تَفْسِيرُ سُورَةِ الضُّحَى
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ.
رَوَيْنَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَزةَ الْمُقْرِئِ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى عِكْرِمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ قُسْطَنْطِينَ وَشِبْلِ بْنِ عبَّاد، فَلَمَّا بَلَغْتُ " وَالضُّحَى " قَالَا لِي: كَبر حَتَّى تَخْتِمَ مَعَ خَاتِمَةِ كُلِّ سُورَةٍ، فَإِنَّا قَرَأْنَا عَلَى ابْنِ كَثِيرٍ فَأَمَرَنَا بِذَلِكَ. وَأَخْبَرَنَا أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى مُجَاهِدٍ فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ. وَأَخْبَرَهُ مُجَاهِدٌ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ، وَأَخْبَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ، وَأَخْبَرَهُ أُبَيٌّ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ [[ورواه الحافظ الذهبي في ميزان الاعتدال (١/١٤٥) ثم قال: "هذا حديث غريب، وهو مما أنكر على البزي، قال أبو حاتم: هذا منكر".]] .
فَهَذِهِ سُنة تَفَرَّدَ بِهَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزِّيُّ، مِنْ وَلَدِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، وَكَانَ إِمَامًا فِي الْقِرَاءَاتِ، فَأَمَّا فِي الْحَدِيثِ فَقَدْ ضَعَّفَه أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ وَقَالَ: لَا أُحَدِّثُ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ أَبُو جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيُّ قَالَ: هُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. لَكِنْ حَكَى الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو شَامَةَ فِي شَرْحِ الشَّاطِبِيَّةِ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يُكَبِّرُ هَذَا التَّكْبِيرَ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ لَهُ: أَحْسَنْتَ وَأَصَبْتَ السُّنَّةَ. وَهَذَا يَقْتَضِي صِحَّةَ هَذَا الْحَدِيثِ.
ثُمَّ اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي مَوْضِعِ هَذَا التَّكْبِيرِ وَكَيْفِيَّتِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُكَبِّرُ مِنْ آخِرِ " وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى " وَقَالَ آخَرُونَ: مِنْ آخِرِ " وَالضُّحَى " وَكَيْفِيَّةُ التَّكْبِيرِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُ أَكْبَرُ وَيَقْتَصِرُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ.
وَذَكَرَ الْفَرَّاءُ فِي مُنَاسَبَةِ التَّكْبِيرِ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ "الضُّحَى": أَنَّهُ لَمَّا تَأَخَّرَ الْوَحْيُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَفَتَرَ تِلْكَ الْمُدَّةَ [ثُمَّ] [[زيادة من م.]] جَاءَهُ الْمَلَكُ فَأَوْحَى إِلَيْهِ: " وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى " السُّورَةَ بِتَمَامِهَا، كَبَّرَ فَرَحًا وَسُرُورًا. وَلَمْ يُرْوَ ذَلِكَ بِإِسْنَادٍ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِصِحَّةٍ وَلَا ضَعْفٍ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ [[والصواب أن هذا مما لم يصح فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته، رضي الله عنهم، وما روى فيها مما لا تقوم به الحجة، وشيخ الإسلام -ابن تيمية- قد تكلم على هذا التكبير كلاما شديدا في الفتاوى (١٣/٤١٧-٤١٩) ، وانظر: الآداب الشرعية لابن مفلح (٢/٣١٠) ومرويات دعاء ختم القرآن لبكر أبو زيد (ص٦) ومن كتابه استفدت هذا، فجزاه الله خيرا.]] .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
* * *
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدُبا يَقُولُ: اشْتَكَى النَّبِيُّ ﷺ فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ، فَأَتَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ، مَا أَرَى شَيْطَانَكَ إِلَّا قَدْ تَرَكَكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [[المسند (٤/٣١٢) .]] .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، مِنْ طُرُقٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ جُنْدُب -هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ البَجلي ثُمَّ العَلقي [[في أ: "العلقمي".]] بِهِ [[صحيح البخاري برقم (١١٢٤، ١١٢٥، ٤٩٨٣، ٤٩٥٠،٤٩٥١) وصحيح مسلم برقم (١٧٩٧) وسنن الترمذي برقم (٣٣٤٥) وسنن النسائي الكبرى برقم (١١٦٨١) وسنن ابن ماجة برقم (٣٢٥٠) .]] وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ: سَمِعَ جُنْدُبًا قَالَ: أَبْطَأَ جِبْرِيلُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: وُدِّع مُحَمَّدٌ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [[هذه الرواية في مسلم والترمذي.]] .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ [[في أ: "وعمرو بن عبد الله بن عبد الله الأودي".]] الْأَوْدِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جُنْدُبًا يَقُولُ: رُمِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِحَجَرٍ فِي أُصْبُعُهُ فَقَالَ:
هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ ... وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ؟ ...
قَالَ: فَمَكَثَ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لَا يَقُومُ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ: مَا أَرَى شَيْطَانَكَ إِلَّا قَدْ تَرَكَتْكَ [[في م: "قد تركك".]] فَنَزَلَتْ: ﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ وَالسِّيَاقُ لِأَبِي سَعِيدٍ.
قِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ هِيَ: أُمُّ جَمِيلٍ امْرَأَةُ أَبِي لَهَبٍ، وَذُكِرَ أَنَّ أُصْبَعَهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، دَمِيَتْ. وَقَوْلُهُ -هَذَا الْكَلَامُ الَّذِي اتَّفَقَ أَنَّهُ مَوْزُونٌ-ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ [[صحيح البخاري برقم (٢٨٠٢) وصحيح مسلم برقم (١٧٩٦) .]] وَلَكِنَّ الْغَرِيبَ هَاهُنَا جَعْلُهُ سَبَبًا لِتَرْكِهِ الْقِيَامِ، وَنُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ. فَأَمَّا مَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ:
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ الله ابن شَدَّادٍ: أَنَّ خَدِيجَةَ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ: مَا أَرَى رَبَّكَ إِلَّا قَدْ قَلَاكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾
وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب، حَدَّثَنَا وَكِيع، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَبْطَأَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَجَزِعَ جَزَعًا شَدِيدًا، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: إِنِّي أَرَى رَبَّكَ قَدْ قَلَاكَ مِمَّا نَرى مِنْ جَزَعِكَ. قَالَ: فَنَزَلَتْ: ﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ إلى آخرها [[تفسير الطبري (٣٠/١٤٨) .]] .
فَإِنَّهُ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ مِنْ [هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ] [[زيادة من م، أ.]] وَلَعَلَّ ذِكْرَ خَدِيجَةَ لَيْسَ مَحْفُوظًا، أَوْ قَالَتْهُ عَلَى وَجْهِ التَّأَسُّفِ وَالتَّحَزُّنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ السَّلَفِ -مِنْهُمُ ابْنُ إِسْحَاقَ-أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ هِيَ الَّتِي أَوْحَاهَا جِبْرِيلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، حِينَ تَبَدَّى لَهُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي خَلَقَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا، وَدَنَا إِلَيْهِ وَتَدَلَّى مُنْهَبِطًا عَلَيْهِ وَهُوَ بِالْأَبْطَحِ، ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾ [النَّجْمِ: ١٠] . قَالَ: قَالَ لَهُ هَذِهِ السُّورَةَ: ﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾
قَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَمَّا نزلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْقُرْآنُ، أَبْطَأَ عَنْهُ جِبْرِيلُ أَيَّامًا، فَتَغَيَّرَ بِذَلِكَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: وَدَّعَهُ رَبُّهُ وَقَلَاهُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾
وَهَذَا قَسَمٌ مِنْهُ تَعَالَى بِالضُّحَى وَمَا جَعَلَ فِيهِ مِنَ الضِّيَاءِ، ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ أَيْ: سَكَنَ فَأَظْلَمَ وادلَهَم. قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَالضَّحَّاكُ، وَابْنُ زَيْدٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَذَلِكَ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى قُدْرَةِ خَالِقِ هَذَا وَهَذَا. كَمَا قَالَ: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾ [اللَّيْلِ: ١، ٢] ، وَقَالَ: ﴿فَالِقُ الإصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ [الْأَنْعَامِ: ٩٦] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ﴾ أَيْ: مَا تَرَكَكَ، ﴿وَمَا قَلَى﴾ أَيْ: وَمَا أَبْغَضَكَ، ﴿وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأولَى﴾ أَيْ: وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ. وَلِهَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَزْهَدَ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا، وَأَعْظَمَهُمْ لَهَا إِطْرَاحًا، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ [بِالضَّرُورَةِ] [[زيادة من م.]] مِنْ سِيرَتِهِ. وَلَمَّا خُيِّرَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي آخِرِ عُمْرِهِ بَيْنَ الْخُلْدِ فِي الدُّنْيَا إِلَى آخِرِهَا ثُمَّ الْجَنَّةِ، وَبَيْنَ الصَّيْرُورَةِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، اخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ عَلَى هَذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخعِي، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ-قَالَ: اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى حَصِيرٍ، فَأَثَّرَ فِي جَنْبِهِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ جَعَلْتُ أَمْسَحُ جَنْبَهُ وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا آذَنْتَنَا حَتَّى نَبْسُطَ لَكَ عَلَى الْحَصِيرِ شَيْئًا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "ما لِي وَلِلدُّنْيَا؟! مَا أَنَا وَالدُّنْيَا؟! إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا كَرَاكِبٍ ظَلّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ راح وتركتها [[في أ: "وتركها".]] .
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ الْمَسْعُودِيِّ بِهِ [[المسند (١/٣٩١) وسنن الترمذي برقم (٢٣٧٧) وسنن ابن ماجة برقم (٤١٠٩) .]] وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ أَيْ: فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ يُعْطِيهِ حَتَّى يُرْضِيَهُ فِي أُمَّتِهِ، وَفِيمَا أعدَّه لَهُ مِنَ الْكَرَامَةِ، وَمِنْ جُمْلَتِهِ نَهْرُ الْكَوْثَرِ الَّذِي حَافَّتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ الْمُجَوَّفِ، وَطِينُهُ [مِنْ] [[زيادة من أ.]] مِسْكٍ أَذْفَرَ كَمَا سَيَأْتِي.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو عمر الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي المهاجر المخزومي، عن عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: عُرِضَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ مَا هُوَ مَفْتُوحٌ عَلَى أُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ كَنْزًا كَنْزًا، فَسُرَّ بِذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ فَأَعْطَاهُ فِي الْجَنَّةِ أَلْفَ أَلْفَ قَصْرٍ، فِي كُلِّ قَصْرٍ مَا يَنْبَغِي لَهُ مِنَ الْأَزْوَاجِ وَالْخَدَمِ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ [[في أ: "رواه ابن جرير وابن أبي حاتم".]] مِنْ طَرِيقِهِ، وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: ومثلُ هَذَا مَا يُقَالُ إِلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مِنْ رِضَاءِ مُحَمَّدٍ ﷺ أَلَّا يَدْخُلَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ النَّارَ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: يَعْنِي بِذَلِكَ الشَّفَاعَةَ. وَهَكَذَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا معاويةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "أنا أهلُ بَيْتٍ اخْتَارَ اللَّهُ لَنَا الْآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ [[ورواه البغوي في شرح السنة (١٤/٢٤٨) من طريق ابن أبي شيبة فذكره دون الآية، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (١٥/٢٣٦) بهذا الطريق ولم يذكر الآية، ولعل ذكرها وقع في كتاب التفسير، ورواه ابن ماجة في السنن برقم (٤٠٨٢) عن عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ هشام به، وقال البوصيري في الزوائد (٣/٢٦٢) : "هذا إسناد فيه يزيد بن أبي زياد الكوفي مختلف فيه".]] .
ثُمَّ قَالَ تعالى يعدد نعَمه عل عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى﴾ وَذَلِكَ أَنَّ أَبَاهُ تُوفّي وَهُوَ حَملٌ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَقِيلَ: بَعْدَ أَنْ وُلِدَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ سِتُّ سِنِينَ. ثُمَّ كَانَ فِي كَفَالَةِ جَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ ثَمَانِ سِنِينَ، فَكَفَلَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ. ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَحُوطُهُ وَيَنْصُرُهُ ويَرفع مِنْ قَدره وَيُوقّره، وَيَكُفُّ عَنْهُ أَذَى قَوْمِهِ بَعْدَ أَنِ ابْتَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ عُمْرِهِ، هَذَا وَأَبُو طَالِبٍ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَكُلُّ ذَلِكَ بِقَدَرِ اللَّهِ وحُسن تَدْبِيرِهِ، إِلَى أَنْ تُوفي أَبُو طَالِبٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِقَلِيلٍ، فَأَقْدَمَ عَلَيْهِ سُفَهَاءُ قُرَيْشٍ وجُهالهم، فَاخْتَارَ اللَّهُ لَهُ الْهِجْرَةَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ إِلَى بَلَدِ الْأَنْصَارِ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، كَمَا أَجْرَى اللَّهُ سُنَّته عَلَى الْوَجْهِ الْأَتَمِّ وَالْأَكْمَلِ. فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِمْ آوَوه ونَصَرُوه وَحَاطُوهُ وَقَاتَلُوا بَيْنَ يَدَيْهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، وَكُلُّ هَذَا مِنْ حِفْظِ اللَّهِ لَهُ وَكِلَاءَتِهِ وَعِنَايَتِهِ بِهِ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى﴾ كَقَوْلِهِ ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشُّورَى: ٥٢] وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ [إِنَّ] [[زيادة من م.]] الْمُرَادَ بِهَذَا أَنَّهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، ضَلَّ فِي شِعَابِ مَكَّةَ وَهُوَ صَغِيرٌ، ثُمَّ رَجَعَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ ضَلَّ وَهُوَ مَعَ عَمِّهِ فِي طَرِيقِ الشَّامِ، وَكَانَ رَاكِبًا نَاقَةً فِي اللَّيْلِ، فَجَاءَ إِبْلِيسُ يَعْدِلُ بِهَا عَنِ الطَّرِيقِ، فَجَاءَ جِبْرِيلُ، فَنَفَخَ إِبْلِيسَ نَفْخَةً ذَهَبَ مِنْهَا إِلَى الْحَبَشَةِ، ثُمَّ عَدَلَ بالراحلة إلى الطريق. حكاهما البغوي.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى﴾ أَيْ: كُنْتَ فَقِيرًا ذَا عِيَالٍ، فَأَغْنَاكَ اللَّهُ عَمَّنْ سِوَاهُ، فَجَمَعَ لَهُ بَيْنَ مَقَامَيِ، الْفَقِيرِ الصَّابِرِ وَالْغَنِيِّ الشَّاكِرِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى﴾ قَالَ: كَانَتْ هَذِهِ مَنَازِلَ الرَّسُولِ ﷺ قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَهُ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ -مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ-عَنْ مَعْمَر، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبّه قَالَ: هَذَا مَا حَدّثنا أَبُو هُرَيرة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ العَرَض، وَلَكِنَّ [[في م: "وإنما".]] الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ" [[لم أقع عليه في الصحيحين من هذا الطريق، وقد جاء فيهما من طرق أخر عن أبي هريرة، انظر: صحيح البخاري برقم (٦٤٤٦) وصحيح مسلم برقم (١٠٥١) .]] .
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، ورُزق كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ [[في أ: "ومتعه".]] اللَّهُ بِمَا آتَاهُ" [[صحيح مسلم برقم (١٠٥٤) .]] .
ثُمَّ قَالَ: ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ﴾ أَيْ: كَمَا كُنْتَ يَتِيمًا فَآوَاكَ اللَّهُ فَلَا تَقْهَرِ الْيَتِيمَ، أَيْ: لَا تُذِلَّهُ وَتَنْهَرْهُ وَتُهِنْهُ، وَلَكِنْ أحسِنْ إِلَيْهِ، وَتَلَطَّفْ بِهِ.
قَالَ قَتَادَةُ: كُنْ لِلْيَتِيمِ كَالْأَبِ الرَّحِيمِ.
﴿وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ﴾ أَيْ: وَكَمَا كُنْتَ ضَالًّا فَهَدَاكَ اللَّهُ، فَلَا تَنْهَرِ السَّائِلَ فِي الْعِلْمِ الْمُسْتَرْشِدَ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ﴿وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ﴾ أَيْ: فَلَا تَكُنْ جَبَّارًا، وَلَا مُتَكَبِّرًا، وَلَا فَحَّاشا، وَلَا فَظّا عَلَى الضُّعَفَاءِ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي رَد الْمِسْكِينَ بِرَحْمَةٍ وَلِينٍ.
﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ أَيْ: وَكَمَا كُنْتَ عَائِلًا فَقِيرًا فَأَغْنَاكَ اللَّهُ، فَحَدِّثْ بِنِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكَ، كَمَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ النَّبَوِيِّ: "وَاجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعْمَتِكَ [[في أ: "لنعمك".]] مُثْنِينَ بِهَا، قَابِلِيهَا، وَأَتِمَّهَا عَلَيْنَا".
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَية، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ إِيَاسٍ الجُرَيري، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَرَوْنَ أَنَّ مِنْ شُكْرِ النِّعَمِ أَنْ يُحَدَّثَ بِهَا.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، حَدَّثَنَا الْجَرَّاحُ بْنُ مَليح، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْمِنْبَرِ: "مَنْ لَمْ يَشْكُرِ الْقَلِيلَ، لَمْ يَشْكُرِ الْكَثِيرَ، وَمَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ. وَالتَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شَكْرٌ، وَتَرْكُهَا كُفْرٌ. والجماعة رحمة، والفرقة عذاب" [[زوائد المسند (٤/٢٧٨) .]] إسناد ضعيف.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ الْأَنْصَارُ بِالْأَجْرِ كُلِّهِ. قَالَ: "لَا مَا دَعَوْتُمُ اللَّهَ لَهُمْ، وَأَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِمْ" [[لم أقع عليه في الصحيحين، ورواه الإمام أحمد في المسند (٣/٢٠٠) .]] .
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ".
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُسْلِمٍ [[سنن أبي داود برقم (٤٨١١) وسنن الترمذي برقم (١٩٥٤) .]] وَقَالَ: صَحِيحٌ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "مَنْ أُبْلِي بَلَاءً فَذَكَرَهُ فَقَدْ شَكَرَهُ، وَإِنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ". تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ [[سنن أبي داود برقم (٤٨١٤) .]] .
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّد، حَدَّثَنَا بِشْرٌ [[في أ: "بشير".]] حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ غَزْية، حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ قَوْمِي، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَنْ أعطَى عَطاء فَوَجَد فَليَجزْ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَليُثن بِهِ، فَمَنْ أَثْنَى بِهِ فَقَدْ شَكَرَهُ، وَمَنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ". قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُمارة بْنِ غَزية، عَنْ شُرَحْبِيلَ عَنْ جَابِرٍ -كَرِهُوهُ فَلَمْ يُسَمُّوهُ. تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ [[سنن أبي داود برقم (٤٨١٣) .]] .
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي النُّبُوَّةَ الَّتِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: الْقُرْآنُ.
وَقَالَ لَيْثٌ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ قَالَ: مَا عَمِلْتَ مِنْ خَيْرٍ فَحَدث إِخْوَانَكَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: مَا جَاءَكَ اللَّهُ [[في م: "ما جاءك من الله".]] مِنْ نِعْمَةٍ وَكَرَامَةٍ مِنَ النُّبُوَّةِ فَحَدِّثْ بِهَا وَاذْكُرْهَا، وَادْعُ إِلَيْهَا. وَقَالَ: فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَذْكُرُ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ مِنَ النُّبُوَّةِ سِرًّا إِلَى مَنْ يَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ، وَافْتُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى.
آخِرُ تفسير سورة "الضحى" [ولله الحمد] [[زيادة من أ.]] .
{"ayahs_start":1,"ayahs":["وَٱلضُّحَىٰ","وَٱلَّیۡلِ إِذَا سَجَىٰ","مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ","وَلَلۡـَٔاخِرَةُ خَیۡرࣱ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ","وَلَسَوۡفَ یُعۡطِیكَ رَبُّكَ فَتَرۡضَىٰۤ","أَلَمۡ یَجِدۡكَ یَتِیمࣰا فَـَٔاوَىٰ","وَوَجَدَكَ ضَاۤلࣰّا فَهَدَىٰ","وَوَجَدَكَ عَاۤىِٕلࣰا فَأَغۡنَىٰ","فَأَمَّا ٱلۡیَتِیمَ فَلَا تَقۡهَرۡ","وَأَمَّا ٱلسَّاۤىِٕلَ فَلَا تَنۡهَرۡ","وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ"],"ayah":"وَوَجَدَكَ عَاۤىِٕلࣰا فَأَغۡنَىٰ"}