الباحث القرآني

ثم أضاف إلى ذلك: ﴿وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً﴾ [الكهف ٣٦]، والعياذ بالله، أنكر البعث؛ لأن إذا كانت جنته لا تبيد فهو يقول: وأيضًا أنا لا أبيد، ولا موت ولا بعث، ﴿مَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً﴾ والمراد بالساعة ساعة البعث. ﴿وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنقَلَبًا﴾، ﴿لَئِنْ رُدِدْتُ﴾ يعني على فرض أن تقوم الساعة، وأُرَد إلى الله، ﴿لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنقَلَبًا﴾ أي: مرجعًا، فكأنه يقول: إن الله لما أنعم الله عليه في الدنيا فلا بد أن يُنعم عليه في الآخرة، وهذا قياس فاسد؛ لأنه لا يلزم من التنعيم في الدنيا أن يُنعَّم الإنسان في الآخرة، ولا من كون الإنسان لا ينعم في الدنيا ألا ينعم في الآخرة، لا تلازم بين هذا وهذا، بل إن الكفار يُنعّمون في الدنيا وتُعجّل لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا، ولكنهم في الآخرة يعذبون. إذن ﴿لَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي﴾ لا إشكال فيها، فإن بعض الناس يقول: كيف يكون هذا وهو قد أنكر البعث؟ والجواب أيش؟ أنه على سبيل الفرض، يعني إن رددت فسأجد خيرًا من ذلك، وهذا كقوله تبارك وتعالى في سورة فصلت: ﴿لا يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (٤٩) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى﴾ [فصلت ٤٩، ٥٠]، هذا مثل هذا، فهم قاسوا أمر الآخرة على أمر الدنيا ﴿لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنقَلَبًا﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب