يُخْبِرُ تَعَالَى عَمَّا قَالَهُ جَهَلَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، حِينَ جَاوَزُوا الْبَحْرَ، وَقَدْ رَأَوْا مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ مَا رَأَوْا، ﴿فَأَتَوْا﴾ أَيْ: فَمَرُّوا ﴿عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ﴾ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: كَانُوا مِنَ الْكَنْعَانِيِّينَ. وَقِيلَ: كَانُوا مِنْ لَخْمٍ.
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَكَانُوا يَعْبُدُونَ أَصْنَامًا عَلَى صُوَرِ الْبَقَرِ، فَلِهَذَا أَثَارَ [[في أ: "أثر".]] ذَلِكَ شُبْهَةً لَهُمْ فِي عِبَادَتِهِمُ الْعِجْلَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالُوا: ﴿يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ أَيْ: تَجْهَلُونَ عَظَمَةَ اللَّهِ وَجَلَالَهُ، وَمَا يَجِبُ أَنْ يُنَزَّهَ [[في د: "تنزيهه".]] عَنْهُ مِنَ الشَّرِيكِ وَالْمَثِيلِ.
﴿إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ﴾ أَيْ: هَالِكٌ ﴿وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾
وَرَوَى الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ [رَحِمَهُ اللَّهُ] [[زيادة من أ.]] تَفْسِيرَ هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وعَقِيل، وَمَعْمَرٍ كُلِّهِمْ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ: أَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ مَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَى حُنَيْنٍ، قَالَ: وَكَانَ لِلْكُفَّارِ سِدْرَةٌ [[في م: "سدة".]] يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا، وَيُعَلِّقُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُمْ، يُقَالُ لَهَا: "ذَاتُ أَنْوَاطٍ"، قَالَ: فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ خَضْرَاءَ عَظِيمَةٍ، قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ. فَقَالَ: "قُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى لِمُوسَى: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ. إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [[تفسير الطبري (١٣/٨١، ٨٢) .]]
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَر، عن الزُّهْرِيِّ، عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ الدِّيلي، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قبل حُنَيْنٍ، فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ [[في أ: "رسول الله".]] اجْعَلْ لَنَا هَذِهِ "ذَاتَ أَنْوَاطٍ"، كَمَا لِلْكَفَّارِ ذَاتُ أَنْوَاطٍ، وَكَانَ الْكَفَّارُ يَنُوطُونَ سِلَاحَهُمْ بِسِدْرَةٍ، وَيَعْكُفُونَ حَوْلَهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "اللَّهُ أَكْبَرُ، هَذَا كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ [قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ] ﴾ [[زيادة من د.]] إِنَّكُمْ تَرْكَبُونَ [[في م: "لتركبون".]] سَنَنَ مَنْ قَبِلَكُمْ" [[المسند (٥/٢١٨) ورواه النسائي في السنن الكبرى برقم (١١١٨٥) من طريق عبد الرزاق به ورواه الترمذي في السنن برقم (٢١٨٠) من طريق سفيان عن الزهري بنحوه، قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".]]
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، مِنْ حَدِيثِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جده مرفوعا [[ورواه الطبراني في المعجم الكبير (١٧/٢١) من طريق ابن أبي فديك، عن كثير بن عبد الله الْمُزَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا، قَالَ الهيثمي في المجمع (٧/٢٤) : "فيه كثير بن عبد الله وقد ضعفه الجمهور وحسن الترمذي حديثه.]]
{"ayahs_start":138,"ayahs":["وَجَـٰوَزۡنَا بِبَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ ٱلۡبَحۡرَ فَأَتَوۡا۟ عَلَىٰ قَوۡمࣲ یَعۡكُفُونَ عَلَىٰۤ أَصۡنَامࣲ لَّهُمۡۚ قَالُوا۟ یَـٰمُوسَى ٱجۡعَل لَّنَاۤ إِلَـٰهࣰا كَمَا لَهُمۡ ءَالِهَةࣱۚ قَالَ إِنَّكُمۡ قَوۡمࣱ تَجۡهَلُونَ","إِنَّ هَـٰۤؤُلَاۤءِ مُتَبَّرࣱ مَّا هُمۡ فِیهِ وَبَـٰطِلࣱ مَّا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ"],"ayah":"وَجَـٰوَزۡنَا بِبَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ ٱلۡبَحۡرَ فَأَتَوۡا۟ عَلَىٰ قَوۡمࣲ یَعۡكُفُونَ عَلَىٰۤ أَصۡنَامࣲ لَّهُمۡۚ قَالُوا۟ یَـٰمُوسَى ٱجۡعَل لَّنَاۤ إِلَـٰهࣰا كَمَا لَهُمۡ ءَالِهَةࣱۚ قَالَ إِنَّكُمۡ قَوۡمࣱ تَجۡهَلُونَ"}