الباحث القرآني
قال الله تعالى: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ ﴿قُولُوا﴾ الخطاب لمن؟ للرسول ﷺ وأمته جميعًا، والمراد بالقول هنا: القول باللسان وبالقلب، فالقول باللسان نطقه، والقول بالقلب اعتقاده، القلب له قول وفعل، والجسم له قول وفعل، قول الجسم باللسان وفعله بالجوارح، وقول القلب إقراره واعترافه بالشيء، هذا قول، وفعله حركته كمحبته ورجائه وخوفه وخشيته وما أشبه ذلك، هذه لأن هذه حركات قلبية، قولوا بألسنتكم، وأيش بعد؟
* الطلبة: وقلوبكم.
* الشيخ: وقلوبكم ﴿آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ الإيمان تقدم هناك مرارًا كثيرًا أنه في اللغة: التصديق، وفي الشرع: التصديق المتضمن أو المستلزم للقبول والإذعان، ﴿آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور: الإيمان بوجوده، والإيمان بربوبيته، والإيمان بألوهيته، والإيمان بأسمائه وصفاته، الإيمان بالله يتضمن هذه الأمور الأربعة، فلننظر الآن الشيوعيون الذين ينكرون وجود الله آمنوا بالله؟
* الطلبة: لا.
* الشيخ: ما الذي فقد منهم؟ كل الأربعة، كل الأربعة ما دام ما يؤمنون بالوجود ما هم مؤمنين بالربوبية ولا بالألوهية ولا بالأسماء والصفات، أليس كذلك؟
* الطلبة: بلى.
* الشيخ: الذين يؤمنون بالله لكن يشركون معه غيره، ويقولون: مثلًا إن القطب الغوث يدبر، وأن الرسول ﷺ يدبر، وما أشبه ذلك، هؤلاء آمنوا بالله باعتبار الوجود، لكن ما آمنوا بالربوبية والألوهية ولا بالأسماء والصفات أيضًا.
الذين يؤمنون بالله وبربوبيته وأنه الرب الفعال الخلاق الذي لا يشاركه أحد في هذا، لكنهم يعبدون معه غيره يقولون: ﴿لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر ٣] آمنوا بأيش؟ بالوجود والربوبية دون الألوهية.
الذين يؤمنون بهذا كله لكن في الأسماء والصفات لا يؤمنون، إما أن ينكروا الأسماء والصفات، وإما أن ينكروا الأسماء دون الصفات، وإما أن ينكروا بعض الصفات، هؤلاء ما آمنوا بالله من حيث الأسماء والصفات ما آمنوا حقيقة الإيمان، فإيمانهم ناقص، فالإيمان بالله إذن يتضمن أربعة أمور: الإيمان بوجوده، وبربوبيته، وبألوهيته، وبأسمائه وصفاته.
﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا﴾ يعني: وآمنا بما أنزل إلينا، فـ(ما) هنا اسم موصول مبني على السكون في محل جر عطفًا على قوله: ﴿اللَّهِ﴾ عطف على الله، وقوله: ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا﴾ ﴿مَا أُنْزِلَ﴾ يشمل القرآن وهو مُنْزَل ويشمل السنة أيضًا؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [النساء ١١٣] فإن الحكمة هي السنة، وقوله: ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا﴾ هو القرآن والسنة، ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ إبراهيم منزل إليه؟ نعم منزل إليه؛ لأنه نبي ورسول، فهو منزل إليه، ما الذي أنزل إليه؟ الذي نعرف الصحف التي ذكرها الله في موضعين من القرآن، وين؟
* طالب: ﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ﴾ [الأعلى ١٨، ١٩].
* الشيخ: ﴿صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾، وأيش بعد؟
* طالب: ﴿أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (٣٦) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى﴾ [النجم ٣٦، ٣٧].
* الشيخ: نعم، في سورة النجم. وما أنزل إلى إسماعيل، إسماعيل نبي منزل إليه، ما الذي أنزل إليه ما ندري، ما علمنا شيئًا لكنه منزل إليه قطعًا، واعلموا أن كل من ذكر في القرآن فإنه نبي رسول، كل من ذكر في القرآن من الأنبياء فهو نبي رسول، بعض الناس يشكك، يقول: هل كل اللي في القرآن من الأنبياء؟ بعضهم ما ذكر الله أنه رسول، لكننا نقول: هو رسول، وأيش الدليل؟ ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [غافر ٧٨].
وقال في سورة النساء: ﴿وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ﴾ [النساء ١٦٤] كل مذكور في القرآن من الأنبياء فإنهم رسل بدون استثناء، ﴿وَمَا أُنْزِلَ﴾.
* طالب: أقول: آدم؟
* الشيخ: لا، آدم ما ذُكِر أن له قومًا وأنه نبي، في القرآن ما ذُكِر أنه نبي، ذُكِر قصته.
* طالب: هارون؟
* الشيخ: نبي، نبي ورسول.
* طالب: هارون؟
* الشيخ: إي رسول، ﴿فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ﴾.
* طالب: قارون؟
* الشيخ: قارون؟ لا، يقول: هارون.
* الطالب: هارون؟
* الشيخ: ﴿إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ﴾ إسحاق ويعقوب أيضًا منزل إليهم، لكن ما نعرف، ما ذكر ما الذي أنزل إليهم، الأسباط جمع سِبط قيل: إنهم أولاد يعقوب، ومنهم يوسف، وقيل: ما أنزل على الأسباط أي أنبياء بني إسرائيل عامة، كل أنبياء بني إسرائيل اللي ما ذكروا؛ لأن أولاد يعقوب تفرع منهم بنو إسرائيل، فيكون المراد بالأسباط ليس الاثني عشر ابنًا ليعقوب، بل جميع أنبياء بني إسرائيل.
وقوله: ﴿وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ ﴿مَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى﴾ ما أعطوا، ﴿مَا أُوتِيَ﴾ أوتي بمعنى أُعْطِي، وأتي بمعنى جيء، يعني: أن أتى الثلاثي بمعنى جاء، وأن آتى الرباعي بمعنى أعطى، ﴿وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا﴾ [النساء ٥٤] ﴿آتَيْنَاهُمْ﴾ يعني؟
* الطلبة: أعطيناهم.
* الشيخ: أعطيناهم، ﴿وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ﴾؟
* طالب: جئناك.
* الشيخ: جئناك وليس معناها أعطيناك، ﴿وَمَا أُوتِيَ مُوسَى﴾ ما أعطي. من أين أعطوا وأيش أعطوا؟
* طالب: آيات.
* الشيخ: ما أعطوا من الآيات، وما أعطوا من الوحي أيضًا، فإن الله تعالى أعطاهم وحيًا وآيات، موسى أعطي من الآيات؟
* طالب: التوراة.
* الشيخ: لا، من الوحي التوراة، من الآيات تسع: اليد، والعصا، وأيش بعد؟
* طالب: (...) سبحانه وتعالى.
* الشيخ: والآيات التسعة اللي ذكر الله اليد يدخلها في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء، والعصا فيها ثلاث آيات، آيات عظيمة، فيها ثلاث آيات عظيمة: منها أنه يلقيها فتنقلب حية، ومنها أنه يضرب بها الحجر فيتفجر عيونًا، ومنها أنه ضرب بها البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم، هذه من آيات الله العظيمة سبحان الله.
وأما عيسى فأوتي أيضًا آيات عظيمة منها: أنه يخلق من الطين كهيئة الطير، صورة تمثال طير فينفخ فيه فيكون طيرًا، وفي قراءة ﴿طَائِرًا﴾ يكون طائرًا، وإذا جمعنا بين الآيتين؛ لأنا نحن قلنا: إن الآيتين يعتبران كمعنيين، فيكون طير ويطير بنفس الفعل طائرًا، هل يجوز أن الإنسان يصنع تمثالًا على شكل الطير؟
* طالب: لا، ما يجوز.
* الشيخ: إذا أذن الله له جاز، ﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي﴾ [المائدة ١١٠] إذا أذن الله جاز، لما أذن الله تعالى للملائكة أن يسجدوا لآدم، بل أمرهم بالسجود لآدم صار سجودهم لآدم طاعة وصار تركه كفرًا، إبليس لما استكبر كفر، بينما لا يسجد أحد الآن لآدمي.
(...) يحيي الموتى بإذن الله ويخرج الموتى من قبورهم بإذن الله، يحييهم قبل الدفن ويخرجهم من قبورهم بعد الدفن ﴿وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي﴾ [المائدة ١١٠]، وهذه من آيات الله التي أوتيها عيسى، قال أهل العلم: وإنما كانت آية موسى بالعصا؛ لأنه في زمن ارتقى فيه السحر إلى الغاية، وكانت آية عيسى في إخراج الموتى وفي إبراء الأكمه والأبرص؛ لأن الطب ارتقى فيه إلى الغاية، نعم والله سبحانه وتعالى يتحدى كل قوم بما يناسب عصرهم، وكان هذا القرآن آية مدى الدهر؛ لأنه لكل الخلق إلى يوم القيامة.
(...) هنا قد يسأل سائل: لماذا عبر بقوله: ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ﴾ إلى آخره، وفي موسى وعيسى قال: ﴿مَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى﴾ ولم يقل: وما أنزل إلى موسى وعيسى، فهل هناك حكمة في اختلاف التعبير أو لا؟
نقول: بحسب ما يظهر لنا والعلم عند الله: إن هناك حكمة لفظية، وحكمة معنوية، الحكمة اللفظية: لئلا تتكرر المعاني بلفظ واحد، لو قال: وما أنزل وما أنزل، تكررت كم مرة؟ أربع مرات، وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم، وما أنزل إلى موسى، وما أنزل إلى النبيين، ومعلوم أنه من أساليب البلاغة الاختصار في تكرار الألفاظ بقدر منها.
أما الفائدة المعنوية: فلأن موسى وعيسى دينهما باق إلى زمن الوحي، دينهما باق إلى زمن الوحي، وكان أتباعهما يفتخرون بما أوتوا من الآيات، النصارى يقولون: عيسى بن مريم يحي الموتى، ويفعل كذا ويفعل كذا، وهؤلاء يقولون: إن موسى فلق الله له البحر، وأنجاه وأغرق عدوه، وما أشبه ذلك، فبين الله سبحانه تعالى في هذا أن هذه الأمة تؤمن بهذه الآيات، ما أوتوا من وحي وآيات.
وأما قوله: ﴿وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ فهذا والله أعلم أتى بما أوتي النبيون للعموم؛ لأنه ما ذكر في الآية هنا من الأنبياء إلا قليل بالنسبة لعددهم، فلهذا عبر بالإيتاء ليشمل كل الآيات التي أوتوها، قال الله تعالى: ﴿وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾ [البقرة ١٦٣]، وقوله: ﴿مَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ (من) هنا للابتداء؛ لأن هذا الإيتاء من الله، وفي قوله: ﴿مِنْ رَبِّهِمْ﴾ إضافة الربوبية إليهم على وجه الخصوص، وإلا فالله تعالى رب الجميع، لكن هذه ربوبية خاصة، وفي قوله: ﴿مِنْ رَبِّهِمْ﴾ يعني لأنهم هم لا يملكون أن يأتوا بهذه الآيات أو بهذا الوحي، فهم يتلقون من الله وليسوا مستقلين بهذه الآيات حتى الرسول عليه الصلاة والسلام إذا طلب منه الآيات يستطيع أن يأتي بها؟ لا، ما يستطيع؛ ولهذا قال لما اقترحوا عدة آيات قال: ﴿قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا﴾ [الإسراء ٩٣]، فلا أملك أن آتي بالآيات ﴿إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ [العنكبوت ٥٠].
﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾ الجملة هذه داخلة في مقول القول، يعني قولوا: آمنا على هذا الوجه: ﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾ الضمير يعود على من؟ على الأنبياء.
وقوله: ﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾ أي: في الإيمان وليس في الاتباع؛ لأننا في الاتباع مأمورون باتباع من؟ محمد ﷺ؛ لقوله تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ [المائدة ٤٨]، فالشريعة نفرق بينهم ولا نَتْبع إلا شريعة محمد ﷺ التي نسخت جميع الأديان، أما في الإيمان وأنهم رسل، وأنهم من عند الله، وأنهم صادقون فيما جاؤوا به، فهم عندنا على حد سواء، كلهم صادقون فيما جاؤوا به، وكلهم رسل من عند الله، وقوله: ﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾ هل يشمل المنازل أيضًا؟
* طالب: لا يشمل.
* الشيخ: لأيش؟ لاختلافهم في الفضل، ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [البقرة ٢٥٣]، ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ ﴿وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ﴾ [الإسراء ٥٥]، إذن عندنا التفريق في المنزلة، والتفريق في الشريعة، والتفريق بالإيمان بهم، واعتقاد أنهم صادقون، أي الأمور الثلاثة التي لا نفرق بين أحد منهم؟ الإيمان بهم، واعتقاد أنهم صادقون، وأنهم رسل من الله عز وجل.
﴿وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ قال: ﴿نَحْنُ﴾ وهنا أتى بضمير الجمع ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ إلى قوله: ﴿وَنَحْنُ﴾ ليشعر المؤمن أنه هو وأخوه كنفس واحدة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا»[[ متفق عليه؛ أخرجه البخاري (٤٨١) ومسلم ٢٥٨٥ / ٦٥) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. ]] يعني ونحن جميع المؤمنين.
وقوله: ﴿لَهُ﴾ الضمير يعود على من؟ على الله سبحانه وتعالى، يعني ونحن لله، وهذا في عود الضمير على الأسبق، مع أن القاعدة أن يعود الضمير على أقرب مذكور، لكن هنا عاد الضمير على الأسبق؛ لأنه ﴿آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ بالله، ﴿وَنَحْنُ لَهُ﴾ أي لله مسلمون، مع أنه جاء بعدها عدة أشياء لكنه عاد، إذا قيل: ما الدليل على أنه يعود الضمير على الله عز وجل؟ نقول: الدليل على ذلك أولا: الضمير مفرد، والثاني: أن الإخلاص لمن يكون؟ لله.
وقوله: ﴿لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ قدم المعمول لغرضين أو لحكمتين: معنوية، ولفظية، المعنوية إفادة الاختصاص الذي نعبر عنه أحيانا بالحصر، والفائدة اللفظية: مراعاة الفواصل، فواصل أيش؟ فواصل الآيات، فإذا قال قائل: أي دليل لكم على أن مراعاة الفواصل معتبرة؟ قلنا: الدليل ما ذكره الله تعالى في سورة طه: ﴿قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى﴾ [طه ٧٠] مع أن في الآية الأخرى: بـ﴿رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾ [الأعراف ١٢٢]، فقدم هنا هارون على موسى مراعاة لفواصل الآيات، لا نعلم سوى هذا، وإلا فلا شك أن موسى أفضل من هارون، فعلى هذا نقول في قوله: ﴿نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ تقديم المعمول لفائدتين: معنوية ولفظية.
وقوله: ﴿مُسْلِمُونَ﴾ الإسلام إسلام الشيء للشيء معناه اختصاصه به، فالمراد بالإسلام هنا: الانقياد التام لله عز وجل بإخلاص، قال الله تعالى: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ [البقرة ١١٢] هنا إسلام القصد ﴿أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ﴾ أما العمل فقال: ﴿وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ فالحاصل أن الإسلام هنا يتضمن الانقياد بإخلاص، الانقياد التام بإخلاص لله عز وجل.
* طالب: شيخ، الأسباط ليه مجرورة وهي معطوفة على منصوب؟
* الشيخ: أين أصحاب النحو؟ إشكال، يقول: كيف كانت الأسباط مجرورة وهي معطوفة على أيش؟
* الطالب: على المنصوب؟
* الشيخ: على منصوب.
* الطلبة: على المجرور.
* الشيخ: نقول: هي معطوفة على مجرور، ما قرأت بالاسم الذي لا ينصرف عجمة؟
* الطالب: يعني كلهم داخل عليهم العجمة؟
* الشيخ: إي إي.
* الطالب: إبراهيم.
* الشيخ: إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب فهمت؟ الدليل على هذا شوف ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ (إلى) ما هي بحرف جر؟
* الطالب: إي نعم.
* الشيخ: إي نعم، مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه اسم لا ينصرف؛ لأن الأسماء هذه قبل العروبة.
﴿وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٦) فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ﴾ [البقرة ١٣٦، ١٣٧]
* طالب: (...).
* الشيخ: خبر (نحن).
* الطالب: (له) ضمير فصل.
* الشيخ: (له)، لا، جار و مجرور متعلق بـ﴿مُسْلِمُونَ﴾.
* الطالب: (نحن).
* الشيخ: مبتدأ؛ ونحن مسلمون له.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: (...) ضمير الفصل ما فيها لام حرف الجر (...) ثم إن ضمير الفصل أيضًا تعرفون أن ضمير الفصل يكون بصيغة المرفوع، أو لا؟ بصيغة المرفوع ضمير منفصل مرفوع إن هذا ضمير متصل له.
* طالب: (...) شيخ (...) مبتدأ؟
* الشيخ: لا، ﴿وَنَحْنُ﴾ وأيش محلها من الإعراب؟
* الطالب: مبتدأ (...) خبر.
* الشيخ: لا لا، ونحن مسلمون له، هذا هو المعنى؛ ولهذا قلنا: قدم المعمول، لو كان مبتدأ والخبر مقدم ما قلنا: قدم المعمول، لقلنا: قدم الخبر.
* طالب: في قوله تعالى: ﴿وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى﴾ أحيانًا عيسى يضيف إليه يقول: عيسى بن مريم (...) أحيانًا يقول (...).
* الشيخ: إي نعم، ما يضر.
* الطالب: ما فيه فوائد؟
* الشيخ: لا، ما فيه.
* طالب: شيخ، موسى عليه السلام يختلف عيسى (...) يختلف عن موسى ولَّا لأن هذا أنزل عليه الإنجيل ويش..؟
* الشيخ: يختلف؟
* الطالب: يعني شرعته مطابقة ولَّا كيف؟
* الشيخ: إي نعم، مطابقة.
* الطالب: بني إسرائيل وإحنا قلنا: أديانهم كلها (...)؟
* الشيخ: كلها مطابقة. الإنجيل مطابق للتوراة إلا أنه فيه بعض التخفيفات على بني إسرائيل (...) والتوراة ﴿يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ﴾ [المائدة ٤٤] حتى عيسى إلا أن الإنجيل فيه بعض الأشياء التي خففت، إي نعم.
* طالب: شيخ، ذكر النبيون بعد موسى وعيسى (...)؟
* الشيخ: ما يدل على هذا، لكنه يفيد عطف العام على الخاص.
﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا﴾ آمنوا من؟
* الطلبة: اليهود والنصارى.
* الشيخ: اليهود والنصارى؛ لأن هذه الآيات كلها متتابعة ﴿وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ [البقرة ١٣٥]، ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ﴾، ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ﴾ ﴿إِنْ آمَنُوا﴾ أي: اليهود والنصارى ﴿بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا﴾ ﴿بِمِثْلِ﴾ اختلف المعربون في الباء، وفي (مثل)، أيهما الزائد، فقيل: إن (مثل) هي الزائدة، وإن التقدير: فإن آمنوا بما آمنتم به فقد اهتدوا، وأن (مثل) زائدة معنى، أي: أنها أفادت زيادة معنى، وهي أنه إن آمنوا ليس مطلق إيمان بل إيمانًا مطابقا لإيمانكم، فعلى هذا يكون الزيادة في كلمة: مثل، والأصل: فإن آمنوا بما آمنتم به، لكن أتى بمثل ليبين أن إيمانهم لا يكفي مطلق الإيمان بما آمنتم به فقط مطلقًا لا، لا بد أن يكون مطابقًا مماثلًا بمثل ما آمنتم به.
وقيل: إن الزائد هو الباء، الزائد هو الباء حرف الجر، وإن التقدير: فإن آمنوا مثل ما آمنتم، مثل ما آمنتم، يعني: مثل الذي آمنتم، والباء الثانية أيضًا زائدة أي: مثل الذي آمنتموه، أي مثل إيمانكم.
فصار عندنا الآن قولان: منهم من يرى أن الزائد (مثل)، ومنهم من يرى أن الزائد الباء، والجميع اتفقوا على أن المراد الزيادة الإعرابية وليست الزيادة المعنوية، بل لها معنى، والمعروف أن الأسماء لا تزاد، وأن الزيادة في الحروف كثيرة، الزيادة في الحروف كثيرة ولَّا لا؟ كما مر علينا في ألفية ابن مالك، لكن الزيادة في الأسماء قليلة، لأيش؟ لأن الاسم كلمة جاءت لمعنى في نفسها، والحرف كلمة جاءت لمعنى في غيرها، ومعلوم أننا لو وزنا بالميزان المستقيم لكان ما يجيء لمعنى في غيره أولى بالزيادة مما يجيء لمعنى في نفسه، ولهذا أنكر بعض النحويين زيادة الأسماء، وقالوا: لا يمكن تزاد الأسماء، الاسم كلمة جاءت لمعنى في ذاتها ما يمكن تزاد بخلاف الحرف، فعلى هذا يكون الزيادة في الباء أي: فإن آمنوا مثل ما آمنتموه، أي: مثل إيمانكم، وعلى كلا الاحتمالين من حيث الإعراب فالمعنى واحد، أي: إن آمنوا إيمانًا مطابقًا لإيمانكم مماثلًا له من كل الوجوه فقد اهتدوا، والفاء هنا رابطة للجواب، جواب الشرط وهو قوله: ﴿إِنْ آمَنُوا﴾.
وقوله: ﴿اهْتَدَوْا﴾ أي سلكوا سبيل الهداية، والهداية هنا هداية العلم والتوفيق؛ لأنهم آمنوا عن علم فوفقوا واهتدوا.
وقوله: ﴿فَقَدِ اهْتَدَوْا﴾ الهداية هنا مطلقة ولَّا لا؟ وهو كذلك، هداية مطلقة كما أن المسلمون الذين آمنوا على الوصف المذكور مهتدون هداية مطلقة، بالمناسبة يقولون: إن بعض النصارى في مصر احتجوا على المسلمين، وقالوا: لماذا تستبيحون نساءنا ولا تبيحوننا نساءكم؟ احتجاج صحيح، لأيش أن المسلم يجوز يأخذ النصرانية والنصراني ما يجوز يأخذ المسلمة؟ قالوا: لأننا نؤمن بنبيكم ولا تؤمنون بنبينا، صحيح؟ صحيح؛ لأننا نؤمن بنبيكم وأنتم ما تؤمنون بنبينا، آمنوا بنبينا نعطيكم بناتنا.
﴿فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ ﴿تَوَلَّوْا﴾ تولي الإعراض، تولى بمعنى أعرض، وأيش عنه تولوا؟ عن الإيمان بمثل ما آمنتم به، إن تولوا وأعرضوا، ﴿فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ﴾ شوف هذه أتت جملة اسمية للدلالة على الاستمرار والثبوت، وأتت بـ(إنما) الدالة على الحصر، يعني: فما حالهم إلا الشقاق ﴿فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ﴾ شوف الخبر الآن ظرف بدليل (في) التي للظرفية كأن الشقاق محيط بهم من كل جانب، في شقاق منغمسون في شقاق، والشقاق بمعنى الخلاف، وهو في كل معانيه يدور على هذا حتى قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾ [الحج ٥٣] بعضهم قال: الشقاق هنا بمعنى الضلال، ولكن الصحيح أن معناه الخلاف، في كل ما جاءت في القرآن فهي للخلاف، وإن كان بعضهم يقول: تأتي للخلاف وتأتي للضلال وتأتي للعداء، لكن الصحيح أنها في كل ما جاءت فهي خلاف، حتى العدو مخالف لعدوه، والضال مخالف للمهتدي، ويدل لذلك لأن أصل معنى الشقاق أن يكون أحد الطرفين في شق والثاني في شق آخر، وبهذا يكون خلافه، يعني فإنما هم في خلاف معكم، هذا الخلاف سيؤدي حتمًا إلى العداوة، ولهذا لا شك أن بين المؤمنين وبين اليهود والنصارى عداوة، أليس كذلك؟
* الطلبة: بلى.
* الشيخ: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ [المائدة ٨٢]، وفي النصارى أيضًا عداوة وعداوتهم ظاهرة، لكن قوله تعالى: ﴿وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى﴾ [المائدة ٨٢] لعلة وهي ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا﴾ [المائدة ٨٢] إلى آخره، أما النصارى الذين اعتدوا وبغوا على المسلمين، فإنهم لا يدخلون في هذه الآية، فالله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [المائدة ٥١].
فاليهود والنصارى لما لم يؤمنوا صاروا معنا في شقاق وفي خلاف، وهذا الخلاف لا بد أن يؤدي إلى عداوة وبغضاء وبالتالي إلى قتال، والأمر وقع، المسلمون قاتلوا اليهود، أليس كذلك؟
* الطلبة: بلى.
* الشيخ: وقاتلوا النصارى الروم كلهم نصارى، ومن بعد ذلك قاتلوا النصارى في الحروب الصليبية، وسيقاتلونهم أيضًا مرة أخرى حتى يدخل الإسلام عاصمتهم الروم، ولا بد من هذا في المستقبل، فإذن هؤلاء اليهود والنصارى نحن معهم في شقاق؛ ولهذا قال: ﴿فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ﴾، وكأن الإنسان إذا سمع ﴿فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ﴾ قد يهاب ويخاف فطمأن الله المؤمنين بقوله: ﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ﴾ هنا ﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ﴾ فالجملة هذه فيها فاعل وفعل ومفعولان، أو لا؟ الفاعل؟
* طالب: الله.
* الشيخ: الله، الله، والمفعول الأول؟
* طالب: الكاف.
* الشيخ: الكاف، والمفعول الثاني؟
* طالب: الهاء.
* الشيخ: الهاء، الضميران متصلان فهل الاتصال هنا واجب؟ أو جائز؟ لو كان في غير القرآن (...) القرآن معلوم، يجب اتباعه.
* طالب: الأول واجب والثاني جائز.
* الشيخ: الأول واجب والثاني جائز؟ تعطينا شواهد من كلام ابن مالك.
* الطالب: ؎........................ ∗∗∗ أَشْبَهَهُ فِي كُنْتُهُ الخُلْفُ انْتَمَى* الشيخ: كذاك؟
* الطالب: كَذَاكَ خِلْتَنِيهِ.
* الشيخ: أي الثلاثة هذه؟ ابن مالك ذكر (سَلْنِيهِ)، و(كُنْتُهُ)، و(خِلْتَنِيهِ) أي الثلاتة هذه؟
* الطالب: خلتنيه.
* الشيخ: خلتنيه، توافقون على هذا؟
* طالب: إي نعم لها مفعولان، (خلت) لها مفعولان.
* الشيخ: لأن (خلت) لها مفعولان، صح، وهذه لها مفعولان، ولكنه خطأ، يتبين، هذه داخلة في قوله: سَلْنِيهِ. ؎وَصِلْ أَوِ افْصَلْ هَاءَ سَلْنِيهِ... ∗∗∗ ............................ لأيش؟ لأن (خِلْتَنِيهِ) ناصبة مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر. ما هي بـ(خال) من أخوات (ظن)؟
* الطلبة: أيوه.
* الشيخ: فهي تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، و(سَلْنِيهِ) تنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر، فهي من أخوات (كَسَا)، سيكفيكهم ناصبة الآن مفعولين هل أصلهما المبتدأ والخبر؟
* الطلبة: لا.
* الشيخ: لأنه ما يصح أن يقال: أنت هم، هل الكاف تكون مبتدأ والهاء تكون خبر؟ ما يصح، واضح؟ إذن هي داخلة في قوله: سَلْنِيهِ وما أشبهها، هذا من (وما أشبهه).
﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ﴾ السين هنا يقول العلماء: إنها للتنفيس، وفائدتها أمران ذكرناهما من قبل ويبينهما إما حامد وإلا آدم؟ السين هنا للتنفيس وتفيد شيئين أحدهما يعطيني إياه آدم؟ (...).
وقوع الثاني قرب الوقوع، تحققه وقربه بخلاف سوف فإنها تفيد التحقق ولكن مع مهلة، مع مهلة، وقوله: ﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ﴾ إذن تكفل الله سبحانه وتعالى لنبيه محمد ﷺ أنهم إذا لم يؤمنوا بمثل ما آمن المؤمنون، وتولوا فإن الله سبحانه وتعالى فسيكفيك إياهم عن قرب، ﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ﴾، والحمد لله أنه صار ذلك عن قرب، فإن الرسول ﷺ لم يتوفَّ حتى جلا اليهود عن المدينة، وفتح حصونهم خيبر وأبقاهم فيها عمالًا، وفي خلافة عمر رضي الله عنه أجلاهم حتى عن خيبر، فكفى الله المؤمنين شرهم والحمد لله.
﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ ﴿السَّمِيعُ﴾ من أسماء الله، و﴿الْعَلِيمُ﴾ أيضًا من أسمائه تبارك وتعالى، وقد سبق أن السميع لها معنيان: أحدهما بمعنى المجيب ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [إبراهيم ٣٩] ومنه قول المصلى: سمع الله لمن حمده أي استجاب أو أجاب أي أجاب لمن حمده، وبمعنى إدراك المسموع، السمع بمعنى إدراك المسموع، وذكرنا فيما سبق في العقيدة: أن هذا السمع يفيد مع الإدراك تهديدًا أو تقريرًا أو تأييدًا، يفيد تهديدًا كما في قوله؟ السمع للتهديد؟
* طالب: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي﴾ [المجادلة ١].
* الشيخ: لا.
* الطالب: الذين يقولون: إن الله ثالث ثلاثة.
* الشيخ: نعم ما هي هذه يقول ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ﴾ [المائدة ٧٣] مَنْ؟
* طالب: قوله تعالى: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ﴾ [آل عمران ١٨١]
* الشيخ: صحيح؟
* طالب: لا.
* طالب: صحيح.
* الشيخ: صحيح، هذا تهديد، وفي قوله: ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى﴾ [الزخرف ٨٠] هذا للتهديد، وللتقرير مثل؟ ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا﴾ [المجادلة ١] وللتأييد؟ ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه ٤٦] فعلى هذا نقول: السميع تفيد شيئين: أولًا إثباتها اسم من أسماء الله، وثانيا: إثبات السمع له، والسمع ينقسم إلى قسمين؟ سمع إجابة وسمع إدراك، وسمع الإدراك ينقسم أيضًا إلى ثلاثة أقسام، أو سمع الإدراك قد يقتضي التهديد وقد يقتضي التقرير وقد يقتضي التأييد حسب السياق.
وأما قوله: ﴿الْعَلِيم﴾ فالعليم أيضًا اسم من أسماء الله، فعلم الله سبحانه وتعالى شامل لكل شيء جملة وتفصيلًا، أما الجملة فلقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة ٢٨٢] بكل شيء، عام، وأما التفصيل فمثل قوله تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا﴾ [الأنعام ٥٩] وما تنبت؟ من باب أولى، ﴿وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ﴾ يعني إلا يعلمها ﴿وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ﴾ وما من شيء إلا رطب أو يابس ﴿وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ ﴿إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ يعني: فإنه يعلمه ومكتوب أيضًا، وقال تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا﴾ [هود ٦] ما من دابة، من يحصي الدواب؟ ما يحصيها إلا الله، أجناسها فضلًا عن أفرادها وأنواعها، إذن علم الله تعالى محيط بكل شيء جملة وتفصيلًا متعلق بالماضي والحاضر والمستقبل ولَّا لا؟ في الماضي ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ [البقرة ٢٥٥] ﴿مَا خَلْفَهُمْ﴾ ما مضى و﴿مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ الحاضر والمستقبل.
وقوله هنا: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ ﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ قد يقول قائل من الناس: يبدو لنا أن المناسب أن يقول: وهو القوي العزيز؛ لأنه قال: ﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ﴾، فما هو الجواب عن ختمها بالسمع والعلم؟
* طالب: (...) المدينة هم يعني يوسوسون، وسوسة داخلية.
* الشيخ: إي نعم.
* طالب: القوة والعزة والحكمة تبدأ من علم الله سبحانه وتعالى يعني كلها تدخل في حكمة الله وعلمه فيتخذها ما شاء.
* الشيخ: إي، على كل حال كل شيء له، كل شيء هو مقرون بالعلم وبالحكمة، لكن بس الأنسب يعني فيما يبدو لنا فالظاهر لي والله أعلم إنه لما كان تدبير هؤلاء المشاقين تدبير الكيد للرسول عليه الصلاة والسلام من هؤلاء قد يكون بالأقوال وقد يكون بالأفعال، والتدبير أمر خفي، أمر خفي ما هو حرب يعلن حتى نقول ينبغي أن يقابل بقوة وعزة، قال: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ حتى الأمور اللي ما تدري عنها ولا يبرزونها ولا يظهرون الحراب حرابة الرسول عليه الصلاة والسلام فإن الله تعالى سميع عليم، هذا ما ظهر لي والله أعلم، ﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.
﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾.
* طالب: (...) الحكمة (...) ﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ﴾ (...).
* الشيخ: يعني أيش؟ يعني من الصعب النطق بها؟
* الطالب: (...) بالمعنى.
* الشيخ: يعني هذه خلاف البلاغة تقول؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: وأما كونها طويلة فلأن فيها معاني، السين لا بد من وجودها، وأيضًا المخاطب فسيكفيكهم لا بد أن يخاطبه بذلك وضمير الغيبة ما أشوف فيها شيء.
* طالب: والفاء جواب الشرط.
* الشيخ: والفاء جواب الشرط.
﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ صبغة، الصُّبغ معناه اللون كما تعرفون، فما المراد بصبغة الله؟ قالوا: المراد دين الله، صبغة الله دين الله، وسمي الدين صبغة لظهور أثره على العامل به، فإن المتدين يظهر أثر الدين عليه، يظهر على صفحات وجهه ويظهر على مسلكه، ويظهر على خشوعه، وعلى سمته، وعلى هيئته كلها، فهو بمنزلة الصُّبغ للثوب يظهر أثره عليه، وقيل: إنه صبغة، سُميَ صبغة للزومه كلزوم الصبغ للثوب، وهل يمنع أن نقول: إنه سمي بذلك للوجهين جميعًا؟
* الطلبة: ما يمنع.
* الشيخ: ما يمنع، ما يمنع فهو صبغة للزومه، وهو صبغة أيضًا لظهور أثره على العامل به، ما وجه النصب في قوله: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ صبغةَ الله ولم يقل: صبغةُ الله؟ قيل: إنها مصدر معنوي لقوله: ﴿آمَنّا﴾، ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ فإن ﴿آمَنّا﴾ معناها الدين، وأن التقدير: تدينَّا دين الله، تدينا دين الله ولا ريب أن هذا بعيد؛ لأن ﴿آمَنّا﴾ في آية أخرى قبلها، أو لا؟ قولوا: لا ولَّا نعم؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: في الآية السابقة، في آية أخرى قبلها ويبعد أن يكون هذا متعلقًا بها، ولأنه فصل بينهما بفواصل كثيرة، إذن فهو منصوب على الإغراء، يعني: الزموا صبغة الله الزموا صبغة الله، ولا يصدنكم هؤلاء عن دينكم الزموه، وقوله: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ أضيفت إليه لأنها منه، فإن الشريعة جاءت من الله، ولا أحد يُشرِّع للخلق إلا خالقهم سبحانه وتعالى ﴿ومَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾ [البقرة ١٣٨] (...).
* طالب: أن من شروط الإمامة أن يقوم الإنسان بما أُمِر به، فإن إبراهيم عليه السلام لما أتم ما أمره الله سبحانه وتعالى به أخبر الله سبحانه وتعالى له أنه سيجعله (...) فيجب قيام الإنسان بالإمامة الاتيان بما (...).
* الشيخ: (...).
* الطالب: أنه لما أمره الله سبحانه وتعالى بما أمر به فامتثل جعله الله للناس إمامًا؟
* الشيخ: إذن يؤخذ منه أن من قام بأوامر الله جعله الله إمامًا، أو لا؟ جعله الله إمامًا وهذا حق، قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ [السجدة ٢٤]، قال ابن تيمية رحمه الله: بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، مفهوم من قوله تعالى: ﴿لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾
* طالب: (...) ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ﴾ [البقرة ١٢٧] يقول بعض المفسرين: إن هذا (...) إسماعيل (...).
* الشيخ: نعم، إي؛ لأن الأصل إبراهيم.
هنا يقول الله عز وجل: ﴿وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا﴾ [البقرة ١٣٥] ذكرنا فيها أن هذه الدعوى موجودة في أهل البدع من هذه الأمة؟
* الطالب: كل طائفة يدعون إلى ما هم عليه مثلًا الأشعرية يقولون: كونوا أشعرية تهتدوا، والجهمية يقولون: كونوا جهمية تهتدوا، كل يدعي.
* الشيخ: صح، إذن معناه أن من خالف الحق ودعا إليه -يعني إلى طريقه- وظن هو الهدى فهو مشابه لمن؟
* الطلبة: لليهود والنصارى.
* الشيخ: لليهود والنصارى، بماذا رد الله على هؤلاء الذين قالوا: تهتدوا؟
* طالب: ﴿قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ﴾.
* الشيخ: وأيش إعراب ﴿مِلَّةَ﴾؟
* طالب: مفعول به.
* الشيخ: مفعول لأيش؟
* الطالب: للفعل نتبع. نتبع ملة.
* الشيخ: لفعل محذوف، تقديره: بل نتبع ملة إبراهيم، ما تقولون في هذا؟
* الطلبة: (...)؟
* الشيخ: صحيح، إذن ملة إبراهيم هو اللي فيها الهداية ما هي باليهودية ولا النصرانية.
ما الفائدة من قوله: ﴿أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ﴾ [البقرة ١٣٩]؟
* طالب: (...) الفائدة.
* الشيخ: من قوله: ﴿وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ﴾؟ هذا كلنا يعرف أن لنا أعمالنا ولكم أعمالكم، وأيش الفائدة منه هل هذا تحصيل حاصل كقول القائل: السماء فوقنا والأرض تحتنا، وأيش الفائدة منه؟
* طالب: (...) لنا أعمالنا ولكم أعمالكم أي أن (...) بالله سبحانه وتعالى وهو ربنا وربكم لا ينفعكم (...) بالله لا ينفعكم فإن كل له عمله ومعول على..
قوله تعالى: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾.
* من فوائد الآية الكريمة: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ وجوب الالتزام بدين الله؛ لأن المعنى: الزموا صبغة الله.
* ومن فوائدها: أن هذا الدين حق؛ لأن الله أضافه إلى نفسه، وكل ما يضاف إلى الله، فإنه حق.
* ومن فوائدها: أن دين الله تعالى أحسن الأديان وأكملها وأشملها، وأقومها بمصالح العباد؛ لقوله: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً﴾.
* ومن فوائدها: وجوب الإخلاص، إخلاص العبادة له؛ لقوله: ﴿وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾ قدم المعمول لإفادة الحصر.
* ومنها: أن العقل يقضي التزام الدين؛ لقوله: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً﴾، فإن العقل يهدي إلى أن الواجب أو أن الذي من العقل التزام الأحسن، كل إنسان له عقل سليم، فإن عقله يأمره بالتزام الأحسن.
ثم قال: ﴿قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ﴾.
* يستفاد من هذه الآية: الإنكار على اليهود والنصارى الذين يحاجون المسلمين في الله مع إقرارهم بأنه ربهم؛ لقوله: ﴿قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ﴾.
* ومن فوائدها: التشنيع على من يحاج في أمر يعترف به، فإنهم يحاجون في الله وهم يعترفون بأنه ربهم، فهو ربنا وربكم.
* ومنها: وجوب البراءة من أعمال الكفار؛ لقوله: ﴿وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ﴾، فإن المراد بذلك البراءة مما هم عليه.
* ومنها: أنه ينبغي للمرء أن يفتخر بما هو عليه من الحق؛ لأنه قال: ﴿وَلَنَا أَعْمَالُنَا﴾، فنحن مفتخرون بها بريئون من أعمالكم.
* ومنها: أنه لا يجوز التشبه بأعداء الله؛ لأن المشابهة موافقة بالعمل؛ ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»[[أخرجه أبو داود في سننه (٤٠٣١)، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.]]، وهنا يقول: ﴿وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ﴾، فنحن متميزون عنكم، وأنتم متميزون عنا.
* ومنها: وجوب الإخلاص لله؛ لتقديم المعمول في قوله تعالى: ﴿وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ﴾.
ثم قال تعالى: ﴿أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى﴾ فيها قراءتان: ﴿أَمْ يقُولُونَ﴾ ، ﴿أَمْ تَقُولُونَ﴾، فعلى الثانية ﴿أَمْ تَقُولُونَ﴾ يكون هذا من جملة ما أمر الرسول عليه الصلاة والسلام أن يقوله؛ لأنه قال: ﴿قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ﴾ يعني: وقل: أتقولون إن إبراهيم، أما على القراءة بالياء ﴿أَمْ يقُولُونَ﴾ فهذه الجملة من كلام الله كما مر.
* فمن فوائد الآية: إبطال دعوى هؤلاء اليهود والنصارى أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودًا أو نصارى، فهذه الدعوى باطلة، إذن ما وصف هؤلاء؟ المسلمون، وصف هؤلاء الإسلام، فإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ليسوا يهودًا ولا نصارى، بل هم مسلمون لله سبحانه وتعالى.
* ومنها: رد علم هذه الأشياء إلى الله ﴿قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ﴾.
* ومنها: الرد على أهل التحريف في أسماء الله وصفاته الذين يقولون: إن هذا جائز عقلًا على الله فنقر به، وهذا يمتنع عقلًا على الله فلا نقر به، أليس كذلك؟
* الطلبة: بلى.
* الشيخ: فيه ناس يقولون هكذا كالمعتزلة والأشاعرة ونحوهم، نقول لهم في الجواب كلهم: ﴿أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ﴾، هل أنتم أعلم بما يجوز على الله ويمتنع عليه ويجب له، أم الله أعلم بما يمتنع عليه ويجوز له ويجب له؟ الله أعلم، وهذه هي حقيقة حجة ملزمة مقحمة مفحمة أيضًا لهؤلاء الذين يتحكمون في صفات الله تعالى بعقولهم، فيقولون: يجب لله كذا، ويمتنع عليه كذا، ﴿أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ﴾.
* ومن فوائد الآية: عظم كتم العلم؛ لقوله: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ﴾، فإن العالم بشريعة الله شاهد على الله بهذه الشريعة، كما قال الله تعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ﴾ [آل عمران ١٨]، فكل إنسان يكتم علمًا فقد كتم شهادة عنده من الله، ثم إن في هذا عظم إثمه، يؤخذ من أين؟
* الطلبة: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ﴾.
* الشيخ: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ﴾؛ ولهذا قيل في قوله تعالى: ﴿فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ﴾ [النساء ٦٩] قيل: إن المراد بالشهداء هم أهل العلم.
* ومنها: كمال علم الله ومراقبته لعباده لقوله: ﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾.
* ومنها: ثبوت الصفات السلبية، وهي: ما نفاه الله عن نفسه، من أين؟
* الطلبة: ﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ﴾.
* الشيخ: ﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ﴾، فإن هذه صفة سلبية ما هي ثبوتية، والصفات السلبية -كما مر علينا- متضمنة لإثبات كمال ضده، لكمال مراقبته وعلمه سبحانه وتعالى ليس بغافل عما نعمل.
ومنها: تخويف الإنسان وإنذاره من المخالفة، تؤخذ من أين؟ تخويف الإنسان من المخالفة من أين؟
* طالب: ﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾.
* الشيخ: كيف ذلك؟ ويش وجه هذا التخويف؟
* الطالب: إثبات أن الله سبحانه وتعالى لا يغفل عن..
* الشيخ: إيه، لكن ويش وجهه من التخويف؟
* الطالب: يعني بيحذر الإنسان، يعني: اعلم أيها الإنسان أن الله مطَّلع عليك في كل أعمالك.
* الشيخ: فإياك والمخالفة، يعني: مثلًا عندما تهدد إنسانًا بشيء تقول: ما أنا بغافل عنك، ﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾.
* ومنها: إضافة العمل إلى العامل، ففيه رد على الجبرية؛ لقوله: ﴿عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ تعرف وجهه؟ ففيه الرد على الجبرية الذين يقولون: إن الإنسان لا يعمل بل هو مجبر، واضح؟
* الطلبة: نعم.
{"ayahs_start":136,"ayahs":["قُولُوۤا۟ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡنَا وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَىٰۤ إِبۡرَ ٰهِـۧمَ وَإِسۡمَـٰعِیلَ وَإِسۡحَـٰقَ وَیَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَمَاۤ أُوتِیَ مُوسَىٰ وَعِیسَىٰ وَمَاۤ أُوتِیَ ٱلنَّبِیُّونَ مِن رَّبِّهِمۡ لَا نُفَرِّقُ بَیۡنَ أَحَدࣲ مِّنۡهُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ","فَإِنۡ ءَامَنُوا۟ بِمِثۡلِ مَاۤ ءَامَنتُم بِهِۦ فَقَدِ ٱهۡتَدَوا۟ۖ وَّإِن تَوَلَّوۡا۟ فَإِنَّمَا هُمۡ فِی شِقَاقࣲۖ فَسَیَكۡفِیكَهُمُ ٱللَّهُۚ وَهُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ","صِبۡغَةَ ٱللَّهِ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبۡغَةࣰۖ وَنَحۡنُ لَهُۥ عَـٰبِدُونَ","قُلۡ أَتُحَاۤجُّونَنَا فِی ٱللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡ وَلَنَاۤ أَعۡمَـٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَـٰلُكُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُخۡلِصُونَ","أَمۡ تَقُولُونَ إِنَّ إِبۡرَ ٰهِـۧمَ وَإِسۡمَـٰعِیلَ وَإِسۡحَـٰقَ وَیَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطَ كَانُوا۟ هُودًا أَوۡ نَصَـٰرَىٰۗ قُلۡ ءَأَنتُمۡ أَعۡلَمُ أَمِ ٱللَّهُۗ وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَـٰدَةً عِندَهُۥ مِنَ ٱللَّهِۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ","تِلۡكَ أُمَّةࣱ قَدۡ خَلَتۡۖ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَلَكُم مَّا كَسَبۡتُمۡۖ وَلَا تُسۡـَٔلُونَ عَمَّا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ"],"ayah":"صِبۡغَةَ ٱللَّهِ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبۡغَةࣰۖ وَنَحۡنُ لَهُۥ عَـٰبِدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق