الباحث القرآني
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: كَانَ اللَّهُ أمرَه أَنْ يَخْتَارَ مِنْ قَوْمِهِ سَبْعِينَ رَجُلًا فَاخْتَارَ سَبْعِينَ رَجُلًا فَبَرَزَ بِهِمْ لِيَدْعُوا رَبَّهُمْ، فَكَانَ فِيمَا دَعَوُا اللَّهَ قَالُوا: اللَّهُمَّ أَعْطِنَا مَا لَمْ تُعْطِهِ أَحَدًا قَبْلَنَا وَلَا تُعْطِهِ أَحَدًا بَعْدَنَا فَكَرِهَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ دعائهم، فأخذتهم الرجفة، قال موسى: ﴿رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ﴾ الْآيَةَ.
وَقَالَ السُّدِّي: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ مُوسَى أَنْ يَأْتِيَهُ فِي نَاسٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ، وَوَعْدَهُمْ مَوْعِدًا، فَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا عَلَى عَيْنِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمْ لِيَعْتَذِرُوا. فَلَمَّا أَتَوْا ذَلِكَ الْمَكَانَ قَالُوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ يَا مُوسَى حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً، فَإِنَّكَ قَدْ كَلَّمْتَهُ، فأرناه. فأخذتهم الصَّاعِقَةُ فَمَاتُوا، فَقَامَ مُوسَى يَبْكِي وَيَدْعُو اللَّهَ وَيَقُولُ: رَبِّ، مَاذَا أَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا لَقِيتُهُمْ [[في أ: "أتيتهم".]] وَقَدْ أَهْلَكْتَ خِيَارَهُمْ؟ ﴿رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ﴾
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: اخْتَارَ مُوسَى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَبْعِينَ رَجُلًا الخيّرَ فَالْخَيِّرَ، وَقَالَ: انْطَلِقُوا إِلَى اللَّهِ فَتُوبُوا إِلَيْهِ مِمَّا صَنَعْتُمْ، وسَلُوه التَّوْبَةَ عَلَى مَنْ تَرَكْتُمْ وَرَاءَكُمْ مِنْ قَوْمِكُمْ، صُومُوا وتطهَّروا، وطهِّروا ثِيَابَكُمْ. فَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى طُور سَيْناء، لِمِيقَاتٍ وقَّته لَهُ رَبُّهُ، وَكَانَ لَا يَأْتِيهِ إِلَّا بِإِذْنٍ مِنْهُ وَعِلْمٍ -فَقَالَ لَهُ السَّبْعُونَ -فِيمَا ذُكِرَ لِي -حِينَ صَنَعُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ، وَخَرَجُوا مَعَهُ لِلِقَاءِ رَبِّهِ، [فَقَالُوا] [[زيادة من أ.]] لِمُوسَى: اطْلُبْ لَنَا نَسْمَعْ كَلَامَ رَبِّنَا. فَقَالَ: أَفْعَلُ. فَلَمَّا دَنَا مُوسَى مِنَ الْجَبَلِ، وَقَعَ عَلَيْهِ عمودُ الْغَمَامُ، حَتَّى تَغَشَّى الْجَبَلَ كُلَّهُ. وَدَنَا مُوسَى فَدَخَلَ فِيهِ، وَقَالَ لِلْقَوْمِ: ادْنُوا. وَكَانَ مُوسَى إِذَا كَلَّمَهُ [[في ك: "كلم".]] اللَّهُ وَقَعَ عَلَى جَبْهَةِ مُوسَى نُورٌ سَاطِعٌ، لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ. فَضُرِبَ دُونَهُ بِالْحِجَابِ. وَدَنَا الْقَوْمُ، حَتَّى إِذَا دَخَلُوا وَقَعُوا سُجُودا [[في أ: "سجدا".]] فَسَمِعُوهُ وَهُوَ يُكَلِّمُ مُوسَى، يَأْمُرُهُ وَيَنْهَاهُ: افْعَلْ، وَلَا تَفْعَلْ. فَلَمَّا فَرَغَ إِلَيْهِ مِنْ أَمْرِهِ، انْكَشَفَ عَنْ مُوسَى الْغَمَامُ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا لِمُوسَى: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً. فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ -وَهِيَ الصَّاعِقَةُ -فافتُلتَت [[في أ: "فالتقت".]] أَرْوَاحُهُمْ، فَمَاتُوا جَمِيعًا. فَقَامَ مُوسَى يُنَاشِدُ رَبَّهُ وَيَدْعُوهُ وَيَرْغَبُ إِلَيْهِ، وَيَقُولُ: ﴿رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ﴾ قَدْ سَفِهُوا، أَفَنُهْلِكُ مَنْ وَرَائِي مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَبْدٍ السَّلُولي، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: انْطَلَقَ مُوسَى وَهَارُونُ وَشَبَّرُ وَشَبِيرُ، فَانْطَلَقُوا إِلَى سَفْحِ جَبَل، فَنَامَ [[في أ: "فقام".]] هَارُونُ عَلَى سَرِيرٍ، فَتَوَفَّاهُ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ. فَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالُوا لَهُ: أَيْنَ هَارُونُ؟ قَالَ: تَوَفَّاهُ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ. قَالُوا [لَهُ] [[زيادة من ك.]] أَنْتَ قَتَلْتَهُ، حَسَدتنا عَلَى خُلقه وَلِينِهِ -أَوْ كَلِمَةٍ نَحْوَهَا -قَالَ: فَاخْتَارُوا مَنْ شِئْتُمْ. قَالَ: فَاخْتَارُوا سَبْعِينَ رَجُلًا. قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلا﴾ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَيْهِ قَالُوا: يَا هَارُونُ، مَنْ قَتَلَكَ؟ قَالَ: مَا قَتَلَنِي أَحَدٌ، وَلَكِنْ تَوَفَّانِي اللَّهُ. قَالُوا: يَا مُوسَى، لَنْ تُعْصَى بَعْدَ الْيَوْمِ. قَالَ: فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ. قَالَ: فَجَعَلَ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، يُرْجِعُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَقَالَ: يَا ﴿رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ﴾ قَالَ: فَأَحْيَاهُمُ اللَّهُ وَجَعَلَهُمْ أَنْبِيَاءَ كُلَّهُمْ.
هَذَا أَثَرٌ غَرِيبٌ جِدًّا، وَعِمَارَةُ بْنُ عَبْدٍ [[في ك: "عبيد".]] هَذَا لَا أَعْرِفُهُ. وَقَدْ رَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَلُولَ عَنْ عَلِيٍّ، فَذَكَرَهُ [[تفسير الطبري (١٣/١٤٢) وفي إسناده عمارة بن عبد السلولي. قال الذهبي في ميزان الاعتدال: "عمارة بن عبد، عن علي، مجهول لا يحتج به. قاله أبو حاتم. وقال أحمد: مستقيم الحديث لا يروى عنه غير أبي إسحاق".]]
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَابْنُ جُرَيْج: إِنَّمَا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُزَايِلُوا قَوْمَهُمْ فِي عِبَادَتِهِمُ الْعِجْلَ، وَلَا نَهْوَهُمْ، وَيَتَوَجَّهُ هَذَا الْقَوْلُ بِقَوْلِ موسى: ﴿أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا﴾
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنْ هِيَ إِلا فِتْنَتُكَ﴾ أَيِ: ابْتِلَاؤُكَ وَاخْتِبَارُكَ وَامْتِحَانُكَ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَرَبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ. وَلَا مَعْنَى لَهُ غَيْرَ ذَلِكَ؛ يَقُولُ: إِنِ الأمرُ إِلَّا أمرُك، وَإِنِ الحكمُ إِلَّا لَكَ، فَمَا شِئْتَ كَانَ، تَضِلُّ مَنْ تَشَاءُ، وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ، وَلَا هَادِيَ لِمَنْ أَضْلَلْتَ، وَلَا مُضِل لِمَنْ هَدَيت، وَلَا مُعطِي لِمَا مَنَعت، وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، فَالْمُلْكُ كُلُّهُ لَكَ، وَالْحُكْمُ كُلُّهُ لَكَ، لَكَ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ﴾ الغَفْر هُوَ: السَّتْرُ، وَتَرْكُ الْمُؤَاخَذَةِ بِالذَّنْبِ، وَالرَّحْمَةُ إِذَا قُرِنَتْ مَعَ الْغَفْرِ، يُرَادُ بِهَا أَلَّا يُوقِعَهُ فِي مِثْلِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، ﴿وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ﴾ أَيْ: لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، ﴿وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ﴾ هُنَاكَ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ مِنَ الدُّعَاءِ دَفْعُ الْمَحْذُورِ، وَهَذَا لِتَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ ﴿وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ﴾ أَيْ: أَوْجِبْ لَنَا وَأَثْبِتْ لَنَا فِيهِمَا حَسَنَةً، وَقَدْ تَقَدَّمَ [تَفْسِيرُ] [[زيادة من ك، م، أ.]] ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ. [الْآيَةَ:٢٠١]
﴿إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾ أَيْ: تُبْنَا وَرَجَعْنَا وَأَنَبْنَا إِلَيْكَ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَير، وَمُجَاهِدٌ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَالضَّحَّاكُ، وَإِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، والسُّدِّي، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ. وَهُوَ كَذَلِكَ لُغَة.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيع، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُجيَّ [[في أ: "يحيى".]] عَنْ عَلِيٍّ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] [[زيادة من أ.]] قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَتِ الْيَهُودُ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: ﴿إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾
جَابِرٌ -هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الجُعْفي -ضَعِيفٌ.
قَالَ تَعَالَى مُجِيبًا لِمُوسَى فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنْ هِيَ إِلا فِتْنَتُكَ [تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ] ﴾ [[زيادة من ك، م، أ.]] الْآيَةَ: ﴿عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ] ﴾ [[زيادة من م.]] أَيْ: أَفْعَلُ مَا أَشَاءُ، وَأَحْكُمُ مَا أُرِيدُ، وَلِيَ الْحِكْمَةُ وَالْعَدْلُ فِي كُلِّ ذَلِكَ، سُبْحَانَهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ.
* * *
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ آيَةٌ عَظِيمَةُ الشُّمُولِ وَالْعُمُومِ، كَقَوْلِهِ إِخْبَارًا عَنْ حَمَلة الْعَرْشِ وَمَنْ حَوْلَهُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا﴾ [غَافِرٍ:٧]
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الجُرَيري، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الجُشَمي، حَدَّثَنَا جُنْدُب -هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ البَجَلي، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ ثُمَّ عَقَلها ثُمَّ صَلَّى خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَتَى رَاحِلَتَهُ فَأَطْلَقَ عِقَالَهَا، ثُمَّ رَكِبَهَا، ثُمَّ نَادَى: اللَّهُمَّ، ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلَا تُشْرِكْ فِي رَحْمَتِنَا أَحَدًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " أَتَقُولُونَ هَذَا أَضَلُّ أَمْ بَعِيرُهُ؟ أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ؟ " قَالُوا: بَلَى. قَالَ: "لَقَدْ حَظَرْت [[في د: "حجرت".]] رَحْمَةً وَاسِعَةً؛ إن الله، عز وَجَلَّ، خَلَقْ مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَأَنْزَلَ رَحْمَةً وَاحِدَةً يَتَعَاطَفُ بِهَا الْخَلْقُ؛ جِنُّهَا وَإِنْسُهَا وَبَهَائِمُهَا، وأخَّرَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ [[في ك، م: "تسعا وتسعون"، وفي أ: "تسع وتسعون".]] رَحْمَةً، أَتَقُولُونَ هُوَ أَضَلُّ أَمْ بَعِيرُهُ؟ ".
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، بِهِ [[المسند (٤/٣١٢) وسنن أبي داود برقم (٤٨٨٥) .]]
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "إِنْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَمِنْهَا رَحْمَةٌ يتراحمُ بِهَا الْخَلْقُ، وَبِهَا تَعْطِفُ الْوُحُوشُ عَلَى أَوْلَادِهَا، وَأَخَّرَ تِسْعًا وَتِسْعِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".
تَفَرَّدَ [[في ك، م، أ: "انفرد".]] بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ، فَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ سُلَيمان -هُوَ ابْنُ طِرْخان -وَدَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ كِلَاهُمَا، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ -وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلٍّ [[في أ: "بن مثل".]] -عَنْ سَلْمَانَ، هُوَ الْفَارِسِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، بِهِ [[المسند (٥/٤٣٩) وصحيح مسلم برقم (٢٧٥٣) .]]
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَة، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ [[في ك، أ: "عن النبي"، وفي م: "عن رسول الله".]] ﷺ قَالَ: "لِلَّهِ مِائَةُ رَحْمَةٍ، عِنْدَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَجَعْلِ عِنْدَكُمْ وَاحِدَةً تَتَرَاحَمُونَ بِهَا بَيْنَ [[في أ: "من".]] الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَبَيْنَ الْخَلْقِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ضَمَّهَا إِلَيْهِ". تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ [[المسند (٣/٥٥) .]]
وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لِلَّهِ مِائَةُ رَحْمَةٍ، فَقَسَّمَ مِنْهَا جُزْءًا وَاحِدًا بَيْنَ الْخَلْقِ، فِيهِ يَتَرَاحَمُ النَّاسُ وَالْوَحْشُ وَالطَّيْرُ".
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، بِهِ [[المسند (٣/٥٥) ، وسنن ابن ماجة برقم (٤٢٩٤) .]]
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا سَعْدٌ أَبُو غَيْلان الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَر، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ الفاجرُ فِي دِينِهِ، الْأَحْمَقُ فِي مَعِيشَتِهِ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ الَّذِي قَدْ مَحَشته النَّارُ بِذَنْبِهِ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيَغْفِرَنَّ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْفِرَةً يَتَطَاوَلُ لَهَا إِبْلِيسُ رَجَاءَ أَنْ تُصِيبَهُ".
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ [[في أ: "هذا الأثر".]] جِدًّا، "وَسَعْدٌ" هَذَا لَا أَعْرِفُهُ [[المعجم الكبير (٣/١٦٨) وقال الهيثمي في المجمع (١٠/٢١٦) : "سعيد بن طالب أبو غيلان وثقه أبو زرعة وابن حبان، وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات".]]
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ الْآيَةَ، يَعْنِي: فَسَأُوجِبُ حُصُول رَحْمَتِي مِنَّةً مِنِّي وَإِحْسَانًا إِلَيْهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ [الْأَنْعَامِ:٥٤] وَقَوْلُهُ: ﴿لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ أَيْ: سَأَجْعَلُهَا لِلْمُتَّصِفِينَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ، وَهُمْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ ﷺ الَّذِينَ يَتَّقُونَ، أَيْ: الشِّرْكَ وَالْعَظَائِمَ مِنَ الذُّنُوبِ.
﴿وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ قِيلَ: زَكَاةُ النُّفُوسِ. وَقِيلَ: [زَكَاةُ] [[زيادة من أ.]] الْأَمْوَالِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَامَّةً لَهُمَا؛ فَإِنَّ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ ﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ﴾ أَيْ: يُصَدِّقُونَ.
{"ayahs_start":155,"ayahs":["وَٱخۡتَارَ مُوسَىٰ قَوۡمَهُۥ سَبۡعِینَ رَجُلࣰا لِّمِیقَـٰتِنَاۖ فَلَمَّاۤ أَخَذَتۡهُمُ ٱلرَّجۡفَةُ قَالَ رَبِّ لَوۡ شِئۡتَ أَهۡلَكۡتَهُم مِّن قَبۡلُ وَإِیَّـٰیَۖ أَتُهۡلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَاۤءُ مِنَّاۤۖ إِنۡ هِیَ إِلَّا فِتۡنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاۤءُ وَتَهۡدِی مَن تَشَاۤءُۖ أَنتَ وَلِیُّنَا فَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَاۖ وَأَنتَ خَیۡرُ ٱلۡغَـٰفِرِینَ","۞ وَٱكۡتُبۡ لَنَا فِی هَـٰذِهِ ٱلدُّنۡیَا حَسَنَةࣰ وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ إِنَّا هُدۡنَاۤ إِلَیۡكَۚ قَالَ عَذَابِیۤ أُصِیبُ بِهِۦ مَنۡ أَشَاۤءُۖ وَرَحۡمَتِی وَسِعَتۡ كُلَّ شَیۡءࣲۚ فَسَأَكۡتُبُهَا لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ وَیُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلَّذِینَ هُم بِـَٔایَـٰتِنَا یُؤۡمِنُونَ"],"ayah":"۞ وَٱكۡتُبۡ لَنَا فِی هَـٰذِهِ ٱلدُّنۡیَا حَسَنَةࣰ وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ إِنَّا هُدۡنَاۤ إِلَیۡكَۚ قَالَ عَذَابِیۤ أُصِیبُ بِهِۦ مَنۡ أَشَاۤءُۖ وَرَحۡمَتِی وَسِعَتۡ كُلَّ شَیۡءࣲۚ فَسَأَكۡتُبُهَا لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ وَیُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلَّذِینَ هُم بِـَٔایَـٰتِنَا یُؤۡمِنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق