الباحث القرآني

﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ [الماعون: ٦، ٧] أيضًا إذا فَعَلوا الطاعةَ فإنما يقصدون بها التزَلُّفَ إلى الناس وأن يكون لهم قيمةٌ في المجتمع، ليس قَصْدهم التقرُّب إلى الله عز وجل؛ فهذا الْمُرائي -والعياذ بالله- يتصدَّق من أجْل أن يقول الناس: ما أَكْرَمَهُ! هذا المصلِّي يُحسن صلاتَه من أجْل أن يقول الناس: ما أَحْسَنَ صلاتَه! وما أشبهَ ذلك، هؤلاء يُراؤون، أَصْل العبادة لله، لكنْ يريدون مع ذلك أن يحمدهم الناسُ عليها، ويتقرَّبون إلى الناس بتقرُّبهم إلى الله، هؤلاء المراؤون والعياذ بالله. أمَّا مَن يُصلِّي لأجْل الناس؛ بمعنى أنه يصلِّي بين يَدَي الملِك مثلًا أو غيرِهِ يخضع له ركوعًا أو سجودًا فهذا مُشْرِكٌ كافرٌ، قد حرَّمَ الله عليه الجنةَ ومأواه النار. لكن هذا يصلِّي لله مع مراعاة أن يحمده الناسُ على عبادته، على أنه عابدٌ لله عز وجل، وهذا يقع كثيرًا في المنافقين؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء ١٤٢]، انظر لهذا الوصف: ﴿إِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى﴾، إذَنْ هم عن صلاتهم ساهون، ﴿يُرَاءُونَ النَّاسَ﴾. هُنا يقول: ﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ﴾، فإنْ قال إنسان: وهل الذين يُسَمِّعون مثلهم؟ يعني الإنسان مَثَلًا يقرأ قرآنًا، يجهر بالقراءة، يُحَسِّن القراءة، يُحَسِّن الأداء والصوت من أجْل أن يُقال: ما أَقْرأَهُ! هل يكون مِثْل الذين يُراؤون؟ الجواب: نعم، كما جاء في الحديث: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللَّهُ بِهِ»[[أخرجه مسلم (٢٩٨٦ / ٤٧) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.]]، المعنى: مَنْ سَمَّع فَضَحَهُ اللَّهُ وبيَّنَ للناس أن الرجُل ليس مخلصًا، ولكنه يريد أن يسمعه الناسُ فيمدحوه على عبادته، ومَنْ راءى كذلك راءى اللَّهُ به؛ فالإنسان الذي يُرائي الناس أو يُسَمِّع الناس سوف يفضحه الله، وسوف يتبيَّن أَمْره إنْ عاجِلًا أمْ آجِلًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب