الباحث القرآني

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ عِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ [[في أ: "المؤمنين".]] الَّذِينَ عَبَدُوهُ بِأَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ، وَتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ: إِنَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُونَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، أَيْ: بِخِلَافِ مَا أُولَئِكَ الْأَشْقِيَاءُ فِيهِ، مِنْ ظِلِّ الْيَحْمُومِ، وَهُوَ الدُّخَانُ الْأَسْوَدُ الْمُنْتِنُ. ﴿وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾ أَيْ: مِنْ سَائِرِ أَنْوَاعِ الثِّمَارِ، مَهْمَا طَلَبُوا وَجَدُوا. ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ أَيْ: يُقَالُ لَهُمْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا خَبَرًا مُسْتَأْنَفًا: ﴿إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ أَيْ: هَذَا حَزَّاؤُنَا لِمَنْ أَحْسَنَ الْعَمَلَ، ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ * * * وَقَوْلُهُ: ﴿كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ﴾ خِطَابٌ لِلْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ، وأمَرَهم أَمْرَ تَهْدِيدٍ وَوَعِيدٍ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلا﴾ أَيْ: مُدَّةً قَلِيلَةً قَرِيبَةً قَصِيرَةً، ﴿إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ﴾ أَيْ: ثُمَّ تُسَاقُونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا، ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ [لُقْمَانَ: ٢٤] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ﴾ [يُونُسَ: ٦٩، ٧٠] * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ﴾ أَيْ: إِذَا أَمَرَ هَؤُلَاءِ الْجَهَلَةَ مِنَ الْكُفَّارِ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمَصَلِّينِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، امْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ ثُمَّ قَالَ: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ ؟ أَيْ: إِذَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْقُرْآنِ، فَبِأَيِّ كَلَامٍ يُؤْمِنُونَ بِهِ؟! كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ [الْجَاثِيَةِ: ٦] . قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ: سَمِعْتُ رَجُلًا أَعْرَابِيًّا بَدَويا يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَرْوِيهِ إِذَا قَرَأَ: ﴿وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا﴾ فَقَرَأَ: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ ؟ فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِمَا أَنْزَلَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي سُورَةِ "الْقِيَامَةِ" [[تقدم تخريج الحديث عند تفسير الآية الأخيرة من سورة القيامة من رواية الترمذي وأبي داود.]] . آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ "وَالْمُرْسَلَاتِ" [ولله الحمد والمنة] [[زيادة من م، أ.]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب