الباحث القرآني

نبتدئ هذا اللقاء بما انتهينا إليه من تفسير جُزءِ النبأ، حيث انتهينا إلى سورة القارعة. يقول الله تبارك وتعالى: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ﴾ [القارعة ١، ٢] إلى آخره. البسملة آيةٌ من كتاب الله يُؤتى بها في ابتداء كلِّ سورة، ولا تُحسَب من آيات السورة لا في الفاتحة ولا في غيرها على القول الراجح من أقوال العلماء، فأوَّل آية في الفاتحة هي قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، والثانية: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، والثالثة: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾، والرابعة: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾، والخامسة: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾، والسادسة: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾، والسابعة: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾، إلَّا أنَّه لم يُؤْتَ بها في أول سورة (براءة) نظرًا لأنَّ ذلك لم يَثْبت عند الصحابة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فأشْكَلَ عليهم الأمر؛ هلْ هي بقيَّة سورة الأنفال أمْ هي سورةٌ مستقِلَّة، فلِهذا وضعوا فاصلًا دون البسملة. يقول الله تعالى هنا: ﴿الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ﴾ ﴿الْقَارِعَةُ﴾ اسمُ فاعلٍ من (قَرَعَ)، والمراد: التي تَقْرع القلوبَ وتُفزِعها، وذلك عند النفخ في الصور كما قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ [النمل ٨٧]، فهي تَقْرع القلوبَ بعد قَرْعِ الأسماع، وهذه القارعة هي قارعةٌ عظيمةٌ لا نظير لها قبل ذلك، وهي من أسماء يوم القيامة كما تُسَمَّى (الغاشية) و(الحاقَّة). وقوله: ﴿مَا الْقَارِعَةُ﴾ ﴿مَا﴾ هنا استفهام بمعنى التعظيم والتفخيم؛ يعني: ما هي القارعة التي يُنَوَّه عنها؟! ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ﴾ [القارعة ٣] هذا زيادةٌ في التفخيم والتعظيم والتهويل؛ يعني: أيُّ شيءٍ أَعْلَمَك عن هذه القارعة؟! أيْ: ما أَعْظَمَها! وما أشَدَّها!
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب