الباحث القرآني

قال الله تعالى: ﴿وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ﴾ [الكهف ١٨] ﴿تَحْسَبُهُمْ﴾ أي: الرائي، تحسبهم أيها الرائي، إذا رأيتهم تحسبهم أيقاظًا؛ لأنه ليس عليهم علامة النوم، النائم يكون مسترخيًا، وتغمض عيناه، وهؤلاء كأنهم أيقاظ؛ ولذلك يُفرِّق الإنسان بين رجل نائم ورجل مضطجع من حين ما يراه حتى لو أن المضطجع أراد أن يتنوّم ويخدع صاحبه لعرف أنه ليس بنائم، هم إذا رأيتهم تحسبهم أيقاظًا مما يدل على أن أجسامهم بقيت على طراوتها وعلى قوتها ولم تتغير. ﴿وَهُمْ رُقُودٌ﴾ جمع (راقد). ﴿وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾ وهذا من حكمة الله عز وجل؛ يعني مرة يكونون على اليمين، ومرة يكونون على الشمال، ولم يذكر الله الظهر ولا البطن؛ لأن النوم على اليمين أو الشمال هو الأكمل. وقوله: ﴿نُقَلِّبُهُمْ﴾ فيه دليل على أن فعل النائم لا يُنسب إليه، وجه الدلالة؟ أن الله أضاف تقلبهم إليه، فلو أن النائم قال في نومه: امرأتي طالق، تطلق؟ * طلبة: لا. * الشيخ: قال في نومه: في ذمتي لفلان ألف ريال، يثبت؟ لا؛ لأنه لا قصد له، ولا إرادة له، لا في القول ولا في الفعل. والحكمة من تقليبهم ذات اليمين وذات الشمال؛ بعض العلماء قال: لئلّا تأكل الأرض الجانب الذي يكون ملاصقًا لها، ولكن الصحيح أن الحكمة ليست هذه، الحكمة من أجل توازن الدم في الجسد، حتى يتوازنوا؛ لأن الدم يسير في الجسد، فإذا كان على جانب واحد أوشك أن يَنحرِم منه الجانب الأعلى، ولكن الله عز وجل بحكمته جعلهم يتقلبون. ﴿وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ﴾ يعني الكلب كأنه -والله أعلم- لم ينم. ﴿بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ﴾ أي: جالس على بطنه وقد مد ذراعيه. ﴿بِالْوَصِيدِ﴾ ما هو الوصيد؟ الوصيد هو يعني فتحة الكهف أو فناء الكهف؛ يعني إما أن يكون على الفتحة، وإما أن يكون إلى جنب الكهف في فنائه ليحرسهم؛ وفي هذا دليل على جواز اتخاذ الكلب للحراسة؛ حراسة الآدميين، أما حراسة الماشية فقد جاءت به السنة، حراسة الحرث جاءت به السنة، حراسة الآدمي من باب أولى؛ لأنه إذا جاز اتخاذ الكلب لحراسة الماشية أو للصيد الذي هو كمال وليس بضرورة، فاتخاذه لحراسة البيت من باب أولى. قال الله عز وجل: ﴿لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا﴾ ﴿لَوِ اطَّلَعْتَ﴾ أيها الرائي عليهم ﴿لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا﴾ رهبة ينزلها الله عز وجل في قلب من يراهم حتى لا يحاول أحد أن يدنو منهم؛ ولهذا قال: ﴿لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا﴾ مع أنهم لم يلحقوه، لكنه خائف منهم. ﴿وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا﴾ (ملئت)، ما هو مُلئ قلبه، كله بالرعب، وهذا يدل على شدة الخوف الذي يحصل لمن رآه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب