الباحث القرآني
﴿إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ﴾ [البقرة: ١٦٩] (إنما) أداة حصر، والحصر إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما سواه، هذا الحصر، وقد مر علينا أظن في البلاغة، أو لا؟ فإذا قلت: إنما القائم زيد، أثبت القيام لزيد ونفيته عمن سواه؛ يعني ما يأمركم إلا بذلك، إلا بالسوء إلى آخره.
وقوله: ﴿إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ﴾ أي الشيطان، والخطاب لمن؟ للناس جميعًا؛ لأن الآيات كلها سياقها للناس.
﴿بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ﴾ السوء: كل ما يسوء من المعاصي الصغيرة؛ فإنها سيئات، هذا السوء.
الفحشاء: المعاصي الكبيرة، فالزنا من الفحشاء، أو لا؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: وكذلك نكاح الإنسان ما نكح أبوه من النساء من الفحشاء؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: من الفحشاء، وكذلك البخل بالزكاة من الفحشاء، ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ﴾ [البقرة ٢٦٨]. المهم أن السوء: المعاصي الصغار، والفحشاء: المعاصي الكبار، فهو يأمر بهذا وبهذا، مع أن المعاصي الصغار تقع مُكفَّرة بالأعمال الصالحة، لكنه يأمر بها؛ لأنه إذا فعلها الإنسان مرة بعد أخرى فإنه يفسق ويقسو قلبه، ثم لا ندري أيضًا هذه الصلاة ما كل صلاة تُكَفِّر، بعض الصلوات عسى أن تبرئ الذمة فضلًا عن أن تكون مُكفّرة، والصلوات المكفرة هي التي أكملها الإنسان بقدر استطاعته.
وقوله: ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ ﴿وَأَنْ تَقُولُوا﴾ (أن تقول) معطوفة على ﴿السُّوء﴾؛ يعني وبقولكم، و(أن) وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور عطفًا على قوله: ﴿بِالسُّوءِ﴾ يعني وقولكم.
﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ﴾ تقولوا عليه أي: تنسبوا إليه القول. ﴿مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ (ما) مفعول (تقولون).
وقوله: ﴿مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ يشمل كل ما قيل على الله من أوصاف، وأفعال، وأحكام، وأسماء، كل ما قيل على الله من هذه الأربعة فهو داخل في هذه الآية، فمن أثبت لله اسمًا لا يعلم أنه اسم له فقد قال على الله ما لا يعلم، ومن أثبت لله صفة لم يعلم أن الله وصف نفسه بها فقد قال على الله ما لا يعلم، ومن نسب إلى الله فعلًا لم يفعله فقد قال على الله ما لا يعلم، ومن نسب إلى الله حُكمًا لم يشرعه، فقال: هذا حلال وهذا حرام، والله لم يشرعه بهذا، فقد قال على الله ما لا يعلم، إذن فهو شامل لأيش؟
للأسماء، والصفات، والأفعال، والأحكام، كل من قال على الله ما لا يعلم فإنه داخل في هذه الآية، وفعله من أوامر الشيطان ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾، وعطْف ﴿أَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ على ﴿السُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ﴾ من باب عطف الخاص على العام، فإنه داخل إما في السوء أو الفحشاء، وهو أيضًا إلى الفحشاء أقرب.
وقوله: ﴿أَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ قلنا: الآيات يشمل هذه الأنواع الأربعة، والقول على الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن يقول على الله ما يعلم أن الله قاله، فهذا ما حكمه؟
* طالب: جائز.
* الشيخ: هذا واجب أو جائز؟
* طالب: واجب.
* الشيخ: المهم أنه جائز ويصل إلى حد الوجوب إذا دعت الحاجة إليه.
الثاني: أن يقول على الله ما يعلم أن الله قال بخلافه، فهذا حرام، أشد الأنواع.
الثالث: أن يقول على الله ما لا يعلم أن الله قاله، هذا حرام أيضًا، فصار القول على الله حرامًا في حالين، ما هما؟
أن يقول ما لا يعلم، أو أن يقول ما يعلم أن الله قال بخلافه، وهذه الجملة لها فروع كثيرة إن شاء الله نذكرها في المستقبل.
(...) وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، وأحكامه، كل هذا يدخل فيه (...) يأمر الشيطان أولياءه بذلك.
إذا قال قائل: أنا لا أسمع أن الشيطان يأمرني، فكيف أستدل أو أعرف أنه أمر؟
* طالب: (...) الوسوسة هو يوسوس في أذن الناس، وكذلك أنهم يعملون السوء والفحشاء، فكل أمر فيه معصية لله ورسوله فهو من أمر الشيطان.
* الشيخ: يعني معناه أن الإنسان إذا فعل معصية أو قال على الله ما لا يعلم علم أن الشيطان أمره بذلك، وما الواحد ما يسمع الشيطان يقول: افعل كذا، افعل كذا، قل كذا، لكن هو إذا فعل أو قال هذه الأشياء التي ذكر الله عز وجل عُلم أن الشيطان أمره به.
قوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ أظن أننا كنا نتكلم عليها؟
قوله: ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ يشمل القول على الله في ذاته، فالقائلين بأنه سبحانه وتعالى ليس داخل العالم ولا خارجه، ولا متصل ولا منفصل، ولا فوق العالم ولا تحته، هؤلاء قالوا على الله بلا علم، بل بما يُعلم أن الأمر خلافه، كذلك يشمل القول على الله بأسمائه وصفاته، مثل من يقول: إن أسماء الله سبحانه وتعالى لا تدل على صفات، فهو سميع بلا سمع، وبصير بلا بصر، وعليم بلا علم، فهو عليم بذاته لا بعلمه ووصفه، وهؤلاء المعتزلة والجهمية ما يثبتون صفة، يثبتون أسماء ما تدل على معانيها.
ويشمل أيضًا من أثبت بعض الصفات دون بعض، مثل الأشاعرة قالوا: أراد بكذا بما نفوه، أراد به كذا ولم يُرد كذا، فقالوا على الله بلا علم من وجهين؛ الوجه الأول: أنهم نفوا ما أراد الله بلا علم، والثاني: أنهم أثبتوا ما لم يعلموا أن الله أراده، فقالوا مثلًا: استوى إنه بمعنى استولى، ﴿اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الأعراف ٥٤] يعني استولى عليه، قالوا على الله بلا علم من وجهين؛ الوجه الأول: نفيهم حقيقة الاستواء بلا علم، والثاني: إثباتهم أن معناها الاستيلاء بلا علم، فقالوا على الله بلا علم من وجهين.
كذلك القائلون على الله بلا علم بأفعاله، أفعاله مثل أن يثبتوا أسبابًا لم يجعلها الله أسبابًا كمثل المنجمين والخرَّاصين وشبههم، هؤلاء قالوا على الله بلا علم في أفعاله، ومخلوقاته، فيقولون: سبب وجود هذا كذا وكذا وهو لا يُعلم أنه سبب له لا كونًا ولا شرعًا، فيقولون على الله بلا علم، مثل: الدُّبلة يقولون: إنها سبب لمحبة الزوج لزوجته، هؤلاء قالوا على الله بلا علم؛ لأننا لا نعلم أن ذلك سبب لا شرعًا ولا حسًّا ولا قدرًا.
كذلك القائلين على الله بلا علم بأحكامه، وهم كثيرون جدًّا، منهم العامة، ومنهم أدعياء العلم الذين يقولون: نحن علماء، أو يتصورون أنفسهم علماء وليس عندهم علم، هؤلاء أيضًا يقولون على الله بلا علم، ومن الأشياء التي مرت عليّ قريبًا وهي غريبة: أن رجلًا ذهب إلى إمام مسجد ليكتب له الطلاق، فقال له: طلق امرأتك مرتين أنا ما أكتب طلقة واحدة؛ لأن الله يقول: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾ [البقرة ٢٢٩].
يقول: أنا ما أدري هو إمام؛ إمام مسجد، فحسبت أن الأمر كما يقول، فقلت: نعم، اكتب: إني طلقت امرأتي طلقتين، مع أن هذا هذا حرام، ما يجوز للإنسان أن يطلق طلقتين، تلاعب بكتاب الله عز وجل، ومعنى الآية واضح؛ يعني الطلاق الذي يملك فيه الرجعة مرتان؛ لأنه قال بعد ذلك: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا﴾ -الثالثة- ﴿فَلَا تَحِلُّ لَهُ﴾ [البقرة ٢٣٠]، لكن هذا من الجهل العظيم، هذا جهل مركب.
؎قَـالَ حِـمَـارُ الْـحَـكِــيــمِ يَــوْمًا ∗∗∗ لَوْ أَنْصَفَ الدَّهْرُ كُنْتُ أَرْكَبْ؎لِأَنَّــــــنِــــي جَــــــاهِـــــلٌبَــــسِيــــطٌ ∗∗∗ وَصَــــاحِـــبِـــي جَــــاهِـــلٌمُــــرَكَّــــبْ
صادق الحمار هذا؟!
على كل حال إن هذا -والعياذ بالله- من القول على الله بلا علم، فالقول على الله بلا علم في ذاته، أو أسمائه وصفاته، أو أفعاله، أو أحكامه، كل ذلك من أوامر الشيطان، والغالب أنه لا يحمل على ذلك إلا محبة الشرف والسيادة والجاه، وإلا لو كان عند الإنسان تقوى لالتزم الأدب مع الله عز وجل، ولم يتقدم بين يديه ويدي رسوله، وصار لا يقول على الله إلا ما يعلم أن الله قاله إما في كتابه أو في سنة رسوله ﷺ التي هي بأمره، فالحاصل أن هذا من القول على الله ما لا يعلم.
ما رأيكم فيمن قال على الله ما يعلم أن قول الله خلافه؟
* الطلبة: هذا أشد.
* الشيخ: هذا أشد؟
* طالب: إي نعم.
* الشيخ: إي نعم، يقول على الله ما يعلم أن الله قال بخلافه، وهذا أشد، فالمراتب إذن ثلاث، المراتب في القول على الله ثلاث: أن يقول ما يعلم أن الله قاله، وأن يقول ما يعلم أن الله لم يقله هاتان مرتبتان، والثالثة: أن يقول ما لا يعلم أن الله قاله فهمتم؟
بينهم فرق الثاني والثالثة؟
* الطلبة: إي نعم.
* الشيخ: إي نعم، بينهم فرق، الثالثة: يعلم أن الله قال بخلافه، الثانية، والثالثة: لا يعلم أن الله قاله، فقال على الله ما لم يعلم، وهو محرم، فإذا قال قائل: ألستم تبيحون الفتوى بالظن أو بغلبة الظن؟ فما هو الجواب؟
* طلبة: نعم.
* طلبة: بلى.
* الشيخ: بلى، الجواب: بلى، لا نعم، فما الجواب عن الآية: ﴿أَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾؟
الجواب على الآية أننا في الحقيقة إذا أفتينا بالظن فقد قلنا على الله ما نعلم؛ لأن الله سبحانه وتعالى أباح لنا أن نفتي بذلك في قوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن ١٦]. وفي قوله: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة ٢٨٦].
ومعلوم أن غلبة الظن خير من التوقف، وكثير من مسائل الفقه التي يتكلم بها العلماء ويحكمون بها، كثير منها ما أقول كلها أو أكثرها، لا كثير منها يكون مبنيًّا على غلبة الظن والرجحان، وليس أمرًا قطعيًّا لا في الدلالة ولا في المدلول الذي يستدل به، لا في الدلالة ولا في الدليل.
* طالب: شيخ، هل أي فتوى هي قول على الله؟
* الشيخ: إي نعم.
* الطالب: يعني مثل اللي قال لواحد: هذا حرام وهذا حلال واضح إنه قول على الله، لكن لو يسأل مثلًا واحد في أمر مشتبه وفيه خلاف والأمر بسيط يقول له: افعل كذا بس، يعني يقول: له افعل كذا، ما قال هذا حرام ولا حلال، هل هذا قول على الله؟
* الشيخ: إي نعم؛ لأنه سأله عن دين يدين الله به، والله تعالى لا يُدان له إلا بما شرع.
* الطالب: بس هذه أقرب المعنى المشهورة يعني يقول له: افعل كذا؟
* الشيخ: لا لا، المشهورة -بارك الله فيك- في غير المسائل الدينية، اللي مشهورة محضة مبنية على الرأي هذه غير المسائل الدينية، أما المسائل الدينية فأنا ما أمرته إلا بناء على أن الشرع هو هكذا، فهذا هو القول على الله.
ثم قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ [البقرة ١٧٠].
﴿إِذَا قِيلَ لَهُمُ﴾ (قيل) هذه مبنية للمجهول، وأصلها؟
* طالب: (قال).
* الشيخ: لا، أصلها؟
* طالب: (قَوَلَ).
* طالب: (قَوَلَ)، أو (قُول).
* الشيخ: (قَوَلَ)، قَوَلَ أصل (قال).
* طالب: (قُوِلَ).
* الشيخ: (قُوِلَ) أو لا؟ مثل: ضُرِبَ، هذا أصلها، لكن صار فيها إعلال، وهي أن الواو مكسورة فقلبت ياء، ثم كسر ما قبلها للمناسبة فقيل: قيل. ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ﴾ أي: لمن؟
* طالب: الذين قالوا على الله.
* الشيخ: لا.
* طالب: للكفار.
* الشيخ: للكفار ﴿إِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ اتبعوا: يعني خذوا به فعلًا للمأمور وتركًا للمحظور.
وقوله: ﴿مَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ (ما) اسم موصول يفيد العموم، والله تعالى أنزل على رسوله محمد ﷺ الكتاب والحكمة، وقد قال كثير من أهل العلم: إن المراد بالحكمة السنة.
﴿مَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ في ﴿مَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ قلنا: إنها اسم موصول، واسم الموصول يحتاج إلى صلة وعائد، الصلة هي قوله: ﴿أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ أين العائد؟
* طالب: محذوف.
* الشيخ: العائد محذوف، تقديره: ما أنزله الله، إذا قيل لهم هذا القول لا يلينون ولا يقبلون بل يُكابرون. ﴿قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ﴾ (بل) هذه للإضراب الإبطالي؛ يعني قالوا مبطلين لهذا القول الذي قيل لهم: ﴿بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ (ما) أي الذي فهو اسم موصول، (ألفينا) وجدنا، كما قال تعالى في آية أخرى: ﴿قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ [لقمان ٢١].
والقرآن يفسر بعضه بعضًا، وقد ذكرنا فيما سبق في قواعد التفسير أننا نرجع في تفسير القرآن إلى القرآن، ثم السنة، ثم أقوال الصحابة، ثم بعد ذلك قول كبار التابعين المعتنين بالتفسير كمجاهد وقتادة ونحوهما على خلاف في هذا في المسألة الثانية في مسألة التابعين.
وقوله: ﴿مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ أي ما وجدناهم عليه من الهدى ولَّا من الضلال؟
* الطلبة: من الضلال.
* الطلبة: من العمل.
* الشيخ: من العمل حقًّا كان أو باطلًا.
وقوله: ﴿مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ ﴿آبَاءَنَا﴾ المراد بهم آباء الصلب والأجداد أيضًا حتى ما توارثوه عن أجدادهم داخل في ذلك، هذا هو الجواب، وهو جواب غير سديد، بل هو جواب باطل خطأ، ولهذا أبطله الله عز وجل في قوله: ﴿أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾. ﴿أَوَلَوْ كَانَ﴾ نشوف مصطفى يعرب لنا ﴿أَوَلَوْ كَانَ﴾؟
* الطالب: الهمزة للاستفهام، كلها أو.
* الشيخ: (أوَ) كلها للاستفهام؟
* الطالب: إي.
* الشيخ: نعم، و(لَوْ)؟
* طالب: (لو) أداة امتناع.
* الشيخ: أداة امتناع؟
* الطالب: إي.
* الشيخ: إي نعم.
* الطالب: أداة امتناع لوجود.
* الشيخ: لوجود؟
* الطالب: إي نعم.
* الشيخ: ما تقولون في الإعراب؟ الهمزة؟
* طالب: الهمزة للاستفهام.
* الشيخ: أوْ (أوَ)؟
* الطالب: لا الهمزة فقط.
* الشيخ: فقط؟
* الطالب: إي، والواو للعطف، وقدم الاستفهام على العطف، ففيه مذهبان لعلماء النحو إما أن يجعل التجوز في الفعل.
* الشيخ: ما فيه التجوز إما أن يجعل.
* الطالب: إي؟
* الشيخ: ما فيه التجوز.
* الطالب: يعني إما أن نقدر فعلًا مثلًا: إما أن نقدر فعلًا فنقول: إما أن يكون على المذهب الأول إما أن تكون الاستفهام قدم على أصلها (وأولو كان) فقدم الاستفهام على العطف هذا.
* الشيخ: هذا رأي.
* الطالب: هذا رأي، ورأي ثاني: أن نقدر فعل مناسب بعد الهمزة.
* الشيخ: وتكون الواو حرف عطف على هذا الفعل، على ذلك فعل المقدر، كيف نقدره هنا على هذا الرأي؟
* طالب: فيتْبَعون.
* الشيخ: أيتَّبِعون؟
* الطالب: أيتَّبِعون ولو كان آباؤهم.
* الشيخ: ولو كان آباؤهم، طيب ولو؟
* الطالب: ولو هنا شرطية.
* الشيخ: زين، أين فعل الشرط؟
* الطالب: فعل الشرط محذوف.
* الشيخ: وأيش التقدير؟
* الطالب: التقدير فاتبعونه أو كما هداهم.
* طالب: فعل الشرط كان.
* الشيخ: فعل الشرط كان، صح.
* طالب: وجواب الشرط محذوف.
* الشيخ: وجواب الشرط محذوف على أنه مشهور.
* الطالب: أو ما يحتاج.
* الشيخ: أو لا يحتاج على القول الثاني.
يقول عز وجل: ﴿بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ﴾ في هذه الحال التي لا يستحقون أن يتبعوا ﴿لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا﴾ لا يعقلونه المراد بالعقل هنا: عقل التصرف، لا عقل الإدراك؛ لأننا ذكرنا فيما سبق أن العقل عقلان: عقل تصرف، وعقل إدراك، فعقل الإدراك هو مناط التكليف الذي يتكلم عليه الفقهاء ويقولون: من شرط وجوب كذا وكذا أن يكون عاقلًا، أما عقل التصرف فهو محل المدح والثناء؛ بمعنى أن يكون لدى الإنسان عقل يمنعه عما يضره، فهنا أيّ العقلين يراد؟
* الطلبة: التصرف.
* الشيخ: عقل التصرف، فآباؤهم أذكياء، وآباؤهم يدركون ما ينفعهم ويضرهم، لكن ليس عندهم حسن تصرف.
وقوله: ﴿لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا﴾ أي لا يتصرفون (...) عاقل بحيث يُدركون ما ينفعهم ويضرهم فيتبعون ما ينفعهم ويدعون ما يضرهم.
وقوله: ﴿شَيْئًا﴾ نكرة في سياق النفي، والنكرة في سياق النفي للعموم، فإذا قال قائل: إذا كانت للعموم فمعنى ذلك أنهم لا يعقلون شيئًا حتى من أمور الدنيا مع أنهم في أمور الدنيا يحسنون التصرف، أليس كذلك؟
* الطلبة: بلى.
* الشيخ: فهم يبيعون ويشترون ويتحرون الأفضل والأحسن لهم، فيقال: هذا ليس بشيء بالنسبة إلى ما يتعلق في أمور الآخرة، ليس بشيء بالنسبة لما يتعلق بأمور الآخرة، أو يقال: إن المراد بهذا العموم الخصوص؛ لأن المقام هنا مقام منهاج، منهاج وعمل ليس مقام دنيا وبيع وشراء ﴿اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ﴾ فيكون المراد هنا المراد بكلمة ﴿شَيْئًا﴾ اللي هي عامة وأيش المراد؟
* الطلبة: أمور الآخرة..
* الشيخ: شيئًا من أمور الآخرة، وكلا الأمرين يرجعان إلى معنى واحد، أو كلا الاحتمالين يرجعان إلى معنى واحد، لكن هل نقول: الفرق، هل نقول: إن ﴿شَيْئًا﴾ أريد بها العموم أصلًا، لكن خرجت منها أمور الدنيا؛ لأنها تافهة ليست بشيء، أو نقول: إن أمور الدنيا لم ترد بها أصلًا؛ لأن المقام هنا في مقام عمل ومقام آخرة.
وقوله: ﴿وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ لا يعقلون ولا يهتدون، إذا قيل: إذا فسرتم العقل بأنه عقل الرشد فهو الاهتداء، فكيف يجمع بينهما؟ قلنا: الجمع بينهما أن العقل بالنسبة للتصور وحسن الإرادة والاهتداء بالنسبة للعمل والسلوك؛ يعني هم لا يهتدون فيعملون عملًا يكون هداية وليسوا أيضًا يعقلون فيدركون إدراكًا يتصرفون فيه تصرفًا نافعًا لهم، هؤلاء الذين بهذا الوصف لا يعقلون ولا يهتدون هل يستحقون أن يُتبعوا؟
* الطلبة: لا.
* الشيخ: لا، ولهذا جاءت همزة الإنكار في قوله: ﴿أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾. وسنتكلم إن شاء الله على فوائد هذه الآية بما يدل على أن كثيرًا من أهل الضلال الذين يتعصبون لأئمتهم داخلون في هذه الآية ﴿إِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾.
يقولون: ﴿بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ حتى ولو كان آباؤهم في هذا الوصف الذي لا يعقلون فيه ولا يهتدون فهم يتبعونهم، ولا يقولون: هو نافع ولَّا ضار يتبعونه في كل حال، فما هو أقرب شبه لهؤلاء؟ أقرب شبه الآية التي بعدها: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً﴾ [البقرة ١٧١] يعني كمثل الراعي، الراعي الذي ينعق ينادي بما لا يسمع إلا دعاء ونداء، ما هو الذي لا يسمع إلا دعاء ونداء ولا يفهم؟
* الطلبة: البهائم.
* الشيخ: البهائم، الماشية، فهؤلاء مثلهم كمثل إنسان يدعو بهائم ما تفهم إلا الصوت. ﴿دُعَاءً وَنِدَاءً﴾ الدعاء: إذا كان يدعو شيئًا معينًا باسمه، والنداء العام تكون للعام؛ لأن البهائم الآن، فيه بهائم يسميها الإنسان باسمها بحيث إذا ناداها بهذا الاسم أقبلت إليه، توافقون على هذا؟
* الطلبة: إي نعم.
* الشيخ: نعم، إذا ناداها بهذا الاسم أقبلت إليه، وفيها النداء العام لجميع البهائم، هذا ما يختص به واحد دون الآخر، وأظن ما يحتاج إلى التمثيل به؛ لأنه معلوم لديكم، فراعي الإبل مثلًا يدوهي لها والدوهات نداء ولَّا دعاء؟
* الطلبة: نداء.
* الشيخ: نداء لأنه عام، ولهذا تُقبل إليه الإبل جميعًا، لكن إذا كان مثلًا إذا كان له ناقة مسميها باسم خاص، وقال لها: يا فلانة. تأتي إليه من بين سائر الإبل، وهذا شيء معروف، لكن مع ذلك هل تأتي على أساس أنها تعقل وتفهم وتهتدي ربما يناديها لأجل أن يذبحها تشوف السكين معه ويناديها وتجي، أليس كذلك؟
* الطلبة: بلى.
* الشيخ: هؤلاء مثلهم، الكفار مثلهم في كونهم يتبعون آباءهم بدون أن يفهموا هذا المعنى الذي هذه الحال التي عليها آباؤهم.
﴿كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً﴾ وما أكثر المشابهين للكافرين في ذلك! ما أكثر الذي يتبعون الداعي والمنادي وهم كالبهائم لا يعقلون ولا يفكرون، فالدعوة إلى العصبية والقومية وما أشبه ذلك من هذا النوع ولَّا لا؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: من هذا النوع، لا يفكر الدعاة لها ماذا يترتب عليها من تفريق المسلمين وتمزيق كلمتهم وكونهم يجعلون الرابطة هي أيش؟
* طالب: اللغة (...).
* الشيخ: اللغة والقومية، لكن الرابطة الدينية التي قال الله فيها: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات ١٠] ولم يقل: إنما العرب إخوة، قال: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ هذه تدخل لك جميع المؤمنين ولو كانوا غير عرب أو لا؟ وتخرج من ليس بمؤمن ولو كان عربيًّا، هذا إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال لأبيه وقومه: ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ﴾ [الزخرف ٢٦، ٢٧]. وكذلك ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ﴾ [الممتحنة ٤]، شوف لقومهم! ﴿إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [الممتحنة ٤] إلى آخر الآية، شوف هذا هو الحقيقة الرابطة، فكون الناس يعني انجرفوا في هذا الدعاء إلى هذه القومية هو داخل في مثل هذه الآية أنهم كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء.
* طالب: لا يسمع (...) البهائم.
* الشيخ: إي نعم، البهائم التي لا تسمع إلا بس مجرد الدعاء والنداء ولا تفهم ولا تعقل.
﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ ﴿صُمٌّ﴾ جمع (أصم)، والأصم: هو الذي لا يسمع. ﴿عُمْيٌ﴾ جمع (أعمى)، والأعمى هو الذي لا يبصر.
﴿بُكْمٌ﴾ جمع (أبكم)، وهو الذي لا ينطق، وهنا من حيث اللغة العربية محل قوله: ﴿صُمٌّ﴾ أيش؟
* طالب: خبر.
* الشيخ: خبر مبتدأ محذوف تقديره (هم صُمّ). فيه أيضًا إشكال ﴿عُمْيٌ﴾ نحن قلنا: إن الضمة لا تظهر على الياء، فإذا قلت: جاء القاضي تقول: القاضي فاعل مرفوع بضمة مقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل، وهنا ﴿عُمْيٌ﴾ ضمتين بعد ما هي بضمة واحدة، فما هو الجواب على هذا الإشكال؟
* طالب: من أعمى.
* الشيخ: (...) نرى أنها ياء وظهرت عليها الضمة.
نقول: إن الياء اللي هي حرف علة ما يظهر عليها هي التي يُكسر ما قبلها، والواو التي يُضم ما قبلها، أما الياء الساكن ما قبلها أو الواو الساكن ما قبلها فإنها تظهر عليها الضمة، وتظهر عليها الكسرة فاهمين؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: الياء التي ما تظهر عليها الضمة ولا الكسرة هي التي كسر ما قبلها، والواو التي ما تظهر عليها الضمة والكسرة هي التي ضُم ما قبلها، أما ما كان الذي قبله ساكنًا فهو تظهر عليه الضمة والكسرة، تقول: اشتريت دلوًا، وهذا دلوٌ، ظهرت الضمة على الواو؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: لأن اللي قبله ساكن، ونظرت إلى دلوٍ، ظهر عليها الكسرة؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: وكذلك غزوٌ، وغزوٍ، وهنا (عُميٌ)، ونظرت إلى (عُميٍ)، وكذلك ظبيٌ، ونظرت إلى ظبيٍ، إذن زال الإشكال.
وقوله: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾ صم عن أيش؟
* الطلبة: عن سماع الحق.
* الشيخ: عن سماع الحق، وإن كانوا يسمعون غيره، لكن سماع غيره لا فائدة منه فهو كالعدم، ولهذا قال: ﴿صُمٌّ﴾. ﴿بُكْمٌ﴾ يعني لا ينطقون، صحيح ما ينطقون؟
* الطلبة: لا ينطقون.
* الشيخ: لا ينطقون، وربما يكونون فصحاء، لكن لا ينطقون بالحق والعياذ بالله، ونطقهم بغير الحق كالعدم لعدم نفعه. كذلك ﴿عُمْيٌ﴾ لا يبصرون، هكذا ولكن حقيقة الأمر قد تكون أعينهم من أحسن الأعين، لكنهم لا يبصرون الحق والعياذ بالله، لا يبصرون الآيات، ولا يبصرون من يقول بالآيات أيضًا، لا ينتفعون به.
وقوله: ﴿فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ الفاء للتفريع؛ يعني أن هذه الجملة مفرعة على ما قبلها؛ يعني فلكونهم عميًا وبكمًا وصمًّا هم لا يعقلون؛ أي لا يعقلون عقل رشد، وإن كان عندهم عقل إدراك، لكن ما عندهم عقل رشد، فلعدم انتفاعهم بعقولهم نفى الله عنهم العقل الذي هو حقيقة العقل، ولهذا سمي العقل عقلًا؛ لأنه يعقل صاحبه عما يضره، ولهذا يسمى عقلًا ويسمى حِجْرًا؛ قال الله تعالى: ﴿هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ﴾ [الفجر ٥] أي: لذي عقل؛ لأنه أيضًا يحجر صاحبه عما يضره.
﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ وأيش إعراب ﴿دُعَاءً﴾ ﴿بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً﴾؟
* طالب: مستثنى بـ (إلا)؟
* الشيخ: مستثنى بـ (إلا) ما قولكم؟
* طالب: صحيح.
* طالب: مفعول به منصوب.
* الشيخ: مفعول به منصوب؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: هذان قولان ما قولك؟
* طالب: لا، صحيح مستثنى.
* الشيخ: صحيح مستثنى.
* طالب: مفعول به منصوب لـ﴿يَسْمَعُ﴾.
* الشيخ: إي صحيح؛ لأن الاستثناء هنا مفرغ؛ لأن (لا) نافية و﴿يَسْمَعُ﴾ فعل مضارع، ما جاء المفعول، المفعول به إذن ﴿دُعَاءً﴾، ولو أردت تعرف المفرغ احذف النفي واحذف (إلا)، فقل: يسمع دعاء مثلًا، ما قام إلا زيد، تقول: قام زيد هو اللي ييبن لك الإعراب.
قال الله عز وجل: ﴿إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾.
* يستفاد من الآية الكريمة: أن للشيطان إرادة وأمرًا لقوله: ﴿إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ﴾.
* ومن فوائدها: أن الشيطان لا يأمر إلا بالشر، لا يأمر بالخير، أن الشيطان لا يأمر بالخير، من أين أخذنا أنه لا يأمر بالخير؟
* الطلبة: من الحصر.
* الشيخ: من الحصر ﴿إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ﴾.
* طالب: حديث أبي هريرة، أن أبي هريرة قال..
* الشيخ: نعم، فصدق وهو كذوب، هذا نادر، هذا نادر.
* ومن فوائدها؛ من فوئد الآية: أن الإنسان إذا همّ بالسيئة أو الفاحشة فليعلم أنها من أوامر الشيطان فليحذرها؛ لأنه ما عندنا علامة بينة، الشيطان ما هو يقف أمامنا يقول: افعلوا، لكن عندما يكون الأمر الذي نهم به من السوء والفحشاء نعرف أنه من أوامر الشيطان.
* ومن فوائدها: أن القول على الله بلا علم من أوامر الشيطان لقوله: ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾.
* ومن فوائدها: تحريم الفتوى بلا علم، من أين نأخذها؟ ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ فإن المفتي يقول على الله، ويعبر عن شرع الله.
* ومنها: ضلال أهل التأويل في أسماء الله وصفاته، من أين نأخذها؟
* الطلبة: ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ﴾.
* الشيخ: لأنهم قالوا على الله بلا علم، وقد سبق أنهم قالوا على الله بلا علم من وجهين؛ أحدهما: أنهم قالوا: إن الله لم يُرد كذا، فنفوا ما هو ظاهر الكلام، وقالوا: إنه أراد كذا فأثبتوا ما يخالف ظاهر الكلام، وهذا قول على الله بلا علم.
* طالب: شيخ، قال أهل التأويل ولا أهل التحريف؟
* الشيخ: لا هم يسمون الآن معروفين بأهل التأويل، ولَّا هو حقيقة أن ما سموه تأويلًا فهو تحريف.
* طالب: متى يكون التأويل محمودًا يا شيخ؟
* الشيخ: لا، الآن المعروف عند أهل العلم أهل التأويل إذا قيل: أهل التأويل يريدون بهم هؤلاء، الذين يحرفون الكلم عن مواضعه، مشهور عندهم، أهل التأويل وأهل الأخذ بالظاهر.
* طالب: أهل التفسير؛ يعني يطلق عليهم أهل التأويل؟
* الشيخ: يُطلق عليهم، لكن التأويل عند المتأخرين ما هو معروف عندهم إلا صرف اللفظ عن ظاهره، وإذا قيل: أهل التأويل لا تفكر أنهم يريدون أهل التفسير أبدًا إلا في اصطلاح المتقدمين مثل ابن جرير ونحوه، أما المتأخرين إذا سمعت أهل التأويل فهم الذين يؤولون الصفات، آيات الصفات وأحاديثها، وهو في الحقيقة تحريف، نحن لا نوافقهم على أن هذا من باب التأويل، نقول: هو تحريف في الواقع؛ لأن التأويل الذي لا دليل عليه تحريف وتغيير للمعنى عما أراد الله، إنما هذا هو المعروف عند أهل العلم أن أهل التأويل هم الذين يصرفون ظواهر نصوص الكتاب والسنة فيما يتعلق بالأسماء والصفات.
* ومن فوائدها: وجوب تعظيم الله عز وجل، وأنه لو ساغ القول على غيره لم يسغ القول عليه، ووجه ذلك أنه خصَّص بعد التعميم، وأين التخصيص بعد التعميم؟
* الطلبة: ﴿وَأَنْ تَقُولُوا﴾.
* الشيخ: ﴿وَأَنْ تَقُولُوا﴾ هذا تخصيص بعد قوله: ﴿بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ﴾ فإن القول على الله بلا علم لا شك أنه من السوء والفحشاء.
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾.
* من فوائد الآية: ذم التعصب بغير هدى لقوله: ﴿قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ مع أن آباءهم ليس عندهم عقول ولا هدى كما قال الله عز وجل: ﴿أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ﴾.
* ومنها: أن من تعصب لمذهب مع مخالفة الدليل ففيه شبه من هؤلاء، أو لا؟ هم يقولون: نتبع ما ألفينا عليه آباءنا والمتعصب لمذهبه: ما وجدنا عليه مشائخنا، فهذا فيه شبه منهم، والواجب أن الإنسان إذا قيل له: اتبع ما أنزل الله أن يقول: سمعنا وأطعنا.
* ومنها من فوائدها: أنه لا يجب الانصياع إلا إلى ما أنزل الله أو لا؟ ﴿اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ أما الانقياد لقول عالم أو ما أشبه ذلك فلا، لا انقياد إلا لما أنزل الله عز وجل وهو الكتاب والحكمة، وقد سبق أن أهل العلم اختلفوا فيما قاله الصحابي، وأن مذهب الإمام أحمد أنه حُجة ما لم يخالف الدليل أو يعارضه قول صحابي آخر، فإن خالف الدليل طُرح واتُّبع الدليل، وإن عارضه قول صحابي آخر وجب الترجيح ويُنظر أيهما أقرب إلى الكتاب والسنة فيُؤخذ به، فإن لم نعرف أيهما أقرب إلى الكتاب والسنة فإننا ننظر أيهما أقرب إلى الصواب من حيث العلم، والصحابة يختلفون في هذا.
* ومن فوائد الآية: بيان عناد هؤلاء يقال: ﴿اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ ما يقول: اتبعوا ما نحن عليه، ما أنزل الله، فيعاندون ويقولون: بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا.
* ومن فوائدها: أن كل من خالف الحق وما أنزل الله فليس بعاقل، وليس عنده هدى من قوله: ﴿لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾.
* طالب: شيخ قلنا: التابعي (...) فيه خلاف (...) قتادة..
* الشيخ: إي نعم، ومجاهد، والله فيه خلاف بين أهل العلم ولم يتبين لي أن الصواب وجوب اتباعهم، وجوب اتباعهم فيه نظر.
وقوله: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً﴾ إلى آخره.
* يستفاد منه: أن هؤلاء في اتباع آبائهم مثل البهائم التي تستجيب للناعق وهي ما تسمع إلا صوتًا دعاء ونداء، ما تفهم شيئًا تعقله وتفهمه وتعرف فائدته ومضرة مخالفته.
* ومن فوائدها أيضًا على التفسير الآخر: أن هؤلاء -والعياذ بالله- قد طبع الله على قلوبهم فلا يسمعون ما يدعون إليه من الحق ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾.
* ومنها على التفسير الثالث: أن هذه الأصنام لا يمكن أن تستجيب لهم، لكن هذا القول، كما تعلمون، وإن كان اختاره ابن جرير، لكنه ضعيف؛ لأن الأصنام لا تسمع، فلا ينطبق التشبيه عليها وهو يقول: بما لا يسمع إلا دعاء ونداء.
{"ayahs_start":169,"ayahs":["إِنَّمَا یَأۡمُرُكُم بِٱلسُّوۤءِ وَٱلۡفَحۡشَاۤءِ وَأَن تَقُولُوا۟ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ","وَإِذَا قِیلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا۟ مَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُوا۟ بَلۡ نَتَّبِعُ مَاۤ أَلۡفَیۡنَا عَلَیۡهِ ءَابَاۤءَنَاۤۚ أَوَلَوۡ كَانَ ءَابَاۤؤُهُمۡ لَا یَعۡقِلُونَ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَهۡتَدُونَ","وَمَثَلُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ كَمَثَلِ ٱلَّذِی یَنۡعِقُ بِمَا لَا یَسۡمَعُ إِلَّا دُعَاۤءࣰ وَنِدَاۤءࣰۚ صُمُّۢ بُكۡمٌ عُمۡیࣱ فَهُمۡ لَا یَعۡقِلُونَ"],"ayah":"وَمَثَلُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ كَمَثَلِ ٱلَّذِی یَنۡعِقُ بِمَا لَا یَسۡمَعُ إِلَّا دُعَاۤءࣰ وَنِدَاۤءࣰۚ صُمُّۢ بُكۡمٌ عُمۡیࣱ فَهُمۡ لَا یَعۡقِلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق