الباحث القرآني

ثم قال عز وجل: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ﴾ [الماعون ٤] (وَيْل) هذه كلمة وعيدٍ، وهي تتكرَّر في القرآن كثيرًا، والمعنى: الوعيد الشديد على هؤلاء. ﴿لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون ٤، ٥] هؤلاء مُصَلُّون يُصَلُّون مع الناس أو أفرادًا، لكنهم ﴿عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ أي: غافلون عنها، لا يُقيمونها على ما ينبغي، يؤخِّرونها عن الوقت الفاضل، لا يُقيمون ركوعَها ولا سجودَها ولا قيامَها ولا قعودَها، لا يقرؤون ما يجب فيها من قراءة سواءٌ كانت قرآنًا أو ذِكْرًا، إذا دَخَلَ في صلاته وإذا هو غافلٌ، قَلْبه يتجوَّل يمينًا وشِمالًا، فهو ساهٍ عن صلاته، وهذا مذمومٌ؛ الذي يسهو عن الصلاة ويَغْفل عنها ويتهاون بها لا شكَّ أنه مذمومٌ، أمَّا الساهي في صلاته فهذا لا يُلام، والفرق بينهما أن الساهي في الصلاة معناه أنه نَسِي شيئًا؛ نَسِي عددَ الركعات، نَسِي شيئًا من الواجبات وما أشبهَ ذلك، ولهذا وقع السهوُ من رسول الله ﷺ، وهو أشدُّ الناسِ إقبالًا على صلاته بل إنه قال عليه الصلاة والسلام: «جُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ»[[أخرجه النسائي (٣٩٤٠)، وأحمد (١٤٠٣٧)، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.]]، ومع ذلك سها في صلاته؛ لأن السهو في الشيء معناه أنه نَسِي شيئًا على وجهٍ لا يُلام عليه، أمَّا الساهي عن صلاته فهو متعمِّدٌ للتهاون في صلاته، ومن السهو عن الصلاة أولئك القوم الذين يَدَعُون الصلاةَ مع الجماعة، فإنهم لا شكَّ عن صلاتهم ساهون، فيدخلون في هذا الوعيد؛ ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب