء يعني: مجيب الدعاء؛ لأنه ليس المقصود التوسل بسمع الله للدعاء بدون إجابته، بل المقصود التوسل بكونه جل وعلا مجيبًا للدعاء أن يجيب دعاء هذا الداعي.
قالوا: ومنه قول المصلي: سمع الله لمن حمده، يعني: استجاب لمن حمده، وهل بين هذين القسمين منافاة؟
* طالب: ليس بينهما.
* الشيخ: ليس بينهما منافاة؛ لأن هذا لشيء وهذا لشيء، والتنافي إنما يكون إذا وقع المعنيانِ على شيء واحد لا يمكن الجمع بينهما، فبهذا تبين أن سمع الله ينقسم إلى قسمين: سمع بمعنى إدراك المسموع، يعني إدراك الأصوات وإن خفيت، وسمع بمعنى الاستجابة؛ استجابة الدعاء. والأول تارة يراد به التهديد، وتارة يراد به التأييد، وتارة يراد به بيان الإحاطة.
وأما قوله: ﴿عَلِيمٌ﴾ فهو أيضًا من أسماء الله سبحانه وتعالى التي هي من أوسع الأسماء، كما قال الله تعالى: ﴿لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطلاق ١٢].
والعلم قال العلماء: إنه الإحاطة بالشيء على وجه مجزوم به مطابِق لواقعه، هذا هو العلم، يعني: إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكًا جازمًا مطابقًا، هذا هو العلم، فمن لم يدرك الشيء فهو جاهل به، ومن أدركه على خلاف ما هو عليه فهو أيضًا جاهل به، ومن أدركه غير جازم به فهو شاكٌّ فيه غير عالم، والشك غير العلم، فالله عز وجل يعلم الأشياء كلها، دقيقها وجليلها، ما يتعلق بفعله وبفعل العباد، وما هو ماضٍ وحاضر ومستقبل، قال الله تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ [البقرة ٢٥٥]، وقال تعالى: ﴿قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى﴾ [طه ٥٢]، ﴿لَا يَضِلُّ﴾ لا يجهل ما يستقبل، ﴿وَلَا يَنْسَى﴾ ما مضى.
مناسبة ختم الآية بالاسمين الكريمين هو: أن فيها تحدثًا عن الدين والمستمسك به والزائغ عنه، فمن أجل ذلك كان من أنسب ما تختم به هذين الاسمين؛ لأن من علم أن الله سميع بأقواله عليم بأحواله، فماذا يختار لنفسه؟ يختار لنفسه الرشد، ويتجنب الغي، يختار الرشد؛ لأنه يعلم أن الله يسمعه إن تكلم، ويعلمه على أي حال كان، ويحذر الغي؛ لأنه يعلم أن الله يسمعه، ويعلمه على أي حال كان، ويخشى عقاب الله، فهو في حال رشده يؤمِّل الخير من ربه؛ لعلمه بحاله وسمعه لمقاله، وفي حال الغي يخشى من ربه فيدَع الغي.
أما فوائد الآية الكريمة ففيها فوائد كثيرة، ولا أدري قبل أن أبدأ في فوائد هذه الآية هل أنتم يعني حصرتم فوائد آية الكرسي؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: كم بلغت؟
* الطلبة: اثنين وأربعين.
* الشيخ: يقرؤونها في الأوراد الصباحية والمسائية، فإذا جُمعت فوائدها وإن حصل أيضًا يضاف إلى هذا شرحه صارت تأتي يمكن ورقتين أو ثلاث ورقات.
* طالب: كُتيّب.
* الشيخ: أكثر من ثنتين؟
* الطالب: خمسة وثلاثين ورقة.
* الشيخ: خمسة وثلاثين ورقة!
* الطالب: (...).
* الشيخ: ما يخالف، إحنا نقول: خمسة وثلاثين ورقة، لكن (...) بما جاءت به السنة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه يجب على علماء المسلمين أن يُبيِّنوا للناس الرشد من الغي؛ لأن هذا التعليل كأنه أمر مستقر في الدين الإسلامي، ومن الذي يتمكن من بيان الرشد من الغي؟ من؟
* الطلبة: العلماء.
* الشيخ: العلماء، وعلى هذا فيجب على العلماء أن يبينوا للناس الرشد من الغي حتى لا يكون لأحد حُجة.
* وهل يستفاد من الآية: انتفاء حكم الإكراه عن المكره المذكور في قوله تعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ﴾ [النحل ١٠٦]؟
* طالب: بعيد.
* الشيخ: قلنا: إنه ربما يقول قائل بذلك، ولكن يبعده قوله: ﴿قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾، فإن هذا التعليل لا يناسب هذا المعنى.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه ليس هناك إلا رشد وغي؛ إذ لو كان هناك ثالث لذُكر؛ لأن المقام مقام حصر، ويدل لهذا قوله تعالى: ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ﴾ [يونس ٣٢].
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه لا يتم الإخلاص إلا بنفي جميع الشرك؛ لقوله: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ﴾، فمن آمن بالله ولم يكفر بالطاغوت لم يتم إيمانه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن كل ما عبد من دون الله فهو طاغوت؛ لقوله: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ﴾، وجه هذا: أنه سبحانه وتعالى جعل الكفر بالطاغوت قسيمًا لأيش؟ للإيمان بالله، وقسيم الشيء غيرُ الشيء، منفصل عنه.
وهل يستفاد من هذا أنه لا يجتمع في القلب كفر وإيمان؟
* طالب: يستفاد.
* الشيخ: نشوف ويش جواب الشرط؟ هل جواب الشرط: فهو مؤمن، أو جواب الشرط ﴿فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾؟
* طالب: ﴿فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾.
* الشيخ: هذا الجواب، إذن ما نستفيد أن الإنسان لا يمكن أن يكون في قلبه إيمان وكفر؛ لأن الجواب ليس أنه لا يكون مؤمنًا، بل الجواب أنه استمسك بالعروة الوثقى، وعلى هذا فيمكن أن يكون في الإنسان إيمان وكفر، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، لكن من أراد الاستمساك بالعروة الوثقى فليكفر بالطاغوت، الاستمساك يعني معناه الذي لا يمكن أن يسقط أو ينفصم.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه لا نجاة إلا بالكفر بالطاغوت والإيمان بالله؛ لقوله: ﴿فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾.
* ومن فوائدها أيضًا: أن الأعمال تتفاضل، من أين تؤخذ؟
* طالب: (...).
* الشيخ: كيف؟
* طالب: التفضيل.
* الشيخ: من اسم التفضيل؛ لأن التفضيل يقتضي مفضَّلًا ومُفضَّلًا عليه، ولا شك أن الأعمال تتفاضل بنص القرآن والسنة، قال الله تعالى: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [هود ٧]، و(أحسن) اسم تفضيل، فهذا دليل على أن الأعمال تتفاضل في الحسن، «وسئل النبي ﷺ: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٢٧)، ومسلم (٨٥ / ١٣٩)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.]]، وقال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: «مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ»[[أخرجه البخاري (٦٥٠٢)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]].
فإذا كانت تتفاضل الأعمال فهل يلزم من تفاضلها تفاضل العامل؟ إي نعم، يلزم منها تفاضل العامل، كلما كان العمل أفضل كان العامل أفضل.
تفاضل الأعمال بأي شيء يكون؟
* طالب: (...).
* الشيخ: بعدة أمور: أولًا بحسب العامل، بحسب الزمان، بحسب المكان، الزمان هو الوقت، بحسب الكيفية والمتابعة، بحسب الإخلاص لله عز وجل، بحسب الجنس أو النوع، ويش باقي عندنا؟
* طالب: القدْر.
* الشيخ: القدْر، هل يكون فيه تفاضل هذا؟
* الطالب: المتابعة.
* الشيخ: قلناها، الكيفية هي المتابعة.
* الطالب: القدْر.
* الشيخ: هي الكمية هي القدر، الآن نعود مرة ثانية ربما يتبين لنا (...).
بحسب العامل، مثاله قول النبي ﷺ: «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٦٧٣)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ومسلم (٢٥٤٠ / ٢٢١) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]]، هذا بحسب العامل.
بحسب العمل جنسه ونوعه، فالفرائض أفضل من النوافل، هذا الجنس، كل فريضة أفضل من النفل من نوعها، ففريضة الصلاة أفضل من أيش؟
* الطلبة: من السنة.
* الشيخ: من سُنّة الصلاة.
تختلف أيضًا بحسب النوع، فالصلاة أفضل من الزكاة، والزكاة أفضل من الصوم، هذا باعتبار النوع.
الثالث: باعتبار الزمان، دليله قول النبي ﷺ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ»[[أخرجه البخاري (٧٥٧)، والترمذي (٩٦٩) واللفظ له، من حديث ابن عباس رضي الله عنه.]]، و«مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٨٤٠)، ومسلم (١١٥٣ / ١٦٨)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.]].
بحسب المكان دليله: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا عَدَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ»[[متفق عليه؛ البخاري (١١٩٠)، ومسلم (١٣٩٤ / ٥٠٦)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.]].
بحسب الكيفية، يعني معنى أن كيفية العبادة تكون أفضل من كيفية أخرى، كالخشوع في الصلاة مثلًا، قال الله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون ١، ٢]، وقال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران ٣١]، فكلما كان الإنسان للرسول أتبع كان عمله أفضل؛ لأننا ذكرنا قاعدة وهي: أن الحكم المعلَّق بوصف يقوى بحسب قوة ذلك الوصف، واضح؟ إذن كلما كان الإنسان أتبع في عبادته كانت عبادته أفضل.
الإخلاص، وهذا من أهم ما يكون، من أهم ما يكون التفاضل بحسب الإخلاص، فالعمل إذا دخل فيه الرياء لا شك أنه ينقص نقصانًا كثيرًا عن العمل الذي ليس فيه رياء، قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف ١١٠]، بل إنه إذا قارنه الشرك من أوله بطل كما في الحديث القدسي: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ»[[أخرجه مسلم (٢٩٨٥ / ٤٦) من حديث أبي هريرة.]].
ما نقول باعتبار الحال؟ كمية، ما هو هذا، يعني الكمية ما تُعتبر بالحقيقة، يُعتبر زيادة الكمية، ما هو بزيادة التفاضل في شيء يتعلق بنفس الفعل، لكن الكمية ذكرنا ذلك أظن في زيادة الإيمان.
باعتبار الحال: العبادة في زمن الإعراض والغفلة أفضل من العبادة في زمن الإقبال، ولهذا كانت أيام الصبر للعامل فيها أجر خمسين ممن؟ من الصحابة رضي الله عنهم، أجر خمسين من الصحابة، لماذا؟ لكثرة الإعراض عن الله عز وجل وعن دينه، فلا يجد أحدًا يساعده ويعينه، بل ربما لا يجد إلا من يتهكم به ويسخر به.
* طالب: ما تدخل في الزمان؟
* الشيخ: لا، هذه في الحال، لأنه ما هو مختص بزمن دون زمن.
ربما أيضًا نقول: وتتفاضل، ومن تفاضلها باعتبار الحال أن العِفَّة من الشاب أفضل من العفة من الشيخ، يعني عفة الشاب أفضل من عفة الشيخ، لماذا؟
* طالب: لأن شهوة الشاب أقوى.
* الشيخ: لأن شهوة الشاب أقوى من شهوة الشيخ، فالداعي إلى عدم العفة في حقه أقوى من الداعي بالنسبة للشيخ؛ ولهذا كانت عقوبة الشيخ الزاني أكثر أو أشد من عقوبة الشاب، هذه أيضًا من تفاضل الأعمال بحسب حال الإنسان، فكانت الآن أسباب الفضل؟
* الطلبة: سبعة.
* الشيخ: سبعة؟ نحن (...) دخلنا (...) في الحال، وأنتم مُصرون على أنه يكون التفاضل أيضًا بكثرة العدد.
* طالب: ليش ما يكون (...) التفاضل في (...).
* الشيخ: ثانيًا: لأن الخبر يجوز تعدده كما في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ﴾ [البروج ١٤، ١٥]، ويحتمل أن يكون حالًا، يعني حال كونه مُخرجًا لهم من الظلمات إلى النور.
{"ayah":"لَاۤ إِكۡرَاهَ فِی ٱلدِّینِۖ قَد تَّبَیَّنَ ٱلرُّشۡدُ مِنَ ٱلۡغَیِّۚ فَمَن یَكۡفُرۡ بِٱلطَّـٰغُوتِ وَیُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَاۗ وَٱللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق