الباحث القرآني

﴿فَانْطَلَقَا﴾ ﴾ [الكهف: ٧١] (انطلقا) الفاعل من؟ موسى والخضر، وسكت عن الفتى، فهل الفتى تأخر، أو أنه ركب، لكن لما كان تابعًا لم يكن له ذِكْر؟ الذي يظهر -والله أعلم- أنه كان تابعًا، لكن لما لم يكن له تعلق بالمسألة، والأصل هو موسى، طُوِي ذِكْره، وهو أيضًا تابع، ﴿فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا﴾؛ يعني: هما يمشيان على ساحل البحر، فمرت سفينة فركبا فيها، لما ركبا في السفينة قام الخضر فخرقها، خرقها بالمخراق؟ لا، لكنه قلع إحدى خشبها الذي يدخل منه الماء، فقال له موسى: ﴿أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا﴾ [الكهف ٧١] وهذا إنكار، إنكار ممن؟ من موسى على الخضر، مع أنه قال له: ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا﴾ ولكنه لم يصبر؛ لأن هذه مشكلتها عظيمة، سفينة في البحر يخرقها فتغرق. و(اللام) في قوله: ﴿لِتُغْرِقَ﴾ ليست للتعليل ولكنها للعاقبة؛ يعني أنك إذا خرقتها غرق، وإلا لا شك أن موسى عليه الصلاة والسلام لا يدري ما غرض الخضر، ولا شك أيضًا أنه يدري أنه لا يريد أن يغرق أهلها؛ لأنه لو أراد أن يغرق أهلها لكان أول من يغرق هو وموسى، لكن اللام هنا للعاقبة، ولام العاقبة ترد في غير موضع حتى في القرآن، مثل قول الله تعالى: ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾ [القصص٨]، لو سألنا أي إنسان: هل آل فرعون التقطوا موسى ليكون عدوًّا لهم وحزنًا؟ أبدًا لكن هذه الغاية. ﴿لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾ [الكهف ٧١] أي عظيمًا؛ لأن موسى عليه الصلاة والسلام كان شديدًا قويًّا في ذات الله، فهو أنكر عليه وبَيَّن أن فعله ستكون عاقبته الإغراق، وزاده توبيخًا في قوله: ﴿لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾ أي: عظيمًا، والجملة هنا مؤكدة بكم مؤكدات يا إخوان؟ ثلاثة مؤكدات: (اللام)، و(قد)، والقسم المُقَدّر الذي تدل عليه اللام، وقلنا: عظيمًا، ومنه قول أبي سفيان لهرقل لما حدثه عن الرسول ﷺ، وبين له حاله وصفاته ومكارم أخلاقه وانصرف مع قومه، قال: «لقد أَمِر أَمْرُ ابن أبي كبشة، إنه ليخافه ملك بني الأصفر »، يعني بابن أبي كبشة الرسول ﷺ، وأمِر أمره: يعني عَظُم، ﴿لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب