الباحث القرآني

ثم قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ﴾ إلى آخره [الكهف: ٦٠]، ﴿إِذْ قَالَ﴾ مفعول لفعل محذوف، والتقدير: اذكر إِذْ قال، وهذه السورة سبحان الله فيها عدد من القصص، موسى عليه الصلاة والسلام بن عمران خطب يومًا في بني إسرائيل فقام أحدهم، وقال: «هل على وجه الأرض أعلم منك؟ قال: لا» . قال: لا، بناءً على أيش؟ بناءً على ظنه أنه ليس على وجه الأرض أعلم منه فعتب الله عليه في ذلك، لماذا لم يَرُدَّ العلم إلى الله؟ لأنه فوق كل ذي علم عليم، ليس أحد عنده العلم المطلق من البشر، ثم إن قوله: لا، فيه نظر من جهة أخرى، وهو أنه هل طاف بالأرض كلها وعرف أنه لا أحد أعلم منه؟ لا، ثم إنه لا أحد أعلم منه في كل شيء؟ لا، فقال الله عز وجل: «إن لي عبدًا هو أعلم منك»، أين هو؟ قال:« في مجمع البحرين»، وذكر له علامة، ويش العلامة؟ العلامة أن تفقد الحوت، فاصطحب حوتًا معه في مِكْتَل؛ يعني: شيء مثل الزنبيل، وسار هو وفتاه يوشع بن نون، جاء ذلك في البخاري، سارا إلى أين؟ إلى مجمع البحرين؛ لينظر من هذا الذي هو أعلم منه، وليتعلم منه أيضًا، ثم إنهما آويا إلى صخرة وناما، وكان الحوت في المكتل، فلما استيقظا مع السرعة لم يفتشا في المكتل، والحوت بأمر الله خرج ودخل في البحر، ويأتي إن شاء الله بقية القصة في الدرس القادم. * * * بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وأسأل الله تعالى أن يبارك لنا في هذا القرآن الكريم. قال الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا﴾ ما معنى أَكِنَّة؟ * طالب: جمع كِنَّات، وهي الأغطية. * الشيخ: جمع كِنّ، وهي الأغطية. هل جعل الله تعالى هذه الأكنة، هل هي بسبب منهم أو بمجرد مشيئة؟ * الطالب: لا، بسبب منهم. * الشيخ: الدليل؟ * طالب: الدليل ﴿وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا﴾. * الشيخ: لا، الدليل؟ * طالب: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [يونس ٤٤]. * الشيخ: لا. * طالب: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾. * الشيخ: نعم، ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾ [الصف ٥]، ولها نظائر ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً﴾ [المائدة ١٣]. هل في الآية ما يشير إلى أن من المهم جدًا أن يفقه الإنسان القرآن الكريم دون أن يتلوه مجرد تلاوة؟ * طالب: نعم، في الآية دليل على هذا. * الشيخ: ما هو الدليل؟ * الطالب: قوله ﴿أَنْ يَفْقَهُوهُ﴾؛ لأنهم عوقبوا.. * الشيخ: ﴿أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ﴾ كذا؟ من عادة السلف الصالح أنهم؟ * الطالب: أنهم يقرؤون عشر آيات ولا.. * الشيخ: لا يتجاوزون. * الطالب: حتى يعرفوا معانيها (...). * الشيخ: والعمل، بارك الله. في قوله: ﴿وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا﴾؟ * طالب: هذا ليس فيه تيئيس للنبي عليه الصلاة والسلام بل فيه تسلية له. * الشيخ: فيه تسلية للرسول ﷺ وليس فيه تيئيسًا له، المعنى أنهم لن يهتدوا؛ لأنه علم سبحانه وتعالى أنهم لا يهتدون فلا تحزن عليهم. قوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا﴾ ماذا يعني بالقرى؟ * طالب: أهل القرى. * الشيخ: مثل أيش؟ ما تعرف قرية أهلكها الله؟ * الطالب: بلى، مثل.. * الشيخ: قوم نوح. * الطالب: قوم نوح، قوم عاد، قوم ثمود. * الشيخ: نعم، وغيرهم. هل يستفاد من الآية الكريمة أن الظلم سبب للهلاك؟ * طالب: أي نعم. * الشيخ: كيف ذلك؟ * الطالب: قوله ﴿لَمَّا ظَلَمُوا﴾. * الشيخ: ﴿لَمَّا ظَلَمُوا﴾ فأهلكهم الله لما ظلموا. قوله: ﴿وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا﴾، ما معنى هذا أو صلته باللي قبله؟ * الطالب: يعني: أجل. * الشيخ: أجل، نعم، لئلا يقول قائل: هل يقع العذاب من حين الظلم أو يتأخر أو ما أشبه ذلك، فيقال: إن الله تعالى قد جعل له موعدًا. قوله: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ﴾ ما هذا الفتى، هل هو ابنه؟ * طالب: لا، ليس ابنه. * الشيخ: من؟ * طالب: يوشع بن نون يا شيخ. * الشيخ: اسمه يوشع بن نون لكن ما صلته به؟ * الطالب: فتى لموسى. * الشيخ: يعني: خادم له، طيب. سبب هذا القول؟ * الطالب: قال موسى لفتاه إنه (...) بني إسرائيل (...)، فقال له -هذا يوشع بن نون-: هل أعلم منك؟ قال: لا أعلم مني، قال: لا يوجد أعلم مني، عَرَّفه الله سبحانه وتعالى، فقال الله سبحانه وتعالى: يجد عبده في مجمع البحرين هو أعلم منه، فذهب. * * * قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا﴾ [الكهف٦٠]. ﴿لا أَبْرَحُ﴾ أي: لا أزال، والخبر محذوف، والتقدير: لا أزال أسير حتى أبلغ هذا أو أمضي سنين، فجعل الغاية أحد أمرين: إما أن يبلغ مجمع البحرين ولو في زمن قصير، أو يبقى أزمنة طويلة -إما ثمانون سنة أو أكثر- حتى يصل إلى هذا الرجل الذي أخبره الله عز وجل. وما مجمع البحرين؟ قيل: إنه مكان الله أعلم به، لكن موسى يعلم، وقيل: إنه ملتقى البحر الأحمر مع البحر الأبيض، وكان فيما سبق بينهما أرض حتى فتحت القناة، وهذا ليس ببعيد أنه قيل له: إن عبدًا من عبادنا في مجمع البحرين وذهب إلى هذا. ﴿أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا﴾ (أو) هنا للتنويع؛ يعني: إما كذا وإما كذا، وقيل: (أو) بمعنى إلا، أي: حتى أبلغ مجمع البحرين إلا أن أمضي حقبًا؛ أي: سنين طويلة قبل مبلغه، لكن الوجه الأول أَسَدّ. ﴿أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا﴾ فماذا صنع؟ تهيأ لذلك، وسار.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب