يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ أَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي ذَلِكَ الْمَوْقِفِ الْعَظِيمِ، الَّذِي فَرَّقَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، يَأْمُرُهُ بِأَنْ يُلْقِيَ مَا فِي يَمِينِهِ وَهِيَ عَصَاهُ، ﴿فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ﴾ أَيْ: تَأْكُلُ ﴿مَا يَأْفِكُونَ﴾ أَيْ: مَا يُلْقُونَهُ وَيُوهِمُونَ أَنَّهُ حَقٌّ، وَهُوَ بَاطِلٌ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَجَعَلَتْ لَا تَمُرّ بِشَيْءٍ [[في أ: "على شيء".]] مِنْ حِبَالِهِمْ وَلَا مِنْ خُشُبهم [[في أ: "عصيهم".]] إِلَّا الْتَقَمَتْهُ، فَعَرَفَتِ السَّحَرَةُ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَيْسَ هَذَا بِسِحْرٍ، فَخَرُّوا سُجَّدًا وَقَالُوا: ﴿آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ. رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: جَعَلَتْ تَبْتَلِعُ [[في أ: "تتبع".]] تِلْكَ الْحِبَالَ وَالْعِصِيَّ وَاحِدَةً، وَاحِدَةً حَتَّى مَا يُرَى بِالْوَادِي قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ مِمَّا أَلْقَوْا، ثُمَّ أَخَذَهَا مُوسَى فَإِذَا هِيَ عَصًا فِي يَدِهِ كَمَا كَانَتْ، وَوَقَعَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا ﴿قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ. رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾ لَوْ كَانَ هَذَا سَاحِرًا مَا غُلبنا.
وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّة: أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ، فَأَلْقَى عَصَاهُ، فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ فاغرٌ فَاهُ، يَبْتَلِعُ [[في م: "يبلع".]] حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ. فَأُلْقِيَ السَّحَرَةَ عِنْدَ ذَلِكَ سُجَّدًا، فَمَا رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ حَتَّى رَأَوُا الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَثَوَابَ أَهْلِهِمَا.
{"ayahs_start":117,"ayahs":["۞ وَأَوۡحَیۡنَاۤ إِلَىٰ مُوسَىٰۤ أَنۡ أَلۡقِ عَصَاكَۖ فَإِذَا هِیَ تَلۡقَفُ مَا یَأۡفِكُونَ","فَوَقَعَ ٱلۡحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ","فَغُلِبُوا۟ هُنَالِكَ وَٱنقَلَبُوا۟ صَـٰغِرِینَ","وَأُلۡقِیَ ٱلسَّحَرَةُ سَـٰجِدِینَ","قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا بِرَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ","رَبِّ مُوسَىٰ وَهَـٰرُونَ"],"ayah":"۞ وَأَوۡحَیۡنَاۤ إِلَىٰ مُوسَىٰۤ أَنۡ أَلۡقِ عَصَاكَۖ فَإِذَا هِیَ تَلۡقَفُ مَا یَأۡفِكُونَ"}