الباحث القرآني

وفي هذا قال: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ﴾ يعني أيقظناهم ﴿لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا﴾، ﴿لِنَعْلَمَ﴾. قد يقع فيه إشكال، وهل الله لا يعلم ذلك؟ * طالب: لا. * الشيخ: لكن اعلم أن مثل هذه العبارة يُراد بها شيئان: الشيء الأول: علم الرؤية، وظهور، ومشاهدة أي: لنرى، ومعلوم أن علم ما سيكون ليس كعلم ما كان، أليس كذلك؟ * طالب: بلى. * الشيخ: نعم، هو كذلك؛ لأن علم الله عز وجل بالشيء قبل وقوعه علم بأنه سيقع، لكن بعد وقوعه علم بأنه وقع. الأمر الثاني: أن العلم الذي يترتّب عليه الحساب هو المراد بالآية، كيف نعلم علمًا يترتب عليه الجزاء، وذلك كقوله تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ﴾ [محمد ٣١]، وهو يعلم هذا قبل أن يبتلينا قد علم من هو المطيع ومن هو العاصي، لكن هذا لا يترتب عليه لا الجزاء ولا الثواب، فصار المعنى لنعلم علم ظهور ومشاهدة، وليس علم الظهور والمشاهدة كعلم ما سيكون. والثاني: علمًا يترتب عليه الحساب؛ أمَّا تحقق وقوع المعلوم بالنسبة لله فلا فرق بين ما علم أنه يقع وما علم أنه وقع، كل سواء، أما بالنسبة لنا صحيح أنَّا نعلم ما سيقع في خبر الصادق، لكن ليس علمنا بذلك كعلمنا به إذا شاهدناه بأعيننا، ولهذا جاء في الحديث الصحيح: «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ» . ﴿لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا﴾ [الكهف ١٢] ﴿الْحِزْبَيْنِ﴾ يعني الطائفتين. ﴿أَحْصَى﴾ يعني أبلغ إحصاءً، وليست فعلًا ماضيًا، بل هي اسم تفضيل. ﴿أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى﴾ يعني أضبط. ﴿لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا﴾ يعني المدة التي لبثوها؛ لأنهم تنازعوا أمرهم فقالوا: ﴿لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾ [الكهف ١٩]، ثم جاء الناس من بعدهم أيضًا اختلفوا كم لبثوا؟ ﴿لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب