الباحث القرآني

يقول عز وجل: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ﴾ ﴿مَا﴾ هذه يحتمل أن تكون استفهامية، والمعنى: أيُّ شيءٍ أَغْنَى عنه مالُه وما كَسَب؟ أيُّ شيء؟ الجواب: لا شيء. ويحتمل أن تكون ﴿مَا﴾ نافية؛ أي: ما أَغْنَى عنه؛ أي: لم يُغْنِ عنه مالُه وما كَسَب شيئًا، وكِلا المعنيين متلازمان، ومعناهما أن ماله وما كَسَب لَمْ يُغْنِ عنه شيئًا، مع أن العادة أنَّ المال ينفع؛ المالُ يَفْدي به الإنسانُ نفسَه، لو تسلَّطَ عليه عدوٌّ وقال: أنا أُعطيك كذا وكذا من المال وأطْلِقْني، يُطْلِقه، لكن قد يطلب مالًا كثيرًا أو قليلًا، لو مرض انتفع بماله، لو جاع انتفع بماله، فالمال ينفع، لكن النفع الذي لا يُنجي صاحبَه من النار ليس بنفعٍ، ولهذا قال: ﴿مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ﴾ يعني: مِن الله شيئًا. وقوله: ﴿وَمَا كَسَبَ﴾ قيل: المعنى: وما كَسَب من الوَلَد، كأنه قال: ما أَغْنَى عنه مالُه ووَلَدُه؛ كقول نوح: ﴿وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا﴾ [نوح ٢١]، فجعلوا قوله: ﴿وَمَا كَسَبَ﴾ يعني بذلك الوَلَد، وأَيَّدوا هذا القولَ بقول النبي ﷺ: «إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ»[[أخرجه الترمذي (١٣٥٨) من حديث عائشة رضي الله عنها.]]، والصواب أن الآية أعمُّ من هذا، وأن الآية تشمل الأولادَ وتشمل المالَ المكتسَبَ الذي ليس في يده الآن، وتشمل ما كَسَبه من شرفٍ وجاهٍ، كل ما كَسَبه مما يزيده شَرَفًا وعِزًّا فإنه لا يُغني عنه شيئًا، ﴿مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب