الباحث القرآني
[بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَبِهِ الثِّقَةُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ] [[زيادة من أ.]]
تَفْسِيرُ سُورَةِ الْأَنْعَامِ
[وَهِيَ مَكِّيَّةٌ] [[زيادة من د، أ.]]
قَالَ العَوْفيّ وعِكْرمة وعَطاء، عَنِ ابْنِ عباس: أنزلت سورة الأنعام بمكة.
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهال، حَدَّثَنَا [[في م: "عن".]] حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْران، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ بِمَكَّةَ لَيْلًا جُمْلَةً، حَوْلَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجْأَرُونَ حَوْلَهَا بِالتَّسْبِيحِ [[المعجم الكبير (١٢/٢١٥) ورواه أبو عبيد في فضائل القرآن (ص ١٢٩) وابن الضريس في فضائل القرآن (ص ١٥٧) من طريق حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ به، وفي إسناده علي بن زيد وهو ضعيف.]]
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ لَيْث، عَنْ شَهْر بْنِ حَوْشَب، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ: نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ جُمْلَةً [وَاحِدَةً] [[زيادة من أ.]] وَأَنَا آخِذَةٌ بِزِمَامِ نَاقَةِ النَّبِيِّ ﷺ، إِنْ كَادَتْ مِنْ ثِقَلِهَا لَتَكْسِرُ عِظَامَ النَّاقَةِ [[رواه الطبراني في المعجم الكبير (٢٤/١٧٨) من طريق قبيصة عن سفيان به. وقال الهيثمي في المجمع (٧/٢٠) : " فيه شهر بن حوشب وهو ضعيف وقد وثق".]]
وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ شَهْرٍ، عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ فِي مَسِيرٍ فِي زَجَلٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَقَدْ نَظَمُوا [[في أ: "طبقوا".]] مَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأرض [[قال الفاضل محمد بن رزق طرهوني في كتابه "موسوعة فضائل القرآن" (١/٢٥٨) : "الحديث في إسناده ثلاثة ضعفاء في الحفظ وهم المذكورون قبل أسماء، وبالإضافة إلى هذا، ففيه علل أخرى:
الأولى: لفظة: "في مسير" دخلت على أحدهم من حديث نزول المائدة المروي عند أحمد وغيره من حديث ليث عن شهر عن أسماء حيث قَالَتْ: "إِنِّي لَآخِذَةٌ بِزِمَامِ الْعَضْبَاءِ، نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، إِذْ أنزلت عَلَيْهِ الْمَائِدَةُ كُلُّهَا وَكَادَتْ مِنْ ثِقْلِهَا تَدُقُّ بعضد الناقة". أخرجه أَحْمَدُ (٦/٤٥٥) : حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ يعنى شيبان عن ليث به.
الثانية: أن ذكر نزول الأنعام هنا وهم في الأصل من ليث أو شهر، ولا دخل لشريك فيه، فقد رواه أحمد بن منيع. (انظر: "إتحاف المهرة" ٧٤/ب/٤) والطبراني (٢٤/١٧٨) ، وابن مردويه (انظر: "الدر" ٣/٢) وعلقه ابن كثير -والله أعلم- نقلا من تفسيره ٣/٢٣٣ من طريق الليث عن شهر عن أسماء قالت: "نزلت سورة الأنعام على النبي صلى الله عليه وسلم، جملة وأنا آخذة بزمام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم إن كادت من ثقلها لتكسر عظام الناقة". ورواه عن ليث سفيان الثوري وإسحاق بن يوسف. والذي من هذا الطريق هو ذكر نزول المائدة كما تقدم، وإنما دخل الوهم في ذلك على ليث أو شهر، وحديث أسماء فيما بعد الهجرة بالتأكيد والأنعام مكية بلا خلاف، ولولا أن ثقل المائدة ليس فضلا خاصا بها بل هو للقرآن جملة؛ لكنت ذكرت شواهد حديث أسماء في ذلك عند سورة المائدة.
الثالثة: وهم شريك في جعل الحديث عن أسماء، وإنما هو من مراسيل شهر أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده (٢٦٥/أ/٤) أخبرنا جرير، عن ليث بن أبي سليم، عن شهر بن حوشب: "نزلت سورة الأنعام ومعها زجل من الملائكة قد نظموا السماء الدنيا إلى الأرض"، وفيه ليث وشهر وكلاهما ضعيف من قبل حفظه، وأخرجه الفريابي وعبد بن حميد (انظر: "الدر" ٣/٣) .]] وَقَالَ السُّدِّي [[في أ: "سفيان الثوري".]] عَنْ مُرَة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ يُشَيِّعُهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ.
وَرُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ، وَأَبُو الْفَضْلِ الْحَسَنِ بْنُ يَعْقُوبَ الْعَدْلُ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْعَبْدِيُّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْن، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّدِّي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِر، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ سَبّح رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ قَالَ: " لَقَدْ شَيَّعَ هَذِهِ السُّورَةَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَا سَدَّ الْأُفُقَ ". ثُمَّ قَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ [[المستدرك (٢/٣١٤) ورواه البيهقي في شعب الإيمان برقم (٢٤٣١) من طريق الحاكم به، وقد تعقب الذهبي الحاكم بقوله: "لا والله لم يدرك جعفر السدي، وأظن هذا موضوعا". قلت: "وهو على شرط مسلم في المعاصرة، فإن وفاة السدي كانت سنة ١٢٧هـ، وولادة جعفر بن عون سنة ١٠٩ هـ، فاللقاء بينهما محتمل". وقول الذهبي: "أظنه موضوعا". لا وجه له؛ فرجال إسناد الحديث رجال مسلم، فالحمل فيه على من؟!]]
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُوَيه: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دُرُسْتُويه الْفَارِسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ طَلْحَةَ الرَّقَاشِيُّ، عَنْ نَافِعِ بْنِ مَالِكٍ أَبِي سُهَيْلٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ مَعَهَا مَوْكِبٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، سَد مَا بَيْنَ الخَافِقَين لَهُمْ زَجَل بِالتَّسْبِيحِ وَالْأَرْضُ بِهِمْ تَرْتَجّ "، وَرَسُولُ اللَّهِ [ﷺ] [[زيادة من م، أ.]] يَقُولُ: " سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ " [[ورواه البيهقي في شعب الإيمان برقم (٢٤٣٤) والطبراني في المعجم الأوسط برقم (٣٣١٧) "مجمع البحرين" من طرق عن أبى بكر أحمد بن محمد بن سالم، وفي إسناده أبو بكر أحمد بن محمد بن سالم لم أعرفه.]]
ثُمَّ رَوَى ابْنُ مَرْدُوَيه عَنِ الطَّبَرَانِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَائِلَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْن، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: " نَزَلَتْ عَلَيّ سُورَةُ الْأَنْعَامِ جُمْلَةً وَاحِدَةً، وشَيَّعَها سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، لَهُمْ زَجَلٌ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ " [[رواه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (٣٣١٦) "مجمع البحرين" ورواه أبو نعيم في الحلية (٣/٤٤) من طريق إبراهيم بن نائلة به. قال الهيثمي في المجمع (٧/٢٠) : "فيه يوسف بن عطية الصفار وهو ضعيف".]]
* * *
يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى مَادِحًا نَفْسَهُ الْكَرِيمَةَ، وَحَامِدًا لَهَا عَلَى خَلْقِهِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ قَرَارًا لِعِبَادِهِ، وَجَعَلَ [[في د: "وفي جعله"]] الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ مَنْفَعَةً لِعِبَادِهِ فِي لَيْلِهِمْ وَنَهَارِهِمْ، فَجَمَعَ لَفْظَ "الظُّلُمَاتِ" ووحَّد لَفْظَ [[في م: "له".]] النُّورَ"؛ لِكَوْنِهِ أَشْرَفَ، كَمَا قَالَ ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ﴾ [النَّحْلِ: ٤٨] ، وَكَمَا قَالَ [[في د: "ثم قال".]] فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الْأَنْعَامِ: ١٥٣] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ أَيْ: وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ كَفَرَ بِهِ بَعْضُ عِبَادِهِ، وَجَعَلُوا مَعَهُ شَرِيكًا وَعِدْلًا وَاتَّخَذُوا لَهُ صَاحِبَةً وَوَلَدًا، تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ﴾ يَعْنِي: أَبَاهُمْ آدَمَ الَّذِي هُوَ أَصْلُهُمْ وَمِنْهُ خَرَجُوا، فَانْتَشَرُوا فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلا﴾ يَعْنِي: الْمَوْتَ ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾ يَعْنِي: الْآخِرَةَ.
وَهَكَذَا رُوي عَنْ مُجَاهِدٍ، وعِكْرِمة، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْر، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَالضَّحَّاكِ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَعَطِيَّةَ، والسُّدِّي، ومُقاتِل بْنِ حَيَّان، وَغَيْرِهِمْ.
وَقَوْلُ [[في أ: "وقال".]] الْحَسَنِ -فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلا﴾ قَالَ: مَا بَيْنَ أَنْ يُخْلَقَ إِلَى أَنْ يَمُوتَ ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾ مَا بَيْنَ أَنْ يَمُوتَ إِلَى أَنْ يُبْعَثَ-هُوَ يَرْجِعُ إِلَى مَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ تَقْدِيرُ الْأَجَلِ الْخَاصِّ، وَهُوَ عُمُرُ كُلِّ إِنْسَانٍ، وَتَقْدِيرُ الْأَجَلِ الْعَامِّ، وَهُوَ عُمُرُ الدُّنْيَا بِكَمَالِهَا ثُمَّ انْتِهَائِهَا وَانْقِضَائِهَا وَزَوَالِهَا، [وَانْتِقَالِهَا] [[زيادة من م، أ.]] وَالْمَصِيرُ إِلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلا﴾ يَعْنِي: مُدَّةَ الدُّنْيَا ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾ يَعْنِي: عُمُرَ الْإِنْسَانِ إِلَى حِينِ مَوْتِهِ، وَكَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى بَعْدَ هَذَا: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ [يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ] [[زيادة من أ.]] ﴾ الْآيَةَ [الْأَنْعَامِ: ٦٠] .
وَقَالَ عَطِيَّةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلا﴾ يَعْنِي: النَّوْمَ، يَقْبِضُ فِيهِ الرُّوحَ، ثُمَّ يَرْجِعُ [[في د: "ترجع".]] إِلَى صَاحِبِهِ عِنْدَ الْيَقَظَةِ ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾ يَعْنِي: أَجَلَ مَوْتِ الْإِنْسَانِ، وَهَذَا قَوْلٌ غَرِيبٌ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿عِنْدَهُ﴾ أَيْ: لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا هُوَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ﴾ [الْأَعْرَافِ: ١٨٧] ، وَكَقَوْلِهِ ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا﴾ [النَّازِعَاتِ: ٤٢ -٤٤] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ﴾ قَالَ السُّدِّي وَغَيْرُهُ: يَعْنِي تَشُكُّونَ فِي أَمْرِ السَّاعَةِ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ﴾ اختلف مُفَسِّرُو هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَقْوَالٍ، بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى تَخْطِئَةِ قَوْلِ الجَهْمِيَّة [[في د: "اتفاقهم على إنكار قول الجهمية".]] الْأَوَّلِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ -تَعَالَى عَنْ قَوْلِهِمْ عُلُوًّا كَبِيرًا-فِي كُلِّ مَكَانٍ؛ حَيْثُ حَمَلُوا الْآيَةَ عَلَى ذَلِكَ، فَأَصَحُّ الْأَقْوَالِ أَنَّهُ [[في أ: "أن".]] الْمَدْعُوُّ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ، أَيْ: يَعْبُدُهُ وَيُوَحِّدُهُ وَيُقِرُّ لَهُ بِالْإِلَهِيَّةِ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، وَيُسَمُّونَهُ اللَّهَ، وَيَدْعُونَهُ رَغَبًا ورَهَبًا، إِلَّا مَنْ كَفَرَ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، وَهَذِهِ الْآيَةُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأرْضِ إِلَهٌ﴾ [الزُّخْرُفِ: ٨٤] ، أَيْ: هُوَ إِلَهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَإِلَهُ مَنْ فِي الْأَرْضِ، وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ قَوْلُهُ: ﴿يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ﴾ خَبَرًا أَوْ حَالًا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ اللَّهَ الَّذِي يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ، مِنْ سِرٍّ وَجَهْرٍ. فَيَكُونُ قَوْلُهُ: ﴿يَعْلَمُ﴾ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ: ﴿فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأرْضِ﴾ تَقْدِيرُهُ: وَهُوَ اللَّهُ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّ قَوْلَهُ ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ﴾ وَقْفٌ تَامٌّ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الْخَبَرَ فَقَالَ: ﴿وَفِي الأرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ﴾ وَهَذَا [[في م: "وهو".]] اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ﴾ أَيْ: جَمِيعَ أَعْمَالِهِمْ خَيْرَهَا وَشَرَّهَا.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَـٰتِ وَٱلنُّورَۖ ثُمَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بِرَبِّهِمۡ یَعۡدِلُونَ","هُوَ ٱلَّذِی خَلَقَكُم مِّن طِینࣲ ثُمَّ قَضَىٰۤ أَجَلࣰاۖ وَأَجَلࣱ مُّسَمًّى عِندَهُۥۖ ثُمَّ أَنتُمۡ تَمۡتَرُونَ","وَهُوَ ٱللَّهُ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَفِی ٱلۡأَرۡضِ یَعۡلَمُ سِرَّكُمۡ وَجَهۡرَكُمۡ وَیَعۡلَمُ مَا تَكۡسِبُونَ"],"ayah":"وَهُوَ ٱللَّهُ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَفِی ٱلۡأَرۡضِ یَعۡلَمُ سِرَّكُمۡ وَجَهۡرَكُمۡ وَیَعۡلَمُ مَا تَكۡسِبُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق