الباحث القرآني
ثم قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ﴾ [البقرة ١٢٧] لما ذكر الله سبحانه وتعالى أنه جعل هذا البيت مثابة للناس وأمنًا بيَّن الله تعالى كيف نشأ هذا البيت، فقال: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ﴾. ﴿وَإِذْ﴾ هذه ظرف عاملها محذوف وأيش التقدير؟
* طالب: واذكر.
* الشيخ: واذكر إذ يرفع. وقوله: ﴿إِذْ يَرْفَعُ﴾ تقولون: ﴿يَرْفَعُ﴾ فعل مضارع، والمضارع للحاضر أو المستقبل، ورفع البيت ماضٍ، لكنه يُعبر بالمضارع عن الماضي على حكاية الحال، كأن إبراهيم يرفعه الآن؛ يعني يذكرون بهذه الحال التي كأنها الآن مشاهَدة أمامهم، فهنا عبر بالمضارع على حكاية الحال.
وقوله: ﴿إِبْرَاهِيمُ﴾ فيها القراءتان وهما؟ ﴿إِبْرَاهَامُ﴾ و﴿إِبْرَاهِيمُ﴾. ﴿الْقَوَاعِدَ﴾ مفعول ﴿يَرْفَعُ﴾. يرفع القواعد من البيت، و﴿الْقَوَاعِدَ﴾: جمع قاعدة، وقاعدة الشيء أساسه، ومنه سميت قواعد الفقه، وقواعد النحو، النحو يسمى قواعد؛ لأنه الأساس الذي يُبنى عليه النطق بالكلام العربي الفصيح، وقواعد الفقه هي عبارة عن الضوابط التي ترجع إليها أفراد المسائل، فالقواعد هي أيش؟ الأساس. وقوله: ﴿مِنَ الْبَيْتِ﴾ بيان للقواعد وهي في محل الحال؛ يعني حال كونها من البيت، هذه القواعد من البيت، والمراد بالبيت هو الكعبة، فـ (أل) هنا للعهد الذهني. وقوله: ﴿وَإِسْمَاعِيلُ﴾ عطفًا على قوله: ﴿إِبْرَاهِيمُ﴾؛ إذن فهو مشارك لأبيه في رفع القواعد. فإذا قال قائل: لماذا لم يكن إسماعيل مذكورًا إلى جنب إبراهيم؟ يعني مع أنهما مشتركان، فلماذا لم يقل: وإذ يرفع إبراهيم وإسماعيل القواعد من البيت؟ لأن كلًّا منهما رافع؟ فما هو الجواب؟
الجواب: لأن الأصل إبراهيم، وإسماعيل معين، الذي أسس القواعد هو إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أما إسماعيل فإنه كان معينًا مساعدًا.
ثم قال: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا﴾ ربَّ: منادى حُذفت منه ياء النداء، وأصله: يا ربنا، حُذفت ياء النداء للبداءة بالمدعو، المنادى؛ وهو الله. وقوله: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا﴾ إلى آخره، هذه الجملة عاملها محذوف، وتقديره أيش؟ وأيش التقدير ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا﴾؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا.
* الطالب: ياء النداء، يا ربنا.
* الشيخ: لا، لا، خلي يا النداء محذوفة.
* الطالب: يقولانِ: يا ربنا تقبل منا.
* الشيخ: نعم، يقولان: ربنا، يقولان، وجملة (يقولانِ) في موضع نصب.
لأن الداعي يريد حصول شيء، وحصول الأشياء من باب التقدير، والتقدير ألصق بالربوبية منه بالألوهية، مفهوم الكلام؟
﴿رَبَّنَا﴾ أنت قلت: رب أعطني، العطاء يتعلق بالربوبية ولّا بالألوهية؟
* الطلبة: بالربوبية.
* الشيخ: بالربوبية؛ لأنه فعل، وكل ما يتعلق بأفعال الله فهو من الربوبية، فإذا كان فعلًا فإنه يناسب أن ينادى الله تعالى بالوصف الذي يكون هذا الفعل ألصق به من الوصف الآخر، ﴿رَبَّنَا﴾؛ لأن الربوبية هي التي بها الفعل، يفعل بها الله تبارك وتعالى ما يشاء.
وقوله: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا﴾ هل هما يقولان ذلك بألسنتهما؟ يعني: كل واحد يقول: ربنا تقبل منا، أو أن أحدهما يقول والثاني يؤمن؟ يحتمل المعنيين، لكن ظاهر اللفظ أنهما كلهما يقول، فإما أن يكون إبراهيم يقول: ربنا تقبل منا ويتبعه إسماعيل، وإما أن هذا مرة، وهذا يقول مرة، ولا يقال: إن أحدهما يقول والثاني يؤمن مثل قصة موسى وهارون، ما نقول هكذا؛ لأن موسى وهارون ذكر الله أن القائل موسى ﴿وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٨٨) قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا﴾ [يونس ٨٨، ٨٩]، هل هارون كان داعيًا؟ لا، ولكن قال أهل العلم: إنه كان يؤمن وموسى يدعو، وموسى هو الذي يدعو صريحًا في الآية، أما هذه فظاهر الآية أن كلًّا منهما يقول: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا﴾.
وقوله: ﴿تَقَبَّلْ مِنَّا﴾ ما معنى القبول؟ القبول أخذ الشيء والرضا به، ومنه ما يذكره الفقهاء في قولهم: ينعقد البيع بالإيجاب والقبول، تقبل الله تعالى للعمل أن يتلقاه بالرضا فيرضى عن فاعله، وإذا رضي الله تعالى عن فاعله فلا بد أن يثيبه الثواب الذي وعده إياه.
وقوله: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا﴾ هذا هو المدار في الحقيقة، المدار على القبول وليس على العمل، وكم من إنسان عمل أعمالًا كثيرة ولم تقبل منه، فلم تنفعه، وكم من إنسان عمل أعمالًا قليلة قبلت منه، فنفعه الله بها، فالمدار على القبول.
وقوله: ﴿تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ هذه جملة تعليل، وأيش نوع تعليله؟ لطلب القبول، ما هو للقبول، لطلب القبول، يعني: نسألك أن تقبل وأنت يا ربنا سميع عليم، وقوله: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ هذه الجملة قلت لكم: إنها تعليل لما سبق، وهي مؤكدة بمؤكدين، أحدهما؟ الجملة مؤكدة بمؤكدين أحدهما؟ ﴿إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ هذه الجملة فقط مؤكدة بمؤكدين فما هما؟
* طالب: الأول إنك، النون.
* الشيخ: إنَّ.
* الطالب: والثاني: أنت.
* الشيخ: أنت؛ لأن (أنت) ضمير فصل، قد سبق لنا في البلاغة وفي كلامنا دائمًا نقول: ضمير الفصل يفيد التوكيد، ﴿إِنَّكَ أَنْتَ﴾ على هذا نقول: ﴿أَنْتَ﴾ ضمير فصل لا محل له من الإعراب.
و﴿السَّمِيعُ﴾ خبر (إن)، والسميع من أسماء الله عز وجل وله معنيان: أحدهما: بمعنى المستجيب، والثاني: بمعنى السامع للأصوات، فهو بمعنى إدراك المسموع، وإجابة الدعاء، أما الأول الذي هو إدراك المسموع فأمثلته كثيرة، مثل قوله تعالى: ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ﴾ [الزخرف ٨٠]، ومثل قوله تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا﴾ [المجادلة ١]، ومثل قوله تعالى: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ﴾ [آل عمران ١٨١]، وأما الثاني الذي هو بمعنى الاستجابة، فمثل قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [إبراهيم ٣٩]، معنى سميع أي: مستجيب، وكذلك مثله قول المصلي: سمع الله لمن حمده، يعني: استجاب لمن حمده، هنا نسأل هل السمع بمعنييه من صفات الله الذاتية؟ أو من صفاته الفعلية؟
* طالب: الذاتية والفعلية.
* الشيخ: كيف؟ كلهن الذاتية والفعلية؟
* طالب: السمع اللي هو سمع الأصوات من الذاتية، والاستجابة من الفعلية.
* الشيخ: ما تقولون؟ صحيح؛ لأن الاستجابة تتعلق بمشيئته إن شاء استجاب، وإن شاء لم يستجب، وأما إدراك المسموعات فإنه ملازم لصفاته، لم يزل ولا يزال سميعًا؛ إذ إن خلاف السمع الصمم، والصمم عيب، والله تعالى منزه عن كل عيب.
ما الذي يناسب الدعاء عندما تقول: رب أجب دعائي إنك أنت السميع العليم، أي المعنيين؟
* طالب: الاستجابة.
* الشيخ: كلها؛ لأنه إذا لم يسمع مثلًا، لو قلت: إنه ما يسمع صوتك بالدعاء ما استجاب، ولو سمع الصوت ولكن أخر الإجابة ما حصل مطلوبك، فهو يشمل الأمرين، فأنت إذا قلت: إنك أنت السميع، يعني: يا رب إنك تسمعني وتجيبني.
وقوله: ﴿العَلِيم﴾ ما هو العليم؟ العليم معناه ذو العلم، وعلم الله تبارك وتعالى شامل لكل موجود، ولكل معدوم، ولكل ممكن، ولكل مستحيل، ولكل واجب، يعني: يتعلق بكل شيء، علم الله يتعلق بكل شيء، يعلم ما كان، وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، سبحانه وتعالى، الدليل على تعلقه بالمستحيلات؟
* طالب: قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الأحقاف ٣٣].
* الشيخ: لا.
* طالب: تعلق علمه؟
* الشيخ: إي علمه.
* طالب: بالمستحيلات؟
* الشيخ: نعم.
* طالب: ﴿إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الشورى ١٢].
* الشيخ: لا، هذا للعموم، تأتي بصريح نص في أمور مستحيلة؟
* طالب: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطلاق ١٢].
* طالب آخر: ﴿لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾ [الزمر ٤].
* الشيخ: نعم، وهذا؟
* الطالب: مستحيل.
* الشيخ: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [الأنبياء ٢٢]، فهو يعلم أن السماوات والأرض تفسد لو كان فيهما آلهة إلا الله، وهذا شيء مستحيل. تعلقه بالواجب، مثال؟
* طالب: قوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا﴾ [سبأ ٢].
* الشيخ: هذا واجب؟ أصل وجود الأرض من الأمور الجائزة، لو شاء الله ما وجدت الأرض.
* طالب: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ﴾ [فاطر ٣٨].
* الشيخ: ما نبغي العموم، نبغي شيئًا خاصًّا، مرت علينا هذه في التوحيد. الواجب؟
* طالب: ﴿يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾ [طه ٧].
* الشيخ: لا.
* طالب: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ واجب مطلوب.
* الشيخ: وأيش لون؟ الساعة واجبة أن تكون؟ لكن هل وجوبها عقلي ولا سمعي؟
* الطالب: كلا الأمرين؛ لأنها على الإطلاق.
* الشيخ: يمكن نقول هكذا، ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ﴾ [آل عمران ١٨] تفرده بالألوهية أمر واجب، وقد شهد به، شهد به لنفسه، والشهادة تتضمن العلم بلا ريب، أما عن التعلق بالممكنات فهو كثير، كل ما تحدث الله أنه يعلمه من أمور الخلق، فهو مما يتعلق بالأمور الممكنات.
واعلم أنه من أنكر علم الله فهو كافر، كل من أنكر علم الله فإنه كافر، سواء أنكره فيما يتعلق بفعله أو فيما يتعلق بخلقه، فلو قال: إن الله تعالى لا يعلم ما يفعله العبد، فهو كافر، كما لو قال: إن الله لا يعلم ما يفعله بنفسه؛ ولهذا كفَّر أهل السنة الجماعة كفَّروا غلاة القدرية الذين قالوا: إن الله تعالى لا يعلم أفعال العباد، وقد سبق لنا ذلك أيضًا في التوحيد، وقلنا: إن غلاة القدرية ينكرون علم الله بأفعال العباد، ويقولون: إن الله ما يعلم وأيش بيد الإنسان، فالذي ينكر علم الله بأفعال العباد لا شك أنه كافر؛ لأن الله يقول: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ [ق ١٦]، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ﴾ [التوبة ٧٨].
فالذي يقول: إن الله ما يعلم أفعال العبد يكون مؤمنًا بهذه الآيات ولّا كافرًا؟ يكون كافرًا بها؛ ولهذا قال العلماء -قال الشافعي وغيره- في القدرية ما هم اللي ينكرون العلم، القدرية الذين ينكرون أن الله خلق أفعال العباد وقدرها، قال: ناظروهم بالعلم؛ فإن أقروا به خُصِموا، وإن أنكروه كفروا.
فتبين الآن أن علم الله سبحانه وتعالى محيط بكل شيء، في الواجبات وأيش بعد؟
* طالب: والمستحيلات.
* الشيخ: والمستحيلات، والممكنات، فيما يفعله بنفسه، وفيما يفعله العباد، إيمانك بهذا يوجب لك مراقبته، والخوف منه، وامتثال أمره، واجتناب نهيه؛ لأنك متى علمت أنه عالم بك، فإنك تخشاه، تستحي منه عند المخالفة، وترغب فيما عنده عند الموافقة.
ثم قال سبحانه وتعالى حاكيًا ما قاله إبراهيم وإسماعيل: ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ﴾، ﴿مُسْلِمَيْنِ﴾ لأيش قال مسلمين؟ لأنهما اثنان، ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ﴾، قوله: ﴿وَاجْعَلْنَا﴾ أتى بالواو؛ لأنه عطف على قوله: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا﴾ يعني: ربنا واجعلنا، مع قبولك اجعلنا مسلمين لك.
وقوله: ﴿اجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ﴾ أي: صيرنا مسلمين، وفي هذا إشكال، وهو أن إبراهيم وإسماعيل لا شك أنهما كانا مسلمين، ومن إسلامهما رفع قواعد البيت، فكيف يسألان الله أن يجعلهما مسلمين وهما قد أسلما؟ الجواب: المراد الثبات، أو تحقيق ذلك؛ لأن الإنسان بقطع النظر عن إبراهيم وإسماعيل قد لا يتحقق الإسلام في نفسه؛ لأن المسلم من أسلم قلبه لله وجوارحه، إسلام الجوارح هيّن كل يقدره حتى المنافقين، لكن الصعب هو إسلام القلب،« وقد أقسم الرسول عليه الصلاة والسلام أنه لا يسلم أحدٌ حتى يسلمَ قلبُه »[[أخرجه أحمد في المسند (٣٦٧٢)، والحاكم في المستدرك (٤ / ١٦٥)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. ]]، إذن المراد بالإسلام هنا: الزيادة فيه والثبات عليه ﴿مُسْلِمَيْنِ لَكَ﴾.
واعلم أن الإسلام بالمعنى الأخص لا يراد به إلا ما جاء به محمد ﷺ، وبالمعنى الأعم يشمل كل ما جاءت به الرسل، كل ما جاءت به الرسل فهو إسلام، لكن بالمعنى الأخص الذي كان بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام لا يُعنى به إلا ما جاء به محمد ﷺ، وإلا كما رأيتم الآن إبراهيم وإسماعيل يقول: ﴿اجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ﴾، وكانت تقول ملكة سبأ: ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [النمل ٤٤]، وقال يعقوب لبنيه: ﴿يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة ١٣٢]، وقال الحواريون: ﴿وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران ٥٢] إلى غير ذلك، فالإسلام بالمعنى العام يشمل كل ما جاءت به الرسل؛ ولهذا لو سألنا سائل: هل اليهود والنصارى مسلمون؟ نقول: بالمعنى العام فيهم مسلمون، لكن بالمعنى الأخص وهو الإسلام الذي جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام لا، ليسوا مسلمين ما داموا على اليهودية والنصرانية، فإذا دخلوا في الإسلام صاروا مسلمين.
* طالب: يعني: يقال لهم: مسلمين (...) في الوقت الحاضر؟
* الشيخ: لا لا، الآن ما يقال: مسلمين، مسلمين بالمعنى العام، ما هم بدول الموجودين، كل من كان بعد بعثة الرسول، فالمسلم من اتبع ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام.
﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾ شوف الاحتراز، يعني: واجعل من ذريتنا، اجعل منها، ما قال: واجعل ذريتنا أمة مسلمة، قال: ﴿مِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾، وقوله: ﴿ذُرِّيَّتِنَا﴾ المراد بهم؟ من تفرعوا منهم، الذرية للإنسان من تفرعوا منه.
وقوله: ﴿أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾ مَن هذه الأمة؟ هي أمة محمد ﷺ؛ لأنه ما يصدق على أحد أنه من ذرية إبراهيم وإسماعيل إلا أمة محمد ﷺ؛ لأن اليهود النصارى مسلمون في حال قيام شرائعهم، لكنهم ما هم من ذرية إبراهيم وإسماعيل، من ذرية من؟ إبراهيم فقط، أما إسماعيل فليسوا من ذريته، فعلى هذا يكون المراد بالأمة المسلمة أمة محمد ﷺ (...).
﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.
يستفاد من هذه الآية: فضل عمارة الكعبة؛ لأن الله تعالى أمر نبيه أن يذكر هذه الحال: واذكر إذ يرفع.
ومنها: فضل إبراهيم وإسماعيل؛ حيث قاما برفع هذه القواعد.
ومنها: أنه ينبغي بالباني أن يُقَعِّد للبناء فيضع القواعد؛ لقوله: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ﴾، إذا بنى على غير قاعدة فإنه ينهار.
ومنها: أن الأصل في هذا البناء إبراهيم؛ لأنه ذكر: ﴿يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ﴾، ثم عطف بقوله: ﴿وَإِسْمَاعِيلُ﴾، فدل هذا على أن الأصل هو إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
ومنها: أهمية القبول، وأن المعول عليه ليس على العمل، فكم من عامل ليس له من عمله إلا التعب؛ يؤخذ من قوله -بعد عملهم هذا قال-: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا﴾.
ومنها: إثبات اسمين من أسماء الله وهما: السميع والعليم، وقد ذكرنا أن كل اسم من أسماء الله يدل على صفة من صفاته، بل على صفتين أحيانًا أو أكثر، حسب التلازم بين هذا المعنى وهذا المعنى، وأن كل اسم من أسماء الله أيضًا يدل على الأثر إذا كان ذلك الاسم متعديًا.
ومنها: التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته، من أين تؤخذ؟ ﴿إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾؛ فإن هذا تعليل لقوله: ﴿تَقَبَّلْ مِنَّا﴾، يعني: لأنك سميع عليم نسألك أن تتقبل منا.
ثم قال تعالى: ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾.
يستفاد من هذا: شدة افتقار الإنسان إلى ربه؛ حيث كرر كلمة: ﴿رَبَّنَا﴾، وأنه بحاجة إلى ربوبية الله سبحانه وتعالى الخاصة التي تقتضي عناية خاصة.
ومنها أيضًا: أن الإنسان مفتقر إلى تثبيت الله، وإلا هلك؛ لقوله: ﴿وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ﴾، فإنهما مسلمان بلا شك، هما نبيان، لكن هل يدوم هذا الإسلام إلا بتوفيق الله؟ لا، قال الله تعالى للرسول عليه الصلاة والسلام: ﴿وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (٧٤) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ﴾ [الإسراء ٧٤، ٧٥].
ومنها أيضًا: أهمية الإخلاص؛ لقوله: ﴿مُسْلِمَيْنِ لَكَ﴾، فإن هذا يدل على الإخلاص، إخلاص الإسلام لله عز وجل، كما قال تعالى في آية أخرى: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ [البقرة ١١٢].
ومنها: أنه ينبغي للإنسان أن يشمل ذريته في الدعاء؛ لأن الذرية الصالحة من آثار الإنسان الصالح؛ لقوله: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾، وقال إبراهيم في آية أخرى: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ [إبراهيم ٣٥]، الذرية صلاحها له شأن كبير بالنسبة للإنسان.
ومنها: أن الأصل في الإنسان الجهل؛ لقوله: ﴿وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا﴾، يعني: أعلِمنا بها.
ومنها: أن العبادة توقيفية، يعني: الإنسان ما يتعبد بحسب مزاجه، بل حتى يريه الله العبادة، تؤخذ؟ ﴿وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا﴾، العبادة إذن توقيفية.
ومنها: تحريم التعبد لله بما لم يشرعه؛ لأنهما دعوا الله أن يريهما مناسكهما، ولولا أن العبادة تتوقف على ذلك لتعبدا بدون هذا السؤال.
ومنها: افتقار كل إنسان إلى توبة الله؛ لقوله: ﴿وَتُبْ عَلَيْنَا﴾؛ إذ لا يخلو الإنسان من تقصير.
ومنها: إثبات التواب والرحيم اسمين من أسماء الله سبحانه وتعالى، وقد تقدم تفسيرهما.
ومنها: مشروعية التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته؛ لأن قوله: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾؟ تعليل للطلب السابق، فهو وسيلة يتوصل بها الداعي إلى حصول مطلوبه.
ومنها: أنه ينبغي أن يكون التوسل باسم موافق للمسؤول أو للحاجة، أن يكون التوسل باسم موافق للحاجة، من أين نأخذها؟
* طالب: ﴿وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾.
* الشيخ: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾.
* طالب: إذا كان السؤال من سائل الآن أن يرزقه الله من رزق معين، ولكن أرفقه باسم من أسماء الله لا يناسبه؟
* الشيخ: لا، فهمنا الآن أنه ينبغي أن يكون التوسل باسم موافق للحاجة؛ لقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف ١٨٠].
إذن منها: أنه لا ينبغي أن يختم الدعاء باسم غير مناسب للحاجة، لو قال: اللهم اغفر لي إنك شديد العقاب، يناسب؟ ما يناسب، هذا لا يناسب، تسأل المغفرة وتتوسل إلى الله بشدة عقابه! ولهذا يقال: إن أعرابيًّا سمع قارئًا يقرأ: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ﴾ [المائدة ٣٨] والله غفور رحيم، قال: والله غفور رحيم (...) يقطع ويغفر؟ هذا ما يمكن، فقال له: أعد الآية؟ أعاد الآية على هذا الوجه: ﴿فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ﴾ والله غفور رحيم (...)، فأعادها الثالثة على الوجه الصواب، فقال: ﴿نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ فقال: الآن؛ فإن الله تعالى عزّ وحكم فقطع، ولو غفر ورحم ما قطع؛ ولهذا قال الله تعالى في الذين يحاربون الله ورسوله إنما جزاؤهم ﴿أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٣٣) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة ٣٣، ٣٤]. ويش معنى هذا؟ وأيش معنى ختمه بأن الله غفور رحيم ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾؟
* الطلبة: (...).
* الشيخ: معنى ختمه يا إخوان؟ معناه أن ترفع عنهم العقوبة، ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ﴾ ما قال: فاتركوهم، قال: ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، أي: رفع العقوبة عنهم، مفهوم؟
* طالب: الفرق بين قولك: ينبغي التوسل أن يكون باسم يوافق الحاجة، وقولك: لا ينبغي أن يختم الدعاء بما لا يوافق الحاجة (...)؟
* الشيخ: لا، ينبغي، هذا مطلوب، يعني هذا غير محمود.
* الطالب: كلها: لا ينبغي.
* الشيخ: واحدة: ينبغي، وواحدة: لا ينبغي، الذي ينبغي أن يكون باسم موافق للحاجة، والذي لا ينبغي؟
* الطالب: اسم لا يوافق.
* الشيخ: يعني: معناه لو قال قائل: هل إذا ختمت باسم لا يوافق الحاجة هل فيه ذنب؟ من أين نحكم أن فيه ذنبًا إلا من الفائدة الثانية عشر؟
{"ayahs_start":127,"ayahs":["وَإِذۡ یَرۡفَعُ إِبۡرَ ٰهِـۧمُ ٱلۡقَوَاعِدَ مِنَ ٱلۡبَیۡتِ وَإِسۡمَـٰعِیلُ رَبَّنَا تَقَبَّلۡ مِنَّاۤۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ","رَبَّنَا وَٱجۡعَلۡنَا مُسۡلِمَیۡنِ لَكَ وَمِن ذُرِّیَّتِنَاۤ أُمَّةࣰ مُّسۡلِمَةࣰ لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبۡ عَلَیۡنَاۤۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِیمُ"],"ayah":"رَبَّنَا وَٱجۡعَلۡنَا مُسۡلِمَیۡنِ لَكَ وَمِن ذُرِّیَّتِنَاۤ أُمَّةࣰ مُّسۡلِمَةࣰ لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبۡ عَلَیۡنَاۤۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِیمُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق