الباحث القرآني

﴿فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ﴾ إلى آخره، جملة ﴿فَعَسَى رَبِّي﴾ هي جواب الشرط، وقوله: ﴿فَعَسَى رَبِّي﴾ هل هي للترجي أو للتوقع؟ فيها احتمالان: الاحتمال الأول: أنها للترجي، وأن هذا دعا أن يؤتيه الله خيرًا من جنته، وأن يرسل على جنته حسبانًا من السماء؛ لأنه احتقره واستذله، فدعا عليه بمثل ما فعل به من الظلم، ولا حرج على الإنسان أن يدعو على ظالمه بمثل ما ظلمه. الوجه الثاني: أنه دعا عليه من أجل أن يعرف -هذا المفتخر- يعرف ربه عز وجل، ويدع الإعجاب بالمال، وهذا من مصلحته، فكأنه دعا أن يؤتيه الله ما يستأثر به عليه خيرًا من جنته، وأن يُتلف هذه الجنة حتى يعرف هذا الذي افتخر بجنته وعزة نفره، أن الأمر أمر الله عز وجل، فكأنه دعا عليه بما يضره لمصلحةٍ هي أيش؟ هي أعظم، كون الإنسان يعرف نفسه ويرجع إلى ربه خير له من أن يفخر بماله ويعتز به، هذا إذا جعلنا عسى للترجي. ويحتمل أن تكون عسى للتوقع لا للترجي، المعنى إن كنت ترى هذا فإنه يُتوقع أن الله تعالى يُزيل عني ما عبتني به، ويُزيل عنك ما تفتخر به، وأيًّا كان فالأمر وقع، إما استجابة لدعائه وإما تحقيقًا لتوقعه. ﴿إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (٣٩) فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا﴾، على أيش؟ على جنته ﴿حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا﴾، والمراد بالحسبان هنا ما يدمرها من صواعق، أو عذاب آخر. وقوله: ﴿مِنَ السَّمَاءِ﴾ خص السماء؛ لأن ما جاء من الأرض قد يدافع؛ لأن لو نفرض أنه جاءت أمطار وسيول جارفة يمكن أن تُدافع، نيران محرقة تسعى وتُحرق أمامها يمكن أن تُدافع، لكن من السماء صعب. ﴿فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا﴾، ﴿تُصْبِحَ صَعِيدًا﴾ يعني: لا نبات فيها، ﴿زَلَقًا﴾ يعني: قد غمرتها المياه حتى صارت زلقًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب