الباحث القرآني

﴿فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا﴾ ﴾ أي: بين البحرين، ﴿نَسِيَا حُوتَهُمَا﴾ [الكهف ٦١]، ﴿نَسِيَا﴾ أضاف الفعل إليهما، مع أن الناسي هو الفتى، وليس موسى، لكن القوم إذا كانوا في شأن واحد وفي عمل واحد نُسِب فعل الواحد منهم أو الطائفة منهم إلى الجميع، ولهذا يخاطب الله عز وجل بني إسرائيل في عهد الرسول ﷺ، فيقول: ﴿وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ﴾ [البقرة٥٠]، ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [البقرة ٥٥]، مع أنهم ما قالوا هذا لكن قاله أجدادهم. ﴿نَسِيَا حُوتَهُمَا﴾ نسيان ذهول أو نسيان ترك؟ نسيان ذهول، وليس نسيان ترك، وهذا من حكمة الله عز وجل أن الله أنساهما ذلك لحكمة، ﴿نَسِيَا حُوتَهُمَا﴾. وهذا الحوت جعله الله سبحانه وتعالى علامة لموسى، أنك متى فقدت الحوت فثم مجمع البحرين، وهذا الحوت سبق لنا في الليلة الماضية أنه كان في مِكْتَل، وكان يقتاتان منه، لما وصلا إلى مكان ما ناما فيه عند صخرة، فلما استيقظا وإذا الحوت ليس موجودًا، لكنه -أي الفتى- لم يتفقد المكتل، ونسي شأنه وأمره، هذا الحوت -سبحان الله- طلع، خرج من المكتل ودخل في البحر، وجعل يسير في البحر والبحر ينحاز عنه. ﴿فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا﴾ [الكهف ٦١]؛ أي: مثل السرب، السرب: السرداب؛ يعني أنه يشق الماء ولا يتلاءم الماء، وصفه بعض التابعين قال: هكذا؛ يعني: حجز، وهذا من آيات الله، وإلا فقد جرت العادة أن الحوت إذا انغمس في البحر أيش يعمل البحر؟ يتلاءم عليه، لكن هذا الحوت من آيات الله، أولًا: إذا كان قد ذبح أو قد مات وأنهما يقتاتان منه، كونه حيي، وقام ودخل البحر وصار طريقه على هذا الوجه، هذا من آيات الله عز وجل. ﴿فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ﴾، ﴿فَاتَّخَذَ﴾ الضمير يعود على أيش؟ على الحوت، ﴿سَبِيلَهُ﴾: طريقه، ﴿فِي الْبَحْرِ سَرَبًا﴾ يعني: مثل السَرَب، السرب ما نسميه إحنا بالسرداب؛ يعني الشق الطويل.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب