يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ قِلَّةِ إِيمَانِ أَهْلِ الْقُرَى الَّذِينَ أَرْسَلَ فِيهِمُ الرُّسُلَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى [[في ك، م، أ: "كما قال تعالى".]] ﴿فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ [يونس:٩٨] أَيْ: مَا آمَنَتْ قَرْيَةٌ بِتَمَامِهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ، فَإِنَّهُمْ آمَنُوا، وَذَلِكَ بَعْدَ مَا عَايَنُوا الْعَذَابَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ [الصَّافَّاتِ:١٤٧، ١٤٨] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ [إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ [[زيادة من ك، م، أ. وفي هـ: "الآية".]] ] ﴾ [سَبَأٍ:٣٤]
* * *
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا﴾ أَيْ: آمَنَتْ قُلُوبُهُمْ بِمَا جَاءَتْهُمْ بِهِ الرُّسُلُ، وَصَدَّقَتْ بِهِ وَاتَّبَعَتْهُ، وَاتَّقَوْا بِفِعْلِ الطَّاعَاتِ وَتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ، ﴿لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ﴾ أَيْ: قَطْرَ السَّمَاءِ وَنَبَاتَ الْأَرْضِ. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ أَيْ: وَلَكِنْ كَذَّبُوا رُسُلَهُمْ، فَعَاقَبْنَاهُمْ بِالْهَلَاكِ عَلَى مَا كَسَبُوا مِنَ الْمَآثِمِ وَالْمَحَارِمِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُخَوِّفًا وَمُحَذِّرًا مِنْ مُخَالَفَةِ أَوَامِرِهِ، وَالتَّجَرُّؤِ عَلَى زَوَاجِرِهِ: ﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى﴾ أَيِ: الْكَافِرَةِ ﴿أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا﴾ أَيْ: عَذَابُنَا وَنَكَالُنَا، ﴿بَيَاتًا﴾ أَيْ: لَيْلًا ﴿وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ أَيْ: فِي حَالِ شُغْلِهِمْ وَغَفْلَتِهِمْ، ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ﴾ أَيْ: بَأْسَهُ وَنِقْمَتَهُ وَقُدْرَتَهُ عَلَيْهِمْ وَأَخْذَهُ إِيَّاهُمْ فِي حَالِ سَهْوِهِمْ وَغَفْلَتِهِمْ ﴿فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ: الْمُؤْمِنُ يَعْمَلُ بِالطَّاعَاتِ وَهُوَ مُشْفِق وَجِل خَائِفٌ، وَالْفَاجِرُ يَعْمَلُ بِالْمَعَاصِي وَهُوَ آمِنٌ.
{"ayahs_start":96,"ayahs":["وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡقُرَىٰۤ ءَامَنُوا۟ وَٱتَّقَوۡا۟ لَفَتَحۡنَا عَلَیۡهِم بَرَكَـٰتࣲ مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَـٰكِن كَذَّبُوا۟ فَأَخَذۡنَـٰهُم بِمَا كَانُوا۟ یَكۡسِبُونَ","أَفَأَمِنَ أَهۡلُ ٱلۡقُرَىٰۤ أَن یَأۡتِیَهُم بَأۡسُنَا بَیَـٰتࣰا وَهُمۡ نَاۤىِٕمُونَ","أَوَأَمِنَ أَهۡلُ ٱلۡقُرَىٰۤ أَن یَأۡتِیَهُم بَأۡسُنَا ضُحࣰى وَهُمۡ یَلۡعَبُونَ","أَفَأَمِنُوا۟ مَكۡرَ ٱللَّهِۚ فَلَا یَأۡمَنُ مَكۡرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡخَـٰسِرُونَ"],"ayah":"أَفَأَمِنَ أَهۡلُ ٱلۡقُرَىٰۤ أَن یَأۡتِیَهُم بَأۡسُنَا بَیَـٰتࣰا وَهُمۡ نَاۤىِٕمُونَ"}